تحقيقات » البرامج الحواريّة: رجال السياسة أو لا أحد

ساندي الحايك
أطلقت مؤسسة &laqascii117o;مهارات" أمس دراسة بعنوان &laqascii117o;رصد البرامج الحوارية في المحطات التلفزيونية"، بالتعاون مع &laqascii117o;برنامج الأمم المتحدة الإنمائي". امتدّت الدراسة على أربعة أشهر، وشملت 73 ساعة بثّ موزعة على معظم القنوات التلفزيونيّة اللبنانيّة. أظهرت الدراسة أنّ الـ &laqascii117o;توك شو" على الطريقة اللبنانيّة يهمّش كلّ القضايا التي تعني المواطن وتؤثّر على حياته بشكل مباشر.
&laqascii117o;جبلنا واحد بيفهم نحكي معو"، &laqascii117o;صبي مخابرات متلك ما بسمحله يقلي هالحكي"، &laqascii117o;أنا صرمايتي أشرف منك"، &laqascii117o;السني إذا مسك بندقية بتقولوا عنه إرهابي والشيعي شو ما عمل هو مقاوم"... تلك عيّنة من العبارات &laqascii117o;التثقيفية الهادفة" التي تفيض بها محتويات البرامج الحوارية على الشاشات اللبنانية.
يحتلّ الـ &laqascii117o;توك شو" مكانة بالغة الأهمية في برمجة القنوات، ومن خلالها يمكن قياس رسالة الوسيلة الإعلامية وأدائها، لكنّها تحوّلت إلى ساحة للمسرحيات المضحكة والمخجلة غالباً، إذ تحضر فيها المشادات العنيفة لفظياً وجسدياً مصحوبة بفصول &laqascii117o;مشوّقة" من إثارة النعرات الطائفية والفتنة.
في هذا الإطار، أعدّت مؤسسة &laqascii117o;مهارات" بالتعاون مع &laqascii117o;برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ascii85NDP" ضمن مشروع &laqascii117o;بناء السلام" دراسة &laqascii117o;رصد البرامج الحوارية في المحطات التلفزيونية"، أطلقتها أمس في ندوة خاصّة. وتهدف الدراسة إلى استخلاص ما تسوّقه البرامج الحواريّة من قيم ومفاهيم وآراء، وتبيان مدى انسجامها مع &laqascii117o;ميثاق الشرف الإعلامي لتعزيز السلم الأهلي". امتدت الدراسة على أربعة أشهر، وشملت 73 ساعة بث موزعة على 56 حلقة مرصودة (8 حلقات من كل برنامج حواري: &laqascii117o;كلمة حرة"/ &laqascii117o;الميادين"، &laqascii117o;كلام الناس"/ &laqascii117o;أل بي سي"، &laqascii117o;حديث الساعة"/ &laqascii117o;المنار"، &laqascii117o;بموضوعية"/ &laqascii117o;أم تي في"، &laqascii117o;بلا حصانة"/ &laqascii117o;أو تي في"، &laqascii117o;الأسبوع في ساعة"/ &laqascii117o;الجديد"، &laqascii117o;انترفيوز"/ &laqascii117o;المستقبل").
تبيّن بحسب الدراسة، أنّ 23 في المئة من مقدمي البرامج الحوارية منحازون إلى جهة سياسيّة معينة، في حين أنّ 77 في المئة من بينهم ملتزمون بخطّ سياسي ما أو يعملون في محطات مسيسة نسبياً، لكنهّم نجحوا لدى استضافة شخصيّة سياسيّة من الطرف الآخر، بطرح أسئلة تعبّر عن الطرف المعاكس، إلى حدّ ما.
وكما هو معروف فإنّ عدم الانحياز شرط أساسي من شروط النجاح الإعلامي، فكلما اقتربت نسبة الحياد من الصفر كلما عكست تطوراً مهنيّاً لدى الإعلامي المعنيّ. إلا أنّ الدراسة أغفلت أن ما يقوم به معظم الإعلاميين لا ينطلق بالضرورة من السعي إلى الالتزام بالمعايير المهنية، بقدر ما يهدف إلى إحراج الضيف ودفعه إلى التصريح بمواقف حادّة ومتطرّفة.
تبيّن الدراسة أيضاً أن نسبة 9 في المئة من الحلقات الحوارية تضمنت حواراً متوتّراً وخطاباً عنيفاً. أمّا لناحية توزيع القضايا التي تناولتها البرامج فاحتلت السياسيَّة منها حصة الأسد بنسبة 91 في المئة، تليها بفارق كبير جداً، القضايا الاجتماعيّة بنسبة 3 في المئة فقط، والقضايا الاقتصادية بنسبة 2 في المئة. فيما تتعادل القضايا الحقوقية والدستورية مع قضايا الصحة العامة والبيئة والأملاك العامة بنسبة 1 في المئة. أما نسبة حضور القضايا الثقافية على الساحة الحوارية فلم تتخط الـ0,22 في المئة.
هيمنة الشأن السياسي على ما عداه قد تبدو طبيعيَّة نتيجة لتناول الدراسة لبرامج مصنَّفة على أنّها حوارية سياسية. إلّا أنّ مديرة مشروع &laqascii117o;بناء السلام" في &laqascii117o;برنامج الأمم المتحدة الإنمائي" جوانا نصّار تشددّ على أنّ &laqascii117o;البرامج المشمولة في الدراسة لا تقدم نفسها على أنّها حواريّة سياسيّة بل تتعاطى الشأن العام اللبناني، وبالتالي من واجب المعدين والقيمين عليها تناول مختلف القضايا التي تهم اللبنانيين"، معتبرةً أن &laqascii117o;الإضاءة على ما يعني المواطنين ويصب في صلب أولوياتهم اجتماعياً واقتصادياً هو واجب إعلامي، إذ لا يجب أن تكون البرامج محطة لتكريس الزعامات والمرجعيات السياسية".
ونتيجة لما سبق، فإنّ ضيوف البرامج بغالبيتهم من السياسيين بنسبة 62 في المئة، مقابل 14 في المئة للمحلّل والكاتب السياسي، و11 في المئة للناشطين المدنيين، و8 في المئة للخبراء والمهنيين، و1 في المئة فقط للاستراتيجيين، بحسب الدراسة.
أما &laqascii117o;الصدمة الإيجابية" التي حملتها الدراسة فتمثلت بكيفية توزيع المواضيع الرئيسية ضمن برامج الحوارات المرصودة، بحيث استطاع &laqascii117o;الحراك المدني" أن يتحول إلى مادة سجالية أولى، فحظي بنسبة 61 في المئة من التوزيع، تلاه ملف النفايات بنسبة 44 في المئة.
مشاركة النساء في البرامج الحواريّة شكلت مادةّ سجال دسم خلال الندوة التي خصصتها &laqascii117o;مهارات" أمس لإطلاق الدراسة. إذ اعتبر بعض الحاضرين أنّ &laqascii117o;النساء يتحمّلن مسؤولية ذلك، لأنّهنّ يمتنعن عن المشاركة، فما ذنب الإعلام؟". ذلك عُذر مبتدع جديد يحاول البعض من خلاله تبرير إقصاء النساء واقتصار مشاركتهن على ما نسبته 2 في المئة فقط من ضيوف البرامج الحواريّة، مقابل إعفاء الإعلام من مسؤوليته في هذا الإطار. وما ذلك إلا دليل على أن البرامج الحوارية المذكورة منبر ذكوري بامتياز وغير مفتوح بالقدر المطلوب لفرض توازن وعدالة بين الجنسين.
ونظراً لكون مضمون البرامج الحواريّة ينعكس على الشارع بشكل مباشر، وانطلاقاً من اعتبارها منصّة للتعبير الديموقراطي الحرّ والتعددية والتنوع، وحرصاً على عدم تغليب الطابع المسرحي للخطاب السجالي وسيطرة المنطق التجاري على العمل الإعلامي، قدَّمت &laqascii117o;مهارات" في ختام ندوتها سلسلة من التوصيات تمثلت بالتشديد على ضرورة حسن اختيار الضيوف ومَحاوِر النقاش، وضبط الحوار، وتدارك صعود الغضب.
المصدر: صحيفة السفير

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد