إعلام جديد » المجلات الشبابيّة في اليمن مغامرات تذكاريّة مآلها النسيان

 

sotoor_300

 

صنعاء ـ علي سالم

يستعد صامد السامعي وزملاؤه لإصدار العدد الأول من مجلة «سطور» الشبابية، بيد أنه لا يتوقع أن تصمد مجلته أكثر من أربعة أعداد في أفضل الأحوال، بسبب عوائق كثيرة تقف أمام ثبات المطبوعات الشبابية في الصدور، أبرزها التمويل.

والى السامعي ورفاقه، خاض صحافيون يمنيون كثر تجربة إصدار مجلات وصحف شبابية، لكن يندر جداً أن تمكنت مطبوعاتهم من الوقوف على قدميها، ناهيك بالصمود والانتظام في الصدور ما لم يكن هناك تمويل دائم يأتي من خارجها.

وفي بلد من الأشد فقراً في العالم، تتضافر عوامل عدة وراء ندرة الصحافة الشبابية وإخفاقها المبكر، على رغم أن النسبة الأعلى من السكان هي من فئة الشباب. لكن البطالة تطاول نحو 70 في المئة منهم، في بلد لا يزيد متوسط دخل الفرد السنوي فيه عن 750 دولاراً. يضاف الى ذلك، تخلّف الاقتصاد وتفشّي الفساد والفقر والأمية والنزاعات المسلّحة، ما ينعكس سلباً على سوق الصحافة المكتوبة عموماً، بدليل أن أكثر الصحف انتشاراً تطبع 40 ألف نسخة فقط في اليوم.

وتشهد ماكينة الإعلام المقروء والمرئي والمسموع تعطلاً على خلفية الحرب والحظر والقمع، ولم يتبقّ في الساحة الإعلامية، سوى الصوت الموالي لميليشيا الحوثيين والرئيس المخلوع علي عبدالله صالح التي تنفّذ منذ أيلول (سبتمبر) 2014، انقلاباً مسلحاً تسبّب بانهيار سلطة الدولة واندلاع حرب أهلية. بيد أن تعثر المطبوعات الصحافية وعدم انتظامها مشكلة قديمة مزمنة.

وباستثناء المؤسسات الصحافية الحكومية التي ترصد لها وزارة المال موازنات سنوية تصل الى 3 أضعاف إيراداتها، تعاني غالبية المطبوعات من شحّ التمويل إضافة الى غياب السياسات المؤسسية، عدا عن أن غالبية الإصدارات فردية ويشوبها الارتجال.

ويشرح عبدالرزاق العزعزي تجربته في إصدار صحيفة «الانطلاق» الشبابية، التي توقفت بعد أربع سنوات من صدورها. ويقول أن مشروعه تعثّر لأسباب عدة أهمها التمويل. ويضيف: «في كل مرة كنا نجد فيها ممولاً من مؤسسات المجتمع، نفاجأ بسياسات مختلفة في النشر يفرضها رؤساء هذه المؤسسات، ما اضطرنا، لتجاوز هذه المشكلة، الى الاتفاق على أن تدعم كل مؤسسة عدداً واحداً فقط، وأحياناً كنا نجمع تبرعات من الشبان المهتمين بالصحيفة». ويذكر العزعزي أنه في نهاية المطاف، حصل على دعم ثابت من وزارة الشباب، «لكن السياسة الحكومية كانت أكثر رقابة من مؤسسات المجتمع المدني، الى درجة تدخّلها حتى في طريقة ترتيب المواد عند عملية الإخراج».

وتأتي وسائل الإعلام في مقدّم المصادر التي يعتمد عليها شباب الجامعات اليمنية في المشاركة في العمل السياسي، كالانتماء السياسي والإدلاء بالصوت في الانتخابات، والمناقشة السياسية، وفق ما بينت دراسة ميدانية تناولت دور وسائل الإعلام في تكوين الوعي السياسي لدى طلاب الجامعات. بيد أن هذا لا يعني بالضرورة ترك تأثير إيجابي لهذه الوسائل في الشباب، إذ تتهم وسائل الإعلام اليمنية بالتضليل واختلاق الأخبار وعدم الاحترافية. ويتّسم الخطاب الموجّه الى الشباب بالتقليدية وتكريس قيم الاتباع والولاءات الضيّقة وعدم اﻻعتراف بالآخر.

وكشفت الدراسة التي أعدها الطالب عبدالحكيم مكارم، لنيل درجة الماجستير، وجود «علاقة جزئية» بين المعرفة السياسية ومعدل التعرض للصحف اليمنية، علماً أن سوق الصحافة في اليمن توصف بأنها سوق سياسية بامتياز.

وعلى رغم تشديد الاستراتيجيات الوطنية والبرامج الحكومية والحزبية على الاهتمام بالشباب وقضاياهم، إلا أن المساحة التي تُعطى للشباب في وسائل الإعلام الحكومية والحزبية والخاصة ما زالت توصف بالهامشية، وتفتقر الى المضامين التجديدية التي من شأنها تعزيز قيم الفردية والديموقراطية.

ويعتبر عدم صدور مجلة أو صحيفة رسمية مخصصة للشباب تجسيداً لطبيعة الثقافة التي تحكم سلوك صناع القرار. ويذكر العزعزي وآخرون عملوا محررين لصفحات شبابية في صحف رسمية ومستقلة، أن صفحاتهم تكون عادة ضحية السياسة والإعلان، إذ غالباً ما يتم تأجيلها لنشر تغطيات سياسية أو إعلانات مدفوعة.

ويرشح من بيانات وزارة الإعلام، وهي الجهة الرسمية المعنية بمنح تراخيص الصحف والمطبوعات، ندرة المجلات والصحف الشبابية المرخص لها. وبعضها غير معروف لدى الجمهور، ربما بسبب محدودية التوزيع. وثمة إصدارات شبابية بما فيها الصادرة بالإنكليزية، تصدر في مناسبات معينة وبكميات قليلة وتوزع مجاناً. ويلفت العزعزي الى أن صحيفته كانت تطبع وفق مقدار الدعم، وتتفاوت الكمية ما بين 1500 و3000 نسخة توزع مجاناً في 5 محافظات عبر مبادرات شبابية مقابل نشر إعلانات للمبادرات.

والحال أن الآمال والطموحات الكبيرة والبراقة التي تراود عادة طلاب كلية الإعلام وطالباتها أثناء سنوات الدراسة وتزداد بريقاً مع تجسيدها في مشاريع التخرّج، سرعان ما تخبو وتنكسر مع أول خطوة يخطوها أصحابها على أرض الواقع.
المصدر: صحيفة الحياة

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد