صحف ومجلات » مقالات وتحليلات الصحف اللبنانية الصادرة صباح اليوم الأربعاء 24/9/2008

ـ صحيفة السفير
جو معكرون:
يصبح ميشال سليمان غداً الرئيس اللبناني الثالث الذي يدخل المكتب البيضاوي حاملاً معه أجوبة لتساؤلات البيت الابيض وادارة اميركية تراقب عن كثب مؤتمر الحوار الوطني والعلاقة مع سوريا والوضع الأمني في الجنوب، فيما يسعى سليمان لتوفير مساعدات عسكرية الى الجيش اللبناني قد يعلن عنها قريباً. وقالت مصادر اميركية لـ"السفير&laqascii117o; إن الإعلام الاسرائيلي عمل على تضخيم قضية المساعدات العسكرية الى الجيش اللبناني، مؤكدة ان هذه القضية طرحت مع الجانب الإسرائيلي خلال زيارة نائب مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدني جيفيري فلتمان الى اسرائيل "لكننا لم نكن نطلب إذناً منهم&laqascii117o;. وعن قضية انتشار الجيش السوري على الحدود اللبنانية، لم تبد مصادر أميركية قلقها من هذا التطور واكتفت بالقول "الحكومة اللبنانية مدركة جيداً لهذا الأمر وتتعامل معه&laqascii117o;. على جدول أعمال سليمان في زيارة لن تستمر اكثر من ٢٤ ساعة لقاء مع بوش في البيت الابيض ومع وزير الدفاع روبرت غيتس في مقر اقامة الرئيس ومع قيادات في الكونغرس، وتنظم السفارة اللبنانية في واشنطن على شرفه حفل استقبال مساء الخميس في نهاية زيارته الى العاصمة الاميركية.
هذا وصدر بالأمس التقرير السنوي للمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية وتطرق بجزء منه الى الوضع في لبنان مشيرا الى استمرار الاضطرابات في العام المنصرم لا سيما في عين الحلوة ونهر البارد ومعتبراً ان هذا الامر قد يعود الى رد فعل سلبي من حرب العراق "كدليل على زيادة التشنج الطائفي التي ولدته هذه الحرب&laqascii117o;. وتابع التقرير "في هذه الأثناء، تضخ واشنطن والرياض الاموال في خزائن الحكومة وتدرب خلسة وحدات عسكرية خاصة&laqascii117o;. وأضاف ان "هذه الخطوات اعتبرت ضرورية لموازنة إقدام حزب الله والمساعدة الأساسية التي يحصل عليها من طهران&laqascii117o;. واعتبر المعهد الذي يتخذ لندن مقراً رئيسياً له ويتخصص بالدراسات العسكرية أن واشنطن تمنت ان الجيش الذي تعامل بحزم "مع الفلسطينيين في مخيمات اللاجئين في الشمال قد يسيطر على حزب الله في الجنوب بالقدر نفسه من الحماس&laqascii117o;. وأضاف "على المدى الطويل، هذا الخط من التفكير ذهب، وظهر جيش وطني لضمان سلامة النظام الدستوري&laqascii117o;. واشار التقرير الى ان زيارة وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس الاخيرة الى بيروت في حزيران الماضي بعد اتفاق الدوحة كانت لوضع ختم الموافقة الاميركي على الحكومة اللبنانية الجديدة&laqascii117o;.
ـ صحيفة السفير
خضر طالب:
يمكن استخلاص ثلة توقعات للنتائج المحتملة عن إعادة تموضع جنبلاط ـ الحريري، وهي تمتد منذ اللحظة التي يلتقي فيها الحريري بقيادة حزب الله في قريطم وقد لا تنتهي بمفاعيل ونتائج الانتخابات النيابية المقبلة، لأن "الجسر&laqascii117o; الذي عبره جنبلاط في المرحلة الماضية بخطوات "مستعجلة&laqascii117o; كان يمكن أن تكون قفزة في الهواء لولا أن ثبّتها الحريري الذي نجح في قطع معظم تلك المسافة بسرعة قياسية ليعطيها زخماً وغطاءً، بغض النظر عن قدرة الآخرين من الحلفاء على اللحاق بهما. ومع أنه لا يمكن حصر النتائج لذلك "التصحيح&laqascii117o; راهناً، في انتظار معرفة عدد الذين يريدون، أو يستطيعون، عبور ذلك الجسر إلى الضفة التي وقف فيها جنبلاط والحريري ويستعدان للبناء عليها بأخشاب ذلك الجسر الذي ستُترك حباله معلّقة لمن يريد المخاطرة لاحقاً بالعودة إلى الوراء... أو لمن يريد العبور إلى ضفتهم برغم أخطار الانزلاق، إلا أنه بالإمكان تعداد نتائج مباشرة لن يطول الوقت قبل تبيانها:
انتهاء صيغة ١٤ آذار السابقة، ولا تعني التأكيدات على بقاء هذه الجبهة أنها ستبقى كما كانت وبكل مكوناتها.
سقوط الرهان على فشل التحوّل الذي سلكه جنبلاط قبل أشهر وتأكيد ثباته على مساره الحالي.
تكريس وتعزيز التحالف بين جنبلاط والحريري، اللذين تضررا من آلية "تقاسم&laqascii117o; المقاعد الوزارية تحت ضغط الحاجة إلى التسوية.
إقفال باب الفتنة السنية ـ الشيعية مع قطع الطريق على أبواق النفخ فيها.
صياغة تفاهمات جديدة تؤسس لمرحلة الانتخابات النيابية المقبلة.
إعادة صياغة التحالفات السياسية والانتخابية على وقع ما سيطرأ من متغيرات ميدانية.
دخول لبنان مرحلة جديدة من الهدوء السياسي الذي سيتعزز مع الخطوات اللاحقة التي يفترض أن تحصل بين حزب الله وتيار المستقبل على غرار ما يحصل من خطوات بين حزب الله والحزب الاشتراكي.
إتاحة المجال للجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي لضبط الوضع الأمني في كل المناطق بعد تأمين الغطاء السياسي الذي كان يظلّل كل الأحداث السابقة.
عبور لبنان مرحلة الانتظار الإقليمي والدولي بهدوء حتى تتبين ملامحها.
محاولة عزل لبنان عن تداعيات ما قد تحمله الرياح إلى المنطقة في حال هبوبها.
حصول مناقشة هادئة على طاولة الحوار حول مختلف الملفات المطروحة وفي مقدمها الاستراتجية الدفاعية.
ـ صحيفة السفير
غاصب المختار:
أخطر ما في خطاب جعجع هو استرخاصه أرواح كل هؤلاء الناس واستهوانه عذابات أهليهم..ز هذا هو خطاب الحرب والعودة إلى أحلام التقسيم. لم يكن جعجع يستخف فقط بقضية فلسطين العربية ـ الإسلامية ـ المسيحية، عندما استخفّ بمقولة حزب الله بتحرير كامل الارض العربية المحتلة، بل استخف بأحلام شعب فلسطين واكثرية شعب لبنان وطوائفه، عدا عن احلام شعوب العرب المحتلة ارضها او التي ربما تخشى ان يصل الاحتلال اليها، وهو بالتأكيد استخف بأحلام مناصري حلفائه من مسيحيين ومسلمين في ان تعود فلسطين وسواها أرضاً عربية محررة. هذا الخطاب الانتحاري بتفاصيله وأدبياته وشروطه وعناوين مشروعه السياسي الكبير، التي عرضها جعجع يتجاوز الحساب الانتخابي الضيق بل يتجاوز الساحة اللبنانية، الى حساب دقيق لمشروع كبير اقليمي ودولي ينتظر ربما تجليات خارجية داعمة له، وهو مشروع إقامة دويلات الطوائف في المنطقة العربية ومنها لبنان، الذي نجح الخطاب التحريضي الطائفي والمذهبي منذ ثلاث سنوات في حفر اساساته تمهيداً لتشييد البناء عليها… إنه خطاب الاعتذار المنقوص ونبش سلاح الحرب التقسيمية، خطاب التحريض على مزيد من الموت واللامبالاة بالواجب الوطني الفعلي، الذي يعني ببساطة لكل شعب محتلة أرضه ان يقوم بمقاومة وطنية لتحرير أرضه، لا ان يستخف بسلاح المقاومة ليلمّع سلاح الفتنة والاقتتال والتقسيم.
ـ صحيفة النهار
سمير منصور:
لم تكن الزيارة التي قام بها الرئيس سليم الحص قبل ايام الى قريطم زيارة بروتوكولية او للمجاملة او ردا للزيارة التي قام بها سعد الحريري للحص الاسبوع الماضي. بل ان زيارة الحص المفاجئة لقريطم جاءت في سياق المساعي المبذولة تمهيدا لزيارة وفد نيابي – سياسي من 'حزب الله' لقريطم، تكون توطئة لمصالحة تتوج بلقاء الامين العام للحزب السيد حسن نصرالله والنائب الحريري. وجاءت الزيارة عقب لقاء للحص قبل ساعات 'خارج الاعلام' مع رئيس كتلة 'الوفاء للمقاومة' النائب محمد رعد الذي سيترأس وفد 'حزب الله' – وفق مصادره – الى قريطم اليوم، ممثلاً امينه العام السيد نصرالله. فما الذي املى هذه الزيارة التي قام بها الحص والتي كانت سريعة فعلا ولم تتجاوز الربع ساعة؟
خلال الافطار الرمضاني الذي دعا اليه رئيس الحكومة فؤاد السنيورة الخميس الماضي، التقى الحريري الحص الى الطاولة الرئيسية ودار بينهما حديث حول المساعي المبذولة للقاء والمصالحة، وكشف خلاله الحريري للحص عن احدى العقبات التي تعترض التفاهم على موعد اللقاء في قريطم بينه وبين وفد 'حزب الله'، والتي لم ير الحص ان تذليلها غير ممكن او ان تكون سبباً لعرقلة هذه المساعي. واجرى على الاثر اتصالا بالنائب رعد لمناقشة هذه المسألة، فكان ان التقيا قبل ظهر اليوم الثاني في منزل الحص في محلة عائشة بكار، وتم تذليل العقبة المشار اليها، ولم يشأ الحص الكشف عنها، على رغم الحاح بعض من واكبوا تحركه، واكتفى لدى سؤاله عما اذا كانت تتعلق بان تشمل عملية ازالة الاعلام واللافتات والصور والشعارات طريق المطار بالقول: 'هذا الموضوع كان جزءا من مواضيع المناقشات التحضيرية، لكنه لم يكن سبب الزيارة'.
ـ صحيفة النهار
إبراهيم بيرم:
كل الحسابات والمعلومات السياسية المتجمعة لدى دوائر القرار في 'حزب الله' تخرج بحصيلة نهائية فحواها ان اللقاء الموعود بين الامين العام للحزب السيد حسن نصرالله ورئيس كتلة 'المستقبل' النائب سعد الحريري حاصل لا محالة في وقت قريب، حتى لو حالت ظروف اللحظة الاخيرة دون زيارة وفد الحزب برئاسة النائب محمد رعد دارة قريطم، وهي باتت زيارة بروتوكولية تمهيدية، وكان يتعين ان تتم قبل يومين او اكثر، لكن البحث في تفاصيل اللقاء والاتفاق حول صدور بيان او الاكتفاء بتصريح او مؤتمر صحافي اضافة الى صورة اللقاء نفسه عوامل ارجأت انعقاد اللقاء. ولا تخفي المصادر نفسها البحث بين مندوبين عن الطرفين قطع مرحلة متقدمة في مسألة مكان اللقاء بين نصرالله والحريري اضافة الى زمانه وظروفه الامنية وجدول الاعمال، ومسار العلاقة بين الطرفين في اعقاب اللقاء، الذي سيكون فيصلاً بين مرحلتين. و'حتمية' اللقاء لها عند دوائر القرار في الحزب 'فلسفتها' السياسية التي تبدأ من نقطة اولى فحواها ان الضوء الاخضر من الجهة الاقليمية المعنية مباشرة بحصول هذا اللقاء قد اتى بعد طول انتظار. وزوال 'الموانع' الاقليمية، من امام اللقاء يترافق على المستوى الداخلي مع عوامل اخرى تكوّنت لدى قيادة 'تيار المستقبل' اقنعتها اخيراً باسقاط 'الفيتو' الذي كان تضعه امام حصول اللقاء، وبالتالي جعلتها تبادر ولو متأخرة الى التحضير للقاء الموعود. وبمعنى آخر تعتقد الدوائر نفسها ان المحيطين بالنائب الحريري ما كانوا ليأخذوا القرار باللقاء الا بعدما ضاقت امامهم الى حد بعيد هوامش المناورة وبدوا في حال اعتراض وممانعة غير مقنعة، على ما من شأنه ازالة التوتر وارساء اسس المصالحة، بين اللاعبين الرئيسيين في الحلبة السياسية اللبنانية.
ولا تكتم الدوائر نفسها ان الانهيار الاكبر في 'دفاعات' الرافضين لسلوك درب المصالحة، كان بفعل انعطافة رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط السياسية، وقبوله مد جسور الحوار مع 'حزب الله'، لإرساء اسس علاقة مختلفة، لم تصل الى الحدود القصوى، ولكنها بلغت مرحلة متقدمة تقطع مع صفحة سوداء وتفتح الابواب امام صفحة اخرى. والحزب مطمئن الى ان 'تقدم' جنبلاط الى الموقع الحالي ليس تقدماً تكتيكياً بل هو من ضمن مسار مدروس، وحسابات سياسية دقيقة.
ولا تشك الدوائر نفسها في ان الانعطافة الجنبلاطية المفتوحة على التطور الايجابي، تركت انعكاسات سلبية على حلفائه، ولا سيما 'تيار المستقبل' اذ تركته في حالة ارباك، و'هددت' في بعض المراحل مشروع لقاء قوى 14 آذار نفسه بالانفراط والوهن.
وثمة لدى دوائر 'حزب الله' نفسها اسباب وعوامل اخرى سرّعت في انفتاح قيادة 'تيار المستقبل' على فتح ابواب التلاقي اولاً مع 'حزب الله'، ومنها 'هجمة' الحزب المبكرة على المصالحة، والتصميم على ذلك التوجه جاء على لسان امينه العام السيد حسن نصرالله وعلى ألسنة اكثر من رمز من رموز الحزب في حين كان الحزب يرى بوضوح وجلاء الى اي مدى ذهب نواب 'تيار المستقبل' ورموزه في الهجمة الاعلامية عليه وفي شحن الاجواء والمناخات بمزيد من عناصر التوتير والاثارة.وفي اعتقاد الحزب ان هذا الخيار او الاجراء الذي لجأ اليه عن تصور واع، انما كان من الاسباب والعوامل التي ساهمت في اتخاذ 'تيار المستقبل' قراره المتأخر بدخول دائرة التلاقي تمهيداً للمصالحة.
وبالطبع ثمة اسباب اخرى ساهمت في اتخاذ قرار المصالحة لدى التيار، منها تيقنه ان لا مجال لاعادة عجلة الامور، وموازين القوى الى مرحلة ما قبل اتفاق الدوحة، مع يقين لدى المعارضة بأن الاشهر الاربعة الاخيرة شهدت محاولات جادة لقلب الصورة وتغيير المعادلات انطلاقاً من تفكير مضمر لدى لقاء 14 آذار فحواه ان اتفاق الدوحة لم يكن لمصلحة الداخلين في هذا اللقاء. ولا تخفي مصادر الحزب قراءة فحواها ان 'مصالحة' طرابلس كانت في شكل او آخر انعكاساً ميدانياً لنهاية مغامرة لم تكن محمودة العواقب والنتائج لجأ اليها القطب الرئيسي في فريق 14 آذار واعطت نتائج عكسية.
ولئن كانت هذه بايجاز 'قراءة' الحزب للاسباب والعوامل التي تدفع خصمه السياسي الى 'تجشم' عناء المصالحة معه فإن في جعبة الحزب نفسه جملة اسباب، تدفعه الى فتح الطريق امام اتخاذ قرار المصالحة، وفي مقدم هذه الاسباب حاجته الملحة الى تبريد العلاقة المتوترة مع جمهور 'تيار المستقبل' الذي يدرك الحزب انه يشكل غالبية الطائفة السنية، لذا بات يتصرف على اساس رضاه التام و'ارتياحه الشامل' الى ما تحقق بعد اتفاق الدوحة، ان بانتخاب رئيس الجمهورية وتشكيل حكومة الوحدة الوطنية بالمقاييس التي رفعها الحزب منذ ان بدأ حراكه الاعتراضي، وصولاً الى وضع بيان وزاري ارضى النسبة الاكبر من طموحاته.
كما ان الحزب لم يكن على قلق من التعيينات العسكرية التي حصلت اخيراً. وهو في كل هذا مطمئن الى ان قانون الانتخاب سيقر وفق التصوّر الذي ايده منذ البداية، في حين لا يخشى اطلاقاً الذهاب الى طاولة الحوار الوطني التي نصبت في قصر بعبدا، بعدما بات التسليم ببقاء سلاحه من ضمن الاستراتيجية الدفاعية الوطنية امراً وارداً اكثر من اي وقت، لا سيما بعدما ضاقت دائرة المطالبين بنزع هذا السلاح الى اقصى الحدود.
على هذا الاساس لا يخفي الحزب إطلاقاً ارتياحه للذهاب الى بدايات مصالحة مع 'تيار المستقبل'، ويبادر كما التيار نفسه الى القول بأن هذه الخطوة لا تعني ابداً انه في وارد الخروج من تحالفاته وتفاهماته، ولا يبني على هذا الحدث المستجد، اكثر مما يتحمل.وثمة قراءة اولية لدى الحزب لمرحلة ما بعد هذا اللقاء الموعود، تنطلق من ان الحزب لا يفكر اطلاقاً بإلغاء احد، فهو يعلم ان لـ'تيار المستقبل' حضوراً قويا لا يمكن احداً ان ينكره. لكن التطورات التي حصلت من 4 اعوام حتى اليوم، اعطت بعداً مفتعلاً لاحجام بعض القوى، ومدى تأثيراته وقدراته على الامساك بزمام الامور والقبض على مقاليد السلطة، والمطلوب تهدئة الامور وانتظار لحظة التوجه بعد اقل من تسعة اشهر، الى صناديق الاقتراع التي ستقرر الاحجام الحقيقية لكل القوى قاطبة بما فيها 'حزب الله' نفسه. وعلى الجميع ان يقتنع بهذه الحقيقة العنيدة.
ـ صحيفة الأخبار
انطوان سعد:
بعدما أخذت المصالحة على خط حزب الله ـــــ الحزب التقدمي الاشتراكي تتثبت، مع إصرار الأخير على التأكيد أنه باقٍ في تحالف الرابع عشر من آذار، أعلن النائب سعد الدين الحريري، اقتراب موعد زيارة وفد حزب الله لقريطم، إيذاناً بنجاح الاتصالات التمهيدية التي قام بها المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي ورئيس فرع الأمن في المديرية نفسها، المقدم وسام الحسن عن تيار المستقبل، والحاج وفيق صفا عن حزب الله. ولا بد في هذا الإطار، من التوقف عند ثلاثة أمور: أولاً، لم يُشَر إلى الجهة أو الجهات، الداخلية أو الخارجية، التي شجعت على حصول هذه الاجتماعات، والانطلاق بعملية المصالحة بين الجانبين. ثانياً، لم ترشح عنها أية معلومات عن فحواها، وعن التفاهمات التي أدت إلى تتويجها بزيارة لوفد مهم من حزب الله قيل إنه سوف يحمل دعوة من أمينه العام السيد حسن نصر الله للنائب الحريري إلى الاجتماع به. وثالثاً، لم تعترض أية جهة في الأكثرية أو الأقلية النيابيتين، ولا أية مرجعية سياسية أو وزارية غير محسوبة على الجانبين، على أن يفاوض الضابطان المذكوران باسم تيار المستقبل مع حزب الله. فيما ذكرت معلومات أنه اتُّخذ قرار بالتشدد مع الرتيب في قوى الأمن الداخلي، المفصول إلى مديرية أمن الدولة، الذي كان حاضراً في مسرح حادثة بصرما المشؤومة. وغني عن البيان، أن تطبيق الأنظمة والقوانين، إضافة إلى الانضباط، يبدأ من أعلى الهرم إلى أسفله.
وإذا كان مضمون اللقاءات بين موفدي حزب الله والمستقبل، لا يزال خارج التداول، فإن ما هو واضح على الأقل، يشير إما إلى وجود تباين مهم بين الجانبين على محتوى المصالحة المفترضة، وإما إلى أن ثمة تبايناً في الرهان على مفاعيله. فحزب الله، على ما يبدو، يرمي إلى أن تكون هذه المصالحة مدخلاً إلى تطبيع العلاقة، وطي صفحة وفتح أخرى جديدة، مع تيار المستقبل، والجمهور السني من خلفه، بعد تداعيات أحداث السابع من أيار الماضي، على العلاقات الشيعية ـــــ السنية. في المقابل، فإن أوساط تيار المستقبل قالت لـ&laqascii117o;الأخبار" إن ما ترمي إليه من خلال ما يسمى مصالحة هو: &laqascii117o;فض اشتباك في المناطق اللبنانية التي شهدت اشتباكات، وعدم الاحتكام إلى السلاح، وفق ما اتُّفق عليه في مؤتمر الدوحة، وتمكين الدولة من الإمساك بزمام الوضع". وتشير هذه الأوساط إلى أن قيادة تيار المستقبل &laqascii117o;حذرة جداً من هذه المصالحة، لأنها تخشى أن يكون هدف الفريق الآخر منها أن ينتزع هدوءاً من جانبنا ليستمرّوا هم في معركتهم. أي بكلام آخر، نخشى أنّ يكون هجومهم علينا بالمصالحة كهجومهم علينا بالسلاح".
ـ صحيفة المستقبل
نصير الأسعد:
ماذا فعل سعد الحريري في طرابلس والبقاع، وماذا سيفعل مع 'حزب الله'، بما أنه يميّز بين 'المصالحة' وبين التحالفات السياسية، بين المصالحة والاتفاق السياسي؟ ببساطة، إن ما قام به زعيم 'تيار المستقبل' وما يستعدّ للقيام به، هو أشبه بعملية 'فض اشتباك' عسكري ـ أمني بين جهات ومناطق شهدت فتناً دامية، أي عملية تؤدي الى منع الاحتكام الى السلاح والعنف وتمكّن الدولة بقواها الأمنية الشرعية من استعادة دورها. أي حقن الدماء ومنع الفتن وتحقيق نسبة من الاستقرار الأمني من أجل أن يعود الصراع السياسي الى سياقه الطبيعي، أي السلمي الديموقراطي. فالحريري لا يبحث عن إلغاء الصراع السياسي الطبيعي بل البديهي، ولا يبحث في إطار ما يقوم به عن مصالحات سياسية ثنائية بالمفهوم الدقيق للمصالحة، لكنه يسعى الى إعادة الأمور الى طبيعتها المفترضة.. لأن الصراع السياسي لا يتوقف فيما هدر الدماء يجب أن يتوقف.
ـ صحيفة المستقبل
فيصل سلمان:
أي تحالف تعيشه قوى 8 آذار؟ لا بل مَنْ هي قوى 8 آذار؟ لا يصح الاندفاع في اتجاه القول إن هذه القوى غير موجودة، ولكنها بالتأكيد باتت مبعثرة ومتباعدة. يشكل 'حزب الله' العمود الفقري لهذه القوى، ولكن مجموعة الأحزاب والتيارات والشخصيات من حوله تبدو باهتة. اختفى ما كان يسمى 'اللقاء الوطني' للأحزاب، وانفرط عقد القوى المناطقية في البقاع والجنوب والشمال، حتى أن قياداتها لم تخفِ بعض العتب على قيادة 'حزب الله'. خطف الحزب المقاوم الوهج كله، لكنه وهو يحاول قيادة المعركة، تخطى حلفاءه، بعدما استشعر مخاطر آتية وارتدادات سابقة نتيجة ما أقدم عليه في شهر أيار الماضي. حتى حركة 'أمل' تكاد تكون عند هامش الصورة، فيما يجاهد 'التيار الوطني الحر' وتيار 'المردة'، ولكل حساباته الخاصة، للبقاء أو للعودة الى مجلس النواب والحكومة. في اندفاعه نحو المصالحة مع 'تيار المستقبل' ومع 'الحزب الاشتراكي'، يتغاضى 'حزب الله' عن عتب حلفائه، لأنه يعرف تماماً أن تأمين جبهته الداخلية ضروري لمواجهة ما هو آت على المنطقة. الصورة واضحة... الجميع أنهكوا، والجميع بحاجة الى هدنة؛ لا بأس إذاً من مصالحات في انتظار التطورات الاقليمية والدولية.
ـ صحيفة المستقبل
وسام سعادة:
الانتخابات بحاجة للتخفيف إلى حد كبير من التشنجات الخطابية لضمان سلميتها ونزاهتها. مع ذلك فهي تتناول موضوعاً مركزياً واحداً: ليس المسألة الاقتصادية أو الاجتماعية أو الثقافية أو البيئية، إنما مسألة السلاح، سلاح 'حزب الله' وعلاقته بسلاح الدولة وبدولة كمفهوم. ليس يعني ذلك أن الطرف الاستقلالي سيطالب بنزع هذا السلاح إذا ما فاز بالانتخابات أو سيسلّم بشرعيته إذا ما خسر. كل ما يمكن أن يحققه الفريق الاستقلالي إذا ما حاز على الأكثرية مرة أخرى هو الدفع بهذه المسألة إلى أول مناقشة صميمة على طاولة الحوار.. بعد الانتخابات. وسيبقى مشروعاً للفريق الاستقلالي إثارة المسائل الدفاعية والأمنية إذا ما خسر الانتخابات، بل ستزيد هذه المشروعية لأننا سنكون إذاك أمام مفارقة حزب مسلّح يصل إلى الحكم في دولة ويبقي على سلاحه خارجاً عن كنف هذه الدولة التي 'سيحكمها'. مع ذلك يعلم الفريق الاستقلالي جيداً أن النتيجة السياسية للفوز في الانتخابات مختلفة تماماً عن خسارتها، وأن خسارتها ستكون كارثية عليه وعلى المستقبل الكياني للبنان. في المقابل لا يفرّق 'حزب الله' كثيراً بين ما سيطالب به في حال حقق الأكثرية النيابية مع حلفائه أو في حال لم يتمكن من ذلك. في الحالتين سيطالب بأمور من قبيل 'الثلث المعطّل' و'توسيع الحوار' و'تنويع مواضيعه'. إنه يفضّل 'الهيمنة على الحكم' على الحكم نفسه. وهذا كنه شعار 'المشاركة' في معجمه. المهم الآن أن يسير 'حزب الله' إلى حيث تخصيب مساعي المصالحة ولجم الفتنة بين مسلمي لبنان، وأن يشجع مصالحة أخرى بين مسيحيين تحت عباءة بكركي. وليس من شك أن عدوله عن الخطاب 'التخويني' سيستتبع مزيداً من الهدوء في خطاب الأكثرية. بطبيعة الحال ليس يمكن الثبات على عبارات بعينها عندما تكون الغاية معالجة مسألة خطيرة بحجم مسألة السلاح المفارق لكنف الدولة. زد على أن السلاح بحد ذاته يفرض ضغوطاً على كل أساليب تناوله، وهي ضغوط تجيء كابحة حيناً ومستثيرة لانفعالات مضادة حيناً آخر. يبقى أن كل هذه الضغوط لا يمكنها شطب المسألة المركزية المطروحة الآن على جدول أعمال اللبنانيين: مسألة السلاح وخياراته الداخلية والخارجية. وفي هذه الثنائية على 'حزب الله' أن يدرك بعد كل سنوات الأزمة أن الواقع الموضوعي هو الذي يطرح هذه المسألة وليس أهواء الساسة. والواقع الموضوعي لا يخوّن.

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد