صحف ومجلات » مقالات وتحليلات الصحف اللبنانية الصادرة صباح اليوم الجمعة 12/12/2008

ـ صحيفة المستقبل
وسام سعادة :
الأسباب التي تمنع قيام انتخابات حرّة ونزيهة، وفقاً لمرجعية القرار 1559، هي الجيوش الأجنبية والميليشيات المحلّية والأجنبيّة. من زاوية القرار 1559، إنّ اقتضاء الجلاء وسيلة لتمكين البلد من إجراء انتخابات جدّية. استبداد الوصاية السورية بالانتخابات الرئاسية أنعكس تسريعاً لهذا الجلاء، ما أتاح تنظيم انتخابات نيابية في 2005 خارج قيد الوصاية السوريّة المباشرة، الأمر الذي سمح بوصول أكثرية سياديّة واضحة إلى مجلس النوّاب. ومن زاوية القرار 1559 فإن الشروع في حلّ معضلة السلاح الموازي للدولة، أو المتحكّم بها، أو الذي يفرض عليها تبدّل الفصول بين حرب وسلم على الجبهة، وبين تهدئة وتسخين في الداخل، هو أمر يصب كذلك الأمر في خانة تيسير السبل أمام العملية الديموقراطية.
وإذا كان الجلاء السوري الذي أقتضاه القرار 1559 أنعكس حصداً لأكثرية نيابية من لدن الأكثرية السياديّة، فإنّ الواقع اللبناني لم يتمكّن من وضع خارطة طريق لحل معضلة المعضلات، التي تتعلّق بالسلاح 'المقاوماتي'. مع ذلك فإن راهنية القرار 1559 عادت وتأكّدت هنا: فوفقاً لهذا القرار فإنّ تمكين اللبنانيين من تنظيم الانتخابات ومن الركون إلى نتائجها هو المعيار الأساسي الذي من شأنه رسم خارطة طريق ممّا من شأنه 'تخفيف حدّة' الاستعصاء في مشكلة سلاح 'حزب الله'.
هذه المعادلة أوجدت فرصة لتغليب منطق التدرّج اللبنانيّ الهادئ في حل مشكلة سلاح 'حزب الله'. 'الحلف الرباعيّ' في مناطق بعينها يقرأ ضمن هذا الإطار. فإذا كان القرار 1559 ينظر إلى الوجود العسكري الأجنبي، كما إلى الوجود الميليشياوي المحلّي أو غير المحلّي، انطلاقاً من مرتكز منشغل بضمان ديموقراطية الانتخابات، فإن دوراًَ إيجابياً لعبه 'حزب الله' وقتها عندما أتاح للاستحقاق الانتخابي أن ينجز، وأباح للأكثرية السياديّة أن تتشكّل، في مقابل نيل حصّته النيابية كاملة ومشاركته لأوّل مرة في الحكومة اللبنانية بشكل رسمي، ومع ضوء أخضر أميركي نقلته نائب وزيرة الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأوسط اليزابيت ديبل يومها إلى بيروت.
فعندما تكون معادلة السلاح قادرة على التعايش، ولو في سياق ظرفيّ، مع عملية انتخابية ديموقراطية، فإن منطق القرار 1559 ينحاز إلى منطق التدرّج في تحقيق حصرية سلاح الدولة على كامل أراضيها. وعندما تضع معادلة السلاح نفسها في تناقض ظاهر وواضح مع ديموقراطية الانتخابات، فإن منطق القرار 1559 يصير أكثر حزماً، لجهة عدم التسامح مع أي تعديل أمني قسري لإرادة الناس، وللنتائج العملية لهذه الإرادة من مثل توزيع المجلس النيابي والأكثرية المتشكّلة فيه.
والحال أن 'حزب الله' الذي سهّل تمرير الاستحقاق الانتخابي عام 2005 سرعان ما راح يتعرّض لنتائجه. وبمجرّد توقيع تفاهمه مع 'التيار الوطنيّ الحرّ' اعتبر أن الأكثرية النيابية ما عادت هي الأكثرية الحقيقيّة. ثبت من يومها صلب منطق القرار 1559: القوى المسلّحة التي قد تتعايش في لحظة بعينها مع العملية الانتخابية في مقابل تأمين حصّتها بالتمام برلمانياً وحكومياً يمكنها أن تحوّل هذه الحصّة لاحقاً إلى أرضية للتعريض بالنتائج الكلّية للعملية الانتخابية، بدلاً من الانتظار أربع سنوات حتى الاستحقاق الذي يلي.
عادة ما تكون محاسبة الأكثرية النيابية بعد أربع سنوات على قيامها، وفي الانتخابات التالية. لكن ما حدث مع هذه الأكثرية أنّ الاستنزاف السياسي والأمنيّ طاولها بعد أشهر قليلة على قيامها، وتخلّل ذلك سنتان من إقفال باب المجلس النيابي أمامها. فكيف يمكن التوجّه بعد ذلك إلى الانتخابات من دون مراقبة دولية على أساس القرار 1559، بل مراقبة دولية تعطي ضمانات لجهة الاعتراف المتبادل بالنتائج أيّاً كان الفائز؟.

ـ صحيفة اللواء
فؤاد مطر :
لماذا لا تتولى إيران النجادية اختراق الحصار على غزَّتها؟ طغت المأساة التي تعيشها <غزة الحماسية> من جرَّاء الحصار على بعض الفرح في النفوس لمناسبة حلول عيد الأضحى. وكان مؤلماً كثيراً أن إخواننا الغزَّاويين محرومون بأكثريتهم من الكهرباء والحلويات والمحروقات وأن أطفال غزة بالتالي لا يشعرون ببهجة العيد. وما هو أكثر خطورة من ذلك أن أجهزة العلاج على أنواعها في المستشفيات لا تعمل وبالذات أجهزة غسيل الكلى وبعض الأمراض المستعصية، الأمر الذي يعني ان حياة كثيرين مهدّدة. كما ان أنواعاً كثيرة من الأدوية باتت مفقودة. وكيف يكون الشفاء إذا كان الدواء مفقوداً!
وقد يقال: وكيف تحمَّل إخواننا الغزَّاويون هذه الظروف الصعبة؟ وجوابنا عن ذلك أنهم لم يتحملوا ولكنه الصبر الذي أصبح جزءاً من شخصية الفلسطيني، وإلى ذلك إن التحمّل ناشئ عن الشعور بالأمل، ذلك أن هذا الشعب الصابر على الضيمين: الضيم الحماسي - الإيراني والضيم الدولي - الإسرائيلي، مع الفرق بين نوعية ضيم ذوي القربى ونوعية ضيم ذوي العداوة، كان وهو يكابد مرارة وشقاء وعذاب الحصار يفترض أن قادة <حماس> لا بد سيجدون المخرَج المناسب لإنهاء الوضع الذي اختاروه، وهو أن تكون <دولة غزة> نداً لـ<دولة رام الله>. كما يفترض أن المجتمع الدولي - الإسرائيلي لا بد سيخفف من عقاب الحصار ما دام هذا الحصار يؤذي الناس العاديين لكن كبار القوم في <حماس> يعيشون ظروفاً عادية لا شكوى ولا حاجة ولا احتياجات.
لقد حاول بعض العرب كسْر الحصار لكن محاولتهم باءت بالاخفاق. وهنا نجد أنفسنا نتساءل: ما دام أهل الحكم الثوري في إيران حريصين على <حماس> وشجّعوا في الخفاء أحياناً وفي العلن أحياناً أخرى وضعها الراهن على رغم أنه ليس طبيعياً وعلى رغم حساسيات معظم الدول العربية وبالذات مصر من قيام <إمارة إسلامية> على حدودها، فلماذا لا تكسر إيران هذا الحصار كونها الوحيدة القادرة على هذا الكسر استناداً الى طروحاتها وتصريحات قادتها فضلاً عن قدراتها المالية والنفطية؟
أما كيف يمكن كسر الحصار، فمن خلال إرسال سفينتين دفعة واحدة: سفينة محمَّلة بالغذاء والأدوية على أنواعها والأجهزة الطبية للمستشفيات، وناقلة محمَّلة بكميات من النفط تكفي لصمود الغزَّاويين سنة كاملة على الأقل.
قد يقال إن هذه الخطوة النجدة النجادية هي بمثابة إعلان حرب على إسرائيل. ولكن أليست التصريحات شبه اليومية للرئيس نجاد وللمرشد آية الله علي خامنئي حول إسرائيل ومصيرها المحتوم هي بمثابة اعلان حرب؟
إنها لحظة اختبار القدرات. وما هذه الظروف التي يعيشها إخواننا أبناء غزة سوى اللحظة التي نعنيها، وبدل تسيير التظاهرات في طهران أمام سفارة مصر حيث لا وجود لسفير أصلاً بسبب العلاقات المقطوعة، وتوبيخ الإعلام الإيراني للأطراف العربية لأنها لا تفك الحصار عن غزة، فإن المطلوب من إيران أن تفك هي الحصار وعلى نحو ما سبق أن فعل الأفارقة عندما فكوا الحصار المضروب على ليبيا ونجحوا في ذلك.
فهل نسمع أن إيران النجادية قررت ونفّذت وليحصل ما يحصل؟ عسى ولعل..

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد