استقرار صيدا أهمّ من مقعد نيابي!
واصف عواضة
تعتبر مدينة صيدا بالنسبة للبنانيين والجنوبيين موقعاً شديد الحساسية. فهي عاصمة الجنوب وبوابته والمعبر الاساسي لكل اللبنانيين وغيرهم من الجنوب واليه, فضلاً عن احتضانها أكبر مخيمات الفلسطينيين في لبنان, وارتباطه مباشرة بها وبمخيمات الجنوب الأخرى. ولذلك فإن استقرار المدينة لا يعني أهالي صيدا وحدهم بل يكاد يعني نصف لبنان والمقيمين فيه.
مناسبة هذا الكلام, ما يتردد عن معركة انتخابية ساخنة في عاصمة الجنوب, التي تم سلخها عن محيطها الطبيعي في الانتخابات المقبلة, بموجب قانون الستين السيئ الذكر, بحيث تتنافس صيدا وحدها على مقعدين للطائفة السنية الكريمة, درجت العادة خلال الدورات الانتخابية الأربع الماضية أن يتقاسمهما آل الحريري وآل سعد, ما عكس استقراراً سياسياً واجتماعياً وأمنياً كانت تعكره بعض الإشكالات العابرة التي ما تلبث أن تجد حلاً لها في إطار واقع التوازن القائم.
وعلى الرغم من الأجواء الديموقراطية التي تسود الحملة الانتخابية في المدينة حتى الآن, فإن الصيداويين خاصة والجنوبيين عامة, يتوجسون خيفة من معركة «كسر عظم» يجري الحديث عنها, قبل حسم الخيارات النهائية لآل الحريري, وذلك من خلال ترشح رئيس الحكومة فؤاد السنيورة إلى جانب النائبة بهية الحريري، مع العلم أن النائب اسامة سعد حسم خياره سلفاً بالترشح منفرداً استناداً الى المعطيات السالفة الذكر التي تحيط بالمدينة.
ولأن استقرار صيدا أهم من مقعد نيابي بالزائد او بالناقص لتيار «المستقبل» وقوى 14 آذار، فإن هواجس الصيداويين والجنوبيين لا تنحصر فقط في فترة ما قبل الانتخابات وما يرافقها من تشنجات، بل ايضاً في مرحلة ما بعد الانتخابات أياً كانت النتائج، خصوصاً اذا ما انكسر التوازن التقليدي في المدينة. وعليه ثمة من يلفت تيار «المستقبل» وآل الحريري بالذات والرئيس فؤاد السنيورة ابن صيدا، إلى ضرورة التروي في حسم خياراتهم، والأخذ بعين الاعتبار مستقبل المدينة واستقرارها، والاستفادة من كل التجارب والعبر السابقة والراهنة.
فيوم كانت صيدا جزءاً من دائرة الجنوب الانتخابية، حافظ ما يسمى «الثنائي الشيعي» على توازن صيدا، وكانت بهية الحريري المرشح الدائم على لائحة الجنوب الواحدة الموحدة. وها هو وليد جنبلاط يحفظ التوازن في عاليه مع طلال ارسلان، لأن استقرار الدروز أهم من مقعد نيابي. وقبل ذلك يعرف الجميع ما أدى إليه غياب التوافق بين حركة «أمل» و«حزب الله» داخل الطائفة الشيعية. وثمة عبر أخرى لا تعد ولا تحصى في التاريخ والجغرافيا الانتخابيين في لبنان.
ذات يوم سُئل الرئيس الشهيد رفيق الحريري لماذا ترك مقعدا شاغرا في بيروت لـ«حزب الله» خلال انتخابات العام 2000، مع انه كان يعرف سلفاً أن التسعة عشر مقعداً «مطوبة» له، فقال: «لأن المقاومة التي حررت لبنان لا يجوز أن يخسر مرشحها في الانتخابات النيابية. وهذا الأمر معيب بحقي قبل أن يكون معيباً للمقاومة».
ثمة من يبرر بأن الرئيس الحريري عاد وخاض الانتخابات البلدية في صيدا في معركة «كسر عظم». هذا صحيح، لكن المعركة البلدية ليست فيها خيارات، بل هي معركة «قاتل أو مقتول».
فمن أجل صيدا واستقرارها أولاً، ومن أجل آل الحريري ثانياً، ومن أجل الجنوب ولبنان ثالثاً، تقتضي الحكمة ترشح بهية الحريري منفردة، ولتقرر صيدا من تختار لتمثيلها في البرلمان.
من زمان كانت النصيحة بجمل.. اليوم النصيحة لوجه الله!
انتخابات حزيران: الأكثر هدوءاً والأكثر تمثيلاً لحكومة الوحدة الوطنيّة
صحيفة الأخبار
نقولا ناصيف
أطلق الإعلان التدريجي للوائح الانتخابية لدى الموالين والمعارضين المنافسة على الأكثرية النيابية الجديدة، وتحديد مسار الصراع السياسي في السنوات الأربع المقبلة لجبه الاستحقاقات المحلية والإقليمية، لكنه أطلق أيضاً قطار تفاهمات بعيدة عن الأضواء قبل 7 حزيران كي يكون ذلك اليوم، أياً يكن الرابح، هو أحد أكثر الأيام اللبنانية استقراراً وهدوءاً وانتظاماً، على وفرة الإشارات التي تتحدث عن نقيضها. وبعيداً من كل الحملات الانتخابية والاتهامات والغلو والاستفزازات المتبادلة ـــــ وهي عدّة شغل كل انتخابات نيابية لبنانية في كل زمان ومكان ـــــ فإن التوازن السياسي المرجح انبثاقه من انتخابات حزيران سيكون الأكثر مدعاة للتعجب والالتباس والغموض، وربما التواطؤ، في ضوء سجالات الأشهر المنصرمة. ذلك ما يعكسه على الأقل ما يحيط بالجهود التي يبذلها أقطاب سياسيون في المعارضة وآخرون على خط الاتصالات معها حتى عشية 7 حزيران تبعاً لمعطيات، منها:
1 ـــــ ان عدم حصول أي من قوى 14 آذار و8 آذار على نصاب الأكثرية المطلقة في البرلمان المنتخب بات يشكّل معادلة مثلى لضمان الاستقرار الداخلي، وحمل الطرفين على الانخراط في حكومة وحدة وطنية بعد الانتخابات. إلا أن هذا الهدف لا يحجب حتماً مساعي أفرقاء في الموالاة والمعارضة لتصعيد المنافسة من أجل الحصول على أكبر عدد من المقاعد كي يربح تحالفهم الغالبية الجديدة، ولا تدفّق الترشيحات من خارج هذين الطرفين في دوائرهما وإن بلا آمال بالفوز. وقد لا تكون هذه وجهة نظر أربعة أقطاب رئيسيين من المعارضة والموالاة، وهم الذين يقودون هاتين القوتين، والمعنيون بتجنيب الانتخابات أي خضة ذات منحى مذهبي: الرئيس نبيه برّي وحزب الله، والنائبان وليد جنبلاط وسعد الحريري. ومع أن أحاديث هؤلاء لم تعد في الأيام الأخيرة تتطرق كثيراً إلى كون انتخابات حزيران معركة خيارات مصيرية، بل راح كلّ منهم يبثّ في أوساطه التهدئة والحوار على طريقته، فقد أجمعوا ـــــ كلّ على طريقته أيضاً ـــــ على إخراج مبرّرات التشنّج والصدام والانقسام من خطبهم، كالمحكمة الخاصة بلبنان وسلاح المقاومة والتدخّل السوري، وبدأوا يلتفتون إلى تأليف لوائح تلبنن الانتخابات وتعيدها إلى حجمها المحلّي الضيّق بعيداً من النزاعات الإقليمية.
وهذا في ذاته مؤشر دقيق إلى عدم رغبة هؤلاء ـــــ ولا قدرتهم خصوصاً ـــــ على قيادة البلاد نحو ما يعيد الوضع الداخلي إلى الوراء.
2 ـــــ لم تعد المعركة الفعلية في واقع الأمر هي الحصول على الأكثرية النيابية في البرلمان المقبل، بل على مَن يملك النصاب الذي يمكّنه من تسمية الرئيس المقبل للحكومة على نحو يستدرج الفريق الآخر إلى التوافق معه حول هويته، وكذلك حول هوية الحكومة الجديدة برمتها، بمعزل عن الأسماء والحصص التي تتقرّر في ضوء المقاعد التي يخرج بها الفريقان من انتخابات حزيران. وقد يكون المقصود بذلك جكومة وحدة وطنية منوط بها في وقت واحد أكثر من استحقاق داخلي سياسي واقتصادي وأمني، وأكثر من استحقاق خارجي يتصل خصوصاً بالعلاقات الجديدة بين المجتمع الدولي بدءاً من واشنطن بسوريا وإيران. ولن يكون لبنان في منأى عن تأثيراتها الإيجابية والسلبية. وهكذا تبدو قوى 14 آذار وقوى 8 آذار في الظاهر متنافسة على أكثرية نيابية وهمية، ولا يسعها أمام لوائحها وناخبيها إلا أن تفعل ذلك، لكنها في الواقع تتنافس على الحؤول دون حصول الفريق الآخر على الأكثرية المطلقة في البرلمان، إذ لم تعنِ تجربة سنوات 2005 ـــــ 2008، ولا سنتي 2008 و2009، إلى الآن، إلا إخفاق تجربة أكثرية تحكم كي تستأثر بالخيارات والقرارات، وأقلية تمسك بزمام التعطيل لفرض مشيئتها. وإذا بكلّ من الفريقين يكتشف عجزه عن الحكم منفرداً، وعن استمراره معرقلاً للحكم.
3 ـــــ لأن نتائج انتخابات 2009 ستفضي حكماً إلى تقاسم السلطة، وهو الخيار الحتمي للصراع السياسي القائم في لبنان حالياً، سواء لمَن يقرّ به ولمَن يكابر ويتعمّد تجاهله، ترجّح أوساط واسعة الاطلاع في المعارضة الوصول إلى تفاهم ضمني مع الموالاة ـــــ والأصحّ مع زعيميها الدرزي والسنّي ـــــ من دون الجلوس بالضرورة إلى طاولة واحدة، ولا تبادل الأوراق من تحتها.
ذلك أن كلاً منهما سيسعى إلى حصد العدد الأكبر من المقاعد عبر مواجهة اللوائح بعضها ببعض، من غير دفع الانتخابات إلى مشكلة مذهبية، ولا استخدام أصوات مذهب ضد مذهب آخر، وتحديداً على الصعيد الشيعي ـــــ السنّي، ولا خصوصاً جعل انتخابات 2009 امتحاناً لعضلات الفريق الشيعي لإضعاف الفريق السنّي والدرزي، أو العكس. وهو ما تتوجّه المعارضة إليه، وتحديداً حزب الله، سعياً إلى أهداف ثلاثة متلازمة:
ـــــ منع الموالاة من الحصول على الأكثرية النيابية فتفوز المعارضة بـ63 مقعداً والفريق الآخر بـ60 مقعداً.
ـــــ وأن تكون للمعارضة الكلمة المرجّحة في تسمية الرئيس المكلف للحكومة الجديدة، لأن أحداً لا يمسك عندئذ بالأكثرية المطلقة.
ـــــ وأن تكبر الكتلة النيابية للرئيس ميشال عون عن عددها الحالي، كي تصبح الكتلة المذهبية الأكبر أو تكاد. الأمر الذي يوجب حينذاك أن يملأ المقاعد الشاغرة الأخرى النواب المستقلون، المرجّح أن يبلغ عددهم خمسة يمثلون تكتل الرئيس نجيب ميقاتي (ومعه النواب السابقون جان عبيد وطلال المرعبي وأحمد حبوس أو علوي آخر) والنائب ميشال المر، وفي أحسن الأحوال نائب كسرواني مستقل إذا نجح في اختراق لائحة عون.
هل يجب أن يترشح السنيورة أم لا ؟
صحيفة النهار
سركيس نعوم
تتجاذب رئيس الحكومة فؤاد السنيورة على ما يبدو فكرتان. الأولى، خوض الانتخابات النيابية المقبلة بترشيح نفسه عن احد المقعدين السنيين في مسقط رأسه صيدا عاصمة الجنوب رفيقاً لشقيقة الرئيس الشهيد رفيق الحريري التي تمثل المدينة في مجلس النواب منذ سنوات طويلة. والثانية، استمراره على الموقف الذي اتخذه منذ بدء تعاطيه الشأن العام والرسمي في البلاد من خلال عضوية الحكومة في ظل الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وهو الاكتفاء بالموقع الوزاري وعدم الاستعداد للغوص في الحياة السياسية والنيابية والشعبية لاعتبارات شتى كان ابرزها في المرحلة السابقة اضطرار الحريري الى مسايرة الوضع الداخلي في مدينته وفي محيطها الجنوبي، وكذلك الى مسايرة سلطة الوصاية "الحريصة" على التوازن صيداوياً الامر الذي جعله يكتفي واكثر من مرة بمقعد واحد احتلته منذ البداية شقيقته بهية.
ويبدو ان السنيورة لم يحسم التجاذب المذكور حتى الآن علماً ان من العوامل التي قد تدفعه الى قبول خوض معركة الانتخابات النيابية زوال سلطة الوصاية والرصيد الذي كوّنه لنفسه في اثناء ترؤسه الحكومة مرتين وفي اكثر الظروف الداخلية والاقليمية والدولية دقة وحرجاً وصعوبة والذي يسمح له بعد اضافة رصيد "تيار المستقبل" اليه، بالامل في فوز قوي. لكنه سيضطر الى حسمه خلال الأيام القليلة المقبلة لأن مهلة الترشح للانتخابات ستنتهي الثانية عشرة ليل الثلثاء المقبل الواقع فيه السابع من شهر نيسان الجاري. ولا احد يعرف حتى الآن في اي اتجاه سيكون الحسم، علماً ان كلامه للزميلة "الشرق الاوسط" أوحى قبل ايام انه يدرس هذا الامر بجدية.
هل يخدم ترشيح السنيورة مدينة صيدا والإستقرار فيها و"تيار المستقبل" الذي يمكن القول انه كان من مؤسسيه الى جانب الشهيد رفيق الحريري و"شعب" هذا التيار؟
وهل يخدم هذا الترشيح السنيورة نفسه؟
يجيب بعض الخبراء في الوضع السياسي اللبناني بالقول ان الترشح هو حق للسنيورة بموجب الدستور وكل القوانين السارية المفعول وبحكم النظام الديموقراطي البرلماني. وبالقول ايضاً ان احتمالات فوزه ليست قليلة على الاطلاق وخصوصا في ظل تحالفه مع النائبة بهية الحريري. وبالقول ثالثاً ان مصلحة لبنان تقتضي بقاءه في الحلبة السياسية بعد تخليه عن رئاسة الحكومة مع انتخاب مجلس النواب الجديد لأنه أثبت لأخصامه ومريديه اي لـ8 و14 آذار انه لا يُستهان بقوته وبصلابته وبمتانة اعصابه وبمرونته وبقدرته على امتصاص اكثر الامور صعوبة، وتالياً على البحث بعقل بارد عن وسائل مواجهتها. وكذلك لأنه أثبت لمريديه وللبنانيين كثيرين أنه رجل دولة من طراز رفيع يتمسك بمواقفه اللبنانية غير المتناقضة مع المصالح العربية، ويحافظ على المصالح الوطنية ويحاول، قدر الامكان، احباط اي محاولة للاخلال بالتوازن الداخلي بين "الشعوب" اللبنانية اذا وجد نفسه عاجزاً عن فرض هذا التوازن. ويجيبون بالقول رابعاً أنه لا يزال شاباً، وان مصلحة لبنان ومعها مصلحة "تيار المستقبل" ابقاء اصحاب الخبرة و"الشباب" في آن واحد عاملين في الحقل السياسي لأن الحاجة اليهم لا بد ان تكبر كثيراً الآن وفي المستقبل.
الا ان بعضاً آخر من هؤلاء الخبراء مع موافقته التامة على ما قالوه في الرئيس السنيورة الشخصي والسياسي، يعتقد ان عليه ان يسلّم الامانة بعد انتهاء الانتخابات النيابية الى حكومة جديدة، وأن يخصص وقتاً مهماً للراحة ولمراجعة مرحلة ترؤسه حكومتين، وتقويم كل ما واجه لبنان خلالهما واستخلاص العبر والدروس من ذلك. ومن شأن امر كهذا ان يزوّده حصيلة مهمة جدا يستطيع بل يجب ان يشرك فيها "تيار المستقبل" الذي هو جزء منه وتحديداً رئيسه النائب سعد الحريري وخصوصا اذا اوصلته نتائج الانتخابات الى السرايا الحكومية. وربما عليه ان يشرك فيها اللبنانيين، الى اي فريق انتموا، لأن الوطن للجميع ولأن الخطأ اذا ارتكبه واحد سيصيبهم كلهم. اما اسباب هذا الاعتقاد فكثيرة، منها ان ترشيحه في صيدا يعني ان معركة كسر عظم ستقوم بين لائحته والنائبة الحريري من جهة، والنائب أسامة سعد من جهة اخرى. ويعني ايضاً ان هذه المعركة قد لا تكون سياسية لأن الأخير وانصاره اعتادوا ومن ايام الحروب السلاح والمسلحين واعمالهم ولأن الاخصام السياسيين للسنيورة والحريري كما الوجود الفلسطيني المجاور لصيدا يمكن ان يلعبوا بالمدينة في محاولة لتغليب فريق على آخر، الأمر الذي قد يفجّر صراعاً مذهبياً لا تحتاج اليه صيدا والجنوب ولا لبنان. فضلاً عن ان الوجود المؤثر لـ"الجماعة الاسلامية" في صيدا قد يؤذي الثنائي "المستقبلي" في حال استبعاده وقد يدفعه الى موقف انتخابي معادٍ وربما الى موقف معادٍ لـ"المستقبل" على مستوى الوطن حيث له وجود، وربما ايضا الى موقف متشدد من امور كثيرة. علما انه يفترض في "تيار المستقبل" في معركته المستمرة منذ استشهاد مؤسسه متابعة مهمته وهي احتواء الاسلاميين ودفعهم الى الاعتدال لمواجهة المتطرفين والمتشددين المؤيدين للعنف والتكفير، وفي الوقت نفسه الاعتماد عليهم لمواجهة اي "استنفارات" مذهبية لا سمح الله وخصوصاً بعدما مر لبنان بتجارب كهذه واجتازها لكن الجمر لا يزال تحت الرماد.
طبعاً القرار في النهاية هو للرئيس السنيورة ولـ"تيار المستقبل". لكن لبنانيين كثيرين يعتقدون بضرورة اخلاد الاول الى الراحة تمهيداً لمتابعة عمله السياسي بل الوطني من خارج الندوة النيابية. وهذا يعني امكان تكرار تجربة ترئيسه الحكومة لاحقاً وامكان خوضه انتخابات نيابية مستقبلاً ولكن في ظل اجواء داخلية واقليمية اكثر هدوءاً واستقراراً. الا ان اعتقادهم هذا قد لا يلقى التجاوب كما حصل قبل تشكيل الحكومة الحالية اذ بقي السنيورة على رأس الحكومة الجديدة ولم "تخرب الدنيا" كما يقال. ولكن هل "تصلحت" هذه الدنيا؟ طبعاً لا. وهل كانت ستتصلح لو حل غيره مكانه في السرايا؟ ايضا طبعاً لا.
في اختصار، ان دعوة البعض السنيورة الى الراحة ليست دعوة الى اعتزاله العمل السياسي، علماً ان من يراقب الوضع السياسي اللبناني بقيادته والزعامات والشخصيات من كثب وبدقة وموضوعية يلاحظ ان على عدد لا بأس به من هؤلاء الاعتزال إما بسبب التقدم في العمر وما يرافقه من اعراض تبدو صغيرة ظاهراً، وإما بسبب الطبع والشخصية والتاريخ، وإما بسبب التجارب السابقة الفاشلة. مع الاشارة هنا الى ان الاعتزال يجب ان يفكّر فيه آخرون ايضا في لبنان يتعاطون اموراً عدة "عامة" في شكل او في آخر. والعام في لبنان ليس سياسياً فقط.
2009-04-02 11:18:31