افتتاحيات » الخطة المضادة للمخطط الصهيوني

شارل أيوب

عندما نشأ المخطط الصهيوني واستعمل السلطنة العثمانية مع هرتزل ثم استعمل الدول الغربية من بريطانيا الى فرنسا الى اميركا، لم يكن هنالك مخطط عربي في وجه المخطط الصهيوني بل كانت هنالك مجموعة انتفاضات عربية تقف أحيانا في وجه المخطط الصهيوني. لكن ما لبثت بريطانيا التي انتدبت فلسطين ان قمعت الشعب الفلسطيني ثم انتقل الدور الى اميركا وفرنسا لمساعدة إسرائيل في اغتصاب فلسطين واعطائها الأسلحة كي تكون متفوقة على الدول العربية وتهزمها وهذا الذي حصل.
وحصلت حروب عربية - إسرائيلية انتصرت فيها في البداية الدول العربية لكن الدعم الغربي والأميركي كان يصبّ في النهاية لصالح إسرائيل وتخسر الدول العربية الانتفاضات والحروب.
عندما يسمع المواطن العربي سماحة السيد حسن نصرالله يفرح رغم آلام الأمة وجراحها، لانه اصبح لدينا وعي كامل للمخطط الصهيوني واصبح لدينا خطة مضادة للخطة الصهيونية التي تريد اغتصاب كامل فلسطين والاستيطان في الضفة الغربية بعدما ابتلعت القسم الأكبر من فلسطين. كما انها تقوم بالمؤامرات على الدول العربية بمساعدة اميركا، والدليل على ذلك ان إسرائيل لم تكن قادرة على ضرب العراق فاستعانت بأميركا والجيش الأميركي لاسباب وهمية عن أسلحة دمار شامل وقامت بغزو العراق وتقسيمه ثم انتقلت الى سوريا لتطلق مؤامرة، خطتها الأساسية تدمير المشرق العربي وصولا الى لبنان حيث رأس الحربة المقاومة اللبنانية التي هزمت إسرائيل في حرب تموز سنة 2006.
نفرح عندما نسمع سماحة السيد حسن نصرالله، لأننا نشعر بأنه يبث الوعي الكامل للمخطط الصهيوني ويشرح الخطة المضادة التي تنفذها إسرائيل في المنطقة ونفرح أيضا لانه اصبح عندنا قوة ردع عسكرية مرتبطة بوعي كامل للمخطط الصهيوني. وبالتالي لم تعد إسرائيل تنفذ ما تريد فلقد كانت تجتاح لبنان او تجتاح قسماً من الجنوب عندما تريد، وتستعمل شمال فلسطين لضرب الجنوب اللبناني واجتياحه بالدبابات فأصبحت الان تعيش في ظل الردع من قبل المقاومة اللبنانية وتخاف من اجتياز خط الانسحاب الأزرق لانها تدرك تماما ان قوة ردع حزب الله والمقاومة اللبنانية جاهزة لضرب الجيش الإسرائيلي وتدمير آلياته ومنعه من اجتياح الجنوب اللبناني.
اهم ما في الامر الوعي الذي حصل، ويعبّر عن هذا الوعي مضمون خطابات سماحة السيد حسن نصرالله، فهو يشرح بالتفاصيل المخطط الصهيوني، والوعي هنا مهم مثل السلاح الحربي لا بل اهم منه، لانه متى حصل الوعي اصبح السلاح الحربي موجّهاً بشكل سليم وله هدف ولديه خطة لردع جيش العدو الإسرائيلي على الجبهات سواء في لبنان ام في سوريا ام في مناطق أخرى.
ارادت إسرائيل تقسيم سوريا وتفتيت الجيش السوري وارادت ان ينتصر التكفيريون في سوريا ويقيموا دولة تكفيرية تلتقي مع المخطط الصهيوني بطريقة غير مباشرة واحيانا بصورة مباشرة، وذلك لمرحلة لا يعود احد يطالب بتحرير الجولان وتصبح سوريا ضعيفة ومعزولة وشبه دولة.
لكن الوعي لدى المقاومة جعلها تستنفر وتضع طاقاتها في تصرف سوريا، وتحارب التكفيريين بدءاً من السلسلة الشرقية في لبنان الى القلمون الى الزبداني وصولا الى حلب وريف حماه وريف اللاذقية وادلب والمناطق التي تمركز فيها التكفيريون وارادوا إقامة دولتهم على حساب الدولة المركزية السورية في مخطط ارادته إسرائيل وارادته اميركا ونحن نعيش المسرحية الأميركية في محاربة &laqascii117o;داعش" وجبهة النصرة. واذا كانت اميركا احتلت العراق في عدوان غاشم خلال 19 يوماً فكيف لا تستطيع اميركا انهاء &laqascii117o;داعش" وضربه خلال سنة ونصف السنة، وأين القوة الأميركية التي يتحدث قادة البيت الأبيض عن انهم يريدون تدمير &laqascii117o;داعش" وهذه القوة الأميركية لا يتم استعمالها الا لدعم الاكراد ولا تحارب &laqascii117o;داعش" ولا تقصفه بالطيران، ولا بالمدفعية ولا بالدبابات بل تتحدث عن خطر &laqascii117o;داعش" والتكفيريين وهي في الواقع شاركت تركيا وقطر والسعودية في تعزيز وضع &laqascii117o;داعش" وتسليمه الأسلحة هو وجبهة النصرة وكذلك شاركت تركيا بفتح خطوط الحدود التركية - السورية ليعبرها التكفيريون الى سوريا بالآلاف لمحاربة خط الممانعة والمقاومة المؤلف اصلاً من الجيش السوري وحزب الله وحلفاء لكن ليس بالعدد اللازم من قبل الحلفاء، بينما وضع حزب الله كل ثقله والجيش العربي السوري ايضاً كي يصمدوا في وجه عشرات الآلاف من الإرهابيين والتكفيريين الذين دخلوا سوريا من تركيا واستلموا أسلحة من السعودية وقطر كما استلموا تمويلاً مالياً عالياً جعلهم يدفعون الرواتب لعشرات الالاف من التكفيريين ويخوضون حربا كاملة على كل الأراضي السورية بمسرحية ومؤامرة أميركيتين إضافة الى الدول التي ذكرناها من تركيا الى السعودية الى قطر.
كلما سمعنا سماحة السيد حسن نصرالله كلما زاد الوعي في الامة وكلما اكتشفنا اكثر فأكثر المخطط الصهيوني الأميركي على بلادنا، واكتشفنا ان قيادة المقاومة واعية فكريا وفي ذات الوقت، جاهزة لردع العدو الإسرائيلي في الجنوب كما انها رغم الجراح السورية تقاتل في سوريا وتمنع التكفيريين من الانتصار لا بل تهزمهم، والدليل على ذلك ان المعركة في السلسلة الشرقية من جبال لبنان ودرعا فقط، فامتدت الى كامل الأراضي السورية واستطاعت المقاومة خرق خطوط القتال لدى التكفيريين ووصلت الى حلب ودافعت عن تلال اللاذقية مع الجيش العربي السوري وقاتلت في ريف حمص وريف حماه وتقريبا كامل الأراضي السورية.
نحن اليوم نعيش خطة عربية كاملة تقودها المقاومة ضد الخطة الصهيونية - الأميركية التي تريد الشر لنا والحاق الهزيمة بنا، فاذا بالامور تنقلب واذا بالعدو الإسرائيلي ينهزم في شمال فلسطين وعلى حدود الجنوب اللبناني واذا بالتكفيريين يخسرون مواقعهم في سوريا ويدافع حزب الله مع الجيش العربي السوري في وجه عشرات الآلاف ممن اجتازوا الحدود من تركيا مع الأسلحة والتمويل الى سوريا.
نحن نفرح عندما نسمع سماحة السيد حسن نصرالله، مع ان الألم يعتصر قلوبنا من جراح الامة، لكن هذا الفرح هو فرح الانتصار الآتي، هو فرح الخطة المضادة لخطة اللوبي الصهيوني - الأميركي، والانتصار آت باذن الله.

المصدر: جريدة الديار

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد