صحافة إقليمية » المجلس الأعلى للعالم: بالنيازك جئناكم

مصطفى فتحي
بحسب إحصائيات بعض الوكالات الإعلانية، فإنّ برنامج &laqascii117o;من الآخر" الذي يقدمه المذيع تامر أمين، وتعرضه فضائية &laqascii117o;روتانا مصرية"، لا يحقق نسب مشاهدة كبيرة (ما يفسّر قلّة الفواصل الإعلانيّة خلاله). لهذا السبب ربما، مرّت حلقة الأحد الماضي، من دون أن تثير أيّ جدل فور عرضها. استضاف أمين اللواء حسام سويلم الذي تحدّث عن &laqascii117o;المجلس الأعلى للعالم"، وحروب الجيل الخامس، والحرب الكونية اي جدل في وقتها. مرت الحلقة بكل هدوء، وبعدها بيومين وفي بداية حلقته الجديدة، أورد أمين ملخّصاً للحلقة السابقة، رفعته مواقع مصريّة على &laqascii117o;يوتيوب"، ليتداول بكثافة خلال اليومين الماضيين، باعتبار ما ورد في المقدّمة، رأي أمين الشخصي. اقتطع الجزء الذي يقول فيه أمين انه سيعطي للمشاهدين نبذة عمّا قاله سويلم. وانتشرت عناوين على المواقع تحمل المعنى ذاته، مثل &laqascii117o;مذيع مصري يتحدث عن المجلس الأعلى للعالم". وعنونت &laqascii117o;المصري اليوم" تقريراً عن الحلقة جاء فيه &laqascii117o;تامر أمين يوضح أساليب &laqascii117o;المجلس الأعلى للعالم" لتدمير البشرية".
تتشابه حلقات برنامج &laqascii117o;من الآخر" مع بعضها البعض إلى حد كبير، وكلّها لا تلتزم بميثاق شرف إعلامي. يعدّ مقدم البرنامج نفسه قاضياً وليس مذيعاً. ففي آذار في العام 2014، حمّل شابة مصريّة مسؤولية تعرّضها للتحرّش داخل الجامعة، لأنّ ملابسها لم تكن مناسبة، وبالتالي كانت تستحق ما أصابها، من وجهة نظره. وقبل أيّام، هاجم الطالبة المصريّة مريم ملاك (الشهيرة بطالبة الصفر في المئة) قائلاً لها: &laqascii117o;لو مش عاجبك سيبي البلد"، لمجرّد أنها تبحث عن حل لأزمتها. لا تتشابه حلقات تامر مع بعضها البعض وفقط، بل هي تشبه أيضاً الكثير من البرامج المصرية التي صار محتواها ومقدموها مجرد مادة مثيرة للجدل وللسخرية على وسائل التواصل الاجتماعي.
ينتمي تامر أمين لنفس مدرسة توفيق عكاشة وأماني الخياط التي تعتمد على استضافة خبير ما، يردِّد معلومات من دون مصادر حقيقية، ويثني المذيع على كلامه باعتباره حقيقة لا تقبل الشكّ ذكرها &laqascii117o;خبير استراتيجي". ذلك ما يفسر ما قاله تامر أمين وهو يعلق على الحلقة التي استضاف فيها اللواء حسام سويلم، مشيراً إلى أنّ ما قاله ضيفه مرعب، وإلى أنّ &laqascii117o;اللي مش هيرتعب من الكلام ده، يبقى معندوش دم".
بالعودة إلى حديث سويلم، فقد تحدّث الأخير عن مصطلح &laqascii117o;الحرب الكونية"، وهو نفس المصطلح الذي دأب عكاشة على ترديده مع شخصية أثارت جدلاً بعد &laqascii117o;ثورة يناير"، والحديث هنا عن المحلّل السياسي الصاعد أحمد سبايدر. وصف تامر أمين الضيف بأنّه &laqascii117o;ليس مجرّد خبير عسكري، بل خبير استراتيجي أيضاً"، لإضفاء المزيد من المصداقيّة على كلامه. وأكّد سويلم أنّ دولاً عدة منها الولايات المتحدة، شكلت ما يسمّى &laqascii117o;المجلس الأعلى للعالم"، أو &laqascii117o;مجلس الصهيونية العالمية"، ويتكوّن من سياسيين وأثرياء يديرون عالمنا ويتحكمون فيه. أضاف الضيف أن هذا المجلس وصل لتكنولوجيا حديثة تجعله قادراً على التحكم بالطبيعة، وتدمير دول كاملة، من دون الدخول معها في حرب مباشرة، ضمن ما صنّفه بأنه &laqascii117o;حروب الجيل الخامس". يمكن للمجلس المذكور، بحسب ضيف تامر أمين، أن يتسبّب بتسونامي أو زلازل، عن طريق العبث بعناصر وتركيبات القشرة الأرضية، ويمكنه أيضاً أن يشعل بركانا خامدا، وأن يرسل لأيّ دولة لا تعجبه نيازك أو شهب، عوضاً عن الصواريخ التي كانت تستخدم في الحروب التقليدية!
لم تحقِّق الحلقة الكاملة جدلاً على السوشل ميديا، وبالكاد تخطت 5 آلاف مشاهدة على الحساب الرسمي لـ"روتانا مصرية" على &laqascii117o;يوتيوب"، على عكس الفيديو القصير الذي لخّص فيه أمين الحلقة. انتشر التسجيل على مواقع التواصل، وعلى المواقع الإخباريّة المصريّة، وتحول إلى نكتة، شغلت المستخدمين بين &laqascii117o;تويتر" و &laqascii117o;فايسبوك". ناشطون مجهولون أسّسوا صفحة على &laqascii117o;فايسبوك" بعنوان &laqascii117o;المجلس الأعلى للعالم"، ورد في تعريفها &laqascii117o;ندير العالم بشكل سرّي"، وفي خانة عنوان الإقامة &laqascii117o;ملناش حدود (لا حدود لنا)". حصدت الصفحة أكثر من 12 ألف إعجاب خلال ساعات، ونشرت صوراً ومنشورات ساخرة، منها: &laqascii117o;الطقس كان جميلاً، ألم يلاحظ أحد منكم أنّه انقلب إلى غيوم وغبار بعدما ورد ذكرنا على التلفزيون وصار حديثنا على كلّ لسان؟ هذا ليس إلا تحذير لكلّ من تسوّل له نفسه التعرّض للمجلس الأعلى. تصبحوا على خراب".
مستخدمة مصرية على &laqascii117o;فايسبوك" عدّلت خانة الوظيفة عبر حسابها على &laqascii117o;فايسبوك"، فصارت: &laqascii117o;رئيسة قسم الشهب والنيازك‎ في ‎المجلس الأعلى للعالم‎". وسرعان ما تحول المصطلح إلى وسم امتلأ بمئات التغريدات الساخرة، فنشر مستخدم إعلاناً كتب فيه: &laqascii117o;المجلس الأعلى للعالم‬ يعلن عن حاجته لمهندسين نيازك، يحملون رخصة قيادة كونية، والرواتب مجزية". وغرد آخر: &laqascii117o;‏فرص عمل‬.. مطلوب خبير انهيارات أرضية، وعدد 2 مهندس لحام قشره أرضية، وموجه نيازك عن بعد، ومطلق شهب نجمية للمجلس الأعلى للعالم". وكتب ثالث حواراً متخيلاً بين اثنين. يقول الأوّل: &laqascii117o;سمحت عايزين واحد زلزال وواحد إعصار في الدولة المجاورة"، فيردّ الآخر: &laqascii117o;مش عايز بيبسي معاهم يا فندم"، فيجيب الأوّل: &laqascii117o;لا خليها أمطار غزيرة".
تفضح حلقة برنامج &laqascii117o;من الآخر" عن &laqascii117o;الحرب الكونية" عيبين خطيرين في الإعلام المصري، الأول هو نشر الفيديوهات من دون تدقيق بالمعلومات، بهدف الحصل على نقرات، والآخر استضافة خبراء لا يقدمون للمشاهد المصري إلا الخزعبلات، في وقت يحاورهم مذيعون لا يجدون شيئاً غريباً في كلامهم، بل يؤمنون به، ويروّجون له.
المصدر: صحيفة السفير

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد