ــ صحيفة المستقبل
فادي شامية :
لدراسة واقع الشارع الشيعي في لبنان أهمية تزيد عن كونها دراسة لواقع أحد أهم الطوائف اللبنانية عدداً ودوراً، إذ من المعلوم أن الشيعة في لبنان يقفون في قلب خطوط تقاطع المصالح الإقليمية في مواجهة 'المشروع الأميركي في المنطقة'، وأنهم بقيادة الثنائي 'حزب الله' ـ حركة 'أمل' رأس حربة في منظومة الدفاع السوري ـ الإيراني، فضلاً عن كونهم كانوا العمود الفقري للعمل المقاوم الذي أدى إلى التحرير في العام 2000، ومواجهة عدوان تموز العام 2006.
واقع الشارع الشيعي اليوم
على الرغم من القوة السياسية والعسكرية التي يبدو فيها الشيعة في لبنان اليوم، إلا أن الشارع الشيعي يعيش حالاً من 'التخويف المصطنع'، من الاستهداف الداخلي والخارجي، تُعزّز حال الاستنفار الطائفي، لا سيما بعد خروج الجيش السوري (2005) وعدوان تموز (2006)، ما يمنع النقاش الموضوعي حول خيارات الشيعة الاستراتيجية، ويسهل انتشار الخطاب الشعبوي الذي يمارسه 'حزب الله' وحركة 'أمل'.
'حزب الله' يحتل اليوم الأولوية التمثيلية لدى الشيعة كما هو معلوم، مستفيداً من منظومة عوامل تفضيلية، أهمها:
ـ امتلاكه السلاح تحت عنوان الدفاع عن لبنان، وضمناً عن الشيعة.
ـ الإمكانات المادية والخدمية والمؤسسية الهائلة ـ
ـ البنية التنظيمية القوية والشابة
ـ الخطاب الديني، والمرجعية الشرعية اللتان تشبعان الحاجة إلى التقليد الديني لدى الشيعة ـ
وتفتقد حركة 'أمل' أكثر هذه العوامل، أو تمتلكها بنسبة أقل، وقد كانت الى الأمس القريب صاحبة القدرة الأعلى على تأمين الخدمات أو المنافع التي تتأتى من طريق الدولة وإداراتها، لكن 'حزب الله' بات ينافسها حتى في هذا المجال.
التوافق الظاهر بين الحركة والحزب لا يمنع وجود تباين كبير وغير ظاهر في الرؤى بينهما، ويُسجل باستمرار حالات من الصراع المباشر في العديد من القرى والبلدات الجنوبية بين أنصار الفريقين تصل إلى حدود الاشتباكات المسلحة وتؤدي الى سقوط جرحى، كما حدث اخيراً في بلدتي الصرفند ومعركة وغيرهما، غير أن الواقع الذي يعيشه الشارع الشيعي، والخوف على القاعدة الانتخابية، وسياسة المزايدة المذهبية، تطمس على الكثير من نقاط التباين حول دور الشيعة وخياراتهم. ويبدو 'حزب الله' حريصاً جداً على تمتين 'الوحدة الشيعية'، بما أن قيادتها معقودة إليه، وأنه هو المستفيد الأول من هذا الواقع، لا سيما في أوساط الشباب، ولعل القول الشائع في الشارع الشيعي بأن كل من هو دون الأربعين سنة ينتمي حكماً إلى 'حزب الله' خير دليل على ذلك. وبطبيعة الحال فإن 'حزب الله' في معرض إخماد أية اعتراضات على الخيارات الصعبة التي ينتهجها 'يدفع' لحركة 'أمل' من حسابه الانتخابي بما يفوق قوة الحركة التمثيلية. وفي المقابل فهو يبدي تشدداً مع الحركات والتيارات والشخصيات المعترضة في الوسط الشيعي، وأسلوب التعامل معها يبدأ من الترغيب ويصل إلى حدود الترهيب، ما يضطر الكثير من هذه القوى إلى خفض صوتها، بينما يتجه بعضها الآخر إلى التركيز على الجانب الإنمائي حصراً، تجنباً لانتقاد سياسات 'حزب الله'.
الحراك الشيعي
بالرغم من هذا الواقع الصعب فإن الشارع الشيعي يشهد حالات متزايدة من الاعتراض على واقعه، وعلى الخيارات السياسية للشيعة في عهد الاستقلال الثاني، ولعل حضور قرابة خمسة آلاف شخصية شيعية في أيلول الماضي حفل إطلاق حركة 'الخيار اللبناني'، مؤشر كبير على رغبة شريحة ليست بالقليلة من الشيعة في التغيير نحو 'منطق الدولة، التي تنفذ اتفاق الطائف وتصون السلم الأهلي، وتحمي المقاومة من دون التفريط بسيادتها' كما جاء في البيان الصادر عن اللقاء.
وإلى جانب هذه التظاهرة الاعتراضية ثمة العديد من التيارات والشخصيات التي باتت تمتلك حيثية تمثيلية في الأوساط الشيعية، وهي تعبر عن نفسها بصورة تجمعات ولقاءات وجبهات وتيارات ومواقع، ولعل من أبرزها 'لقاء علماء لبنان' برئاسة الشيخ عباس الجوهري، وهي حالة دينية كانت جزءاً من 'حزب الله'، وانفصل بعضها عنه بعد أحداث عين بورضاي في كانون الثاني 1998، وبعضها الآخر بعد حرب تموز 2006. وفي الخط نفسه 'المجلس الإسلامي العربي' برئاسة العلاّمة محمد علي الحسيني، الأمين العام لجمعية بني هاشم، والأخير له مواقف حادة من 'حزب الله' وقد أعلن عن رغبة في الدعم الانتخابي لشخصيات شيعية تخالف الحزب في سياسته. إضافة إلى 'التيار الشيعي الحر' برئاسة الشيخ محمد الحاج حسن، وشخصيات دينية كمفتي صور المخلوع العلامة السيد علي الأمين، والقاضي الجعفري في صيدا السيد محمد حسن الأمين، والأمين العام السابق لـ'حزب الله' الشيخ صبحي الطفيلي، بمستوى اعتراض أقل حدة، إمام النبطية الشيخ عبد الحسين صادق.
وإلى جانب هذه التحركات ذات الطبيعة الدينية ثمة العديد من الأطر المدنية، لعل أبرزها 'حركة الانتماء اللبناني'، الذي تأسس في العام 2007 بقيادة أحمد الأسعد، وهي حركة تنشط هذه الأيام في الجنوب، ويتوقع أن تشكل قوة انتخابية جدية في دائرتي مرجعيون وحاصبيا. كما أعلن قبل أيام عن قيام 'التجمع الوطني الديموقراطي' من بلدة إبل السقي. وفي الجنوب أيضاً ينشط رئيس مجلس إدارة 'الجنوب للإعمار' رياض الأسعد. أما في البقاع فتنشط 'الجبهة الوطنية لإنماء بعلبك والهرمل' برئاسة فادي يونس، و'حركة شباب البقاع' بقيادة عماد قزعون. أما في الضاحية الجنوبية فتكاد تكون إمكانية العمل منعدمة نظراً الى الطبيعة الأمنية للمنطقة، ولكن الأصوات السياسية والعائلية المعترضة على الأداء السياسي لـ'حزب الله' تبقى موجودة وإن كانت ضيقة ومحدودة، كما هي حال حركة 'هيا بنا' بقيادة الإعلامي لقمان سليم، صاحب 'دار الجديد' للنشر، والتي ُأطلقت في العام 2005.
وفي هذا المجال لا يمكن إغفال القوة التمثيلية الحقيقية لعدد من النواب والوزراء الحاليين والسابقين، أمثال: النائب باسم السبع، الوزير إبراهيم شمس الدين، النائب والوزير السابق محمد عبد الحميد بيضون. وفي هذه الخارطة يحتل الرئيس السابق لمجلس النواب حسين الحسيني موقعاً هاماً، كونه أحد أهم رجالات 'الشيعيّة السياسية'، لا سيما بعد تقديمه استقالته من البرلمان في آب الماضي، في اعتراض ضمني على ما آلت اليه أحوال الطائفة الشيعية بعد الإمامين موسى الصدر ومحمد مهدي شمس الدين.
وإلى جانب كل هؤلاء فإن الوسط الإعلامي كما الثقافي يعج بشخصيات شيعية مرموقة، وذات رؤية ودور مؤثر في النظرة إلى دور الشيعة وخياراتهم المستقبلية.
إمكانية التغيير
بالرغم من ازدياد قوى الاعتراض في الشارع الشيعي فإن إمكانية التغيير، بمعنى نقل الشيعة من خيار إلى آخر لا تزال بعيدة جداً، إذ تعاني القوى البعيدة عن الاستقطاب الثنائي لـ'حزب الله' وحركة 'أمل' من عوامل ضعف كثيرة، ومن افتقادها إلى الأدوات التنظيمية، فضلاً عن غياب التنسيق في ما بينها، وافتقار معظمها إلى القدرات المالية التي تمكّنها من الوقوف على قدميها وسط السيل المالي الهائل لـ'حزب الله'، غير أن ما يلفت الانتباه راهناً وجود شرائح شيعية ليست بالصغيرة تريد التغيير، والتصالح مع بقية الطوائف في وطن التوافق لبنان، ولعل من الخطأ تجاهل هذه القوى واعتبار أن الساحة الشيعية ممثلة فقط بقيادتها الثنائية الحالية، وهنا تأتي أهمية إدماج هذه القوى ضمن تيار 14 آذار، ومد يد الدعم المادي والمعنوي لها، ولحظِها في قلب اللوائح الانتخابية في الانتخابات التشريعية المقبلة
ــ صحيفة الشرق الأوسط
باريس ميشال أبونجم :
قالت مصادر فرنسية رسمية، إن الرئيس نيكولا ساركوزي الذي سيقوم في السادس من يناير(كانون الثاني) بزيارة من يوم واحد الى لبنان، سيحمل &laqascii117o;رسالة دعم قوية" الى نظيره اللبناني ميشال سليمان. وأفادت المصادر التي تحدثت اليها &laqascii117o;الشرق الأوسط" بأن ساركوزي &laqascii117o;سيثني بقوة على آداء الرئيس اللبناني" منذ تسلمه رئاسة الجمهورية الصيف الماضي، وذلك من خلال التركيز على محورين اثنين: البقاء فوق النزاعات الداخلية، وحرصه على ألا يحسب أنه يعمل لمصلحة هذا الفريق أو ذاك من جهة، ونجاحه في الإنفتاح على كل العالم العربي وعلى إيران، بحيث أعاد لبنان الى الخريطة السياسية والدبلوماسية.
وربط الخيوط مع كل الأطراف الفاعلة عربيا واقليما ودوليا. وفي هذا السياق، اشارت المصادر الفرنسية الى &laqascii117o;تقدير" فرنسا لـ&laqascii117o;التوازن" الذي تمثل في زيارات سليمان العربية والدولية وانفتاحه على الجميع، و&laqascii117o;خصوصا خروجه على لعبة المحاور" في الداخل والخارج. وسيقول الرئيس ساركوزي لنظيره، وفق ما كشفته المصادر الفرنسية الواسعة الإطلاع، إنه &laqascii117o;رئيس جيد وناجح" وأن فرنسا ومعها الاتحاد الأوروبي &laqascii117o;يثقان به ثقة تامة، من أجل قيادة الحوار الوطني في لبنان، والمحافظة على روحية اتفاق الدوحة" الذي افضى الى وصول سليمان الى قصر بعبدا. وفي هذا السياق، ترى باريس أنه من المهم للغاية أن &laqascii117o;تستمر روحية الدوحة قبل وبعد الانتخابات" والتي شعارها &laqascii117o;التوافق" مهما تكن هوية الجهة الفائزة في الانتخابات النيابية القادمة. وأكدت المصادر الفرنسية أنها &laqascii117o;تعمل مع كل الفئات على الدفع باتجاه المحافظة على هذه الروحية" فيما تلج المنطقة &laqascii117o;مرحلة أقليمية غير واضحة المعالم" في إشارة الى الانتخابات الإسرائيلية، وما يمكن أن تؤول اليه المفاوضات السورية ـ الإسرائيلية والملف النووي الإيراني، والخط الذي ستسير عليه إدارة الرئيس الأميركي الجديد إزاء الشرق الأوسط. وقالت المصادر الفرنسية، إن باريس &laqascii117o;تأمل أن تكون الجهات العربية والإقليمية، متمسكة بروحية الدوحة، مهما تكن نتيجة الانتخابات.
وتتوقع باريس ألا تفضي الانتخابات القادمة الى &laqascii117o;تغيير جذري" في الخريطة السياسية اللبنانية، بعكس ما يوحي هذا الطرف أو ذاك، لا بل إنها تبدو &laqascii117o;متأكدة" من أن كل الأطراف اللبنانية &laqascii117o;ستجد نفسها مضطرة لإعادة إنتاج حكومة شبيهة بالحكومة الحاضرة" لجهة تشكيلها بالتوافق وبمشاركة كل الأطراف فيها. وعلمت &laqascii117o;الشرق الأوسط" أن مسؤولا من حزب الله زار باريس مؤخرا، وابلغ رسميين فرنسيين التقى بهم، أنه &laqascii117o;غير مهتم بحصول المعارضة، وعلى رأسها حزب الله بأكثرية الثلثين" وفي حال فوزها بالانتخابات، فإنها &laqascii117o;ستطالب بالنائب سعد الحريري، رئيس كتلة المستقبل، رئيسا للحكومة الجديدة".
وتتوقع المصادر الفرنسية أن يراجع الرئيس ساركوزي مع نظيره اللبناني &laqascii117o;خريطة الطريق" التي اتفق عليها مع الرئيس السوري بشار الأسد لجهة الخطوات المنتظرة من دمشق في لبنان، وخصوصا ما بقي حتى الآن عالقا منها وأهمها البنود الخاصة بوضع الحدود اللبنانية ومنع تهريب السلاح عبرها وموضوع مزارع شبعا والتعاون الأمني ومستقبل معاهدة الأخوة والتنسيق اللبنانية ـ السورية. ومع اقتراب موعد انطلاق المحكمة الدولية في الأول من مارس (آذار) المقبل في هولندا، أعربت المصادر الفرنسية عن &laqascii117o;ثقتها المطلقة" بالمحكمة وبعملها &laqascii117o;مهما تكن نتيجة الانتخابات اللبنانية". وترى باريس أنه في حال رفضت حكومة لبنانية قادمة التعاون مع المحكمة الدولية، فإنها &laqascii117o;ستجد نفسها سريعا في مواجهة مجلس الأمن والمجتمع الدولي، ولن تجد أي طرف دولي ليدافع عنها أو يبرر رفضها التعاون". فضلا عن ذلك، سترى أن كل الوعود التي أغدقت على لبنان لمساعدته سياسيا واقتصاديا &laqascii117o;ستتلاشى" إذ &laqascii117o;سيكون من الصعب تبرير المساعدة للبنان فيما تتخلى الحكومة اللبنانية عن تنفيذ التزاماتها، إزاء مجلس الأمن والمحكمة الدولية". ولخصت المصادر الفرنسية وضع المحكمة بتعبير يقول، إنها &laqascii117o;محفورة في الرخام" و&laqascii117o;لا سبيل لا للالتفاف عليها أو إجراء صفقة معها".
وفي لبنان، سيلتقي ساركوزي الرئيس سليمان، من دون غيره فيما محطته الثانية هي الجنوب اللبناني، حيث سيزور القوة الفرنسية العاملة في إطار &laqascii117o;يونيفيل". وسيقوم الرئيس اللبناني بزيارة دولة الى باريس يومي 16 و17 مارس المقبل، أي قبل الانتخابات النيابية.
وتراهن باريس على إمكانية حصول تقدم في المفاوضات السورية ـ الإسرائيلية، وتحولها الى مفاوضات مباشرة. غير أن علامة الاستفهام الكبرى التي تطرحها تتناول وضع لبنان في حال اندلاع نزاع مع إيران بسبب برنامجها النووي. وكشفت المصادر الفرنسية عن أن بنيامين نتانياهو زعيم الليكود الذي تظهره استطلاعات الرأي متقدما على منافسته تسيبي ليفني على رئاسة الحكومة الإسرائيلية القادمة، أبلغ الجانب الفرنسي الخميس الماضي، أنه &laqascii117o;لا يمانع في إجراء حوار أميركي ـ إيراني" ولكن بشرطين. الأول، تحديد المهلة الزمنية التي سيجرى الحوار خلالها، بحيث لا يمتد الى لا نهاية، والثاني أن يترافق مع تشديد العقوبات الاقتصادية والمالية والمصرفية على إيران. وبحسب باريس، فإن &laqascii117o;النافذة الدبلوماسية" لتسوية سياسية مع إيران التي ستفتح مع وصول أوباما الى البيت الأبيض، &laqascii117o;يمكن أن تستمر الى نهاية عام 2009 أو بدايات عام 2010" بعدها تصبح كل الخيارت &laqascii117o;واردة
ــ صحيفة الأخبار
إبراهيم الأمين :
شيئاً فشيئاً تتّجه القوى المنضوية في حكومة الرئيس فؤاد السنيورة نحو مواجهات متفرّقة، وكلما اقترب موعد الانتخابات اشتدّ التوتر، وإلى جانب مجلس النواب يبدو مجلس الوزراء مكاناً مناسباً لهذا الصراع، في خطوة تجعل رئيس الجمهورية طرفاً يوماً بعد يوم. منذ ما قبل انعقاد المجلس النيابي، ظهر فريق 14 آذار في موقع المهاجم. ومع أن نواب المعارضة حاولوا حشر رئيس الحكومة فؤاد السنيورة في مسائل تتصل بملف الهيئة العليا للإغاثة وملف التعويضات والموازنة والدَّين وخلافه، إلا أن السنيورة بدا مستعداً لهجوم مضاد، وحصد تضامناً جدياً من فريقه السياسي إلى حد الاستعداد لطرح الحكومة الثقة بنفسها أمام المجلس، فإما أن تحصل على أغلبية تسقط التحفّظات القائمة، وإما أن تطير فتكون البلاد أمام استحقاق جديد.
وقيل إن الرئيس نبيه بري كان مشتبهاً طوال الوقت في أن هناك من يريد تفجير الموقف لأسباب مختلفة، حتى إن نواباً من المعارضة كانوا يريدون الرد بقسوة على بيان السنيورة الأخير، تعرضوا لقمع مهذب من جانب الرئيس بري، الذي كان حذراً من هذا التفجير، لكنه ربما كان قليل التفاؤل بما خصّ التزام فريق الأكثرية بملف المجلس الدستوري، لأن التوافق الذي قام سابقاً وشمله بوصفه ممثل المعارضة ومعه الرئيس السنيورة بوصفه ممثل الأكثرية ومع الرئيس ميشال سليمان، كان هدفه آلية لانتخاب خمسة أعضاء وفق توزع يتيح تحقيق توازن داخل مؤسسة المجلس الدستوري، وكان هناك اعتراض واضح من جانب رئيس الجمهورية على انتخاب القاضي أنطوان خير لأنه سيكون لأسباب عدة رئيساً للمجلس الدستوري لاحقاً.
وكشفت المداولات اللاحقة أن جانباً من تحفّظ سليمان وقوى من المعارضة يعود إلى أن خير لم &laqascii117o;يتحمل المسؤولية في ملف التشكيلات" وهذا &laqascii117o;يمثل نقطة ضعف كبيرة" بحسب أحد وزراء المعارضة، الذي يضيف أن هناك اعتبارات أخرى تبرر رفضه في هذا الموقع.
ومع أن كثيرين من المحايدين أو المعارضين اتّهموا رئيس المجلس بأنه مارس الصمت الذي سمح لفريق الأكثرية بأن يفوز بأربعة مقاعد، إلا أن الأخير حاول توضيح الموقف بإعلانه التزامه بما تقرره المعارضة مجتمعة في شأن طريقة التصرف في مجلس الوزراء، وهو الأمر الذي توافق عليه وزراء المعارضة في الاجتماع الذي عقدوه الخميس الماضي في ضيافة وزير الاتصالات جبران باسيل. ومع أن المعارضة أعدّت أوراقها لمواجهة جلسة الحكومة التي سيجري خلالها اختيار الأعضاء الخمسة الباقين، إلا أن التفاهم جرى تعميقه مع الرئيس سليمان، وخصوصاً أن مسيحيي المعارضة لاحظوا أن فريق الأكثرية صار مستعداً للتنازل ولكن لرئيس الجمهورية، وهذا يعني أن التنازل سوف يكون من حساب المعارضة وتحديداً من حصة العماد ميشال عون، وهو الذي شعر بأن هناك من يريد ترتيب الأمور الخاصة بعدد كبير من القوانين بما فيها الانتخابات من خلال مجلس دستوري ممسوك به.
ومع ذلك، فإن الرئيس السنيورة وجد مخرجاً بأن يترك لرئيس الجمهورية إدارة المفاوضات بشأن المرحلة الثانية من تأليف المجلس، وكان واضحاً في هذا المجال إيكال أمر الاتصالات إلى الوزير جو تقلا ممثلاً لرئيس الجمهورية مع الأطراف الأخرى، والمقصود هنا أن يعود تقلا بلائحة أسماء توافقية مع ضمانات بعدم خرق فريق الأكثرية للتفاهم مرة جديدة.
وفي هذا السياق، يبدو أن النقاش الذي سبق ورافق قرارات الحكومة بما خص مجلس القضاء ومجلس شورى الدولة والمجلس الدستوري، قد حفل بلعبة محاصصة من النوع الذي برز في العودة إلى اختيار القاضي شكري صادر بدل المرشح الآخر أندريه صادر.
وفي هذا السياق، لم يتضح من بلف من، ولكن الأكيد أن داعمي هذا أو ذاك حاولوا توفير نقاط الدعم القوية من خلال ترتيب اتصالات واجتماعات مع قيادات بارزة في فريق 14 آذار، منها النائب سعد الحريري وقائد القوات اللبنانية سمير جعجع، إضافة إلى آخرين، ومع أن في المعارضة من يعتقد بأن أحد المرشحين أقرب إلى فريق 14 آذار، إلا أن الجدل في الحكومة أظهر معارضة وزراء مثل وائل أبو فاعور ومحمد شطح وجان أوغاسبيان لتعيين شكري صادر، فيما لم يظهر أن المعارضة حركت ساكناً.
لكن فريق الأكثرية لم يوقف هجومه، وهذه المرة قرر أن تكون خطوته التالية في مجال الأمن، وهنا تعتقد أوساط واسعة الاطلاع أن مجلس الوزراء والمؤسسات التنفيذية السياسية منها والأمنية مقبلة على اختبار قد تجري محاولة تحويله إلى لغم يلقى به في يد وزير الداخلية زياد بارود، ومن خلفه الرئيس سليمان، علماً بأن قيادة الجيش القريبة من رئيس الجمهورية كانت قد لفتت الانتباه إلى أن الأمر من شأنه إذا أدخلت تعديلات على الصلاحيات أن يضعف أجهزة أمنية أخرى ويخلق نوعاً من التضارب، في إشارة إلى دور مديرية الاستخبارات التي تتعرض منذ سنوات عدة لعملية تهميش يجري العمل على تجاوزها في هذه المرحلة.
وتكشف الأوساط المطلعة عن معطيات تعتبرها في سياق حملة فريق الأكثرية لتحقيق نقاط تقدم ربما تعتقد أنها تفيدها في الانتخابات النيابية المقبلة ومنها:
أولاً: بعدما طلب بارود من مجلس قيادة قوى الأمن الداخلي مناقشة اقتراحات لتنظيم الوضع القانوني واقتراح التعديلات حتى تقرّ سريعاً التشكيلات الأمنية، بدا أن النقاش يدور حول فرع المعلومات المفترض تحويله إلى شعبة تقوم بكل أعمالها بصورة مغطاة قانونياً، علماً بأن هناك بحثاً جرى بشأن استحداث قطع أخرى، من بينها شعبة المرور ومكتب الملكية الفكرية وقسم مكافحة الإرهاب.
لكن الذي حصل هو أن المناقشات الجارية الآن في مجلس القيادة أظهرت بالنسبة إلى فريق المعارضة، أن هناك توجهاً لدى فريق الأكثرية لتعديل في واقع فرع المعلومات يشمل صلاحياته، مع أن النقاش لم يحسم بعد بين وجهة نظر تقول بأن يتحول الفرع إلى شعبة، لكن مع الصلاحيات نفسها، ووجهة نظر أخرى تدعو إلى إدخال تعديلات على الصلاحيات بما يتناسب مع التطورات التي لحقت بعمله وبالتحديات المطروحة أمام البلاد.
وتقول الأوساط المطلعة إن التعديلات سوف تشمل الحصول على إدارة كل ملفات الاستعلام وجمع المعلومات التي تقوم بها الشرطة القضائية من خلال قسم مكافحة الارهاب. وهذا يعني نقل جزء من الصلاحيات الموجودة لدى الشرطة القضائية الى فرع المعلومات على أن يكون دور الشركة هو في إدارة التحقيقات والتحليل، وأن يشمل التعديل أخذ أدوار إضافية في ما خص ملفات الأمن الاستراتيجي والقومي والتكتيك وهي التي كانت عادة موجودة لدى مديرية الاستخبارات في الجيش اللبناني.
وبعدما فشل القائمون على المناقشات في التوافق على الأمر أجّل البحث برغم أن بارود ألزم قيادة قوى الامن الداخلي بمهلة تنتهي آخر هذه السنة. ولكن ليس هناك أي إشارة إلى أن المعارضة سوف تقبل بهذه التعديلات وقد تظهر الاحتجاجات على كل الامور بدءاً من اليوم، عدا عن أنه قد يكون من الصعب الحصول على توافق من النوع الذي يرضي الجميع، ولا سيما أن في المعارضة من يتهم فريق الاكثرية بأنه يريد السيطرة على الامن في البلاد من خلال &laqascii117o;تفريخ" أجهزة جديدة تعيش على حساب بقية الاجهزة، وأن ما فشلت حكومة السنيورة السابقة في تحقيقه على صعيد دمج الاجهزة بعضها ببعض ولكن تحت سلطة وزير الداخلية المحسوب على فريق 14 آذار، تحاول الآن القيام به و لكن من خلال مشاريع عدة تنتهي سلطتها الاخيرة عند رئاسة الحكومة وتالياً عند رئيس الوزراء الممثل لفريق 14 آذار.
إلا أن الملف الآخر الأكثر حساسية، هو المتعلق بمحاولة إنشاء جهاز جديد، إذ تبلغ الوزراء في جدول أعمال جلسة السبت أن هناك تقريراً عن الوضع على المعابر البرية وأعمال المراقبة التي حققت نتائج كبيرة في منطقة الشمال، لكن التدقيق أظهر وجود عناصر مثلت بالنسبة الى قوى المعارضة خطراً جديداً يتمثل في رأي الاوساط المطلعة بـ&laqascii117o;محاولة إقامة جهاز أمني مستقل يتبع مباشرة لرئيس الحكومة ويتجاوز بصلاحياته قوى ومؤسسات وأجهزة أمنية أخرى".
وإذ تشير المعلومات الى أن فكرة هذه الجهاز انطلقت قبل أكثر من عامين، وتحديداً عندما جاء الاوروبيون ومعهم الولايات المتحدة يبحثون في سبل تنفيذ القرار 1701، فقد اقترحوا إنشاء ما يمكن وصفه بحرس للحدود، ومع اطلاع الغربيين على التنازع السياسي والامني في لبنان حول ملفات كهذه وحول الاجهزة التي سوف تتولاها، فإن البحث انتهى الى تقديم دول غربية من تحت عباءة الأمم المتحدة دعماً تقنياً للحكومة اللبنانية لتتولى إدارة مراقبة المعابر البرية، بعدما جرى تكليف قوة بحرية تابعة للجيش الألماني بمراقبة المعابر البحرية.
ولأن الكل يعلم حساسية الأمر المتعلق بهذه النقاط، فإن الجدل الذي قام سابقاً حول جهاز أمن المطار والذي انتهى الى مغامرة من فريق الاكثرية أدّت الى 7 أيار الشهير، فإن البحث عاد لينطلق من الفكرة نفسها وحتى من تفاصيل شديدة التطابق، من بينها هوية الشخص المفترض توليه هذه المهمة، إذ كان مقترحاً في السابق أن يتولى المساعد السابق لمدير الاستخبارات في الجيش اللبناني العقيد غسان بلعة إدارة جهاز أمن المطار مكان العميد وفيق شقير، وذلك على خلفية اتهامات سخيفة وجّهها أقطاب من فريق الاكثرية ولا سيما النائب وليد جنبلاط، ضد شقير بأنه يعمل تحت إمرة حزب الله.
وبعد التغييرات التي حصلت في رئاسة الجمهورية وقيادة الجيش ومديرية المخابرات، أطيح عملياً العقيد بلعة، الذي حاول بداية العودة الى رئاسة الحكومة الامر الذي لم يقر، قبل أن يتم إقناع الرئيس فؤاد السنيورة ومن ثم النائب سعد الحريري بأهمية الدور الذي سيقوم به هذا الرجل فطُلب رسمياً من الجهات المعنية في قيادة الجيش انتداب بلعة للعمل في السرايا الكبيرة مستشاراً أمنياً وعسكرياً لرئيس الحكومة، وهي المقدمة التي تسبق اقتراح أن يتولى بلعة نفسه أو من يعمل (عملياً) تحت إمرته مسؤولية هذا الجهاز.
وبحسب المعلومات فإن هذا الجهاز سوف يحتاج الى فريق بشري لا يقل عدده عن أربعة آلاف عنصر غالبيتهم من رجال الامن وعناصر عسكرية، وهو أمر سوف يكون مدخلاً لتعاقد جديد يعرف الجميع كيف يتم في بلد مثل لبنان وعشية انتخابات نيابية، ثم سوف يكون لهذا الجهاز (أمن الحدود أو أمن المعابر) هيكلية قيادية مشكلة من عدد من الضباط الذي يتولون إدارة المعابر الحدودية الشرعية وإقامة برنامج انتشار يغطي المعابر غير الشرعية والتثبت من عدم استخدامها، وكذلك العمل على انتشار تقني وأمني ـــــ بشري على طول الحدود البرية للبنان شمالاً وشرقاً وربما جنوباً، علماً بأن النقاط الجنوبية لها خصوصية باعتبار أن قوات الطوارئ الدولية هي من يتولى أمر مراقبة تنفيذ القرار 1701.ولكي يكون عمل هذا الجهاز مجدياً فإن عليه أن يشرف على كل ما يجري عند المعابر، وهو بالتالي سوف يكون مسؤولاً عن كل القوات العسكرية والأمنية والادارية الموجودة هناك، ما يعني أن قوات الجيش اللبناني المنتشرة عند الحدود ووحدات الأمن العام ووحدات الجمارك سوف تتبع عملياً لقيادة هذا الجهاز الذي سيكون مرتبطاً برئاسة الحكومة، الأمر الذي يلزم كل الاجهزة الامنية الاخرى من فرع المعلومات الى أمن الدولة الى مديرية الاستخبارات في الجيش العمل تحت إمرته أو بالتنسيق الكامل معه، ما يعني أن لبنان سوف يكون أمام جهاز أمني جديد، قال الرئيس فؤاد السنيورة إنه سيتولى هو التنسيق مع الجانب السوري على الحدود الشمالية والشرقية، وبالطبع سوف يكون على تنسيق دائم مع القوى الدولية والسفارات الغربية المهتمة بمسألة تطبيق القرار 1701.
ولأن لبنان بلد المذابح الطائفية فإنه يمكن تخيّل نوع الإسقاط الطائفي على تعديلات صلاحيات فرع المعلومات وعلى إنشاء جهاز أمن الحدود، إذ إن الصلاحيات التي سوف تؤخذ من الجيش والامن والعام ومديرية الاستخبارات والشرطة القضائية، تعني بالعرف الطائفي اللعين في هذا البلاد، أن &laqascii117o;السني" الذي يمسك بالمعلومات وجهاز أمن الحدود سوف يأخذ من صلاحيات الاجهزة والادارات التي تتبع ـــــ بحسب العرف اللعين نفسه ـــــ الى الشيعة والدروز والمسيحيين.وفي هذا ما يكفي لتوقع عدم القدرة على إنجاز الأمر كما يفترض أصحابه، إلا إذا كانت البلاد على عتبة مواجهة جديدة.
ــ صحيفة الأخبار
محمد بدير:
لا تزال المفاوضات السوريّة ـــ الإسرائيلية تحتل الحيّز الأكبر في الصحف العبرية، التي نقلت أمس تصريحات للرئيس السوري بشار الأسد يرفض فيها الشروط السياسيّة التي تطالب بها سلطات الاحتلال في المفاوضات، التي تجري بوساطة تركيا. ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن تقارير دبلوماسية أوروبية أن الرئيس السوري رفض التدخل لوقف تسلح حزب الله، برغم جدية نياته السلمية في المفاوضات، التي يسعى رئيس الوزراء الإسرائيلي، إيهود أولمرت، لجعلها مباشرة قبل الانتخابات العامة في الدولة العبريّة.
وذكرت صحيفة &laqascii117o;هآرتس" أن الأسد صرح، أمام وزراء خارجية ودبلوماسيين أوروبيين رفيعي المستوى الشهر الماضي، أنه لا ينوي أن &laqascii117o;يحرك ساكناً من أجل ضبط تسلح حزب الله في لبنان"، مشدّداً على أنه &laqascii117o;ليس حارساً لإسرائيل" وأن هذا الأمر ليس &laqascii117o;وظيفتي".
وفي السياق، نقلت الصحيفة عن مصدر سياسي إسرائيلي رفيع المستوى قوله إن تقارير وصلت خلال الأسابيع الأخيرة إلى تل أبيب من ثلاث جهات أوروبية مختلفة التقت بالأسد، وسمعت منه كلاماً مشابهاً حول المفاوضات مع إسرائيل. وتؤكد التقارير أن الانطباع الذي تولّد لدى المسؤولين الأوروبيين هو جدية الرئيس الأسد في نيته دفع السلام قدماً مع إسرائيل من جهة، ومن جهة أخرى بقاؤه على صلابة مواقفه في القضايا المختلفة المرتبطة بالمفاوضات.وأوضح المصدر نفسه أن الأسد قال للمسؤولين الأوروبيين إن &laqascii117o;سوريا ستكون مستعدة لاتخاذ خطوات مهمة في المفاوضات"، لكن فقط بعد أن تحصل مجدداً على &laqascii117o;وديعة رابين"، التي تعني استعداداً مسبقاً للانسحاب من كل هضبة الجولان المحتلة.كذلك نقل الدبلوماسيون الأوروبيون، الذين التقوا الأسد، استبعاده حصول تقدم في المفاوضات قبل الانتخابات الإسرائيلية برغم استمرار المحادثات والرسائل المتبادلة عبر الوسيط التركي بينه وبين أولمرت.يذكر أن أولمرت سيقوم اليوم بزيارة خاطفة إلى أنقرة تستمر أربع ساعات يلتقي خلالها نظيره التركي رجب طيب أردوغان. وبحسب وسائل الإعلام الإسرائيلية، ستتمحور الزيارة حول المفاوضات القائمة مع سوريا وسبل دفعها قدماً قبل الانتخابات الإسرائيلية المقررة في العاشر من شباط المقبل.
وقالت صحيفة &laqascii117o;معاريف" إن الجانب السوري معني بالتجاوب مع هذا المطلب الإسرائيلي شريطة أن يقترن بتدخل أميركي في العملية. ونقلت عن مصادر سياسية إسرائيلية قولها إن الرئيس الأسد لن ينتقل إلى المسار التفاوضي المباشر من دون ضلوع كامل لإدارة الرئيس الأميركي المنتخب باراك أوباما.
ــ صحيفة السفير
ساطع نور الدين :
التظاهرة الضخمة التي نظمها حزب الله يوم الجمعة الماضي في الضاحية الجنوبية احتجاجا على الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة، أعلنت انخراط لبنان في المشروع السياسي الحرج الذي تقوده حركة حماس هذه الأيام، ووضعته في قلب عاصفة فلسطينية وإقليمية.. قد تكون أخطر من كل العواصف التي هبت في السنوات القليلة الماضية. عندما أعلنت حركة حماس الأسبوع الماضي وقف التهدئة في غزة، لم تكن تستهدف فك الحصار عن القطاع، بقدر ما كانت تطلق معركة الضفة الغربية، التي ترتبط بموعد انتهاء ولاية الرئيس الفلسطيني محمود عباس في التاسع من الشهر المقبل، وما يفترض ان يعقبها من تحديد موعد للانتخابات الرئاسية والنيابية الفلسطينية. كان المقصود هو تأكيد الحركة أنها ضد التمديد لعباس، ومع الحوار الوطني وفق الشروط التي حددتها، والتي أطاحت المحاولة الاخيرة للتحاور في القاهرة. تريد حماس كما يبدو ان تستدرج اسرائيل الى مواجهة في غزة، يكون من نتيجتها اولا تعطيل "المواعيد الدستورية&laqascii117o; المفترضة لملء شواغر السلطة الفلسطينية ومؤسساتها، ثم الانقضاض على الضفة الغربية التي لا يمكن ان تظل بمنأى عن اي اضطراب دموي واسع يمكن ان يشهده القطاع، كما لا يمكن ان تحتفظ بولاءاتها لاجهزة السلطة الامنية والسياسية.. ما يمكن ان يسهل التغيير المنشود، بل قد يجعله ضروريا بعد حصول الفراغ او الفوضى في الضفة.
والتوسع المنشود نحو الضفة هو بمثابة الخطوة الاخيرة من ذلك الانقلاب الذي نفذته حماس العام الماضي، ولم تنفع معه كل التسويات والحوارات، التي ساهمت في استدعاء قوى عربية وإقليمية لتعميق الانشقاق الفلسطيني، تماما كما جرى ويجري في لبنان منذ ثلاث سنوات.. بالمحاور نفسها التي تخوض اليوم الصراع على السلطة الفلسطينية، وعلى آخر مواقعها المتاخمة للقدس المحتلة. وهي مغامرة خطرة من جانب حماس، بل قد تبدو من الخارج انتحارية، لكنها الخيار الوحيد المتاح أمام الحركة، التي لن تخسر الكثير من محاولة اختبار قوتها في الضفة، كما انها الخيار الامثل لحليفتها ايران وسوريا اللتين لن تخاطرا بشيء اذا ما سعتا الى بلوغ بوابات القدس المحتلة، كما سبق لهما ان بلغتا حدود مصر، ووضعتا القاهرة في موقف دفاعي من خلال الترويج لاتهامها بأنها هي التي تفرض الحصار على غزة ! وخطورة هذه المغامرة الثلاثية التي انضم إليها حزب الله من خلال تظاهرة الضاحية، تكمن في الاعتقاد ان الظرف السياسي الاسرائيلي والاميركي، يفسح المجال لمثل هذا التوسع، او حتى الانقلاب في الضفة.. ولا يأخذ في الحسبان ان قطاع غزة نفسه يكاد يتحول الى اقليم متمرد ليس فقط على الشرعية الفلسطينية، بل ايضا على الشرعيات العربية والدولية، التي يمكن ان ترفع الغطاء عن سلطته الخاصة وتهدر دم أهله، من دون ان يكون لذلك اثر يذكر في الاقليم الفلسطيني الآخر، الخاضع لتلك الشرعيات.
المخاطر اللبنانية لمثل هذه المغامرة كبيرة جدا، وهي تبدأ بإعلان لبنان طرفا في ذلك الصراع الداخلي الفلسطيني، وتتعدى ما يمكن ان تتعرض له إيران وسوريا اذا ما فشلت حماس في السيطرة على الضفة