عين على العدو » سجال حول عصابة جيش الاحتلال

حلمي موسى

منذ أن أطلق الجندي الإسرائيلي أليئور أزاريا النار على رأس الجريح الفلسطيني عبد الفتاح الشريف في تل الرميدة في الخليل في آذار الماضي، والسجال يدور على أعلى المستويات حول أخلاقية ما فعل. وزراء حاليون وضباط سابقون أعلنوا أن ما فعله أمر اعتيادي، وحاخامات قالوا إن هذا ما ينبغي فعله مع أي جريح فلسطيني، ووزراء وضباط قالوا إن هذا مخالف لقيم الجيش. وبين هذا وذاك نظمت تظاهرات تأييد للجندي وطالب وزراء بمنع تقديمه للمحاكمة.
وكان بين من عارض فعلة الجندي بإطلاق النار على جريح ينتظر تلقي العلاج وهو ملقى على الأرض عاجزاً، وزير الدفاع السابق موشي يعلون. ولكن أبرز من وقفوا ضد هذه المعارضة كان زعيم &laqascii117o;إسرائيل بيتنا" أفيغدور ليبرمان، الذي قاد تضامناً مع الجندي أمام المحكمة العسكرية قبل أن تحمله الصّدف ليغدو وزيراً للدفاع. ولم يتوقف السجال بين الرجلين وغيرهما منذ ذلك الحين وحتى اليوم. فجريمة الجندي أثارت خلافاً كبيراً كان بين تجلياته إبعاد يعلون عن وزارة الدفاع وتولية ليبرمان.
ويوم الثلاثاء الفائت تصادف عقد جلسة في المحكمة العسكرية للجندي أزاريا ومثول رئيس أركان الجيش الإسرائيلي الجنرال غادي آيزنكوت أمام لجنة الخارجية والأمن في الكنيست. وطبعاً كان السؤال عن محاكمة الجندي بين أول الأسئلة التي عرضها أعضاء كنيست من اليمين الإسرائيلي على آيزنكوت. وهنا كانت المفاجأة. رئيس الأركان الإسرائيلي لم يلتزم القواعد الديبلوماسية المعهودة وأعلن صدامه ليس فقط مع أعضاء اليمين وإنما أيضاً مع الرأي العام الإسرائيلي الذي كانت أغلبيته قد أيدت فعلة الجندي.
وهاجم آيزنكوت بشدة تدخلات السياسيين في مسائل الجيش الداخلية وبينها محاكمة الجندي أزاريا. وقال: &laqascii117o;نريد للجيش الاسرائيلي أن يعمل بحسب الأوامر والقيم – وليس حسب فكرة العصابة"، مضيفاً أن &laqascii117o;من يرِد فكرة عصابة، فليسمِ هذا الجندي بطلاً". وقال &laqascii117o;إن التصريحات التي أطلقت مؤخراً في مواضيع عملياتية تخضع للمراجعة في المنظومة القيادية والقضائية في الجيش الإسرائيلي ليس مرغوباً فيها وهي لا تؤثر على السياقات الداخلية في الجيش الإسرائيلي. لقد قيل الكثير من دون معرفة الحقائق، تحقيقاً لاجندات لا ينبغي ربطها بالجيش الاسرائيلي. نريد للجيش أن يعمل حسب الأوامر، أنظمة فتح النار، روح الجيش الاسرائيلي وقيمه. وإذا كان أحد يريد فكرة العصابة، فليقل". وعندما سُئل عن الجهات التي لها أجندات، ردّ آيزنكوت أن &laqascii117o;بالوسع البحث في غوغل لمعرفة كل من تحدث".
واعتبر آيزنكوت أن أخطر ما يواجهه الجيش الإسرائيلي حالياً هو السجالات الداخلية والاتهامات المتزايدة للجيش في كل ما يتصل بمواجهة الهبة الشعبية الفلسطينية. وندد بنشطاء اليمين ممن يعتبرون أن الجيش الإسرائيلي يخنع للفلسطينيين ولا يؤدي دوره معلناً: &laqascii117o;قتلنا 166 مخرباً في الضفة منذ تشرين الأول الفائت واعتقلنا أكثر من 3200 فلسطيني". وأراد القول أن الجيش والشاباك يبذلان جهدهما ويستخدمان ضغوطاً كبيرة تحقق نتائج تدريجية والأمر يتطلب الحذر والحكمة وليس التسرع.
ولأول مرة علق رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو على فعلة الجندي أزاريا والمكالمة الهاتفية التي كان أجراها في حينه مع والد الجندي. وقال: &laqascii117o;قلت لوالده أمراً بسيطاً، ثق بالجيش الإسرائيلي. أنا أثق بالجهاز القضائي غير المتحيز والنزيه وأنا أقف خلف ذلك". ومع ذلك رفض الاتهامات له بأن اتصاله بوالد الجندي في حينه كانت تدخلاً في إجراء قضائي.
وواضح أن كلام آيزنكوت يتصادم بشكل جبهوي مع كلام رئيسه، وزير الدفاع أفيغدور ليبرمان. وأعلن ليبرمان مؤخراً أنه &laqascii117o;محظور على المستوى السياسي، لا سيما وزير في إسرائيل، أن يقرر مصير الجندي، خصوصاً إذا كان وزيراً للدفاع قبل انتهاء الإجراءات القضائية". ومعروف أن يعلون أعلن فور ارتكاب الجندي أزاريا لجريمته أن &laqascii117o;خطر فقدان القيم" يتهدد المجتمع الإسرائيلي. وكان بذلك يندد بليبرمان الذي قاد تظاهرة تضامن مع أزاريا والوزيرة ميري ريغف التي ذهبت برفقة أعضاء كنيست إلى الجندي وعانقته في المحكمة.
وكانت نبرة السجال بين وزيري الدفاع الحالي والفائت قد ارتفعت في الأيام الأخيرة على خلفية محاكمة الجندي مطلق النار على الجريح الفلسطيني. وعلى خلفية كلام ليبرمان الأخير الذي قال فيه إن &laqascii117o;اعتبار التقرير سلفاً أن الجندي نتن أو مس بقيم الجيش الأخلاقية قبل إجراء الفحص، كان في نظري خطأ خطيراً". ورد يعلون &laqascii117o;إنني لا أذهب إلى المحكمة كرئيس عصابة وبغرض ممارسة الضغوط" على القضاة والمدعي العسكري. وشدد يعلون على أن ما قاله بشأن الجندي بأنه &laqascii117o;نتن" جاء في أعقاب قراءته للتحقيق العملياتي الذي وجد أن الجندي ارتكب فعلاً جنائياً. وقال يعلون إن &laqascii117o;هذا الجندي ليس بطلاً كما يحاولون تسويقه – لذلك فإن قائد اللواء قرر طرده من الخدمة القتالية، وبعدها قدمه إلى محكمة جنائية". وأضاف: &laqascii117o;حتى اليوم لم أتحدث بهذا الشأن مع المدعي العسكري لأن هذا قد يشكل تدخلاً. ولم أعلق على الإجراء الجنائي بأي حال من الأحوال. لم أذهب إلى المحكمة مثل رؤساء العصابات، عفواً، لممارسة الضغوط" مشيراً إلى ذهاب ليبرمان إلى إحدى جلسات تمديد اعتقال أزاريا.
وليس متوقعاً أن يكون هذا آخر السجالات ليس حول قيم الجيش وإنما حتى حول جريمة أزاريا التي أظهرت وجه المجتمع الإسرائيلي عموماً.

المصدر: صحيفة السفير

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد