مقابلات » بعد المطالبة بترحيلها من مصر... ليليان داود تتحدث لـ النهار عن حصاد المعركة

ديانا سكيني
بدت ردات الفعل الداخلية في مصر خجولة على أحكام محكمة جنايات القاهرة في جلستها المنعقدة في 23 شباط (فبراير) الماضي بمعاقبة كل من الناشطين علاء عبد الفتاح وأحمد عبد الرحمن بالسجن المشدد 5 سنوات، وبمعاقبة باقي المتهمين الـ18 بالسجن 3 سنوات، الى الحكم بالسجن 15 سنة على المتهمين الخمسة الذين لم يحضروا.
أمكنَ وصفُ تعاطي الاعلام المصري بشكل عام مع القضية بالفتور، لصالح تفاعلٍ نسبي شهدته مواقع التواصل الاجتماعي، وفي السياق رصدت خدمة 'بي.بي.سي ترند' لاتجاهات الشبكات الاجتماعية تراجعاً كبيراً في استخدام هاشتاغ Freealaa مقارنة مع السنة الفائتة، الأمر الذي فسره مراقبون مصريون تحدثوا لـ'بي.بي.سي' بعدم اكتراث الشارع المصري في شكل عام حيال قضايا 'نشطاء الثورة' لفقدان الايمان بقدرتهم على التأثير، ولأولوية قضايا كمحاربة الارهاب وتأمين الاستقرارين المعيشي والأمني، بالاضافة الى رفض البعض الأسلوب اللاذع الذي استخدمه بعض النشطاء ومنهم علاء عبد الفتاح في تغريداتهم ضد السلطة الحالية.

'ايجابية'
في فضاء شبكات التواصل، كتب الراوئي علاء الأسواني:'علاء عبد الفتاح ودومه ورفاقهما يدفعون ثمن حرية شعب بأسره، الفلول والاخوان والمغيبون شامتون ولكن الثورة مستمرة ومنتصرة، هكذا يعلمنا التاريخ'.
وعلى الأحكام عينها، علّقت مقدمة برنامج 'الصورة الكاملة' على شاشة 'أو.ان.تي.في' ليليان داود بتغريدة وفيها: 'بإيدكم سلاح اسمه إرادة الحياة، وجلادكم مش بإيده إلا إنه يحاول سلبها منكم... اتمسكوا بيها'. وإن كان ما سبق تغريدة ليليان مرّ 'بسلام'، فما كتبته استدعى هجوماً عليها استمر أياماً، فأُطلقت دعوات لترحيلها من مصر عبر هاشتاغ 'ليليان_لازم_ترحل'، وكُتبتْ تعليقات ومقالات تنال منها، أكثرها قسوة ما نشر في صحيفة 'الوطن' بعنوان 'ليليان -لا مؤاخذة- داود: الغازيّة لازم ترحل'، وهو المقال الذي قررت ليليان مقاضاة صاحبه.
في المقابل، حضرت الأصوات المتضامنة لتتمخض القضية عن محصلة تجدها الاعلامية المستهدفة 'إيجابية'، بعد صراع مشهدين، الأول عدائي لا يتقبل الرأي الآخر تحت حجج كالمؤامرة وانفعالات شعبوية في فهم الوطنية وتعصب 'أعمى' وسطحي في آن للحكم الحالي، والثاني بيّن تضامناً من مواطنين لا يتعاطون الشأن العام ومثقفين وفنانين وإعلاميين.
وفي السياق، كتبت كريمة كمال مقالاً في صحيفة 'المصري اليوم'، بعنوان 'ليليان ليست الهدف'، اعتبرت فيه ان  صوت داود 'مشهود له بأنه من الأصوات المهنية القليلة التى بقيت على الساحة الإعلامية فى مواجهة أصوات الفلول والأمنجية التى تسعى جاهدة لغسل أدمغة الشعب المصري، ليعود كما كان فى حاله لا يشارك ولا يعترض ولا يطالب، ووسيلة الابتزاز للوصول إلى هذا الهدف موجودة وهي التلويح بما يجري فى دول الجوار والإرهاب سواء فى المحافظات أو في سيناء'.

مشهدان نقيضان
في المشهدين النقيضين، أبعادٌ عدّة أبرزها ما يتعلق بمسألة الحريات في القاهرة اليوم، والتي تطرقنا اليها في حوار هاتفي مع ليليان، فسألناها رؤيتها حول صورة مصرية نجدها مشوشة بعض الشيء من بيروت.

تجد الإعلامية اللبنانية التي تملك خبرة سنوات من العمل المهني الرصين أن ما بدا كضيق أفق انطلاقاً من الهجوم عليها، كشف عن فضاء واسع للحريات في آن، وقد حسمت النتيجة لصالح ما تسميه 'المهنية'، لاسيما ان الاتهامات التي رشقت بها اتسمت بالخواء والبعد عن أي أساسي قانوني.
وقد أثبتت اتهامات كالعمالة وعدم أحقية من لا يحمل الجنسية المصرية في التحدث بالشأن الداخلي مستوى ركيكاً في مضمون الحملة، لكن الأعمق نهلَ من مفهوم الحريات الذي لا يتجزأ، فتماهى ضيق بعض الرأي العام بكلمات ليليان، مع ما يوصف بضيق السلطة حيال مساحة حراك النشطاء الرافضين لتقييد حرية التظاهر. من هذه الزاوية فقط أمكنَ للبعض رصد الحملة كواجهة للجدل في الشارع المصري حول قضية 'نشطاء الثورة المنسية'.

وتجد ليليان أن هناك انقساماً واضحاً في الشارع المصري حول قضية النشطاء، كما ان 'الأحكام القاسية الصادرة بحقهم ليست مدعاة لليأس فقد كنا نتوقع الأسوأ ويجب التمسك بالأمل'. لا يمكن تحديد نسب الانقسام حيال القضية ولا مستوى الحساسية الشعبية تجاهها، لكن معايشة الواقع المصري تجعلها تدرك أن 'فضاء الأسئلة النقدية موجود وراسخ حتى الآن، وتتعامل معه فئات عدّة في المجتمع لاسيما من مثقفين واعلاميين وفنانين وأكاديميين كمكتسبات لا يمكن التفريط بها، كما ان حالة الوعي تجاه هذا المعطى موجودة لدى فئات أقل ثقافة'.
رغم ما يُحكى مؤخراً في القاهرة عن إعلام الفلول و'الأمنجية'، لا يمكن الحديث في رأي ليليان عن صوت واحد في الاعلام المصري اليوم، فـ'هناك تشبث بدور الصوت الآخر، والاجماع الوحيد هو على محاربة الارهاب، وبخلاف ذلك هناك أسئلة يومية حول ملفات  وتوجهات داخلية'.

الصورة ليست وردية، 'معركة الحريات مفتوحة وهي نتاج بناء مستمر وعمل يومي وأسئلة دائمة ولا شيء يدعوني للقلق على مصر...'، تختم ليليان التي لا تستبعد أن تكون الحملة الافتراضية التي طالبت بترحيلها مبرمجة، 'لكن المهم أنها لم تؤتِ ثمارها...والمعركة مستمرة'.
المصدر: صحيفة النهار

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد