تحقيقات » الإعلام الخليجي: حيّوا على ثورة الدواعش

صباح أيوب

هجم مقاتلو &laqascii117o;داعش" على مناطق في شمال العراق واحتلّوها بقوة السلاح ونفّذوا إعدامات جماعية فيها فسمّى الإعلام السعودي ذلك &laqascii117o;ثورة". تتالت صور مسلّحين ملثّمين يرفعون راية &laqascii117o;داعش" ويرتكبون المجازر بحق مدنيين وجنود عراقيين، فوضع الإعلام السعودي والقطري الأمر في خانة الدفاع عن النفس ورفع ظلم حكم نوري المالكي عن الطائفة السنيّة في البلد.

منذ بداية غزو &laqascii117o;دولة الإسلام في العراق والشام" لبعض المناطق العراقية، تجرّدت قناتا &laqascii117o;الجزيرة" القطرية و&laqascii117o;العربية" السعودية من هويتهما الإعلامية ـ السياسية ونطقتا بلغة عشائرية ـ مذهبية تشوّه الحقائق وتمعن في تأجيج النزاع الدموي. بينما انشغل الإعلام العالمي بالتحذير من مخاطر &laqascii117o;داعش" على العراق والمنطقة برمّتها، بررت الصحافة السعودية والقطرية لـ &laqascii117o;داعش" غزوتها وروّجت لما يجري في العراق على أنه &laqascii117o;انتفاضة" شعب مظلوم.
بداية في اللغة والمصطلحات المستخدمة. سارعت قناة &laqascii117o;العربية" الى اعتماد معجم يشبه الى حدّ كبير المعجم المستخدم لتغطية الحرب السورية. استبدلت المحطة &laqascii117o;الجيش العراقي" بمصطلح &laqascii117o;قوات المالكي" والطيران الحربي العراقي بـ&laqascii117o;طائرات المالكي" والمقاتلون المتطرفون بـ&laqascii117o;الثوار". للقناة السعودية أبطالها في المعارك الدائرة حالياً، وهؤلاء هم من أطلقت عليهم اسم &laqascii117o;ثوار العشائر". &laqascii117o;الثوار" الذين يقاتلون ببسالة وفق ما تروّج &laqascii117o;العربية" (من دون أن نرى أي صورة لهم في الميدان) ويسيطرون على بعض المناطق (أيضاً من دون أي صور) ويُستضافون في استوديوهات نشرات الأخبار. علي حاتم &laqascii117o;شيخ عشائر الأنبار" مثلاً هو ضيف &laqascii117o;العربية" المفضّل الذي كرّر في مداخلته على الهواء أول من أمس أنهم (أي العشائر السنية) &laqascii117o;ضحية مشروع إيران في العراق".
&laqascii117o;المعارك مستمرة بين ثوار العشائر وقوات المالكي"، &laqascii117o;مسلّحو العشائر يستعدّون للزحف الى بغداد"، &laqascii117o;طائرات المالكي تقصف مواقع الثوار في طلاح الدين والموصل"... عنونت &laqascii117o;العربية" أخبارها أمس، لكن أين &laqascii117o;داعش" في كل ذلك؟ القناة السعودية تعمّدت تصويره كقوة ثانوية في المعارك الدائرة حالياً فذُكر عرَضاً في سياق الأخبار، وفي أغلب الأحيان يستعاض عن اسمه بمصطلح &laqascii117o;مسلّحين". ترداد اسم &laqascii117o;داعش" يبدو غير محبّب لدى مسؤولي تحرير نشرات &laqascii117o;العربية"، خصوصاً أن المملكة السعودية تلتقي سياسياً مع أهداف التنظيم الإسلامي المتشدد. لكن السعوديين لا يريدون أن تلصق بهم صورة &laqascii117o;داعش" الدموية المتطرّفة. لذلك هي &laqascii117o;ثورة عشائر" في الإعلام السعودي.
زميلة &laqascii117o;العربية"، قناة &laqascii117o;الجزيرة" القطرية لم تذهب الى حدّ تسمية مقاتلي &laqascii117o;داعش" بـ &laqascii117o;الثوار"، لكنها اعتمدت مصطلح &laqascii117o;المسلّحين" لتمويه هوية المقاتلين في أخبارها، ولتفادي ذكر &laqascii117o;داعش" وما تفعله في الميدان. وبدل صور تنفيذ &laqascii117o;داعش" إعدامات جماعية بالمدنيين والجنود العراقيين (وهو الخبر الذي تصدّر الإعلام العالمي أول من أمس)، اختارت &laqascii117o;الجزيرة" أن تركّز في خبر &laqascii117o;تنفيذ القوات الحكومية إعدامات في سجن مكافحة الإرهاب في الموصل".

استخدام مصطلحات &laqascii117o;قوات المالكي" و&laqascii117o;الثوار"
إذاً اتفقت القناتان المتنافستان فضائياً على تحييد &laqascii117o;داعش" عن المشهد الدامي وتحويل ما يجري في شمال العراق الى ثورة حقّة يقودها &laqascii117o;مظلومون من أهل السنة" منتفضون على حكم المالكي الجائر. تلك اللغة التبريرية لأفعال &laqascii117o;داعش" ووضع الغزو المسلح في اطار &laqascii117o;انتفاضة" شعبية، كرّرها الكاتب السعودي عبد الرحمن الراشد في مقالاته في صحيفة &laqascii117o;الشرق الأوسط" السعودية، في حال فات البعض مشاهدة القناة التي يديرها (العربية).
أمر آخر اتفقت عليه &laqascii117o;الجزيرة" و&laqascii117o;العربية" في تغطية الحدث العراقي، وهو أن كلّ العراقيين الذين تطوّعوا في الجيش أخيراً فعلوا ذلك &laqascii117o;تلبية لفتاوى دينية أصدرتها مراجع شيعية". ولمزيد من الشحن المذهبي وتحليل دماء العراقيين، أضافت &laqascii117o;العربية" على الخبر الأخير أنّ هؤلاء المتطوعين &laqascii117o;توعّدوا بالتخلّص من داعش وثوار العشائر".
وفي عزّ المعارك، كان لا بدّ من لفتة إنسانية، أتقنت القناتان اللعب عليها خصوصاً بعد &laqascii117o;خبرة" تغطية المعارك السورية. أول من أمس، بثّت كل من &laqascii117o;الجزيرة" و&laqascii117o;العربية" خبراً موحّداً مفاده أّن مدن شمال العراق تشهد حركة نزوح قوية وأن السكان يفرّون منها، والسبب وفق القناتين كان &laqascii117o;هرباً من القصف" (الجزيرة) و&laqascii117o;هرباً من الغارات الجوية" (العربية)، بالتالي، مجدداً، بسبب الحكومة العراقية وجيشها، لا خوفاً من مجازر داعش وتهديداتها، ولا حتى بسبب التهديدين معاً.

تلعفر على الشاشة
بعدما تبنّت &laqascii117o;العربية" بطلاً اسمه &laqascii117o;ثوار العشائر" ليحلّ محلّ &laqascii117o;داعش" في قيادة المعارك العراقية على المنابر الإعلامية وبعدما قررت &laqascii117o;الجزيرة" تمويه &laqascii117o;داعش" من خلال اعتماد تسمية &laqascii117o;المسلّحين"، وقعت القناتان في فخّ حيلهما. في تغطية خبر سقوط منطقة تلعفر أول من أمس، قالت &laqascii117o;العربية" إن &laqascii117o;مسلّحي العشائر يسيطرون" عليها بينما نقلت &laqascii117o;الجزيرة" خبر سقوط المدينة بيد &laqascii117o;مسلّحين من الدولة الإسلامية في العراق والشام بعد قتال عنيف مع القوات الحكومية والميليشيات". من يسيطر فعلياً على مدينة تلعفر الشمالية؟ ومن هم هؤلاء &laqascii117o;الميليشيات"؟ تناقضت أخبار القناتين ولم يحصل المشاهد على جواب واقعي.
المصدر: صحيفة الاخبار

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد