صحف ومجلات » مقالات وتحليلات الصحف اللبنانية الصادرة صباح اليوم الجمعة 19/6/2009

ـ صحيفة السفير
جورج علم :
لا بدّ من تسهيل مهمّة سعد الحريري في تشكيل فريق عمل حكومي استثنائي يؤازر رئيس الجمهورية في مهمته الاستثنائيّة لتحييد لبنان عن الاعصار الذي بدأت تظهر تباشيره في سماء المنطقة. لقد رشّح التفاهم السعودي ـ السوري سعد الحريري لهذه المهمة، وحظي القرار لغاية الآن بغالبية اصوات الدول التي سبق ان هندست اتفاق الدوحة، ورعته، وواكبت خطوات تنفيذه حتى البند الاخير.
ويؤكّد احد الذين التقوا السفيرة البريطانيّة فرنسيس غاي خلال الايام القليلة الماضيّة انه لاحظ في عينيها بصيصا من نشوة الانتصار، كونها كانت السبّاقة في فتح كوّة في الجدار الاوروبي المسدود مع &laqascii117o;حزب الله" قبل الانتخابات، وقبل ان يصل المنسّق الاعلى للسياسة الخارجيّة والأمن في الاتحاد الاوروبي خافيير سولانا الى بيروت، ولقائه مع عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب الدكتور حسين الحاج حسن. وكانت السبّاقة في ترتيب زيارته الى مجلس العموم البريطاني، وهي تتصرّف الآن تحت شعار &laqascii117o;ان للبحث صلة"؟!.
ـ صحيفة السفير
عماد مرمل :
لعلها من المرات القليلة التي يتولى فيها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله الرد مباشرة وشخصيا على موقف للبطريرك الماروني نصر الله بطرس صفير. ولأن الامر غير مألوف، فإن التساؤلات التي أثارها نصر الله علناً حول أبعاد كلام صفير عشية الانتخابات بخصوص تهديد الكيان اللبناني وهويته العربية، شكلت علامة فارقة في ملف العلاقة المتأرجحة بين حزب الله والبطريركية المارونية.
لطالما كان حزب الله يتذمر في المجالس الخاصة لقيادييه من بعض طروحات بكركي وبياناتها، ولكن الحزب كان حريصا باستمرار على إبقاء مآخذه مزودة بـ&laqascii117o;كاتم للصوت" يمنع تسربها الى العلن، تجنبا لأي تأويل طائفي قد يوحي بأن المشكلة هي بين حزب شيعي يقوده &laqascii117o;سيد" وبين كنيسة مارونية يقودها &laqascii117o;بطريرك"، في حين ان جوهر الخلاف هو سياسي ولا يمت بصلة الى الاصطفاف الطائفي.
ويدرك الحزب ايضا ان طبيعة التركيبة اللبنانية، بتنوعها وتوازناتها، تجعل لبكركي كما لسائر المرجعيات الدينية &laqascii117o;خصوصية وقائية" تمنحها نوعا من الحصانة المعنوية وبالتالي تفرض توخي &laqascii117o;الحيطة والحذر" عند مخاطبتها تجنبا لاستثارة مشاعر الطائفة التي يمثلها هذا المرجع الروحي او ذاك. ثم ان الحزب كان يفضل ان يكتم غيظه قدر الامكان، ما دام قادرا على الاحتمال، خوفا من ان تؤدي مجاهرته بملاحظاته على أداء صفير الى إحراج حلفائه في الساحة المسيحية ومنح خصومهم فرصة لتسجيل أهداف سياسية في مرماهم.
ولكن، لماذا قرر نصر الله القفز فوق كل هذه الاعتبارات وبادر الى الرد بنفسه على تنبيه صفير الى ان فوز المعارضة في الانتخابات يشكل تهديدا للكيان وهويته العربية؟
من حيث الشكل، فإن المراجعة التي قام بها نصر الله للتجربة الانتخابية في خطابه امس الاول، وفرت فرصة مناسبة وموضوعية لقراءة كلام البطريرك الماروني، في سياق الاضاءة على الاسباب التي ساهمت في خسارة المعارضة للانتخابات. وبهذا المعنى، تطرق الامين العام لحزب الله الى موقف صفير الشهير باعتباره أحد عناصر التأثير التي حسمت وجهة شريحة من الناخبين خلال الانتخابات، الى جانب عوامل أخرى تشمل المال السياسي والتحريض المذهبي والحضور الاغترابي.
وقد اختار نصر الله هذا التوقيت بالذات ليدلي بدلوه مفترضا ان مناخ التهدئة السائد بعد الانتخابات يؤمن بيئة سياسية ملائمة ليقول ما قاله، من دون ان تترتب عليه &laqascii117o;عوارض طائفية" حادة، في حين ان التوتر يقلص مساحة النقاش لصالح الانفعالات.
اما في المضمون، فإن المعلومات تفيد بأن نصر الله كسر المألوف في العلاقة مع بكركي لانه اعتبر ان ما قاله صفير ليلة الانتخابات خطير جدا ويُصنف من النوع الذي لا يمكن السكوت عنه، وضرره لم يقتصر فقط على المعارضة المسيحية، بل طال كذلك وربما أولاً، حزب الله كونه الحليف الابرز للجمهورية الاسلامية الايرانية التي أوحى البطريرك الماروني بأن العلاقة معها تمثل خطرا على لبنان وهويته العربية، ما يعني ان هناك تشكيكا بوطنية فئة واسعة من اللبنانيين تنتمي الى الطائفة الشيعية، ناهيك عن الشريحة المسيحية الكبيرة المؤيدة للعماد ميشال عون والنائب سليمان فرنجية.
ويعتبر العارفون بخلفيات خطاب &laqascii117o;السيد" ان كلام صفير انطوى على إساءة لـ&laqascii117o;الاغلبية الشعبية" الداعمة لخيارات المعارضة، وهو تصرف بطريقة أظهرته شريكا في الحملة الانتخابية لفريق 14 آذار، بل انه لم يجد حرجا في المجاهرة بميوله السياسية في لحظة انتخابية قاتلة، الامر الذي ترك شعورا بالمرارة لدى قواعد المعارضة، لم يكن ممكنا تجاوزه، علما انه وحتى هيئة الاشراف على الانتخابات ـ وهي هيئة محايدة ـ لم تتقبل بيان صفير لانه صدر في توقيت مخالف للقانون الانتخابي وطلبت سحبه من التداول.
وعليه، يقول العارفون ان نصر الله وجد نفسه ملزما بالرد الذي أراده ان يكون &laqascii117o;موضعيا"، علما ان لدى &laqascii117o;السيد" الكثير ليدلي به في ما خص الخطاب السياسي الاجمالي للبطريرك الماروني وهو يعرف الاجابات على كل التساؤلات التي طرحها عليه أمس الاول، ولكنه فضل ان يكتفي بهذا القدر من الاشارات والإيحاءات للحؤول دون الانزلاق الى سجال مفتوح مع بكركي، إدراكا منه لحساسية الموقع الروحي الذي يشغله صفير.
ولذلك، بدا نصر الله حريصا على استخدام لغة مدروسة في معرض مخاطبته البطريرك، فاختار كلماته بعناية وفضّل طرح الاسئلة على إصدار الاحكام، وترك &laqascii117o;ممرا آمنا" للتلاقي حول مقترحات تحمي وتعزز عروبة لبنان.
لكن، وبرغم هذه الاحتياطات، فقد أثار كلام نصر الله موجة من ردود الفعل المنتقدة في أوساط مسيحيي 14 آذار الذين هبوا جميعهم للدفاع عن البطريرك الماروني وحقه في اتخاذ الموقف المناسب دفاعا عن لبنان عندما يستشعر بوجود خطر وجودي عليه، معتبرين انه لا يجوز للأمين العام لحزب الله ان يتناول بالنقد مواقف صفير، لما يمثـله من قيمة روحية ووطنية. لم تفاجأ اوساط بارزة في المعارضة بالردود العنيفة المتوقعة على نصر الله، إلا انها استغربت ان يكون مسموحا للبطريرك انتقاد المعارضة والكلام في السياسة، بينما يُمنع على &laqascii117o;المتضررين" من مواقفه ان يدافعوا عن انفسهم وأن يشرحوا وجهة نظرهم، لافتة الانتباه الى انه عندما يقرر صفير ان يدلي برأي سياسي فإنه يصبح من المشروع مناقشته.
وترى هذه الاوساط ان صفير هو الذي حوّل بكركي الى حزب سياسي متموضع ضمن فريق 14 آذار بدلا من ان يبقيها مرجعية مسيحية ووطنية جامعة، تقف على مسافة متساوية من كل الاطراف، وخصوصا في الشارع المسيحي، وبالتالي فإنه من الطبيعي ان يرتّب انحياز البطريرك الى فريق دون الآخر تبعات مختلفة من بينها تصويت الجمهور المسيحي المعارض ضده ضمنا وصولا الى فوز لوائح التيار الوطني الحر في المعاقل المسيحية الكبرى في جبل لبنان. وتستغرب الاوساط كذلك ان يستسهل البعض شن الحملات الجارحة على السيد نصر الله، برغم ما يرمز اليه من حيثية دينية، في حين يراد تحريم مجرد طرح التساؤلات على صفير عندما يتخذ مواقف سياسية ملتبسة، مشيرة الى ان ازدواجية المعايير هذه لم تعد مقبولة، لتخلص الى التساؤل: ايهما اصعب، مناقشة البطريرك بتهذيب في طروحاته ام الهجوم على ولاية الفقيه التي تعكس أحد الجوانب الاساسية في العقيدة الدينية لجمهور لبناني عريض؟
ـ صحيفة السفير
عباس ناصر :
يبذل الدبلوماسيون الغربيون المقيمون في لبنان، جهدا كبيرا كي يفهموا &laqascii117o;ظاهرات غريبة" مرتبطة &laqascii117o;بحزب الله" وبجمهوره، ثم يبذلون جهدا اكبر عندما يحاولون شرح تلك الظاهرات لقياداتهم السياسية. كيف يمكن ان يفسروا مثلا، مشهدا لفتيات شبه عاريات، يرقصن في مقاهي بيروت الليلية، في يد خمرة، وفي الاخرى صوت ناعم لكنه صاخب يهتف بالاسم لـ&laqascii117o;حزب الله"، ولشخص امينه العام بضرورة ضرب &laqascii117o;تل ابيب". كيف يمكن ان يفسروا مثلا هذا الكم غير القليل من المثقفين والصحافيين الذين قد لا يستنكرون المثلية الجنسية، ويمتدحون الالحاد والملحدين، ثم يعتبرون &laqascii117o;حزب الله" مرجعيتهم السياسية من موقع المقاومة، ولاحقا من موقع الاعتراض على سياسات داخلية. &laqascii117o;حزب الله" بالمحصلة، حالة فريدة بالعين الغربية، قد يضيق عليه تشبيه معلب بانه حركة اسلامية راديكالية، رغم انه كذلك. فهو يتمايز عن غيره من الحركات الاسلامية الراديكالية، على الاقل من حيث مساحة قبول الآخرين له. هو بهذا المعنى مرجعية متعددة الاوجه، ليس لمن يشبهها فقط، بل لكل من آمن بمشروع المقاومة في المنطقة، ولكل من اعترض على سياسات داخلية صيغت من قبل فريق آخر. والكلام هنا يستثني طبعا الحسابات المذهبية المنطلقة من عصبيات لها مبرراتها، لكن ليس هذا مقامها. محاولات الفهم الغربي الدقيق لـ&laqascii117o;حزب الله"، قادت الى نتيجة متعارضة. فهم الغربيون استثنائية هذا الحزب وامكان تعايشه مع نظام لا يمثل طروحاته الايديولوجية، وفهموا ايضا خطورة مثل هذا الامر من زاوية امكان احتضانه للمختلفين ايديولوجيا، فيوحدهم خلف مشروع وطني او قومي جامع.
لا ينطلق الانفتاح الغربي المستجد على &laqascii117o;حزب الله" من بعد ثقافي بحت. فله بالتأكيد، كل المبررات في السياسة، لكن السياسة ليست مفصولة عن ادارك دقيق لامكانيات الحزب الذاتية، التي تجعل له حيثية خاصة، تزيد على حيثيته الاشهر اقليميا، المتعلقة بقوته العسكرية، وبارتباطه الوثيق بإيران ـ الجمهورية الاسلامية وبسوريا. وقف الغربيون امام المعادلة التالية: لم ينهزم الحزب عسكريا (حرب تموز). لم ينعزل سياسيا (تحالفه مع ميشال عون). لم يتراجع عندما أُحرج مذهبيا. بقيت محاولة احتوائه، ولا سيما انها تأتي في اطار مراجعة دقيقة لكل الاستراتجية في المنطقة، لصالح العودة الى سياسة شبيهة بسياسة هنري كيسنجر الشهيرة، &laqascii117o;الاحتواء المزدوج".
فأميركا تحاول اليوم الفصل في الملفات، من دون الفصل في النظرة الشاملة الى المنطقة برمتها. تحاول ان تتعامل مع ايران على حدة، ومع سوريا على حدة، وكذلك مع حزب الله، وحماس... بمعنى انها تحاول ان تفك الترابط بين ملفات وثيقة الترابط، من خلال تحديد زوايا متعددة لمقاربة الموضوع الواحد. يصبح مفهوماً إذاً، اعلان بريطانيا العظمى نيتها فتح حوار مع &laqascii117o;حزب الله"، من دون ان يبدو وقتها، ظاهريا على الاقل، ان ثمة حدثا مباشرا يدعو الى ذلك، علما بان بريطانيا لا يمكن النظر اليها في قضية كهذه الا انها احد وكلاء واشنطن، تحاول ان تصل الى حيث لا يستطيع &laqascii117o;العم سام" لاعتبارات كثيرة، ان يصل.
لا احد يشك إذاً، ان الانفتاح الاوروبي عموما والبريطاني خصوصا، خارج عن سياق عام يرسم المقيمون الجدد في البيت الابيض، حدوده بدقة بالغة. سياق هاجسه النهائي اعادة ترتيب المنطقة وفقا لما يمكن ان يخفف التوتر مع اسرائيل. هل يرقى ذلك الى حدود التفاوض ثم التسوية، ام لا؟ هذه مسألة قد يكون مبكرا حسمها وان كانت المؤشرات الغربية تحسم بان التفاوض على الاقل، امر يعمل الاميركيون والاوروبيون على جعله اكيدا، بل وشيكا.
في عبارة تكاد تصير مأثورة لهيلاري كلينتون، قالت ممازحة الرسميين اللبنانيين ومنهم الرئيس ميشال سليمان، عندما زارت لبنان قبل اشهر، ان جورج ميتشيل حل مشكلة والده (في اشارة الى كونه ايرلندي الاصل، وهو كان مبعوثا للسلام في ايرلندا)، ونحن نعدكم بأنه سيحل مشكلة والدته (في اشارة الى لبنان، ذلك ان والدة ميتشيل لبنانية الاصل من بلدة بكاسين الجنوبية). لكن اللافت للانتباه ان الموفدين الغربيين على كثرتهم في الآونة الاخيرة لم يطرحوا مع &laqascii117o;حزب الله" قضية السلام بشكل محدد. حتى سفيرة بريطانيا فرانسيس ماري غاي التي بدأت عمليا الحوار مع &laqascii117o;حزب الله" بلقائها يوم امس رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد، لم تتوقف كثيرا عند موضوع التسوية المرتقبة. كانت السفيرة بما تمثل من رمزية للمزاج الغربي عموما، حريصة على اعطاء اقصى اشارات الارتياح من موقف &laqascii117o;حزب الله" الذي اعلن القبول بنتائج الانتخابات. اختارت على ما يبدو ان تكون فاتحة الحوار، اشارة طيبة بان الغرب يمكن ان يشير بايجاب الى &laqascii117o;حزب الله" عندما يستدعي ذلك.
على ان قراءة متأنية لهذا الحوار (بدايته على الاقل) لا توحي بانه كان ممنهجا ومستندا الى موضوعات محددة. نعم، تناول موضوعات متعددة، لكنه بدا اقرب الى حاجة الغرب الى التواصل مع &laqascii117o;حزب الله"، منه الى حسم قضايا. قيل في اللقاء ما يقال عادة في كل جلسة مع موفد اجنبي. سؤال من الضيف عن الهواجس المرتبطة بما يمكن ان يفعله &laqascii117o;حزب الله"، وسؤال من &laqascii117o;حزب الله" عن غض النظر عن العدوانية الاسرائيلية، وعن عدم الاشارة، مجرد الاشارة، الى الخروقات المتكررة للقرار 1701، وآخرها شبكات التجسس المتعددة الاحجام والاوزان والمهام، بما في ذلك مهام تخريب السلم الاهلي. حتى موضوع التسوية المرتقبة عرضه الحزب من هذه الزاوية، زاوية العدوانية الاسرائيلية، لا سيما بعد خطاب بنيامين نتناياهو الذي قدمه الحزب، الى السفيرة البريطانية، على انه &laqascii117o;خطاب حرب".
لا يبدو الحزب معنيا باعطاء اي اشارات مرتبطة بقضية التسوية (طبعا للحزب موقف مبدئي من التسوية، لكن الحديث عن المستوى السياسي الواقعي). مقاربته لهذا الملف مرهونة دائما بالحديث عن عجز الدبلوماسية عن تحقيق اي تقدم في مجال الحقوق مع اسرائيل، علما بان السفيرة البريطانية قالت لمضيفها من &laqascii117o;حزب الله"، &laqascii117o;اصبروا قليلا"، في معرض حديثها عن امكان حل قضية الجزء الشمالي من بلدة الغجر.
قبل الانتخابات كان الغربيون حريصين على ان يعرفوا من &laqascii117o;حزب الله"، توقعاته لنتائج الانتخابات، ونظرته لادارة البلد في حال فوزه، وعن مدى تقبله للخسارة في حال فوز خصومه. الهاجس الامني كان دوما يتقدم اسئلتهم. فعين هؤلاء مرة على اسرائيل، واخرى على مشاركتهم في قوات &laqascii117o;اليونيفيل" المنتشرة في الجنوب والتي لم تتم اصلا الا بعد قبول &laqascii117o;حزب الله" (يفضل الغربيون تسميته تعهدا من &laqascii117o;حزب الله"، بعدم التعرض لهم)، وثالثة على استقرار السلطة داخليا حيث يعتبر هزها مسا بحلفائهم، وبالتالي مسا بمساحة نفوذهم، وان الرمزية. اما بعد الانتخابات فصار الهاجس اكبر، حول ما يمكن ان يفعله &laqascii117o;حزب الله". لا شك في ان قبول الحزب بنتائج الانتخابات اراحهم. هو في الحقيقة احرجهم ايضا، لجهة سوء الظن بان الحزب يمكن ان يحتكم الى اللعبة الديموقراطية، ولجهة التسويق الدائم بان سلاح المقاومة يمكن ان يوظف في تثبيت او تغيير وقائع سياسية.
بدأ الحوار اذاً مع البريطانيين. وجلس خافيير سولانا من قبل مع حزب الله، فماذا بعد؟
لا شك في ان الطرفين بحاجة لمثل هذا الامر، فالحزب ينتزع من هذه اللقاءات شرعية لمقاومته، ولحركة اعتراضه الداخلية، فيثبت توصيفه لنفسه بانه حزب سياسي لبناني مقاوم. والاوروبيون يجربون سياسة الاحتواء، من اجل التهدئة لتمرير استراتجية اوباما الجديدة. اما الافق، فمحمول على اجابة مفادها ان الحراك سمة من سمات السياسة. اجابة لا توحي بان الرهان كبير على مثل هكذا انفتاح، ولا سيما ان ربط الامر بالتسوية. يقول البعض ان اوباما قد اعطى لنفسه مهلة من ستة اشهر الى عام لينجز مشروعه الجديد للسلام. من بعدها لن يبقى اوباما، اوباما... ربما يصير &laqascii117o;بوشا" ثانيا
ـ صحيفة النهار
سركيس نعوم :
قيادة 'حزب الله' كانت الأكثر وعياً ودقة داخل فريق 8 آذار، وخصوصاً عندما كان البحث داخلها ومع حلفائها يتركز على الانتخابات النيابية ونتائجها. فهؤلاء الحلفاء ولا سيما منهم المسيحيون، كانوا مقتنعين بأنهم سيحصدون ما بين 30 و40 مقعداً نيابياً 'مسيحياً' في مجلس النواب الجديد، وبأن اضافة هذا العدد الى العدد 'المضمون' للمقاعد الشيعية التي سينالها الحزب والمقاعد السنّية المحدودة التي يمكن ان تؤمنها اختراقات في اكثر من دائرة سيجعلهم غالبية. اما هي، اي قيادة 'الحزب'، فلم تقع في فخ استطلاعات الرأي سواء منها التي اعطته وفريقه غالبية مقاعد مجلس النواب الجديد او تلك التي رجحت بقاءه في مقاعد الاقلية النيابية. وقد مكنتها استطلاعاتها الخاصة والدقيقة واسترشادها دائماً بالمنطق والعقل من التوصل الى اقتناعين. الاول، أن فريق 8 آذار لن يخسر الانتخابات في المطلق. والثاني، ان ما سيحققه هذا الفريق سيكون امراً من اثنين. الأول، الفوز بنصف مقاعد مجلس النواب البالغ عددها 64. اما الثاني، فهو الفوز بغالبية نيابية حدها الادنى 65 او 66 نائباً وحدها الاقصى 70 نائباً. وقد صحت توقعات قيادة 'حزب الله' في صورة عامة رغم انه خسر بحصول فريقه  على 57 مقعداً. وكان يمكن ان يحصل على 64 مقعداً لو فاز في دائرة زحلة. علماً انه كان يعتقد ان هذه الدائرة له ولحلفائه ولم يكن يتصور ان خسارتها ممكنة.ماذا كان 'حزب الله' سيفعل في حال الفوز مع حلفائه بالغالبية النيابية؟كان سيدعو فريق 14 آذار الخاسر الى الحوار بل الى العمل من اجل تأليف حكومة وفاق وطني، على حد قول قيادي كبير في الحزب التقيته قبل الانتخابات باسبوع. وحكومة التوافق الوطني تعني اشتراك 14 آذار فيها بالثلث المعطل.وقد عبّر الحزب عن هذا الموقف للمملكة العربية السعودية اثناء زيارة بروتوكولية قام بها سفيرها الجديد في لبنان لقيادته التي تمثّلت يومها بنائب الامين العام الشيخ نعيم قاسم. وبدلاً من ان تطغى اللياقات والمجاملات على الزيارة فقد تخللها بحث جاد وطويل استمر ساعة ونصف ساعة تكلم في معظمها المسؤول الحزبي الكبير وتطرق فيها الى مسائل مهمة قد يكون ابرزها اثنان. الاول، مواقف الحزب من قضايا الداخل وما يحيط بها من خارج. والثاني دور المملكة في المساعدة على ترتيب الاوضاع في لبنان في ضوء الانقسام الداخلي الحاد، وخصوصاً بين المسلمين وتحديداً بين سنّتهم وشيعتهم. في هذا اللقاء قال قاسم ان المعلومات التي وصلت الى حزبه عن لقاء الرئيس السوري بشار الاسد والعاهل السعودي الملك عبدالله بن عبد العزيز افادت عن اتفاق الاثنين على اراحة لبنان وعلى ان ذلك يتحقق اذا غاب اي تدخل خارجي فيه. واكد ان حزبه مع هذا الاتفاق. فعلّق السفير الجديد ان بلاده لا تريد ان تتدخل في لبنان مع فريق ضد آخر. وكان رد قاسم ان اختبار الموقف السعودي هذا كما الاتفاق السوري – السعودي المشار اليه سيكون بعد حصول الانتخابات النيابية. ذلك ان الدستور يقتضي طبعاً، بعد انتخاب رئيس مجلس النواب و'عدّته'، تشكيل حكومة جديدة. فإذا قبل فريق 14 آذار (الخاسر) الاشتراك فيها بثلث ضامن يكون جنّب البلاد عواقب صعبة. اما اذا رفض حكومة توافق وطني فان لبنان قد يتجه نحو الحرب المذهبية. انتهت الزيارة 'البروتوكولية' وغادر السفير السعودي 'الضاحية'. وانتظر الحزب متابعة منه او من حكومته للبحث العميق الذي جرى. لكن ذلك كان مستحيلاً لان نتائج الانتخابات اختلفت ليس عن تقديرات حلفائه المفرطة في التفاؤل، بل عن تقديراته المتحفظة اساساً. وصار لبنان امام واقع جديد - قديم الامر الذي يثير تساؤلات عن المرحلة المقبلة ابرزها: هل سيتصرف 'حزب الله' كخاسر؟ وهل يتخلى عن الثلث المعطّل في حال دعوته وحلفائه الى المشاركة في الحكومة كأقلية؟ ام يتمسك به مع ما يمكن ان ينجم عن ذلك من سلبيات؟...
ـ صحيفة النهار
روزانا بومنصف :
ثمة من يعتبر ان السيد نصرالله كشف في خطابه، ومن خلال تعداد مفصل لما اعتبره اسباب عدم فوز قوى 8 آذار في الانتخابات حجم الصدمة والاحباط لدى جمهور هذه القوى، وقد عدد هذه الاسباب ليجعل الخسارة مقبولة، في حين ان هذه الاسباب، اذا صحت كلها او بعضها، فان فريقي 14 و8 آذار يتشاركان فيها. وهو لا يرغب في الاقرار بان ثمة اخطاء ارتكبت وادت الى تخويف الحياديين الذين تم التعويل عليهم من اجل ترجيح احتمالات الفوز في الانتخابات، ومن بينها اخطاء تسعير المواقف حول الخيارات السياسية والتي هي لعبة سياسية مشروعة ساهم فيها اركان قوى 8 اذار بانفسهم. ونقطة القلق لدى هؤلاء هو تكرار السيد نصرالله التمييز بين الاكثرية الشعبية والاكثرية البرلمانية على نحو يستعيد خطاب المرحلة السابقة بعد انتخابات 2005، مما يدفع هؤلاء الى التحسب من ربط نزاع للمستقبل يبدو ان السيد نصرالله ينوي اعتماده عبر محاولة ترسيخ هذه الفكرة منذ الاسابيع الاولى بعد اعلان نتائج الانتخابات. ووفق اصحاب هذه القراءة، من غير المستبعد ان يكون الخطاب الاخير للسيد نصرالله بداية تحول عن الخطاب الاول، اذ ان مواقف الحلفاء المسيحيين المتناقضة مع مواقف اركان الطائفة الشيعية تبدو كانها تعكس تسرعا في مواقف اركان هذه الطائفة، وان هذه المواقف تلجم اندفاعاتهم، إما من اجل حملهم على اخذ هؤلاءالحلفاء في الاعتبار وحفظ موقعهم، خصوصا ان الخطوط بدت سهلة وقابلة للانفتاح بين كل من النائبين وليد جنبلاط وسعد الحريري مع الرئيس بري والسيد نصرالله في وقت لا تتقدم لقاءات اخرى مع الحلفاء المسيحيين الى الواجهة، ولو انها ممكنة ومحتملة من حيث المبدأ، وإما ان الكلام الاقليمي على تسهيل الامور لا يتخطى السطح، في حين ان امورا وشروطا اخرى تفرض وراء الكواليس.
ـ صحيفة المستقبل
فيصل سلمان :
أليس الحزب الشيوعي أحد أطراف المعارضة والممانعة الداعمة للمقاومة؟ فماذا قدمت المحادل السياسية المنتمية لهذا المحور من أجل الحزب؟ لقيادة الحزب ان نسأل: لماذا نال المرشح اميل رحمة أعلى نسبة أصوات في هذه الانتخابات، ولم يحصل أي مرشح شيوعي على أكثر من أربعة آلاف صوت؟ إذا أمكن الجواب عن هذا السؤال، قد يلاقي الحزب الشيوعي الحل للخروج من أزمته الوجودية
ـ صحيفة الأخبار
نادر فوز :
بدأت حرب المرجعيّات الدينيّة يوم أمس. أثار خطاب الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله مساء أول من أمس، حول بيان البطريرك الماروني نصر الله بطرس صفير، موجة من الردود السياسية. سارعت مجموعة من الشخصيات المسيحية إلى بكركي أمس، معلنةً وقوفها إلى جانب البطريرك الذي أسف لوصول &laqascii117o;الأمور إلى هذا الحدّ". وبعد مجموعة من اللقاءات التي جمعت صفير مع زوّار بكركي. ينقل أحد هؤلاء أنّ أجواء صفير غير مرتاحة، في ما يخص الوضع الداخلي والحديث عن التسوية التي تتمّ بين الأكثرية والموالاة. ويشير أحد الزوّار إلى أنّ صفير يؤكد أنه سبق أن تحدّث عن موضوع حكم الأكثرية النيابية &laqascii117o;قبل حصول الانتخابات وصدور نتائجها، وبالتالي لا يجب الحكم على البطريرك بعد انتهاء العملية الانتخابية والتجديد الشعبي لقوى 14 آذار". وعن الوضع الحالي في انتظار انتخاب رئيس جديد لمجلس النواب وتأليف الحكومة، ينظر صفير إلى الأجواء نظرة تشاؤمية. ولهذه النظرة مستويان: الأول، يخص الديموقراطية، بحيث يعتبر البطريرك أنه يجب الانتهاء من الديموقراطية التوافقية على اعتبار أنّ هذا النمط من الحكم يؤدي إلى تعطيل المؤسسات. والثاني، في عدم الشعور بالأمان نتيجة ارتباط الهدوء الداخلي بالهدوء الإقليمي والحوار الذي يجري خارج حدود الدولة اللبنانية. وفي الأوضاع الداخلية أيضاً، طرح صفير مع زوّاره موضوع إعادة النظر بالعلاقات اللبنانية ـــــ السورية. وأكد ضرورة استكمال الحوار مع دمشق &laqascii117o;انطلاقاً من الثوابت التي اتّفقت عليها الدولتان خلال لقاء سليمان ـــــ الأسد أو اللقاءات الأخرى التي جمعت وزراء من البلدين".
وإذ كان لافتاً أنّ أعضاء الرابطة المارونية لم يتطرّقوا إلى هذا السجال خلال اجتماع الرابطة أمس، أشار أحد المطّلعين على أوضاعها إلى أنّه فُضّل عدم البحث في هذا الموضوع &laqascii117o;لأنّ ثمة اختلافاً كبيراً في وجهات النظر بين الأعضاء. لذا، فضّلنا عدم خوض سجال في ذلك وتجنّب الموضوع". وأكد أحد أعضاء الرابطة استعداده للاحتجاج على موقف البطريرك صفير لو تمّ طرح الموضوع في لقاء أمس، مضيفاً &laqascii117o;على كل مرجعية أن تعيد حساباتها قبل إطلاق المواقف السياسية، وخصوصاً أنّ هذه المرجعية هي بكركي، وعليها التحلّي بالمسؤولية في هذا الظرف والمحافظة على وحدة الصف المسيحي وتكريس أجواء الوفاق التي يعيشها لبنان منذ 8 حزيران".
يتقاطع هذا الحديث مع موقف أحد مسؤولي التيار الوطني الحرّ، الذي أشار إلى البطريرك صفير: &laqascii117o;هي المرجعية الدينية الوحيدة التي خرقت قرار وزارة الداخلية وقانون الانتخابات بالبيان السياسي الذي خرج عن بكركي قبل يوم من 7 حزيران". يضيف: &laqascii117o;وهي الوحيدة أيضاً التي خالفت أجواء المطارنة وانحازت إلى طرف سياسي وكرّست تدخّل المؤسسات الدينية بالسياسة".
ـ صحيفة الأخبار
إبراهيم الأمين :
برغم أن الانتخابات النيابية اللبنانية مثّلت حدثاً بارزاً في ما خصّ سياسات المنطقة، إلا أنها لا يمكن أن تحدث تعديلاً جوهرياً في الخطط الكبيرة والعملانية التي تخصّ مستقبل المنطقة، ولا سيما الوضع في لبنان. وكان البارز على هذا الصعيد ما أعلن في خضم الحملة الانتخابية عن أن فوز المعارضة سيعرّض لبنان لحرب جديدة تشنّها إسرائيل. وبرغم فشل هذا الخطاب في ثني ناخبين مؤيّدين للمقاومة عن قرارهم، فإن في لبنان من نظر إلى الأمر بعين حذرة، ولا سيما أركان في فريق 14 آذار من الذين يعتقدون أن من واجبهم ومن مصلحتهم تحذير اللبنانيين، ليل نهار، من سلاح المقاومة، وهم الذين يعتقدون أنه لا وجود لمخاطر حقيقية من إسرائيل إلا إذا قام حزب الله بعمل ضدها، ويعودون هنا إلى عام 2006 حيث يصرّون على أن عملية الأسر في 12 تموز سبّبت الحرب الواسعة التي شنّتها إسرائيل.
وإذا كان في لبنان أيضاً من لا يقيم وزناً فعلياً لمواقف &laqascii117o;القيادات المسيحية" في فريق الأغلبية النيابية، فإن المواقف التي يمكن التعامل معها على أنها إشارة حقيقية، هي تلك التي صدرت عن النائب سعد الحريري ومن ثم عن النائب وليد جنبلاط في ما خصّ سلاح المقاومة، وفي ما خصّ التهديدات الإسرائيلية. وهو أمر يشير بقوة ـــــ على الأقل من جانب موقف الحريري ـــــ إلى أن العواصم المعنية بالموضوع، عربياً ودولياً، تحبّذ هذا النوع من الخطاب، وهي ترى في التهدئة مع حزب الله فعلاً يندرج في سياق عام يتجاوز لبنان ومشكلاته الداخلية، وعدم شمول القيادات المسيحية في 14 آذار بهذه الموجة يعود أوّلاً إلى أن الغرب لم يعتمدها مطلقاً لاعباً فاعلاً، كما أنها تعتقد أنها بحاجة إلى مزيد من الخطب بشأن هذا الأمر، لأن في ذلك ما يبقيها في إطار الشاشة بعدما انتهى دورها الفعلي مساء السابع من حزيران الماضي، ولا سيما أن الكل يعرف أنها لم تعرف الطريق إلى المجلس النيابي إلا بأصوات الحلفاء النافذين لها في تيار &laqascii117o;المستقبل" والحزب التقدمي الاشتراكي.
على أي حال، فإن النقاش بشأن سلاح المقاومة ينطلق أيضاً من اعتبارات أبرزها أنه موضوع سيكون على طاولة أي جلسة حوار تعقد الآن أو لاحقاً، وبالتالي فإن المقدّمات تبدو ضرورية عند أطراف كثيرين، باعتبار أن البعض من قوى 14 آذار يعتقد أن الأمور تحتاج إلى سجال دون أي تهدئة أو تراجع. وهو الأمر الذي يحاول الحريري وجنبلاط تجنّبه لأسباب عديدة.
ـ صحيفة الأخبار
فداء عيتاني :
ما بعد وفاة يكن: أزمة وجود في &laqascii117o;العمل الإسلامي"
وضعت وفاة الدكتور فتحي يكن جبهة العمل الإسلامي أمام مفترق طرق طالما تجنّبت الوصول إليه، وكانت في كل مرة شخصية يكن، وامتداداته المحلية والإقليمية وحتى الدولية، تمكّن الجبهة من كسب المزيد من الوقت قبل أن تحسم أمرها في مواصلة مسيرة بدأتها برعاية خاصة من حزب الله وعدد من القوى، ليس أقلها سوريا وإيران ولا حتى حركة الإخوان العالمية، من تركيا إلى غيرها، التي لطالما فتحت الأبواب واسعة أمام يكن، ومن معه. وفاة يكن لا تعني نهاية العمل الإسلامي، سواء وفق جبهة أو وفق المجموعات الرئيسية المكوّنة لهذه الجبهة، والشخصيات الرئيسية فيها. لكن هذه الوفاة وضعت الجميع أمام ما كانوا يتجاوزونه دائماً، وهي استعادت في أذهان البعض من القياديين في الجبهة ما سبق أن تفاهم عليه الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله ويكن خلال لقاء جمعهما إلى بعض القياديين من الطرفين قبيل إعلان إطلاق العمل الإسلامي، وكان حزب الله حينها الجهة الراعية لهذا التحرك، وهو وفى بالعديد من تعهداته، إلا أن بعض أساليب العمل لم تعد تلائم مرحلة ما بعد وفاة يكن.قبيل رحيل الرجل، ومع تدهور حالته الصحيّة، جرت مجموعة من الاتصالات، وخاصة مع تأكيده لمن حوله أن &laqascii117o;هذه المرة هي الأخيرة التي أقع فيها طريح الفراش"، وتم التوافق حينها على تشكيل قيادة جماعية مؤقتة تسيّر الأمور إلى ما بعد الانتهاء من أزمة مرض ومن بعدها رحيل الرجل الكبير. وخلال مراحل التعزية في الأيام الماضية، بدأ يسود خوف لدى أوساط في الجبهة من أن يكون تقبّل التعازي يتم لا بيكن وحده، بل بمشروعه السياسي. ورغم حرص حزب الله على الإحاطة واحتضان العزاء وخاصة في بيروت، بعدد من وجوهه البارزة، أو ربما بسبب من هذه الإحاطة، وبسبب ما حصل في الانتخابات، وحجم العمل الذي قامت به الجبهة في خلال الانتخابات لستّة مرشحين كانت تعلم أن واحداً منهم فقط سيفوز، فإن اليوم في الجبهة من بات يعتقد بأن النقاش يجب أن يفتح سريعاً وبجدية حول مستقبل العمل الإسلامي.
وتأسيس جبهة العمل الإسلامي كان على قاعدة إطلاق دينامية إسلامية رديفة لحزب الله، يمكنها التفاعل مع الشارع وتعمل على الشعارات الرئيسية للمعارضة، ولا سيما التي تحظى بتوافق مبدئي عليها، وخاصة مقاومة الاحتلال الإسرائيلي، وصولاً إلى أداء دور سياسي وأبعد من سياسي في العنوان الرئيسي أي القضية الفلسطينية، وكان الاتفاق حينها على أن عباءة الدكتور يكن يمكنها أن تضم قوى إسلامية، مثل بلال شعبان وحركة التوحيد، والشق الآخر من التوحيد مع الشيخ هاشم منقارة، وقوات الفجر في صيدا مع عبد الله الترياقي، إضافة إلى تجميع شخصيات إسلامية ذات وزن وفاعلية وحيثيات خاصة، من الشيخ عبد الناصر جبري والشيخ زهير الجعيد ومحمود البضن وغيرهم، على أن توضع البرامج السياسية والأطر التنظيمية في مرحلة لاحقة. وفي كل مرة كان الحدث يسبق الجبهة، فمن حرب نهر البارد، ومسيرة مفاوضات طويلة خاضها يكن، مع من سيصبح مرشح الجبهة في المنية ـــــ الضنية جميل رعد، وبين فتح الإسلام والجيش اللبناني، حين كان بقيادة الرئيس ميشال سليمان، ومن ثم اضطرابات جبل محسن وباب التبانة، وصولاً إلى الانتخابات النيابية التي قرر عند أبوابها يكن أن يرشّح ستة من الجبهة رغم وجود مرشح مضمون، على قاعدة اختبار عصب الجبهة والقياديين فيها في الانتخابات، كل في منطقته، ومقارنة قدرات الجبهة بقوى أخرى، كالجماعة الإسلامية، التي عاشت حالة مماثلة. وفي كل منعطف كان يؤجل إقرار البرنامج السياسي والإطار التنظيمي للجبهة، علماً بأن ثمة من يقول إنه يمتلك النسخة الورقية من المشروعين، وهي النسخة التي وافق عليها يكن قبيل وفاته.
النقاش الداخلي الذي لا يزال يدور همساً اليوم بين قياديّين في الجبهة، بانتظار القيام بواجبات وفاة يكن، يدور حول نقطتين: هل الجبهة ستتحول نحو مؤسسة؟ فما كان يغطيه يكن بعباءته، ويسجّل بحضوره القيادي طغياناً على الحساسيات الداخلية، أو حتى على النقص التنظيمي والسياسي. وإذا لم تكن ستتحول إلى مؤسسة، فما هو مصيرها؟ هل ستكون لقاءً آخر يضاف إلى مجموعات من اللقاءات الوطنية والإسلامية، وتتنازعها مجموعة قوى وشخصيات وتتحول إلى غطاء لا فاعلية له أكثر من إصدار بيانات وإدانات.
في جبهة العمل من يصرّ على أن لا ينتهي مشروع فتحي يكن السياسي مع وفاة الرجل، وأن تتحول الجبهة إلى إطار سياسي فاعل، وأن تكون عبارة عن حزب أو حركة يمكنها أن تضمّ من هم أكثر من محازبين لطرف في الجبهة، معطياً المثال عن حركة التوحيد التي كانت في بدايتها عبارة عن عدد من المجموعات من الطلائع وجند الله ومجموعات خليل عكاوي، ثم تحولت مع الوقت إلى إطار تنظيمي اجتذب على اسمه الكثير من الأنصار، وفي الوقت ذاته يحرص هؤلاء على التأكيد أن حزب الله يجب أن لا يؤدّي دوراً شبيهاً بما قام به ياسر عرفات مع التوحيد، وبالتالي، من المرغوب اليوم من حزب الله أن يتدخل لإطلاق الدينامية ما بعد وفاة يكن، ثم أن يتعامل مع الجبهة بالجملة لا بالمفرق، وأن يقطع صلاته مع الأطراف داخل الجبهة، مكتفياً بالاعتراف بها ككتلة واحدة.
لا يتوهم أحد في الجبهة أن الأمور ستُعدّل خلال أيام، ولكنّ هناك أملاً جدياً لدى قياديّي الجبهة بأن تبدأ مسيرة مؤسساتية، تتمكن من صوغ حالة إسلامية مقاومة ولو على المستوى السياسي، وقادرة على بناء نفسها إذا تلقّت ما تحتاج إليه من دعم من حزب الله، وهنا لا أحد يحاول الاختباء خلف إصبعه والقول إن الجبهة ستبني نفسها بقدراتها الذاتية المتواضعة، والنقطة الثالثة هي صوغ علاقات داخلية متينة تمنع التدخلات الخارجية سواء من أطراف سياسية أو من سوريا وإيران، على أمل أن تكون صيغة الاتصال محصورة بقيادة الجبهة، التي لا يعتقد أحد أنها يمكن أن تبقى قيادة جماعية، بل يفترض أن تتحول إلى قيادة فرد، بغضّ النظر عن اسمه، ولكن يمكن دائماً تسمية مرشحَين لقيادة الجبهة، هما: الشيخان ماهر حمود وعبد الناصر جبري
ـ صحيفة الأخبار
حسن عليق :
حزب الله ــ الاشتراكي بلا وسيط: لقاء قمّة قريب
لم يعد هناك من عائق يحول دون اللقاء المباشر بين الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط. وما يحدد الموعد خلال الأيام القليلة المقبلة هو &laqascii117o;الإجراءات الأمنية الخاصة بسماحة السيد"، بحسب النائب أكرم شهيب، الذي يتولى مع رئيس لجنة الارتباط والتنسيق في حزب الله وفيق صفا إتمام الترتيبات اللوجستية الختامية التي ستسبق لقاء قائديهما، والذي سيكون الأول منذ أكثر من 3 سنوات.بين شهيب وصفا اتصالات لم تنقطع منذ أن نجح الوزير طلال أرسلان بجمع جنبلاط ورئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد في خلدة، إذ اتفق الطرفان على أن يتولى نائب عاليه ومسؤول &laqascii117o;اللجنة الأمنية" في حزب الله متابعة الشؤون الميدانية ومحاولة إجراء مصالحات ميدانية بين مناصري الحزبين، بعد الندوب التي خلفتها أحداث أيار 2008 على العلاقة بين التنظيمين، ومن خلفهما منطقتان وطائفتان.
وقد ساهمت &laqascii117o;الخلية" الثنائية بتهدئة الأجواء على خطوط التماس التي رسمتها أحداث أيار، وامتد دورهما إلى ما يشبه عمل لجنة الارتباط الأمنية ـــــ السياسية خلال الفترة السابقة للانتخابات النيابية، ما ساعد على أن يمر الاستحقاق الانتخابي &laqascii117o;مرور الكرام" في المناطق الشيعية والدرزية والمختلطة بينهما. وقبل ذلك، شكلت الاتصالات بين الرجلين أحد السدود التي منعت امتداد المشكلات التي وقعت في بيروت يوم 14 شباط 2009، والتي أدت إلى استشهاد المواطن لطفي زين الدين. (...) وفي هذا الإطار، يؤكد شهيب أن جنبلاط ونصر الله سيتحاوران، لكن كل من موقعه السياسي. فالحوار هو استكمال لخطاب الزعيم الدرزي منذ ما بعد اتفاق الدوحة. ورغم أن هذا اللقاء هو بمثابة طيّ لصفحة الاشتباك السياسي والعسكري بين الطرفين، إلا أنه لا يعني أن جنبلاط سيغادر موقعه السياسي، بل هو تأكيد للثوابت التي تحمي البلاد في ظل المتغيرات الحاصلة في المنطقة. ومن هذه الثوابت، ما دأب &laqascii117o;جنبلاط على قوله منذ عام 2005، وكرره في واشنطن وباريس، من أن البحث في سلاح المقاومة هو شأن لبناني داخلي، ولا يحلّ إلا بالحوار وبطمأنة المقاومة". أما أن يفتح اللقاء عهداً سياسياً جديداً في لبنان، &laqascii117o;فذلك رهن بالطرف الآخر. إذ كيف سنتعامل مع ميشال عون الذي يشتمنا كل يوم؟". ويؤكد شهيب أن ما بين حزبه وحزب الله منفصل عن العلاقة مع سوريا. فرئيس &laqascii117o;الاشتراكي" أوضح أكثر من مرة عدم وجود أي مشكلة مع الشعب السوري، وأن التعامل بين بيروت ودمشق يجب أن يكون محكوماً بالندية من خلال مصالح الشعبين والدولتين.ولا يغفل شهيب الإشارة إلى دور الرئيس نبيه بري المركزي في إزالة شوائب أيار 2008 بين حزب الله والاشتراكي، ناهيك عن الوزير طلال أرسلان الذي تابع التواصل بين الطرفين متابعة حثيثة، إلى أن باتت الطريق بينهما سالكة. وفي هذا الإطار، يؤكد أحد المقربين من أرسلان أن الأخير &laqascii117o;لم يبحث عن مكسب سياسي بعد التفويض الأمني الذي حمّله إياه نصر الله وجنبلاط، بل كان همّه هو أن يعود الأخير إلى موقعه الطبيعي، وأن تعود العلاقة بين الجبل والضاحية إلى ما كانت عليه".

2009-06-19 14:46:09

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد