صحف ومجلات » أخبار ومقالات مختارة من مجلات أسبوعية

- مجلة 'الشراع'
لم تتعلم مشيخة قطر
حسن صبرا:

بلاهة كاملة عند مسؤولي مشيخة قطر، ان يتوهموا، انهم يمكن ان يشتروا مصر، كما اشتروا تنظيم مباريات كأس العالم في كرة القدم للعام 2022.
في الرياضة لعبة أقدام قد يضع صاحبها أهدافاً في مرمى فريقه، فيتساوى العقل والقدم معاً.
في مصر حضارة وثقافة وشعب ونخب عـلّـمت عقول كثيرين في العالم.. ومنهم من في مشيخة قطر نفسها، ولا ذنب لمصر ان جهلوا التمييز بين العقل والقدم.
غير ان الغباء الأفظع ان تستمر مشيخة قطر، وقناتها التي يسميها المصريون الخنـزيرة في دعم جماعة إرهابية، راهنت عليها المشيخة كي تحكم بواسطتها أرض الكنانة.. فإذا الاخوان المسلمون عاجزون عن حكم حي واحد في القاهرة، حتى لو كان هذا الحي أكبر حجماً وقيمة وتاريخاً من كل ما في ومن في هذه المشيخة.
انها العنـزة الجربانة التي تصر على الشرب من رأس العين، فتقع وتكسر عنقها..
هكذا تتصرف مشيخة قطر عداء لمصر، وخروجاً عن إجماع دول الخليج العربي بدعم قلب العروبة.. التي لا قدرة للعرب على اي تأثير دون دورها.
لكنها البلاهة، التي تجعل حكام مشيخة قطر يتوهمون، ان اميركا (واسرائيل) التي جاءت بهم الى السلطة عام 1995، قادرة على تثبيت الاخوان المسلمين في حكم مصر رغماً عن إرادة شعبها، الذي أسقط الجماعة بإجماع لم يشذ عنه سوى الارهابي الذي تدعمه المشيخة المسلوبة الإرادة، لأوهام يزرعها في العقول الطرية معتوه كيوسف القرضاوي.
لم تتعلم مشيخة قطر من كبار الخليج العربي الذين، فهموا مكانة مصر وتعاملوا معها على هذه القاعدة، وظن مسؤولو المشيخة ان تطاول الصغير على الكبير يعطيه قيمة.. يعيش عمره معقداً بأنه لا يستطيع ان يكبر إلاّ بالمال او بالعمالة او بمد جسده ليعبر عليه الاميركي والصهيوني والفارسي.. وكله نكاية بالكبار الذين لا يستطيع ان يجاريهم.
مأساة مشيخة قطر – ولا نقول مشكلة الأمة العربية – مع هذه الشرذمة التي ملكت المال وتغابت عن طريق سليم لصرفه.. انها باتت أسيرة أوهام زرعتها استخبارات اميركا، بأن محاولة المشيخة التطاول على كبار الخليج العربي، مرة، وعلى أرض الكنانة مصر مرات سيعطيها قيمة تجعلها أطول قليلاً مما هي عليه، وانها اذا امتلكت محطة فضائية تخاطب بها العرب، وتستقطب عقولهم لفترة.. سيجعل منها دولة.. والمفارقة المضحكة انه عندما كانت ((الجزيرة)) محطة يتابعها الملايين من العرب، قال عنها الناس انها المحطة التي تصدر مشيخة اسمها قطر، فلما صارت ((الجزيرة)) خنـزيرة حسب أوصاف المصريين، فإننا نترك للناس استنتاج الصفة التي يطلقونها على البلدة التي يرعى فيها الخنازير.
ومع هذا،
فالأمل ان يستعيد أبناء قطر الأحرار القرار والسلطة من هؤلاء المسؤولين الذين طال عبثهم وتبذيرهم المال والاخطر هو بيع قرارهم السياسي لأميركا واسرائيل والاخوان المسلمين.


- 'الشراع'
أوباما يجمع إسرائيل.. وإيران
حسن صبرا:

على العرب أن يفهموا الآن، لماذا سمح علي خامنئي ومراكز القوى في النظام الإيراني الحالي، وخاصة قيادات الحرس الثوري، بمجيء حسن روحاني رئيساً للجمهورية وهو ممثل للتيار الاصلاحي في النظام بأغلبية شعبية حقيقية، رفعت شعارات ضد خامنئي والحرس ورجال الدين، ومع هذا وافق المرشد على ترشيحه، وعلى استمرار ترشيح ممثلين للتيار المحافظ، رغم تشتيت الاصوات بينهم.. ربما بهدف إنجاح روحاني نفسه.
لماذا؟
لأن خامنئي قرأ جيداً حالة رئيس أميركا باراك أوباما، كرئيس عاجز، ضعيف عديم الخبرة في شؤون السياسة، خاصة الخارجية منها.
بهذه المقدمة صارح سياسي عربي رفيع المستوى العرب عبر ((الشراع)) محذراً إياهم من مزيد من التفاهم الأميركي – الإيراني.. في عهد أوباما..
وقبل أن يستطرد السياسي العربي العريق، في تحذيره قال بشكل شبه ساخر:
تصوروا، ان أوباما الذي تحمي بلاده إسرائيل منذ نشأتها، هو نفسه الذي يستجدي إيران كي تتصالح مع بلاده! رغم التناقض الظاهر بين مصالح الدولتين إيران.. وإسرائيل.
هل يفعلها أوباما جهلاً؟ نتساءل فيجيب بل يفعلها تجاهلاً علنياً ووقحاً لمصالح العرب.. وهذا هو همنا الأساس.
يعود السياسي العربي العريق إلى شرح موقفه فيقول:
في تعامل مع المسألة السورية راعى أوباما المصلحتين معاً لإسرائيل.. ولإيران. فالاثنتان لهما المصلحة المشتركة في بقاء نظام الأسد، ورغم ان أوباما أظهر غضباً أو لوماً لبشار في سلوكه العدواني ضد الشعب السوري، منذ لحظة خروجه إلى الشوارع للمطالبة بالحرية والعدالة والكرامة، إلا انه لم يترجم غضبه أو لومه إلى أكثر من قرار سحب السفير الأميركي روبرت فورد في دمشق، وكثيرون رأوا في الأمر حماقة وغباء، لأن هذا السفير كان يقدم تقارير ميدانية دقيقة عن وحشية وهمجية بشار وعصاباته ضد المدنيين السوريين في منازلهم ومدارسهم وأعمالهم، ومزارعهم، وكان من شأن هذه التقارير أن تجعل المسألة السورية مفهومة لدى المواطن الأميركي والسياسي الأميركي، لتسهيل دعم أوباما في أي قرار يمكن أن يتخذه لإلزام بشار بالرحيل، مثلما فعل عندما ألح في أيام متتالية على حسني مبارك لترك السلطة.. وهو ما فعله مبارك بعد 18 يوماً من خروج الناس إلى الشوارع مطالبة بإسقاط النظام المصري السابق.
يشرح السياسي العربي العريق الأمر فيقول: لأن أوباما يستجدي علاقة مع النظام الإيراني الحالي فإنه لم يتخذ أي قرار جدي أو عملي تجاه والي طهران في دمشق بشار الأسد، وقبل وبعد ذلك لم يتخذ أي قرار جدي أو عملي تجاه والي طهران في بغداد نوري المالكي، وخلال دعم إيران لبشار لم يتخذ أوباما أي قرار جدي أو عملي تجاه والي طهران في لبنان حسن نصرالله.
لماذا؟
غباء أوباما جعله يتصور، ان انسحاب أميركا من العالم يجعلها في مأمن من مخاطر أمنية واقتصادية واجتماعية، وطالما ظن ان لا خطر على أميركا (والغرب) إلا من الاسلام السني، فإنه مستعد أن يتنازل لأي كان، حتى يخلصه من هذا الخطر.
هنا يتابع السياسي شرحه فيقول:
لكن الذكاء الايراني هو الذي قابل غباء أوباما، فتعهد له بالإمساك برقبة الاسلام السني، من خلال علاقاته التي كان نسجها مع قياداته المتطرفة، في القاعدة وأتباعها في العالم الاسلامي، وليستخدم عملياتها مرة لإخافة الغرب، ومرة أخرى لطمأنته..
كانت طهران تخيف الغرب من القاعدة بعمليات إرهاب في كل مكان.. ثم تسارع طهران نفسها لطمأنة الغرب بتسليمها أوراق هذه العمليات.. أو القائمين بها، أو ترشدهم إلى مخططات دبرتها في معسكرات الحرس في طهران، وأجهضتها بعد تسليم بعض أفرادها إلى الاستخبارات الغربية، والأميركية تحديداً.
ويتمادى السياسي العربي في الشرح فيقول مضيفاً: تصوروا ان طهران الذكية، التي تخشى فعلاً من عودة طالبان إلى السلطة في كابول، تتعاون مع أوباما، للانسحاب من أفغانستان وتظهر انها تسهل له الخروج الآمن تجاوباً مع مطالب الأميركيين الذين لا يريدون رؤية أبنائهم قتلى في سهول وجبال أفغانستان ووسط مزارع الافيون فيها وضحايا لها.
والحقيقة، في نظر السياسي العربي العريق، ان طهران ترتعد من إمكانية تخيل، عودة طالبان إلى كابول حاكمة، مستعيدة جحافل التطرف السني ضدها، متجهة لزعزعة استقرار النظام الشيعي الفارسي في طهران، محرضة وداعمة للحركات الوطنية الاستقلالية خاصة في بلوشستان.. وربما في عربستان وكردستان وأذربيجان، وإقامة إمارات إسلامية سنية محيطة بالنظام الفارسي الشيعي.
تخيلوا ان أوباما لم يفكر لحظة في دعم أية حركة استقلال في إيران، حتى لا يزعج نظام خامنئي فيها!
تصوروا ان أوباما، يرفض توفير أية حماية لجماعة مجاهدي خلق في العراق، وهم القوة الايرانية الثانية، من حيث التأثير، والفعل والحضور الشعبـي والعسكري والأمني بعد نظام خامنئي! وهي الوحيدة القادرة على إيذاء النظام من جذوره إذا دعمته واشنطن، بل ان لمجاهدي خلق الفضل في فضح وكشف مشروع طهران النووي الحربي، ولولا هذه المنظمة لامتلك نظام الارهاب في إيران السلاح النووي منذ زمن.
تخيلوا ان أوباما لم يتخذ أي موقف من إيران، رغم المعلومات المؤكدة، عن دورها في حماية وتسليح وتوجيه الجماعات السنية المتطرفة، التي تدفعها إيران لضرب مصالح أميركية أو غربية معينة، ساعة تشاء طهران، ثم تمنعها أيضاً ساعة تقتضي مصلحتها ذلك!
تخيلوا ان أوباما، خدم إيران خدمة العمر بحمايته لنظام بشار الأسد، بعد قصفه الشعب السوري بالأسلحة الكيماوية، وخدم إسرائيل حين ألزم بشار بتسليم سلاحه الكيماوي نفسه.. وكثيرون في إسرائيل وطهران رأوا أنه كان من الأفضل لو ظل السلاح الكيماوي في أيدي غبـي موتور مثل بشار الأسد، لأن هذا كفيل بتدمير سورية كلها، وبإبادة شعب عربي بأغلبيته المسلمة السنية بدل أن نمنع هذا الاحمق من تحقيق هذين الحلمين لإسرائيل وايران!!
نأتي الى السؤال الدائم مع السياسي العربي العريق: لماذا يفعل اوباما ذلك.. ودائماً؟..
فيجيبنا بصراحة، لأن ايران تحقق لإسرائيل ولأميركا حلمهما الدائم.. ان لا تقوم قوة عربية حقيقية في هذا الوطن.
ايران تعاونت مع اميركا لتتخلص اسرائيل من العراق، وقد تقاطعت مصلحة طهران مع العدو الصهيوني للتخلص من هذا البلد العربي العريق الذي كان سداً منيعاً في وجه المطامع الفارسية منذ عهد الشاه مروراً بعهد الفارسية الشيعية. دون ان ننسى ان اسماعيل الصفوي قلب الايرانيين من المذهب السني الى المذهب الشيعي نكاية بالدولة العثمانية التي منعته من السيطرة على العراق، الذي انطلقت منه جحافل الجيوش العربية، وتحديداً من البصرة لدحر الامبراطورية الساسانية التي كانت أعتى امبراطوريات العالم القديم قبل الاسلام.. وقد حقق الاميركان لإيران حلمها في إخضاع هذا البلد العربي العريق.
اما اسرائيل فإنها لم تنسَ ان العراق خاض جميع الحروب العربية – الصهيونية (1948 – 1967 – 1973) وهو البلد العربي الوحيد الذي كسر نظرية الامن الصهيونية القائمة على ربط امنها بامتدادها الجغرافي، عندما قصفها صدام حسين في كانون الثاني وشباط وآذار (يناير، فبراير ومارس) 1991 خلال حرب تحرير الكويت التي بدأت يوم 7/11/1991 ثم وها هي ايران تتعاون مع بشار كي يتم تدمير سورية، فتتخلص اسرائيل من الجبهة العربية الوحيدة التي لم توقع معاهدة صلح مع اسرائيل.
ويتنبه السياسي العربي العريق للقول: تذكروا منذ الآن لم تعد اسرائيل بحاجة الى اي اتفاقية سلام مع سورية، والزمن الذي كانت فيه اميركا تستجدي آل الاسد الاب ثم الابن لتوقيع هذه المعاهدة.. ولّـى الى غير رجعة.. لم تعد اسرائيل بحاجة لأي سلام مع سورية، فسورية التي دمرها بشار الاسد.. سورية التي سلم بشار قوتها الكيماوية الى اميركا، سورية المهددة بأن تصبح مجموعة دويلات او إمارات فاشلة متقاتلة هي مصلحة لإسرائيل في المزيد من التشرذم، ولا مصلحة لها ان توقع اتفاقاً معها..
اسرائيل بعد الآن.. باحثة عن تعاون وشيك مع إمارتها العلوية المقبلة.. كما تعاون الصليبيون والمغول والاستعمار الغربي مع قوى محلية قدمت مصالحها الفئوية وغرائزها الدنيئة على اي مصلحة اسلامية او عربية.. أليس هذا هو وضع عصابات الاسد وبيئتها الحاضنة؟
والنتيجة؟
ايران الذكية تعرف كيف تنجو بمشروعها النووي، وروحاني مقبل على خدعة جديدة، او استكراد جديد، يخضع له اوباما الغبـي، ومضمون هذه الخدعة في الملف النووي ما يلي:
يتابع السياسي العربي العريق.
ان تبرهن ايران على سلمية مشروعها النووي وحاجتها له للطاقة والاستخدامات الطبية والخدماتية والمائية، وهذا سهل، وطهران الذكية، قسمت معاملها النووية الى اقسام.. منها ما هو للسلم.. ومنها لاستخدامات اخرى.
سيقتنع اوباما بالمشروع النووي الايراني السلمي، وسيعجز عن البحث عن المشروع النووي الايراني الحربي، وسيلجم اسرائيل المتأكدة من ان ايران باتت تملك امكانية صنع قنابل نووية.
الذكاء الايراني ماطل اميركا والغرب لسنوات، حتى بات علماء ايران يملكون في عقولهم كل ما يؤهل دولتهم لصنع قنبلة نووية ساعة يشاؤون.
وروحاني أقنع خامنئي، بعد ان باتت طهران قادرة على صنع قنبلة نووية او اكثر، ان يخفي هذا وان يؤجل قرار صنع القنبلة، حتى لا يحرج اوباما امام اسرائيل والغرب الآخر.
ايران الآن امتلكت كل امكانات صنع القنبلة النووية، وتستطيع صنعها ساعة تشاء.
النقاش في اسرائيل، يتابع السياسي العربي العريق، يدور حول الجهة التي نبهت ايران استخدام هذا السلاح.. وضد من.
كثيرون في اسرائيل يعتقدون ان هذا السلاح لم يخلق ليستخدم بعد.. لا اسرائيل قادرة على استخدامه ضد احد.. ولا ايران كذلك.
انه استعراض قوة واستجابة لمشاعر قومية فارسية، وتخويف للعرب لمزيد من إخضاع دولهم.. وما لنا نحن في اسرائيل واي نزاع غربي – فارسي؟ بل ان لنا مصلحة في تعزيز كل خلاف عربي – فارسي.
ويستشهد الصهاينة بالسياسة الايرانية التي نجحت في تمزيق نسيج العرب الديني الاسلامي بين سني وشيعي خلال سنوات قليلة، ونجحت ايران في خلق نعرات فارسية في مفاصل دول عربية عديدة، كالعراق وسورية ولبنان واليمن وربما بشكل غير معلن في عدد من الدول العربية الخليجية.
لماذا تقلق اسرائيل اذا استعر الخلاف السني – الشيعي؟ أليس الفضل في هذا للنظام الايراني الحالي؟
هنا يتوقف السياسي العربي العريق ليقول: صدقوني، اسرائيل لا تعترف بغباء اوباما، اسرائيل ترى ان هذا الرئيس الاميركي يطبق القاعدة التي سار عليها كل رؤساء اميركا منذ نشأة الدولة الصهيونية، وهي ان كل رئيس اميركي جاء الى البيت الابيض، قدم لإسرائيل خدمات تعادل خدمات كل الرؤساء الذين سبقوه.
صدقوا السياسي العربي العريق.
 
  
- 'الشراع'
 خطة بشار: البقاء او إحراق طرابلس والشمال
*الشمال ورقة مقايضة لتهديد المجتمع الدولي اذا استمر ضغطه لإسقاطه
*بشار انشأ خلية حرب استخبارية وعسكرية في القصير بالتنسيق مع حزب الله مزودة بقوة ضاربة
*احداث طرابلس للتغطية على معركة القلمون المؤجلة والنظام يريد اليوم الزبداني لأنها الأقرب الى دمشق
*من ضمن خطة بشار إظهار طرابلس بؤرة للتكفيريين.. وشريط ((داعش)) يشبه شريط ابو عدس
*ريفي والرافعي استهدفا في تفجير السيارتين المفخختين في طرابلس
*النظام السوري يسعى الى تفويض دولي للتدخل في الشمال وإدارته امنياً
*مبادرة قريبة للنظام لإعادة النازحين من الشمال الى سورية.. ودور لروسيا وايران
*المخاوف مستمرة رغم الهدنة من المزيد من التفجيرات وتجدد جولات العنف في اي وقت
الجولة ١٧ من العنف في عاصمة الشمال طرابلس تتجه لأن تشهد هدنة جديدة تؤسس عملياً لواقع إعادة النار الى تحت الرماد المرشح لأن يشتعل مرة جديدة مع حدوث اي مستجد فوق الميدان السوري. وصار واضحاً للمرة الـ١٧ ان الاستقرار ممنوع في طرابلس وانطلاقاً منها في كل الشمال. ويوجد لدى القيادة السورية رهان على ان التهديد بإشعال شمال لبنان هو ورقة رابحة لتهديد المجتمع الدولي بأن نار أزمة النظام في سورية مرشحة لإحراق تلك المنطقة فيما لو استمر ضغطه لإسقاطه .
وبحسب تقديرات سياسية دولية فإن شمال لبنان هو ورقة مقايضة سورية باتجاهين:
1- استقراره مرتبط بسيطرة النظام على ريف حمص والمناطق الشرقية السورية لسلسلة جبال لبنان المشتملة على القطاعات الثلاثة يبرود والقلمون والزبداني. وقبل هذه السيطرة لن يكون هناك استقرار في شمال لبنان.
٢- لعبة شمال لبنان مرتبطة بتجسيد نظرية النظام التهويلية التي أعلنها رئيس النظام السوري بشار الاسد غير مرة مؤخراً ومفادها انه لن تستقر الدول المحاذية لسورية الا اذا استقر النظام فيها.
وتقول مصادر دبلوماسية واسعة الاطلاع ان سورية انتقلت من نظرية التدخل في لبنان لأنه خاصرتها الرخوة الى نظرية التدخل فيه لجعله خاصرة أزمة النظام الرابحة والقابلة للإستغلال فيها من قبله.

((خلية)) اشتباك
وتفيد معلومات متقاطعة ان الاستخبارات العسكرية السورية شكلت منذ بداية هذا العام خلية حرب استخباراتية وعسكرية مهمتها ادارة الوضع في شمال لبنان, وتتشكل هذه الخلية بخاصة من ضباط في جهاز الاستخبارات العسكري كانوا عملوا في لبنان خلال تواجد الجيش السوري فيه .وبعضهم متمرس في التعاطي مع شبكات من المخبرين سواء كانوا من السياسيين او من قطاعات عديدة.
وتتحدث هذه المعلومات عن ان مقرهم العام هو في مدينة القصير, ويوجد تنسيق بينهم وبين قيادة أمن حزب الله.
وأضافت هذه المعلومات انه خلال الآونة الاخيرة تم تدعيم هذه الخلية بجهاز او قوة ضاربة خاصة تعمل داخل الاراضي اللبنانية, وتقوم بتنفيذ عمليات خاصة.
وتقول هذه المعلومات ان أهمية طرابلس بالنسبة لهذه الخلية تكمن في كونها تشتمل على أهم تماس قتالي مباشر مع المدينة انطلاقاً من جبل محسن المفتوح على مناطق سيطرة النائب سليمان فرنجية حيث تحتشد وحدات لوجستية غير مرئية لحزب الله, وحيث تم مؤخراً شق طريق في محمية اهدن الطبيعية والحرجية لتكون خط طوارىء عند الضرورة يصل بين البقاع ومنطقة اهدن لنقل المقاتلين عندما تدعو الحاجة. وهذا التماس - اي تماس جبل محسن مع باب التبانة – يمـكّـن الخلية السورية المذكورة من الإمساك بورقة توتير الأجواء في طرابلس متى وردتها التعليمات بذلك لأسباب سياسية من القيادة السورية في دمشق. وتعزو هذه المصادر أهمية طرابلس في خطة الخلية المذكورة لسبب آخر وهو ان جبل محسن محمي بغطاء دولي لا يسمح بإسقاطه، نظراً لأن اي اقتحام له سيؤدي الى خلق تعقيدات مذهبية علوية - سنية على مستوى كل المنطقة بما في ذلك في تركيا.
وتقول هذه المعلومات ان خطة الخلية للإفادة من جبل محسن تنقسم الى شقين:
الاول: صلاحية جبل محسن لأن يعطي دمشق زمام المبادرة لتوتير الشمال اللبناني انطلاقاً منه في اية لحظة تريدها, وهذا ما أثبتته الوقائع خلال السنوات الاخيرة على مدى 17 جولة من الاشتباكات.
ثانياً: استغلاله من منطلق انه تجمع لأقلية ما يعطي الاسد في الظاهر ورقة رابحة أخلاقياً عبر الادعاء انه مضطر للدفاع عنه لأنه معرض للإبادة. وكانت دمشق تؤخر استغلال هذه الورقة في السابق لأسباب خاصة بها، اما الآن فإنها بدأت بالتعبير عنها علانية والتهديد بأن جيش النظام قد يضطر للدفاع عن جبل محسن، وهذا ما ألمح اليه بشارالاسد مؤخراً عندما قال ان جبل محسن خط احمر. وبهذا المعنى يظهر ان النظام يرى في جبل محسن ورقة ربط مع احتمال عودة دخول جيشه الى الشمال فيما لو انقلبت المعادلات الدولية بالاتجاه الذي يتمناه.
وتضيف هذه المعلومات ان أهداف الخلية المشار اليها آنفاً تتمحور حالياً حول التالي:
اولاً- الحفاظ على منسوب توتر دائم بين جبل محسن وطرابلس.
ثانياً- تعميم الأجواء الاعلامية التي توحي بأن جبل محسن مستهدف من قوى سلفية تكفيرية في طرابلس لديها علاقات مع قوى شبيهة لها في سورية. وجاء الاعلان مؤخراً عن وجود ((داعش)) في هذا الاتجاه, ما طرح علامات استفهام عديدة حول الجهة التي وضعت وروجت للشريط المذكور بشكل اعاد التذكير بشريط أحمد أبو عدس المفبرك في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري, خاصة وان أبناء الفيحاء لا علاقة لهم بذلك وان الذين يتولون القتال في باب التبانة يدافعون عن منازلهم وعائلاتهم وممتلكاتهم.
ثالثاً- إفشال الخطة الامنية الرسمية في طرابلس، وجعل الوضع هناك يراوح في دائرة الهدنات المتكررة.
لائحة اسمية
وتكشف هذه المعلومات ان التفجيرين الاخيرين اللذين استهدفا مسجدين في طرابلس، كان هدفهما اغتيال شخصيات بارزة على رأسها مدير عام قوى الامن السابق اللواء اشرف ريفي الذي أصيب منـزله بأضرار بالغة وأنقذته العناية الإلهية بفضل تنبه حراسه ومنعهم المرتكبين من ركن السيارة المفخخة أمام منـزله مباشرة مما اضطرهم لركنها في مكان أبعد, إضافة الى استهداف لائحة من أسماء نشطاء الحركة الاسلامية في المدينة على رأسهم الشيخ سالم الرافعي, وأيضاً قتل نشطاء في أعمال إغاثة النازحين السوريين في الشمال، وهؤلاء المستهدفون باللائحة السورية، يقصدون عادة أيام الجمعة هذين المسجدين للصلاة فيهما. وقد سقط في الانفجارين اللذين استهدفا مسجدي السلام والتقوى خمسون شهيداً واكثر من مائتي جريح.

معركة الزبداني
الى أين يتجه الوضع في طرابلس؟ جواباً على هذا السؤال تقول المعلومات انه خلال نهايات الشهر الماضي كان هناك قرار لدى النظام بفتح معركة القلمون, وهذا ما حتم بدء معركة طرابلس وذلك من أجل جعل نارها تغطي على نار معركة القلمون. فالنظام يريد خوض معركة قضم تدريجي ضد القلمون لأنه لا يرغب بفتح جبهة واسعة وعلنية في آن واحد، فهو من ناحية لا يريد إظهار نفسه بأنه يخرب مسارات عقد مؤتمر جنيف٢, ومن جهة ثانية يدرك ان معركة القلمون مكلفة بشرياً ما يجعله يفضل خوضها بالنار عن بعد وبأسلوب القضم، وكل ذلك تحت غطاء إشعال حريق طرابلس. واليوم بدّل النظام خطته، وبدأ يتجه لتأجيل معركة القلمون، لمصلحة فتح معركة الزبداني فقط. وأسبابه في ذلك انها أقل كلفة بشرياً وانها أكثر التصاقاً جغرافياً بهدف حماية دمشق من هجمات المعارضة السورية. ومع دخول معركة القلمون دائرة التجميد والانتظار دخلت طرابلس أيضاً دائرة الهدنة الانتظارية.

تفويض إنساني - أمني
ولا تستبعد مصادر مطلعة على الوضع في الشمال وموقعه داخل أجندة النظام السوري، ان يتم توسيع الضغط من قبل النظام على طرابلس والشمال عبر أسلوب التفجيرات المتنقلة، والغاية من ذلك إظهارالعاصمة الثانية والمناطق المحيطة بها انها منطقة فوضى تحتاج لإنجاز تسويات أمنية وسياسية حولها. والنقطة الاساسية التي يريد النظام الوصول إليها هو حصوله في مرحلة لاحقة على تفويض بإدارة الأزمة الأمنية فيها. ولكن هذا الهدف لن ينضج أوانه من منظار النظام إلا بعد تقدم وضعه دولياً, وهو أمر يعتقد انه يسير بإتجاهه بعد حصول تطورات على هذا الصعيد دشنتها مرحلة ما بعد تفاهم روسيا وأميركا على ملف تفكيك ترسانة سورية الكيميائية.
خطة مفترضة
وليس مستبعداً من وجهة نظر هذه المصادر ان يطرح النظام خلال الفترة القريبة المقبلة مبادرة لإعادة النازحين في الشمال الى سورية وذلك تحت إشراف مشترك من الصليب الأحمر السوري ومؤسسات دولية. وغايته من ذلك أخذ دور في ملف إدارة الازمة الانسانية في منطقة شمال لبنان تمهيداً لتطويره باتجاه اضطلاعه بدور في أزمتها الامنية.
ويوجد الآن في شمال لبنان بضع مئات الآلاف من النازحين السوريين، وهم يعيشون ظروفاً صعبة نتيجة تلكؤ المؤسسات الدولية في تقديم الدعم الإغاثي لهم. وثمة معلومات تفيد بأن إيران وعدت النظام بأنها مستعدة لتمويل مبادرة إرجاعهم الى سورية ضمن عملية يشرف عليها النظام ويكون لإيران وأيضاً لروسيا دور فيها.
وترمي هذه المبادرة الآنفة الى تحسين صورة روسيا في المجتمع الدولي وإظهارها انها تقف أيضاً الى جانب الشعب السوري وليس فقط الى جانب النظام المكروه دولياً، ومن جهة أخرى ترمي الى جعل إيران ذات نفوذ إضافي على ديموغرافيا سورية جديدة، وهي التي تعمل في سورية على تكرار التجربة نفسها لاحتلالها من الداخل اجتماعياً واقتصادياً كما فعلت في العراق. أما النظام فمصلحته واضحة في هذا المجال وهي تلميع صورته إضافة أيضاً الى وضع فئة شعبية معارضة في كنفه.
ويمكن القول ان استراتيجية النظام السوري دخلت في هذه الآونة مرحلة جديدة، فلم يعد توترها يقتصر على التهديد بنقل الحرب الى لبنان فيما لو استمر الضغط الدولي والاقليمي على النظام، بل صار لها أهداف أخرى منها ربط مستقبل أية تسوية مع النظام بالاعتراف له بإدارة أزمة الامن في الشمال. وعليه يمكن توقع المزيد من التفجيرات واستمرار مسلسل جولات العنف في عاصمة الشمال وعمليات الاحتكاك المتتالية في كل مناطقه وذلك بأساليب مختلفة وتحت عناوين عنف كثيرة.
 
  
- 'الشراع '
ليس سراً

جزم دبلوماسي واسع الاطلاع بأن نزع السلاح الكيميائي السوري هو بند أول في برنامج يجري العمل على تنفيذه من قبل الولايات المتحدة.
وثمة بنود اخرى – كما يضيف – ابرزها معالجة مسألة الملف النووي الايراني بطريقة لا تسمح لإيران بإنتاج قنبلة نووية، ومعالجة سلاح حزب الله وخاصة صواريخه الباليستية والبعيدة المدى.
 
  
مزيد من المقاتلين إلى سورية

يواصل حزب الله إرسال مجموعات من عناصره الى منطقة ريف دمشق، للمشاركة في عمليات لحماية النظام السوري.
وأشارت معلومات لـ((الشراع)) ان حزب الله تولى منذ مدة نقل مجموعات من عناصر حزب علماني الى منطقة القصير، ومنها الى مواقع في ريف حمص لتشارك هذه المجموعات في عمليات خاصة بعد تلقيها تدريبات في مخيم لحزب الله في منطقة البقاع الاوسط بحضور مسؤول في الحزب نفسه.

يؤكد نائب لبناني ان اتصالات سرية تجري بين قيادات في حزب الله ومسؤولين في السفارة الاميركية، وان العلاقة بين الطرفين تتطور نحو الافضل، في الوقت الذي ما زال فيه مسؤولون من الحزب يهاجمون السياسة الاميركية خلال خطبهم وتصريحاتهم.
وأشار النائب الى دور يؤديه سفير دولة اوروبية في لبنان، في تقريب وجهات النظر بين حزب الله، وجهات في السفارة الاميركية، وهذا التقارب جرت ترجمته من خلال قيام السفير الأميركي في لبنان دايفيد هيل بإبلاغ أحد الإعلاميين أنه ((لا يمكن تأليف حكومة في لبنان من دون مشاركة حزب الله فيها، وان السفير الاميركي أكد انه أبلغ الموقف الأميركي هذا الى القوى السياسية كافة التي التقاها أخيراً)).
 
  
- تؤكد المعلومات الامنية ان مجموعة تابعة لفتح الاسلام تقوم بالتحضير لاستهداف مراكز ودوريات للقوات الدولية في الجنوب اللبناني.
يشرف على نشاطات وتحركات المجموعة فلسطيني تتوافر للأجهزة اللبنانية معلومات عنه م. م. بالتنسيق مع مسؤول في فتح ((الاسلام)).
وحسب المعلومات الامنية ان أفراد المجموعات معظمهم من جنسيات سورية من الاصوليين الذين وصلوا الى لبنان مؤخراً وانضموا الى خلايا ومجموعات تستعد لعمليات إرهابية.
 
  
- مجلة 'الصياد'
        
'الصياد' حاورت الوزير السابق المهندس روجيه ديب حول كتابه لبنان المستقر:
صحيح ان لبنان لم يعرف الاستقرار في تاريخه لكنه قادر على ان يستقر
يقول الوزير السابق المهندس روجيه ديب في كتابه لبنان المستقر ان هذا الوطن لم يعرف الاستقرار لا في تاريخه القديم ولا في تاريخه الحديث، وانه ليس من المستحيلات ان يكون مستقرا من خلال عقلنة السياسة اللبنانية. ويشرح المهندس ديب حقائق تاريخية عاشها لبنان ودول اخرى، فالدول الاخرى بغالبيتها استطاعت ان تنتقل من الفوضى واللا استقرار الى الاستقرار بفضل سياسيين عقلاء او تعقلنوا...
الصياد التقت الوزير روجيه ديب للحديث عن كتاب لبنان المستقر، الذي يقرأ من اول كلمة الى آخر كلمة، والذي يمكن ان يشكل دافعا لدى جيل الشباب ليحمل لواء عقلنة السياسة اللبنانية... في هذا اللقاء مع المهندس الوزير السابق روجيه ديب جرى تسليط الضوء على مضمون الكتاب، حيث تحدث الكاتب عن اهتمامه بتاريخ لبنان القديم والحديث، وهو مطّلع على مشاكله وخلفياتها... والغاية دائما هي لبنان المستقر.
فالوزير ديب مؤمن بان لبنان قادر على ان يخرج من مهب الريح..! ان موقعه الجغرافي المميز جعله ممرا لصنع التاريخ عبر كل المراحل... لا بل ان لبنان هو مكتبة تاريخ العالم القديم والحديث...!
والى نص الحوار:

وضعت كتاب تحت عنوان لبنان المستقر علما ان لبنان لم يشهد في تاريخه الاستقرار لا قديما ولا حديثا. ما السبيل ليكون هذا البلد مستقرا؟
- لقد طرحت على نفسي هذا السؤال... هل يمكن لهذا اللبنان، الذي لم يكن مستقرا في كل تاريخه قبل الاستقلال وبعد الاستقلال، ان يستقر، ووضعت تحليلا لطبيعته، طبيعة عدم استقراره، وحلولا ليحل فيه الاستقرار.
وقد استغرق وضع هذا الكتاب اولا بالفرنسية، حيث بدأت بوضع المخطوطة في العام ٢٠٠٩ وانجزتها بعد حوالى سبعة او ثمانية اشهر، ثم ترجمته الى اللغة العربية، واعدت صياغته بعد الترجمة مرة اخرى وانجزته بعد حوالى السنتين، اي في اواخر العام ٢٠١٠.
ولقد تعمقت بالسؤال واردت ان اعطي جوابا يريح كل اللبنانيين بعيدا عن اي منطلق طائفي او حزبي، وبكل تجرد درست التاريخ والواقع وحاولت استنباط الحلول.

الموقع الجيوستراتيجي
بعد ان درست التاريخ والواقع ماذا استنتجت ولماذا لبنان غير مستقر عبر كل تاريخه وحتى اليوم؟
- لبنان غير مستقر لانه يقع كما ذكرت في الكتاب عند اربع فوالق جيوستراتيجية:
  خط علاقة الغرب بالشرق مع كل تاريخ الفتوحات.
  الصراع بين روسيا والغرب... بين الشيوعية والغرب، الذي هدأ ثم عاد وتحرك.
 - الصراع العربي - الاسرائيلي وهو الاخطر.
 - الصراع المذهبي السني - الشيعي.
هذا الشرح لا اقصد منه التبرير، بل لنفهم ونتفهم كلبنانيين هذا الواقع، لذلك انا ادعو الى فهم طبيعة البلد، لنتمكن من الاقدام على المعالجة الصحيحة لاستقراره... صحيح ان لبنان يقع في اجمل بقعة على شاطىء البحر الابيض المتوسط يقابله من جهة اخرى افريقيا الحارة، ومن الجهة الثانية اوروبا الباردة... وهو في الوسط لذلك مناخه معتدل... هذا الواقع يجعله ممرا بين قوى متواجهة ومتصارعة... وهو يتألف او مكون من مسيحيين غالبيتهم موارنة ومن شيعة ودروز، كلهم لجأوا الى جباله ليحافظوا على خصوصياتهم والكل متعلق بهذه الخصوصيات والا لما جاءوا الى جبال لبنان.
والسنة في لبنان استوطنوا عند المرافىء، طرابلس، بيروت، صيدا. وعند بعض الحدود، لان الامبراطورية العثمانية لا تثق بالاقليات، فكانت تستقدم قبائل مثلا من المغرب لاقامة توازن... وانشأت امارات في طرابلس وبيروت وصيدا.
واذا جمعنا كل هذه الوقائع مع الموقع الجغرافي لهذا البلد، المعرض للاهتزازات في كل تاريخه، نرى انه في كل مرحلة كان ممرا لقوى كبيرة.
اليوم مثلا اليس لبنان ممرا لايران لمواجهة اسرائيل ولمساعدة النظام في سوريا... الشيء نفسه حصل عبر التاريخ القديم والحديث...
فهم التاريخ حافز كبير لتجنب الاخطاء واستنباط الحلول كما يبدو من شرحك لهذه الوقائع؟
- طبعا، عندما نفهم تاريخنا وطبيعتنا، نستطيع الانطلاق لبناء بلدنا. ومن خلال فهمي لتاريخ لبنان ولموقعه وطبيعته انطلقت لاقترح النظام الذي يجعل لبنان مستقرا.
هل من تأثيرات معينة دفعتك او كانت حافزا لك للبحث عن النظام الذي يجعل لبنان مستقرا؟
- هناك امران وانا مهندس في الاساس قبل ان اتعاطى بأمور اخرى، ومن باب الصدف اني اعمل مع شركات اوروبية موجودة على الحدود بين ايطاليا والنمسا، وهي مناطق على خط زلازل، وسبق ان تهدمت اكثر من مرة، وتأثرت بدراسة الارض وطبيعتها وبتاريخ الزلازل التي ضربتها ونتائجها قبل وضع خرائط الابنية التي ستشاد هناك.
واضافة الى ذلك انطلقت من اعتبارين: الاول وهو اني بطبعي اقول ان الحقيقة موجودة امام الانسان لكنه لا يراها، لان عقيدته او تعصبه يحجبان عنه هذه الحقيقة... وبالتالي تطلعت الى بعض الجوانب التاريخية، كالوحدة الاوروبية مثلا، وكيف حصلت. اوروبا التي عاشت صراعا بين الدول والقوميات منذ العام ١٨٧٠ وحتى العام ١٩٤٥، وسقط في حروبها ١٤٠ مليون قتيل... وهي كانت حروبا لها بداية وليس لها نهاية كما يقال.
وفي اواخر القرن التاسع عشر بدأ الكلام الاوروبي حول سلام اوروبا من قبل مفكرين كبار، وكانت الانطلاقة من خلال وحدة مصالح اوروبا وصولا الى تطور تعاقدي وليس وحدوي مجموعة تعاقدات، شكلت مسارا نحو التوحد.
والامر الثاني الذي تأثرت به هو مجلس التعاون الخليجي، حيث تتوحد دول الخليج خطوة خطوة وقامت بينها مصالح مشتركة واسواق مشتركة، واستطاعت هذه الدول من خلال مسار تعاقدي ان تتقدم نحو ما يسمى اليوم بمجلس التعاون الخليجي.
هذه البلدان كانت متفرقة تعمل نحو التوحد، وبلد مثل لبنان كان موحدا نراه ذاهب نحو التفرقة!!
وما لفت نظري ايضا الوضع بين بلجيكا وسويسرا... فلبنان مثل بلجيكا، التي خلقها الانكليز ممرا للتدخل في اوروبا...
وسويسرا وضعت منذ البداية نظاما ساعدها على التوحد، بينما النظام البلجيكي بني على خطأ ادى الى تفككها.
ونحن في لبنان عندنا نظام سياسي اجبرنا على التفكك.
البعض يطرح الدولة المدنية كحل للوضع غير المستقر في لبنان، كيف تنظر الى الدولة المدنية؟
- ربما لا يتنبه الناس الى ان الدولة المدنية مؤلفة من كلمتين: دولة ومدنية... الدولة تعطي للمواطن في اميركا، اي مواطن بصرف النظر عن لونه او جنسه، الحقوق ذاتها، وتحمي هذه الحقوق الاقتصادية والاجتماعية بواسطة القانون والقضاء. فالمطلوب ان تكون الدولة قادرة.

الدولة العلمانية
وما رأيك بالعلمنة التي يطرحها بعض اللبنانيين؟
- العلمنة فرضت بالقوة في غالب الاوقات الا في الانظمة الانغلوسكسونية. في فرنسا العلمنة فرضت بالقوة... بواسطة الثورة الفرنسية، حيث تم قتل ١١٠ آلاف كاهن.
ومصطفى اتاتيرك فرضها في تركيا بالقوة والحبيب بورقيبة فرضها في تونس ايضا بالقوة.
هل الدولة العلمانية تناسب لبنان وتناسب تكوينه الطائفي؟
- الدولة العلمانية تناسب لبنان لانها تحفظ حرية الاديان وخصائصها ولا تتعاطى بأي دين.. ولكن علينا اولا ان نبني الدولة ومن ثم نذهب الى النظام المدني.. يمكن بناء الدولة بالقوة.. وحزب الله بامكانه اليوم بناء دولة بالقوة، ولكنني لا اظن انه يريد بناءها بالقوة.. 
حكم القوة لا يدوم كما يدل التاريخ اليس ذلك حقيقة تاريخية؟
- صحيح حكم القوة لا يدوم، رأينا في الماضي حكم الشيوعية ونرى اليوم ما هو حاصل في منطقتنا.. في سوريا.. في تونس.. في مصر.. ورأينا ما حصل في يوغوسلافيا...
كيف يمكن ان نبني الدولة القوية التي تحمي الجميع وتحفظ حرية الاديان؟
- انا انطلق من كوني مهندس معماري ارسم الخارطة بكل المقاييس الصحيحة والمناسبة، ولكن القوى السياسية بيدها السلطة، التي ليست بيدي انا، وعلى هذه القوى ان تطبق الخارطة، اما ان تسير باتجاه التاريخ وباتجاه الحقيقة وباتجاه الواقع.
وان سارت القوى السياسية بالاتجاه الخطأ يضيع الوقت وتضيع الشعوب. مهما كانت القوى السياسية عظيمة فلا تستطيع تغيير الاتجاه... ولكن باستطاعة القوى السياسية التخلف عن الالتحاق بمسار التاريخ...
ما هو تصورك للبنان الدولة التي تطمح ان تكون عندنا؟
- اولا اتطلع الى الدولة المركزية التي تحتاج الى حيادين:
  حياد خارجي.
  حياد داخلي.
ويفترض بالدولة ان تكون محايدة بين الطوائف، ومفروض ان تكون متجردة، على المثال الاوروبي، والذين بنوا اوروبا هم التكنوقراط... الحكم في اوروبا اليوم تقني بكل ما للكلمة من معنى. ونحن اليوم في لبنان بأمس الحاجة الى قواعد ميثاق تشاركي فعلي والى اعادة تأسيس مسار كل طائفة في علاقاتها مع الاطراف الاخرى وفي علاقاتها مع الدولة.
وما يشجعنا على ذلك هو كون لبنان بلد منفتح، برع في لعب دور الوسيط في مجال نشر الافكار والعادات والقيم والسلع في كل المنطقة وفي حوض البحر المتوسط وبالاتجاهين، وذلك بسبب موقعه الجغرافي وتاريخه ومناخه وتكوين شعبه. انه اذا الاقدر من اي بلد آخر على المساهمة في نهضة الحداثة العربية، التي لعب المسيحيون فيها دورا رئيسيا، وهم المدعوون اكثر من اي وقت مضى للعب هذا الدور واعتباره اهم أسس استقرار لبنان نفسه.
ان رؤيتنا المشتركة للبنان مستقر باستمرار تسمح بتأمين أسس متفق عليها، وبطرح مشروع يطمح الى ادخال فكر سياسي وثقافة سياسية جديدين للمجتمع اللبناني. ترتكز هذه الرؤية على القناعة الراسخة بأن الاستقرار الاستراتيجي هو ضرورة حيوية للبنان. وهو خيار اساسي على المستويين الداخلي والخارجي. وتنطلق هذه الرؤية ايضا من الديناميات الفاعلة، ومن العوامل المؤثرة سياسيا وثقافيا واجتماعيا، بحيث تكون منبثقة عن البنية الاساسية للمجموعات اللبنانية نفسها. وهذا يقتضي وعي هذه المجموعات لنفسها ووعيها للمجموعات الاخرى واستمرارها في تطوير ذاتها وفي تأدية الخدمة التي تؤديها لهذا الوطن.

الحياد الخارجي
وماذا عن الحياد الخارجي؟
- انا اول من تحدث عن الحياد الخارجي وانا سميته الالتزام المحايد لانني لا اريد حيادا انعزاليا، بل اريد حيادا ملتزما بالمنطقة، واقول ان حياد لبنان هو شرط لالتزامه.. واذا كنت غير محايد بامكانك ان تذهب لتحارب مع النظام السوري او ضده. اما اذا كنت محايدا باستطاعتك ان تظهر دور لبنان، الذي هو السلام ونشر حقوق الانسان، لانك مقبول من الكل...
لماذا تحصل كل مفاوضات السلام في سويسرا.. هذا ليس بالصدفة انما لان سويسرا محايدة، والحياد خلق لسويسرا دورا.. ولبنان يمكن ان يكون مثل سويسرا!
ما هو المطلوب لبنانيا في ضوء الوضع الحالي؟
- المطلوب اليوم عقلنة السلطة، والتوقف عند الحقائق.. والمطلوب ايضا ان يكون هناك من هم في الوسط، لذلك المطروح اليوم هو الحكومات الحيادية ولكن هذا صعب بالاستناد الى الطائف!!
ولذلك انا اقول اننا مع حكومة مركزية يطغى عليها طابع تكنوقراطي متجرد وعقلاني ومحايد بين الطوائف فننتهي من ثقافة الهيمنة.. وامامي احصائيات تقول ان منطقة المتن الشمالي تدفع ٣٥٠ مليون دولار ضرائب ورسوم ويصرف عليها ٢٠ مليونا فقط، بينما تدفع منطقة بعلبك - الهرمل ٣ ملايين دولار ضرائب ورسوم ويصرف عليها ٣٢٠ مليون دولار.. هذه تساؤلات تطرح.. ويحكى عن لا مركزية ادارية ومالية، وهذه امور عقلانية.. طبعا نحن مع التضامن الاجتماعي ولكن مع احترام النسب المقبولة. انا مع صندوق التضامن لكي يساعد الغني الفقير والمنطقة الغنية تساعد المنطقة الفقيرة.
انا مع رئيس جمهورية منتخب عن طريقة المندوبين بالمناصفة، منتخب من الشعب. انا مع الرئيس القوي بتمثيله، بصلاحياته. الا ان هذا الرئيس لا يجب ان يمثل المسيحيين في الحكم. وهذا ما يجب ايضا ان ينطبق على رئيسي مجلس النواب والحكومة.
من هنا فان هناك تصورين ممكنين لدور الرئيس: اما ان يستمد شرعيته الشعبية التي تخوّله تحقيق التوازن في اختلافات الطوائف داخل مجلسي النواب والوزراء، او اعتباره رئيساً رمزاً يخرج كلياً من الدور التنفيذي، مع صلاحية واحدة: منع الاقتتال ودور واحد هو تطوير المشروع اللبناني.
ما هي مواصفات الحكومة المركزية؟
- انا مع الحكومة التوافقية، ما امكن، وهي بعد الطائف والدوحة قد تكون على الشكل التالي: اذا كانت حكومة اتحاد وطني يكون لرئيس الجمهورية عدد من الوزراء بحيث لا يكون لاحد لا الثلث المعطل، ولا اكثرية الثلثين. وفي حال كانت حكومة اكثرية برلمانية يجب ان يكون لرئيس الجمهورية ثلث عدد الوزراء زائداً واحداً ليكون ضامناً لحقوق الاقلية البرلمانية المنتخبة. وتأميناً لفعالية الادارة ومنع الشلل، ويجب ان تكمل الحكومة المركزية الوفاقية بلا مركزية موسعة وفعّالة.

مجلس الشيوخ
يطرح حالياً موضوع مجلس الشيوخ الذي أقر في الطائف... ماذا تقول عن هذا المجلس؟
- هو جمعية ناظمة وحامية لقيم العيش المشترك وللمساواة. وترمز الى ارادة العيش المشترك وتسمح لكل مكونات الوطن بالمشاركة معاً في تقرير القوانين العامة. انها مؤسسة حيوية ومكان لالتقاء ضروري بكونها متعالية على السياسة والخلافات اليومية. هذا المجلس هو مؤسسة قادرة على تعزيز الحوار، وتأمين المشاركة المتوازنة بين المسيحيين والمسلمين، ويكون لها متسع من الوقت لدرس القوانين الاساسية وانتاجها...
تتكلم عن مؤسسات الدولة كلها وماذا عن مؤسسة الجيش؟ وماذا عن دورها؟
- لا يمكن التفكير باستقرار واستقلال ومستقبل وسيادة لبنان من دون الجيش... ولعل توسيع تجربة الجيش واعطائه دوراً اكبر هو افضل مثال واقصر طريق ربما الى الدولة المركزية المنشودة.
الجيش اللبناني ظل عبر تاريخه محايداً في الداخل، الا عند وجود سلطة سياسية تأمره بالتدخل...
بعض قادة الجيش استجاب لأوامر هذه السلطة، والبعض الآخر لم يستجب، ومنهم فؤاد شهاب وميشال سليمان.
والجيش حافظ في اكثر الاوقات على وحدته، رغم حدة صراعات الطوائف، وحافظ على نسبة كفاءة مقبولة وممتازة عندما نقارن بينها وبين مؤسسات الدولة الاخرى.
وقائد الجيش اصبح الملاذ عند خلافات السياسيين او الطوائف... فكان الملاذ لكل من اراد الحفاظ على هيبة الدولة بعد تلاشي المؤسسات الاخرى كلها. ٤ من ١٠ رؤساء جمهورية كانوا من عداد المؤسسة العسكرية منذ الاستقلال. والجيش اللبناني لم يصنع الانقلابات ولا استولى على السلطة بالقوة.
وانا لدي بعض الافكار، اقترح إدخالها على الدستور:
١ - منعاً للفراغ الذي يولد الحروب الداخلية يجب استحداث نص تسليم السلطة لقائد الجيش عندما لا ينتخب رئيس للجمهورية، وذلك لمدة ثلاث سنوات تجري في اولها انتخابات نيابية جديدة... ويمنع من الترشح كل اعضاء الحكومة ومجلس النواب الذين يكونون في السلطة ولم يريدوا او يستطعوا انتخاب رئيس جديد.
٢ - تكليف مستمر للجيش بالتدخل في الداخل في الحالات الاستثنائية التالية وبقرار من مجلس الأمن القومي يتولى الجيش تنفيذه وبحسب ما يراه مناسبا:
امكانية ان تكوّن حالات ارهابية وفق لوائح تسمي هذه الحالات ويوافق عليها مجلس الأمن القومي كل ثلاث سنوات.
امكانية تكوّن حالات تثير الوضع الطائفي، كحوادث بين احزاب وفئات طائفية.
منع تسلح الطوائف او الاحزاب.
وتلافياً لاستعمال الجيش لاسباب واهداف سياسية يجب حصر مهامه في الداخل بالوقت والظرف والمهمة.

الهواجس الطائفية
لدى كل طائفة في لبنان هواجسها كيف تنظر الى هذه الهواجس. كيف ترى هذه الهواجس عند كل طائفة؟
- ماذا يشغل بال الشيعة اليوم:
في الحقيقة، يشغل بالهم تواجدهم على حدود اسرائيل. واضطرارهم الى حمل السلاح للدفاع عن انفسهم، وحاجتهم الى الدعم والسلاح من ايران وسوريا.
- تأثيرهم داخل دائرة صياغة القرار التنفيذي. وهذا يعني ان يكون تأثيرهم في القرار التنفيذي مساوياً لتأثير سواهم من الطوائف اللبنانية الاسلامية اولا والمسيحية ثانيا.
- تقبل الآخرين لخياراتهم المذهبية العقائدية كولاية الفقيه.
- اكتساب الشرعية الاسلامية والتأييد الاسلامي في مسألة الصراع مع اسرائيل واميركا.
- تحقيق الارجحية السياسية والاقتصادية في الجنوب اللبناني والبقاع.
اما ما يشغل بال السنّة اليوم فهو:
- استعمال السلاح ضدهم في بيروت وتحجيمهم الكامل في صيدا وتقليص حضورهم السياسي في بيروت وفاعليتهم في رئاسة الحكومة.
- خوفهم الأمني في بيروت وصيدا، حتى يثبت الجيش الوطني النيّة والقدرة على حمايتهم ضمن قرار جماعي حكومي متوازن طبعاً.
- اقليميا الخوف من الهلال الشيعي.
- التخلف الاقتصادي الهائل في طرابلس وعكار والضنيّة والبقاع.
- الخوف من تغلغل الاصولية السنيّة الأممية عبر بوابة الفقر والحرمان والقهر والكبت السياسي الآتيين خصوصا من مسلمين آخرين، فينتجان حالة طالبانية على حدود سوريا في الشمال اللبناني... الشمال في مقابل الجنوب.
وما يشغل بال الدروز هو:
- الديمغرافية والمحافظة على الارجحية في الشوف وعاليه والتوازن في بعبدا وراشيا وحاصبيا مقابل الموارنة في تلك الاقضية.
- المحافظة على دورهم ووجودهم في المحيط.
اما ما يشغل بال المسيحيين فهو:
- الفارق الديمغرافي والمحافظة على الثقل السياسي والتوازن المولد والضامن للحريات.
- الاصوليات الرائجة في المحيط.
- المحافظة على التنوع الثقافي وتقدم لبنان العلمي والتقني والعلاقات الوثيقة بالعرب وايضا بالغرب والعالم المتطور.
- المحافظة على الكيان اللبناني واستقلاليته وعدم تبعيته لاية دولة اخرى.
كيف يمكن ازالة هذه الهواجس برأيك؟
- علينا مجابهة الواقع بما هو واقع والانطلاق منه في البناء الجديد.
ان المقاربة الواقعية تقتضي ان نعلم شبابنا في المدارس والجامعات ان الاختلاف غنى، وهو من طبيعة التنوّع اللبناني، وان معرفة الآخر والاختلاط به يزيلان ا

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد