ـ صحيفة الشرق الأوسط :
على مدار 25 عاما، تمكن علي الجراح من العيش على جانبي الانقسام الأشد مرارة في هذه المنطقة. بالنسبة للأصدقاء والجيران، كان الجراح مناصرا متحمسا للقضية الفلسطينية، حسن العشرة، رجل أبيض الشعر يحب أسرته ويعمل مديرا في مدرسة قريبة. ولكن، بالنسبة لإسرائيل، يبدو أنه كان جاسوسا مهما، يرسل التقارير ويلتقط الصور سرا للتنظيمات الفلسطينية ولحزب الله منذ 1983. في الوقت الحالي، يقبع الجراح في زنزانة داخل سجن لبناني. وتتهمه السلطات بخيانة الوطن لصالح دولة معادية. ولكن، بعد مرور أشهر على القبض عليه، ما زال أصدقاؤه وزملاؤه السابقون مصدومين من قدرته على الخداع: رحلات خارج البلاد تم إخفاؤها بحرص وأموال لا يوجد ما يبررها وزوجة ثانية في السر. ويقول المحققون اللبنانيون إن الجراح أقر بعمليات تجسس باهرة من حيث مداها ومدتها الطويلة. إنها قصة واقعية ولكن على غرار روايات جون لو كاريه.
يقال إن هناك الكثير من العملاء الاستخباراتيين الذين نشطوا خلال فترة الفوضى المدنية التي سادت لبنان. ولكن القبض على علي الجراح يلقي الضوء على عالم من التجسس والدمار غالبا ما يبقى طي الكتمان. تصر الزوجة الأولى على أنه تعرض للتعذيب وأنه بريء. وقوبلت طلبات إجراء مقابلات معه بالرفض. غالبا ما كان يسافر الجراح، الذي يبلغ من العمر 50 عاما، من منزله في هذه القرية التي تقع في سهل البقاع إلى سورية وجنوب لبنان، حيث كان يقوم بتصوير الطرق والمركبات التي ربما كانت تستخدم لنقل الأسلحة إلى حزب الله، حسب ما يقوله المحققون. وكان يتحدث مع المسؤولين عنه عن طريق تليفون مرتبط بالأقمار الصناعية، وحصل على أموال، وكاميرات وأجهزة تنصت. ويضيف المحققون أنه من حين لآخر كان الجراح يسافر إلى خارج البلاد بزعم أن هذه الرحلات للعمل، وبهذه الطريقة سافر إلى بلجيكا وإيطاليا وحصل على جواز سفر إسرائيلي وسافر جوا إلى إسرائيل حيث أخذت منه المعلومات مفصلة. ويضيف المحققون أنه في بداية حرب عام 2006 بين إسرائيل وحزب الله اتصل المسؤولون الإسرائيليون به لطمأنته أن قريته سيتم تجنبها في القصف خلال الحرب وأنه يجب عليه البقاء في المنزل. وفي النهاية، ألقي القبض عليه في يوليو (تموز) على يد حزب الله، التنظيم الذي ربما يكون لديه في الوقت الحالي أقوى جهاز استخباراتي في لبنان. وقام حزب الله بتسليم الجراح إلى الجيش اللبناني، مع أخيه يوسف الذي اتهم بمساعدته في عمليات التجسس. وينتظر الجراح محاكمته أمام محكمة عسكرية. وافق العديد من المسؤولين الحاليين والسابقين في الجيش على إعطاء تفاصيل عن قضيته شريطة عدم ذكر أسمائهم، قائلين إنه لم يتم تفويضهم لمناقشة هذا الأمر قبل بدء المحاكمة. وتتضمن تقاريرهم معلومات أدلى بها أقارب الجراح وزملاؤه السابقون. ولا يعد ذلك أول حادث مشين يرتكب في أوساط هذه العائلة، فأحد أقارب الجراح المدعو زياد الجراح، كان من بين الخاطفين التسعة عشر الذين نفذوا الهجمات الإرهابية في الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) 2001 على نيويورك. وهناك فارق عمر بين الرجلين يصل إلى 20 عاما، ولا يبدو أنهما كانا يعرفان بعضهما بعضا. وقد رفض مارك ريجيف، المتحدث باسم رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت، مناقشة موضوع الجراح، قائلا: &laqascii117o;ليس من طبعنا الحديث علنا عن أي مزاعم في هذه القضية أو أي قضية أخرى".
وبدا أن سكان القرية تساورهم الشكوك في فكرة أن هذا الرجل الذي عرفوه وخبروا معيشته يمكن أن يكون قد حصل على المال من أجل التجسس لصالح دولة يكنون لها كراهية شديدة ويشعرون إزاءها بالاشمئزاز. ويصر الكثيرون على أنه بريء. ولكن، ليس هذا ما يراه رجا مصلح، الطبيب الفلسطيني الذي كان معه على مدى أعوام في مدرسة وعيادة صحية تقع في جوار بلدته، فهو يقول: &laqascii117o;لم أشك فيه من قبل، ولكن في الوقت الحالي بعد ربط الأحداث ببعضها البعض أشعر أنه مذنب بنسبة مائة في المائة".
وأضاف بنبرة يملأها الازدراء: &laqascii117o;اعتاد التحدث عن القضية الفلسطينية طوال الوقت، وكيف أنه ناصر القضية ودعم المواطنين وكيف أنه يحب الجميع.. ابن الكلب".
كان الجراح يقترض النقود من أجل شراء السجائر، وبذلك كان يبدو محدود الدخل. ولكن، يقول المحققون إنه حصل على أكثر من 300,000 دولار لعمله لصالح إسرائيل. وفي الفترة الأخيرة، بدأ الجراح ينفق الأموال في مختلف الاتجاهات، وهذا ما أثار الكثير من التساؤلات والشكوك حوله. يقول الجيران إنه منذ ستة أعوام تقريبا قام ببناء فيلا من ثلاثة طوابق، وكان ذلك أفخم منزل في هذه القرية المتواضعة التي تنتشر فيها منازل خراسانية منخفضة. وكان للفيلا مدخل صغير له سقف وبوابة حديدية، وأخيرا استعمل كلبا ألمانيا ليقوم بحراسة الفيلا. سأل الدكتور مصلح الجراح من أين جاءه المال، فقال له إنه حصل عليه من ابنة تعيش في البرازيل، وهذا تبرير طبيعي في لبنان إذ يحصل قطاع كبير من السكان على تحويلات نقدية من أقارب في الخارج. ويقول المحققون وزملاؤه السابقون إن الجراح له زوجة ثانية تزوجها سرا. وتعيش الزوجة الثانية في شقة رخيصة في مدينة بالقرب من الحدود السورية في الوقت الذي تعيش فيه الزوجة الأولى، مريم شموري الجراح، في منزل فخم مع أطفالها الخمسة في قرية المرج. وأتاح له هذا الوضع السفر قريبا من الحدود في زي رجل من الطبقة العاملة. وحسب ما قاله المحققون فإن الجراح قال إنه تم تجنيده في عام 1983، بعد عام من غزو إسرائيل للبنان. جنده ضباط إسرائيليون كانوا قد سجنوه. ويضيفون أنه كان يحصل على مقابل مالي بصورة منتظمة نظير معلومات يقدمها عن المسلحين الفلسطينيين وتنقلات القوات السورية. يذكر أنه بعد الانسحاب الإسرائيلي من لبنان عام 2000، تمت محاكمة الآلاف من اللبنانيين من المنطقة المحتلة في الجنوب وصدرت بحقهم أحكام معظمها بالسجن لفترة بسيطة، وذلك بتهمة التواطؤ مع إسرائيل. ولكن، بعيدا عن الحدود، استمرت طائفة مختلفة من المتواطئين في العيش وسط أهلها. ومع ذلك، ما زال الغموض يكتنف الدوافع التي كانت سببا في قيام الجراح بذلك. ويقول المحققون إنه تحدث عن محاولته التوقف عن ذلك، ولكن لم يتركه الإسرائيليون يفعل ذلك. إلا أن كل ذلك انتهى الصيف الماضي حين ذهب في رحلة إلى سورية في يوليو (تموز). وتقول الزوجة الأولى إنه عندما عاد قال إن الشرطة السورية اعتقلته لفترة وجيزة. وأضافت أنه بدا مرتبكا بصورة كبيرة وان ذلك ليس من طبعه. وغادر المنزل في تلك الليلة قائلا إنه سوف يذهب إلى بيروت ولم يعد مرة أخرى، حسب ما قالته الزوجة. وبعد ثلاثة أشهر جاءتها مكالمة من الجيش اللبناني تقول إن الجيش ألقى القبض عليه. وتقول الزوجة إنه سمح لها قبل أسابيع قليلة برؤية زوجها، وأن منظره كان مريعا وبدا متعبا. ونشرت القوات الأمنية اللبنانية صورة التقطت له قبل إلقاء القبض عليه. ويظهر الجراح في الصورة يرتدي قميصا داكن اللون وعلى وجهه ابتسامة مبهمة
ـ صحيفة النهار
إبراهيم بيرم :
ما هي علاقة خطاب نصر الله برهانات المعارضة على الانتخابات ؟
على رغم ان معظم القراءات للخطاب الاخير للأمين العام لـ'حزب الله' السيد حسن نصر الله الاثنين الماضي، خصوصا ما يتعلق منه بالشق الداخلي، قد أدرجته في خانة الاعتدال واعتبرته مدخلا أعمق للتهدئة، فانه كان لأحد رموز فريق 14 آذار قراءة أخرى تكاد تكون مغايرة تماما، إذ بادر الى وصفه بأنه كان 'اقسى علينا في الجوهر والمضمون العميق من خطاب أيار الشهير'.
ويضيف هذا الرمز: 'لقد أقضَّ هذا الخطاب مضاجعنا على رغم أنه بالشكل صب ماء مثلجا على الوضع السياسي والامني الحار'.
وبعيدا من توصيف هذا الرمز، فالواضح، بحسب مصادر قريبة من 'حزب الله' ان السيد نصر الله تعمد في خطابه، في مناسبة 'جليلة' بالنسبة الى الحزب، ان يقول قولا مميزا ونوعيا يتصل ولا ريب بالجوهر، بموضوع الانتخابات النيابية، وبرحلة ما بعد اقفال صناديق الاقتراع في 7 حزيران المقبل، ويرتبط ايضا برؤية الحزب والمعارضة عموما للحكم والسلطة والعلاقة بالآخر في الوطن.
لا شك في ان السيد نصر الله أبدى في كلامه اطمئنانا بقدرة قوى المعارضة على كسب الاكثرية النيابية في هذه الانتخابات.
وليس هذا بمستغرب، فدوائر القرار والاختصاص في 'حزب الله' والمعارضة عموما مطمئنة كل الاطمئنان الى أنه لو انقلبت الامور والمعطيات رأسا على عقب، فهي قادرة على الفوز بما يراوح بين 68 و72 مقعدا نيابيا في كل الدوائر الانتخابية.
وهذا الامر بالنسبة الى الدوائر عينها واقع لا يقبل نقاشا او جدالا، او اعادة نظر.
وبطبيعة الحال، لا يطول هذا الاطمئنان مقاعد المعارضة في الجنوب والبقاع فحسب، حيث الامور تكاد تكون محسومة سلفا، بل يطول ايضا مسيحيي المعارضة.
فبالنسبة الى الدوائر عينها، لا تقبل أي جدال في أن رئيس 'التيار الوطني الحر' النائب العماد ميشال عون سيعود الى البرلمان المقبل بالمقاعد نفسها التي حصل عليها في انتخابات عام 2005 في كسروان وجبيل والمتن رغم التطورات التي حصلت في هذه الاخيرة في الايام القليلة الماضية، تضاف اليها مقاعد دائرة بعبدا كاملة.
وبالنسبة الى الوضع في دائرة زحلة فلا تملك المعارضة أي إحساس او وقائع بامكان تغير واقع الحال، وقدرة الوزير الياس سكاف على حسم الامور فيها لمصلحة كتلته (الكتلة الشعبية) على غرار ما حصل في انتخابات 2005. والى جانب هذه المساحة الممتدة من الاطمئنان فان المعارضة تزعم أنها تملك من المعطيات عن خصمها، ما يفيد أن هذا الخصم يكابد ثغرا عدة سيقصر عن حلها وتجاوزها، على رغم الجهود الحثيثة التي ما انفك يبذلها لجهة التنافس والتزاحم على المقاعد ولا سيما المسيحية وتحديدا في الشوف وطرابلس والمتن.
ولا تخفي الدوائر عينها أن ثمة صراعا مضمرا ومكتوما يدور خلف الكواليس حول رئاسة الحكومة.
لذا فان المعارضة تعتبر بصراحة أن هذا 'التشدد' الذي يبديه الرئيس فؤاد السنيورة حيال بعض الامور، يدخل في سياق رغبته في الترشح عن أحد المقعدين في صيدا، وهو ما زال موضع أخذ وردّ. وأن التباينات حول بعض المقاعد تبدو غير عصية على الحل من دون ضوضاء. وتتصرف المعارضة بهدوء وروية معتبرة ان عامل الوقت لمصلحتها، بقطع النظر عن أي تطورات يمكن أن تبرز.
والامر الثاني الذي تحبذ دوائر القرار في المعارضة الاشارة اليه في خطاب نصر الله هو حديثه الجلي والحاسم عن استعداد المعارضة للامساك وحدها بناصية السلطة والحكم، اذا ما تمسك الفريق الآخر بعدم المشاركة في الحكومة اذا خسر الانتخابات.
وبهذا يعلن نصر الله باسم المعارضة ضمنا استعداده 'لتلقف كرة النار' التي يحاول الآخر ارسالها بواسطة تهديده، واستعداده استطرادا ليس لردها، بل لتحويلها 'نموذجا' جديدا للحكم.
فللمرة الاولى تدخل في أدبيات المعارضة مسألة 'الحكم النموذج' وهذا الامر يفترض أن يكون فعلا لدى المعارضة ككل رؤية موحدة للحكم ومشروعا وبرنامجا متكاملا لادارة الوضع. وعليه، فالسؤال المطروح: هل فعلا ولجت المعارضة هذا الباب ووضعت احتمالاته كلها امامها؟ في الآونة الماضية كانت المعارضة تعاني بنظر خصومها وحلفائها على حد سواء نقطة ضعف هي اهمالها لمسألة الاصلاح والتغيير، اذ كان الامر عندها مجرد رغبات وأمان متفرقة من دون أن ترقى الى مضمون الرؤية المتكاملة، لذا فان ثمة من يرى في مضامين خطاب نصر الله بعدين مستجدين، الاول تقديم رؤية جديدة للمرحلة المقبلة، على صعيد مسألة الحكم، تخرجها من لعبة تسيير الامور، كيفما اتفق، الى مرحلة اكثر اتساعا، وهي بذلك تدرك انها تخاطب جمهورها وتسدّ في الوقت عينه ثغرة في بنيان خطابها يستغلها دوما خصومها، الذين يرفعون شعارهم الذي له بريق وجاذبية، وهو شعار اقامة الدولة التي كانت مؤجلة عمليا منذ عقود وعقود.
ولا تنكر أوساط المعارضة قدرات خصومها وامكاناتهم الضخمة، والدعم الخارجي الذي يقف وراءهم ويحرضهم كل يوم على بذل ما في وسعهم لكسب الاكثرية في الانتخابات. ولا تنكر ايضا ان الفريق الآخر وضع جمهوره أمام أمرين أحلاهما مرّ، فاما كسب الانتخابات وإما الخروج من 'جبنة' الحكم، اضافة الى 'أسلحة' أخرى ما زالت في ضمير الغيب، إلا أن ذلك على بلاغته لا يؤثر قيد أنملة في اقتناعات المعارضة وحساباتها المحسوبة منذ زمن والتي تقنعها بأنها نائلة ولا ريب اكثرية مقاعد مجلس النواب المقبل.
أليس هذا افراطا في التفاؤل على مسافة اكثر من مئة يوم من موعد الانتخابات النيابية؟
ربما، تقول مصادر قيادة المعارضة، ولكن هذه هي حساباتنا وتوقعاتنا... والموعد قريب.
وتستخف مصادر المعارضة بكل ما يقال عن امكان ان يكون انتصارها في الانتخابات، مثار استياء عواصم خارجية، وينقل عن رئيس 'تيار المردة' النائب السابق سليمان فرنجية في هذا الاطار قوله 'إن الخارج اعتاد القبول بالامر الواقع، وعليه سيقبل بنتائج الانتخابات عندنا، وكل ما يقال خلاف ذلك مجرد تهويل'.
ـ صحيفة الأخبار
إبراهيم الأمين :
في مثل هذه الأيام قبل أربع سنوات، قاد الأميركيون والرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك حملة على رئيس المجلس النيابي نبيه بري. وتولى أركان قوى 14 آذار البحث في كيفية منع بقاء بري رئيساً للمجلس. ودارت مناقشات بصوت خافت وصلت في لحظة إلى قرار بإثارة الأمر مع قيادة حزب الله في سياق البحث في تفاصيل التحالف الرباعي الخاص بالانتخابات. وسمع السيد حسن نصر الله، ربما أكثر من مرة، من يسأله عن مرشح بديل للرئيس بري لهذا المنصب. لكن نصر الله كان سريعاً في حسم الأمر لناحية أنه إذا تقرر أن تُدار الأمور بالتوافق، فإن الغالبية العظمى من الشيعة تريد بقاء بري في منصبه. وهو أبلغ ذلك لموفدين زاروه من دون أن يعلّق سلباً أو إيجاباً على ما ذكر من أسماء بديلة يقترحها فريق 14 آذار.لم يتأخر الوقت، حتى حُسم الأمر. يقال إن وليد جنبلاط كان الوحيد المعارض لإبعاد بري عن منصب رئاسة المجلس. لكن تكتل التغيير والإصلاح بقيادة العماد ميشال عون وحده مَن صوّت ضد عودة بري إلى رئاسة المجلس. لم يكن الموقف مبدئياً فحسب، بل كان انعكاساً منطقياً للتحالفات التي قامت يومها، والتي جعلت الثنائية الشيعية النافذة تتحالف مع الثنائية الدرزية ـــــ السنية النافذة في فريق 14 آذار في مواجهة عون الذي نجح أيضاً في تجاوزها بقوة.
الآن، عود على بدء. لكنّ المفارقة أن السفيرة الأميركية في لبنان، الضاحكة من دون سبب، ميشال سيسون، بادرت منذ أسابيع على ما يبدو إلى إثارة هذا الأمر، وهي طرحته في حلقات ضيقة من باب السؤال عن طريقة تصرف فريق 14 آذار إذا فاز بالأغلبية النيابية، وكانت دعوتها واضحة كتلك التي قالها سلفها جيفري فيلتمان لزوار الولايات المتحدة أخيراً، من أن الانتخابات فرصة ليست لتثبيت أكثرية 14 آذار داخل المجلس فقط، بل لتكريس واقع سياسي يقضي بإبعاد قوى المعارضة عن المؤسسات، بدءاً بترشيح منافس قوي للرئيس بري لرئاسة المجلس، إلا إذا غيّر الأخير تموضعه، مروراً بتأليف حكومة جديدة خالية من قوى المعارضة، والاستعانة بجموعة مستقلة لها حيثيتها، وصولاً إلى تولي إدارة المؤسسات الأمنية التابعة للحكومة. ولأن الأمر يحتاج إلى تحضيرات، فإن سيسون بادرت إلى توسيع دائرة التشاور في هذا الأمر، وأحد العناوين التي اختارتها لإثارة الأمر كان النائب ميشال المر الذي يتلقى الآن سلسلة من التهانئ الأميركية والسعودية والمصرية والفرنسية على موقفه &laqascii117o;الشجاع" بمواجهة العماد عون في المتن الشمالي ودعم معارضيه في كسروان وجبيل وبعبدا، وسألت سيسون المر صراحة عن موقفه من انتخاب شخص غير بري لرئاسة المجلس.لم يقل المر لمحدثيه تفاصيل النقاش في هذه النقطة، ولا طبيعة جوابه، علماً بأن سيسون قصدت أن تسأل الشخص المحسوب على برّي في آخر الألعاب السياسية الداخلية، إذ وجد المر أنه يحتاج إلى صلة وصل قوية بركن المعارضة الشيعي، ومن خلاله مع سوريا، وهو اختار بري عنواناً لما بين الرجلين من تواصل سابق.وعلى قاعدة خذوا أسرارهم من صغارهم، فإن الحملة على رئيس المجلس مقررة منذ بعض الوقت، وكان يفترض أن تنطلق من خلال مواقع إلكترونية تابعة لفريق 14 آذار، وهي مموَّلة من صندوق خاص في وزارة الخارجية الأميركية وبعض الدعم السعودي. ثم جرى نقاش في إمكان أن تنشأ حلقة حول قائد التغيير الشيعي أحمد الأسعد بقصد التركيز على رفض هيمنة حزب الله ونزع الشرعية عن تمثيل بري، وتم صرف ما يجب صرفه من أموال لهذه الغاية، وجُمع عدد من الناشطين الشيعة في فريق 14 آذار لوضع خطط للعمل على هذا الأمر في الجنوب والبقاع وبيروت وفي الضاحية الجنوبية أيضاً. وحتى لا يقتصر الأمر على هذا النحو، كان الجانب الرسمي العربي والدولي قد باشر في شنّ حملة تهدف ضمناً إلى إبداء &laqascii117o;عدم الرضى"، تمثّلت أولاً في حملة سعودية اتخذت شكل حصر الاتصال به عبر السفير السابق في بيروت وزير الإعلام الحالي عبد العزيز خوجة، وعدم استقباله في المملكة، ثم تندّر جماعة بندر بن سلطان في لبنان بأن بري لن يستقبل في السعودية ولا في القاهرة ولا في فرنسا وفي الولايات المتحدة الأميركية، ثم تقصّد بعض الضيوف الأميركيين عدم زيارته، كما فعل أمس رئيس لجنة العلاقات الخارجية في الكونغرس، الذي بدا أنه كمن يعترف فقط برئاستي الجمهورية والحكومة وبرئيس الغالبية النيابية سعد الحريري واعتباره هو رئيس المجلس النيابي.
وبمعزل عن برامج هؤلاء في محاولة وضع بند ساخن على جدول أعمال المعركة الانتخابية، يتعلق برئاسة المجلس ليتلازم مع البند الآخر الذي يقول إنه في حال الفوز، لن تكون هناك معارضة في الحكومة، وفي حال الخسارة لن يشاركوا في السلطة، فإن المعركة الآن لا تتصل بشخص رئيس المجلس الذي يمكن مناقشته في أمور وأمور كثيرة، من بينها إصراره على علاقات وتفاهمات مع أقطاب من فريق 14 آذار الذين لا يقومون بالواجب تجاهه بين رفاقهم. بل إن المعركة تشير إلى أن في البلاد وفي الخارج القريب والبعيد من لا يزال مصراً على اعتبار الانتخابات المقبلة معركة فاصلة، وهذا يعني أن المصيرية هي تكريس الانقسام، بينما لا يبدو بين هؤلاء من يريد للانتخابات أن تكون مناسبة لتوسيع دائرة المشترك بين اللبنانيين. عود إلى لغة التقسيم بمعناه السياسي الذي يقود إلى ترجمة على صعد مختلفة.
ـ صحيفة السفير
عماد مرمل :
يبدو ان رسالة نصر الله قُرأت من قبل الطرف الآخر على أنها مؤشر الى شعور المعارضة الضمني بأن حظوظها في كسب الانتخابات ضئيلة، وبالتالي فهي تحاول التعويض عن الخسارة المحتملة بتكريس مبكر لمعادلة وقائية ـ استباقية تتيح لها ان تحجز منذ الآن مقاعد الثلث الضامن في أي حكومة جديدة. وتأسيسا على هذا الفهم لكلام نصر الله، معطوفا على الحشد الجماهيري في مهرجان إحياء ذكرى استشهاد الرئيس رفيق الحريري، بدأ الترويج في دوائر فريق 14 آذار بأن فوزها بات مضموناً وبأن المعارضة ضعيفة وتحاول الهروب الى الامام، إما من خلال السعي الى تثبيت استثناء الثلث الضامن، وإما من خلال الإيحاء بضرورة تأجيل الانتخابات تحت شعار تعذر إجرائها في يوم واحد. في المقابل، تؤكد أوساط قيادية في &laqascii117o;حزب الله" ان هذه القراءة مغلوطة جدا ولا صلة لها على الاطلاق بالمقاصد الحقيقية التي كان يرمي اليها السيد نصر الله من وراء تمسكه بمبدأ &laqascii117o;الديموقراطية التوافقية"، الذي يجعل الثلث الضامن حقاً مشروعاً للطرف الآخر، حتى لو خسر الانتخابات، لأن حسابات الشراكة الوطنية في لبنان تتخطى مفهوم &laqascii117o;الاقلية والاكثرية"، علما ان هذا المفهوم يتضرر منه المسيحيون أكثر من غيرهم، لأنه يقود نحو تكريس &laqascii117o;الديموقراطية العددية" بكل متطلباتها، وصولا الى إلغاء الطائفية السياسية وتحرير الانتخابات النياية من القيد الطائفي. بهذا المعنى، يوحي &laqascii117o;حزب الله" بأنه يخوض عبر تمكسه بالشراكة في الحكم معركة المسيحيين قبل المسلمين، لأن دينامية &laqascii117o;الديموقراطية العددية" القائمة على الاكثرية والاقلية، إنما تصب عاجلا ام آجلا في مصلحة المسلمين عموما والشيعة خصوصا، بفعل الواقع الديموغرافي المعروف في لبنان، وبالتالي فإن أي مساس بالتوازنات الطائفية الدقيقة التي تقوم عليها تقليديا السلطة سيؤدي الى انفلات هذا الواقع من ضوابطه. وانطلاقا من هذه المقاربة، يشدد &laqascii117o;حزب الله" على ان موقفه مبدئي ولا يتعلق بحسابات الربح او الخسارة في المعركة الانتخابية، بل هو يجزم بأن المعارضة ستدخل الى الانتخابات &laqascii117o;مترسملة" بـ60 نائبا، ويبقى عليها ان تنتزع 5 مقاعد للحصول على الأغلبية النيابية، وهذا أمر لن يكون صعبا، وستثبته صناديق الاقتراع، حسب اعتقاده. ومن هنا، تشدد اوساطه على ان ما طرحه السيد نصر الله إنما ينطلق من ترفع سياسي ونظرة شمولية، خلافا لما ذهبت اليه التفسيرات والاجتهادات الخاطئة لقوى الموالاة الحالية. ولكن، أي مغزى يبقى للانتخابات إذا كانت الاقلية الخاسرة ستنال امتياز حق النقض &laqascii117o;الفيتو"، ما يجوّف الاكثرية الفائزة من مضمونها السياسي والدستوري؟ تعتقد الاوساط ان أهمية الانتخابات تكمن بالدرجة الاولى في انها تفرز القوى التمثيلية الوازنة في كل طائفة، والتي ستكون لاحقا شريكة في السلطة، متسائلة عما إذا كان فريق 14 آذار سيتمكن فعلا من ان يحكم وحده في حال استطاع نيل الاغلبية، من دون ان يعني ذلك ان المعارضة ستعاود اللجوء الى التظاهر والاعتصام في الساحات لتعطيله، إذ ان هناك وسائل ديموقراطية لا تقل شأنا وأثرا يمكن استعمالها ليقتنع من لم يقتنع بعد بأن لبنان لا يقاد إلا بالشراكة والمشاركة. وحيال ما يردده الآخرون من ان مبرر المطالبة بالثلث الضامن، والذي كان يستند الى وجود قانون انتخاب غير عادل، قد سقط بعد اعتماد القضاء دائرة انتخابية كما كانت تريد المعارضة، تلفت الاوساط الانتباه الى انه لا يكفي ان يكون القانون مقبولا ما لم يُقرن ذلك بالتنفيذ الدقيق له، علما ان المؤشرات الراهنة لا تشجع كثيرا في ظل المخالفات المتنامية له، بدءا من الانفاق الانتخابي غير المنضبط وصولا الى التحريض بكل وسائله
ـ صحيفة السفير
زينب ياغي :
يمكن وصف النقاشات التي دارت بين المهندسين المعماريين بشأن مشروع &laqascii117o;وعد" في نقابة المهندسين، بأنها من أهم النقاشات المعلنة التي تناولت مشروع إعادة إعمار الضاحية الجنوبية، سواء في الجوانب الهندسية أو القانونية للمشروع. بدأت الندوة التي أدارها أستاذ العمارة في الجامعة الأميركية المهندس جورج عربيد، مساء أمس الأول، بعرض قدمته المهندسة منى فواز عن أهمية الحيز العام في حياة السكان، وقالت إن الطروحات التي قدمتها وحدة العمارة في الأميركية لاعادة إعمار حارة حريك لا تلغي مشروع &laqascii117o;وعد"، وإنما يجب أن تسير إلى جانبه. وقالت إن &laqascii117o;همنا الأساسي في الطروحات، وهي مشاركة رئيسية فيها، كان ولا يزال كيفية الحفاظ على الحيز العام أو بنائه لأن منطق السوق مع الأسف هو الذي يتحكم بالتخطيط". ويشمل ذلك الحيز: &laqascii117o;الفسحات والحدائق والملاعب والطرقات، وهي ضرورية مهما كان الاكتظاظ العمراني لا يسمح بها، لأن ذلك يعني أننا نملي على الناس كيف سيعيشون حياتهم وهو لا يعتبر خيارا تقنيا فقط وإنما خيار سياسي.
ـ صحيفة الأخبار
ثائر غندور :
ما الذي يحدث في حزب الاتحاد؟ ليل أول من أمس، وصلت إلى الصحف اللبنانيّة دعوة إلى مؤتمر صحافي للحركة التصحيحيّة في حزب الاتحاد &laqascii117o;بمناسبة انتهاء المؤتمر الطارئ للحزب ولعرض آخر التطورات فيه". هل بقي حزبٌ لبناني واحد من دون حركة تصحيحيّة أو انشقاقيّة؟ بعيداً من هذا السؤال العام، الذي يُضيء على واقعٍ حزبي قاتم في لبنان، فإن ما يحصل داخل حزب الاتحاد لا يُمكن فصله عن الانتخابات النيابيّة المقبلة لسبب واضح، هو أن &laqascii117o;هذا الانشقاق يأتي قبل أسابيع قليلة من الانتخابات النيابيّة، وضمن حملة مركّزة لتشويه صورة عبد الرحيم مراد"، يقول المسؤول في حزب الاتحاد هشام طبّارة.
ـ صحيفة السفير
دنيز عطا الله حداد :
لخصت تنهدات وزير الداخلية زياد بارود وتعابير وجهه المنزعجة، أجواء الجلسة التشريعية لمجلس النواب. اجمعت الاكثرية والاقلية على السؤال عن تعيينات المحافظين واعضاء المجلس الدستوري والمديرين العامين. تناوب النواب على ادانة خطف المواطن جوزف صادر. سألوا عن الموازنات الضائعة في طريقها الى المجلس قبل ان تتنوع مداخلاتهم في تفاصيل اكثر مناطقية لضرورات اللحظة الانتخابية.
اما الاجوبة فعلى طريقة ما اجاب به رئيس المجلس نبيه بري النائب عبد اللطيف الزين. فقد سأل الزين عن السبب في تأخير تعيين كتاب العدل وتوجه الى رئيس الحكومة فؤاد السنيورة قائلا &laqascii117o;هل لان الناجحين من الشيعة ولا تريدون ان تعينوهم في بيروت؟". انبرى بري الى الاجابة عنه قائلا &laqascii117o;دولته يعرف وأنا اعرف والناس تعرف ولا ضرورة لهذا الكلام". وبنفس الاسلوب تمت مقاربة معظم ما كان مطروحا بالامس. الجميع يعرف. ولكن .."لعن الله الانتخابات" على ما قال النائب بطرس حرب. الانتخابات واشياء اخرى كثيرة لا تكفي كل تنهدات الوزير بارود للتخفيف من ثقلها على الصدور. لم يلتق رئيسا المجلس والحكومة كالعادة قبل الجلسة. لكن الود بينهما لم ينقطع تماما. مررا رسائلهما السياسية كل من موقعه لكن بري ضحك طويلا وهو يرد على الوزير ابراهيم شمس الدين قائلا &laqascii117o;لقد أجبرتني على الاشادة به (السنيورة).. تفضل بقى".
صادق المجلس في جلسته التشريعية الثانية خلال العقد الاستثنائي الذي ينتهي في السادس من آذار المقبل، على بنود عدة ابرزها الاجازة للحكومة ابرام اتفاق قرض بين الجمهورية اللبنانية والصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية لتنفيذ مدخل بيروت الشرقي ـ &laqascii117o;الحدود السورية" والمرحلة الاولى من طريق الحازمية ـ صوفر واقتراح قانون معجل مكرر يرمي الى ترقية مفتشين في المديرية العامة للامن العام.
اثار محمد كبارة موضوع اضراب عمال كهرباء قاديشا الذين بدأوا اضرابا مفتوحا وهناك 190 موظفا وعاملا في قاديشا لم يحصلوا على التدرج الوظيفي. علي عمار اشار الى خرق العدو الاسرائيلي الحدود اللبنانية باتجاه الوزاني. وأشار الى ان بعض الضباط الاجانب وأثناء قيامهم بمساعدة القوى اللبنانية الامنية على التدريب خصوصا في منطقة الوروار يسألونهم في موضوع مكافحة الارهاب: ماذا تفعل اذا طعنك عنصر من &laqascii117o;حزب الله" بسكين او مسدس، او قطع الطريق؟ وهذا امر خطير جدا". مؤكدا انه يستطيع ان يأتي بمستندات بالصوت والصورة.
ـ صحيفة الديار
هدى زبيب :
خلافاً لما يشاع عن وجود خلافات عميقة بين &laqascii117o;التيار الوطني الحر" وحركة &laqascii117o;أمل" في شأن المرشحين عن بعض المقاعد في الدوائر الانتخابية المختلطة، يصرّ الطرفان على تبديد هذه الأقاويل والتخفيف من عمق هذه الخلافات.أكدت مصادر في &laqascii117o;التيار" أن اجتماعاً سيعقد في وقت قريب بين أطراف الأقلية النيابية لحل المشاكل والبتّ في الترشيحات، في حين أن مصادر حركة &laqascii117o;أمل" تقول ان الأجواء الداخلية هي غيرها في الاعلام وان لا خلاف بين رئيس تكتل &laqascii117o;التغيير والاصلاح" ميشال عون ورئيس المجلس النيابي نبيه بري، ولذلك فان البتّ بالترشيحات ليس مطروحا بشكل مستعجل الآن.تؤكد مصادر رفيعة المستوى ومعنية بالانتخابات جنوباً، ان التحضير جارٍ على قدم وساق للقاء قريب جداً بين الأقطاب الثلاثة المعنيين بالترشيحات على لوائح المعارضة &laqascii117o;جنرال الرابية" ميشال عون ورئيس حركة &laqascii117o;أمل" نبيه بري والأمين العام لـ &laqascii117o;حزب الله" السيد حسن نصرالله لتوحيد الرؤى حول هذه الترشيحات، في أماكن الخلاف، خصوصاً في مناطق جزين والزهراني (الجنوب) وبعبدا (جبل لبنان) وبعلبك - الهرمل (البقاع). وفي انتظار لقاء الأقطاب الثلاثة وتقول المصادر نفسها، ان هناك نوعاً من التفاهم حول القضايا الوطنية الأساسية بين هذه الأطراف، يجب ان يتكرّس هذا التفاهم على المستويات كافة.
وانطلاقاً مما تقدم، يشير مصدر في &laqascii117o;التيار الوطني الحر" آخر، الى ان التفاهمات تتم الآن، وستزول كل الإشكالات التي ترددت في الصحف حول خلاف &laqascii117o;الجنرال" وبري، وان الأمور ستتبلور في هذين اليومين، حيث سيتم تذليل كل العقبات التي كانت موجودة. واذ يعتبر المصدر، ان اللقاء يمكن ان يتم ويمكن لا، لكن من المؤكد انه لا توجد صعوبات في تشكيل لوائح المعارضة. ويلفت المصدر في &laqascii117o;التيار" الى أن موضوع التحالف بين تياره وحركة &laqascii117o;أمل" و&laqascii117o;حزب الله" محصور في أماكن أربعة: -3 في جزين بين التيار وأمل والحزب.
- اثنان في بعبدا، أحدهما درزي والآخر شيعي.
- شيعي في جبيل.
- وفي الهرمل - بعلبك، روم كاثوليك واحد وآخر ماروني.
ويتابع المصدر، أما باقي التحالف، فسينسجها التيار وفقاً لمصالحه في بيروت وباقي المناطق، خصوصا في المقاعد المشتركة التي هي خليط في المناطق المسيحية.