صحافة محلية » اللجوء السوري... شرّ البليّة ما يضحك

وسام كنعان
من سخرية القدر أن تدخل قناة &laqascii117o;سما" السورية على خط معاناة لاجئي بلادها. المحطة التي لا تكفّ عن التسبيح بحمد السلطة، تتخبّط في هذا الملف الشائك تحديداً. تارة تبثّ تقارير تحكي عن معاناة اللاجئين، وطوراً تستضيف إعلامياً عربياً يعمل في هنغاريا ليدعم ادعاء القناة بـ &laqascii117o;تسلّل 4000 آلاف إرهابي مع جموع اللاجئين السوريين الذين احتجزوا في المجر". ثم يسأل الضيف إن &laqascii117o;كانت القارة العجوز ستتحمّل مطالبتهم بالحرية"!
المضمون الهزيل لهذا التقرير جعله محطّ تندّر من مرتادي الفايسبوك، فيما راحت تولّف تعليقات ساذجة وسطحية بمحاذاة هذا التقرير. تابعنا مثلاً انتقادات على ما خلّفه اللاجئون في هنغاريا من قمامة، أو شتائم أطلقت احتجاجاً على سلوك فتيات سوريات رقصن على صوت أغنيات شعبية قرب برج إيفل في باريس. في ضفة مقابلة، عَرف بعض كتّاب الدراما السورية كيفية اصطياد الكوميديا من روح المعاناة. على سبيل المثال، كتب السيناريست والشاعر سامر رضوان على صفحته الفايسبوكية &laqascii117o;أحزن على السوريين الذين هاجروا، فكل فترة يخسرون عرضاً من عروض &laqascii117o;سيرياتيل" (شركة اتصالات)". وبالتزامن مع اجتماعات دول الاتحاد الأوروبي وتوازع حصصها من أعداد اللاجئين، انتشرت على السوشال ميديا صورة للرئيس بشار الأسد يتوسّط أعضاء مجلس الشعب، وهم منهمكون بالتصفيق لسيّد الوطن، وكُتب عليها &laqascii117o;مجلس الشعب السوري يقرّر استضافة 2500 لاجئ سوري وما حدا أحسن من حدا".
من جهة أخرى، خرجت حكايات تركّز على قدرة السوري الذي وطأ أرض أوروبا على نشر الفساد الذي كان يسيّج دولته. قيل إنّ السوريين بدأوا بتطبيق حيلهم المعروفة في التلاعب بعدّادات الكهرباء في ألمانيا، حتى أنهم علّموا الألمان بعضاً من طرقهم المعروفة في هذا الخصوص. هنا علّق أحد موظفي شركة كهرباء دمشق على صفحته الزرقاء: &laqascii117o;أعطوني فيزا إلى ألمانيا وسأجعل كلّ عدادات الكهرباء في بلاد هتلر تغطّ في سبات أزليّ". كذلك، انتشر فيديو يوثّق ما أقدم عليه طلاب سوريون في حصة تعلّمهم اللغة، وقد رفع صوت المسجّل على أغنيات شعبية، وبدأوا يرقصون مع أستاذهم. الأخير كان سعيداً في الرقص من دون أن يظنّ للحظة بأنه سيصبح نجم مواقع التواصل الاجتماعي السورية.
من جانب آخر، يسجّل ما حصل مع الزميل أنس زرزر عندما وصل النروج ومرّت ساعات باردة على أصعدة حياته كافة. بينما كان يجاهد في المنفى القسري وحيداً في بيته، قرّر أن يرفع صوت الموسيقى بأغنية فيروز &laqascii117o;عودك رنّان" ثم أُخذ بالحالة وبدأ الرقص من دون أن ينتبه بأن الساعة تخطت العاشرة ليلاً. بعد قليل، كان باب بيته يُقرع من قبل جيرانه المسنّين الذين استغربوا ما يحصل، وسرعان ما شرح لهم بإنكليزيته الثقيلة بأنه وصل لتوّه من سوريا، وأنه يجرّب محاربة الملل والاحتفال علّه ينسى ما وصلت بلاده إليه. اعتقد زرزر أنه في مأزق خطير بات في انتظاره بعد دقائق، لكن ما كان من هؤلاء المسنّين إلا أعادوا رفع الصوت، وبدأوا بالرقص معه حتى لا يشعر بالحزن أو الوحدة! أما رسّام الكاريكاتور علاء رستم فقد ركب غمار البحر وقصد السويد معقل أجداده الأوائل كما كان يعلّق بسخرية دائمة. بالفعل، تمكّن رستم من الوصول إلى هناك وبدأ باستعراض موهبته برسم بورتريهات من دون أن يبالغ في معالمها حتى لا يثير حنق أحد. ثم رسم مسؤولة الصليب الأحمر، ومن شدّة فرحها قالت له إنّها ستعرّفه إلى أحد أفراد عائلتها، وستمنحه &laqascii117o;شرف" رسمه إن أحبه. وعندما رافقها رستم إلى منزل عائلتها فوجئ بأنه تريد أن تعرّفه إلى كلبها، وبالفعل اضطرّ إلى رسمه رغم أنه ليس من هواة تربية الكلاب!
في سياق مشابه، يتناقل البسطاء من السوريين عبر الواتس آب رسالة مصدرها أحد رجال الدين يحذّرهم فيها من اللجوء إلى الدول الأوروبية أو على الأقل رفض التوقيع على وثيقة الاندماج &laqascii117o;في مجتمعاتهم الكافرة" لأن أطفالهم ذكوراً وإناثاً سيجبرون على خلع ملابسهم في المدرسة أمام بعضهم كي تزول عقبات الخجل من الجنس الآخر!
أخبار وطرائف وحوادث عن التغريبة السورية وجدت طريقها سريعاً إلى مواقع التواصل الاجتماعية. وأخيراً، دأب بعض المواقع الإلكترونية على جمع أغرب القصص والطرق التي اتبعها السوريون للوصول إلى أرض أحلامهم، بدءاً من قصة فيلم &laqascii117o;أنا مع العروسة" (الأخبار 29/9/2014) عندما لم يعد يتمكّن الشاعر الفلسطيني السوري خالد سليمان الناصري من استيعاب الأعداد التي تصل إلى إيطاليا، وتطلب مساعدته كونه يعيش هناك منذ عام 2009 ويحمل الجنسية الإيطالية. ساعتها، لمعت في ذهنه مع صديقه الصحافي الإيطالي غابريال ديل غرانده، فكرة الانتقال بهؤلاء اللاجئين إلى استوكهولم ضمن موكب عرس، على أن يلعب أدوار العرسان اللاجئون أنفسهم. ثم وثّق صديقهما المخرج الإيطالي أنطونيو أوغوليارو التجربة النادرة وصنع منها وثائقياً حصد العديد من الجوائز في المهرجانات العالمية. كذلك روت صحيفة &laqascii117o;ذا تايمز" البريطانية قصة هشام معضماني الذي قطع المسافة من تركيا إلى اليونان سباحةً، قبل أن تنقذه إحدى البواخر. وكشفت قناة &laqascii117o;BBC" النقاب عن قصة مشابهة لشابين قطعا البحر سباحةً أيضاً. بدوره، يحكي لنا شاب سوري وصل إلى أوروبا أخيراً، أنه راقب البحر لأيام مع أصدقائه بعدما وصلوا مدينة أزمير التركية، وعرفوا تقريباً متى يوجد خفر السواحل ودرسوا بمساعدة الخرائط الطريق جيداً. ثم اشتروا قارباً مطاطياً وأبحروا فيه وحدهم، مستنجدين بخدمة الخرائط على هواتفهم النقالة، ووصلوا إلى اليونان من دون أن يضعوا أنفسهم تحت رحمة مهرّبي البشر. كذلك، تناقلت مواقع عدة قصة إنقاذ عارضة أزياء يونانية كانت تقضي نزهة في يختها الخاص للاجئ سوري كان على وشك الغرق.
أما أحدث طرائف اللجوء، فقد كانت ممزوجة بألم عميق. كشفت صحيفة &laqascii117o;غارديان" البريطانية بأنّ السوريين اكتشفوا منفذاً جديداً للوصول إلى النروج من خلال القطب المتجمّد الشمالي الذي يعبرون إليه من شمال روسيا، وأن بعضهم استخدم المنطاد الحراري ليتجاوز المناطق المتمجّدة. علماً أن هذا المعبر الشمالي من المناطق الحدودية القليلة المباشرة بين الاتحاد السوفياتي السابق ودول حلف شمال الأطلسي خلال الحرب الباردة. وتشهد المنطقة تدني درجات الحرارة في الشتاء إلى 15 تحت الصفر. ومع ذلك فقد عبره في هذا العام حوالى 150 شخصاً معظمهم من السوريين.
المصدر: صحيفة الاخبار

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد