ـ صحيفة السفير:
انشغل الداخل اللبناني في محاولة استيعاب الإيجابية الأميركية الطارئة في اتجاه إيران, وسعت الأطراف السياسية في الموالاة والمعارضة وما بينهما, إلى قياس الارتدادات الداخلية والإقليمية والدولية للرسالة المباشرة التي وجهها الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى الجمهورية الإسلامية الإيرانية.
ويبدو جليا أن القراءات الأولية لرسالة أوباما, تقاطعت عند أهمية الحدث الأميركي الإيراني واستثنائيته، سواء بالنسبة إلى ما انطوت عليه الرسالة من سعي لخطب ود الشعب الإيراني والقيادة الإيرانية, أو بالنسبة إلى ما قد يليها, ولا سيما أنها تفتتح فصلا جديدا في العلاقة بين البلدين, بدأ أولا بالغزل, كما يقول أحد السياسيين في 14 آذار, وسيستمر بمحاولة التأسيس لتحولات جذرية في المنطقة. وعلى الأكيد, والكلام للسياسي المذكور, فإن تداعيات هذا الأمر ستكون ملموسة لبنانيا, وليس مستبعدا, أن تختلط الأوراق والمواقع والمحاور, ولن نتفاجأ إن حصل ذلك. وخصوصا أن الآتي من هذا الغزل, قد يكون أعظم في زمن &laqascii117o;المحور الإيراني الأميركي".
وقد تقدم الحدث الأميركي الذي وجد فيه رئيس اللقاء الديموقراطي النائب وليد جنبلاط تغييرا استراتيجيا كبيرا ومهما, على مختلف تفاصيل الواقع الداخلي, والذي شهد خلال الساعات الماضية، ازدحاما سياسيا من مختلف الأطراف على خط تبادل التهاني بتخفيض سن الاقتراع إلى 18 سنة, والذي توّج نهاية الولاية المجلسيّة الحالية, والمثير في هذا السياق, كان سعي الأطراف السياسية على اختلافها إلى تبني هذا الإنجاز الشبابي, وتظهير أدوارها الحصرية في توليده.
وينتظر أن يوقع رئيس المجلس النيابي نبيه بري الاقتراح النيابي لتعديل الدستور, وإحالته إلى الحكومة كما أقره مجلس النواب, طالبا وضع مشروع قانون بذات المضمون.
وكان هذا الموضوع محل اهتمام ملحوظ من قبل رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان الذي يحضر لزيارة قريبة إلى بريطانيا يلتقي خلالها الملكة إليزابيت, في لقاء هو الأول من نوعه مع رئيس لبناني. وعلمت &laqascii117o;السفير", أن الرئيس سليمان تلقى سلسلة دعوات لزيارة عدد من العواصم, أبرزها موسكو وأنقرة ولندن, وسيلبيها بشكل تدريجي.
وقد أبدى الرئيس سليمان ترحيبه بتخفيض سن الاقتراع إلى 18 سنة, وقال أمام زواره: إن هذا الأمر يستوجب استكمال الإصلاحات ولا سيما لجهة تطبيق مبدأ النسبية وتالياً تعديل الدوائر الانتخابية بما يتلاءم مع مبدأ النسبية ويتناسب كذلك مع اتفاق الطائف.
فيما برز في المقابل موقف للنائب جنبلاط, الذي قال لـ&laqascii117o;السفير" تعليقا على إقرار مجلس النواب لتخفيض سن الاقتراع إلى 18عاما: إن الخطوة التي أقدم عليها المجلس النيابي لا مضمون دستوريا دقيقا لها، لأن ما فعله ليس تصويتا بالمعنى الحقيقي للكلمة بل هو أقرب إلى إقرار توصية أو تمن، متسائلا: كيف لمجلس نيابي يحترم نفسه أن يتصرف على هذا النحو، إلا إذا كان قد ابتكر علماً جديدا في التشريع. وأضاف: لقد هلّلنا لحدث لم يحدث!
وفي موازاة ذلك, برز ترحيب مبدئي للكنيسة المارونية بخفض سن الاقتراع إلى 18 سنة. أعرب عنه البطريرك الماروني نصر الله صفير بشكل مقتضب أمام زواره. حيث اكتفى بالقول: &laqascii117o;إنها مسألة قائمة في دول كثيرة ولا ضير من الاقتداء بها". إلا أن أوساطا مقربة من بكركي ترسم علامات استفهام, فتشير إلى أن &laqascii117o;الأرضية الشبابية لم يتم تحضيرها بعد وهذا ما يوجب التساؤل عن آلية التطبيق، ناهيك عن التخوف من أن يصب هذا الأمر في خانة تؤدي إلى تقوية فريق على حساب آخر".
وسط هذه الأجواء يتقدم موضوع الموازنة في اتجاه الحلحلة, وتؤشر الحركة السياسية المواكبة لهذا الملف إلى أن عجلة الاتصالات تسرعت بشكل ملحوظ في الساعات الماضية, وكان هذا الموضوع مدار بحث بين الرئيسين سليمان وبري الذي أوفد النائب علي حسن خليل إلى بعبدا, وتحدثت مصادر بعبدا عن إيجابيات قريبة, فيما آثرت مصادر بري الصمت , وانتظار &laqascii117o;أن يوضع الفول بالمكيول" على حد قولها, علما أن هذه المصادر لم تشر إلى سلبيات أو معوقات.
كما تم بحث موضوع الموازنة في اللقاء المسائي بين سليمان ورئيس الحكومة فؤاد السنيورة الذي حرص على التكتم أيضا, في حين نفت مصادر حكومية أن تكون هناك سلبيات أو معطلات, وقالت إن توجه الرئيس السنيورة, &laqascii117o;هو السير والسعي الحثيث إلى تحقيق المعادلة التي تؤمن مصالح جميع الأطراف, وبالدرجة الأولى مصلحة الدولة والمواطنين والخزينة, وبما يؤدي في النهاية إلى إخراج الموازنة وفق هذه المعادلة وفي فترة ليست بعيدة".
وفي موازاة ذلك برز موقف لوزير المال محمد شطح, الذي رد سبب الأزمة حول الموازنة إلى التسييس, وأمل أن تجد مسألة تمويل مجلس الجنوب حلا متوازنا مبنيا على مبادئ صحيحة لا على مبادئ وهمية &laqascii117o;في غضون أيام أو أسبوع".
على صعيد آخر, أكدت مصادر بعبدا لـ&laqascii117o;السفير" أن المساعي الرئاسية مستمرة لإنجاز التعيينات المتصلة بالانتخابات النيابية, وأن هذه التعيينات موضوعة على نار حامية, وقالت: ما دامت عجلة الموازنة قد انطلقت, فمن شأن ذلك أن يطلق أمورا أخرى أولها التعيينات الإدارية، سواء بالنسبة إلى المحافظين او مدير عام الداخلية, وليس مستبعدا أن تصدر هذه التعيينات في وقت قريب جدا. إلا أن مصادر وزارية مواكبة لهذا الملف, أكدت أن الجلسة المقبلة لمجلس الوزراء لن تشهد أية تعيينات, وقد يتم ذلك في الجلسة التالية, علما أن وزير الداخلية قد أنجز الملف, الذي بات جاهزا في ما خص تعيين المحافظين أو مدير عام وزارة الداخلية, وينتظر فقط القرار في مجلس الوزراء.