صحافة إقليمية » المعركة الفاصلة

صحيفة الخليج الإماراتية
سعد محيو
ثمة، على ما يبدو، قدر معقول من الصحة في القول إن خطاب السيد حسن نصر الله الأخير، بمناسبة 'أسبوع المقاومة الإسلامية'، كان مكرساً في قسم كبير منه لإنقاذ تحالفه مع العماد ميشال عون.
فقاعدة عون المسيحية الواسعة هالها أن يعلن السيد، غداة اغتيال عماد مغنية، إطلاق 'الحرب المفتوحة' مع 'إسرائيل'، في وقت كانت لا تزال هي تحاول هضم الفكرة بأن تحالفها مع 'حزب الله' قد جعلها حتى أكثر عروبة من مسلمي لبنان.
وهي (القاعدة) خافت أن تؤدي المجابهات الآتية حتماً بعد اغتيال مغنية، إلى وضعها في الجبهة الأمامية للحرب الأمنية والعسكرية والاستخبارية بين كل من إيران أمريكا وإيران 'إسرائيل'.
غالبية المسيحيين ملتزمون بتوجهات العماد عون وواثقون أنه يعي ما يفعل في تحالفاته، حتى لو كانت هذه الأخيرة مع تيار أصولي إسلامي كحزب الله. لكن ليس إلى درجة الذهاب إلى تحمل مسؤولية تحرير فلسطين الإسلامية أساساً، ولا إلى رحلة القضاء (عبر لبنان وحده) على الدولة 'الإسرائيلية'.
نصر الله خاطب كل هذه الهواجس حين شدد على أن 'إسرائيل'، لا حزب الله، هي من أعلن الحرب المفتوحة منذ العام ،1948 وحين أكد على الأهداف اللبنانية لمشروع حزب الله، وأيضاً حين كرر التزامه بتطوير استراتيجية دفاع وطني، تحل في إطارها مسألتا سلاح حزب الله ومفهوم المقاومة.
هل هذه التطمينات كافية؟
للعماد عون أكيد، لكن لقاعدته ليس الأمر مؤكداً إلى هذا الحد، خاصة أن السيد نصر الله أكد أن 'إسرائيل' تستعد لجولة جديدة من حرب الأسيرين، 'ربما بعد شهرين أو ثلاثة'، على حد تقديره.
لكن هنا يجب أن نفتح هلالين كبيرين لنقول إنه في حال نشوب هذه الحرب، والتي ستخوضها 'إسرائيل' ليس فقط للانتقام من رد الفعل المرتقب لحزب الله على اغتيال مغنية، بل لإخضاع لبنان وتثبيت التفوق النوعي العسكري الأمني 'الإسرائيلي' في كل الشرق الأوسط، ستكون ثمة حاجة ماسة إلى حشد كل اللبنانيين، مسيحيين ومسلمين، ومعهم كل العرب لخوض هذه المعركة التي يمكن أن تكون حاسمة تاريخياً.
هذا يفترض، لبنانياً، وقف كل الخناقات الداخلية اللبنانية حول المواقع والمناصب والضمانات، والدعوة إلى مؤتمر وطني تاريخي شامل توضع فيه أسس المقاومة الشاملة للغزوة 'الإسرائيلية' الجديدة، والتي لا يستبعد العديد من المحللين أن تزج فيها الدولة العبرية 100 ألف جندي أو حتى جل جيشها.
قد يتطلب هذا المؤتمر تنازلات مؤلمة من 'حزب الله'. لكن، ألم يتنازل هذا الحزب عن كل 'زينة الدنيا' السياسية اللبنانية طيلة عقد من زمن مقاومته للاحتلال 'الإسرائيلي' حتى العام 2000؟
وثمة متطلب آخر: ألا تترك سوريا (ومعها إيران) لبنان وأهله ليقاتلا، ولا أن يكتفيا بالدعم المالي والصاروخي والعتادي له. قوات الكوماندوس السورية، ومعها الصواريخ التي مكنت أصلاً حزب الله من تحقيق نصر ،2006 يجب أن تزج في المعركة، إن لم يكن في الجولان، فعلى الأقل في لبنان. والصواريخ الإيرانية يجب أن تكون قابلة للاستعمال، لردع الهجمات الجوية والصاروخية 'الإسرائيلية'. وبالطبع، إذا ما أقدمت سوريا وإيران على هذه الخطوة، لن تترك الشعوب العربية أنظمتها لتستجم وتسترخي تحت شمس ربيع 2008 فيما لبنان يشتعل مقاومة.
سحب الحرب تنذر بالفعل مجدداً بالحرب. والسيد نصر الله فعل عين الصواب حين أطلق تطميناته لمسيحيي عون. بقي أن يستكمل العين الأخرى للصواب بوضع الجميع أمام مسؤولياتهم لخوض ما يمكن أن يكون المعركة الفاصلة بين لبنان المقاوم ولبنان الخاضع. بين الشرق الأوسط العربي وبين الشرق الأوسط اليهودي.

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد