إعلام جديد » نحن جريدة: صحافيو ليبراسيون يدافعون عن المهنة


صحيفة السفير ـ سناء الخوري

&laqascii117o;نحن صحيفة، ولسنا مطعماً، ولا شبكة اجتماعيّة، ولا فضاءً ثقافياً، ولا منصّة تلفزيونيّة، ولا باراً، ولا حاضنةً لشركات ناشئة...". تصدّر هذا العنوان/ المانيفستو الصفحة الأولى لجريدة &laqascii117o;ليبراسيون" الفرنسيّة، في عددها الصادر السبت الماضي. لطالما أنجزت الصحيفة الفرنسيّة العريقة صفحاتٍ أولى، تعدّ مثالاً للاحتراف والإبداع في آن. ولطالما شكّلت أغلفتها تلك، بلمحاتها الذكيّة حيناً، ومواقفها الحازمة أحياناً، منجماً للتجارب الجديدة في ميدان الصحافة، وخزّانَ أفكار للأكاديميين المهتمّين بمتابعة ممارسات الإعلام الرصين. لكنّ غلاف السبت 8 شباط/ فبراير 2014، يدخل التاريخ من زاوية أخرى، إذ إنّه محطّة فارقة، اختار فيها صحافيّو &laqascii117o;ليبراسيون" إطلاق صرخة في وجه محاولات خنق آخر معاقل صناعة صحافة مستقلّة، ومحترفة.
صفحة &laqascii117o;ليبراسيون" الأولى تلك، تاريخيّة، لأنّها تختصر هواجس مهنة، يجاهد أهلها لعدم الاعتراف بأنّها في طور الانقراض. وهي تاريخيّة، لأنّها وضعت النقاط على الحروف: معركة الصحافة كمهنة، ليست مع التطوّر التقني، وليست مع الإنترنت، وليست مع أشكال الصحافة الجديدة المقدّمة على وسائط غير ورقيّة. معركة المهنة، هي مع عقليّة الممولين، التي تريد أن تجعل من الصحف تجارة مربحة، مهما كلّف الأمر، ولو كان ذلك يعني إبادتها. لا يحتجّ صحافيو &laqascii117o;ليبراسيون" في مواجهة سلطة سياسيّة، بل في مواجهة المسؤولين المباشرين عن مصدر رزقهم: مموّلي الصحيفة. وجميع العاملين في الصحافة، يدركون أن سطوة المال، هي السجن الحقيقي للصحافة المكتوبة. ولكن، لم يصدر صحافيو &laqascii117o;ليبراسيون" بيانهم ذلك مطالبةً بزيادة في الرواتب، بل دفاعاً عن هويّة صحيفتهم، في مواجهة المساهمين الرئيسيين في ملكيّة أسهمها. وكان هؤلاء قد أصدروا بياناً قبل يومين، يفنّدون فيه حلولهم للأزمة الماليّة التي تمرّ بها الجريدة، مبدين أسفهم للإضراب الذي نظّمه الصحافيون الجمعة، رفضاً لخفض رواتبهم. وفي إطار إبداء أسفهم، خرج المساهمون بفكرة &laqascii117o;لامعة"، وهي أنّ إخراج &laqascii117o;ليبراسيون" من أزمتها الماليّة الخطيرة، يمرّ بتحويل مقرّها إلى فضاء ثقافي، وتحويلها إلى شبكة تواصل اجتماعي. البحث عن مصادر تمويل إضافيّة، يمرّ بحسب المساهمين إذًا، بجعل الصحيفة كلّ شيء، أو أيّ شيء، إلا صحيفة! هنا، لم يتردّد الصحافيون في ملف منشور على خمس صفحات، في إطلاع القرّاء على العائق الحقيقي الذي قد يحول دون استمرار الصحيفة، إن أصرّ المساهمون على تنفيذ خطّتهم. وفي ذلك إحساس كبير بالمسؤولية تجاه القارئ، إذ إنّهم اختاروا أن يكون هو مرجعيتهم، وليس برونو لودو مثلاً، أحد أبرز المساهمين.
تأسست &laqascii117o;ليبراسيون" في العام 1973، على يد الفيلسوف جان بول سارتر، ومجموعة من الصحافيين والناشطين، الخارجين من رحم ثورة 1968 الطلابيّة. ومع مرور السنوات، بقيت بنظر كثيرين صوت اليسار الفرنسي. واليوم، مع تحوّل السياسة الفرنسيّة إلى لعبة باباراتزي، بين صديقة فرانسوا هولاند وعشيقته من جهة، ومع إقفال مطبوعات فرنسيّة عدة أبوابها من جهة أخرى، تواجه &laqascii117o;ليبراسيون" أزمة وجوديّة. فالظرف السياسي لم يعد حاضناً لصحافة مناضلة، تحمل قيماً تحرريّة، وتدافع عنها. هنالك قيم أخرى، يفرضها من يفهمون الصحافة، كنموذج اقتصادي فاشل فقط. لذلك، فإنّ صرخة صحافيي &laqascii117o;ليبراسيون" كانت دفاعاً عن تلك المهنة، من قبل من يفهمون أصولها. وليس ذلك دفاعاً عن المهنة في فرنسا فقط، بل ربما عنها في كلّ أنحاء العالم، حيث تعيش صحف كثيرة تجربة &laqascii117o;ليبراسيون" على طريقتها.

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد