إعلام جديد » العصفورة الزرقاء: مسؤولية التعبير والثرثرة

فادي الطويل
في كتابه &laqascii117o;ثقافة تويتر: حريّة التعبير أو مسؤوليّة التعبير" الصادر عن &laqascii117o;المركز الثقافي العربي" (الدار البيضاء/ بيروت ـ 2016)، يتناول المفكر والناقد السعودي عبدالله الغذامي (1946) بالتحليل الثقافي والتساؤل النقدي موقع &laqascii117o;تويتر"، كواحد من أهم منصّات التواصل الاجتماعي وأكثرها تأثيرًا. تأتي هذه الدراسة لتضيف إلى نهج الغذامي النقدي في مؤلفات سابقة، تطرّق عبرها بالتحليل الدقيق لعدد من الظواهر الإعلاميّة، ودورها الاجتماعي والثقافي.
انطلاقًا من تجربة ذاتية، يكتشف الغذامي دور &laqascii117o;تويتر" التواصلي، وتأثيره المتبادل في التفاعل مع المستخدمين. يكتب إنّ الموقع &laqascii117o;حالة ثقافية مكشوفة وكاشفة"، ويصفه بـ &laqascii117o;البيت الزجاجي"، فمن دخله &laqascii117o;لم يعد آمناً، ويظلّ مكشوفاً بقدر ما هو كاشف غيره".
عبر خطّين رئيسين يقدّم الكاتب سيرة &laqascii117o;تويتر"، كيف بدأ، ما هي وظيفته، أيّ دور يمكن له أن يلعب في تكوين الرأي العام، أيّ تأثير له على فرديّة المستخدم وعلاقته بالمحيط الاجتماعي العام. ثمّ يتناول بتفصيل مُسهَب أمثلة للسجالات التي كان لـ &laqascii117o;تويتر" دور رئيس في احتوائها. في هذه الجزئيّة يضرب مثالًا (محليًا) عمّا يمكن للموقع إثارته من جدل عبر التدوير (ريتويت)، للترويج لفكرة أو خطاب ما، أو عبر"القول على القول" و &laqascii117o;ردّ الخطاب" ضمن الثقافة الاجتماعية &laqascii117o;النسقية"، و &laqascii117o;نظام تفكيرها حول نظرية الحقوق" في المجتمع السعودي. ومن المعلوم أن المجتمع السعودي يعدّ الأنشط عربياً على &laqascii117o;تويتر"، إذ تظهر الأرقام والإحصائيات أن 40 في المئة من مستخدمي الموقع في المنطقة هم من السعودية. ووصل عدد مستخدمي &laqascii117o;تويتر" في المملكة إلى تسعة ملايين مستخدم، بحسب تقرير لـ &laqascii117o;أونلاين بروجكت" صدر في أيلول 2015، ونشر موقع &laqascii117o;عالم التقنية" تفاصيل موجزة عنه.
لا يقدّم الغذامي في كتابه دليل استخدام لـ&laqascii117o;تويتر"، بل دراسة مفصّلة تبحث في استراتيجيات تأثير الموقع، وكيفيّة التعامل مع ما يسمّيها &laqascii117o;التفاوضيّة الثقافيّة"، ودور الموقع في صناعة المعاني، إذ يضعه الكاتب في المرتبة الثالثة (في تسلسل زمني) بعد الشعر والصحافة. كما ترد في الكتاب إحالات إلى مؤلفات سابقة تناول فيها الكاتب مسألة ثقافة الصورة وخصائصها، وسقوط النخبة وبروز الشعبي، خصوصاً عندما يتطرق إلى &laqascii117o;عصر القارئ"، القائم على نشاط المغرّدين التفاعلي عبر أداة الوسم. فـ &laqascii117o;الهاشتاغ" أصبحت منذ ظهورها للمرّة الأولى (13/8/2007)، إلى &laqascii117o;وسيلة تفعيل لقضايا المهمّشين"، وأداة تمتلك حمولات دلالية مؤثّرة، تعمل على صناعة صورة نسقيّة (ماينستريمية)، وترسّخ هذه الصورة، ثم تعيد تجديد صيغها.
يكمن المبحث الأهم في كتاب &laqascii117o;ثقافة تويتر" بما تضمّنه من قراءة في العلاقة الثنائية بين حرية/ مسؤولية التعبير. يشكّل موضوع سؤال الحرية على &laqascii117o;تويتر" فكرة رئيسة تقوم عليها دراسة الموقع، بالنظر إلى الحريّة الوجوديّة والحرية المفاهيميّة التي يرى الكاتب أنها أساسية في فضاء &laqascii117o;تويتر الزرقاء". لا خطأ إملائيّ هنا، إذ يفضّل الغذامي تأنيث &laqascii117o;تويتر"، ويصفه بـ &laqascii117o;العصفورة الزرقاء". يقدّم الكتاب مبحثًا خاصًّا في تأنيث &laqascii117o;تويتر" (ص. 57)، ويرى أننا نميل لمعاملة الموقع بصيغة المذكر، مع أنّ اسمه في اللغة الانكليزية يستخدم مع ضمير غير العاقل، ما يحيله الكاتب إلى &laqascii117o;طبع نسقي حاكم بتغليب المذكر وتقديمه". يرى الغذامي أن تأنيث &laqascii117o;تويتر" وارد للإحالة إلى مهارة لغوية تختص بها المرأة، وهي &laqascii117o;الثرثرة الإيجابيّة"، من خلال قدرة الذهن المؤنث على استخدام مهارتين لغويتين في وقت واحد، مهارة الإرسال ومهارة الاستقبال مجتمعتين. هنا، لا تعود الثرثرة عيبًا، وإنّما ميزة لغوية ومهارة ذهنية.
المصدر: صحيفة السفير

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد