إعلام جديد » أنا مش قادر أديك.. المشير في جمهورية فايسبوك

محمود عزّت
في لقائه الأخير برؤساء تحرير الصحف، تحدّث المشير عبد الفتاح السيسي بلهجة أكثر حسماً ـ على حد تعبير عماد حسن رئيس تحرير جريدة &laqascii117o;الشروق" المصرية ـ، عن بعض القضايا وخاصةً: الانفلات الأخلاقي على وسائل التواصل الاجتماعي. قال إنّه يفكّر في تشريعات لضبط تلك العملية.
المشير يدرك المأزق الذي سيعاني منه بعد أشهر قليلة، حال فوزه بانتخابات الرئاسة في مصر. فالرجل وبعد أول حوار تلفزيونيّ تابعه ملايين المصريين على جزءين عقب إعلانه الترشّح للرئاسة، تحول إلى مادّة خام ثريّة للسخرية على السوشل ميديا. عبارات من كلامه في الحوار تحوّلت إلى &laqascii117o;ميمز/ إيفيهات" لا تحتاج إلى مقدمات أو تفسير، بل تنتشر وتتضاعف وتتراكم في وقت قصير جداً على نحو غير مسبوق، ربما أشهرها على الإطلاق: &laqascii117o;أنا مش قادر أدّيك".
تمّ تحويل العبارة إلى ريمكس على موقع &laqascii117o;ساوند كلاود"، يرددها فيه المشير على نغمات التكنو. كما نشرت قناة &laqascii117o;إيجيبتون" على اليوتيوب فيديو جديدا بعنوان: &laqascii117o;حوار مسرب بين السيسي ومرسي"، يتبادل فيه الرئيس السابق والمرشح الرئاسي، حواراً قصيراً مصنوعاً من مقاطع مجتزأة من خطابات الأوّل وحوار الأخير، تلعب فيه عبارة السيسي إياها دور البطولة.
أما على &laqascii117o;فايسبوك"، لا تمر ساعة تقريباً على &laqascii117o;تايملاين" أي شاب مصري أو ربما أقلّ، من دون أن يظهر &laqascii117o;بوست" ساخر يتحدّث عن سيادة المشير: إما عن دعوته الأخيرة للمصريين للتقشّف، والتي يتمّ تحويرها عن طريق الفوتوشوب لتظهر الصورة على غرار أن يطلب المشير من طابور فقراء أمام منفذ بيع الخبز أن يمنحوه رغيفاً من أجل مصر، أو إطلالته على مؤيديه في محافظة أسيوط عبر (فيديو كونفرنس/محادثة مرئية عبر الإنترنت) والتي تمّ دمجها في مشاهد الفيلم الكوميدي الشهير &laqascii117o;لا تراجع ولا استسلام".
تحوّل الموضوع إلى روتين يوميّ على الإنترنت: اكتشاف مقطع جديد للسيسي من حواراته ولقاءاته، يتحوّل إلى نكتة جماعية على الإنترنت، آخرها ما قاله في لقائه بالمثقفين والأدباء من أن سبب تأخّره وبطئه في الكلام هو أن الكلمات لا تخرج من فمه قبل مرورها بعدة &laqascii117o;فلاتر (مصافٍ): &laqascii117o;فلتر الصدق وفلتر الأمانة وفلتر رضا الربّ!"
هل يملك المشير السيسي حساباً على فيسبوك؟ على الأغلب لا. ينتمي السيسي إلى جيل علاقاته ضعيفة تماماً بالسوشل ميديا، كيف إذاً تصل الصورة إلى سيادة المشير؟ هل على هيئة تقارير رسمية مشفوعة بالصور والروابط توضع مرتبة زمنياً أو وفقاً لترتيب منضبط ما على مكتب القائد العسكري السابق ليقلّب فيها مع قهوته في الصباح؟ هل يتأمل ذاته في الصور والفيديوهات فيفكّر في أن هذه الأمور علامة صحيّة وحرية مستحقّة؟ أم تجاوز وسوء أدب لا يليقان مع من هو في مكانته؟ أم أنّ سيادة المشير لا يلقي بالاً لتلك التفاهات، وأصدر أوامره لشباب حملته بتجاهلها أياً تكن؟
بالدخول إلى الحسابات الرسمية لحملة المشير السيسي على &laqascii117o;فايسبوك" و&laqascii117o;تويتر"، ستلاحظ أنّها ثملة بالانتصار المبكر، وليس عليها أثر لأي خطابات استمالة لجمهور السوشل ميديا. لا وعود انتخابية، ولا كلمات وردية، ولا حتى رسائل قصيرة خفيفة مباشرة من سيادة المشير إلى جماهيره... فقط تتتابع الصور فردية وجماعية لمؤيدي المشير، وأخبار التأييد الكاسح في المحافظات.
دائماً ما كانت علاقة الشخصيات العامة بالسوشل ميديا أشبه بالمصيدة، لكن هذه المصيدة معبر بليغ الآن عن الوضع الحالي في مصر، إزاء ترشّح السيسي لرئاسة الجمهورية. بعضهم يراها تجاوزاً وانفلاتاً، يجب أن يكون للدولة دور في مواجهته ومراقبته بكل حزم. ولطالما كان ذلك رأي قطاعات محافظة تنتمي في الأغلب إلى أجيال لديها مشكلة كبيرة في التعامل مع مساحات مفتوحة بلا رقابة أو ضوابط، ربما لأنهم لم يختبروا من قبل مغامرة التواصل في أفق بلا أي محاذير. لكن، هل كان ذلك بالضرورة رأيهم حين كان الرئيس السابق محمد مرسي في نفس المصيدة؟ في المقابل، ينتجها وينشرها بكثافة وعلى نحو غير قابل للحصر، جيلٌ آخر يرى أن هناك أسواراً تم تجاوزها، ولا يمكن العودة إلى ما قبل حدودها بأي شكل من الأشكال، مثل السخرية من الشخصيات العامة، أيا يكن موقعها أو رتبتها، ومن دون سقف أو محظورات حتى ولو كانت سيادة المشير.
المصدر: صحيفة السفير

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد