كبريال مراد
عملية كوماندوس، شبّه رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع تبني رئيس تيار المستقبل النائب سعد الحريري ترشيح العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية، لوضع حد للفراغ المستمر منذ العام 2014، ولفتح الباب امام الحلول المقفلة.
لم تكن رسالة 'الحكيم' الاعلامية، الى صديقه، الأولى من نوعها، لا سيما أن نقاشات الكواليس على خط معراب-بيت الوسط، تصب في هذا الاتجاه، وحركة الموفدين بين الجانبين تفكّر بصوت عال في الاحتمالات المتوافرة للخروج من المأزق. ولكن اشهار جعجع هذه الرغبة يهدف الى تأكيد انها ليست مناورة او مجرد رفع عتب، بل طريق اجباري لمن يريد تعبيد الطريق امام انهاء الشغور.
رئاسة الحكومة
تشرح اوساط القوات وجهة نظرها لـ'البلد' بالقول:&rdqascii117o; لقد ثبت بالوجه العملي أن حزب الله لا يريد ميشال عون لرئاسة الجمهورية. فلو اراد ذلك، لكان طلب من سليمان فرنجية الانسحاب من السباق، تماماً كما حصل سابقاً على مستوى رئاسة الحكومة بين عمر كرامي ونجيب ميقاتي'.
تصر اوساط القوات على أن المسألة بهذه البساطة، ولا تحتاج الى كثير من التحليل والتدقيق، وهي ليست نظرية داروين ولا فلسفة سقراط. أظهرت الوقائع ان لا رئيس الا ميشال عون ولا امكان لرئيس الا اذا سار المستقبل في هذا الخيار. لذلك نسعى على قاعدة اللهم اشهد انني قد بلّغت'.
في الآونة الأخيرة، ايقن الجميع ان الرهان على التطورات الخارجية يعني الاستسلام للانتظار الطويل. فعلاقة الرياض-طهران ليست في وارد الخضوع لورشة اعادة تأهيل في الوقت الراهن، لا بل تزداد تعقيداتها تشعباً من سوريا الى اليمن وما بينهما من اضطرابات وتداعيات. وبالتالي، فالوصفة السحرية الخارجية للازمة اللبنانية غير متوافرة في الاسواق الاقليمية والدولية. حتى أن المتابعين لزيارة وزير الخارجية المصرية سامح شكري للبنان همسوا لسائليهم بأن طابعها سياحي اكثر منه سياسياً، وقد حضر الزائر خالي اليدين، وغادر محملاً بالهدايا التذكارية فقط.
انسحاب تكتيكي
بعد ساعات على موقف جعجع، هل بدأ المستقبل عملية الكومندوس كما دعاه جعجع؟ يبتسم احد النواب المقربين من دائرة القرار وهو يجيب سائله، قائلاً: 'قد تكون الحاجة في اقدام جعجع على اقناع الجنرال بانسحاب تكتيكي لمصلحة انهاء الشغور'.
يرمي المستقبل الكرة اذاً في ملعب القوات. وفي نقاشات المستقبل، لا شيء يوحي بأن الحريري في وارد الاستجابة لطلب جعجع، على الرغم من ان الحريري يدرك أن من الصعوبة بمكان تجاوز خيار المسيحيين برئيس من الصف الاول، من خلال الانتقال الى مرحلة البحث عن الرئيس التسووي.
هي القناعة التي يقول العارفون انها لدى فريق الحريري، على عكس فريق السنيورة الذي لا يزال قادراً، بلا ممانعة اقليمية، على لعب دور المعطّل لاي قرار من هذا النوع. ولكن هل يمكن الاستمرار على هذا المنوال اذا استمر افق الحل مقفلاً؟ يقول المتابعون إن المسألة تشبه لعبة عض الاصابع، وكل طرف ينتظر الآخر ليصرخ اولا.
نقاشات المستقبل
في هذا الوقت، ومن خلال نقاشات المستقبل، لا يعني عدم الاقدام على تبني ترشيح عون، تمسكاً بترشيح فرنجية. يرمي المستقبل الكرة في ملعب حلفاء فرنجية 'الذين لم يتلقفوا الفرصة للسير به، فباتت ورقته الرئاسية عملياً خارج السباق، حتى ولو لم يتم الاعلان عن ذلك'. ما يعزز اتجاه غالبية المستقبل الى البحث عن بدائل من خارج المسيحيين الاقوياء.
حتى اللحظة اذاً، يبدو كل طرف على تموضعه، كما لو انه يتصرّف من منطلق ان ساعة التنازلات لم تحن بعد، مع ما يعنيه ذلك من استمرار للشغور والازمة. في غضون ذلك، سيستمر شد الحبال على الملفات، في الحكومة والمجلس النيابي.
ووسط هذا المشهد يطرح السؤال التالي: هل يريد السنيورة فعلا عودة الحريري الى السراي الحكومي؟ سبب هذا التساؤل يكمن في المعادلة التي باتت واضحة: عون في بعبدا، والحريري في السراي. حتى ان الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله رسم هذا المشهد في اطلالته الأخيرة، ما يعني أن تصلّب السنيورة وفريقه داخل تيار المستقبل يقطع الطريق على عودة الحريري الى رئاسة الحكومة. ما يدفع بأكثر من متابع الى القول إن السنيورة يقطع الطريق على رئيس التيار، ليبقي رئيس الكتلة حظوظه مرتفعة، او اقلّه ليبقى هو اللاعب الأول داخل تياره، في ظل ازمة الحريري السياسية والمالية.
اشاعات
ترفض اوساط المستقبل هذه الفرضية واضعة اياها في اطار التجني والاشاعات. ولكن، وعلى الرغم من النفي وتغييب النية السيئة، الاّ أن الوقائع تؤدي الى هذه الخاتمة. الاّ اذا صحت توقعات وزير الداخلية نهاد المشنوق، الذي اصر خلال مغادرته السراي الحكومي على القول ' ما زلت عند رأيي...سيكون هناك رئيس للجمهورية مع نهاية العام الحالي'.
المصدر: جريدة النهار