صحف ومجلات » مقالات الصحف اللبنانية الصادرة صباح اليوم الخميس 2/4/2009

بعد الاعتذار من جبراني تويني...
صحيفة الأخبار
جان عزيز

عذراً منك جبران. غير أن حرية الحقيقة أقدس من حرمات الموت والحياة والصداقة والخصومة.
وحرمة الحقيقة، تصير مهمازاً ينخر في الوجدان، حين نسمع السجال الدائر بين ميشال عون وبعض &laqascii117o;الآذاريين"، حول شخصك، وما كنت إياه وما مضى. وخلاصة السجال أن الجنرال غمز من قناة ما سمّاه &laqascii117o;موسمية" في مواقف لك سابقة ماضية. فردّ الآذاريون، كأنهم الغيارى، لا بل &laqascii117o;الغيورون"، يدافعون عنك، أشد من دفاع الفريسيين والكَتَبة عن الكتاب...
المهم، أن هذا السجال يعيد إلى الذاكرة أياماً لا نكتشف بهاءها إلا عند روايتها عن بُعد، على طريقة أدب &laqascii117o;جمال القبح"... كان ذلك في ربيع عام 2002، يوم توفي ألبير مخيبر، الكبير الوحيد الذي وقف تحت قبة البرلمان متحدثاً عن ثقل الوجود والنفوذ السوريين. يومها روى فارس سعيد أنه أحسّ بندم سيرافقه طوال حياته أنه لم يجرؤ على التصفيق للحكيم، ولا تجرّأ أي نائب آخر.
غاب مخيبر، فصعد جبران تويني إلى اجتماع لقاء قرنة شهوان ليعلن بعفويته وصراحته المعهودتين: &laqascii117o;طبعاً أفكر في الترشّح عن مقعد المتن الشمالي، وإن لم أكن ابن هذه المنطقة، وذلك لسبب بسيط هو أنني لا أطيق أن أنتظر في بيروت فرصة للصعود في بوسطة رفيق الحريري، وهو ما لن أفعله"... سكت الجميع... لم يؤيده علناً إلا زميل واحد له. الباقون التزموا الصمت. وبعضهم بدأ يعد العدّة لديك النهار.
بعدها اجتمع أمين الجميل ونسيب لحود وأعلنا ترشيح غبريال المر. فوجئ كثيرون، وأولهم راعي &laqascii117o;القرنة" المطران يوسف بشارة. واستاء معظم الاعضاء. حتى إن بعضهم أعلن رفضه الترشيح علناً. لكن قسماً من الرافضين عاد فأيَّد، لأسباب طالما تندّر بها &laqascii117o;الغيورون" اليوم، وجعلوا منها مادة همس سري، من المعيب جداً الخروج به إلى العلن...
أصرّ جبران على رفض ترشيح غبريال. أيّد غسان مخيبر. فاندلعت ضده حرب ضروس، كانت رؤوس حرابها الأصوات نفسها التي تؤدي دور &laqascii117o;الزيلوطيين" اليوم.
في أحد الأيام، صار التباين في الموقف السياسي من الانتخاب &laqascii117o;خيانة عظمى". شكّل &laqascii117o;لوبي" داخل &laqascii117o;القرنة"، عمل على الاتصال بكل مكوّناتها الأساسية، ليعرض عليها أمراً خطيراً وسريّاً، مفاده الآتي: &laqascii117o;جبران تويني تحوّل عميلاً سورياً، خرق بواسطته السوريون &laqascii117o;القرنة". والعميل الآخر المكلّف تجنيده وتحريكه هو الياس المر. لذلك، حرصاً على اللقاء، لا بد من اتخاذ قرار بفصله من قرنة شهوان".
وصل الخبر إلى قلّة قليلة من أصدقاء الجبران الباقين داخل اللقاء. عددهم لم يتعدّ أصابع اليد الواحدة، وليس فيهم واحد من &laqascii117o;غيوري" جبران اليوم. رفضوا التجنّي. أبلغوا المطران. هدّدوا بالرد. فسُحب المشروع المقصلة على رأس جبران. لكن ذيوله لم تنته، ولن... حتى إن بعضها من النوع الذي يطمر في أسحق سحيق الذاكرة، لم يتورّع عن أي حرمة، لا في الشخصي، ولا في العائلي ولا في الأخلاقي، ولا في المالي ولا في السياسي...
بعدما انتهت العاصفة، كان اجتماع كبير في السوديكو. تردّد جبران في الحضور. كان يحسّ أن مؤامرتهم لا تزال تلاحقه. استنجد بآخر صديقين له في &laqascii117o;القرنة". التقاهما سرّاً في مرأب الجامعة اليسوعية. ذهب معهما متشجعاً. دخلوا معاً. جلسوا جنباً إلى جنب، وخرجوا معاً وسط نزالٍ من النظرات، كأنها مسدسات. مسدسات، هي نفسها الموجّهة اليوم إلى ميشال عون، باسم الدفاع عن جبران.
قبل أسبوعين على اغتيال رفيق الحريري، ذهب جبران إلى باريس. التقى عون. شرح له مدى حاجته إلى تأييده في بيروت، &laqascii117o;لأن الحريري استورد أحد أفراد العائلة ليرشحه ضدي". في اليوم التالي، صدرت جريدة النهار بعنوان: عون يؤيد جبران تويني في بيروت...
عذراً جبران، لكنك تعلم أن المخفي أعظم.


لبنان واحد لا لبنانان
صحيفة السفير
سليمان تقي الدين

انعكست الأجواء الدولية والإقليمية الجديدة استرخاءً على الساحة اللبنانية وانحساراً ملموساً في حدة الخطاب والتشنجات الطائفية والمذهبية. لكن حدث الانتخابات له منطقه وحصته من السجال ومن آليات المنافسة. مع أن هذه الانتخابات لا تفتح آفاقاً لإعادة إنتاج الوحدة الوطنية، والمناخ الدولي والإقليمي ليس ضمانة كافية لاستقامة الحياة الوطنية اللبنانية. ما يميّز الوضع اللبناني سلباً أن الصراعات من حوله لا تجعله فريقاً في محور من محاور النزاع بل تجعله منقسماً على نفسه مهدداً بوحدة كيانه ودولته. إن نعمة منسوب الحرية والديموقراطية تتحول إلى نقمة، فإذا كان العرب عربين فإن لبنان يصبح لبنانين.
هذه الإشكالية هي التي قادت في الماضي وتقود اليوم قوى سياسية لبنانية لطرح مسألة &laqascii117o;حياد لبنان" وكأنه حل ممكن ومعقول. بل إن البعض يقتدي بسواه من بعض الدول العربية فيضع شعار &laqascii117o;لبنان أولاً" ليصل إلى شكل من أشكال الحياد عن نزاعات المنطقة وقضاياها.
مسألة حياد لبنان منذ الاستقلال لم تنجح في تكوين تيار وطني عريض، بل كانت أحد عناوين الانقسام، أما شعار &laqascii117o;لبنان أولاً" فلم يخرج أصلاً عن كونه وصفة لبعث النزاع مجدداً حول هوية لبنان القومية وزجه في خيارات لا تقوى بنيته السياسية على حملها. ليس لأن لبنان أكثر عروبة من سواه وأكثر يقظة وتفاعلاً مع القضايا العربية، بل لأن لديه قضية وطنية داخلية كانت وما تزال متلازمة مع انتمائه العربي ومرتبطة بهذا الانتماء والدور. حين يفكر اللبنانيون وطنياً منذ كانت الفكرة اللبنانية، ومهما كانت طوائفهم ومذاهبهم، يفكرون في الإطار العربي، لأنه خارج هذا الإطار هناك موت سياسي واقتصادي وثقافي واقتلاع من شبكة العلاقات الطبيعية والارتماء في دائرة التبعية لخارج لا يقيم وزناً لسيادة لبنان ومصالحه. ومن غير الذهاب في المقارنات غير الدقيقة مع الدول التي رفعت شعار المصلحة القطرية أولاً كمصر أو الأردن أو فلسطين وما زالت متورطة حتى الأعماق في التفاعلات السياسية والأمنية الإقليمية، إلا أن لبنان كان بطبيعة تكوينه الجغرافي والسياسي والاقتصادي كياناً محكوماً بأن يكون جزءاً من نظام إقليمي لا حياة له من دونه. هذه الحقيقة &laqascii117o;الجيو سياسية" هي التي كلما أخطأ اللبنانيون في التعامل معها جلبوا لأنفسهم المتاعب. ثمة جدلية لا تتوقف بين العلاقة المتوترة والمتكاملة بين &laqascii117o;الاتصال والانفصال" عن سوريا لأنها الجار الطبيعي (الجغرافي) وعن العمق العربي بشكل عام. ولقد أثبتت التجارب أن ما كنا نسميه &laqascii117o;الانعزال اللبناني" لم يكن يوماً إلا شكلاً من أشكال الارتباط بتيارات إقليمية ودولية إلى حد أنه تحوّل في الكثير من الأحيان إلى &laqascii117o;تدويل" من دون سقف أو حدود للكيان اللبناني.
إذا صحت هذه القراءة التاريخية والسياسية فإن لبنان يزدهر ويتطور ويستقر في مناخ الانتعاش العربي والنهوض العربي ويفتقر بأوسع معاني الافتقار والهزال عندما ينكمش العرب وينغمسون في مشاكلهم وأزماتهم، وأن دور لبنان العربي هو أن ينهض بمحيطه أو يساهم في ذلك كشرط لاكتسابه العافية الوطنية الجامعة التي منها يستمد قوته وتقدمه.
كان يفترض بعد تجربة الحرب الأهلية أن لبنان قد خرج من &laqascii117o;عقدة العروبة" متصالحاً معها ومع نفسه بصفتها الهوية الجامعة لمكوناته المتفرقة، فإذا ما حاول البعض أن يعيدنا إلى ذاك الجدل العقيم فهو إنما يعيدنا إلى البحث في شروط الوحدة الوطنية. ومن دواعي القلق على مستقبل هذه البلاد أن فريقاً يستخدم للدعاية الانتخابية &laqascii117o;لبنانه أولاً" ولبنان الآخرين آخراً. والوطنية هي &laqascii117o;لبنان واحد لا لبنانان".


هل تستطيع سوريا حل المشكلات في لبنان بمعزل عن إيران؟
نتائج الانفتاح الأميركي تبدأ بالظهور بعد الانتخابات

صحيفة النهار
اميل خوري

تعتقد مصادر ديبلوماسية ان الانفتاح الاميركي على كل من سوريا وايران لن تظهر نتائجه او ملامح صورته الا بعد الانتخابات النيابية في لبنان وبعد الانتخابات الرئاسية في ايران، اي بعد حزيران المقبل، لان سوريا تفضل الانتظار لمعرفة من سيفوز بالاكثرية النيابية في مجلس النواب العتيد في لبنان، والولايات المتحدة الاميركية تفضل انتظار نتائج الانتخابات الرئاسية في ايران كي يبني كل طرف على الشيء مقتضاه.
وفي المعلومات ان سوريا في حال فوز قوى 8 آذار والمتحالفين معها في الانتخابات النيابية المقبلة، فانها ستجعل من هذا الفوز ورقة ضغط ومساومة عند بدء المحادثات مع الولايات المتحدة الاميركية وتكون في موقع قوي قد يمكّنها من الحصول على ما تريد في لبنان وفي الجولان. اما اذا فازت قوى 14 آذار بالاكثرية، فان سوريا تلجأ عندئذ عبر حلفائها الى اشتراط تشكيل حكومة وحدة وطنية لهم فيها 'الثلث المعطل' كي تتحكم بالقرارات التي تصدر عن مجلس الوزراء، وهو ما تحاول سوريا ان تفعله في فلسطين ايضا عبر حركة 'حماس'، التي تطالب باعادة النظر في تركيبة منظمة التحرير الفلسطينية كمرجعية بحيث تصبح اكثر تمثيلا لكل الفصائل الفلسطينية، وان تتشكل حكومة وحدة وطنية فلسطينية يكون لـ'حماس' فيها 'الثلث المعطل'، كما في لبنان، كي تعود سوريا وتمسك بالقرارات اللبنانية والفلسطينية، وتحكم كلا من البلدين بصورة غير مباشرة، بعدما حكمت لبنان بصورة مباشرة من خلال وصايتها عليه مدة ثلاثين عاما، وتنازعت الورقة الفلسطينية خلال هذه المدة مع منظمة التحرير الفلسطينية وتحديدا مع زعيمها ياسر عرفات.
اما الولايات المتحدة الاميركية فقد تكون محادثاتها ناجحة مع القيادة الايرانية اذا فاز في الانتخابات رئيس للجمهورية غير الرئيس الحالي المتشدد، وبفوزه يمكن التوصل الى حل لمشكلة الملف النووي ولدور ايران في المنطقة، ولاسيما في لبنان وفي فلسطين، وقد سبق لمسؤولين ايرانيين ان اعلنوا ان الحل في لبنان وفي فلسطين وفي العراق وفي افغانستان هو في ايران، من دون ان يدخلوا في التفاصيل. اما اذا فاز الرئيس الحالي محمد احمدي نجاد بولاية جديدة، فان هذه المحادثات قد تكون صعبة وشاقة، خصوصا اذا ظلت القيادة الايرانية متمسكة برأيها في موضوع الملف النووي، وقد تصبح سوريا نفسها عاجزة عن المساعدة على ايجاد حل للمشكلات القائمة في لبنان اذا ظلت العلاقات متوترة بين ايران واميركا، وان كان هذا هو موضوع جدل في الاوساط الرسمية والسياسية والشعبية، اذ ثمة من يرى ان في استطاعة سوريا حل المشكلات في لبنان بمعزل عن ايران، وثمة من يرى خلاف ذلك. فاذا رفضت ايران حل هذه المشكلات بمعزل عنها لئلا تفقد ما تملك من اوراق ضغط في لبنان خصوصا من خلال 'حزب الله' اذا ما التزمت سوريا تنفيذ القرار 1701 الذي يقضي بسيطرة الحكومة اللبنانية على جميع الاراضي اللبنانية وفق احكام القرارين 1559 و1680 والاحكام ذات الصلة من اتفاق الطائف، وان تمارس كامل سيادتها حتى لا تكون هناك اي اسلحة دون موافقة الحكومة ولا سلطة غير سلطتها، وترسيم الحدود المشتركة بين لبنان وسوريا خصوصا في المناطق التي تعتبر فيها الحدود غير مؤكدة او محل نزاع، اشارة الى مزارع شبعا، واتخاذ الاجراءات الكفيلة بمنع دخول الاسلحة الى لبنان او ما يتصل بها من عتاد من كل الانواع والذخائر.
وهذا يطرح السؤال الآتي: هل في استطاعة سوريا مساعدة لبنان على تنفيذ القرار 1701 سواء فازت قوى 8 آذار باكثرية المقاعد في مجلس النواب العتيد او فازت قوى 14 آذار وكان لها في حكومة الوحدة الوطنية 'الثلث المعطل بمعزل عن نتائج المحادثات بين اميركا وايران كي تحصل سوريا في مقابل ذلك على دور سياسي في لبنان وعلى استعادة الجولان توصلا الى توقيع اتفاق سلام مع اسرائيل؟
ثمة من يقول ان سوريا لا تستطيع ان تساعد على تنفيذ ما هو مطلوب منها في لبنان من دون موافقة ايرانية، وهذه الموافقة مرتبطة بالتوصل الى تفاهم مع الولايات المتحدة الاميركية على موضوع الملف النووي، وهو موضوع يهم اسرائيل اكثر من سلاح 'حزب الله' وسلاح حركة 'حماس' لان السلاح النووي يهدد مصيرها وكيانها مستقبلا ويخل بالتوازن العسكري، وبدرجة تفوق اسرائيل الذي يشكل الضمانة الاساسية لها.
ومن جهة اخرى فان اسرائيل لا يهمها من يحكم لبنان؟ هل تحكمه اكثرية قوى 8 او 14 آذار، لانها قادرة على ممارسة ضغط سياسي وعسكري على اي حكومة في لبنان اذا حركت جبهة الجنوب لاي سبب من الاسباب، او اتخذت قرارات تهدد امنها، بل يهمها التوصل الى تفاهم حول موضوع الملف النووي الايراني، وعندما يتم التوصل الى هذا التفاهم يتوقف ارسال الاسلحة الايرانية الى 'حزب الله' والى حركة 'حماس' والى اي مجموعات عسكرية متطرفة فتفقد قدرتها على القيام بعمليات جدية ضد اسرائيل، وتتحول بحكم الواقع الجديد احزابا سياسية تخضع للمنافسة الديموقراطية مع الاحزاب الاخرى، ولا تعود مشاركتها في السلطة تشكل مصدر خوف وقلق ولا سببا مانعا للحصول على المساعدات المالية وفرض حصار او عقوبات تصبح شديدة التأثير مع وجود الازمة المالية العالمية.
لذلك، فلا حل في نظر اصحاب هذا الرأي للمشكلات القائمة في لبنان وفي فلسطين وحتى في العراق وافغانستان، ما لم يبدأ بالتوصل الى تفاهم بين الولايات المتحدة الاميركية وايران لان سوريا المتحالفة مع ايران لا تستطيع المساعدة في حل هذه المشكلات بمعزل عن حليفتها ايران حتى ولو انتقل الحكم في لبنان الى حلفائها في قوى 8 آذار وباتت تقع عليهم مسؤولية تنفيذ القرارات الدولية ولاسيما القرار 1701، واستطاعت عبر مفاوضاتها المباشرة او غير المباشرة مع اسرائيل استعادة الجولان ثمنا لتغيير سلوكها حيال لبنان وحيال فلسطين لانها تخشى ان ينتقل الخوف على امنها القومي من لبنان الى ايران وهو الخوف الاشد الذي لا يزول الا بتغيير النظام او الحكم في هذا البلد...


عبور الجسر قبل الوصول اليه ...
صحيفة الأنوار
رؤوف شحوري
لا يمكن عبور الجسر قبل الوصول اليه... ومع ذلك فإن من مستلزمات المعركة الانتخابية في لبنان خطاب سياسي وإعلامي يبني الجسور ويهدمها ويعبرها قبل الوصول اليها عند اللزوم! والأنظار تتجه في هذه الآونة الى القوى الرئيسية في البلاد وتترقب إعلان لوائحها الانتخابية في الدوائر المختلفة مع اقتراب موعد إقفال باب الترشيح. والأجواء تزداد سخونة في السباق والتنافس بين التكتلين الكبيرين، ولكن في ظروف مناسبة ونبرة مقبولة، توحي حتى الآن بأن هذا الاستحقاق سيمر بسلام.
***
بعض مَن (يعبر الجسر قبل الوصول اليه) يثير منذ اليوم تكهنات حول الشخصية التي ستتولى رئاسة الحكومة بعد الانتخابات. ومع ان هذا الطرح يبدو سابقاً لأوانه لأنه يرتبط بصورة عضوية بنتائج الانتخابات وطبيعة الأكثرية النيابية التي ستفرزها، على اعتبار أن هذه الأكثرية هي التي ستسمّي الشخصية التي ستشكّل الحكومة نتيجة الاستشارات الملزمة. غير أن الأمر قد لا يكون على هذه الدرجة من البساطة، وقد تسفر نتائج الانتخابات عن حالة لا يتم فيها تسمية الرئيس المكلَّف بصورة (أوتوماتيكية).
***
في حال فوز قوى (14 آذار) بالغالبية النيابية فلا يزال من غير الواضح حتى الآن مَن هي الشخصية التي سترشحها لرئاسة الحكومة الجديدة، والسؤال الذي يتردد حالياً في كواليس السياسة هو: هل سيتقدم زعيم تيار المستقبل سعد الحريري الى الواجهة? وهل ستدعم التطورات والمصالحات العربية هذا الترشيح? أو هل تضع هذه القوى في اعتبارها إمكانية العودة الى ترشيح فؤاد السنيورة لتشكيل الحكومة الجديدة? أم أنها (تنام) على ورقة خفية وإسم لا يزال طيّ الكتمان?!
***
في حال فوز قوى (8 آذار) بالأكثرية فإن الوضع سيختلف ويتغيَّر تماماً وإن في حدود معينة. والموقف المعلَن لهذه القوى يدعو الى مشاركة الطرف الآخر في حكومة وحدة وطنية مع ثلث ضامن... فهل يشمل ذلك قبول ترشيح شخصية من قوى (14 آذار)? هل هذا ممكن? أما في حال إصرار هذه القوى على البقاء في صفوف المعارضة، فإن الأكثرية الجديدة لقوى (8 آذار) لن تجد صعوبة في ترشيح شخصية تتولى تشكيل الحكومة الجديدة.
***
في كل الأحوال، سيشهد اللبنانيون في حينه تجاذبات حادة حول هذا الموضوع، قد لا يمكن حسمها بسهولة، مما قد يتسبب بأزمة تكليف. وفي هذه الحالة قد يكون المخرج بالنسبة لرئاسة الحكومة هو نفسه الذي اعتمد في أزمة انتخابات رئيس الحكومة، أي في التوجه نحو (رئيس حكومة توافقي) تجتمع صفاته في شخصية من وزن الرئيس نجيب ميقاتي.


قبل أسبوع من إقفال باب الترشيحات
صحيفة النهار
علي حماده

عادة تكون الانتخابات النيابية في البلدان الراقية مناسبة للتباري حول البرامج السياسية والاقتصادية والاجتماعية، في لبنان جاءت انتخابات 2005 الاولى بعد الانسحاب السوري من لبنان لتشكل مناسبة للتباري بين مشروعين يتصلان بفكرة الاستقلال او التبعية، بين قوى استقلالية خاضت معركة سياسية هائلة ضد الوصاية السورية، وقوى متحالفة مع الوصاية لا بل 'شاكرة' لها امتازت عن الاستقلاليين بالمناورة السياسية التي امنت لها، وبمساعدة الاستقلاليين، قتل 'الطريق الثالث'شيعياً من جهة، ومن ناحية اخرى نحر 'قرنة شهوان' على المستوى المسيحي لحساب من وُصف في تلك المرحلة من العمى السياسي بأنه 'زعيم المسيحيين'. معلوم ان 'الطريق الثالث' الشيعي الذي خرج في مرحلة 'ثورة الارز' عن سياقات الثنائي 'حزب الله' وحركة 'أمل' غامر كثيراً في خياراته الوطنية الاستقلالية في وقت كان التنظيمان ولا يزالان يمسكان بقبضة من حديد ونار بالحراك السياسي على الساحة الشيعية، مانعين قيام حالة مستقلة تعتمل في الجسم الشيعي منذ وقت وتحاول ان تجد لها مكانا في المشروع الاستقلالي. انما وكما في كل مرة تدور الدائرة ويعود الاستقلاليون الى روحية 'التحالف الرباعي' الذي وان يكن يغطي الفئة الاقوى شيعيا، فإنه حتما لا يعبّر عن كل الشيعة، اكثر من ذلك فإنه لا يعكس روحية 'ثورة الارز' على الاطلاق.
في المقلب الآخر، اي في الصف المسيحي، صورة متجددة لمعركة 2005 مع تعديل جوهري يتمثل بتبدّل الصورة التي اختلطت على الناخب المسيحي عام 2005 فأعطى ما توهّم أنه مشروع السيادة والاستقلال والحرية الحقيقية صوته وقراره. لكن الصورة اليوم أكثر وضوحاً وما عاد في المستطاع تجاهل ما حصل في السنوات الاربع المنصرمة، من تغطية للاغتيالات، ومساهمة في احتلالات، ومغالاة في تأييد غزوات أهلية، وإجازة لحروب إقليمية بالريموت كونترول، واندفاع في تعطيل المؤسسات الدستورية، وتعريض لموقع رئاسة الجمهورية بمنع الانتخاب لأكثر من ستة أشهر.
توضحت الصورة، وما عاد هناك مبرر لضياع الناخب المسيحي بين خطين متناقضين، اللهم ما خلا ذلك الجزء الآخر المزعج من الصورة في المقلب الاستقلالي حيث باتت القاعدة الشعبية الاستقلالية تتبرّم من التأخّر في الاعلان عن اللوائح المشتركة إلى حد أن كثيرين قد يبقون في منازلهم يوم السابع من حزيران إذا لم يوضع حد عاجل للتنافس الذي تمادى فيه أصحابه.
نعود الى المشاريع والبرامج: صحيح أن معركة الاستقلال لم تنته، وصحيح أن معركة تثبيت مشروع الدولة لم تنته أيضاً. ولكن حبذا لو أعطي للمعركة الانتخابية التي صارت على الأبواب عناوين مصاحبة تتصل بالاقتصاد، والاجتماع، والثقافة فلا تتوقف عند العناوين الكبرى وحدها.
وبعد أيام عندما يُغلق باب الترشيحات كم نود أن نرى تعجيلا في تشكيل اللوائح لوقف مسلسل التنافس المتمادي على المقاعد من جهة، ولننعم ربما بكلام آخر أكثر تركيزاً على شؤون الناس الحياتية، من المأكل، الى المشرب، فالملبس، والمدرسة، والمستشفى، من دون إغفال حقيقة كبرى، أن الناس ستكون مدعوّة إلى الاختيار بين مشروعين كبيرين في البلاد. إما لبنان الاستقلال وإما لبنان 'حزب الله'!

التقديرات الديبلوماسية تتوقع فارقاً ضئيلاً في نتائج الانتخابات
مواقف بعض المعارضة يعزّز المحاذير من احتمال فوزها
صحيفة النهار
روزانا بومنصف
يخرج معظم زعماء البعثات الديبلوماسية المعتمدة في لبنان من لقاءاتهم مع المسؤولين في قوى 14 او 8 آذار على السواء بانطباع يفيد أن الفارق بين الفريقين في الانتخابات النيابية المقبلة سيكون ضئيلا جدا، بصرف النظر عمن سيمتلك الاكثرية في هذه الانتخابات، علما أنهم جميعا تقريبا ينتهون الى الخلاصات نفسها حول من سيمتلك الاكثرية الجديدة.
ولكن لا يخفي بعضهم اعتقاده ان احتمال فوز 8 آذار بالاكثرية، في حال حصوله، سيرتب تبعات او انعكاسات جدية بالغة الاهمية على لبنان سياسيا واقتصاديا. فعلى الصعيد السياسي، الواضح بالنسبة الى هؤلاء ان لبنان لن يحظى على مستوى الاهتمام الدولي بما حظي به في كل المسائل والازمات التي واجهته في الاعوام الماضية، وسينعكس ذلك انحسارا ملحوظا فوريا في زواره الديبلوماسيين والسياسيين، في حين ان المخاوف الاقتصادية تطرح تحديات لا تقل أهمية من حيث قابلية الدول لعدم تقديم مساعدات الى لبنان كما كانت تفعل في الماضي القريب والبعيد ايضا، وخصوصا ان الازمة المالية العالمية تشكل الذريعة المناسبة لذلك في حال لم تقدم قمة الدول العشرين المنعقدة في لندن راهنا ما يطمئن الاسواق العالمية ويوحي لها الثقة. اذ ان هذه الازمة مرشحة عندئذ للاستمرار والتفاقم سنوات طويلة تراوح بين خمس سنوات وعشر سنين.
لا بل يرى هؤلاء، وهم ليسوا من الديبلوماسيين الغربيين المعروفين بعلاقات دولهم الوثيقة مع أركان قوى 14 آذار، ان لبنان سيواجه 'مشاكل جدية' يتحفظ هؤلاء عن الدخول في تفاصيلها او شرح ماهيتها. فحتى الآن واجهت بريطانيا ولا تزال مشكلة في اعلان اعادة تجديد اتصالاتها مع الجناح السياسي لدى 'حزب الله'، علما انه سبق لها ان أجرت اتصالات في الماضي مع الجناح السياسي للحزب، وهذا التجديد لا يزال يثير تساؤلات واستيضاحات متعددة عن اسبابه الحقيقية، باعتبار أن كل الاسباب التي أبديت حتى اليوم لم تكن شافية بالنسبة الى غالبية الدول المهتمة والمتابعة. ورد الفعل الذي ابداه بعض الدول علناً او ضمناً يشي بالكثير من التحفظ عن هذه الخطوة على رغم ان لبعض الدول اتصالاته مع الحزب وان تكن محصورة في النواب او الوزراء الذين يمثلون الحزب في الحكومة.
ويلفت هؤلاء الى ان اي تطمينات لم تصدر عن قوى 8 آذار باعتبار ان حصولها المحتمل على الاكثرية يثير تحفظات وقلقاً، علماً انه يتعين على هذه القوى ان تقدّم تطمينات وخصوصاً ان الضجيج المفتعل حول تغييرات جذرية وحاسمة من بعض اركان هذه القوى في ما يتعلق بالمصارف او بمؤتمرات باريس لدعم الاقتصاد اللبناني والديون المترتبة على الدولة اللبنانية، اثار استغراباً واسئلة لم تلق اجوبة واضحة. فهناك كلام يلقيه بعض اركان قوى 8 آذار على انه كلام للاستهلاك الانتخابي والتعبئة ضد الخصم ليس الا، باعتبار ان شعارات المعركة لا تبدو ذات اهمية محفزة، في حين تترتب عليه انعكاسات خطرة في حال اعتمدت هذه المواقف لاحقاً اذا تسلم هؤلاء الحكم. يضاف الى ذلك ان الكلام المهم لمسؤولين من 'حزب الله' على الاتجاه الى اعتماد المقاومة من اجل الدفاع عن لبنان فحسب وليس لاي أمر آخر خارج لبنان، مريح الى حد ما، لكنّ بينه وبين مرتبة الضمانات بوناً شاسعاً، وخصوصاً ان دولاً متعددة تشارك في القوة الدولية العاملة في الجنوب وهناك حكومة جديدة في اسرائيل برئاسة بنيامين نتنياهو. فهل يمكن ان تعيد بعض الدول النظر في مشاركتها، وان الرمزية، في القوة الدولية العاملة في الجنوب في حال ورود معطيات سياسية جديدة مختلفة عن الواقع الحالي على صعيد الحكم في لبنان في المرحلة المقبلة؟ انه امر يخضع للدرس والمتابعة، على ما يقول بعض هؤلاء، على رغم انه لم ينظر في احتمال فوز قوى 8 آذار على انه اتجاه حاسم بينما يقول بعض آخر ان الجواب، ولو توافر، يصعب كشفه بذريعة احتمال توجيه اتهام بالتدخل في الانتخابات ونتائجها. وهذا ما يسري في اي حال على حركة الديبلوماسيين المنحسرة الى حد كبير، على رغم اهتمامهم الكبير بالاستحقاق الانتخابي المقبل. والانحسار مرده الى الذريعة نفسها، اي عدم اعطاء الانطباع باهتمام بفوز هذا الطرف او ذاك، بينما هناك من يتحفظ عن الحركة وابداء اي رأي في الانتخابات، خشية ان بعضهم يوظفها طرف ضد الطرف الآخر مما قد ينتج مفعولاً سلبياً لاي موقف يبديه هؤلاء الديبلوماسيون.
وثمة معنيون في قوى 8 آذار يعتبرون ان هذا الكلام في ذاته هو بمثابة محاولة للتأثير على نحو مسبق في نتائج الانتخابات. لكن الديبلوماسيين المعنيين يقولون ان الامر هو مجرد مؤشرات الى واقع يعرفه اركان هذه القوى جيداً بالنظر الى قراءة الاوضاع الاقليمية الأخيرة وتطوراتها على نحو جيد، ولكن يتعين ان يكون هذا الواقع واضحاً امام اللبنانيين ايضاً.

2009-04-02 11:29:55

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد