أبحاث ودراسات » LebEnglish... عندما تُمزَج اللغات وتتحوّل هويّة وقوّة يعتزّ بهما اللبنانيّون

lebenglish_300

تمتدّ جذور اللبنانيين إلى قارات العالم الخمس، ناشرين الثقافة العربية ومكتسبين أيضاً ثقافات العالم كلّه. فلقد اشتهروا بقدرتهم على استيعاب تقاليد كثيرة وتطبيقها، وعلى تعلّم لغات مختلفة وتكلّمها بسرعة. وهذه القدرة تحوّلت هوية يعتزّ بها اللبناني ومصدر قوّة على الصعيد الاجتماعي، أوصَلته إلى مراكز عالية عالمياً. لذلك، شكّل مزج الثقافات، الذي تظهر معالمه في اللغة أولاً، موضوع بحث مهمّ جداً للطالبة والباحثة في الألسنية الاجتماعية والتحليل الخطابي، هند نعمان، التي لم تكتفِ بدرس هذا المزج فقط فابتكرت مصطلحاً جديداً حدّد مَزجنا للغة الإنكليزية واللبنانية وهو &laqascii117o;LebEnglish".
غاصَت هند نعمان في موضوع مزج اللبناني اللغتين الإنكليزية والعربية في دراسة أعدّتها، متّخذةً موقع التواصل الاجتماعي &laqascii117o;فيسبوك"، مكاناً لدرس انتشار هذا المزج.
وقد أدار دراستها الدكتور في الألسنية وعلوم اللغة والترجمة في جامعة الروح القدس، الدكتور طلال وهبة، الذي كان لـ"الجمهورية" لقاء معه ومع نعمان، حيث غصنا معهما في الدراسة التي توصّلت نعمان في نهايتها إلى ابتكار مصطلح جديد يحدّد مزج اللغتين، وهو &laqascii117o;LebEnglish".
المَزج عبر &laqascii117o;فيسبوك"
اختارت نعمان هذا الموضوع لأنّ اللبناني بات يمزج اللغات في كلامه، فأرادت اكتشاف أسباب هذا المزج والطريقة التي يحصل فيها. فاللبنانيون يمزجون العربية بالإنكليزية والفرنسية.
وشرحت سَبب تحديدها الدراسة بموقع التواصل الاجتماعي &laqascii117o;فيسبوك" قائلة: &laqascii117o;اخترتُ &laqascii117o;فيسبوك" لأنه المكان الذي يتواصل عبر الناس، وهو ركيزة قوية ومتفشّية في المجتمع. فيشكّل مكاناً حرّاً يتبادل فيه اللبنانيون الكلام والتعليقات التي أظهرت أن اللغة المتداولة فيها هي اللبنانية ممزوجة بالإنكليزية". فركّزت، في دراسة طريقة المزج هذه، الأوقات والأمكنة التي يحصل خلالها.
وفي هذا السياق، شدّد الدكتور وهبة على أنّ &laqascii117o;الأمر ليس شبيهاً تماماً بطريقة تَكَلّمنا اليومية، لأننا عندما نتكلّم لا نمزج اللغات كما نمزجها كتابة على &laqascii117o;فيسبوك". فهنا تبرز أهمية نوع التواصل بين البشر، وجهاً لوجه أو عبر الكتابة".
أسبابٌ خمسة
توصّلت الدراسة إلى نتيجة واضحة، وهي أننا نكتب مثلما نتكلّم تقريباً، وتناولت أسباب مزج اللغات. فحدّدت نعمان السبب الأول بعدم معرفة الشخص الهوية الثقافية للشخص الآخر الذي يتكلّم معه، فيضطر إلى مزج اللغات.
أمّا السبب الثاني فهو اختبار الشخص تجربة معيّنة تكون لغتها غير لبنانية، فعندما يتكلّم عنها يُضطر أن يعبّر باللغة التي تَعرّفَ إلى التجربة من خلالها، مثلاً عندما يتكلّم الشخص عن ألعاب إلكترونية، يجد شرح اللعبة أسهل بالإنكليزية لأنّ الكلمات مكتوبة بهذه اللغة. وشرح دكتور وهبة هذا الأمر عَبر مثل، فيقول: &laqascii117o;عندما يتكلّم أستاذ جامعي عن الفلسفة التي يدرّسها باللغة الفرنسية مثلاً، يجد التعبير عن الموضوع بالفرنسية أسهل في المجتمع".
وتتابع نعمان في تحليلها الأسباب، فتذكر السبب الثالث وهو &laqascii117o;الشعور بالانتماء"، فيمزج الفرد اللغات عن قصد ليشعر بالانتماء إلى مجموعة الأشخاص التي يتكلّم معها. أمّا السبب الرابع فهو تأثير &laqascii117o;فيسبوك" الذي تتمثّل لغته الأساسية بالإنكليزية. والسبب الأخير هو الموضوعات المحرّمة في المجتمع، والتي يصعب على اللبناني التعبير عنها بالعربية فيلجأ إلى لغة أخرى للتخفيف من حدّة الموضوع".
مصطلح جديد
توصّلت نعمان في نهاية الدراسة إلى ابتكار اسم لمَزج اللغتين اللبنانية والإنكليزية وهو &laqascii117o;LebEnglish"، وعَلّلت سبب انتقائها هذا الاسم قائلة: &laqascii117o;قد جمعتُ في المصطلح اسم اللغتين لأننا نتكلّم في لبنان لهجة تختلف عن اللغة العربية المكتوبة وهي اللبنانية، فمَزجتها مع كلمة &laqascii117o;الإنكليزية" لنتوصّل إلى &laqascii117o;LebEnglish". وهي كلمة تشبه الكلمات الموجودة التي تحدّد مزج لغتين مختلفتين، مثل &laqascii117o;Spanglish" التي تعني اللغة المبتكرة من مزج اللغتين الإسبانية والإنكليزية.
ولكن يختلف الإطار الذي ابتُكرت الكلمة من خلاله، فالشعوب التي تتكلّم الإسبانية اضطرت إلى مزج لغتها مع الإنكليزية بسبب عَيش عدد كبير منهم في أميركا، أمّا &laqascii117o;LebEnglish" فقد ابتُكرت على رغم بقاء اللبنانيين في لبنان ومزج لهجتهم بالإنكليزية، وخصوصاً عبر &laqascii117o;فيسبوك".
اللغة الجديدة بالأرقام
تبيّن في الدراسة أنّ أغلبية الأشخاص الذين يمزجون اللغتين هم شباب. وتبيّن أيضاً أن هناك كلمات محدّدة تُعاد في هذه اللغة في صفحات مختلفة على &laqascii117o;فيسبوك"، مثل: &laqascii117o;Lebanese Memes" و"Yasa" وغيرها. وأنّ 24,7% من الأشخاص على صفحات &laqascii117o;فيسبوك" اللبنانية يتكلّمون الـ"LebEnglish" أي ما يقارب الربع.
وارتأت نعمان وضع معجم للغة &laqascii117o;LebEnglish" في نهاية الدراسة، يتضمّن الكلمات المتداولة فيها، مثل: &laqascii117o;Bakkas" أي عملية ضرب بواسطة القبضة"،Box" &laqascii117o;Cancela أي إلغاء عملية معيّنة، وهو معجم مفتوح تعمل حالياً على تحديثه. إذاً، تعتمد هذه اللغة على كلمة إنكليزية تضاف إليها حروف من اللغة العربية تدلّ على الشخص.
مصير اللغة العربية
وعن استمرارية اللغة اللبنانية والعربية في ظلّ مزج الإنكليزية معها، يقول الدكتور وهبة: &laqascii117o;إنّ اللغة العربية الفصيحة تختلف عن اللغة العربية اللبنانية المحكية التي لطالما كانت حرّة، لا تتقيّد بقواعد معيّنة، فنرى أمثالاً قديمة حيث اختلطت اللبنانية باللغة التركية عندما كان لبنان خاضعاً لحكم الأتراك. ولا نزال نستخدم هذه الكلمات التركية حتى يومنا هذا".
ويتابع وهبة مفسّراً: &laqascii117o;إنّ سرعة التطوّر وسرعة التكنولوجيا يحتّمان علينا مزج الإنكليزية باللبنانية لأنّ لغة التكنولوجيا هي الإنكليزية، وإذا أردنا مُجاراة التكنولوجيا علينا تَكَلّم لغتها. إنّ وجود المراجع الإلكترونية على الإنترنت باللغة العربية أو عدم وجودها يؤثّر في اللغة.
فعدم وجودها يُحتّم علينا البحث عن المراجع في لغة غير عربية، لأنه عندما نريد إيصال هذه المعلومات التي وجدناها على الإنترنت نُضطر إلى استخدام الكلمات الأجنبية، ما يؤدي إلى مزج اللغتين".
تعمل نعمان على إطلاق مصطلح &laqascii117o;LebEnglish" ليصبح متداولاً ولينتشر استخدامه في العالم. وهذا المصطلح يدلّ على الثقافات المتعدّدة التي يتمتّع بها اللبناني. وهذا ما يميّزه، لأنّ كثيرين لا يعترفون بهويتهم العربية، لذلك نلاحظ مزجاً للثقافات يتمثّل بمزج اللغات.
فالمناهج المُتّبعة في المدارس والجامعات مأخوذة من ثقافات أجنبية. لذلك، بات الطالب يفكّر بطريق أجنبية. حتى أننا في مجتمعنا لم نعد نطبّق العادات اللبنانية والعربية القديمة، فالشباب اليوم بدأوا اتّباع العادات الأجنبية في كافة المناسبات الاجتماعية، وحتى في حياتهم اليومية.
فاللغة من أهم ركائز الثقافة في بلدٍ معيّن، وهي تحدّد هويتنا اللبنانية. ولكنّ نعمان تؤكّد أنّ مزج اللغات وتعدّد الثقافات هما الهوية اللبنانية التي تحدّدنا، وهو أمر مهم جداً لأنّ اللبناني، أينما وُجد، يستطيع فهم اللغة والتواصل مع الثقافات المختلفة لأنه يملك حسّ مزج الثقافات، علماً أنه اعتاد منذ صغره على تعلّم لغات كثيرة.
المصدر: صحيفة الجمهورية

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد