ـ صحيفة السفير:
بغزارة لم يسبق لها مثيل، لا يزال قطاع غزة، ينزف من دماء ابنائه، جراء واحدة من أعنف حملات الإبادة الجماعية التي تشنها إسرائيل على الشعب الفلسطيني، والتي تعيد الى الأذهان المذابح الأولى التي افتتحت بها الصراع العربي الإسرائيلي، والتي لم تنقطع يوما، وكان هدفها الدائم إنهاء الوجود الفلسطيني، حينا، أو انهاء مقاومته التي كانت ولا تزال هويته الوحيدة، وخياره الأوحد.
بضراوة شديدة، تذكر بالحرب الاخيرة على لبنان في تموز من العام ،٢٠٠٦ انهالت اسرائيل على قطاع غزة شبه الأعزل، بغارات جوية وحشية لا تزال متواصلة منذ ظهيرة أمس الأول السبت، أدت الى حصيلة دموية هي الأكبر منذ احتلال غزة في العام ،١٩٦٧ فاقت الـ٣٠٠ قتيل والألف جريح، وشملت دمارا هائلا للمقرات الرسمية والمساجد والمساكن، غطى شوارع القطاع من أقصاه الى أقصاه بالدم والركام.
وبدا ان شراسة اسرائيل تهدف الى الثأر من هزيمتها في حرب لبنان، والى تعزيز شعبية قادتها المتوجهين بعد ستة أسابيع الى انتخابات عامة، والى شفاء غليل جمهورها المتعطش أبدا للدم الفلسطيني... كما تهدف ايضا الى إرضاء بعض الحكام العرب الذين عبروا عن ضيقهم من القطاع المتمرد، وعن شعاره المقاوم، وأعطوا ما يشبه الضوء الأخضر للعدو الاسرائيلي كي ينفذ تلك الحرب، التي لا تواجه حتى الان سوى بعض الغضب الشعبي العربي، المتفاعل مع غضب إيراني وتركي مماثل، والمتقاطع مع حملة تضامن دولية محدودة مع الشعب الفلسطيني.
وبينما كان قرار المقاومة الفلسطينية في غزة هو عدم رفع الراية البيضاء والصمود والبقاء مهما كلف الامر، كان القرار الرسمي العربي بتأجيل اجتماع مقترح لوزراء الخارجية بعد غد الأربعاء، ثم بالتحفظ على عقد قمة عربية منشودة يوم الجمعة المقبل، يعادل إعطاء اسرائيل المزيد من الوقت لكي تنهي المهمة التي بات الجميع يعرف كيف بدأت لكن أحدا لا يعرف كيف تنتهي، ولا يستبعد ان تكون نهايتها شبيهة بنهاية حرب لبنان.
في المقابل ظهرت تصدعات في جدار الإجماع الاسرائيلي على الحرب الراهنة، وطرحت تساؤلات حول ما إذا يمكن لإسرائيل ان تسقط حركة حماس وحكمها للقطاع، أم أنها تحتاج الى إعادة احتلاله، وهو ما حذر منه معلقون إسرائيليون غداة اعلان حكومتهم استدعاء الاحتياط... أم ان الامر يستدعي اشعال غزة مرة أخرى من الداخل.
وبدا ايضا ان لعبة الخداع والتمويه التي مارستها اسرائيل في مستهل هذه الحرب، وتمكنت من خلالها من إسقاط هذا العدد الهائل من الضحايا الفلسطينيين، وكذلك لعبة التخفيف من أهداف الحملة العسكرية على غزة، كانت تستهدف فقط الجمهور الاسرائيلي وتحضيره للخطوة التالية، التي قد لا تكون مجرد اتفاق جديد تهدئة أمنية، برغم الانطباع العام بان اسرائيل ستكون مضطرة للتوصل الى مثل هذا الاتفاق، كي لا تصاب بخيبة اخرى تضاف الى خيباتها من حرب لبنان الاخيرة.
وكان الغدر الإسرائيلي قد بلغ ذروته في حملة الخداع التي سبقت العدوان، فقبل ٤٨ ساعة على بدء الغارات، توعدت وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني من القاهرة بـ»تغيير الوضع« في غزة، لكن على الأرض لم يحرّك الجيش ساكنا، فيما ذهب باراك في اليوم التالي الى حد السماح بدخول قوافل إنسانية الى غزة، في حـــين أبلغ مكتب رئيس الوزراء إيهود أولمرت الصحافيين بأن الحكومة ستجتمع الأحد »لمناقشة« عملية مكثفة محتملة على غزة، في الوقت الذي خرج فيه قائد المنطقة الجنوبية في إجازة.
ووصف الرئيس الليبي معمر القذافي رد القادة العرب على الهجمات الإسرائيلية بـ»الجبان والمتخاذل والمنبطح«، متهماً الدول العربية بأنها »تتاجر في هذه القضية«، فيما أعلن مسؤول سوري أنّ دمشق علّقت محادثات السلام غير المباشرة مع اسرائيل، معتبراً أنّ العـــدوان يوصد الباب دون التحرك من اجل تحقيق تسوية سياسية سلمية.
أما غزة، فقررت »ألا ترفع الأعلام البيضاء«، حسبما أعلن رئيس الحكومة المقال اسماعيل هنية، حيث توعدت فصائل المقاومة برد قاس على العدوان، مطلقة عشرات الصواريخ على المســتوطنات، أصاب بعضها، وللمرة الأولى، أهدافاً على بعد ٣٣ كيلومـــتراً من القطاع، بحيث بات حوالى »نصف مليون إسرائيلي تحت النار« وفقاً لما عنوت أمس صحيفة »يديعوت أحرونوت«.
وبينما بدا اللبنانيون موحدين لفظياً في تضامنهم مع غزة الجريحة، فإن عيون إسرائيل كانت مفتوحة على حدودها الشمالية، حيث وضعت جيشها في حالة استنفار، وأعطت تعليمات للمستوطنين للاستعداد للتعامل مع حالات الطوارئ، فيما كانت المقاومة اللبنانية وكذلك الجيش اللبناني يعلنان حالة الاستنفار والجهوزية تحسباً لأي عدوان إسرائيلي محتمل ضد لبنان في ضوء التطورات المتسارعة في الساحة الفلسطينية. كذلك رفعت قوات »اليونيفيل« مستوى حضورها الميداني في جنوب الليطاني، وعززت وتيرة إجراءاتها الوقائية، فيما كانت الدوائر الدبلوماسية الغربية، على جاري عادتها، تدقق، بأشكال مختلفة، في موقف »حزب الله« مما يجري في الساحة الفلسطينية.
وفي موازاة مواقف التنديد الرسمية والسياسية والروحية والشعبية الواسعة، بما في ذلك التحركات التضامنية العفوية في العاصمة والمناطق، دعا »حزب الله« بلسان أمينه العام السيد حسن نصر الله الى أوسع تجمع جماهيري، الثالثة من عصر اليوم، في ملعب الراية في الضاحية الجنوبية، من أجل التضامن مع غزة وشهدائها.
وفي الشأن الجنوبي الحدودي، أعلن نصر الله، في خطاب متلفز، أمام المشاركين في اليوم الأول من مجالس عاشوراء في مجمع سيد الشهداء في الضاحية الجنوبية، أنه طلب من المقاومة التواجد والحيطة »لأننا أمام عدو مجرم وغدار ونحن لا نعرف حجم المؤامرات التي تحاك من حولنا في المنطقة، وقال »نحن على استعداد لمواجهة أي عدوان على أرضنا ونواجه كل المعتدين من خلال حضورنا ومقاومتنا«.
واعتبر نصر الله أن ما يجري في غزة هو النسخة الفلسطينية لحرب تموز ألفين وستة ضد المقاومة اللبنانية، وانتقد ليس السكون والصمت العربي بل ما أسماه »الشراكة والتواطؤ الحقيقي الكامل« من قبل بعض الأنظمة العربية إزاء ما يجري في غزة، وخاصة تلك الدول التي وقعت معاهدات سلام مع إسرائيل وتحاول بكل الوسائل أن تفرض منطق الاستسلام على قوى الممانعة العربية.
ودعا نصر الله الى العمل من أجل وقف العدوان وعدم السماح بتحقيق أي من أغراضه، وطالب الشعوب العربية بالخروج الى الشارع من أجل تغيير موقف الأنظمة.
وخص نصر الله مصر والمصريين بحصة وافرة من خطابه، وانتقد بشكل غير مباشر المواقف التي أعلنها وزير خارجية مصر أحمد أبو الغيط بعد بدء العدوان على غزة، وما أعلنه سابقاً حول تكسير أقدام الفلسطينيين الذين يحاولون اختراق معبر رفح باتجاه الأراضي المصرية، ودعا المسؤولين المصريين الى فتح المعبر امام الشعب الفلسطيني في غزة، وقال »إن لم تفتحوا معبر رفح وتنجدوا الفلسطينيين فأنتم شركاء في الجريمة والقتل والحصار«، كما ناشد المصريين الخروج بالملايين إلى الشارع من أجل »فتح المعبر بصدورهم«، مناشداً الشعوب العربية النزول إلى الشارع لنصرة غزة »ولو تعرضت لرصاص السلطة«.
وخاطب نصر الله ضباط وجنود القوات المسلحة المصرية قائلاً »إنهم ما زالوا على أصالتهم العربية وعداوتهم للصهاينة«، وقال »أنا لا أدعو لانقلاب في مصر لكن أن يقول الضباط إلى القيادة المصرية إنهم يأبون أن يحرسوا الحدود في حين يُقتل الفلسطينيون في غزة«.
وتطرق نصر الله إلى »الصواريخ المشبوهة« التي تم العثور عليها قبل ايام في الناقورة، وقال رداً على بعض ردود الفعل الداخلية المتسرعة »أنا أود أن أقول لهم نحن في »حزب الله« لدينا شجاعة تحمل مسؤولية ما نقوم به ولسنا في موضع التهمة لندافع عن أنفسنا وما جرى مشبوه من الزاوية الأخرى، أفلا تستطيع إسرائيل وعملاؤها ان يتسللوا لوضع الصواريخ لتقديم التبرير لإسرائيل لشن حرب على لبنان«؟
الى ذلك، وبناء للدعوة التي وجهها رئيس مجلس النواب نبيه بري الى رؤساء البرلمانات العربية، يعقد الاتحاد البرلماني العربي مؤتمراً طارئاً قبل ظهر الخميس المقبل في مدينة صور لبحث العدوان على غزة وسبل دعم الشعب الفلسطيني.
ـ صحيفة النهار:
حافظت القاهرة على موقفها المقاوم لعقد قمة عربية طارئة دعت اليها رسميا سوريا وقطر، تكرس للبحث في سبل وقف "العدوان الاسرائيلي" على قطاع غزة ورفع الحصار المفروض عليه.وبدا ان المقاومة المصرية النشيطة لعقد قمة مقترحة في الدوحة الجمعة المقبل لقيت دعما مستترا من بعض الاطراف العرب، إذ افادت مصادر مطلعة في الامانة العامة لجامعة الدول العربية ان عدد الدول التي اخطرت الجامعة رسميا بموافقتها على عقد القمة لم يتجاوز حتى بعد ظهر امس، سبع دول هي الجزائر والسودان واليمن وسلطمة عمان وجزر القمر الى قطر وسوريا. على صعيد آخر، عبرت القاهرة عن انزعاجها الشديد من التظاهرات الصاخبة التي جرت في اليومين الأخيرين امام السفارات المصرية في عواصم عربية عدة احتجاجا على موقفها من حصار غزة والهجوم الاسرائيلي على القطاع. وقال السفير زكي ان هذه التظاهرات "موجهة الى العنوان الخاطئ واهدافها ليست بريئة وتحمل (ملامح) الاجندة السياسية التي تريد ان تدفع المنطقة الى مربع المواجهة وتجر مصر الى هذا المربع ومصر لن تسمح بهذا".
في غضون ذلك، عكس المشهد اللبناني، في اليوم الثاني للعدوان الاسرائيلي الدموي على غزة، مجموعة استنفارات بدا معها لبنان البلد العربي الأشد تأثراً بهذا العدوان والأكثر تحوطاً لما يمكن ان يتركه من انعكاسات عليه. وعلى رغم الخوف من إمكان تكرار صدامات كتلك التي حصلت في محيط السفارة المصرية أمس بين متظاهرين وقوى الأمن الداخلي، علمت "النهار" ان الاتصالات والمشاورات التي تكثفت بين المسؤولين والمعنيين أثمرت بلورة مناخ ايجابي حيال مواكبة لبنان لهذا التطور يمكن معه استبعاد اي انعكاسات سلبية داخلية.
وعلى المستوى الرسمي برز استنفار حكومي وبرلماني يهدف الى ترجمة التضامن اللبناني مع الفلسطينيين بأوجه مختلفة، في حين عقد رئيس الجمهورية ميشال سليمان اجتماعاً مع وزيري الدفاع الياس المر والداخلية زياد بارود لعرض الاجراءات الامنية المتخذة ورفع جهوزية القوى العسكرية والامنية لترسيخ الاستقرار الامني. وشدد سليمان في الاجتماع على "وجوب صدور موقف عربي موحد وعملي من المجزرة التي ارتكبها العدو الاسرائيلي في حق المدنيين الفلسطينيين". وأدرج هذا الاجتماع تحت عنوان تحصين الوضع الداخلي. وأجرى الرئيس لاحقاً سلسلة اتصالات مع عدد من القوى والشخصيات السياسية والقادة بغية التنسيق في مواجهة الوضع الناشئ في غزة ومنع انعكاساته على لبنان. وقالت مصادر معنية ان حصيلة الاتصالات تشير الى ان لا انعكاسات سلبية على لبنان وان زيارة الرئيس سليمان للجنوب السبت ساهمت في تحصين الوضع اللبناني وسحب كل الذرائع التي يمكن ان تتخذها اسرائيل لأي اعتداء محتمل عليه.
وفي هذا السياق، برز خطاب الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله مساء امس لدى احياء الليلة الأولى من ليالي عاشوراء في مجمع سيد الشهداء في الرويس، اذ قرن تهدئة المخاوف بالتحذير من احتمالات اعتداء اسرائيلي على لبنان. وقال: "أنا لا أريد ان أخيف أحداً أو أدفع أحداً الى القلق ولكن لا يجوز ان نخدع". وأدرج الاستنفار الاسرائيلي على الحدود مع لبنان في اطار احتمالين: الأول هو "إجراءات وقائية" والآخر "احتمال ان يلجأ العدو الى أمر ما في اتجاه لبنان". (...)
وعلمت "النهار" ان اجتماعاً عقد مساء امس في عين التينة بين رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس مجلس الوزراء فؤاد السنيورة عرضا فيه التطورات والاستعدادات الجارية حكومياً وبرلمانياً لمواجهة انعكاسات الوضع الناشئ في غزة على لبنان. وتردد ان بعض الملفات الداخلية طرح في اللقاء، منها استكمال تعيين اعضاء المجلس الدستوري في مجلس الوزراء الذي تبذل مساع للتوافق عليهم، ومن غير المستبعد ان تتكلل هذه المساعي بالنجاح قريباً.
اما في الجنوب، فأفادت معلومات ان الجيش وقوات "اليونيفيل" عززت اجراءاتها على الحدود مع اسرائيل وفي انحاء الجنوب. ونقلت "وكالة الصحافة الفرنسية" عن مسؤول عسكري لبناني ان "قيادة الجيش وقوة "اليونيفيل" عززتا الاجراءات الامنية في منطقة جنوب الليطاني لئلا يستغل احد الموضوع خارج اطار التعبير عن الاستنكار للعدوان الصهيوني على قطاع غزة". واضاف ان هذه التعزيزات تهدف الى "منع اي اعمال تخرج عن هذا الاطار والى حماية امن المواطنين".
ـ صحيفة الأخبار:
قال قيادي محلي في «حماس» في مدينة رفح لـ«الأخبار»، إن القوات المصرية كانت على علم بموعد الغارات الجوية، ورفعت هذه الرايات لإرشاد الطائرات الإسرائيلية وتنبيهها إلى أنها مواقع مصرية لا فلسطينية.
ـ صحيفة المستقبل:
أكد الرئيس السنيورة خلال اتصال هاتفي تلقاه من وزيرة الخارجية الاميركية كونداليزا رايس على "الدور الذي يمكن ان تلعبه الولايات المتحدة الاميركية في إيقاف حمام الدم في قطاع غزة وضرورة وقف فوري لإطلاق النار".
ـ صحيفة الحياة:
دعا الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله الشعب المصري الى فتح معبر رفح، وحض الضباط المصريين على التحرك في الاتجاه نفسه. واستحضر حرب تموز (يوليو) 2006 على لبنان، معتبراً ان العدوان على غزة «نسخة طبق الأصل» عنها، متهماً أنظمة عربية، وخصوصاً التي وقعت اتفاقات مع إسرائيل بأنها «شريكة»، داعياً الى تجمع حاشد اليوم في الضاحية الجنوبية لبيروت.
ولم يصرف الاهتمام الشعبي والرسمي في لبنان في توفير كل أشكال الدعم للفلسطينيين في غزة، الأنظار عن الدعوات الى التهدئة والحفاظ على الاستقرار العام في الجنوب وعدم الانزلاق بالبلد الى مأزق لا يريده، بغية قطع الطريق على من يحاول العودة الى استخدام الجنوب ورقة للقيام برد فعل «عفوي» بذريعة الثأر من إسرائيل على المذابح التي ترتكبها ضد الفلسطينيين في غزة أو أي عمل مشبوه لتوريط لبنان في حرب مفتوحة مع إسرائيل، سواء بإطلاق الصواريخ باتجاه الأراضي الفلسطينية المحتلة أو إثارة البلبلة في منطقة عمليات القوات الدولية (يونيفيل) جنوب الليطاني.
وعلمت «الحياة» أن أركان الدولة كثفوا طوال أمس اتصالاتهم في كل الاتجاهات ودعوا الى ضبط النفس وتفويت الفرصة على من يراهن على استدراج لبنان وتحديداً الجزء الجنوبي منه، الى حال من الفوضى والفلتان الأمني في حال لجوء البعض الى استخدامه للرد على إسرائيل تحت عنوان ان من غير الجائز استفراد غزة من دون رد فعل من إحدى الجبهات العربية.
وبحسب المعلومات، فإن رؤساء الجمهورية ميشال سليمان والمجلس النيابي نبيه بري والحكومة فؤاد السنيورة تواصلوا مع قيادة «حزب الله»، التي أكدت لهم ان لا مصلحة في فلتان الوضع في الجنوب، إضافة الى ان بري والسنيورة بقيا على اتصال مع القيادات الفلسطينية المنتمية الى منظمة التحرير وقوى التحالف الفلسطيني واجتمعا معهم ليس من أجل التضامن المعنوي الى جانب الفلسطينيين فحسب، وإنما أيضاً لتأكيد استعدادهما لتقديم كل أشكال الدعم والمساندة. وأكد الجانب الفلسطيني حرصه على الاستقرار في لبنان. وعقد بري والسنيورة ليلاً اجتماعاً في مقر الرئاسة الثانية في عين التينة للتشاور.
وكان الوضع مدار بحث بين سليمان ووزيري الدفاع الياس المر والداخلية زياد بارود اللذين استقبلهما في دارته في عمشيت.
كما أن قيادتي «حزب الله» وحركة «أمل» في الجنوب ظلتا على تواصل مع قيادتي «يونيفيل» والجيش اللبناني جنوب الليطاني حيث نفذ الأخير أمس مجموعة من التدابير والإجراءات الاحترازية في سياق الحفاظ على الأمن، ومنع استخدام الجنوب ساحة لتصفية الحسابات العربية – العربية أو لتبادل تسجيل المواقف على حساب الحفاظ على التهدئة.
وفي هذا السياق، سعت قيادة الجيش منذ اللحظة الأولى لبدء العدوان الإسرائيلي على غزة الى رفع مستوى جاهزيتها بإلغاء الإجازات الممنوحة للعسكريين، ودعوتهم الى الالتحاق بوحداتهم. وسيّرت الوحدات العسكرية المنتشرة في الجنوب دوريات مؤللة وراجلة على طول الخط الأزرق الفاصل بين لبنان والأراضي المحتلة، واستحدثت نقاطاً عسكرية جديدة، اضافة الى تشديد التفتيش على الطرق الرئيسة في الجنوب، والتدقيق في هوية العابرين وإبلاغ أصحاب البساتين والأراضي بضرورة الاتصال فوراً بالمراكز العسكرية في حال رؤيتهم أجساماً غريبة أو تحركات مشبوهة في المناطق التي تستخدم في العادة لإطلاق الصواريخ باتجاه الأراضي المحتلة.
وجاءت التدابير التي اتخذتها وحدات الجيش متزامنة مع اتصالات أجراها كبار الضباط مع مسؤولي الفصائل الفلسطينية في مخيمات الجنوب ومتلازمة مع تدابير مماثلة للوحدات العسكرية التابعة لـ «يونيفيل».
وعلى صعيد المواكبة السياسية الرسمية للاتصالات العربية لتحضير الأجواء لعقد قمة عربية طارئة في الدوحة الجمعة المقبل، علمت «الحياة» ان الرئيس سليمان تلقى اتصالاً من أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني إضافة الى اتصالات مماثلة تلقاها السنيورة ووزير الخارجية فوزي صلوخ.
وقالت مصادر وزارية ان لبنان تريث في تحديد موقفه النهائي من الدعوة الى قمة عربية طارئة، وعزت السبب الى ان معظم الدول العربية لم تحسم أمرها حتى الساعة، وان الموافقة جاءت فقط إضافة الى قطر، من سورية واليمن وسلطنة عمان وليبيا والسودان وجزر القمر وجيبوتي. وعزت السبب أيضاً الى ان لبنان لا يحبذ الدخول في سياسة المحاور العربية وأنه كان ولا يزال يحرص على التضامن العربي لحماية ساحته الداخلية وعدم إخضاعها لسياسة التجاذبات العربية، مشيرة الى أن لبنان يرى من الأفضل أن يترك مصير عقد القمة الطارئة الى اجتماع وزراء الخارجية العرب في القاهرة بعد غد الأربعاء.
في هذه الاثناء، اعطت الحكومة الاسرائيلية اشارات الى ان عملية «الرصاص المنهمر» ما زالت في «بدايتها» وانها قد «تتدحرج» الى عملية برية واسعة، اذ قررت استدعاء 6500 جندي من الاحتياط، كما بدأت قوات كبيرة من سلاح المدرعات بالتوجه الى الحدود مع قطاع غزة لدعم قوات المظليين. كذلك اعلنت حال الاستنفار في القدس والضفة الغربية تحسبا لاشتباكات مع الفصائل الفلسطينية واحتمال استئناف العمليات الانتحارية.
وتعززت هذه التكهنات بإعلان وزير الدفاع ايهود باراك انه يتوقع ان تستمر العملية اسابيع كثيرة، في وقت دعا رئيس الحكومة المستقيل ايهود اولمرت «الجبهة الداخلية الى ابداء اكبر قدر من العزيمة والصمود» من اجل اعادة الهدوء لسكان الجنوب. وقالت وزيرة الخارجية تسيبي ليفني لمحطة «ان بي سي» إن إسرائيل لا تنوي احتلال قطاع غزة، وادعت ان الهجوم بدأ «بعد أن هربّت حماس وسائل قتالية وبنت جيشاً صغيراً». وكانت ليفني أعلنت خلال جولة لها في سديروت معارضتها الشديدة لأي اتفاق لوقف النار، مضيفة: «الطريق الوحيدة التي يمكن من خلالها تقصير العملية العسكرية هي من خلال التوضيح الصريح بأن لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها، وأن المجتمع الدولي يدعم إسرائيل في مواجهة حماس».
وكان التضامن الشعبي في البلدان العربية والغربية مع قطاع غزة كبيرا ولافتا، اذ تظاهر الالاف في بلدان عدة للتنديد بالعمليات الاسرائيلية، فيما توعدت جماعة «الاخوان المسلمين» في مصر بتوسيع احتجاجاتها ما لم يتوقف العدوان. ودان المرجع الشيعي الاعلى آية الله علي السيستاني الاعتداء في غزة، وطالب الأمتين العربية والاسلامية باتخاذ مواقف عملية لإنهائه وكسر الحصار تتجاوز الإدانات والاستنكارات اللفظية.
ـ صحيفة البلد:
وكان الأمين العام لـ "حزب الله" السيد حسن نصرالله قد وجّه امس رسائل قوية باتجاه الدول العربية ومصر تحديداً ودعا الشعب والجيش المصري إلى فتح معبر رفح بالقوة.
ـ صحيفة الشرق الأوسط:
نصر الله يشن هجوما غير مسبوق على مصر. زعيم حزب الله يستغل تطورات غزة
استغل الامين العام لحزب الله اللبناني السيد حسن نصر الله، التطورات في غزة لشن هجوم غير مسبوق على مصر، متهما القاهرة بالشراكة مع اسرائيل في حربها على القطاع، للقضاء على حركة حماس. ودعا نصر الله المصريين الى «الخروج بالملايين إلى الشارع وفتح معبر رفح بصدورهم لوصول السلاح والدواء والغذاء الى غزة». يذكر أن حزب الله حشد مظاهرات أمام السفارة المصرية في بيروت أمس تتزامن مع توتر في العلاقات المصرية الإيرانية.