كتاب وكاتب » ندوة وكتاب : نزاعات الداخل وحروب الخارج لطوني عطاالله

ندوة وكتاب : نزاعات الداخل وحروب الخارج لطوني عطاالله

أقيمت في الحركة الثقافية-انطلياس ندوة عن كتاب 'نزاعات الداخل وحروب الخارج ' بناء ثقافة الممانعة في المجتمع اللبناني 1975-2007 للكاتب الدكتور طوني عطاالله، أدارها جورج بارود وشارك فيها: الدكتور انطون مسرة، القاضي جورج عقيص والدكتور رامي عبدالحي.
بداية، القى المحامي بارود كلمة قال فيها: ''كتاب نزاعات الداخل وحروب الخارج للدكتور طوني عطاالله يفتح الباب مشرعا على الحرب اللبنانية منذ العام 1975 حتى العام 1991 يوم ظن اللبنانيون ان قرارا بحل الميليشيات قد صدر وسينفذ الى غير رجعة، وان أسلحتها ستسلم الى الدولة أو تباع الى الخارج، متبعا دراسة منهجية وقراءة ثاقبة للأحداث، معتمدا البحث الميداني والتوثيقي'.
وقال: 'لقد بات المطلوب اعادة الاعتبار الى الرئاسة الاولى، كما هي الحال بالنسبة الى سائر السلطات(...) ولا نعتقد ان أحدا نسي ان طوائف الرؤساء الثلاثة بقيت محترمة طيلة هذه المدة من دون أي نص، وان رئيس الجمهورية الماروني كان يترك لرئيس الوزراء السني المكلف مهمة تشكيل الحكومة بالرغم من وجود نص في الدستور ينيط التشكيل برئيس الجمهورية احتراما للميثاق الوطني'.
بعد ذلك، تحدث الدكتور مسرة: 'عندما بوشر مسلسل متكرر ومتجدد مع محاولة اغتيال مروان حمادة، ثم اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري من خلال عملية حربية ارهابية أشد تنظيما، ولدت انتفاضة الاستقلال في 14 آذار 2005 وليست التسمية مجرد 14 آذار، امتلك مئات اللآلاف من اللبنانيين، وبخاصة من جيل الشباب من كل الطوائف والمناطق والاتجاهات، الشعور العارم بان مرحلة جديدة من اليقظة الوطنية قد بدأت.
لكن بالرغم من الاستهداف الارهابي للبنان واللبنانيين والاغتيالات المتلاحقة، عاد البعض، كما في السابق، الى اجترارات حول الأعداء والأشقاء والأعمار والخالات وأبناء العم. بينما المطلوب واحد، وقد أجمع عليه أخيرا مجلس الأمن الدولي، وربما لم يجمع عليه بعد اللبنانيون: كلكم مهددون، أقفلوا لبنان-الساحة!'.
واضاف: 'يستخلص من الكتاب سؤال محوري: ماذا يمكن العمل لمواجهة النزاعات بين الأقليات؟ يجيب عنه الكاتب بقوله: 'هذا نمط من النزاعات هي في جوهرها نزاعات مركبة يصعب فصلها أو حلها، من هنا يأتي الخطر الذي يتهدد البلدان المتنوعة، والحاجة الى استراتيجية ذات أبعاد متعددة، التجربة اللبنانية هي بمثابة مثال ودرس بليغين'.
وتلاه القاضي عقيص، فقال: 'اكتشفنا مع الدكتور عطاالله ان الحرب في لبنان لم تكن نمطية ولا يمكن تصنيفها في فهارس ولا اعرابها في معاجم، فهي في وقت واحد حرب الطبقات مع بعضها، حرب الغني مع الفقير، أحزمة البؤس مع البطون المتخمة. وهي حرب الطوائف مع بعضها وبين بعضها، حرب الزعامة الدينية مع الزعامة السياسية في الطائفة نفسها، حرب الاقطاع مع الأحزاب، حرب الايديولوجيا المطلقة مع البراغماتية المطلقة، حرب الداخل مع الخارج، وحرب الداخل مع الداخل من أجل الخارج، وحرب الخارج مع الخارج على حساب الداخل.
اكتشفنا ان الحرب اللبنانية الماضية لم تنته، وان الحرب اللبنانية الحقيقية لم تبدأ بعد، وان مخاضا تم من دون ان يسفر عن ولادة، وان صراعا خيض من دون منتصر.
اكتشفنا من الكتاب قسمين: قسم ملموس وقسم خفي مخفي:
في قسمة الملموس، إسراف في وصف بشاعة الحرب، وفي قسمه الخفي المخفي تحذير من تكرار وقوعها. وفي قسمه الملموس وصف لهشاشة الداخل اللبناني طوال عقود، وشهية الخارج للتدخل من خلالها.
وفي قسمه الخفي المخفي إضاءة ساطعة على استمرار هذه الهشاشة راهنا حتى الاضمحلال، وتطور هذه الشهية حتى الشراهة.
وختم: 'لعلي اكتشفت مع الدكتور عطاالله، ومن خلال ما بذله في كتابه، اننا شعب ينفعل من الأحداث ولا يتفاعل معها مستخلصا العبر، واننا شعب لا يتعب من تكرار تجاربه الفاشلة ومغامراته الرديئة، الى درجة أصبحت تواقا الى يوم يتحول فيه اللبناني الى مواطن يحب وطنه بقلبه لا بغريزته، ويتحول فيه السياسي الى قائد يستشرف مستقبل وطنه بعقله لا بجيبه وعدد مناصريه'.
وقال الدكتور عبدالحي: 'كتاب الدكتور طوني عطاالله صرخة علمية أكاديمية تدعو الى درس تجربة الحرب اللبنانية لبناء ثقافة المناعة، ثقافة المدنية في وجه آفة الطائفية ومرض رفض الآخر.
ان الدراسات الدستورية لوثيقة الوفاق الوطني كثيرة وانتاجات أدب الحرب وفيرة، ومذكرات السياسيين اليومية موجودة، الا ان قلة من الاكاديميين تجرأت على عرض الحرب الأهلية اللبنانية من زاوية فكر الأقليات وربطها بعلم الاجتماع، من جهة، وعلم السياسية، من جهة أخرى، ولا سيما من زاوية ربط الداخل المتنوع والمتقوقع بالخارج الرحب والموجود والمؤثر.
وعادة يكون سبر غور حروب الداخل وربطه بنزاعات الخارج له نتائج جل ما يقال فيها انها وخيمة من حيث قواعد المسؤولية(...)
من هنا كانت هذه الدراسة اكاديمية من حيث انها أكدت العلاقة الجدلية بين الداخل والخارج، مؤكدة من خلال عرض مظاهر الحرب بجهل اللبنانيين أنفسهم، ولا سيما من حيث ربط علم النفس السياسي بوسائل الخوف والتخويف وتصرفات الميليشيات على أرض خطوط التماس، كل ذلك مترافق مع التعبئة الايديولوجية والاعلامية. الا ان مسؤولية بعض اللبنانيين عن الحرب ومآسيها لا يتحملها كل اللبنانيين، فكان واضحا من خلال الفصل السابع للكتاب ان المجتمع اللبناني قاوم منظومة الحرب من خلال انعقاد المؤتمرات الوطنية والمبادرات الانسانية ومقاومة الخطف أحيانا وتواصل تقاليد الحماية والمساعدة الانسانية'.
وأخيرا تحدث الكاتب الدكتور عطاالله، قال: 'ان فائدة هذا الكتاب تتركز على:
1- بناء الذاكرةالجماعية، لان ما يهدد السلم الاهلي في لبنان نسيان الاجيال المقبلة للآلام المشتركة فلا تتعظ من غنى التجربة وتعيد انتاج الماضي كالشعوب المتخلفة. والذاكرة هي مدخل الى ثقافة مدنية متجددة.
2- تجربة الحروب في لبنان ليست مهمة على المستوى المعرفي فقط، بل لانها ذات فائدة لزهاء نصف سكان العالم الذين يعيشون في مجتمعات شبيهة بالمجتمع اللبناني.
3- البحث جديد ولا تتوافر مراجع في منظومة الحرب نفسها، على رغم توافر كتابات عن الجيش والميليشيات والتهجير ووسائل الخوف وغيرها. جاءت الأطروحة لتسد حاجة.
4- الحاجة الى اغلاق 'لبنان-الساحة' بعدما استعمل لبنان طويلا ساحة مفتوحة لتصفية حسابات اقلمية ودولية،. وما يجري منذ تشرين الاول 2004 من محاولات اغتيال واغتيالات وتفجيرات هو سباق بين العودة الى الساحة وبين اغلاقها. ان تقدم لبنان وازدهاره ومستقبله مرتبط ببناء السلم الأهلي.
5- اللبنانيون الذين عاشوا في أجسادهم وضمائرهم الحروب هم المؤرخون الحقيقيون، ان لم ينقلوا ما حصل، فيأتي بعدهم اختصاصيون يكتبون تاريخا كاذبا'.
وختم: 'يستند هذا الكتاب الى التحليل انطلاقا من الابحاث حول علم الحرب والنزاعات، وهو تاليا ليس تأريخا للحرب'.

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد