معلوماتية وإنترنت » يا عقلاء... إحذروا الألعاب الإلكترونية!


إيلده الغصين

نسهر وننتظر مساعدة الأصدقاء، لنحقق انتصارات وهميّة إضافية ونكسر رقماً قياسياً جديداً، إنه إدماننا اليومي المرهق على الألعاب الإلكترونية، إذ لم تعد مجرد تسلية يسهل الإقلاع عنها. وعلى خلاف ما يعتقده البعض بأن هذه الألعاب مفيدة، تفعّل سرعة البديهة، تحضّ على الإبداع والتنسيق والتركيز والتأقلم مع مختلف المهمات، نتبيّن مفاعيلها العكسية على القدرات الذهنية من خلال رأي الاختصاصيين والمتابعين في المجال.
الدكتور محمود طربيه، مستشار الاتصالات الاستراتيجية في وزارة التربية والتعليم العالي، يؤكد لـ &laqascii117o;النهار": &laqascii117o;لم تعد هذه الألعاب حكراً على المراهقين، بل انتقلت إلى الراشدين، وهي تتطلب نشاطاً على ثلاثة مستويات: النشاط اليدوي مثل حركة اليدين، والعقلي الذي يستخدم فيه اللاعب قدراته الذهنية ويمنحها كامل انتباهه، والتنافسي للحصول على الرصيد الأعلى".
تنتشر راهناً الألعاب الالكترونية بواسطة الانترنت على نطاق واسع جداً، ويمر مستخدم هذه الألعاب في مراحل عديدة، يحددها طربيه بالخطوات الآتية: &laqascii117o;التحفّذ بدرجة انتباه مرتفعة، الانجذاب الكليّ، التسمّر فترة طويلة من الوقت، والوصول إلى إجهاد القدرات العقلية". أما على المدى البعيد فتؤدي هذه الألعاب، وفق طربيه إلى الإدمان. وتجدر الإشارة إلى أن جانباً مهمّا من هذه الألعاب عنفيّ فيه قتل ودماء وسيطرة وحروب، تكمن مخاطرها في أن نسبة العنف والدم والسلوك العدواني مرتفعة فيها.
تترتّب على ادمان الألعاب الإلكترونية، بمختلف انواعها، تبعات على المدى البعيد على سلوكيات المستخدمين. ويرى طربيه أن أبرز تلك النتائج السريعة التي يمكن ملاحظتها لدى المدمنين على الألعاب الإلكترونية هي &laqascii117o;الشرود الذهني. وخصوصاً في الصف، والتصرف الآليrobotic behaviors، إذ يتحول تفكير الطفل إلى هذه الألعاب دوماً".
إن اللعب بواسطة الانترنت قدّم منافسين وهميين للأفراد، وزاد من طموحهم إلى كسر الأرقام القياسية، ليؤدي الإدمان لدى المستخدمين إلى لجوئهم لطلب النجدة والحيوات الإضافية من الأصدقاء عبر الانترنت، وبذلك تتضاعف فرص متابعة اللعبة والحيل التي تساعد على الفوز بها. وفي هذا السياق نجد العديد من الأصحاب والزملاء يتجنبون الحديث مع من حولهم لأنهم منهمكون في متابعة اللعب ومن أبرز الألعاب التي أصبحت الشغل الشاغل للمجتمع نذكر candy crascii117sh،angry birds،diamond dash... وغيرها.
والجدير ذكره أن هذه الألعاب من شأنها زيادة المصروف المادي للافراد من خلال &laqascii117o;الميغابايتز" عبر الهواتف الذكية. وثمة خطر يتجاهله البعض حول لعب الميسر الإلكتروني وألعاب البوكر بوجود منافسين افتراضيين.
لم تعد هذه الألعاب من هوايات المراهقين فقط، بل انتشرت لدى باقي الفئات العمرية. &laqascii117o;لن نكون مثاليين، وعلينا الاعتراف ان خطرها يتضاعف مع إدمان الأهل عليها أيضاً، فكيف سيمنعون طفلهم عن اللعب؟" يشرح طربيه، مضيفاً أننا نتجه نحو مرحلة من التعلق الأكبر بهذه الألعاب حيث لن تعود هناك سلطة للأهل في مراقبة الطفل كونهم أدمنوا مثله على اللعب الإلكتروني.
وسوف تظهر انعكاسات هذه الالعاب تباعاً من خلال التحصيل المدرسيّ، لأن الطفل الذي يحتاج إلى 9 ساعات نوم ستؤدي هذه الألعاب إلى تقليص وقت نومه، وبالتالي إلى إرهاقه واستنفاذ قدراته فكيف له أن يركز في اليوم التالي في المدرسة؟ حتى ان هذه الألعاب باتت حاجة يومية ولم تعد تقتصر على أيام العطل.
في كل الأحوال لا يجب ان ننسى ان هناك سوقاً، ففي السابق كان سعر الألعاب يصل إلى 40 و 50 دولاراً لشراء الـ DVD، اما اليوم فهناك نسخ بدولار واحد، كما أن هناك الألعاب المجانية المحمّلة بواسطة الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، ما يسهل وصول جميع الفئات العمرية إلى أي نوع من الألعاب من دون رقابة مسبقة.
وفي سبيل إيجاد الحلول الفاعلة في هذا المجال يخلص الدكتور طربيه إلى القول: &laqascii117o;في عالمنا الثالث او بالحري &laqascii117o;العالم التالف" لا توجد لدينا ضوابط للحد من انتشار ألعاب الميسر والألعاب الإباحية أو العنفية، على عكس بلاد الغرب إذ ثمة لديهم ضوابط أكبر خاصة على الانترنت والألعاب الالكترونية وألعاب الفيديو. نحتاج راهناً إلى تفعيل دور الاهل وإيجاد تشريعات مناسبة للتطور الإلكتروني والرقابة على الانترنت".
إذن، نجد فارقاً شاسعاً ما بين الإدمان المفرط واهدار الوقت على الألعاب الإلكترونية من ناحية والترفيه عن النفس لبعض الوقت والعودة إلى متابعة العمل والدراسة بشكل طبيعي من ناحية ثانية. وتكمن المشكلة في أن تركيبة هذه الألعاب وصيغتها لا تسمحان لنا بالتفلت منها بسهولة، فعلينا الحذر وتصنيف أولوياتنا في الحياة وتنظيم وقتنا والعمل على تشغيل قدراتنا الذهنية في أمور أنفع وأجدى من قضاء وقت طويل أمام شاشة لتحقيق انتصارات واهية. فلنسأل انفسنا إن كنا لاعبين إلكترونيين مهرة و&laqascii117o;مدمنين" إن كنا واجهنا مشكلات في النظر وآلاماً في الظهر والرقبة ومعوقات في التواصل مع الآخرين وعوارض شرود ذهني وعدم تركيز، ولنأخذ المبادرة لوقف المهزلة الإلكترونية ومعاودة النشاط العقلي والتواصل الاجتماعي والإنتاج الفاعل والذكي في المجتمع.
المصدر: صحيفة النهار

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد