أخبار لبنان » إعلانات التلفزيون وإعلام العلكة

هذه الطريقة في الإعلانات هي السمة الغالبة على هذا الفن الإعلامي. وكثرة الأمثلة أسخف من أن نشرحها ونصفها هنا. وكالعادة، لا تكتمل فرحة مشاهد التلفزيون السوري مع وصول الاعلام الرمضاني الى شاشته، الا ليجد نفسه مضطراً لتمالك نفسه وضبط أعصابه مما يسببه الإعلان التجاري المرافق له.
إعلانات لا تروج ولا تشجع الإقبال على بضاعتها بقدر ما تعلن عن إسفاف صانعيها وانتقاصهم من قدر المشاهد. فهي خالية من القيم الجمالية ومن أي نفـَس إبداعي. وبالنظر الى عناصرها، فنوعية سيناريو المشاهد، ونوعية الكلمات والموسيقى والأصوات المستخدمة، تعبر عن استهتــار بالجمهور المتلقي وبالذوق العام. فمعظم الكلمات والعبارات الترويجية خالية من الجديد والمبتكــر في فـن الإعلان، لا بل يمكن القول إنها مبتذلة ومكررة ومليئة بأوصـاف مقفـّاة بسهولة. أما الموسيقى فهي العيب الأكبر. ويكفي رصد النشاز الذي تخترق فيه مجالس البيوت واسترخاء الناس في السهرات وغيرها. وكذلك هي أصوات الردادين والمعلقين التي ترافق الإعلان: فالصوت إما أن يكون ذكورياً جهوريـّاً عريض الحلق بشكل مبالغ فيه، أو نسائياً «يشـطّ» فصاحة الكلمة و«يمطّ» نهايتها وكأنه ينادي أحداً ما.
يغيب عن اعتبار «من يعنيه الأمر» من جهات إعلامية رسمية ومنها «المؤسسة العــربية للإعلان»، أن الاعلان التجـاري هو شكــل من أشكال الاعلام في النهاية. وأكثر من ذلك، فهو مجال تنافس وإبداع على المستوى الفني، وحقل مهم من حقول التوجيه الاجتماعي. فلا يعرف المرء كيف تمر مثل هذه المواد «الإعلامية» على الشاشة الرسمية الأولى والفضائية دون تقيــيمها فنيـّاً وإعلامياً، وكيف لا يجد التلفزيون الوطني حرجاً في أن ترعى «العلكة» برنامجه الرئيسي لما بعد الإفطار !
وتستحق هذه الظاهرة القديمة المتجددة، أن نلفت الى أن هذا النوع من الإعلام الذي يستخدمه الدارسون كأحد عناصر تشخيص مستويات الوعي والثقافة في المجتمع. هذا والبلاد مقبلة على حدث منتظر هو احتفالية دمشق عاصمة للثقافة العربية ,2007 وبحجة هذا الحدث تأتي كثير من القرارات الارتجالية المتثاقفة على الناس. ومع التذكير بالقلق العارم الذي أبداه نقيب فناني سوريا وخوفه على الجمهور من الفلتان والتشوه الفني في قراره «الوصائي» المثير للجدل، إضافة إلى بعض المسلسلات الدرامية التي منعتها الرقابة الفنية هذا العام، يبقى استهجان الجمهور السوري وإعلامييه الحقيقيين السماح لهذه الإعلانات الإيحاء بأن إعلامهم إعلام تعليك!

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد