تحقيقات » طفلٌ فقد جيشه: إعلان خارج السياق

مصطفى فتحي

في مشهد استفزّ كثيرين، نشرت &laqascii117o;الشركة الوطنيّة لإنشاء وتنمية الطرق" (إحدى الشركات التابعة للقوات المسلحة المصرية) &laqascii117o;إعلاناً" طرقياً جديداً، يقارن بين طفل مصري، والطفل السوري الغريق إيلان كردي الذي هزّت صوره العالم، في أيلول الماضي.
على الجانب الأيمن من الملصق الإعلاني المتداول بكثافة على مواقع التواصل، نجد صورة طفل يقف بجانب الرئيس عبد الفتاح السيسي رافعاً علم مصر، من شرفة تطلّ على قناة السويس الجديدة، مرفقةً بشعار &laqascii117o;طفل معه جيشه" (كتبت عبارة &laqascii117o;معة" في خطأ إملائي أثار سخرية المغرّدين على &laqascii117o;تويتر"). وعلى الجانب الأيسر من الملصق، صورة إيلان الذي غرق على الشواطئ التركيّة، مرفقةً بتعليق &laqascii117o;طفل فقد جيشه".
تعمل الشركة صاحبة الإعلان تحت مظلة جهاز مشاريع الخدمة الوطنية للقوات المسلحة، التابع لوزارة الدفاع المصرية. ورفع الملصق الضخم فوق شاشة متحرّكة على طريق القاهرة الإسكندرية الصحراوي، حاملاً توقيع الشركة. تلك المساحة الإعلانية الضخمة، غير مخصّصة لنشر إعلانات للجيش، لكن الشركة وضعت الإعلان بجانب إعلانات أخرى تروّج لمشاريع ينفذها الجيش المصري، كنموذج للتعاقد مع شركات تجارية راغبة بعرض إعلاناتها في المكان ذاته. لا يحمل الملصق توقيع إدارة الشؤون المعنوية للقوات المسلحة، ما يعني انه غير &laqascii117o;رسمي"، لكن ذلك لم يمنع مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي من ربط الإعلان بالجيش المصري.
صورة الإعلان ليست من ابتكار &laqascii117o;الشركة الوطنية للطرق"، بل ركّبها مستخدمون مؤيّدون للنظام المصري، وانتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي بعد حادث غرق الطفل إيلان مباشرة. وجمع المؤيدون بين صورة إيلان، وصورة طفل مصاب بالسرطان شارك في حفلة افتتاح قناة السويس الجديدة، وتتشابه وعشرات الصور التي تقارن بين مصر ودول أخرى مرت بنفس الظروف وهي سوريا، العراق، اليمن، ليبيا.
حملة الاحتجاج على الإعلان، انطلقت عبر وسم &laqascii117o;طفل فقد جيشه" بمبادرة من &laqascii117o;حركة 6 ابريل" التي دعت متابعيها للتدوين حول انتهاك حقوق الأطفال في مصر. وتفاعل كثيرون مع الدعوة، بعضهم غرّد صور أطفال مصريين ينامون تحت الجسور وفي الشوارع، وصور أطفال آخرين اعتقلوا خلال السنوات الأخيرة، وغيرهم ممن ماتوا بسبب إهمال المستشفيات الحكوميّة. ورأى المستخدمون عبر الوسم أنّ استغلال صورة الطفل إيلان لغرض إعلاني، وضمن مقارنة بين أطفال مصر وأطفال سوريا تذكّر بأسلوب المذيعة ريهام سعيد في إحدى حلقاتها، وتندرج في إطار الإسفاف الرخيص ذاته. رأى آخرون أنّ الإعلان يشبه التجارة بالبشر، مطالبين بإزالته من مكانه، وبوقف تداوله على مواقع التواصل. وأشار أحد المغرّدين عبر &laqascii117o;تويتر" إلى أنّ الإعلان لم يستغل الطفل السوري الغريق فقط، بل استغل أيضاً الطفل المريض بالسرطان الذي وقف بجانب السيسي أثناء افتتاح قناة السويس الجديدة.
يقول مصمّم إعلانات مصري لـ &laqascii117o;السفير"، مفضّلاً عدم الكشف عن اسمه، إنّ الإعلان مبنيّ على أساس خاطئ، من الناحية الفنيّة، إذ أنّه يربط بين السيسي وبين الجيش المصري، و &laqascii117o;ذلك ربط غير سليم فالمفترض أنّ السيسي الآن رئيس مصر، وليس ممثلاً للجيش، والإصرار على جعله ممثلاً للجيش، يؤكد أن عقيدة الجيش هي خدمة نظام سياسي وليس خدمة شعب". ورأى المصمّم أنّ الإعلان مثال عن الاستغلال السيئ لمأساة اللجوء، وللأزمة السوريّة، عوضاً عن التضامن مع اللاجئين وضحايا الحرب.
المصدر: صحيفة السفير

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد