ـ صحيفة المستقبل
نصير الأسعد:
لا يمكن المرور مرور الكرام بما تضمّنه خطاب الأمين العام لـ'حزب الله' السيد حسن نصرالله من 'جديد'، في خطابه في إستقبال آخر الأسرى اللبنانيين العائدين من السجون الإسرائيلية.
في هذا 'الجديد'، الحرص للمرّة الثانية على التوالي ـ بعد المؤتمر الصحافي الأخير ـ من جانب نصرالله، على تنسيب عملية التبادل مع إسرائيل إلى رعاية الأمم المتحدة وأمينها العام والوسيط الدولي لمفاوضات التبادل والإتفاق الذي تمّ التوصّل إليه، وهي رعاية تمّت بموجب القرار الدولي 1701. وفي هذا الإطار وجّه نصرالله الشكر إلى بان كي مون والوسيط الدولي ذي الجنسية الألمانية، وكشف عن رسالة ـ أو أكثر ـ وجّهها إلى بان في القضية. وفي 'الجديد' أيضاً إعلانه إصرار 'حزب الله' على المناقشة بأسرع وقت ممكن في الإستراتيجية الدفاعية بحيث 'تتحمّل الدولة مسؤولية الدفاع عن البلد'. إنّه أول كلام من نوعه عن إستراتيجية دفاعية لـ'الدولة'. وأول إعلان من نوعه عن الإستعداد لإدراج المقاومة في الدولة. وأول إعتراف من نوعه بـ'الوظيفة' الدفاعية للدولة وليس على طريقة 'أعطونا الدولة القادرة لنرى بعد ذلك'. وفي 'الجديد' كذلك، حديث نصرالله عن 'الإستفادة من الفرصة لمعالجة المشكلات والأزمات بروح التضامن والتعاون لا المناكفة والمكايدة والتعطيل وإلغاء الآخر'، وتشديده على معالجة 'كلّ' الملفّات 'بما يخدم المصلحة الوطنية ويعزّز الوحدة الوطنية'. وفي هذا المجال، فانّ الإنطلاق من 'حسن النيّة' يقود إلى إعتبار انّ ما يقصده بـ'الملفات' و'المشكلات' و'الأزمات' إنما يتعلّق بأحداث أيار الماضي وتداعياتها، والمسألة الأمنية في الداخل، وعوامل الفتنة. وإذا كان ما جرى في منطقة عبيه أمس يترجم هذا التوجّه فيمكن القول إنّ ذلك 'النموذج' مهمّ في الشكل وفي المضمون بما هو لونٌ من ألوان 'المصالحة' بعد 'حرب' حصلت قبل شهرين.
ـ صحيفة المستقبل
فيصل سلمان:
سيكون من اللائق أن نترك الأسرى المحررين ليرتاحوا بين أهاليهم، على أمل أن تكون عودتهم مناسبة لجمع الشمل وتوحيد الكلمة.إن عذابات هؤلاء، وتضحيات المقاومة، تفترض الترفع والسمو، فلا تكون عرضة للمزايدات ولا سبباً لمزيد من الخلافات.ولئن نجحت المقاومة بعد مفاوضات شاقة في التوصل الى الافراج عن سمير القنطار ورفاقه، فإنه يجدر بنا، كما قال السيد حسن نصرالله، ان نتذكر من بقي في سجون العدو، وعددهم قرابة 11 ألف أسير فلسطيني.هذا سبب إضافي، يدعونا، بعد توجيه التهنئة، الى مخاطبة الجميع، بأن، لا تتسرعوا في اطلاق المواقف السياسية والاحكام القاطعة، ان في ذلك سبباً للفرقة.ارتاحوا، ثم تريثوا في قراءة الواقع السياسي، وبعدها، كونوا رسلاً للوئام بدلاً من أن تغرقوا في وحول السياسة.لو كنت مكان سمير القنطار لجلست اليوم أقرأ كلمة السيد نصرالله وأعيد قراءتها ثانية وثالثة فإيجابياتها الكثيرة ستشكل رافداً مهماً من روافد وعيي السياسي، وبعدها أنطلق الى إطلاق الرأي. لقد غاب سهواً عن السيد نصرالله ذكر الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وهو ما لم يغب عن بال رئيس الجمهورية، فلنتفق على أن يتذكر كل فريق شهداء الوطن، كما أسراه المحررين منهم والذين لا يزالون في عالم الغيب في هذا البلد أو ذاك.هنيئاً للقنطار ورفاقه بالحرية، ومهلاً، مهلاً، فالوطن في حاجة الى صوت إضافي جامع موحد، ولا تنقصه أصوات الفرقة.
ـ صحيفة السفير
عماد مرمل:
تكاد الصورة تكون عصية على التصديق. الرؤساء ميشال سليمان ونبيه بري وفؤاد السنيورة والشيخ نعيم قاسم والعماد ميشال عون والنائب سعد الحريري وممثل القوات اللبنانية جورج عدوان والنائب مروان حمادة والنائبة نائلة معوض... يقفون كتفا الى كتف لاستقبال سمير القنطار ورفاقه المحررين ومعانقتهم بحرارة، بعدما وقفوا طويلا وجها لوجه. وهكذا، فان ما فرقته القراءات وربما الحسابات المختلفة تجاه عملية الوعد الصادق في تموز ،٢٠٠٦ جمعه مجددا الوفاء بالوعد إياه في تموز ،٢٠٠٨ بما يؤشر الى حجم التحولات التي شهدتها الساحة اللبنانية مؤخرا. وبعد ساعات، جاءت الصورة الأخرى التي لا تقل بلاغة: النائب وليد جنبلاط والوزير محمد فنيش يجلسان جنبا الى جنب في عبيه، في قلب منطقة عاليه التي كادت تلتهمها المواجهة المسلحة في أيار الماضي بين حزب الله والحزب التقدمي الاشتراكي. وها هو تحرير القنطار يحرض جنبلاط على القيام بتمرين ذهني أيقظ فيه الحنين الى الماضي ودور الجبل في مواجهة الاحتلال الاسرائيلي وإفرازاته، من تلة ٨٨٨ الى إسقاط اتفاق ١٧ أيار، مصفقا لسمير القنطار عندما اعتبر ان من واجب الحزب التقدمي ان يمنع أي يد من ان تمتد الى سلاح المقاومة. أما فنيش الذي اخترق غشاء الجفاء النفسي مع زعيم المختارة، فقد نفض بدوره الغبار عن العلاقة التاريخية التي جمعت في السابق حزب الله والحزب التقدمي الاشتراكي، فاتحا الابواب الواسعة امام إمكانية إعادة تجديد خلاياها تحت سقف الثوابت الوطنية. لكن، إلى متى يمكن ان يدوم "مفعول&laqascii117o; تحرير القنطار ورفاقه؟ وهل العناق الذي واكب عودتهم الى الحرية هو مجرد تبويس لحى على الطريقة اللبنانية ام انه بداية المصالحة الحقيقية؟ وهل اجتماع خصوم الامس هو لقاء عابر فقط ام انه لقاء عابر للطوائف والمذاهب؟ وكيف يمكن البناء على هذا الفائض من الغرام بعد... الانتقام؟
لعل الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله قدم إجابات أولية عن هذه التساؤلات من خلال خطاب "رجل الدولة&laqascii117o; الذي ألقاه أمس الاول من موقع "قائد المقاومة&laqascii117o;، مكرسا المنحى الانفتاحي الذي دشنه في خطابه ما قبل الاخير، حين أعلن عن إبرام صفقة التبادل مع العدو الاسرائيلي. لقد اختار نصر الله تلك اللحظة التاريخية المكثفة التي تحقق فيها الانجاز الأقرب الى الاعجاز، كي يفاجئ حلفاءه قبل خصومه بهذا القدر الكبير من التواضع والانفتاح، معلنا عن اصراره على ان تشارك الدولة وكل القوى في حماية البلد، وهو المتّهم ببناء "دويلة حزب الله&laqascii117o; وبالرغبة في احتكار المقاومة.
ولعله سيكون على المشاركين مستقبلا في الحوار الوطني حول الاستراتيجية الدفاعية ان يعدّوا ملفاتهم جيدا وان يستعدوا للاجابة عن الاسئلة الكثيرة التي سيطرحها عليهم الحزب بخصوص تصوراتهم التفصيلية والعملية لكيفية تحرير مزارع شبعا والدفاع عن لبنان إزاء الخطر الاسرائيلي، بعدما كانت مسألة استراتيجة الدفاع تطرح في الماضي من زاوية ان الحزب هو القابع في قفص الاتهام، وبالتالي المطلوب منه ان يخضع للاستجواب حول جدوى مقاومته. وبهذا المعنى، قلب نصر الله الادوار واضعا الآخرين امام مسؤولية "الشراكة&laqascii117o; في التحرير والدفاع، موحيا بأن الحزب سيدخل الحوار بثقة وهو متسلح بتجربة متكاملة أثبتت جدواها وفعاليتها بالاستناد الى أدلة حسية كان آخرها تحرير سمير القنطار، ويمكن منذ الآن الافتراض ان ممثل حزب الله الى طاولة الحوار سينظر في عيون الحاضرين ويقول لهم: هذه استراتيجيتنا للتحرير والدفاع، جربناها على مدى سنوات طويلة واختبرنا نتائجها تحريرا في العام ٢٠٠٠ ونصرا في العام ٢٠٠٦ واستعادة للاسرى في عمليات تبادل نوعية... هذا هو نموذجنا، فهاتوا ما عندكم وضعوا أوراقكم على الطاولة وأقنعونا بالبديل. ولم يترك "السيد&laqascii117o; مجالا للتسلل من أي ثغرة في خطاب "الراية&laqascii117o;، ولا سيما عندما أكد تأييده كل حرف ورد في كلمة رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان في المطار خلال استقبال الاسرى المحررين، معيدا الاعتبار مرة أخرى الى منطق "التناغم&laqascii117o; بين الدولة والمقاومة، وهو "الوتر&laqascii117o; الذي عزف عليه أيضا النائب وليد جنبلاط حين أكد انه لا تناقض بين الاثنتين.
وتحث اوساط تيار المستقبل حزب الله على الاسراع في إطلاق مبادرة إيجابية تجاه أهالي بيروت من نوع الاعلان الواضح والصريح عن ان لا سلاح في العاصمة، بما يؤدي الى تنفيس الاحتقان المتبقي والى إراحة سعد الحريري وجمهوره على قاعدة وجوب تعزيز وحماية خط الاعتدال في الطائفة السنية، مشددة على أهمية ان يدخل الحريري أي حوار او تسوية من موقع متساو مع الآخرين، لان طاولة الحوار لن تكون منتجة إذا كان أطرافها او بعضهم ما زالوا يشعرون بشيء من التشنج، علما بأن إزالته تساعد المحاور على التعاطي بمرونة أكبر مع المسائل التي ستُناقش.
ـ صحيفة البلد
علي الأمين:
يعتقد دبلوماسي ايراني في بيروت ان لبنان سيشهد المزيد من ترسيخ مناخات الوحدة والتفاهم بين الفرقاﺀ السياسيين، ويساعد على ذلك ما يسميه التطور الايجابي في العلاقات الاقليمية والدولية على مستوى المنطقة، لافتا الى ان ايران جادة في العمل على تحسين العلاقة مع الولايات المتحدة بما يخدم المصالح المشتركة بين الدولتين، ويؤمن الاستقرار والهدوﺀ على مستوى دول الخليج والشرق الاوسط عموما، مشيرا الى المواقف الاخيرة التي اعلنها الرئيس الايراني احمدي نجاد، لجهة الحوار مع الاميركيين وفتح مكتب لرعاية المصالح في الدولتين الايرانية والاميركية. اذا كان ما تقدم يعكس الرغبة او الواقع على مستوى ادارة المصالح المشتركة بين واشنطن وطهران، فهو لا يخل بنفوذ الدولتين بل يهدف الى تنظيم الخلاف بينهما عبر دبلوماسية العناق والقبل، بعدما فشلت سياسة الاحتواﺀ التي اعتمدتها الادارة الاميركية مع ايران. علما ان قادمين من ايران اكدوا انها تعاني من ازمات نفطية واقتصادية الى الحد الذي بدأت عمليات تقنين الكهرباﺀ داخل طهران أخيراً بمعدل خمس ساعات يوميا، وهي غير قادرة على تلبية حاجاتها الى مادة البنزين من خلال المصافي الايرانية. وان كان ذلك لا يهدد النظام في ايران بل يزيد من الالتفاف حوله، فانه في المقابل ليس في موقع يحول دون السعي الى تحسين علاقاته مع واشنطن لجني محاصيل ما بذره خلال السنوات الماضية اقتصاديا سواﺀ في العراق ودول الخليج وغيرها.
في موازاة هذا المسار الاميركي- الايراني برز المسار السوري- الفرنسي في القمة المتوسطية التي عقدت في باريس، وكان الرئيس بشار الاسد نجم هذه القمة وكانت الصور الملتقطة والمدروسة مع رئيس الوزراﺀ الاسرائيلي الى جانب حديث الاسد عن العلاقات العادية بين سورية واسرائيل، ايذانا بدخول سورية الجدي في مرحلة جديدة في علاقاتها مع الغرب وفتح صفحة جديدة مع اسرائيل. فهل تعني الخطوات السورية الاخيرة ان ثمة ضوﺀاً اخضر اميركياً اطلق هذه الدينامية السورية- الاسرائيلية والفرنسية ـ السورية؟مصدر لبناني معارض على صلة بمسؤولين رسميين سوريين، شدد على ان الاتصالات الاميركية - السورية لم تنقطع لكي تنطلق من جديد، لكنها شهدت تطورا ايجابيا في الآونة الاخيرة، لافتا الى ان وفودا اميركية عدة زارت دمشق، منها ما اعلن عنه ومنها ما لم يعلن عنه ينتمي بعضها الى الحزب الديمقراطي، الذي تنتظر دمشق وصول مرشحه الى السلطة لتظهير آفاق جديدة في العلاقة بين الدولتين، فيما الاهم في مسببات هذا التطور لدى القيادة السورية هو نهاية عهد جورج بوش
المصدر اللبناني يشير الى استمرار التعاون الامني بين الاجهزة السورية والاجهزة الاميركية في ملاحقة مجموعات تنظيم القاعدة وبعض الجماعات السلفية، التي تنشط في العراق وفي المنطقة العربيةعموماً. وفي هذا السياق يلفت المصدر نفسه الى معلومات استخبارية قدمت من قبل سورية الى الجيش اللبناني بمعرفة واطلاع من جهات استخبارية اميركية، تتناول معلومات عن مجموعات سلفية مقاتلة في مناطق لبنانية متنوعة سواﺀ في الشمال او في مخيم عين الحلوة وبعض مناطق في البقاع الغربي. ويؤكد المصدر ان الاجهزة السورية قامت اخيرا بعمليات امنية استهدفت مجموعات سلفية مسلحة داخل سورية فيما بعض المعلومات المتداولة اشار الى تمرد حصل في احد السجون السورية قبل ايام ادى الى مقتل عشرات من اعضاﺀ هذه الجماعات داخل السجن.
ـ صحيفة النهار
روزانا بومنصف:
رد رئيس 'اللقاء الديموقراطي' النائب وليد جنبلاط التحية الى الامين العام لـ'حزب الله' السيد حسن نصرالله في الاحتفال بعودة الاسير سمير القنطار من السجون الاسرائيلية بأحسن منها. هذا على الاقل ما يفسّر به جنبلاط موقفه في الكلام الذي اطلقه في عبيه امس. ففي مقابل الاستعداد للانفتاح ومناقشة كل ما ابداه الامين العام لـ'حزب الله' مساء اول من امس في خطابه في استقبال الاسرى، طرح الزعيم الدرزي جملة فرضيات على طريقته واسلوبه في الاجابة عما اقترحه نصرالله، فعلى سبيل الافتراض والاقتراح، اذا كان ثمة تعارض بين النقاط التي عددها جنبلاط كما قال لـ'النهار'، اي 'اذا كان هناك تعارض بين الطائف والمقاومة وبين الحرية والمقاومة وبين الاستقلال والمقاومة وبين الصمود والازدهار والمقاومة وبين المحكمة والمقاومة...' فانه لن يكون هناك مجال للحوار والتلاقي. فهذه الأمور كلها، يقول جنبلاط 'مطروحة للحوار او للمناقشة، واذا كان السيد نصرالله موافقاً عليها نكون قد وضعنا وراء ظهرنا النقاط الخلافية وانتقلنا الى بناء الدولة'. ولا يعقل ان يبدي الأمين العام للحزب انفتاحاً على الحوار في كل القضايا وصولاً الى الاستراتيجية الدفاعية، على ما يقول جنبلاط، 'ولا نلاقيه، واتمنى الا يكون هناك تناقض بين هذه العناصر جميعها والمقاومة، كي ننتقل الى بناء الدولة'. واذ يستعيد الزعيم الدرزي بعضاً من ذكريات الماضي، يقول انه يفخر بماضيه العربي والفلسطيني، وهذا هو الواقع. كلام جنبلاط في عبيه استوقف كثيرين وطرح جملة تساؤلات ذهبت بعيداً في التفسير والتحليل وحتى الانتقاد على اساس ان هناك لغة جديدة بمضمون جديد لا تقتصر على اسلوب التخاطب بل على مضمونه. بعضهم اعتبر ان جنبلاط بدأ يعيد التموضع قبل اشهر من الانتخابات النيابية المقبلة وخصوصاً ان اجتياح 'حزب الله' لبيروت ومحاولته احتلال الجبل تركا آثاراً عميقة لا يمكن تجاهلها. وبعض آخر اعتبر ان جنبلاط يكمل ما كان بدأه منذ بضعة اسابيع في التغيير الذي ادخله على شكل خطابه السياسي والمضمون انطلاقاً من نقطتين، الاولى انه اذا كنا سنكون او سنبقى على خصومة مع 'حزب الله' فعلى الأقل لتكن هذه الخصومة من دون حرب في الشوارع لأن نتائجها كارثية على الجميع وخصوصا على أهل الجبل، ولتكن خصومة شريفة على هذا الاساس. أما النقطة الثانية فمبنية على رفضه الكلي أي حرب او فتنة درزية - شيعية. واذا كان ثمة اسقاط على المستقبل القريب لهذا الكلام فهو ان المعركة الانتخابية المقبلة ينبغي ان تحمل شعار 'الدولة لا الدويلة'. وقد أتاحت مناسبة اطلاق الاسرى من السجون الاسرائيلية فرصة من اجل اعادة رأب بعض ما تصدع باعتبار ان المشهد الميداني في عبيه أظهر ان الامور لا تزال صعبة بالنسبة الى أهل الجبل وستبقى كذلك لبعض الوقت نظرا الى الجرح الكبير الذي أصيب به، بدليل تدخل الوزير وائل بو فاعور والنائب اكرم شهيب اكثر من مرة للتخفيف من اعتراض المواطنين لدى ذكر بعض الكلمات، على رغم ان الجمهور في عبيه لم يكن جمهور الحزب التقدمي الاشتراكي حصرا، وشكّل نسبة لم تكن قوية بين الحضور أنصار الحزب السوري القومي الاجتماعي والوزير طلال أرسلان و'حزب الله'. والمؤشر البارز الى البعد الداخلي في كلام جنبلاط، بحسب هؤلاء، اشارته الى الغدر الذي أودى بالزعيم كمال جنبلاط وهو يستكمل مواقف مماثلة تتعلق بسوريا طالت حتى فرنسا اخيرا. لكن هذا لا يعني ان رد الفعل الفوري على كلام جنبلاط لم يثر انزعاجا في بعض الاوساط الحليفة القريبة وان يكن شدد على ان لا سلاح لحماية السلاح الا سلاح الوحدة الوطنية، في رد على كلام سابق للسيد نصرالله فحواه ان لا حاجة الى الاجماع الوطني من أجل حماية المقاومة.
في المقابل أدرج كلام الوزير محمد فنيش، كما كلام السيد نصرالله، محليا كما لدى المراقبين الديبلوماسيين في اطار الاستيعاب وإن المتأخر لحوادث بيروت والجبل والسعي الى معالجتها والتخفيف من آثارها. وقد وفرت مناسبة اطلاق الاسرى التي شارك فيها جميع الافرقاء مناسبة للسعي الى طي الصفحة الاليمة من دون الاعتذار او العودة الى ذكرها مجددا، ولكن من دون تخلي 'حزب الله' عن كل مظاهر القوة في الشكل والمضمون على ما أظهر في مناسبة استقبال الاسرى التي استوقفت ديبلوماسيين كثرا، كما استوقفهم اقفال المؤسسات العامة والخاصة من أجل هذا الحدث باعتبار ان ثمة من لا يفهم السياسة اللبنانية وتعقيداتها، ورأوا، على رغم الاهمية التي يكتسبها الحدث، ان الموضوع يفتح بابا ضخما وواسعا للتوظيف السياسي الداخلي، فضلا عن عدم موافقة هذا البعض على رأي الحكومة اللبنانية والافرقاء الآخرين في طبيعة النظرة الى قضية الاسرى الذين أطلقتهم اسرائيل والاعتبارات التي دفعتها الى القيام بذلك، بالاضافة الى الاثمان الباهظة التي أداها لبنان في المقابل وخصوصا عام 2006 على الاقل.
ـ صحيفة الحياة
وليد شقير:
مع ان الأمل ضئيل بتغيير إسرائيلي وتعديل أميركي، فإن ثمة أملاً بأن يعوّض لبنان ما فاته من عام 2006 حتى الأمس القريب. فمع انتصار تموز حصل عكسه على الصعيد اللبناني الداخلي. وبدل التماسك نتيجة الانتصار مقابل مفاعيله السلبية على إسرائيل، ذهب لبنان الى انقسام سياسي وطائفي ومذهبي خطير أهدر وهج هذا الانتصار وتداعياته الإيجابية على الصعيدين اللبناني والعربي.فما رافق الزهو باستقبال الأسرى وجثامين الشهداء من مظاهر تضامن لبناني، والخطاب التصالحي والهادئ للأمين العام لـ &laqascii117o;حزب الله" السيد حسن نصرالله، يحييان الأمل بإمكان التعويض عما فات.وإذ بدا واضحاً ان نصرالله، أراد في خطابه المنفتح التخفف من اثقال السنتين الماضيتين على الوضع اللبناني الداخلي وعلى صورة الحزب كمقاومة ناجحة في مواجهة إسرائيل، فإن ظروفاً وعوامل عدة تتيح له التقاط المناسبة لزرع جديد ومرحلة جديدة. إن الانقسام اللبناني بدأ آخر عام 2006 على المحكمة ذات الطابع الدولي لمحاكمة المتهمين في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري. أما وأن المحكمة باتت مسألة دولية، وسورية تنخرط في مرحلة انفتاح على الصعيد الدولي وبإمكانها ان تتدبر شؤونها مع المحكمة عبر علاقاتها الدولية هذه، فإن الحزب ليس مضطراً لتحمل عبء الموقف منها داخلياً وخارجياً، مع اضراره الكبرى.