أبحاث ودراسات » الثقافة في التلفزيون

محمد موسى
خسر البرنامج البريطاني التلفزيوني الثقافي &laqascii117o;برنامج النقد" نحو 80 في المئة من مشاهديه عندما نقل في منتصف عام 2013 من القناة الثانية الشعبية الى القناة الرابعة النخبوية للمؤسسة ذاتها. بدا وقتها أن جمهور البرنامج ضَلَّ طريقه الى القناة الجديدة، والتبس عليه موعد عرضه الجديد، الذي تحول من إسبوعي الى شهري. بعدها قررت &laqascii117o;بي بي سي" إن الوقت حان لإطلاق رصاصة الرحمة على البرنامج، رغم أن هذا الأخير لم يمرض أو يبلغ الشيخوخة، اذ كان وحتى نقله الى القناة الأخرى، ناجحاً جداً، في عُرْف البرامج التلفزيونية الثقافية، لجهة عدد متابعيه وما تطلقه حلقاته من نقاش، حتى اقترب من مكانة الإيقونة لبرامج الثقافة على شاشات المؤسسة البريطانية.
وقتها ردت مُبرمجة قناة &laqascii117o;بي بي سي" الثانية كيم شلينغاو في مقابلة إذاعية على الهجوم الكبير الذي طاولها لقرارها التخلي عن البرنامج، بأن بعض برامج الثقافة لا تصلح للتلفزيون، وإن هذه يُمكن أن تجد جمهورها عبر وسائط عدة للمؤسسة. وعلى رغم ما ينطوي عليه تصريح المسؤولة البريطانية من قسوة، للذين يعتقدون إن &laqascii117o;الثقافة" هامشية أصلاً على شاشات التلفزيون، الا انه يتضمن في المقابل بعض الحقيقة والواقعية. فتركيبة البرنامج (نُقاد يناقشون في الإستوديو الجديد الفنيّ من سينما او أدب أو تشكيل وغيره)، يمكن نقلها الى الراديو من دون أن تفقد أياً من عناصر تميزها (هناك أصلاً أكثر من 5 برامج نقد على الشاكلة ذاتها على المحطات الإذاعية العديدة لـ &laqascii117o;بي بي سي").
سؤال هويات الوسائط المُتعددة للمؤسسات الإعلامية الكبيرة يقود بديهياً الى آخر عن توازن المحتوى على تلك الوسائط. فاذا كانت &laqascii117o;بي بي سي" قادرة على الرد على منتقدي تناقص حصة &laqascii117o;الثقافة" على شاشاتها التلفزيونية، بأنها لا تزال تفرد لها مساحة مهمة على محطات الراديو والموقع الإلكتروني، علاوة على ما يعرض على شاشات المؤسسة، وهو جيد في مجمله، فكيف يمكن لقنوات تلفزيونية أخرى (ومنها عربية) تدّعي إنها شاملة، في حين تنبذ الثقافة وإلى حدود كبيرة.
صحيح أن معظم القنوات التلفزيونية لا يمتلك من الإمكانات ما هو متوافر لـ &laqascii117o; بي بي سي"، ولكن في الوقت ذاته، وفي عصر تلاشي الحدود بين الوسائط الإعلامية بفعل تأثيرات التكنولوجيا، ألم يحن الوقت لمراجعة شاملة للهوية الإعلامية للوسائط المختلفة. فلماذا لا نرى (وكما يحدث اليوم على نطاق ضيق)، برامج لا تصنف بالجماهيرية تُعرض حصرياً على مواقع القنوات التلفزيونية الإلكترونية حتى تُكمل هذه القنوات ما وصفته بالوجبة التلفزيونية الشاملة التي توفرها؟ فاذا كان بعض القنوات يعتبر وقت التلفزيون العادي &laqascii117o;مُقدساً" ويجب للثقافة عدم &laqascii117o;تشويهه" بمفرداتها الصعبة، فلماذا لا يُوفر نافذة على واسطة اخرى للراغبين؟ أمْ أن إدعاءات الشمولية في المحتوى لا تختلف عن مُبالغات الإعلانات التجارية التي يعرضها؟
المصدر: صحيفة الحياة

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد