صحافة محلية » الإعلام والإعلان الانتخابيان.. السباق بدأ!

أصدرت "هيئة الإشراف على الانتخابات" إعلانها الأول الذي حمل الرقم 1، عمّمت فيه على كل وسائل الاعلام الخاصة المرئيّة والمسموعة والمكتوبة، الراغبة في المشاركة في الإعلان والدعاية الانتخابيّين مدفوعَي الأجر، تقديم طلب للهيئة كي يتسنّى لها المشاركة. وبحسب المادة 71 من قانون الانتخابات الجديد، تبدأ المدة من تاريخ الاعلان، وتنتهي بعد عشرة ايام من تاريخ فتح باب الترشيح من قبل وزارة الداخلية.
وإن عدنا بالتاريخ إلى الوراء، نرى أن السلطات اللبنانية قبل العام 2008، لم تكترث لمبدأ تكافؤ الفرص بين المرشحين للانتخابات النيابية، إن لناحية الظهور الاعلامي أو لناحية الدعاية الانتخابية. ولا كانت مكترثة لدور وسائل الاعلام والاعلان في الانتخابات لا لجهة سنّ القوانين الناظمة لكيفية أداء الدور، ولا لجهة تأمين مبدأ تكافؤ الفرص بينها في ما يتعلّق بالإعلان الانتخابي المدفوع الأجر. فكل القوانين الانتخابية، ما قبل اتفاق الطائف وبعده، لم تتطرق إلى هذه المسائل.  

بعد اتفاق الطائف لحظت قوانين الانتخابات للأعوام 1992 و1996 و2000 و2005 مسألة دور الوسائل الاعلامية بفقرة واحدة بسيطة وفقيرة، تقول إنّه "يُحظّر على كافة وسائل الاعلام المرئية والمسموعة وكذلك المكتوبة غير السياسية تعاطي الاعلان الانتخابي السياسي خلال الحملة الانتخابية المحدّدة من تاريخ دعوة الهيئات الانتخابية حتى إجراء الانتخابات وإعلان النتائج النهائية، تحت طائلة التعطيل والاقفال التام بقرار يصدر عن محكمة المطبوعات في غرفة المذاكرة".

بالتالي استمرّ عدم اكتراث السلطات لتحقيق مبادئ ديموقراطية الانتخابات، وكانت الوسائل الاعلامية وشركات الاعلانات ومؤسسات استطلاع الرأي تتصرف كما يحلو لهان بلا رقيب ولا حسيب، طالما لا قوانين ناظمة لعملها في الموسم الانتخابي.

ترافقت هذه المرحلة مع مطالب لبعض القوى السياسية والمدنية لتنظيم الاعلام والاعلان الانتخابيين، إلى أن أتت لجنة الوزير الراحل فؤاد بطرس، التي رفعت في توصياتها حول القانون الانتخابي، بنوداً لتنظيم القطاعين في الشأن الانتخابي.

تغيّر الوضع بعد اتفاق الدوحة في العام 2008 الذي نتج عنه قانون الانتخابات السابق، المعروف بقانون الستين. أتى هذا القانون ببعض الإصلاحات الانتخابية حيث أقرّ تأسيس "هيئة الاشراف على الحملة الانتخابية"، مانحاً إياها صلاحيات محددة للإشراف على الاعلام والاعلان الانتخابيين وكذلك على الانفاق الانتخابي. وقد خصّص القانون في الفصل السادس آليات عمل الهيئة وكيفية التعاطي مع وسائل الاعلام والاعلان وآلية عمل الأخيرة في ما يتعلق بالانتخابات.

ففي الشق الاعلامي والاعلاني بات من مهمات الهيئة تلقّي طلبات وسائل الاعلام الخاص الراغبة في المشاركة في الاعلان الانتخابي المدفوع الاجر ومراقبة تقيّد اللوائح والمرشحين ووسائل الاعلام على اختلافها بالقوانين والأنظمة التي ترعى المنافسة الانتخابية. وحدد القانون التفاصيل المتعلّقة بمتابعة وسائل الاعلام والاعلان للانتخابات لناحية تحديد لائحة اسعارها والمساحات التي ترغب في تخصيصها للدعاية أو الاعلان الانتخابيّين. إذ باتت هذه الوسائل ملزمة بتحديد أسعارها وعدم "قبول الاعلانات المجانية او لقاء بدل يختلف عما هو وارد في لائحة الاسعار المقدمة". كما أنها باتت ملزمة بتقديم "تقرير اسبوعي للهيئة يتضمن بيانا بالدعايات والاعلانات الانتخابية". ليس هذا فحسب بل بات لزاما على المرشحين عدم "تخصيص مؤسسة إعلام واحدة بأكثر من 50% من مجمل إنفاقها الدعائي أو الإعلاني"، كما نص القانون.

الأمر عينه يسري على شركات استطلاع الرأي التي باتت الهيئة تمارس سلطة رقابية عليها لناحية الشروط الواجب اتباعها لتأمين صدقية عملية الاستطلاع ونزاهته. وباتت الأخيرة ملزمة بالمدة الزمنية القانونية لنشر الاستطلاعات التي باتت محظورة في الأيام العشرة التي تسبق يوم الاقتراع العام. وما قامت به جريدة "السفير" في انتخابات العام 2009 أبرز مدى أهمية الهيئة. فقد خالفت الجريدة المذكورة القانون عبر نشر استطلاع للرأي قبل الانتخابات بيومين وتمّ تغريمها من قبل محكمة المطبوعات في بيروت بمبلغ 50 مليون ليرة، لكن "السفير" عادت وحصلت على عفو من رئيس الجمهورية.

لا تغييرات جوهرية في القانون الجديد، على مستوى عمل الهيئة التي باتت تحمل اسم "هيئة الاشراف على الانتخابات" وليس فقط "على الحملة الانتخابية"، كما في السابق، ما يعني المزيد من الصلاحيات التي لا تقتصر على حملات المرشحين بل تتعداها إلى امور تقنية أخرى. وقد حدد القانون الجديد مهمات الهيئة على نحوٍ أفضل مما كانت عليه في القانون السابق لا سيما لناحية تعاطي وسائل الاعلام الرسمي، التي بات يحق للمرشحين استعمالها بلا مقابل لأجل عرض البرامج الانتخابية. إذ يجب على الهيئة وضع برنامج لإفادة المرشحين من الاعلام الرسمي تحدّد فيه مواعيد وشروط توزيع اوقات البث بين مختلف اللوائح والمرشحين بهدف تحقيق المساواة والتكافؤ في الفرص. وعلى عكس القانون القديم وسّع القانون الجديد صلاحيات الهيئة لتشمل وسائل الاعلام الالكترونية أيضاً، التي باتت ملزمة بتقدم طلب للمشاركة في الاعلان والدعاية الانتخابيين المدفوعة الاجر وكذلك الأمر لتغطية عملية الاقتراع والفرز.

هناك مهمات كثيرة ملقاة على عاتق الهيئة لتحقيق مبادئ نزاهة وشفافية العملية الانتخابية وتأمين مبدأ تكافؤ الفرص بين المرشحين إعلاميا وإعلانيا وماليا (مراقبة الانفاق الانتخابي).

ولكون الهيئة السابقة لم تستطع تأدية مهامها كم نصّ القانون، لا سيما أن المخالفات التي حصلت في انتخابات العام 2009 كان من شأنها الطعن في النتائج وابطال نيابات، هل ستمارس الهيئة الحالية كامل صلاحياتها لتحقيق انتخابات ديموقراطية وعادلة؟ فلننتظر ونرى.
المصدر: المدن ـ وليد حسين

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد