ــ صحيفة السفير :
لقد حلّ رئيس 'تكتل التغيير والإصلاح' العماد ميشال عون على دمشق، أمس، ضيفا استثنائيا مميزا، فخصته باستقبال 'فوق العادة'، مضفية على زيارته ما يعبر عن حجم التحول الحاصل في العلاقة بينها وبين زعيم الأكثرية المسيحية في لبنان بعد عقود من العداوة، ولعل عون نفسه ترجم هذه الحقيقة بقوله إن ما كان حراما بالأمس أصبح حلالا اليوم. ولان دمشق تدرك الأهمية الاستثنائية لوجود 'الجنرال البرتقالي' في ضيافتها، فهي كسرت من أجله كل الأعراف والقواعد الدبلوماسية المتعارف عليها، وهو أمر نادر الحدوث في البروتوكول السوري، فأعدت له استقبالا 'رئاسيا' يختصر نظرتها إلى 'الصديق اللبناني' بوصفه الزعيم المسيحي الأول في المشرق العربي، وهي التي تعلم أن زيارة عون إنما تعيد تنقية صورة سوريا في الوجدان المسيحي وتفك عقدة تاريخية تحكمت بالعلاقة مع هذا الوجدان. أما ميشال عون فقد حقق من خلال زيارته، ما عجز عنه القادة المسيحيون الآخرون الذين نجحوا في خوض الحروب الفاشلة ضد سوريا وفشلوا في صياغة التفاهمات الناجحة معها. وبهذا المعنى يُسجل ل 'الجنرال' انه امتلك جرأة مصالحة المسيحيين مع دمشق بعد خروج جيشها من لبنان التزاما بما كان قد أعلنه سابقا، متجاوزا الحسابات السياسية والانتخابية الراهنة وهو المدرك أن زيارة من هذا النوع قد تحسم من رصيده الانتخابي ولا تزيده أبدا. ولم يكن التفاعل اللبناني مع زيارة عون، منفصلا عن طبيعة الانقسام السياسي القائم وبالتالي النظرة الخلافية للدور السوري، حيث بدا فريق المعارضة مبتهجا بالزيارة، بينما واصل فريق الموالاة رميها بالنار والاتهامات و'الاستعادات التاريخية'. وإلى البعد اللبناني، تحمل زيارة عون بعدا أكثر اتساعا يتصل بمسيحيي المشرق الذين يواجهون قلقا مصيريا يمتد من لبنان إلى العراق مرورا بفلسطين، فجاءت الزيارة، لتصب في خانة طمأنة هؤلاء المسيحيين بوصفهم بعض أمتهم العربية، لا ينفصلون عنها ولا يفترقون عن سائر مكوناتها. واستنادا إلى هذه الأبعاد الإستراتيجية للزيارة، جاء شكلها المدروس ليتناسب مع أهمية المضمون. منذ الصباح الباكر كان كل شيء قد أصبح مرتبا في بيروت ودمشق لاستقبال الضيف غير التقليدي: الطائرة الرئاسية السورية الخاصة تقله من مطار بيروت، نائب وزير الخارجية فيصل المقداد يستقبله في المطار، سيارة الرئاسة تنقله إلى القصر الرئاسي، السجاد الأحمر يبسط له في بهو القصر، الأسد يخرج من مكتبه لملاقاته ويجلسه على مقعده الخاص، وحتى الورود اصطبغت باللونين الأبيض والبرتقالي في القاعة التي عقد فيها عون مؤتمره الصحافي حيث رفع أيضا العلم اللبناني وعلم 'التيار الحر'. وأبعد من الحفاوة الشكلية، عقد لقاء موسع في القصر الرئاسي بين الرئيس الأسد والعماد عون، شارك فيه على مدى أقل من نصف ساعة جميع أعضاء الوفدين اللبناني والسوري، وتلته خلوة بين الأسد وعون استمرت قرابة ساعتين.
وعلمت 'السفير' من مصادر تسنى لها الاطلاع على مناخ اللقاء أن الرئيس السوري أبلغ ضيفه بأن التقدير السوري له كبير على الصعيد الوطني لا المسيحي فحسب، مشيرا إلى ان عون كان في خلافه مع سوريا خصما شريفا، 'والمشكلة ليست مع الشرفاء بل مع الخصم غير الشريف'. وأضاف الأسد مخاطبا عون: نحن في سوريا نحب صراحتك وصلابتك يا سيادة العماد. ونريد أن نكون صريحين مع بعضنا ونسمّي الأمور بأسمائها وبوضوح لأن أهميتك يا جنرال أن لك وجها واحدا تحكي وتفعل ما تقوله. وقال الأسد لعون: نحن تخاصمنا لفترة طويلة مع تركيا وكنا مقتنعين أنها تحتل أرضنا وتنتهك حقوقنا، ولكن عندما خضنا في حوار صادق معها أمكن إنتاج حوار شفاف أفضى الى صداقة وعلاقة جديدة بين البلدين... وهذا ما نطمح اليه من خلال الحوار معكم ومع كل غيور على مصلحة لبنان.
وتابع الأسد قائلا لعون انه في أحد الاجتماعات التي عقدها مع الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي وأمير قطر الشيخ حمد بن خليفة، أجابهما ردا على استفساراتهما بأنه 'لو خيّرونا بين لبنان قطعة من الجنة أو أن يكون البديل هو النار... قرارنا الحاسم لا عودة الى لبنان'.
وسألت 'السفير' مصادر سورية رفيعة المستوى عن تفسير الحفاوة في البرتوكول الذي أُعد للعماد عون، فقالت: إن دمشق أعدت استقبالا يليق بزعيم وطني لبناني عكست مواقفه أقواله. وإن كل ما قاله عون في المؤتمر الصحافي يعكس ما نفكر به. وأضافت 'إن ترحيبنا به (عون) يعني أننا نشترك في ذات المشاعر'، مجددة القول بأن 'الزيارة تاريخية'. وفيما كان الأسد يختلي بعون، عقد الوفد المرافق له جلسة مغلقة مع وزير الخارجية وليد المعلم والوزيرة بثينة شعبان. وأبلغ المعلم الوفد ان سوريا مرتاحة في حركتها الاقليمية والدولية، وسيكون لها دور في معظم القضايا العربية من دارفور الى فلسطين ولبنان. وأشار الى ان العلاقة مع السعودية 'باتت أقل حدة من السابق'. ولاحظ انه كلما تم 'التوصل الى شيء مع المصريين انتكست الامور في مكان آخر'، داعيا الى مكاشفة عربية عربية، لافتا الانتباه الى دور 'الترويكا العربية' (السعودية ومصر وسوريا) في المرحلة الماضية على صعيد تحقيق الاستقرار والتضامن العربي.
المؤتمر الصحافي .وبعد انتهاء اللقاء الثنائي بينه وبين الأسد، عقد عون مؤتمرا صحافيا في القصر الرئاسي قدّمته فيه المستشارة الرئاسية الوزيرة الدكتورة بثينة شعبان، وتلاها عون معلنا أن ما كان يعتقد أنّه محرّم أصبح حلالا وحلالا جدّا. وقال عون 'بالطبع، لنا جرأة مواجهة الماضي وليس الهرب منه، ونحن لن نمحوه من ذاكرتنا كي لا نكرر الأخطاء. لذا كان حديثنا مع سيادة الرئيس الأسد واضحا جدّا، وتطرّقنا إلى مواضيع كثيرة بصراحة تامّة لأننا نريد بناء المستقبل وليس التوقف عند الماضي'. أضاف: أطلقنا على اللقاء تسمية 'عملية القلب المفتوح' لأننا حكينا بقلبنا وبعقلنا وكل ذلك بهدف تنقية الوجدانين السوري واللبناني كي لا يبقى أثر لماض فيه أشياء أليمة جدّا ولقاؤنا اليوم هو وعد بمستقبل زاهر.وعن موضوع المفقودين قال: تم بحث في هذا الموضوع وهناك لجان تعمل وأكيد ستتوصل إلى نتيجة، والبحث جار عن الأسماء الموجودة على اللوائح لمعرفة ما إذا كانت دخلت إلى سوريا، وإذا دخلت فماذا حدث لها، والموضوع يتقدم ولن تطول المدة وتعلن النتائج. وحول الانتخابات، أكد عون أن سوريا تشجع على إجراء الانتخابات في لبنان 'لأننا نحن أيضا نريدها وسوريا لن تتدخل فيها'، وتابع: قد تؤدي الزيارة إلى خسارتنا بضعة أصوات في الانتخابات لكننا لن نتراجع أمام قضية تخص الشرق الأوسط برمته. وفي اتصال هاتفي ليل أمس مع تلفزيون 'المنار'، شدد عون على ان زيارته اتسمت في يومها الاول بالنجاح، مستغربا 'ان يستكثر البعض علينا التفاهم مع سوريا بينما كان هؤلاء يتعاطون مع ضباط سوريين'، وتساءل: أين ينتظرون مني ان أكون.. في إسرائيل؟ وزار عون مساء أمس، عددا من الكنائس المسيحية في دمشق وجال على عدد من احياء العاصمة السورية القديمة حيث لقي استقبالات شعبية حاشدة، كما التقى وزير الخارجية السوري وليد المعلم. في هذه الأثناء، اعتبر رئيس الجمهورية ميشال سليمان من ألمانيا أن العلاقة مع سوريا 'عادت إلى السكة الصحيحة والطبيعية وهي مبنية على الصدق وعدم المواربة وعدم الحياء في قول الحق، وأساس هذه العلاقة هو الصراحة بيني وبين الرئيس بشار الأسد، وسيتم تبادل السفارات والسفراء قبل نهاية العام، وسيستتبع ذلك بخطوات أبرزها تبادل المعلومات ذات الصلة بالإرهاب إضافة إلى خطوات أخرى في مجالات شتى '.
...جنبلاط ينتقد زيارة قهوجي مجدداً .في المقابل، شدد رئيس 'اللقاء الديموقراطي' النائب وليد جنبلاط في مقابلة مع 'أخبار المستقبل' على أن مصالحته مع النظام السوري مستحيلة، وجدد انتقاده للتطبيع المتسارع مع سوريا من دون البناء على جدول أعمال محدد، داعيا الى إلغاء المعاهدة اللبنانية السورية، متسائلا: هل أثار قائد الجيش العماد جان قهوجي في دمشق مسألة قواعد أحمد جبريل الموجودة على الحدود وقرب بيروت.. ان قائدا للجيش يحترم نفسه يسأل السوري عن هذه القواعد التي تتبع له. وأضاف: أريد موقفا واضحا من رئيس الجمهورية وقيادة الجيش حول رؤيتهم للاستراتيجية الدفاعية لان نظرية العماد عون تؤدي إلى فوضى عسكرية ستدفعني إلى طلب راجمات ومضادات لحماية منزلي. وإذ أبدى جنبلاط استعداده للقاء الأمين العام ل'حزب الله' السيد حسن نصر الله، تساءل: هل مسموح ل'حزب الله' أن يلتقي بي؟
ــ صحيفة اللواء :
عون في سوريا&bascii117ll; إنه لأمر مثير ان يقصد رئيس التيار الوطني الحر دمشق، ليطوي <صفحة الماضي المضطرب> على حدّ تعبير وكالة <رويترز> مع سوريا التي ناوأها طيلة عقدين من الزمن، منذ اعلان حرب التحرير في العام 1989، الى ان اخرجته القوات السورية الى المنفى الباريسي في 13 ت1 1990&bascii117ll;
ووجه الاثارة ليس في الزيارة بحد ذاتها، فالتواصل والعلاقات بين بلدين شقيقين مثل لبنان وسوريا مرحب به، بل مطلوب، لكن الاشكال في التوقيت وفي معنى اللحظة اللبنانية والعربية الحرجة، ولعبة تبديل المواقع والتحالفات والسياسات ليقفز الى الواجهة السؤال الكبير: مَنْ الذي تغيّر، لتتحول <العداوة> الى <صداقة>، وماذا عن الاثمان والتحولات في لعبة المصائر المضطربة في ظل تحولات الادارة الاميركية، وتأزم المسار الفلسطيني - الاسرائيلي وتردي العلاقات العربية - العربية&bascii117ll;
... واعتبرت اوساط سياسية، ان الزيارة هي تتويج للتحول الكبير الذي بدأه العماد عون عشية عودته من منفاه الباريسي، والذي تعمد اظهاره على مراحل ببطء شديد تجنباً لاستفزاز قاعدته المسيحية&bascii117ll; وكانت ورقة التفاهم مع <حزب الله> الخطوة الاولى والكبيرة في هذا الاتجاه، ثم جاءت زيارة دمشق، امس، بمثابة الخطوة الثانية، وان كانت تفوق الخطوة الاولى بأهميتها وابعادها السياسية والمحلية والاقليمية&bascii117ll;
ورغم اعتراف هذه الاوساط بأهمية المكاسب التي حققها الجانب السوري من هذه الزيارة، ، إلا ان الانظار تتجه لمعرفة النتائج التي سيعود بها عون والمكاسب الذي سيحققها في المعادلة الداخلية اللبنانية، ...
ــ صحيفة المستقبل :
لقد طغى مشهد النائب ميشال عون في دمشق على ما عداه أمس. وطغى أكثر قوله بعد زيارته الرئيس السوري بشار الأسد ان على اللبنانيين الاعتذار من سوريا، قبل مطالبة البعض لها بالاعتذار من لبنان، معتبراً ان لا تأثير لها في الانتخابات النيابية المقبلة 'فهي لا توزع الزفت ولا تدفع أموالاً'.
ــ صحيفة النهار :
في خطوة لم تخص بها اياً من حلفائها السياسيين الكبار في لبنان، سابقاً وحاضراً، سواء في عهد الرئيس الراحل حافظ الاسد ام في عهد الرئيس الحالي بشار الاسد، حرصت دمشق امس على ان تسبغ طابعاً استثنائياً على الزيارة الاولى التي يقوم بها العماد ميشال عون لدمشق منذ منتصف الثمانينات من القرن الماضي.
وفيما كان عون يرسم عنواناً لزيارته هو انها 'لفتح صفحة جديدة مرتكزها الانفتاح' بعدما شكّل بمساره بين 1989 و2006 احد اعتى خصوم سوريا في لبنان، قابلت دمشق ما سماه عون 'عملية القلب المفتوح' بالتعامل معه تعاملاً استثنائياً، فاستقبلته استقبال الرؤساء والشخصيات الرسمية البارزة منذ انتقاله من مطار بيروت بالطائرة الرئاسية السورية الخاصة الى مطار دمشق الدولي حيث فرشت له السجادة الحمراء، وصولاً الى قصر الشعب حيث كان الرئيس الاسد في انتظاره عند مدخله وعانقه بحرارة. وعكست موفدة 'النهار' منال شعيا التي تغطي زيارة عون لدمشق، اجواء الحفاوة السورية بقولها ان الاسد خاطب عون تكراراً 'اهلاً وسهلاً'، ثم قال له في الاجتماع المغلق مع اعضاء الوفد الذين يرافقونه في حضور عدد من المسؤولين السوريين: 'كنت خصماً شريفاً وانا اقدّر صلابتك واثمّن مواقفك الوطنية التي تجعلك رجلاً على المستوى العربي'. ثم حرص الاسد على عقد خلوة مع عون امتدت نحو ساعتين. ومساءً، وعقب قيام عون بجولة على سبع كنائس في منطقة باب توما، عقدت خلوة بينه وبين وزير الخارجية السوري وليد المعلم ووزراء سوريين آخرين تلاها عشاء رسمي.
ــ صحيفة الديار :
عنصران برزا امس بقوة، زيارة العماد عون الى سوريا، والفيتو الاميركي على تسليح الجيش اللبناني بالأسلحة الثقيلة. النقطة الاولى والتي تتمثل بزيارة العماد عون الى سوريا فقد لاقت حفاوة بالغة من الجانب السوري، خصوصا من الرئيس الاسد الذي عقد معه اجتماعاً موسعاً تلته خلوة لمدة ساعة ونصف الساعة بحثا خلالها كافة المواضيع والقضايا والتطورات الايجابية التي تشهدها العلاقات اللبنانية - السورية، كما تطرقا الى الأوضاع في المنطقة. ... اما النقطة الثانية البارزة فكانت في مجيء قائد الجيش الأميركي في العراق بترايوس ولقائه مسؤولين لبنانيين، الا ان اللافت في زيارة بترايوس هو الفيتو الاميركي الذي أبلغه الى لبنان بأن اميركا ترفض اعطاء الدولة اللبنانية اسلحة ثقيلة وستوقف مساعداتها للجيش اذا قرر لبنان شراء اسلحة غير تقليدية من روسيا او تسلم هبات من ايران.