أبحاث ودراسات » عمليات تفرّغ لافتة عن أسهم يشهدها قطاع الإعلام اللبناني

صحيفة النهار
كتبت هالة حمصي:
بهدوء 'وفي اطار القانون'، تشهد مؤسسات اعلامية مرئية ومسموعة تغييرات في وجوه مالكي اسهم عبر عمليات تفرغ لافتة ومثيرة للتكهنات. فخلال الاسبوع الماضي، كانت الحصيلة 287030 سهما فُرِّغ عنها دفعة واحدة في 4 مؤسسات اعلامية، ثلاث مرئية وواحدة مسموعة: شركة 'الشبكة الوطنية للاعلام' (ان. بي. ان)، شركة الجديد(نيو. تي. في)، 'المستقبل'، 'شركة لبنان الحر'.
وتتيح 'ظاهرة' التفرغ متابعة 'شائقة' لتحوّلات في 'سوق' الاسهم الاعلامية. ولا يمكن فصلها، بحسب اوساط اعلامية متابعة، عن لعبة شدّ الحبال السياسي على الصعيد الداخلي. وتكفي قراءة اسماء من تفرغ لهم الاسهم لتكوين تصور اوضح عن الوضع. ومع التأكيد ان كل هذه التفرغات الحاصلة 'قانونية، وتلتزم الـ 10 في المئة من مجموع اسهم الشركة لكل مساهم'، وتظهر العملية ان التفرغ يذهب في اتجاهين: لاشخاص من داخل المؤسسة، ولآخرين جدد من خارجها.
على سبيل المثال، تفرّغ رئيس مجلس ادراة 'اذاعة لبنان الحر' مديرها العام شوقي ابي سليمان عن أسهم عدة لمصلحة خمسة آخرين، بحسب ما يبيّن طلب لدى المجلس الوطني للاعلام. وفي اتصال بـ'النهار'، اكد انه 'في صدد بيع حصص لي في الاذاعة'. وبسؤاله عن هوية الجهة التي يبيعها، رفض الاجابة.
غير ان مصدرا مطلعا افاد لـ'النهار' ان 'التفريغ جاء لمصلحة جهة سياسية، وتحديدا حزب 'القوات اللبنانية'، الذي ابدى رغبته في الشراء'. واذ لفت الى ان 'عملية الشراء كانت من نصيب شركاء في الاذاعة '، لم يستبعد ان 'تكون القوات تعمل على وضع اليد مجددا على الاذاعة، تحقيقا لما سبق ان اعلنه مسؤولون فيها عن استعادة املاكها. ويعتبرون ان الاذاعة بينها'.
وفي 'المستقبل'، 'تدخل عائلة الحريري للمرة الاولى على ملكية الاسهم، وإن في شكل رمزي، اذ تمت التنازلات لمصلحة نجلي الرئيس الشهيد رفيق الحريري ايمن وفهد، ونادر الحريري ابن النائبة بهية الحريري'. وبالنسبة الى 'نيو. تي. في، 'جاء التفرغ لمصلحة نجلي رئيس مجلس الادارة تحسين خياط، كريم وبشرى'. وفي 'ان. بي. ان، 'حصل التفرغ لاحد الاشخاص تغطية لاحد النواب السابقين من رجال الاعمال البارزين والمساهمين في المحطة'، على ما تفيد معلومات.
ملف التفرغ ليس جديدا في مداولات المجلس الوطني للاعلام. غير انه هذه السنة اكتسب منحى جديدا ومشهداً لافتاً. وبمراجعة الطلبات المقدمة الى المجلس يمكن القول ان عملية التفرغ تصاعدية. عام 2004، سجّل تفرغ في محطتين اذاعيتين، وعام 2005 في محطتين مرئية ومسموعة، وعام 2006 في محطتين مرئيتين: 'المؤسسة اللبنانية للارسال' و'نيو. تي. في'. وارتفع العدد الى خمس محطات عام 2007، قبل ان يتراجع الى اربع حتى اليوم هذه السنة.
وفي عملية جمع بسيطة، بلغ عدد الاسهم المفرغ عنها 82 عام 2004 ، و514 عام 2005. وارتفع الى 133748 عام 2006، وكانت مرئية. ورسا على 72150 عام 2007. والملاحظ ان عملية التفرغ طاولت 'نيو. تي. في' 3 مرات منذ عام 2006، وجاءت لمصلحة ابناء خياط، و'ان. بي. ان' مرتين، و'المستقبل' مرتين ايضا حتى اليوم.
محفوظ: تغييب المشترك
الاسبوع الماضي، تناول المجلس ملف التفرغات في جلسة في مقره في الطبقة السابعة في مبنى وزارة الاعلام. وما يفاجئ رئيس المجلس عبد الهادي محفوظ ان 'هناك اقبالا على شراء الاسهم في الاعلام المرئي والمسموع، علما ان الامر ليس مربحا، لان المصدر الفعلي لتمويل المؤسسات هو الاعلان. وهذا الاعلان ليس بالتأكيد كافيا لعملية التمويل الحاصلة. ولذلك، من ينظر في العمق ير ان هناك جانبا سياسيا للامر'.
ويلاحظ في حديث الى 'النهار' ان 'اصطفاف هذا الاعلام، اكان معارضا ام مواليا، بات واضحا، وبالتالي هذا يعني غياب المشترك'. ويتساءل: 'هل يتجه لبنان نحو تغييب المشترك؟'، مبديا خشية من ان 'يكون هذا هو الاتجاه. وهذا ما يخيف اليوم، علما ان القانون يشدد على المشترك ضد الاثارة الطائفية والسياسية، ويدفع في اتجاه الاعتدال'.
وكيف يمكن حماية المشترك؟ يجيب: 'لا يمكن ذلك الا بتعزيز فكرة الدولة، وتقوية مؤسساتها. وهذا الامر يفترض لجوءا الى تسوية - وتاريخ لبنان تاريخ تسويات - ترتكز على فكرة لا غالب ولا مغلوب. وبالتالي، تكون هناك افادة من التجربة الشهابية'، معتبرا ان 'ظاهرة الانقسام الحالية والتطييف في البلاد تدفع في الاتجاه العائلي والفئوية والحزبية في المحطات الاعلامية'.
ويشدد على اهمية 'قيام لوبي في المجتمع المدني يحاول تصحيح الخطاب الاعلامي، ويدفع في اتجاه الزام المؤسسات تطبيق القانون 382/ 94. ويلزم المؤسسات ادراك واقع ان الترخيص الذي اعطي لها هو ملك للدولة، وليس ملكها، اي انه ليس مسموحا لها باستخدام هذا الترخيص لمصلحة سياسات شخصية او حزبية او طائفية'.
شرارة: وضوح الوجه
من جهتها، ترى العضو في المجلس ريتا شرارة ان 'التفريغ في الاعلام المرئي والمسموع يصير اكثر شفافية. ففي الماضي، كان اشخاص يشكلون تغطية للوجه الحقيقي لمحطات، واليوم بدأنا نراه شيئا فشيئا على حقيقته، مما يجعل لون المحطة اوضح'.
وتعتبر ان 'الاداء الاعلامي لا بد من ان يتأثر في ضوء شكل عمليات التفريغ الحاصلة. ولا بد عند ذلك من ان يوجه الاعلام رسائل سياسية واضحة جداً، تعبّر في شكل مباشر وواضح عن آراء ادارة المحطة'.
وهل ان الاتجاه الذي تسلكه الامور في المحطات يفيد لبنان في المستقبل؟ تجيب: 'السؤال هل ان الاداء الاعلامي السابق مفيد له؟ اذا كان الجواب نعم، فلماذا وصلنا الى ما وصلنا اليه اليوم؟'.
ومن المتوقع ان تتواصل ورشة التفرغ عن الاسهم الاعلامية، وإن بوتيرة متباعدة، على ما يرجح مراقبون، خصوصا في ظل استفحال الازمة السياسية في البلاد، و'الميل اكثر فاكثر نحو الحزبية والفئوية والعائلية والطائفية على اكثر من صعيد'. واذا كان هذا الميل يشكل عامل استقرار للمحطات واداراتها، على ما يرى بعضهم، فهل هذا يعني ان كلمة الفصل في القطاع الاعلامي في لبنان ستكون 'للاقطاعية' العائلية والحزبية والفئوية والسياسية في المستقبل؟

 

'تيلي لوميار': الأكثر التزاماً للقانون

شمل الحديث مع رئيس المجلس الوطني للاعلام عبد الهادي محفوظ جدية التزام وسائل الاعلام المرئية المحلية، والفضائيات اللبنانية والعربية القوانين اللبنانية المرعية الاجراء. فقال: 'تيلي لوميار هي المؤسسة الاكثر التزاما بالقانون، وفي الوقت نفسه هي في نظر القانون 382/94 غير شرعية ولم تحصل على ترخيص اعلامي'.
ويشدد على ان 'تيلي لوميار هي المؤسسة الابعد عن الطائفية وتشدد على الاعتدال والمشترك اللبناني وابراز القيم اللبنانية بمعناها الايجابي'. ويرى ان 'هذه المؤسسة جديرة بان تمنحها الدولة ترخيصا اعلاميا'.

 

في حمى القانون

تنص المادة 13 الواردة في الفصل الرابع تحت عنوان 'كيفية تأسيس المؤسسة' من قانون تنظيم البث التلفزيوني والاذاعي 382/94 على انه 'لا يحق للشخص الطبيعي او المعنوي الواحد ان يمتلك في صورة مباشرة او غير مباشرة اكثر من 10 في المئة من مجموع اسهم الشركة. ويعتبر الزوج او الزوجة واصولهما وفروعهما القاصرون بمثابة الشخص الواحد.
كذلك لا يحق للشخص الطبيعي او المعنوي الواحد ان يساهم في اكثر من شركة ويعتبر الزوج او الزوجة واصولهما وفروعهما القاصرون بمثابة الشخص الواحد'.
وتوجب المادة 14 على 'الشركة ان تنشر في الجريدة الرسمية لائحة مساهميها ونسبة مساهمتهم لدى صدور مرسوم الترخيص كما يتوجب عليها عند كل بيع او تفرغ عن اسهم، اعادة نشر اللائحة بالطريقة نفسها'.
وفي المادة 15: 'يخضع كل بيع او تفرغ عن اسهم في المؤسسة التلفزيونية او الاذاعية لترخيص مسبق يعتبر باطلا بطلانا مطلقا ودون مفعول حتى بين المتعاقدين كل عقد تفرغ او تحويل يتناول اسهم المؤسسة التلفزيونية او الاذاعية يجري خلافا لأحكام هذا القانون...'.

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد