أبحاث ودراسات » الصحف أشباح مضيئة معلّقة في الهواء...

 

newnewspapers_300

 

أحمد مغربي
بعد أن باتت المشهدية الثلاثية الأبعاد مألوفة تماماً في السينما (لنذكر فضل سلسلة أفلام الكرتون المجسّمة وأفلام من وزن &laqascii117o;آفاتار" Avatar للمخرج جايمس كاميرون في تكريس تلك الظاهرة)، وشاعت إلى حدّ أن صارت شيئاً عادياً على التلفزة، باتت المساحة المرشحة لتكون ملعباً للموجة المقبلة من المشهدية الثلاثيّة شبه واضحة: الخليوي والـ"تابلت" مع ما يحملانه من مواد، خصوصاً الكتب والصحف.
وتندفع مثل تلك الأفكار إلى الأذهان، كلما عصفت بعوالم التكنولوجيا رياح تغيير جذري. وقبل فترة وجيزة، شهد موقع شبكة &laqascii117o;ريدت.كوم" Reddit.com للتواصل الاجتماعي، عاصفة من التعليقات التي تدافعت بعد أن نشر ذلك الموقع خبراً عن إنجاز تقني يتعلق بالمشهدية الثلاثيّة الأبعاد.
ويتعلّق الخبر الذي أثار صخباً عارماً في صفوف جمهور التواصل الاجتماعي حينها، خصوصاً في الولايات المتحدة، بتوصّل شركة يابانيّة تعمل في &laqascii117o;وادي السليكون" الأميركي، إلى صنع جهاز للعروض الضوئــيّة (&laqascii117o;بـــروجـاكتور" Projector)، يستخدم أشعة الليزر كي يصنع صوراً ثلاثيّة الأبعاد للأشياء التي يعرضها، فتبدو كأنها مجسّمات لامعة معلّقة في الهواء.
عروض في اللاشيء
الأرجح أنه أمر يمهد لما بعده، إذ ما زالت الصور التي يصنعها جهاز الليزر للعروض الثلاثية الأبعاد، تقتصر على الملامح الكبرى، ما يعني أنه لم يصل إلى مرحلة يكون فيها صالحاً لتقديم مختلف أنواع المحتوى في عروض تنتصب في الهواء، كأنها أشباح مضيئة معلّقة في اللاشيء بفعل سحر خفي. ومثلاً، من المستطاع عرض صور ثلاثية الأبعاد لمبنى ما، لكن لا يستطيع الجهاز راهناً أن يعرض فيلماً ولا صوراً شخصيّة، ولا... نصوصاً مكتوبة. تلا ذلك تطوّر تقني آخر في المشهدية الثلاثيّة الأبعاد، ربما لا يقل أهمية عن جهاز عروض الضوء المجسّمة، إذ استهلّت شركة &laqascii117o;أمازون. كوم" Amazon.com عصراً تكنولوجياً مفتوحاً على المستقبل، عبر خليوي ذكي له شاشة تقدّم مشهديات ثلاثية الأبعاد، وهي تصل إلى الأعين مباشرة من دون وساطة نظارات خاصة. وحمل الخليوي الثلاثي الأبعاد اسم &laqascii117o;فاير فون" Fire Phone. وبشاشة بحجم 4.7 بوصة، من المتوقع ألا يزيد سعر &laqascii117o;فاير فون" على 300 دولار في الأسواق العالمية، في حال تنفيذ خطّة تصنيعه على نطاق واسع.
ومع تذكّر أن &laqascii117o;أمازون" هي الصانع للكتاب الإلكتروني الشهير &laqascii117o;كيندل" Kindle، بات من غير المبالغة توقّع أن تكون الشاشات المقبلة لأجهزة الكتاب الإلكتروني، تقدّمه عبر الأبعاد الثلاثة.
واستطراداً، يحقّق ذلك حلم مشاهدة النصوص منحوتة بصرياً كأنها تماثيل مرصوفة، مع عرض الصور والبيانات وأشرطة الفيديو التي تتضمّنتها النصوص المكتوبة في الكتاب الإلكتروني. يزيد في إلحاح السؤال أن خليوي &laqascii117o;فاير فون" يذكّر باللوح الذكي &laqascii117o;فاير كيندل" Fire Kindle الذي صنعته الشركة نفسها قبل 3 سنوات، لتنافس به في صناعة الألواح الذكيّة. هل تكون الصحافة أيضاً هي النقلة المقبلة، بمعنى أن تقرأ على الأجهزة الرقمية بالأبعاد الثلاثة؟
فتنة العين!
يزيد في أهمية &laqascii117o;فاير فون" أن مشهديته الثلاثيّة الأبعاد لا تتطلّب أن يكون الشريط مصوّراً أصلاً بتقنية تمكن من عرضه بالأبعاد الثلاثيّة، كما هي الحال في السينما حاضراً، ولا أن يبثّ من مصدره بالأبعاد الثلاثية، كالحال في التلفزيون حاليّاً،
إذ تشتغل التقنيّة التي ابتكرتها &laqascii117o;أمازون" على العين مباشرة. وزوّد جهاز &laqascii117o;فاير فون" بتقنيّة سميّت &laqascii117o;المقترب الديناميكي" Dynamic Perspective. وتعتمد على 4 كاميرات مثبّتة على الشاشة، ترصد الوجه وتحدّد موقع العينين فيه باستخدام الأشعة تحت الحمراء.
وعند تشغيل تلك التقنيّة، يكفي أن تُحَرّك الشاشة قليلاً بطريقة تعدّل ما يظهر عليها، ليتّخذ ما يعرض عليها مظهراً ثلاثيّ الأبعاد، من دون الاضطرار إلى استعمال نظارة خاصة.
وحسمت &laqascii117o;أمازون" سباقاً تكنولوجياً ضخماً بالتوصل إلى طريقة لعرض الصور والأفلام بالأبعاد الثلاثة، بل لعلها تقدّمت بخطوة على عملاق الإنترنت &laqascii117o;غوغل" الذي أعلن قبل أيام أنه يعمل على لوح ذكي &laqascii117o;تابلت" بشاشة ثلاثيّة الأبعاد.
تماثيل النور
هل ورد في الكلمات السابقة أن &laqascii117o;أمازون" سبقت غيرها بخطوة؟ ليس أمراً هيّناً أبداً. في العلوم العسكرية، يعتبر التقدّم خطوة كافيّاً لحسم معارك كبرى، وكذلك الحال في الشطرنج. وفي شركات المعلوماتية، يكون التقدّم خطوة كافيّاً لاكتساح عصر بأكمله. لنتذكر أن المنافسة الطويلة بين &laqascii117o;مايكروسوفت" و"آبل"، استهلّت عندما تمكّن العبقري بيل غيتس من سبق غريمه الراحل ستيف جوبز، فكان أن تمدّد نظام التشغيل &laqascii117o;ويندوز" على 96 في المئة من الأجهزة، فيما انحصر الـ"ماك" في زاوية السوق. ثم سبق جوبز منافسيه، بخطوة في &laqascii117o;آي باد" (كذلك الحال في &laqascii117o;آي فون") هي إدراكه لأهمية التطبيقات &laqascii117o;آبليكايشنز" Applications، فكان أن انقلبت مسارات التنافس رأساً على عقب.
ربما يكفي السبق بخطوة الفصل بين المشهدية الثلاثية الأبعاد والاضطرار إلى استخدام نظارة خاصة لرؤيتها، لتحقيق اختراق تكنولوجي ضخم، إذ بات مألوفاً على شاشات السينما، خصوصاً بعد رواج فيلم &laqascii117o;آفاتار"، مشاهدة الأفلام الثلاثية الأبعاد، لكنها تحتاج دوماً إلى نظارات خاصة.
وبعدها، راج أن الشاشات التي تقدم صورها بالأبعاد الثلاثيّة المجسّمة هي مستقبل الأجهزة الرقمية كافة. ومثّلت النظارة عائقاً كبيراً، إذ يصعب تصوّر انتشار شاشات الأبعاد الثلاثة، إذا كانت رؤيتها مرتبطة باستعمال نظّارة خاصة.
ومع أعين باتت ملتصقة بالشاشات، حتى عندما تعبر الشارع أو تنخرط في أحاديث خاصة أو حتى في أماكن العمل والدراسة، صارت النظارة حاجزاً لانتشار مشهدية الأبعاد الثلاثة. وقبل سنتين، حاولت &laqascii117o;توشيبا" نشر تلفزيون ثلاثي الأبعاد لا يحتاج نظارة، لكنها لم توفق. وحطّمت &laqascii117o;أمازون" الحاجز، فلعلها استهلت عصراً مرئياً- مسموعاً جديداً للتقنيّات الرقمية.
المصدر: صحيفة الحياة

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد