ميديا راما » الإعلام وانسانيو السوشال ميديا لم يروا دماء الزارة ودير الزور

زينب حاوي

بين الخميس والأمس، مجزرتان مرّوعتان وقعتا في منطقة «الزارة» (جنوب ريف حمص)، ودير الزور (شرق سوريا)، حصدتا أرواح أكثر من 29 مدنياً. الأولى ارتكبتها جبهة «النصرة»، وجزّرت بعائلات كاملة على خلفية إنتمائها الطائفي، والثانية حصلت أمس لدى اقتحام «داعش» لمستشفى دير الزور، واحتجاز طاقمها الطبي وتصفية عدد منهم. هذان الخبران لم يلقيا التغطية التي تستحق في الإعلام والسوشال ميديا. هكذا زهقت أرواح السوريين من دون أن يرف جفن لأحد من أصحاب «النخوة الإنسانية». لم نر الحملات المنظمة على شبكات التواصل الإجتماعي، ولا حفلات الإستنكار والإدانة.

ربما لا يستحق هؤلاء ممن قضوا على أيدي هذه الجماعات التكفيرية التي يحب الغرب وبعض المغالين إسقاط صبغة الإرهاب عنها ونعتها بـ «المعارضة السورية المعتدلة»، ذكرهم ولو بخبر أو بجملة.
هذا الأمر يعيدنا الى النقطة الأبرز، الى تلك اللعبة اللعينة في الإعلام، في التعتيم والتضخيم، وإعطاء الصبغة الإنسانية والمروءة إن استدعت الحاجة. دير الزوز والزارة ودماء الأبرياء، لا يقعون ضمن هذا التصنيف. فلتطوَ الصفحة الى أن تجف دماؤهم. في حقيقة الأمر، شكل الحدث السوري وما زالت، مختبراً دقيقاً، لكل الممارسات الإعلامية التي تتصدرها السياسة والمصلحة الخاصة. في لحظة معينة، تستطيع مجموعة بسيطة من الأفراد على الشبكة العنكبوتية، تجييش رأي عام بكامله، من خلال عمليات الضخّ المستمرة على قضية معينة، يغلبها عادة الجانب الإنساني، إن من خلال المنشورات أو الحملات الإفتراضية على الشبكة العنكبوتية، وبغض النظر عن صدقية ودقة المعلومات المتداولة في هذه الحملات، فالأكيد أن هذه القضية أو الحادثة سرعان ما ترقى الى مستوى القداسة ويمنع المسّ بها أو حتى التشكيك. هذه اللعبة التي انجرّ اليها العديد من الناشطين، والإعلاميين وطبخها مختصون في الشأن الإعلامي والتسويقي، يبدو أنهم لم يسمعوا أو لا يريدون السماع بهاتين المجزرتين المروعتين، ولا التنديد بكل ما حصل ويحصل من تنكيل. وإن وضعنا فرضية أن لا مصلحة لهذا التظهير اليوم لهاتين الحادثتين، فنرى في المقابل أنّ الإعلام الذي يهمه سياسياً وإستراتيجياً فضح هذه الممارسات الإرهابية هو أيضاً ضعيف هشّ، ولا يملك أدوات إعلامية قوية تستطيع المواجهة وتعرية ما يحدث في سوريا.
إذاً بين منظومة «معارضة»، إعلامية ضخمة، وإعلام «موالٍ» هش وضعيف، تسقط كل المعايير الإنسانية، التي تفصّل بين الفينة والأخرى «إنسانيات» على قياسها تبعاً للمصلحة المستهدفة، وتضيع في شبر من الإستنسابيات والتسييس. دماء أكثر من 29 مدنياً ذهبت هدراً. هذا هي أخلاقيات «الثوار» الميدانيين ومن وراء الشاشة، و«إنسانيتهم»،وهذه هي لعبة الإعلام الذي وجد ليعلم ويغطي ويبدي الجانب الإنساني على ما عداه. ربما هذا كلام أفلاطوني، لن يجد طريقه في وحول المستنقع السوري وأزلامه.
 
المصدر: صحيفة الأخبار

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد