صحف ومجلات » مقالات وتحليلات الصحف اللبنانية الصادرة صباح اليوم الثلاثاء 28/4/2009

ـ صحيفة السفير
عبد الرحيم شلحة:
لائحة تحالف حزب الله ـ أمل ـ الأحزاب تعلن اليوم من داخل قلعة
تعلن عند الخامسة من بعد ظهر اليوم لائحة تحالف حزب الله ـ أمل الأحزاب في دائرة بعلبك ـ الهرمل، «يسميها البعض لائحة الوفاء للمقاومة» من أمام معبد باخوس داخل قلعة بعلبك حيث من المفترض أن يعلنها السيد حسين الموسوي «أبو هشام» بحضور حشد من رؤساء البلديات ومخاتير وفعاليات المنطقة. واللائحة تضم عن الشيعة ستة مرشحين هم: حزب الله أربعة مرشحين (حسين الموسوي ـ حسين الحاج حسن ـ علي المقداد ـ نوار الساحلي) ـ مرشح حركة أمل غازي زعيتر ـ مرشح حزب البعث عاصم قانصوه. سنة مرشحان: مرشح جبهة العمل الإسلامي كامل الرفاعي والوليد سكرية ـ المرشح عن الحزب القومي مروان فارس عن المقعد الكاثوليكي ومرشح حزب التضامن عن المقعد الماروني إميل رحمة.
وأعلنت مصادر متابعة لماكينة حزب الله الانتخابية ان توحيد الماكينات الانتخابية لتحالف الأحزاب سيبدأ خلال اليومين المقبلين وسيتم تنفيذ سلسلة من اللقاءات والمهرجانات الانتخابية المشتركة بهدف شد عصب الناخبين للمشاركة في عمليات الاقتراع، وستتوج بمهرجان شعبي مركزي في منطقة رأس العين في بعلبك يطل خلاله الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله عبر شاشة كبيرة.
ـ صحيفة السفير
عماد مرمل:
جنبلاط يعتبر أن لا شبَه بين كلينتون ورايس «لأن كل شيء تغير»
من أنفلونزا الخنازير إلى الأنفلونزا السياسية: واشنطن بلا مخالب
لعل «حواس» رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط هي الأكثر قدرة على التقاط الفوارق بين الأمس واليوم، باعتباره عايش «الحلو والمر» مع الادارة الاميركية السابقة قبل ان تقوده براغماتيته الى مقاربة مختلفة للمشهد الإقليمي والدولي، وهو قال لـ«السفير» في معرض توصيفه للحظة التي اتت فيها هيلاري كلينتون الى بيروت، قياساً الى زمن رايس: «كل الوضع اختلف، وكل الظرف تبدل... لا مجال للتشبيه بين كلينتون ورايس... المعطيات الاقليمية تغيرت جذرياً، العلاقة الاميركية مع سوريا وإيران تمر في مرحلة مختلفة، العراق ملف مفتوح، والأخطر هو وضع باكستان المتداعي والذي يشكل الأولوية لواشنطن، لا سيما ان «طالبان» أصبحت على مقربة من إسلام آباد». وأضاف: لقد عبرت كلينتون عن دعم الولايات المتحدة لرئيس الجمهورية والدولة، وهذا «مش عاطل»، ولكن أعود وأكرر أن المعطيات التي تتحرك على إيقاعها لم تعد هي ذاتها بالمقارنة مع الماضي.
وامتداداً لهذه الاستنتاجات الجنبلاطية، يرى أحد منظري 14 آذار ان لا شيء استثنائياً في زيارة وزيرة الخارجية الاميركية، ولعل الاشارة الهامة الوحيدة التي أمكن التقاطها خلال ساعتين من وجودها في بيروت تكمن ـ من وجهة نظره ـ في تأكيدها ان لا مساومة على لبنان ولا عودة الى منطق الصفقات الذي تجلى عام 1976 بإبرام هنري كيسنجر صفقة مع الرئيس حافظ الاسد، كُلف بموجبها النظام السوري بإدارة الملفين اللبناني والفلسطيني، ثم تجدد هذا التفويض عام 1991 حين احتاجت واشنطن الى الحصول على تغطية سورية لهجوم التحالف الغربي على الجيش العراقي في الكويت.
عدا ذلك، يسود في صفوف قوى الأكثرية انطباع بأن كلينتون كانت «متحفظة» في مواقفها وتحركاتها، وإن تكن هناك محاولة لاعتبار تفقدها ضريح الرئيس الشهيد رفيق الحريري، بحضور رئيس تيار المستقبل، بمثابة تعزية للنفس او تعويض عن عدم حصول لقاء موسع معها، «لأن زيارة الضريح من قبل وزير الخارجية الاميركية هي خطوة لا تخلو من الدلالات».
ـ صحيفة النهار
إميل خوري:
الصوت المسيحي يقرّر مصير لبنان هوية وكياناً ونظاماً:
إما استقلال واستقرار وازدهار أو وصاية وخراب ودمار
اذا فازت قوى 8 آذار والمتحالفون معها بالاكثرية في الانتخابات النيابية المقبلة، فان قوى 14 آذار ترى ان هذه الاكثرية قد تذهب بلبنان الى المجهول ان لم يكن الى ما هو معلوم وهو خطير وذلك من خلال سلوك "حزب الله" في الداخل والخارج، اذ لن تقوم في لبنان حكومة مستقرة ما دامت الاكثرية اذا فازت بها قوى 8 آذار، تعلن بالفم الملآن انها اما ان تحكم مع من يريد مشاركتها في الحكم وبشروطها، او ان تعطل الحكم في لبنان كأقلية، اي انها ستعود الى ممارسة السياسة السلبية التي مارستها خلال السنوات الاخيرة، وهي استئناف العمليات العسكرية او الاستشهادية ضد اسرائيل من داخل لبنان وخارجه كي تعود الحرب بين لبنان واسرائيل، وهي حرب لم يعد يقوى اقتصاد لبنان الهش على تحمل عواقبها، وتبقى القرارات الدولية ولاسيما القرار 1701 حبرا على ورق، وتأخذ المحكمة ذات الطابع الدولي مسارا آخر تضيع معه الحقيقة ويذهب بها النسيان مع الوقت، وتعود الوصاية السورية غير المباشرة على لبنان عبر حلفائها في قوى 8 آذار، وقد تذهب الى حد فتح ابواب المحاكمات لمن يتهمون باهدار الاموال العامة فيتكرر المشهد الذي مرت به البلاد مع اول حكومة تألفت بعد التمديد للرئيس اميل لحود، فكانت محاكمات سياسية وكيدية اطاحت بمديرين عامين ثبتت براءة معظمهم في ما بعد. وقد يكون هذا ما عناه رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد عندما قال ثم استحى مما قاله فأخفاه: "نحن نريد من الانتخابات ان تفوز المعارضة بأكثرية نيابية تلغي كل مفاعيل الاكثرية النيابية (الحالية) التي لم تأت الى البلد الا بالتوتير وتضييع الهوية والرهان على الاجنبي ومفاقمة الدين العام، وحكومة رئيسها يعتبر نفسه فوق القوانين ويبيح لنفسه التصرف باموال الناس والمساعدات". وهدد بذهاب السلطة الحالية كما ذهبت سلطة بوش وسلطة اولمرت...
ـ صحيفة النهار
راشد فايد:
أبعد من فصام الشخصية
استهجان كلام النائب عن "حزب الله" ورئيس كتلته النيابية محمد رعد غير مبرر لا جملة ولا تفصيلاً. وتفاجؤ منتقديه بتخوينه الأكثرية النيابية والشعبية "يفاجع" الموقنين بأن "حزب الله" واحد مهما تقلب في أدواره، ومهما داهن في أقواله، ودلَّس في أفعاله.وإذا كان بعض أصحاب الإرادات الطيبة ظنَّ لوهلة أن كلام رعد ورهطه عن التمسك بالدولة، والحرص على التهدئة، وإجراء الانتخابات، هو موقف راسخ، فإن طيبتهم تكون أقرب إلى السذاجة منها إلى الفطنة.فالحزب الذي عامل بيروت كما كان يمكن أن يعامل اي مستوطنة اسرائيلية، متلطياً بمجموعات من الهامشيين والطفيليين، واعتدى على الآمنين في الجبل بمنطق غزو ديار الأعداء، وسعى إلى سلب الناس قرارهم الحر بقوة سلاح المقاومة، لم يخجل يومها من تبرير اعتدائه الشامل على الحسّ الديموقراطي والسلم الأهلي، بزعم رد مؤامرة صهيونية تنفذها الحكومة ضده.يومها صوّر الحزب نفسه أنه هو السلطة الشرعية التي يحق لها مد شبكة هاتف خاصة بها، بينما الحكومة الحائزة ثقة مجلس نواب منتخب من الشعب اللبناني، هي الجهة اللاشرعية، التي تعتدي على حقه بطلبها وقف التمديدات.
حال تذكر بمرض فصام الشخصية، على مستوى الافراد، لكنها أخطر من ذلك، كون الجهة التي تعيشها، تمارسها بوعي كامل: تدعو إلى قيام دولة قوية، وتقوّض أسس الدولة كل يوم. لكن كل ذلك لا علاقة له بفصام الشخصية، بل هو التورية أو الباطنية التي تسمح للحزب بأن ينكر تبعيته لايران. على رغم تصريح أمينه العام بأنه يؤمن بولاية الفقيه، بكل أبعادها. وهو في الأمرين صادق، لأن المؤمن بهذه الولاية ليس عميلاً أو حليفاً، بل هو جزء منها. كذلك الأمر، في إدعاء الحرص على الكيان اللبناني والمشاركة في الحياة السياسية في لبنان، فذلك ليس لتعزيزها بل من أجل تعجيل الوصول بها إلى عصر الجمهورية الإسلامية.
ـ صحيفة الأخبار
إبراهيم الأمين:
ميشال سليمان في عزلته: لا كتلة وسطيّة ولا من يتــوسّطون
على قاعدة ليس في كل مرة تسلم الجرّة، أكل ميشال المر الضرب وشبع. كان يهدّد قبل أربعة شهور بأنه لن يتحالف مع العماد ميشال عون إلا إذا أعطاه ثلاثة مقاعد في المتن ومقعدين في بعبدا وبيروت ومقعداً في كسروان، ويضمن له مسبقاً بقاء نجله إلياس وزيراً في الحكومة المقبلة بصفة نائب رئيس للحكومة.لم يكتف المر الأب بهذه المعادلة، بل حملها إلى القصر وحاول إقناع رئيس الجمهورية ميشال سليمان، منطلقاً من أنه حان الوقت لأن يضرب الرئيس بيده على الطاولة ويضع حداً للفريقين المتنازعين. وحتى يكون لضربة الكف مفعولها، لا بد أن يكون للرئيس كتلة نيابية قوية. وأخرج المر من أدراجه تقارير واستطلاعات للرأي ودراسات تعود إلى زمن غازي كنعان، وقال لجميع من حوله ولرئيس الجمهورية، إن عون انتهى، وإن الذين صوّتوا له في عام 2005 غادروه بعد أقل من عام، وإن تياره يشهد انقسامات داخلية، وسنصل إلى الانتخابات ولا يكون عون قادراً على تأليف لائحة.
بالطبع، لم يكن ميشال المر وحده من يلعب بعقل الرئيس، بل جاءه الفارّون من جحيم 14 آذار، لا الذين طردوا من جنتها قبل أسابيع، بل الذين يملكون حيثية شعبية ما في جبل لبنان المسيحي، وقالوا إنهم يمثّلون مع المر نواة كتلة نيابية ستجذب المستقلين الذين اضطروا إلى أن يكونوا مع المعارضة أو الموالاة. وخرج المنظّرون من الكتبة والمحلّلين ومحاربي المقاهي يتحدثون عن الحلف الذي سيجهز على العماد عون: الكنيسة وعلى رأسها البطريرك الماروني نصر الله صفير، رئاسة الجمهورية وشخصية العماد سليمان وحضوره الشعبي في جبيل، والجيش الذي لم يعد لعون فيه أي تأثير. واستمر نسج القصص وحياكة البذلات ورسم صورة الاحتفالات، حتى إنه جاء إلى رئيس الجمهورية من يقول له إن جميع القوى في جبهتي المعارضة والموالاة مستعدة لأن تتنازل لك عن مقعد هنا ومقعدين هناك ومقعد في تلك المنطقة، ولن يرفضوا لك طلباً... وعلى الأرجح صدّق الرئيس الأمر، لأن سلوكه في الفترة التي تلت هذا الجنون دلّ على ذلك.
ـ صحيفة الأخبار
نقولا ناصيف:
كلينتون تفادت الحرج وواشنطن تتعاون مع أي حكومة بالمفرّق
لكنّ مطّلعين عن قرب على الموقف الأميركي ـــــ وقد أعادت وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون تأكيده الأحد ـــــ يشيرون إلى معطيات، منها:
1 ـــــ لا تبدو واشنطن مستعجلة لتقرير موقفها من الحكومة الجديدة قبل جلاء توازن القوى الداخلي الذي سينبثق من انتخابات حزيران وموقع قوى 14 آذار فيه. وبحسب تقرير ديبلوماسي يستند إليه المطّلعون أنفسهم، فإن المعلومات التي بلغت إلى الخارجية الأميركية من مصادر لبنانية رسمية وحزبية حملت واشنطن على الاعتقاد بأن رئيس الجمهورية لا يريد لأي من الموالاة والمعارضة الحصول على الأكثرية المطلقة في البرلمان المقبل، وهو يراهن للحؤول دون ذلك على نجاح عدد من المستقلين يعطّلون ترجيح كفة أحد الطرفين على حساب الآخر. إلا أن التقرير الديبلوماسي يلفت في الوقت نفسه إلى ملاحظتين: إحداهما عدم كتمان واشنطن رغبتها في فوز قوى 14 آذار بالأكثرية الجديدة، والأخرى المسار الهادئ الذي تسلكه الحملات الانتخابية بلا توسّل العنف. وهو يعزو الملاحظة الثانية إلى أن كلاً من طرفي النزاع يعتقد أنه سيربح الأكثرية الجديدة، ولذا يتجنّب أي جهد يسبّب توتراً داخلياً يعرقل فوزه المحتمل.
2 ـــــ لا يستطيع الأميركيون الحكم سلفاً على أي حكومة مقبلة بردّ فعل سلبي لأكثر من مبرّر: أولها كي لا يُستشم من ردّ الفعل المبكر استهداف رئيس الجمهورية ميشال سليمان الذي يحظى بدعم أميركي غير مشروط كرّرت الوزيرة الأميركية تأكيده، وثانيها أن رئيس الحكومة الجديدة ـــــ وإن في ظلّ فوز المعارضة بالغالبية ـــــ سينبثق من إرادة الطائفة السنّية التي يتزعمها النائب سعد الحريري، وهو حليف جدّي لواشنطن. وثالثها أن واشنطن اعتادت منذ حكومة الرئيس نجيب ميقاتي في نيسان 2005 التعاون مع الحكومة اللبنانية بالمفرّق. ولهذا الأمر دلالة خاصة كون حزب الله تمثّل في تلك الحكومة للمرة الأولى عبر وزير صديق هو طراد حمادة، قبل أن يُوزّر أول حزبي هو محمد فنيش في حكومة الرئيس فؤاد السنيورة في تموز 2005، ثم في حكومته الثانية في تموز 2008.
وتبعاً للمطّلعين أنفسهم، لم تبرم الإدارة، عبر سفارتها في بيروت، منذ نيسان 2005 أي برنامج مساعدات أو تعاون مع وزارة ترأسها وزير من حزب الله، ولا جلس السفير إلى جانبه، ولا صافحه حتى، في حين قدّمت مساعدات لوزارات أخرى شغلها وزراء مثّلوا تيارات سياسية مختلفة بمن فيهم وزراء الرئيس نبيه برّي.
ويعكس هذا الموقف التزام الإدارة بقانون كان قد أقرّه الكونغرس وَضَعَ حزب الله على لائحة المنظمات الإرهابية. أضف أنها كانت قد وجّهت، منذ حكومة ميقاتي، أكثر من مرة إلى المسؤولين اللبنانيين، وإلى حلفائها في قوى 14 آذار خصوصاً، رسائل صارمة ترفض توزير حزب الله في حقيبة تتصل بالدفاع والداخلية بسبب الاهتمام الذي توليه واشنطن للمؤسسات العسكرية والأمنية وبرامج مساعداتها، ولأنها لا تريد أن تمسي في عهدة الحزب.
ـ صحيفة الحياة
حازم الأمين:
القرار 1701 أقفل «سكك التهريب» في وجه المزارعين و«حزب الله» أحكم سيطرته عليهم... لبنان: الانتخابات لن تطرق أبواب بعلبك والأبواب مقفلة في وجه موسم الحشيشة
«لم تعد حالنا الى ما كانت عليه... العالم كله مجند لحصارنا، بدءاً من القرار 1701 الذي، وبدلاً من أن يحد من تدفق السلاح الى حزب الله، أفضى الى حصار محكم على سكك تهريبنا المخدرات عبر البحر، ومروراً بثورة المعلومات التي مكنت الجيش اللبناني، أثناء ملاحقته الفارين من آل جعفر، من استعمال «غوغل إيرث» في تعقبهم وتحديد أماكنهم، ووصولاً الى تسليط الصحافة الأضواء علينا بصفتنا خارجين دائماً على القانون». هذا ما قاله رجل من آل جعفر في حي الشراونة في مدينة بعلبك شرق لبنان، ذلك الحي الذي شهد مطاردات قام بها الجيش اللبناني لمطلوبين من عشيرة جعفر اقدموا على قتل 4 عناصر من الجيش قبل نحو أسبوعين.
يقول م. جعفر ان إقدام أقاربه على قتل عناصر من الجيش اللبناني لم يكن إلا رد فعل على قتل الجيش شقيقهم ورجلاً آخر من آل جعفر في كمين كان من الممكن فيه تفادي قتلهم. ويؤكد ان الدورية التي استهدفها أشقاء القتيل هي نفسها التي نفذت الكمين قبل نحو شهر. ويشير الى ان «ابناء العشيرة كانوا ينوون مقاطعة الانتخابات النيابية احتجاجاً على تلكؤ كل من حركة «أمل» و«حزب الله» عن احتضانهم في أعقاب مقتل الرجلين، ولكن بعد إقدام أشقاء القتيل برد فعلهم تولى حزب الله تبريد الأجواء مع الجيش اللبناني، ما جعلنا نعدل عن مقاطعة الانتخابات».
حزب الله في بعلبك – الهرمل هو الدولة البديلة على رغم عدم إتمامه مهمة الدولة هناك. إذ يجمع أبناء المنطقة ان هناك اكثر من ثلاثين ألف متفرغ من أبناء المنطقة في أسلاكه العسكرية والأمنية والاجتماعية والتربوية. لكن البقاع الشرقي وعلى رغم آلة الحزب الهائلة، وعلى رغم رسوخه في قناعات السكان وفي وجداناتهم، ليس منطقة يمكن للحزب ان يأمن لوقائعها. فخلافاً للجنوب اللبناني الذي استقر فيه الحزب من دون منافس، يبقى البقاع في حاجة دائمة ومتواصلة للتطويع. ثمة عشائر تشكل وحدات سياسية واجتماعية مستقلة عن الحزب، وعلى هذا الأخير ان يواصل العمل لتطويعها، وإلا عادت وانبعثت على نحو لا يناسب تطلعه. وفي البقاع الشرقي ايضاً نحو 70 ألف ناخب غير شيعي يشكلون اندفاعة أولية لأي لائحة تطمح لمنافسة لائحة «حزب الله». وهناك أيضاً معضلة ثالثة تحتاج دائماً الى المعالجة من قبل كل من «أمل» والحزب وتتمثل في ان زعامة الشيعة في لبنان عقدت لقيادات من الجنوب اللبناني مما ترك مشاعر إحباط بقاعية أكيدة لكنها مضمرة حتى الآن ولا تقوى على منافسة الحضور الكبير للحزب ومؤسساته المختلفة.
زائر البقاع الشرقي في موسم الانتخابات هذا لن يشعر باحتدام الموقف في ظل اقتراب موعد الاقتراع. لا صور لمتنافسين ولا جولات يجريها المرشحون، والمنطقة مستسلمة لقدرها الذي اسمه في هذه الأيام «حزب الله». ويبدو ان هذا الأخير صار يجيد اللعب مع السكان سواء كانوا من أبناء العـــشائر أو من أبناء العائلات، فهو في الوقت الذي أهمل فيه العشائر كوحدات اجتماعية وسياسية، عاد وأنشأ صلات معها من مداخل أخرى، منها تقديم خدمات الرعاية الأمنية والاجتماعية والمالية، ومنها ايضاً رسم حدود للقوى الأمنية لا يمكن تجاوزها سواء أثناء تصادمها مع مجموعات من أبناء العشائر، أو أثناء سعيها إلى بناء مواقع نفوذ لها في أوساطهم.
وإذا كانت لائحة «حزب الله» الانتخابية في بعلبك - الهرمل لا تضم وجوهاً من العشائر، وهو ما أثار حفيظة كثيرين هنا في البقاع الشرقي، إلا أن التذمر العشائري لم يرق الى مستوى الاحتجاج اقتراعاً أو ترشحاً. فيقول ياسين جعفر، وهو نجل أحد زعماء آل جعفر: «التقينا نحن مجموعة من الوجوه العشائرية في البقاع الشرقي وأبلغنا الحزب احتجاجنا على عدم تمثيل العشائر في لائحته الانتخابية». لكن «حزب الله» يملك مفاتيح العلاقة مع هذه العشائر، فالسمة الأبرز للواقع العشائري البقاعي هذه الأيام هو التردي الاقتصادي وحال الفقر والبطالة التي تسود أوساط السكان في تلك المنطقة، وانعدام المشاريع الإنمائية على مدى نحو عقدين من الزمن هما الوقت الذي تم خلاله وقف زراعة الحشيشة التي كانت مصدر أرزاق الناس هناك.
تمكن «حزب الله» من إخضاع العشائر، وخريطة الترشح الى الانتخابات النيابية المقبلة تؤكد ذلك، إذ ان وجهاً عشائرياً واحداً لم يتمكن حتى الآن من الترشح في وجه لائحة الحزب. والحزب استعمل في إخضاع العشائر له مختلف الوسائل سواء المالية والخدمية والضغوط الأمنية واحتكار العلاقة مع الدولة وأجهزتها. وثمة عامل آخر ساعد الحزب في مساعيه ويتمثل في دور الحدود اللبنانية - السورية، اذ لطالما شكلت هذه الحدود رافد تهريب لأبناء العشائر ما مكن السلطات السورية من إنشاء نفوذ لها عوض الحضور الأمني المباشر بعد الانسحاب السوري من لبنان، ويبدو ان الأجهزة السورية جيرت هذا الدفع لمصلحة «حزب الله»، ما مكن هذا الأخير من إتمام سيطرته على العشائر.
لا شك في أن من يطمح لمراقبة الواقع الانتخابي في البقاع الشرقي سيختلط في المشهد أمامه عناصر الفقر المدقع مع واقع زراعة الحشيشة وصعوبات تصريف منتوجها، مع نفوذ «حزب الله» والموقع الذي حدده الحزب لهذه المنطقة في خريطة وظائفه المختلفة. ولكن المراقب سيحار أيضاً من انكفاء خصوم الحزب ومن عدم رغبة أي طرف في مقاومة الأمر الواقع هناك. فمقومات هذه المقاومة متوافرة في حال توافر الرغبة في ذلك، سواء عبر التركيبة الطائفية ام عبر الواقع العشائري الذي تجاوزه «حزب الله».
المسافة من حي الشراونة في مدينة بعلبك حيث تقيم عائلات من آل جعفر الى الدار الواسعة غربي المدينة حيث القرية التي تعتبر مصيفاً للعشيرة نفسها تبلغ نحو 15 كيلومتراً. وما أن داهم الجيش اللبناني حي الشراونة، في أعقاب مقتل عناصره، حتى غادر شبان من آل جعفر منازلهم في الدار الواسعة متوقعين ان تعقب مداهمة منازلهم في المدينة مداهمة في القرية. ويقول أبناء القرى المجاورة للدار الواسعة ان «الطفار» من آل جعفر ومن غيرهم من العائلات والعشائر لجأوا الى الجرود البعيدة. الجيش اللبناني شديد الحذر في تعقبهم، و«حزب الله» يرعى وساطات، اما المتهمين مباشرة بقتل عناصر الجيش فلن يعودوا في المدى المنظور إذ أن المشانق تنتظرهم.
ـ صحيفة الحياة :
الطفيلي لـ «الحياة»: كان بامكان «حزب الله» أن ينقذ لبنان بدل أن يكون مأزقه
يعتبر الشيخ صبحي الطفيلي الأمين العام السابق لـ «حزب الله» وأحد مناوئيه هذه الأيام من الوجوه البقاعية القليلة المعترضة على دور الحزب في منطقة البقاع الشرقي والشمالي. هنا حديث معه حول الوقائع الانتخابية والسياسية في البقاع وحول موقع الشيعة في المأزق اللبناني الراهن.
(...) أنا حتى أفوز بزعامة الشيعة أشطر اللبنانيين. أنا لا أتوقع من كثيرين اصلاح البلد، ولكن كنت أتوقع من ناس يدعون انهم متفانون وخرجوا من رحم المقاومة ولم تلوث أيديهم بالسرقات أتوقع منهم غير ما فعلوه في بيروت. وحتى اليوم، أتمنى منهم أن يعيدوا النظر بكل ما فعلوه. أن يعودوا الى ما عاهدنا الله أن نفعله فتصبح المقاومة في أعز موقع لها. إذا أردنا أن نفكر بالموجود على الأرض، التيارات الأخرى القائمة حالياً أغلبها كان جزءاً من مصيبة البلد، الجهة الوحيدة التي تستطيع أن تقول انها لم تشارك في نهب ثروة البلد هي «حزب الله»، صحيح أنهم في الفترة بين 1992 و2005 يتحملون المسؤولية عن تغطية الانتهاكات من دون المشاركة المباشرة. يا سيدي قد يغفر لهم ذلك، ولكنهم الجهة الوحيدة التي تستطيع أن تقول انها لم تلوث يدها بالمال العام، ولها ماضٍ مشرق. وهم لهم امتداد شعبي وحضور أمني وعسكري يستطيع أن يستقطب.اليوم ومن خلال أشخاص لم يلوثوا بالنزول الى رياض الصلح أو بصراعات الشوارع، يمكنهم أن يخرجوا الى الناس بشعار بناء الدولة والالتزام بالقانون، يستطيعون أن يفعلوا ذلك. صحيح أنهم ملتزمون بقرارات خارج لبنان. وهذا مؤكد وهم لا يستطيعون الدخول الى بيروت كما فعلوا في 7 أيار منفردين. هذا لم يكن قرارهم، ولكن أنا أخاطب من يقف وراءهم. ما هي مصلحة ايران في معركة سنية - شيعية في لبنان أو في خارج لبنان.
الشيعة في لبنان ليسوا ايران لكنّ هناك توجهاً سياسياً دولياً اقليمياً لدفع الشيعة كلهم نحو ايران. أنا ابن المنطقة هنا وأعرف جيداً الشيعة في العراق. من الصعب على شيعة العراق أن يدوروا في الفلك الإيراني لكنهم يدفعون دفعاً الى ذلك. وكأن هناك مصلحة لخلق مناخ مستفز سنّي - شيعي يؤدي الى هذا الفرز. من المستفيد اليوم من الأزمة بين الشيعة والسنّة. الأميركيون مستفيدون من دون شك. ولو أن الشيعة يملكون فسحة من خيارات لما اختاروا ايران.
أنا أعطيك مثالاً عن نفسي. أنا صبحي الطفيلي مؤسس «حزب الله» وكان لي موقعي في لبنان والعراق قبل أن أصبح أميناً عاماً لـ «حزب الله». أنا قضيتي مع القضاء اللبناني تتمثل في طلبي فتح الملف والنظر في مدى ادانتي من عدمها. حاولوا تطويعي فلم يتمكنوا فركبوا لي ملفاً للحد من حركتي. أنا ما أقوله أنني إذا كنت مداناً فأنا حاضر للإدانة وإذا كنت بريئاً فلتقل المحاكم ذلك. من اليوم الذي جاء هؤلاء الى السلطة لو أن ملفي عالجه القضاء من دون محاباة، فمن المؤكد أن هذه المنطقة لم تكن كما هي الآن، كنا بالتأكيد فعلنا الكثير ومنعنا الكثير من المآسي.

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد