ـ صحيفة الأخبار
إبراهيم الأمين:
إسرائيل مصدومة بالنتائج وتؤرّقها المراوحة البريّة. أوجز المحلّلون في إسرائيل ما يجري الآن بالآتي: &laqascii117o;يريدون تسوية مع مصر وبرعاية أميركية لضمان عدم مراكمة &laqascii117o;حماس" قوتها. وفكرة تأخير التصويت في الأمم المتحدة هدفت إلى محاولة إقناع مصر بتولّي الأمر. لكن يبدو أن الولايات المتحدة لا تمارس ضغطاً كافياً في هذا الاتجاه". المواجهات القائمة الآن مع المقاومين في كل قطاع غزّة، تنبئ بتجربة جديدة يواجهها الإسرائيليون. وهي تجربة سبق لهم أن قرأوا بعض عناوينها قبل عامين في جنوب لبنان. تجربة تفتح الباب أمام نقاش مختلف. ومهما تصور الاسرائيليون إنجازاتهم عند أطراف القطاع، فهم يعرفون أن ما يواجهونه اليوم لم يكن يخطر ببالهم قبل عشر سنوات.
■ الوجبة الأولى... بلا دسم
في المعلومات التي سيتكشف الأخطر منها يوماً بعد يوم، صارحت وزيرة خارجية العدو تسيبي ليفني الرئيس المصري حسني مبارك ومساعديه بأن ما تنوي إسرائيل القيام به في غزة سيكون على شكل عقاب خاطف؛ سوف يطيح &laqascii117o;حماس" خارج الملعب ويفتح الطريق أمام عودة محمود عباس ورجاله. وفي المداولات الأمنية والعسكرية، قال الإسرائيليون للمصريين إن العملية العسكرية ستأخذ شكلاً قاسياً ولكن سريعاً جداً؛ سوف تكون هناك عملية جويّة تقضي على كل البنى التحتية وتكسر الهرمية القيادية وتخطف أرواح غالبية القادة السياسيين وكوادر المقاومة العسكريين؛ وبعد يومين أو ثلاثة على أبعد تقدير، ستتقدم القوات البرية بسرعة نحو عمق القطاع، وتجهز على ما يبقى من جيوب، وتعود بعدها مع قوافل من المعتقلين، بينما يتقدم الآلاف من عناصر الأجهزة الامنية لسلطة محمود عباس نحو تسلّم القطاع. وهكذا، تخيلت تسيبي ليفني صورة تعتقد بأن مبارك عاشها قبل 40 عاماً، حين أنجز الاسرائيليون أكبر أفعالهم خلال ساعات قليلة في عام 1967. ويبدو أن حديث المرأة، ومن لحقها وسبقها من عسكريين وأمنيين، قد ترك تأثيره الكبير لدى القيادة المصرية. وسارع حاكم مصر الى استدعاء من يمكن أن يؤدوا دوراً في اليوم التالي. عاد الأمنيون يبحثون في تركيب الوضع في القطاع من دون تسليمه كاملاً الى محمود عباس. فجأة، ارتفع سعر محمد دحلان وجماعته. لكن اليوم الأول مرّ ومرّ الأسبوع الأول ولم يحصل شيء.
■ خطّة الإخلاء والتمويه
قبل أيام من انطلاق العدوان، كان قادة &laqascii117o;حماس" من السياسيين والعسكريين ومعهم قادة الفصائل الأخرى قد اختفوا عن مراكز المراقبة التقليدية. بدا أن خطة إخلاء مُحكمة قد نفذت بهدوء وصمت. وعندما أغار الطيران المعادي، أصاب 150 هدفاً مفترضاً تبيّن أنها كانت خالية وقتل من كان بقربها من مدنيين. وعدا عن مجزرة الشرطة (التي لها روايتها وأبطالها من الذين نصبوا الكمين)، فإن الضربة الاولى لم تحقق أياً من أهدافها. فما الذي حصل؟لم يكن قد مرّ وقت طويل على هزيمة إسرائيل في لبنان، حتى كان الشهيد عماد مغنية يعيش هاجس نقل التجربة الى فلسطين. سارع الى عقد سلسلة من الاجتماعات التي لم تتوقف حتى عشية استشهاده، وهو يتابع ما يعتبره حلمه الأكبر. قال رضوان لرفاقه الفلسطينيين إن شبكة الاتصالات تمثّل سلاحاً استراتيجيّاً، ومعها سلاح الاماكن الخاصة. وخلال وقت قصير، كانت الخطط قد وضعت، وسافر العشرات من كوادر المقاومة الفلسطينية الى سوريا ولبنان وإيران وأتيح لهم الاطلاع على تفاصيل كثيرة، واستفادوا من خبرات كبيرة، وخلال أقل من سنة، كانت غزة أمام واقع ميداني يختلف عمّا ساد هذه المناطق لعقود خلت. الهرمية العسكرية لقوى المقاومة، ولا سيما لـ&laqascii117o;حماس"، أخذت شكلاً مختلفاً. وأخذت بالاعتبار حرباً إسرائيلية من نوع مجنون كالذي يحصل الآن. جرت مناقشة الأمور كلها، بما في ذلك طريقة حماية المخزون المتعاظم من القدرات القتالية، وكيفية إبقاء طرق الإمداد قائمة، وكيفية حفظ التواصل بين المجموعات كلها. وينقل عن الشهيد مغنية قوله إن &laqascii117o;الفلسطينيين يثبتون يوماً بعد يوم أنهم الشعب الجبار الذي بمقدوره تحمل كل الصعاب، وأن طريقة تحويل باطن الأرض حول القطاع وداخله إلى مدن قائمة يشير إلى أنه إذا توافرت لهم الإرادة والقيادة فسيحققون ما عجز عنه السابقون".
ولذلك فإن الضربة الاولى التي نفذها طيران العدو لم تحقق سوى صدمة الرعب، التي أربكت الجميع بمن فيهم قيادات المقاومة في فلسطين وخارجها. لم يكن الأمر مستبعداً، ولكن حجم الضربة وحجم الجريمة ترك مفعول الصدمة. وبحسب ما هو مفترض، فإن الامور سارت على النحو الحسن. وخلال يومين، استعادت المقاومة الإمساك بالوضع، وتبيّن أن قدرتها على التحكم والسيطرة على آلية المواجهة جيدة، لا بل إنها لم تتعرّض لضربات جدية، وأن ما أصابته الغارات الاسرائيلية كان القليل القليل من القدرات، وكان الجميع يعي أن الحملة الجوية سوف تمهّد للحملة البرية، التي لها حساباتها أيضاً.
■ اللامركزية في مقابل التقطيع
رأى العدو أن المهم بالنسبة إليه هو إضافة جرعة جديدة من الرعب. لم تكن مشاهد الحشود والدبابات كافية لتحقيق العرض. وعندما توالى سقوط الصواريخ على جنوب القطاع وشرقه وشماله، اكتشف الاسرائيليون أن هناك فشلاً استخبارياً قد وقع، وأن هناك ما يشبه الأيام الأولى لحرب لبنان في تموز عام 2006. وبعد مرور أسبوع على العدوان، كان النشاط البري ينحصر في ما سمّاه الاسرائيليون &laqascii117o;المرحلة الثانية"، التي تقضي بتقطيع أوصال القطاع واحتلال كل المناطق المفتوحة التي يفترض أنها مراكز للوحدات المكلفة إطلاق الصواريخ. ودخل المئات من جنود الاحتلال، وهم يحسبون أن الحرب على وشك الانتهاء، إذ إن المقاتلين اختفوا، ولكن سرعان ما عادوا الى الظهور، وصاروا يطاردون قوات الاحتلال، التي تقضي المرحلة الثانية من عدوانها بتجنّب الالتحام مع المقاومين وتحصر الهدف بتقطيع أوصال القطاع، أملاً بضرب الهرمية القيادية للمقاومة وإحداث فوضى وارتباك.غير أن الذي حصل هو الدرس الثاني والأهم من حرب تموز، وهو الذي يقضي بوضع كل الخطط التي تجعل وحدات المقاومة مسؤولة عن قطاعات محددة، ولكل مجموعة تجهيزاتها الكاملة ومؤنها وخططها للعمل، وبالتالي فإن الحلقة المركزية لا تتطلب عمليات نقل للقوات أو عمليات إمداد ذات طابع تقليدي. وانعكس ذلك قدرة على المناورة في المناطق التي تحركت فيها قوات الاحتلال، وأخذ بعداً إضافيّاً في الأماكن الاخرى، حيث يفترض الاسرائيليون أنهم سينطلقون باتجاهها إذا قرروا الدخول في المرحلة الثالثة من العملية العسكرية.
■ العتاد والصواريخ والتكتيك
إلا أن العناصر الإضافية تمثلت في توفير مخزون صاروخي لدى المقاومة يكفي لتحمّل الصعاب لوقت طويل، ويُوزّع بطريقة تمنع تعرضه للتعطيل، حتى لو نجح العدو في احتلال أمكنة كثيرة من القطاع. ورُبطت آلية العمل بوتيرة تحفظ سقوط الصواريخ، ومن أمداء مختلفة، وذلك لمدة لا تقل عن ثلاثة شهور، وهي المدة التي يفترض بالمقاومة أن تحولها إلى حرب استنزاف كاملة إذا ما قررت إسرائيل البقاء في حالة العدوان وتوسعت في احتلال مناطق اضافية من القطاع. وتمثّل عنصر المفاجأة الإضافي في كميات الأسلحة ونوعيتها وعدد الصواريخ التي أدخلت الى القطاع. وعندما شعر حاكم مصر بأن ما تحدّث عنه الإسرائيليون لم يتحقّق جديّاً، وبعد مرور أكثر من أسبوع على اندلاع المعارك، تم ترتيب اجتماع عاجل في طابا بين كبار المسؤولين الامنيين في مصر وإسرائيل. كان الجانب الاسرائيلي يقول صراحة إن الحملة الجوية لم تحقق هدف إطاحة قيادة &laqascii117o;حماس" السياسية والعسكرية، وإن ما يجري على الأرض يظهر قدرات خاصة عند مقاومي &laqascii117o;حماس"، لكن الأهم بالنسبة لهؤلاء هو الأشارة إلى أن المخزون الصاروخي لا يشبه البتة ما كان ينقل إليهم من تقارير يعدّها عملاء، وبعضها أتى من ضباط في أجهزة أمن السلطة الفلسطينية، أو نقلتها الولايات المتحدة وعواصم غربية من خلال آلية التعاون غير المباشر مع أجهزة أمنية عربية. وركز الاسرائيليون في الاجتماع المذكور على مسؤولية مصر في عدم ضبط الحدود بصورة جدية، ما دفع الضباط المصريين الى الحديث عن إنجازات في تدمير مئات الأنفاق واعتقال العشرات من المواطنين في جنوب سيناء، وعن تبديل ظل متواصلاً للفريق الأمني والعسكري العامل هناك، وصولاً الى الحديث عن أن التهريب يتم عبر البحر لا عبر الحدود البرية.
■ المرحلة الثالثة والبعد السياسي
كل ذلك لا يجيب عن السؤال المركزي الآن: لماذا رفضت اسرائيل قرار مجلس الامن؟ وفي محاولة الإجابة، يبدو واضحاً أن في قيادة اسرائيل السياسية والعسكرية اقتناعاً بأن الاهداف الفعلية لم تتحقق. وإذا كان هناك الكثير من الكلام الذي قيل في النقاش السياسي حول أهداف الحرب، إلا أنه في المداولات الجدية مع الفرنسيين والمصريين والألمان، فإن اسرائيل قالت صراحة انها لا تريد تسوية تسمح لـ&laqascii117o;حماس" بتكرار تجربة حزب الله وأن يتاح لها الاحتفاظ بنفوذ كامل داخل القطاع وأن تعيد مراكمة قوتها العسكرية. ولذلك، فإن ما جرى حتى الآن لم يجبر &laqascii117o;حماس" على الخضوع، ولم يتح للآخرين من دول المنطقة فرض اتفاق يقضي بتوفير ترتيبات من هذا النوع. وبالتالي، فقد بات واضحاً أنه لم يعد مطلوباً القضاء على &laqascii117o;حماس"، بل ضمان التزامها بوقف إطلاق نار طويل المدى وعدم تهريب الأسلحة الى القطاع من مصر، وهو موقف قالت فرنسا وألمانيا إنهما مستعدتان للعمل على تطبيقه.
■ التناغم بين الميدان والمفاوضات
على هذا الأساس انطلقت اسرائيل في حربها، وهي كانت تعتقد بأن للحملة الجوية نتائجها السياسية، وذلك لأنها حسبت أن نتائجها الميدانية كانت كافية لإرغام &laqascii117o;حماس" على طلب النجدة قبل طلب الاستسلام. لكن شيئاً من هذا لم يحصل، فكان الدخول إلى المرحلة الثانية، والاعتقاد الذي ساد بأن عنف الحرب والجرائم الكبيرة ستنقل الضغط على &laqascii117o;حماس" إلى داخل القطاع نفسه. وهو أمر لم يحصل أيضاً، بل ظهر أن التعاطف الفلسطيني مع المقاومة أكبر مما يظن الآخرون، حتى جاءت حملة التضامن في الشارعين العربي والاسلامي لتسقط كالماء البارد على الرؤوس الحامية في إسرائيل وفي عواصم القرار العربية والدولية. وعندما بدأت المرحلة الثانية من الحملة البرية، كان قادة العدو لا يتصرفون على أساس أنهم سيبقون لفترة طويلة، فإما أن يصار إلى تحقيق مكاسب ميدانية يجري تثميرها سياسياً أو أن يتقدموا نحو المرحلة الثالثة، وعند هذا النقاش بدأ الانقسام يتسلل الى غرفة القيادة في اسرائيل. وبدا واضحاً أن رئيس الحكومة إيهود أولمرت يريد الاستمرار في العمليات حتى تحقيق التسوية التي تريدها اسرائيل، بينما يؤيد ايهود باراك تفاهماً مع مصر على إنجاز سريع للعملية مع ترتيبات لاحقة لتسوية دائمة. أما وزيرة الخارجية تسيبي ليفني فكانت تخشى الأسوأ، إذ قالت إنها تميل الى الانسحاب الآن وإفهام &laqascii117o;حماس" والناس والدول الاخرى بأنه في حال إطلاق النار من جديد فسيعاود الهجوم، على أمل أن تنجز تفاهمات لاحقة تضمن عدم تعرض إسرائيل من جديد للقصف. لكن في الميدان بدت الصورة أكثر قلقاً. فباراك الذي يعرف أن الاهداف لم تتحقق بعد، سارع الى زيارة مخيمات التدريب الخاصة بجنود الاحتياط، وحثهم على الاستعداد لحرب اضافية. وقال صراحة إن &laqascii117o;الحرب طويلة والاهداف لم تتحقق بعد". أما قيادة الجيش، التي تبدو الأكثر التزاماً بتوصيات لجنة فينوغراد، فإن القلق له شكله المختلف. صحيح أنها لا تمارس الضغط على القيادة السياسية، لكنها تدرك أنه كلما تقدمت القوات العسكرية في القطاع، ازداد احتمال التورط في حرب استنزاف والعودة الى وحول غزة. والمرحلة الثالثة المطلوب تنفيذها تقضي بالتوجه فوراً الى الاماكن المكتظة بالناس والتجمعات السكنية، وهناك نُصبت الكثير من الأشراك المفخخة، وهناك آلاف المقاتلين الذين يتحولون في لحظة الى فدائيين يفجرون أنفسهم بالقوات المتقدمة. وإن الرد القاسي يعني وحشية إضافية سوف تودي بحياة المزيد من المدنيين. أما إذا تقرر البقاء في مرحلة الانتظار، وعدم الانسحاب، فهذا يتطلب إما التموضع واتخاذ مواقع كأي جيش احتلال، وعندها ستتحول المجموعات الى اهداف. وهذا يكفي برأي الاسرائيليين &laqascii117o;ان العدو يفيق كل يوم من الصدمة ويعيد ترتيب اموره والامساك بزمام المبادرة والصواريخ ستنهال من دون توقف".
ـ صحيفة السفير :
دخلت الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة اليوم أسبوعها الثالث مستفيدة إلى أقصى حد ممكن من الثغرات المقصودة في القرار الدولي ١٨٦٠ الذي لا يفرض عليها وقف العدوان فوراً، ويزيح العبء قليلاً عن كاهل بعض الحكومات العربية، ويترك الدم الفلسطيني مسفوكاً بغزارة حيث ارتفعت حصيلة الشهداء إلى أكثر من ٨٠٠ والجرحى الى .٣٣٠٠ وإذا كان قرار مجلس الأمن بث بعض الارتياح في دوائر الحكم العربية، فإن الاحتقان ظل سائداً في الشوارع العربية، مثلما كان منذ اليوم الاول لبدء العدوان. بل إن هناك من قد يقول إنه في تصاعد، مستشهداً مثلاً بالتظاهرة الغاضبة التي خرجت أمس في مدينة الاسكندرية وضمت مئة الف شخص، وبأخرى حاشدة في دمشق، وصولاً الى الجزائر "الممنوعة&laqascii117o; من التضامن مع غزة ما أوقع صدامات بين الجزائريين وقوات الأمن، مثلما جرى أيضاً في عمان حيث تطلق قوات الامن الأردنية العنان لهراواتها وقنابلها الغازية كلما اقترب المحتجون من السفارة الإسرائيلية. وسقط عشرات الجرحى في تظاهرات في موريتانيا. وكان المصريون على وفائهم ايضاً بخروجهم في تظاهرات في المحلة والعريش تعاملت معها سلطات الأمن بقسوة. لكن المشهد المؤلم كان في الضفة الغربية حيث تصدت عناصر الشرطة التابعة لسلطة محمود عباس للتظاهرات التي خرجت تضامناً مع الاخوة في غزة، فيما تولت قوات الاحتلال الإسرائيلية قمع الفلسطينيين في القدس المحتلة ومناطق الـ.٤٨
وبعد امتناع الولايات المتحدة عن التصويت على مشروع القرار الصادر عن مجلس الأمن، برز موقف لافت لوزيرة الخارجية الأميركية كوندليسا رايس، حمل تراجعاً في التحذيرات الشكلية التي سبق للولايات المتحدة أن أطلقتها حول استهداف المدنيين، حيث اعتبرت الوزيرة الأميركية انه "من الصعب&laqascii117o; على إسرائيل ان تحمي المدنيين في غزة "المكتظة سكانياً&laqascii117o;!. وكان واضحاً، أمس، أن الجهود الدبلوماسية انتقلت مجدداً من نيويورك إلى القاهرة، التي تشهد اليوم محادثات بين القيادة المصرية ووفدين من حركة الحماس، أحدهما من دمشق والآخر من غزة، ما يشيع احتمالات بأن تتبلور المبادرة المصرية بما يتيح لها التقدم الى الواجهة، بعدما وصف القرار ١٨٦٠ بأنه بمثابة إعلان نوايا، لا اكثر، يحتاج الى خطة تطبيق تفصيلية. وقالت مصادر في حماس لـ"السفير&laqascii117o; إنّ "قضايا مرتبطة بمراحل تطبيق الخطة المصرية تثير تساؤلات حول كيفية تنفيذها، وطريقة التعامل مع المراحل الثلاث التي تفترضها الخطة المصرية، وكيفية الربط بينها، وفي ما إذا كان من الممكن التعامل معها كرزمة واحدة، إضافة إلى ضرورة استيضاح العامل الزمني وتوقيت المراحل، خصوصاً في ما يتعلق بالانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة وفتح المعابر&laqascii117o;.
وقال دبلوماسيون أوروبيون وإسرائيليون إنّ مصر اعترضت على اقتراح بنشر قوات وتقنيين دوليين على امتداد حدودها مع غزة، معربة، في المقابل، عن قبولها بمساعدة تقنية لقواتها المنتشرة على الحدود، فيما نقلت صحيفة "هآرتس&laqascii117o; عن رئيس الدائرة السياسية والأمنية في وزارة الدفاع الإسرائيلية عاموس جلعاد إنّ زيارته إلى القاهرة، أمس الأول، كانت أولية فقط، مشيراً إلى أنّه لم يسمع من المسؤولين المصريين تعهداً بمنع تهريب الأسلحة بل نية بالتفاوض حول الموضوع. وبعيداً عن الدبلوماسية، واصلت آلة الحرب الإسرائيلية حصد مزيد من الشهداء، حيث تكثفت الغارات وعمليات القصف متسببة في استشهاد أكثر من ٣٠ فلسطينياً، بعدما قال رئيس الحكومة الإسرائيلية إيهود اولمرت أنّ "إسرائيل لم توافق في أي وقت من الأوقات على أن يحد أي كيان من الخارج حقها في الدفاع عن أمنها&laqascii117o;، فيما شدد الوزير إيلي يشاي على أنّ القرار الدولي سيبقى حبراً على ورق.
ـ صحيفة النهار :
أخفق قرار مجلس الامن 1860 الذي دعا الى وقف النار فوراً في غزة، في لجم الحرب الاسرائيلية على القطاع التي دخلت اسبوعها الثالث، وكذلك لم تجد تظاهرات يوم الغضب التي عمت العواصم العربية والعالمية صدى لدى آلة الحرب الاسرائيلية التي امعنت قصفاً وتدميراً في مناطق متفرقة من غزة مع تعزيز اعداد الدبابات في اشارة الى احتمالات بدء المرحلة الثالثة من الهجوم باجتياح الاماكن المكتظة بالسكان. وكما المستوى العسكري كذلك المستوى السياسي في اسرائيل الذي رفض قرار مجلس الامن، اذ قرر المجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والامنية مواصلة العملية العسكرية. وفي المقابل اعتبرت حركة المقاومة الاسلامية 'حماس' انها غير معنية بالقرار 1860 لانه لم تُستشر فيه وترجم جناحها العسكري موقفها باطلاق اكثر من 32 صاروخاً على مدن وبلدات في جنوب اسرائيل واعلن مقتل 12 جندياً اسرائيلياً في المواجهات، في حين اعترفت اسرائيل باصابة ثلاثة من جنودها. وارتفعت حصيلة الضحايا بين الفلسطينيين الى 800 قتيل واكثر من 3330 جريحاً، استناداً الى حصيلة فلسطينية. وسارعت الولايات المتحدة التي امتنعت عن التصويت على القرار 1860 ليل الخميس الى تبرير سقوط هذا العدد من الضحايا بين الفلسطينيين، فقالت وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس انه 'من الصعب' على اسرائيل حماية المدنيين في غزة، وكررت توجيه اللوم الى 'حماس' بدعوى انها تتخذ السكان دروعاً بشرية.
ونتيجة لتجاهل اسرائيل قرار مجلس الامن، صرحت الناطقة باسم الامين العام للأمم المتحدة بان كي - مون ميشيل مونتاس بأن الاخير اتصل هاتفيا برئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود أولمرت ليعرب له عن 'خيبة أمله من استمرار العنف على الارض، على رغم قرار مجلس الامن'. وقالت ان بان هو الذي بادر الى الاتصال باولمرت. وأبلغ مصدر ديبلوماسي عربي رفيع المستوى في الامم المتحدة الى 'النهار' انه في اللحظات الحاسمة من المفاوضات المضنية والمعقدة التي أجراها الوفد الوزاري المكلف من جامعة الدول العربية طوال اربعة ايام في مجلس الامن لوضع حد للقتال الدائر في غزة، 'لم يكن أمام أعضاء الوفد العربي خيارات كثيرة تحول دون عودتهم الى بلادهم خائبين وبخفي حنين'، وقال ان اللجنة الوزارية العربية من جهة و'الترويكا الغربية' المؤلفة من وزراء الخارجية الفرنسي برنار كوشنير والاميركية كوندوليزا رايس والبريطاني ديفيد ميليباند من جهة أخرى، وصلنا في كثير من الاحيان الى حد الصدام قبل التوصل الى القرار 1860. بيد ان ذلك لم يحصل الا بعد عشرات الاجتماعات التي 'شهدت مناورات ديبلوماسية' من الطرفين للمفاوضات 'في غياب اسرائيل التي كانت الحاضر الاكبر فيها، وان من خلف الستار او عبر عملياتها الميدانية على الارض.
وروى الديبلوماسي الرفيع ان الوفد العربي الذي كان أعد مشروع قرار 'بالازرق' بواسطة ليبيا، العضو العربي الوحيد في مجلس الامن، واجه مقاومة شديدة في البدء من 'الترويكا الغربية' التي أبلغت الى اللجنة الوزارية العربية بوضوح أنها تعارض 'أي قرار من أي نوع كان في شأن الوضع الراهن في غزة'. غير ان الوفد الوزاري العربي الذي بدا أن في جعبته ثمانية أصوات في مجلس الامن لمشروع القرار الليبي، أجرى 'مفاوضات مثمرة' مع عضوين آخرين هما المكسيك وكوستاريكا اللذين كانا مترددين في الموافقة على التصويت الى جانب العرب، غير أنهما طلبا تعديلات على المشروع الليبي وافق العرب عليها، وصار في الامكان الحصول على الاصوات التسعة الممكنة لاقرار اي مشروع قرار في مجلس الامن، ما لم يمارس أي من الاعضاء الخمسة الدائمة العضوية حق النقض، اي الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وروسيا والصين.وأضاف ان الخوف من ممارسة حق النقض والمستوى الرفيع من المشاركة العربية والغربية، دفعا كل الاطراف الى اجراء مزيد من المفاوضات التي خلصت في احدى المراحل الى مشروع بيان رئاسي اقترحته بريطانيا يشدد على 'الحاجة الى وقف فوري للنار'. بيد أن الدول العربية رفضته تماما، مصرة على 'قرار ملزم يدعو الى وقف فوري للنار'.
ومع اعلان موعد التصويت على مشروع القرار الذي شاركت الولايات المتحدة في صوغه، كانت المفاجأة امتناع رايس عن التصويت عليه على رغم انها اعلنت في خطابها امام مجلس الامن انها تؤيد مندرجاته، لكن الادارة الاميركية 'اتخذت هذا الموقف لاسباب عدة في نهاية عهد الرئيس جورج بوش، الاول انها لا تريد اتخاذ اي موقف قد يعقد الدور الذي يمكن ان تضطلع به الادارة الجديدة بعد تولي الرئيس المنتخب باراك اوباما منصبه في 21 من الجاري، فضلاً عن انها لا تريد اغضاب اسرائيل. لذلك وقفت هذه المرة على الحياد خلافاً للعادة التي درجت عليها منذ سنوات طويلة في مواقف حاسمة كهذه'. وفي واشنطن، سئلت وزيرة الخارجية الاميركية خلال مؤتمر صحافي بعد عودتها من نيويورك عن الواجبات الانسانية لاسرائيل في معرض هجومها على غزة، فأجابت: 'انه امر بالغ الصعوبة في منطقة مثل غزة المكتظة سكانياً... انها ايضاً منطقة (تختبئ فيها) حماس (خلف) دروع بشرية، مستخدمة مباني غير عسكرية، لاخفاء مقاتليها... اذاً هو امر صعب'.وكررت ما قالت الخميس امام مجلس الامن من انها امتنعت عن التصويت على رغم تأييدها للنص 'لاعطاء مزيد من الوقت لنضج مبادرة (الرئيس المصري حسني) مبارك'.
وصرح الناطق باسم البيت الابيض سكوت ستانزل بأن ادارة الرئيس الاميركي جورج بوش ابدت قلقها البالغ الجمعة نتيجة 'الازمة' الانسانية التي تشهدها غزة وعزتها الى 'حماس'، واعربت عن الثقة بضمانات حليفتها اسرائيل. وقال: 'انها ازمة انسانية، انها منطقة حرب، ومناطق الحرب صعبة جداً'. واضاف ان 'المسؤولين الاسرائيليين اعربوا عن مخاوفهم. ونحن اعربنا عن قلقنا العميق لمقتل ابرياء. لكننا نكرر ان حماس هي من تسبب بهذا الوضع ويا للاسف... نحن قلقون جداً للوضع الانساني في غزة... هذا الوضع لن يتحسن ما دامت حماس تواصل اطلاق الصواريخ على اسرائيل'. وتوقف عند الضمانات التي اعطاها الاسرائيليون لاتخاذ 'كل التدابير' الضرورية لحماية السكان المدنيين، وكذلك تعاونهم مع الوكالات الانسانية لنقل المساعدات.وجدد رفض الادارة الاميركية التباحث مع 'حماس'، مذكراً بأنها تعتبر هذه الحركة 'منظمة ارهابية'. واكد ان 'موقفنا لم يتغير'. وسئل عن اتهامات بـ'انتهاك القانون الانساني الدولي' ساقتها الجمعيات الانسانية في حق اسرائيل، فأجاب الناطق باسم وزارة الخارجية الاميركية شون ماكورماك بأنه يتعذر عليه تقويم الوضع على الارض. وقال: 'لا استطيع تقويم هذه الاتهامات'، لافتاً الى ان 'القادة الاسرائيليين يقولون العكس، ولست في موقع استطيع من خلاله نقض تأكيداتهم'.
ـ صحيفة الحياة :
تمكنت دورية من الجيش اللبناني من اللواء الثاني عشر المتمركز في منطقة العرقوب في جنوب الليطاني والمجاورة لمزارع شبعا المحتلة أمس من وضع اليد على مخبأ للسلاح في بلدة كفرحمام يضم راجمة للصواريخ وعدداً من القذائف والأسلحة الفردية غير صالحة للاستعمال وغير قابلة للنقل ففجرتها في مكانها، بحسب بيان لقيادة الجيش - مديرية التوجيه. فيما انعكس الإجماع في مجلس الوزراء على رفض استخدام الأراضي اللبنانية منصة لإطلاق الصواريخ وإعطاء ذريعة لإسرائيل للاعتداء على لبنان واستدراجه الى حرب تؤذي بمصلحته الوطنية وإدانته القصف الإسرائيلي الذي ينتهك السيادة اللبنانية ويخرق القرار الدولي 1701، ارتياحاً في الأوساط السياسية والشعبية ولدى السفراء العرب والأجانب من شأنه أن يسهم في تحصين الساحة، بما يسمح بعدم تكرار إطلاق الصواريخ التي وصفها رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان أمام السلك القنصلي في لبنان أمس بأنها مشبوهة.
لكن الارتياح الى الموقف الجامع لوزراء الأكثرية والأقلية والذي أظهر السلطة التنفيذية متماسكة أمام خطر من هذا النوع، بات يدفع في اتجاه مواصلة التحقيق لكشف هوية من يقف وراء إطلاقها والبحث عن صاروخ &laqascii117o;كاتيوشا" رابع كانت قيادة &laqascii117o;يونيفيل" تبلغت من إسرائيل أنه لم ينطلق. وواصلت وحدات مشتركة من الجيش اللبناني و &laqascii117o;يونيفيل" مسحها الميداني للمنطقة الخاضعة لسيطرتها، وتأكدت من أن وجود صاروخ رابع لم ينفجر، لا أساس له من الصحة.
وبحسب المعلومات فإن لجنة التنسيق المشتركة للجيش و &laqascii117o;يونيفيل" تشرف مباشرة على تعزيز الإجراءات والتدابير في جنوب الليطاني وتقوم بدهم الأماكن المشبوهة للتأكد من عدم وجود صواريخ، كبديل عن طلب القوات الدولية من قيادة الجيش أن تتولى دهم أماكن معينة في حال توافرت لديها معلومات عن تخزين السلاح...
وارتأت قيادة الجيش القيام بجهد مشترك في هذا الإطار لقطع الطريق على احتمال حصول احتكاك مع السكان في بعض المناطق يمكن تجنبه بوجود ضباط من الجيش لديهم القدرة على استيعاب التأزم والسيطرة على الموقف.
وبالنسبة الى ما تردد عن توقيف مشتبه به لعلاقته بإطلاق الصواريخ من مثلث خراج طير حرفا - مزرعة الزرقاء - الضهيرة باتجاه مستعمرة نهاريا، أكدت المصادر الأمنية نفسها ان لا موقوفين حتى الساعة لدى مديرية المخابرات في الجيش اللبناني. وفي هذا السياق أعرب مسؤول لبناني فضل عدم ذكر اسمه لـ &laqascii117o;الحياة" عن أمله بأن يكون اطلاق الصواريخ بمثابة &laqascii117o;فشة خلق" رداً على استمرار العدوان الإسرائيلي على غزة في الوقت الذي صدر قرار عن مجلس الأمن الدولي لوقف إطلاق النار وإعداد آلية لرفع الحصار ومراقبة المعابر.
لكنه، في المقابل، لم يقلل من أهمية ما يقال من أن إطلاق الصواريخ ينم عن رغبة جهة إقليمية في تمرير رسالة مفادها انها موجودة ومن غير الجائز أن لا يكون لها دور في الصيغة المطروحة دولياً لوقف إطلاق النار في غزة، مع أنه شدد على أن قطع الطريق على عدم تكرارها أمر ضروري خصوصاً أن المزاج الشعبي في الجنوب لا يحبذ العودة الى أسلوب إطلاق الصواريخ وان لا مصلحة لـ &laqascii117o;حزب الله" في إحداث إرباك في المنطقة.
وقال وزير بارز لـ &laqascii117o;الحياة" أن الوزراء المنتمين الى الأقلية كانوا استبقوا الآخرين في تحديد موقفهم في مجلس الوزراء، وهذا ما دفع باتجاه الخروج بموقف موحد، لافتاً الى ان أحد الوزراء نفى علاقة فريقه بإطلاق الصواريخ واعتبر أن ما حصل في الجنوب &laqascii117o;عمل أرعن نرفضه كلياً لأنه يورط الدولة اللبنانية ونحن مع استكمال تطبيق القرار 1701".ورداً على سؤال أوضح الوزير نفسه أن وزراء أثاروا بقاء السلاح الفلسطيني خارج المخيمات من دون علاج على رغم اجماع مؤتمر الحوار الوطني الأول على ضرورة جمعه، مشيراً الى ان هذا الموضوع يمكن أن يطرح على طاولة الحوار في جولتها المقبلة في 22 الجاري.
ومع ان الجنوب، من خلال استكمال تطبيق القرار 1701، سيكون حاضراً في المحادثات التي يجريها في بيروت الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في زيارته التي تبدأ الجمعة المقبل لثلاثة أيام، إضافة الى التحضيرات الجارية لبدء عمل المحكمة الدولية لجلاء الحقيقة في اغتيال الرئيس رفيق الحريري ومحاكمة مرتكبيها، فإن بان سيلتقي الرؤساء الثلاثة وعدداً من القيادات الرئيسة من بينهم مسؤولون في &laqascii117o;حزب الله". وبالنسبة الى موقف الأحزاب والفصائل الفلسطينية المنتمية الى قوى التحالف الفلسطيني قالت مصادر حزبية لـ &laqascii117o;الحياة" ان جميعهم نفوا علمهم وعلاقتهم بإطلاق الصواريخ، لكنهم قالوا انهم ليسوا على استعداد في الوضع الراهن لإدانة مثل هذا العمل، باعتبار ان الرأي العام لا يستقبل هذا الموقف فيما إسرائيل تواصل عدوانها على غزة
ـ صحيفة المستقبل :
سارعت إسرائيل الى رفض قرار مجلس الأمن على طريقتها، حيث اعلنت وزيرة الخارجية الاسرائيلية تسيفي ليفني فوراً تعقيباً على قرار مجلس الامن، أن 'إسرائيل عملت وتعمل فقط بموجب اعتباراتها الأمنية وحقها في الدفاع عن النفس'، فيما قال رئيس وزراء اسرائيل ايهود اولمرت إن الجيش الإسرائيلي سيواصل تنفيذ المهام المكلف بها وسيستمر بعملياته العسكرية رغم قرار مجلس الأمن. وتابع اولمرت في تصريحات صحافية 'لم توافق دولة إسرائيل في أي وقت من الأوقات على أن يحدد لها طرف خارجي حقها في الدفاع عن مواطنيها، ولذلك سيواصل الجيش العمل للدفاع عن مواطني إسرائيل وسينفذ المهام التي كلف بها'. اضاف 'ان استمرار إطلاق الصواريخ من غزة يثبت عدم جدوى قرار مجلس الأمن وأن هذا القرار لن يحترم من قبل منظمات الإرهاب الفلسطينية'. وبالتزامن مع اجتماع الكابينيت الإسرائيلي امس للبحث في أمر قرار مجلس الأمن، قال جنرال إسرائيلي كبير: 'إن عمداء الجيش الإسرائيلي حذروا القيادة الإسرائيلية السياسية من نفاذ الوقت لتنفيذ الهجوم البري الواسع على قطاع غزة'. وحذّر عمداء الاحتياط في القيادة العسكرية الإسرائيلية من 'العجلة في اتخاذ القرارات'، مشيرين إلى أن 'الجيش يجب أن يأخذ الوقت الكافي واللازم للحرب، في حال كان هناك قرار بمواصلة الهجوم'.وأبدى العسكريون الإسرائيليون 'عتبهم' على واشنطن لأنهم كانوا يتوقعون المزيد من الغطاء والوقت في هذا الهجوم، وإلا فإن النتيجة لن تكون مختلفة عن نتيجة حرب لبنان عام 2006. واعتبر جنرالات إسرائيليون أنهم نجحوا بتدمير غزة فقالوا لصحيفة 'معاريف': 'حين يخرج قادة 'حماس' من تحت الأرض ويذهبون لمشاهدة منازلهم، سيعرفون أن غزة عادت للوراء 20 عاما على الأقل من كثرة الهدم والدمار'.
وفي مواقف فلسطينية أخرى، اعتبر الرئيس محمود عباس أمس، أن قرار مجلس الأمن 'خطوة هامة' لكنه أضاف أن 'المهم التطبيق'. وقال الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة لوكالة 'فرانس برس' في اتصال هاتفي من مدريد حيث يرافق عباس الذي يزور اسبانيا: 'إن الرئيس عباس يعتبر أن قرار مجلس الأمن بوقف إطلاق النار في غزة خطوة هامة والمطلوب الآن هو التنفيذ من خلال وقف العدوان وانسحاب الجيش الإسرائيلي من قطاع غزة وإنهاء معاناة المواطنين'. وشدد على أن 'مصداقية المجتمع الدولي هي على المحك، إذ إن المطلوب الآن ترجمة الأقوال الى أفعال'.وسيبحث عباس مع الرئيس المصري حسني مبارك في القاهرة اليوم، سبل إنهاء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، ووضع التصورات والآليات لتنفيذ المبادرة المصرية لإنهاء التصعيد الإسرائيلي. وأعلن نائب الأمين العام لـ'حركة الجهاد الإسلامي' زياد النخالة موافقة حركته على قرار مجلس الأمن، ولكن بشرط تنفيذه من قبل إسرائيل. وقال في تصريح من دمشق لقناة 'الجزيرة' إنه على 'رغم تجاربنا التاريخية المحبطة من قرارات مجلس الأمن التي لم تنفذ من قبل إسرائيل، إلا أننا نوافق على القرار الذي يضمن وقف العدوان وسحب كافة قوات العدو التي تسربت لبعض المناطق في قطاع غزة'.
ميدانياً، شنت الطائرات الاسرائيلية غارات تدميرية على بيت لاهيا وبيت حانون ومنطقة السودانية والتوام شمال غرب مدينة غزة ومخيم جباليا شمال شرق المدينة وأحياء الزيتون والتفاح والشجاعية جنوب وشرق المدينة ومخيم الشاطئ شمال غربها وصولاً الى وسطها حيث بدأت الدبابات الإسرائيلية ليلاً التقدم نحوه الأمر الذي أوقع عدداً كبيراً من الشهداء والجرحى بينهم عدد كبير من الأطفال، بالإضافة إلى تدمير عشرات المنازل.وكانت أكثر عمليات القصف وحشية في الأيام الماضية تلك التي حصدت ثلاثين مدنياً كان قد تم جمعهم في منزل في غزة، على ما أفادت شهادات حصلت عليها الأمم المتحدة ونشرت أمس. وقال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الأنشطة الإنسانية في بيان إن الحادث 'هو من أخطر الحوادث منذ بدء العمليات' الإسرائيلية في قطاع غزة في 27 كانون الأول (ديسمبر) 2008. وأوضح المكتب 'أفادت شهادات أنه في الرابع من كانون الثاني (يناير) قام جنود بجمع نحو 110 فلسطينيين في منزل واحد في حي الزيتون (نصفهم من الأطفال) وأمروهم بالبقاء في الداخل'. أضاف البيان 'بعد 24 ساعة على ذلك قصفت القوات الإسرائيلية عدة مرات المنزل ما أدى الى مقتل ثلاثين شخصاً'. وتابع أن 'الذين نجوا وتمكنوا من السير مسافة كيلومترين وصلوا الى شارع صلاح الدين حيث نقلوا الى المستشفى في سيارات مدنية. وتوفي ثلاثة أطفال وأصغرهم في شهره الخامس عند وصولهم' الى المستشفى. وأكد مدير عام دائرة الاسعاف و الطوارئ في وزارة الصحة الطبيب معاوية حسنين ان عدد الشهداء منذ العملية الاسرائيلية على قطاع غزة بلغ 800 شهيد على الاقل واكثر من 3330 جريح، وصفت جروح أكثر من 500 جريح منهم بالخطيرة. في المقابل، أصيب إسرائيليان على الأقل جراء سقوط 30 صاروخاً فلسطينياً في مناطق متفرقة في جنوب فلسطين المحتلة. وبدأ المسلحون الفلسطينيون في قطاع غزة بإطلاق الصواريخ منذ الساعة السابعة من صباح أمس بسقوط أربعة صواريخ غراد في مناطق مفتوحة قريبة من مدينة بئر السبع على بعد 40 كيلومتراً على الأقل عن قطاع غزة. وبعد ذلك سقطت صواريخ في مدن أشدود وعسقلان وسديروت والمجلس الإقليمي أشكول القريب من القطاع ومنطقة المجلس الإقليمي 'شاعر هنيغف'.
عربياً، رحب وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط باعتماد مجلس الأمن القرار الذي يطلب وقف إطلاق النار الفوري في غزة وانسحاب القوات الإسرائيلية من القطاع. وقال في تصريح صحافي في باريس في طريق عودته إلى القاهرة، إن القرار يدعم الجهود التي تقوم بها مصر ويشكل سنداً هاماً للمبادرة التي أطلقها الرئيس مبارك خصوصاً وأن أعضاء المجلس أعربوا عن تأييدهم للجهود المصرية لإعادة الهدوء مرة أخرى فى قطاع غزة. وفي المواقف الدولية اعتبرت فرنسا أن القرار 1860 يعطي دفعة للمبادرة المصرية التي أعلنها الرئيس حسني مبارك بوساطة فرنسية من أجل التوصل الى وقف لإطلاق النار في غزة.وفي مدريد، أفاد مصدر رسمي أن رئيس الحكومة الاسبانية خوسيه لويس ثاباتيرو 'شدد لدى أولمرت أن أفضل طريق هو وقف اطلاق نار يكون فعلياً، مع ضمانات أمنية لغزة وإسرائيل على حد سواء'. وأعلن وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير أمس أنه سيجري غداً محادثات في مصر مع الرئيسين المصري حسني مبارك والفلسطيني محمود عباس دعماً للجهود الرامية لإنهاء القتال في قطاع غزة في إطار جولة ستقوده الى إسرائيل. ورأى أن قرار مجلس الأمن 'مؤشر مهم على تصميم المجتمع الدولي'، معتبراً أن 'نصه يدل على الاتجاه الذي يجب اعتماده لوقف النار'. ودعا رئيس الوزراء البريطاني غوردن براون أمس الى اتخاذ 'إجراءات عاجلة' على الأرض اثر 'الخطوة الى الأمام' التي يمثلها اعتماد مجلس الأمن الدولي قراراً يدعو الى وقف فوري لاطلاق النار في غزة. ورفض وزير الخارجية الايطالي فرانكو فراتيني أمس أي حوار مع حركة 'حماس'، معتبراً أنها أساس المشكلة وأنها تستخدم الأطفال دروعاً بشرية ولا تريد المصالحة بين الفلسطينيين، فيما أعرب الرئيس الإيطالي جورجو نابوليتانو عن ثقته بالمبادرة التي تقدمت بها مصر لوقف الحرب في قطاع غزة.ووجهت الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا نداء لوقف فوري لإطلاق النار في غزة ورفع الحصار، وذلك بحسب بيان صدر في ستراسبورغ.وفي بكين أعلن الناطق باسم وزارة الخارجية الصينية تشين غانغ 'أن القرار يعكس اهتمام المجتمع الدولي بالوضع في غزة'، مضيفاً أن الصين تدعو جميع الأطراف المعنية إلى تنفيذ فوري لهذا القرار ووقف إطلاق النار.
ـ صحيفة اللواء :
ابلغ مصدر وزاري مطلع لـ<اللواء> ان لبنان يعلق اهمية قصوى على مبادرة الدول الكبرى الى وضع هذا القرار موضع التنفيذ، لان من شأن ذلك ان يقلص احتمالات توسيع دائرة النار، او فتح جبهات جديدة، كما تطالب بعض الفصائل الفلسطينية والاطراف، في اشارة الى فتح جبهة الجنوب، التي شدد مجلس الوزراء في جلسته الاخيرة، امس الاول، على رفض اخضاعه مرة جديدة لأي محاولة ينفذ منها العدو الاسرائيلي لهز الاستقرار في لبنان، في ضوء استمرار الطيران الحربي الاسرائيلي في انتهاك الاجواء اللبنانية، وتنفيذه غارات وهمية في اجواء الجنوب، وفي ضوء اكتشاف مخازن ومخابئ جديدة لاسلحة وصواريخ في بعض المناطق الجنوبية الحدودية، والتي طرحت اكثر من علامة استفهام حول الجهات المصرة على تحريك الجبهة الجنوبية، وتقديم الذرائع المجانية لاسرائيل لجر لبنان الى الواجهة&bascii117ll;
وفي هذا الاطار، استهجن رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان امام وفد الترويكا البرلمانية الآسيوية الذي زاره امس قبل ان يغادر بيروت مساءً تدخل البعض في الشؤون اللبنانية، وخصوصاً مطالبتهم بفتح الجبهات، في اشارة الى تصريحات مسؤول الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين - <القيادة العامة> ابو رامز مصطفى، مؤكداً (الرئيس سليمان) ان لا احد يستطيع المزايدة على لبنان في هذا المجال، لافتاً الى تضامن اللبنانيين حيال عدوان تموز عام 2006، والى دور الجيش في فك الحصار عن المقاومة ومواجهاته مع العدو وسقوط نحو 50 شهيداً، حيث عرف العالم ان الدولة اللبنانية هي التي تتعرض للاعتداء وليس المقاومة وحدها، وهذا ادى الى نجاح لبنان، ونحن فخورون بذلك، ولهذا نحن استهجنا الصواريخ <التي اطلقت امس الاول في اتجاه اسرائيل>، وهي صواريخ مشبوهة، هدفها تحويل الانظار عن غزة، لافتاً الى ان مجلس الوزراء أجمع على ادانة الهجوم على غزة، وكذلك ادان موضوع الصواريخ&bascii117ll;
وفي كلمة ألقاها امام السلك القنصلي الذي زاره مهنئاً بالعام الجديد، جدّد الرئيس سليمان إدانته لكل من سمح لنفسه بالتدخل في الشأن اللبناني، ووصف الصواريخ التي أُطلقت من الجنوب بالصواريخ المشبوهة، كما جدد إدانته الهجوم والمجازر الإسرائيلية ضد غزة والتي تذكر باعتداءات اسرائيل المستمرة على الفلسطينيين وعلى الدول العربية وخصوصا لبنان وتحديداً مجزرتي قانا&bascii117ll; ورأى ان اسرائيل وليس الصواريخ هي السبب لأنها لا تعترف بحقوق الشعب الفلسطيني في دولته وفي العودة اليها، كاشفا ان تضامن الوزراء العرب في الأمم المتحدة كان الى حد كبير وراء صدور القرار الأخير&bascii117ll; وشكر للرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي جهوده الأخيرة التي ساهمت في صدور هذا القرار&bascii117ll;
أما رئيس الحكومة فؤاد السنيورة، فقد بادر إلى الاتصال بوزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل، مشدداً على أهمية الدور الذي لعبه مع المجموعة العربية في انتزاع قرار مجلس الأمن رقم 1860، معبراً له عن شكره وتقديره لموقفه وموقف سائر اعضاء الوفد العربي&bascii117ll;واتصل الرئيس السنيورة أيضاً برئيس السلطة الوطنية الفلسطينية محمود عباس للاطلاع منه على تطورات الأوضاع في غزة اثر صدور القرار الدولي الجديد، كما أجرى اتصالاً مماثلاً بممثل السلطة الفلسطينية في لبنان عباس زكي وممثل حركة <حماس> في بيروت اسامة حمدان، وأكد السنيورة في اتصالاته على ضرورة التشديد على وحدة الصف الفلسطيني واعتبار ان القرار الصادر عن مجلس الأمن هو منطلق للتطوير والبناء عليه للانطلاق الى اوضاع افضل&bascii117ll; وكان الرئيس السنيورة تلقى اتصالاً هاتفياً من وزير الخارجية فوزي صلوخ وضعه فيه في أجواء المداولات والاجتماعات التي شهدها مجلس الأمن امس الاول، قبيل صدور القرار، وعلي وجه الخصوص ما وصفه صلوخ بـ?<الأداء العربي المتميز والموقف الحازم للمجموعة العربية برئاسة الأمير سعود الفيصل الذي فرض نفسه على اعضاء مجلس الأمن، مما سرّع في التصويت على هذا القرار رغم بعض المواقف الدولية المعترضة لبعض الدول ولأسباب مختلفة>&bascii117ll;
ولم يشر بيان المكتب الاعلامي في رئاسة الحكومة، إلى موقف الولايات المتحدة الأميركية التي امتنعت عن التصويت، مما أضعف القرار الجديد، لكن ممثل الجامعة العربية في نيويورك السفير يحيى المحمصاني، لفت النظر إلى ان امتناع واشنطن عن استخدام حق النقض (الفيتو) على القرار، يعني موافقة ضمنية على القرار، بالرغم من امتناعها عن التصويت لمصلحة القرار الذي حاز 14 صوتاً من أصل 15 دولة يحق لها التصويت في المجلس&bascii117ll;
وفيما لم يصدر أي موقف عن المعارضة على القرار الدولي، اعتبرت الأمانة العامة لقوى 14 آذار أنه <يشكل المدخل السليم لإنهاء الحرب في غزة ووقف المجزرة الرهيبة التي ترتكبها آلة القتل الاسرائيلية بحق المواطنين الفلسطينيين العزّل، كما يشكل إنجازاً للموقف العربي الذي تمكّن من منع تأجيل القرار وفرض تبنيه بشبه إجماع أعضاء مجلس الأمن وإعادة تأكيد التزام المجتمع الدولي بمبادرة السلام العربية&bascii117ll;
ونوّهت قوى 14 آذار بالإجماع الحاصل في مجلس الوزراء الذي شكّل مؤشراً إيجابياً تمنّت أن يؤسس لمعالجة الأمور المستقبلية، للموقف السيادي الرافض لإطلاق الصواريخ من الأراضي اللبنانية واستخدامها منصة لإطلاق الصواريخ وإعطاء اسرائيل ذريعة للإعتداء على لبنان واستدراجه الى حرب تؤذي مصلحته الوطنية، كما أشادت بإعادة تأكيد الحكومة على تمسكها والتزامها بالقرار الدولي 1701 بمندرجاته كافة، وطالبت الحكومة بتنفيذ ما اتفق عليه حول طاولة الحوار 2006 خصوصاً ما يتعلق بالسلاح الفلسطيني خارج المخيمات والذي يأتمر بأوامر سورية&bascii117ll;
وأوضح بيان قيادة الجيش أن الأسلحة عثر عليها في خراج بلدة كفرحمام الواقعة في القطاع الشرقي، وتشمل راجمة من عشر فوهات مذخرة بصواريخ من عيار 107ملم مغطاة بشادر داخل غرفة من الباطون، إضافة إلى <مستوعب آخر مجاور فيها 24 صاروخاً من العيار نفسه وجميعها قديمة العهد وغير صالحة للإستخدام>، لافتاً إلى أن إكتشاف هذه الصواريخ <تم نتيجة الإجراءات الميدانية التي تنفذ بالتعاون مع قوات الأمم المتحدة>&bascii117ll;من ناحيته، أكد قائد القوة الدولية كلاوديو غراتسيانو في البيان أن <التطورات الأخيرة أدت الى تعزيز التواجد المشترك على الأرض (لقوات الطوارئ والجيش اللبناني)&bascii117ll;و<بفضل تكثيف نشاط الدوريات تم العثور على المخابئ>&bascii117ll;وأوضح <تبعا لقرار مجلس الأمن 1701 تتخذ اليونيفل والقوات المسلحة اللبنانية إجراءات ملموسة لتكون المنطقة الممتدة بين نهر الليطاني والخط الأزرق خالية من المسلحين والأسلحة باستثناء تلك التي تعود للسلطة اللبنانية واليونيفل>&bascii117ll;
وأشارت القوات الدولية في بيانها إلى أن الأسلحة المكتشفة <تبدو أنها تعود لفترة النزاع العام 2006> بين <حزب الله> وإسرائيل، مؤكدة أنه <لا توجد دلائل عن إستخدام حديث لهذه المخابئ>&bascii117ll;وأعلنت عن تسليمها الأسلحة الى الجيش اللبناني الذي أكد في بيانه أنه <سيتم تفجيرها في مكانها