صحف ومجلات » مقالات وتحليلات الصحف اللبنانية الصادرة صباح اليوم السبت 13/6/2009

ـ صحيفة الأخبار
حسن عليق :
عادت القنوات الخلفية بين حزب الله وتيار المستقبل للنشاط الحثيث خلال الأيام القليلة الماضية، بعدما كانت قد هدأت وتيرة عملها، وإن لم تنقطع، خلال الأشهر القليلة الماضية. وتتمثّل هذه القنوات بثلاثة خطوط اتصال. يتكوّن الأول من المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي ورئيس غرفة العمليات العقيد حسام التنوخي ورئيس وحدة الارتباط والتنسيق في حزب الله وفيق صفا، مدعومين برئيس فرع المعلومات العقيد وسام الحسن. أما الثاني، فهو المبنيّ على العلاقة الدائمة بين مستشار الرئيس الشهيد رفيق الحريري، الزميل مصطفى ناصر، والمعاون السياسي للأمين العام لحزب الله حسين الخليل. أما الخط الثالث، فهو الذي يفضّل أصحابه البقاء في الظل، وهم يعملون على فتح &laqascii117o;بريد" غير مباشر بين كل من حزب الله وسوريا وتيار المستقبل والنائب وليد جنبلاط. وفيما لم يهنئ حزب الله رسمياً بعد زعيم تيار المستقبل بفوزه وفريقه بالانتخابات النيابية، بدأت هذه القنوات تمهيد الأرضية للقاء بين السيد حسن نصر الله والنائب سعد الحريري، على أن تُحسَم خلاله تفاصيل تأليف الحكومة المقبلة.
على الخط الأول، ولئن كانت العلاقة بين حزب الله ورئيس فرع المعلومات قد تأرجحت بين الوصل والقطع غير الكاملين، إلا أنها تميزت بالثبات مع ريفي والتنوخي. ورغم أن البعض أكّد أن كشف فرع المعلومات لشبكات تجسس تعمل لحساب الاستخبارات الإسرائيلية سيؤدي إلى تحسّن العلاقة بين قيادة فرع المعلومات والمعنيين في حزب الله، فإن الثقة غير الكاملة (إن لم يكن انعدامها) بقيت سيّدة نظرة كل منهما إلى الآخر. ومع أن البعض يحمّل وسامَ الحسن مسؤولية كبيرة في توسيع الهوة بين حزب الله وتيار المستقبل، فإن ذلك لم يمنعه من أداء دور محوري في تقريب وجهات النظر بين التنظيمين الأكثر شعبية في لبنان. ففي الأيام القليلة الماضية، كان التواصل مباشراً بين ريفي والتنوخي وصفا، فيما كان الحسن ينقل أجواء الحوارات الدائمة إلى سعد الحريري، وخاصة أن الأخير يمنح ثقة كبيرة للضابط الذي رافق والده الشهيد رفيق الحريري مدة 10 سنوات متواصلة.
وذكر مسؤول مطلع على عمل قنوات التواصل أن إحداها نقلت أمس رسالة &laqascii117o;رسمية" من حزب الله إلى تيار المستقبل مفادها أن الأول يصر على أن مشاركة المعارضة في الحكومة المقبلة تقتضي حصولها على الثلث المعطل. في المقابل، أكّد مقربون من النائب سعد الحريري أنه تعمد عدم إعلان رفض منح الثلث المعطّل للأقلية لأنه يعلم أن التوافق السعودي ـــــ السوري على التهدئة وتأليف حكومة وحدة وطنية في لبنان قد يفرض عليه القيام بخطوات أكثر انفتاحاً على الأقلية، وبالتحديد باتجاه فريق الأكثرية الشيعية. وفيما يشير أحد العاملين على خط المفاوضات بين الطرفين إلى أن &laqascii117o;الثلث الضامن" ووجود نص واضح في البيان الوزاري للحكومة المقبلة عن الحفاظ على سلاح المقاومة يمثّلان مطلب الحد الأدنى لحزب الله، رأى &laqascii117o;زميلان" له (من قناتين منفصلتين) أن ما يطرح اليوم لا يصب إلّا في خانة رفع كل متفاوض سقف مطالبه قبل الدخول في الحوار المباشر الذي سيُرسي الشكل النهائي للحكومة المقبلة. ويلفت أحدهم إلى أن صيغة واضحة للبيان الوزاري عن سلاح المقاومة قد تدفع حزب الله إلى الاستغناء عن المطالبة بالثلث زائداًَ واحداً. وفي هذا الإطار، يسلّط المسؤول المطّلع الضوء على كلام النائب سعد الحريري قبل أيام عن ضرورة إعطاء ضمانات لبعض الأحزاب، عندما كان يرد على سؤال عن مستقبل سلاح حزب الله. لكن النائب وليد جنبلاط أعلن معارضته مبدأ الثلث المعطل، فكيف سيجري إرضاؤه وهو الذي لا يمكن سعد الحريري السير في أيّ اتفاق من دونه؟ يجيب واحد ممّن يناقشون جنبلاط خلف أبواب مغلقة أن الأخير لن يقف حجر عثرة أمام أي حل، بل هو سيكون أمام سعد الحريري عندما يتجه الأخير لملاقاة الأقلية النيابية
ـ صحيفة الأخبار
إبراهيم الأمين :
حزب الله مراجعاً الانتخابات: الخسارة نفسيّة لكن الثوابت صمدت
&laqascii117o;خسارة نفسية ومعنوية، لكن الانتخابات لم تفرز وقائع جديدة يمكنها أن تغيّر من الوقائع السياسية الداخلية". هذا ما يخلص إليه مرجع بارز في حزب الله في معرض تقويمه لنتائج الانتخابات. وفي الحزب من استعان بدعاء يتلوه المؤمن لمخاطبة ربه قائلاً: &laqascii117o;ولعلّ الذي أبطأ عني هو خيرٌ لي لعلمك بعاقبة الأمور"
منذ تكوّن المعارضة وحدةًَ سياسية إثر استقالة وزراء حركة &laqascii117o;أمل" وحزب الله من حكومة الرئيس فؤاد السنيورة الأولى، بدا حزب الله قريباً جداً من التيار الوطني الحر. كان الحزب قد انتهى من تقويم غير عادي لموقف اللبنانيين وأحزابهم من العدوان الإسرائيلي عام 2006، ولم يكن أحد بحاجة إلى أن يسمع موقف الحزب إزاء تصرف التيار الوطني وقائده العماد ميشال عون، إذ تقرر بأسرع ما يمكن في مجلس شورى الحزب ـــــ وهو أعلى هيئة قيادية ـــــ تبنّي ترشيح عون لمنصب رئاسة الجمهورية، وأدّى الحزب دوراً في إقناع آخرين بهذا الترشيح، علماً بأن الكل كانوا يتصرفون على أساس أن وصول عون إلى قصر بعبدا دونه صعوبات كثيرة.
ومع وصول البلاد إلى الحائط المسدود، فالانفجار الجزئي في 5 أيار من العام الماضي، ما جعل الأمور تتطور بين السابع والحادي عشر من الشهر نفسه في بيروت وجبل لبنان، كان اتفاق الدوحة ومحصلته أساس التفاهم السياسي الجديد بين قوى المعارضة. دافع حزب الله بقوة عن مطلب العماد عون إقرار قانون القضاء، ودفع مقابل ذلك تعهداً لرئيس المجلس النيابي نبيه بري بأن يحتفظ بكتلته النيابية كما هي، ولو على حساب حصة الحزب. ومن يوم تأليف الحكومة الجديدة، انطلق حزب الله والحلفاء في معركة الانتخابات كما هي حال فريق 14 آذار.
إلى جانب كل المناقشات التي ظلت مستمرة بين الحزب وقيادات قوى المعارضة الأخرى بشأن الانتخابات وآلياتها ونتائجها وما لها وما بعدها، كانت قيادة حزب الله تناقش الهدف الفعلي للحزب من هذا الاستحقاق، وقد عرضت آراءً عدة، بينها التمهل وعدم الذهاب بعيداً في معركة قد تؤدّي إلى انهيار الاستقرار في لبنان، ومنها ما دعا إلى عدم المبالغة في الأهداف. فقد لا تكون مصلحة المقاومة، التي تظل في رأس أولويات الحزب، في أن تفوز المعارضة في الانتخابات. ومنها أيضاً، تقدير ردة الفعل العربية والدولية على فوز المعارضة واحتمال حصول انعكاسات سلبية على البلاد عموماً. لكن كان لا بد من قرار. وبعدما جرت تقويمات لمختلف الأمور، كانت قيادة حزب الله تضع أمامها العنوان الكيدي الذي يستخدمه خصوم الحزب والمعارضة في الحملة، وهو أن فوز المعارضة يعني تحكم حزب الله في البلاد، ويعني أن لبنان مقبل على تجربة شبيهة لتجربة غزة.
كانت الآراء حيال هذه المقاربة متقاربة بشدة، إذ إن لبنان ليس مثل قطاع غزة، وإن الائتلاف الذي يجمع المعارضة يضم تلاوين سياسية وطائفية ومذهبية مختلفة. كذلك فإن البرامج الإصلاحية المفترضة تحاكي مصالح غالبية اللبنانيين، إضافة إلى أن موقف الخارج ليس كما صوّره فريق 14 آذار، بل حُصل على أجوبة مبدئية قائمة على احتمال فوز المعارضة بالأغلبية النيابية، وكانت الأصداء جميعها تقريباً إيجابية، حتى الجانب الأميركي لم يكن لديه التحفظ الذي صوره الآخرون، وربما هذا ما سبّب الضجة الإسرائيلية، وحتى اعتراضاً ظل مكتوماً على المستوى الرسمي، لكنه خرج إعلامياً من جانب بعض الدول العربية.
يبدو أن هذه الأسباب وغيرها، إضافة إلى تقدير للأبعاد غير الداخلية لفوز المعارضة، شجع حزب الله على المضي في معركة واضحة العنوان: الفوز بالغالبية النيابية. وأرفق هذا الهدف بسيل من التوضيحات أو الرسائل إلى الطرف الآخر عن إصرار على مشاركته في إدارة البلاد في مرحلة ما بعد الانتخابات. أما قواعد هذه المشاركة، فهي بالنسبة إلى حزب الله على وجه الخصوص، نفسها التي أُقرت في اتفاق الدوحة.
لم يقتصر الأمر على هذا التقدير أو الموقف النظري، إذ إن الحزب مضى عملياً في سلسلة من الإجراءات التي تؤدي إلى نتيجة وفق برنامج عمل مقسم إلى دوائر:
الدائرة الأولى، تأخذ في الاعتبار تثبيت وحدة المعارضة، مع ما يقتضيه ذلك من توافق على اللوائح والحصص والمرشحين، وهو أمر كان سهلاً في بعض الأقضية وصعباً في أقضية أخرى ومستحيلاً في مكان وحيد، هو جزين.
الدائرة الثانية، تأخذ في الاعتبار التعاون والتكامل بين الماكينات الانتخابية، وقرر الحزب في هذا المجال عدم الاندماج بالمعنى الذي يصبح فيه مضطراً لأن يدير المعركة عن الآخرين، حيث يفترض بهم أن يعرفوا الأرض أكثر، ويتابعوا واقع الناخبين بصورة أدق، لكن الحزب ظل مستنفراً لتقديم ما يلزم من برامج عمل وإمكانات لوجستية لها كلفتها الكبيرة جداً، وحتى المساعدة في اتصالات سياسية جرت بين عدد من القوى والمرشحين، والمساعدة على حسم بعض نقاط الخلاف هنا أو هناك.
الدائرة الثالثة، تتصل بالواقع الشيعي وبالعمل المركزي لماكينة حزب الله، وقد وجد الحزب نفسه أمام اختبارين: الأول يتصل بدوائر لن تشهد منافسة، فقرر دعوة الناخبين إلى استفتاء لمصلحة المقاومة. والثاني يتصل بدوائر تشهد معارك حامية، فدعا الناخبين إلى التصويت السياسي الواضح وغير الملتبس مع آلية مختلفة للحشد. في الجانب الأول، لم تكن ماكينة الحزب تعمل وفق البرنامج التقليدي للمرشحين الذي يشمل زيارات ولقاءات ووعوداً وكلاماً من هنا وهناك، بل كان العمل عاماً، والخاص فيه هو توفير المساعدة المطلوبة لكي يصل الناخبون إلى صناديق الاقتراع، وكان الكل يأخذون في الاعتبار المفعول الإيجابي لخطب السيد حسن نصر الله، وخصوصاً تاكيده مبدأ الاستفتاء. أما في الباب الثاني، فكان العمل يستهلك الوقت كله والجهد كله والإمكانات في معظمها.
وإذا كان الحزب يملك سجلاً من الملاحظات على الأداء العملاني له وللحلفاء في المعركة الانتخابية، فهو لا يسقط احتمال تأثير بعض المواقف السياسية، لكنه يدعو إلى عدم رمي المسؤولية على الخطاب السياسي، لأن من يريد أن يقوم بذلك إنما يخدم فكرة الطرف الآخر، الذي يريد للناس أن يقتنعوا بأن التحالف السياسي الذي يجمع المعارضة هو سبب خسارة من خسر. ويرفض المعنيون في الحزب حتى توجيه انتقادات إلى الحلفاء أو إلى آلية عمل الماكينات لديهم. ويلفت هؤلاء إلى أن كل الضجيج الذي قام إثر إعلان النتائج لن يخفي آثار الحرب غير المسبوقة التي شُنّت على المعارضة وعلى العماد ميشال عون على وجه الخصوص، لتحطيمه وكسره انتخابياً بأي ثمن. وبهذا المعنى، هناك من يلفت الانتباه إلى أن المزاج العام مسيحياً يفترض أن يتأثر بالحملة السياسية على موقف العماد عون، وإن صح ما قاله أركان 14 آذار، فهل مَن يفسر عدم تأثر مسيحيّي جزين أو عكار بالحملة، فيما اقتصر التأثير على المسيحيين في الدوائر التي خيضت فيها معارك قاسية من الكورة والبترون إلى جبل لبنان وزحلة؟ وفي هذا السياق، يبدو أن في حزب الله من يدرس تفاصيل كثيرة تخص اليوم الانتخابي الطويل، وثمة معلومات قيد التجميع من كثيرين، عن تفاصيل جلب عشرات آلاف اللبنانيين المقيمين في الخارج، من دون أن ينفي الحزب أن المعارضة ساعدت أيضاً على مجيء عدد غير قليل من المغتربين. لكن هناك في الخارج، في أوروبا وأميركا وأوستراليا، من حصل بسرعة فائقة على قوائم بكل أفراد الجالية اللبنانية وطريقة التواصل معهم، ووجد فريق 14 آذار من يساعده لوجستياً على القيام بكثير من الأمور التي تحتاج إلى عشرات الملايين من الدولارات. كذلك تشير المعلومات إلى أن جهاز &laqascii117o;الأف. بي. آي" الأميركي عمد إلى توقيف عدد من اللبنانيين المسافرين قبل الانتخابات، وسؤالهم عن وجهة تصويتهم. كذلك نصحت دول خليجية لبنانيين معروفي الانتماء المذهبي أو السياسي المؤيد للمعارضة بعدم الذهاب إلى لبنان، حتى إنّ بعض هؤلاء اتصلوا بعائلاتهم وبمفاتيح انتخابية معتذرين عن المجيء حتى لا يخسروا وظائفهم. أضف إلى ذلك السرّ أو اللغز الذي يحتاج إلى تفكيك، المعلق بوجهة التصويت الفعلية لنحو خمسة آلاف ناخب أتوا من سوريا، إذ يشكو عبد الرحيم مراد من أن نصف الذين ساعدهم على المجيء إلى لبنان صوّتوا للائحة 14 آذار، وأن بعضهم تلقوا أموالاً عند دخوله إلى لبنان، فيما يحار إيلي سكاف في مسألة، هي أنه نال أصواتاً من السنّة تخالف ما هو طبيعي لو أن الذين أتوا من سوريا قد صوّتوا له بالكامل. هذا فضلاً عن التقديرات التي لا تزال محل متابعة، والتي تفيد بأنه في بر الياس وسعدنايل جرى &laqascii117o;شراء المندوبين التابعين للوائح المعارضة أو طُردوا حتى حصلت عمليات اقتراع وفرز من دون حضورهم، وهو أمر يفتح الباب أمام أسئلة عن حقيقة التصويت ونسبة المشاركين في الانتخابات".
لكن ذلك لا يجعل حزب الله محرجاً إزاء حجم التزامه الانتخابي تجاه حلفائه ونوعيته، إذ نجحت ماكينته في تجيير أكثر من تسعين بالمئة من الناخبين الشيعة في كل الدوائر المنتمين إليها التي شهدت معارك انتخابية، من بيروت إلى البقاع إلى جبل لبنان وصيدا. وهو أمر دُقِّق به في صناديق الاقتراع، فيما يعرب حزب الله عن سعادته باستجابة الجمهور لدعوة أمينه العام إلى المشاركة في الاستفتاء، وذلك من خلال نسب الأصوات التي حصلت عليها اللوائح المدعومة من حزب الله في كل لبنان، وخصوصاً في الجنوب والبقاع الشمالي، حيث لم تكن هناك منافسة مع أحد.
يبدو أن لدى حزب الله معلومات كثيرة عمّا قام به فريق 14 آذار عموماً، وعلى الساحة المسيحية خصوصاً. ومن هذه المعلومات أن قادة هذا الفريق كانوا يأملون الحصول على تسعين مقعداً نيابياً في هذه الانتخابات، وهم كانوا يحسبون أن الفوز سيحالفهم في دوائر كسروان وجبيل والمتن الشمالي (16 نائباً) مع خرق كبير في دائرة بعبدا. ويؤكد مطلعون أن هذا الكلام قيل في أكثر من مكان، وأن ما أُعد للمعركة في جبل لبنان لم يكن عادياً، ووُظِّفت إمكانات هائلة فيه. فإلى جانب المال والاغتراب واللعب على تناقضات سياسية مع رئيس الجمهورية أو مع البطريرك الماروني نصر الله صفير، فإن في فريق 14 آذار من أجاد لعبة الإعلام، إذ أُثيرت مواضيع مثل المثالثة وتقصير ولاية الرئيس ميشال سليمان، وعنوان ولاية الفقيه وسلاح حزب الله وخلافه، بطريقة جعلت المعارضة تتراجع إلى الموقع الدفاعي، وهو أمر لم يكن في مصلحة جمهور المعارضة. وعندما تبيّنت كذبة المثالثة وتقصير الولاية، نقل &laqascii117o;المخبرون" كلاماً واضحاً لقيادات بارزة في 14 آذار مفاده أنّ &laqascii117o;علينا إعداد موجة جديدة من الشعارات، لأن من المفيد أن تبقى المعارضة مشغولة بالرد علينا"، وهو الأمر الذي تطلب أكبر قدر من التعبئة التي تتجاوز البعد السياسي والشخصي إلى أكثر الشعارات عنصرية، وأبرزها نزع الديانة المسيحية عن الناخبين الأرمن بعد نزع المواطنة عنهم وعدّهم جالية أجنبية... وأشياء كثيرة أخرى.
لكنّ حزب الله الذي خبر التجارب الأشد قساوة، ينظر بارتياح إجمالي، ويعتقد أنه لم يكن هدفاً مباشر، لأنه لم يكن بمقدور الآخرين الوصول إليه، وبالتالي فإن العنوان الأبرز لهؤلاء كان العماد عون
ـ صحيفة السفير
بومدين الساحلي :
عصر الأربعاء الماضي، في شارع مكتظ بالناس، وعلى مرأى من عشرات العابرين، اللاهثين وراء لقمة عيش بعيدة المنال ، قتلت &laqascii117o;حــنان هاشم"، الصبية التي لم تبلغ السادسة عشرة بعد.
أصابها رصاص &laqascii117o;طائش"، على اثر إطلاق للنار، لم يقع على خلفية الاشتباه بعمالة لإسرائيل ، بل بسبب &laqascii117o;تشفيط" و&laqascii117o;تلطيش" ليس أكثر. عصر الأربعاء الماضي، استعجلت أم وصول ابنتها تحمل لها علبة دواء من الصيدلية، تنتظرها كي تستكمل واجباتها المدرسية، لكن الفتاة تأخرت، وبقي كتابها مفتوحا أبدا على درس الغياب. دمٌ بريءٌ آخر أُريق في الهرمل على مرأى كل &laqascii117o;أهل البيت"، دمٌ أصاب وجوه الجميع بلا استثناء في ذلك العصر القاتم الموغل في فجيعته، لكن الجميع كالعادة سيسرع دون شك كي يغتسل من آثاره بدلا من أن يتعمد ويتطهر ببراءته: صوت المعركة يعلو فوق كل صوت.
طبعا، لم تمر الحادثة مرور الكرام: القوى الأمنية حضرت بقوة، أقامت الحواجز ودققت في هويات المارة وفتشت سياراتهم، وربما تقوم ببعض المداهمات معروفة النتائج سلفا، وربما تبقى ليوم آخر أو يومين أو أكثر بقليل، لكنها في المحصلة ستعود إلى قواعدها سالمة في انتظار أن يأتي من يقوم بتطبيق الأمن واحلال العدالة في هذه المساحة المنسية من &laqascii117o;الوطن" على امتداد العهود &laqascii117o;الرجعية" منها و &laqascii117o;الوطنية".
قبل سنة ونيف، واثر حادثة مماثلة روّعت الآمنين من أهالي المدينة ، جرى اجتماع دعا اليه قائمقام الهرمل وحضره ممثلون عن &laqascii117o;عشائر" الهرمل وأحزابها وفي مقدمتها &laqascii117o;حزب الله" و &laqascii117o;حركة أمل" وطبعا القوى الأمنية بشتى شعبها وفروعها ـ غاب عنه وزراء ونواب الهرمل في ذلك الحين مع أنهم في العادة يحرصون ألا يفوتوا حضور واجب عزاء -. استعرض الحاضرون الواقع المرير الذي تعيشه المدينة وأهلها واجمعوا على ضرورة معالجته عبر رفع الغطاء عن كل مخالف مهما علا شأنه، وطالبوا القوى الأمنية بأن تؤدي دورها كاملا، وكلفوا القائمقام صياغة ميثاق شرف بذلك يصار إلى توقيعه وإعلانه في اجتماع لاحق يدعو إليه.
وخرجت صحف اليوم التالي تزف بشرى الاتفاق الى الأهالي، لكن، قبل أن يجف حبر المطابع، كانت التدخلات في عمل القضاء والأمن من مراجع سياسية واجتماعية حضرت أو مُثِّلت في الاجتماع ، قد ألغت سريعا مفاعيله، أما ميثاق الشرف فقد أصبح في خبر كان ويُسأَلُ سعادته عن الاسباب .
الكثير من ابناء الهرمل، من &laqascii117o;عشائر" و&laqascii117o;عائلات"، انتشروا في أصقاع &laqascii117o;الوطن" هربا من جورٍ لاحقٍ بسبب الأوضاع الاجتماعية في بلدتهم، وكثيرون ممن لم تسعفهم أحوال العيش وبقوا قابضين على جمر البقاء فيها، يتفقدون أبناءهم مساء كل يومٍ ويحمدون الله على منة قضاء ليلة أخرى معهم تحت سقف واحد، بعدما أصبح الرصاص المتجول، في السنوات الماضية، عادةً أسبوعية بأحسن الأحوال في ظل غياب تام للأمن وأهله الذين لا يحضرون إلا لقهر فقير في مخالفة بناء أو كهرباء.
في السابع من حزيران الماضي، جدد ابناء المنطقة ثقتهم بـ &laqascii117o;المقاومة وأهلها" على أمل بناء &laqascii117o; الدولة القوية العادلة"، وكلهم أملٌ أن الذي &laqascii117o;حمى" الوطن لن يفرط في حماية عائلاتهم .
منذ ليل الاربعاء الماضي وحتى أجل محتوم غير محدد، ستبقى أم تنام بعيون مفتوحة، تنتظر عبثا عودة &laqascii117o;حنان" كي تنهي الفصل الأخير من كتابها المدرسي، لكن &laqascii117o;حنان" لن تأتي، وستظل أم معلّقةٌ أبدا على حبل الوجع.
هل يفتح هذا الدم الفائق النقاوة باب خلاصنا؟ هو دمٌ ثقيلٌ ثقيلٌ ثقيل، سيحمله الجميع الى يوم &laqascii117o;الدين" إن ضُيِّعَ في دهاليز السياسة . كافر من يُفرِّط بدم &laqascii117o;حنان" عبر تدخله في عمل القضاء والقوى الأمنية، وأكثر كفرا من لا يسعى كي تغفو &laqascii117o;الرعية" آمنة على غدها.
... أما السؤال المر الذي يبقى معلقا على شفاه العاجزين الخائفين اللاهثين وراء لقمة شريفة مرّة فهو: من المسؤول ؟!... ما الحل ؟!... من هي الضحية التالية على قائمة هذا الفلتان الأمني المبرمج؟!
ـ صحيفة النهار
شارل شرتوني:
' ماذا بقي من الديموقراطية اللبنانية؟
البرامج الانتخابية للأحزاب ترتكز على مسلمات عامة وعلى دعوات تعبوية وتحريضية/ مطلوب من المجتمع المدني أن يبادر لاستحداث تحوّلات سياسية أساسية وملحّة.
مما جاء فيها : 'اما الاحزاب الدينية في الاوساط الاسلامية، فهي بحكم مرجعياتها الايديولوجية سواء لجهة مفهوم 'حاكمية الله' و'ولاية الفقيه'، ام لجهة ارتباطاتها الاستراتيجية – بالحركات الاسلامية من سلفية وجهادية ومحاور النفوذ السعودية والخليجية والليبية على المستوى السني، وسياسات النفوذ الايرانية على المستوى الشيعي – فهي تتعاطى مع السياق السياسي بشكل عملي وملتبس التوجهات، يتطلب التحول في اتجاه ثقافة ديموقراطية قائمة على مبدأ السيادة الوطنية والدولاتية ومفهوم المواطنية، مع ما تفترضه من مساواة في الحقوق والواجبات والتداول الديموقراطي للسلطة خارجاً عن اي رؤية تمييزية وعن الاستثناءات التي تفرضها وجهة النظر الاسلامية غير النقدية.
يبقى 'حزب الله' رغم تعقيدات مفكرته السياسية المنعقدة على خطوط داخلية اقليمية شديدة التشابك، والتي تتطلب فصلاً واضحاً على مستوى المفكرات العملية – بأبعادها الدينية والسياسية والمالية وعلى قاعدة الاعتبارات السيادية – شريكاً اساسياً في تركيز التوازنات الداخلية، شرط ان يعزز دوره التمكيني والانمائي في الاوساط الشيعية، وان يتخلى عن منطق الاقفالات والتمثيل الاختزالي فيها، وان يؤكد التزاماته الميثاقية والديموقراطية. لا بد له ايضاً من اجراء قراءة نقدية لدوره في دفع الملف الانمائي والتمكيني في الاوساط السنية الفقيرة والتأقلم الذي تفترضه الديموقراطية مع الموجبات الميثاقية والثقافة السياسية الليبرالية.

2009-06-13 12:27:06

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد