صحف ومجلات » مقالات وتحليلات الصحف اللبنانية الصادرة صباح اليوم الأربعاء 24/6/2009

- صحيفة 'النهار'

سمير منصور:

جنبلاط يدعو إلى التعاون وتسهيل عودة العمل طبيعياً إلى المؤسسات
'لا شيء نهائياً' عند الحريري... وأولوياته مقوّمات النجاح
.. خلاصة القول ان سعد الحريري غير مستعد لان يترأس الحكومة من دون ضمانات نجاحه. وان كل شيء رهن بمروحة اتصالات مع أركان المعارضة خصوصاً، سيجريها فور عودته، وربما تم تحضير معظم مواعيدها.وللمناسبة، تحرص اوساط جنبلاط على توضيح قراره طلب سحب الحماية الامنية من حول مقره في قصر المختارة ومحيطه إذ تؤكد ان 'القرار كان متخذاً قبل اللقاء مع الامين العام لـ'حزب الله' السيد حسن نصرالله، والمؤسف ان البعض حاول الربط بين اللقاء وتوقيت اعلان القرار. ومن السخافة الايحاء اننا كنا مهددين قبل اللقاء واصبحنا محميين بعده. فهذا اصطياد في الماء العكر وكلام لا يستأهل الرد او التعليق'. وتضيف: 'حتى تكريم الضباط والعناصر الامنية كان مقرراً قبل الانتخابات وارجئ الى ما بعدها.وتأمل ان 'يحذو الآخرون حذو جنبلاط لكي يستفاد من الضباط والعناصر في امكنة اخرى وفي مواقعهم الطبيعية في المناطق والمخافر'.وسواء تعلّق الامر بقوى الامن او الجيش، فإن خطوات مماثلة من الآخرين ستوفر على المؤسستين وعلى الخزينة الكثير، ولا سيما ان مراجع رسمية تتحدث عن مبالغة لدى البعض في تقدير حجم أمنهم الشخصي من خلال طلبات متكررة من قيادة الجيش.فهل من 'يزايد' على وليد جنبلاط في قراره الاخير؟ ومن اين ستكون الخطوة الثانية؟.

- 'النهار'

سركيس نعوم:

ايران: إما قمع دموي وإما تصاعد الاحتجاجات... وإما الحل العالمثالثي اي 'العسكر' !
يقول قريبون من النظام الاسلامي الايراني في بيروت ان قادة هذا النظام وفي مقدمهم المرشد والولي الفقيه آية الله علي خامنئي كانوا يريدون اقناع العالم وخصوصاً المعادي لهم ان الديكتاتورية التي يتهمون بها سواء من الغرب الديموقراطي او حتى من الشرق الديكتاتوري ليست احدى سمات نظامهم. ويقولون ايضاً ان الانتخابات الرئاسية التي اجريت في 12 حزيران الجاري كانت ستكون وسيلة الاقناع الاساسية...لا يستطيع احد 'التبصير' في الموضوع الايراني. لكن ما يراه البعض هو ان ثبات نظام ايران الاسلامي حتى الآن كان بسبب تضامن العلماء والعسكر (حرس ثوري وباسيج ثم جيش)، وان اهتزاز هذا التضامن قد يفتح الباب امام العسكر للتدخل المباشر عسكرياً و'سياسياً' وللحصول على دور مباشر في الحكم، وخصوصاً اذا وصلت البلاد الى حافة الحروب المستمرة والفتن، واذا أثخن تطور الاوضاع سلباً المرشد والولي الفقيه بالجروح.

- 'النهار'

جورج ناصيف:

عندما يجتمع القمع مع التفسير الديني السلطوي...
ليس أبشع ولا أخطر ولا أمضّ من الاستبداد العسكري او الطائفي او الاقلوي او الطبقي، غير الاستبداد العسكري متجلببا بلباس الدين. فعندما تجتمع القوة القمعية العارية مع قوة النص الديني بتفسير بشري منحاز الى سلطة الحاكم ومصالحه، عوض الانحياز الى مقاصد الشريعة، يسود القهر وتسلب حرية الانسان، اغلى عطايا الوجود. الدين، اذذاك، برقع لشهوات السلطة ومفاسدها، لا مرقاة الى النماء الروحي والخلقي. الفيصل القاطع، ساعتذاك، يكون للشارع لا للشرع. هذا ما تُنبئنا به اخبار طهران التي تستدعي بعضا من الخواطر:
اولا- منذ تولي الرئيس الاصلاحي محمد خاتمي موقع رئاسة الجمهورية، ازدادت منابر الحوار العقدي والايديولوجي والسياسي، واكتسبت درجة عالية من الرصانة والجدية في الموضوعات النقاشية التي تتناولها. طهران، في سنوات خاتمي، هي الساحة الاشد خصوبة وحيوية للاطروحات الدينية الجريئة التي تبدو محرّمة او شبه محرّمة في الفضاء الفقهي السني العربي. حتى المسيحية اللبنانية اصابها التكلس الفكري او الخمول الذهني، فارتدّت جل ادبياتها الدينية الى الخواطر والتأملات والقصص الديني والسرد التاريخي وسيَر القديسين والتكرار البليد للمحفوظات الشائعة في كتب التعليم الديني، بعيدا من الاطروحات اللاهوتية التي تستثير السجال العقلي او تحضّ على التفكّر خارج الترسيمات الجاهزة. وعندما يصدر كتاب دسم على المستوى اللاهوتي، يلقى الاهمال او الاعراض عنه، فيذهب الى النسيان والموت. فقط في الساحة الفقهية الشيعية الايرانية، كان يمكن ان تقرأ دراسات ورؤى عن الحداثة والعقلانية في الدين لداريوش شايغان وعبد الكريم سروش ومحمد مجتهد شبستري ومصطفى ملكيان وسواهم من المشتغلين في شؤون العلاقة بين الدين والدنيا، في ضوء معارف العصر وتحدياته ومدارسه الفكرية وادواته العقلية. (مجلة 'قضايا اسلامية معاصرة&rdqascii117o;) لصاحبها د. عبد الجبار الرفاعي ذات دور ريادي في هذا المضمار).
ثانيا: رغم هذه الخصوبة في طهران، بقيت الساحة الفقهية الشيعية في لبنان، ومثلها النخبة السياسية والثقافية الملتفة حول حركة 'امل' و'حزب الله' غائبة عن المساهمة الجدية في هذا النقاش (ما خلا اجتهادات الامام الشيخ محمد مهدي شمس الدين في مرحلة سابقة) فيما لا تخلو الساحة الفكرية او التاريخية من مساهمات على قدر عال من الرصانة (وجيه كوثراني، احمد بيضون، وضاح شرارة، وجيه قانصو، وسواهم).هل هو الخمول الفكري العام الذي يلف الحياة الدينية اللبنانية، ام حصرية اهتمام هذه النخب بالشأن السياسي العابر او الصراعات حول السلطة في لبنان؟

- صحيفة 'السفير'

خضر طالب:

حماسة الخصوم وتردد الحلفاء: سبع نقاط لعبور الحريري إلى السرايا
هل يحدد اسم رئيس الحكومة صفة المرحلة المقبلة وطبيعتها؟
... في ضوء ذلك النقاش الدائر بحرارة، تبدو قضية تكليف النائب الحريري في دائرة التجاذب الداخلي أولاً، أي ضمن الفريق الذي يحيط بالحريري، حول التبعات التي ستترتب عليه في حال استمر ملحاً في &laqascii117o;طلب الولاية". وهنا يبدأ &laqascii117o;ضرب الأخماس بالأسداس" التي تحسب لدى المقربين وتتوالى في ضوئها النصائح، المتناقضة أحياناً، حول حجم &laqascii117o;المحصول" السياسي لتولي الرئاسة الثالثة التي يظهر الحريري نفسه أكثر المتحمسين لها، وإن لم يلمس &laqascii117o;استنفاراً" سعودياً لمواكبة هذا التكليف. لكن النقاش في المقلب المقابل يتخذ منحى آخر، فهو يذهب نحو احتساب الأرباح &laqascii117o;الكبيرة" التي سيوفرها تكليف الحريري برئاسة الحكومة، ويتوغل أكثر في قراءة طبيعة المرحلة التي ستتحدد في ضوء انتقاله إلى السرايا الكبيرة الذي يحتم عليه تغييراً في السلوك والخطاب السياسيين، كان قدم عنهما نموذجاً واضحاً مساء 7 حزيران بعد انتصاره في الانتخابات النيابية. ومع أن هذا النقاش يستفيض في تعداد المكاسب السياسية التي ستعوض الهزيمة الانتخابية، وربما تتجاوزها في حجم &laqascii117o;الفوائد" التي سترتد لصالح فريق المعارضة، إلا أن الرهان الأساسي يتمحور حول سبع فوائد مباشرة وغير مباشرة ستوضع في حساب هذا الفريق وسيكون مطلوباً من الحريري دفع أثمانها:
1 ـ مجرد قبول النائب الحريري بتولي رئاسة الحكومة يعني أنه حكماً قد وافق ضمناً على إنجاز المصالحة مع سوريا التي لن تستطيع أي شخصية لبنانية أخرى تحقيقها بالدرجة التي تتحقق فيها من خلال الحريري نفسه.
2 ـ سيجد الحريري نفسه مضطراً للتعاطي مع القوى السياسية الرئيسية في البلد، وتقديم التنازلات ـ الإغراءات لها لتأمين مشاركتها في الحكومة، وبالتالي الحصول على ثقة واسعة في المجلس النيابي يريدها أن تكون فاتحة دخوله الرسمي إلى السرايا الحكومية، وهو لا يرغب مطلقاً في أن يحظى في بداية حياته &laqascii117o;الرئاسية" بثقة ضعيفة لا تؤمن له الحماية لاحقاً. وهذا ما يعني أن الحريري الذي يقود أكبر كتلة نيابية في البرلمان سيجد نفسه واقعياً أقرب إلى الكتل الأربع الكبيرة الأخرى: كتلة الرئيس نبيه بري (التنمية والتحرير)، كتلة حزب الله (الوفاء للمقاومة)، كتلة العماد ميشال عون (الإصلاح والتغيير)، إضافة إلى كتلة النائب وليد جنبلاط. إذ إن بقية الكتل النيابية من خارج هذه المجموعات الرئيسية لا تؤمن له الحماية. وعلى اعتبار أن هذه الكتل الأربع تؤمن وحدها أكثر من نصف أعضاء المجلس النيابي وإذا ما أضيفت إلى كتلته فإنها تشكل ما يزيد على ثلثي أعضاء المجلس النيابي، بل ويصل عديدها إلى نحو 100 نائب.
3 ـ لن يكون الحريري قادراً على &laqascii117o;التغريد" في الخطاب السياسي بعيداً عن خطاب وليد جنبلاط الذي ابتعد بما يكفي عن خطاب الخصومة، وتحديداً عن خطاب &laqascii117o;صقور" 14 آذار.
4 ـ إن تولي الحريري رئاسة الحكومة يعني أنه سينفذ عملية تموضع سياسية تكون قريبة جداً من تموضع حليفه الرئيسي وليد جنبلاط، ما يعني محاولة أخذ كل قوى 14 آذار نحو تموضع مختلف عن السابق، وهذا ما لن يشارك فيه الفريق المسيحي في قوى 14 آذار والذي قد يلجأ إلى المواجهة.
5 ـ صحيح أن الحريري الابن لم يقدم نفسه خلال السنوات الأربع الماضية على أنه رجل تسويات قادر على &laqascii117o;تدوير الزوايا" على غرار والده الرئيس الشهيد رفيق الحريري، فالظروف لم تسمح له بتقديم نفسه بشكل صحيح، بينما كان الرئيس رفيق الحريري قد جاء إلى السلطة في مرحلة استقرار سياسي واسع، وهو الذي كان تدرّج سلفاً في صياغة تسويات ومفاوضات وتدوير زوايا وأتقن سياسة الاستيعاب. ولهذا فإن النائب الحريري قد أيقن بالتجربة أن أداء والده كان الأنجع في معالجة الحالة اللبنانية الفريدة، وهو سيكون محكوماً بسلوك هذا الأداء.
6 ـ سيؤمن تولي الحريري لرئاسة الحكومة فرصة جيدة لقوى المعارضة لالتقاط الأنفاس من أجل إعادة تنظيم نفسها بعد مواجهات مضنية على مدى أربع سنوات كانت الأقسى في طبيعتها وحدتها وتنوعها وتعدد أوجهها وأبعادها.
7 ـ يشكل تولّي الحريري رئاسة الحكومة ظرفاً جيداً لتخفيف حدة الاحتقان السياسي والمذهبي الذي هيأ له ذلك الاصطفاف الواسع خلفه في الانتخابات النيابية، ويتيح المجال لتعزيز التنوع الذي يكسر احتكار التمثيل النيابي ـ السياسي للسنّة في لبنان. لكل ذلك، يصبح النائب الحريري، واقعياً، مرشح فريق المعارضة لرئاسة الحكومة أكثر مما هو مرشح حلفائه الذين بدأ بعضهم بإجراء جردة حساب للخسائر التي سيمنون بها، بعد أن باتوا يسلمون بأن انتصارهم في الانتخابات النيابية لا يمكن صرفه في السياسة، وبعد أن أيقنوا أن ما بعد 7 حزيران هو فعلاً غير ما قبله...

- 'السفير'

 جورج علم:

إذا صدقت معادلة &laqascii117o;س. س" يتأمن إذن المرور للتأليف..الحريري لا يُكلف ليفشل أو ليقوم بتصريف الأعمال
... ومع التوغل بعيدا في حقل الاهتمام الدبلوماسي العربي يبرز السؤال: ماذا يعني وجود سعد الحريري في السرايا؟. ويأتي الجواب على لسان كوكبة من الدبلوماسييّن، بأن الحريري يتحول الى الرقم الصعب والشريك الأساسي في تحمل تبعات المسؤوليّة الى جانب رئيس الجمهوريّة. فهو بقوته ونفوذه قادر على تجاوز المطبات وإزاحة العراقيل، من دون سقوط ضحايا سياسية، وهذا هو المطلوب، ومن يرد ان يستفسر أكثر حول: الكيف؟، ولماذا؟، فعليه ان يقتنع بأن معادلة &laqascii117o;س. س" باتت منتجة، ويتم البناء عليها، وأن الضوء الأخضر الأميركي ـ الأوروبي ـ العربي قد احتل كلّ الإشارات إيذانا للجميع بالمرور. ومن يرد ان يبقى جامداً عند تقاطعات الماضي، عليه ان يعتبر ويتعظ ويتحمل المسؤوليّة إذا ما ظلّ مكابراً، &laqascii117o;وعندما يميل رأس الهرم الأكثري ليصبح في موقع المسؤوليّة، فإن التغيير سيطال المواقع الأخرى وعلى الضفة المقابلة مهما كانت اللحمة شديدة بين مكونات المعارضة؟!"... وليس من قبيل الصدف أن يتكاثر الحديث عن الأوراق البيضاء في صفوف الكتائب والقوات اللبنانية وبعض رموز الفريق المسيحي في قوى 14 آذار، لإملاء دفتر شروط على نبيه بري مقابل انتخابه رئيساً لمجلس النواب، لأن في هذا التوجه نوعاً من محاولة التموضع من جديد، وإن كان هناك من يعتقد بأن سعد الحريري قد يتمكن ـ إن هو شاء ـ من تقديم الوصفة السحريّة من خلال سلسلة الاجتماعات والاتصالات التي سيتولاّها شخصيّا فور عودته الى بيروت. وتبدأ &laqascii117o;السيرة الذاتيّة" للأوراق البيضاء هذه من لحظة &laqascii117o;بشرى النتائج" بعد إقفال صناديق الاقتراع، فأطل الحريري ليل السابع من حزيران ليزفّ بشرى النتائج، ويؤكد بأن الانتصار ليس موجّها ضد أي كان، وإنه يعلن سياسة اليد الممدودة باتجاه الجميع، وإن سلاح حزب الله خارج إطار البحث، وإنه (الحريري) على استعداد لتقديم ضمانات؟!... لقد فوجئ الفريق المسيحي الأكثري، بالتفرّد في الموقف الصادر عن الثنائي الجنبلاطي ـ الحريري، وشعر للوهلة الأولى بأنه ضحيّة &laqascii117o;صفقة" او تسوية سياسيّة لم تتضح عنده معالمها بعد، وبالتالي لم يشارك فيها، وكأن المطلوب منه ان يوقّع على بياض تجاه أي موقف او خيار يلتزم به جنبلاط او الحريري مقابل الدعم الذي قدماه للحلفاء المسيحيين إن عند تشكيل اللوائح، او من حيث المساهمات الأخرى التي وفّرت للرئيس أمين الجميل كتلة نيابيّة كتائبيّة من خمسة نواب، ولسمير جعجع كتلة نيابيّة قواتيّة بخمسة نواب لتنتهي أمس الأول بثمانية بعد انضمام ثلاثة من كتلة نواب &laqascii117o;زحلة في القلب". ويبقى لعامل الوقت دوره، والمهلة المتاحة ما بين التكليف والتأليف قد تمتد من أسبوعين الى خمسة أسابيع، وهي مهلة لا بدّ من ان تكون منضبطة، ومضبوطة ضمن خطوط حمر، وتشكل متنفساً ديموقراطيّا بحيث يقول كلٌ رأيه، ويدلي بدلوه إن في مواصفات الحكومة التي يريد، او في لعبة الشروط والشروط المضادة التي قد تشهد حماوة في العرض، وأيضا في الخطاب السياسي، لكن في &laqascii117o;اللحظة المناسبة"، سيحلّ الوحي، وستكون هناك حكومة مقرونة بسلّة من الضمانات. ومن هذه الضمانات أن سعد الحريري لا يُكلف لكي يفشل، ولا يأتي الى سرايا الحكم ليقوم بدور تصريف الأعمال، بل سيكون مؤتمناً على تنفيذ برنامج سياسي ـ اقتصادي معبّر عن عناوينه في بيان وزاري مدروس، يستشرف تحديات المرحلة التي تواجه لبنان، على المستوى الدولي ـ الإقليمي ـ العربي ـ المحلي في ظلّ الأزمة الاقتصادية الدوليّة الخانقة، والأولويات الأميركيّة ـ الإسرائيليّة التي تتزاحم على أبواب المنطقة.

- صحيفة 'الأخبار'

نقولا ناصيف:

2005 ـ 2008: السنيورة في ظلّ سنوات الجفاف
...هكذا اكتشف(السنيورة) في حرب تموز 2006، بحسب معاونيه، أنه الشخصية اللبنانية الوحيدة التي تستطيع التحدّث مع كل زعماء العالم تقريباً حينذاك كي ينتقل بالمواجهة العسكرية مع إسرائيل إلى أخرى دبلوماسية حققها القرار 1701. وضع حكومته على طاولة تفاوض بين طرفين تجاهلاها عندما خاضا الحرب. لا حزب الله يسلّمه الأسير، ولا إسرائيل تعوّل على دور الحكومة اللبنانية لتجريد الحزب من سلاحه. وخلافاً للمحكمة الدولية وقراري 5 أيار، قارب السنيورة علاقة حكومته بحرب تموز على أنها دور، وليست قراراً، عبّرت عن ذلك أولاً خطة البنود السبعة في روما التي مهّدت لقرار مجلس الأمن، ثم تحوّل الحكومة اللبنانية مفاوضاً عن حزب الله من دون أن تكون شريكاً في حربه تلك. وبحسب مساعديه، فإن القرار 1701 يقود لبنان إلى اتفاق الهدنة مع إسرائيل ريثما يتحقق السلام الشامل. إذا غادر رئاسة الحكومة، يكون السنيورة قد خلّف وراءه بين 2005 و2008 بعض قرارات الأعوام العجاف: أولها تثبيته حلاً سياسياً لأزمة دستورية هي استقالة الوزراء الشيعة الخمسة في 11 تشرين الثاني 2006. رفض الاستقالة الجماعية وعدّهم واعتبرهم غائبين عن جلسات مجلس الوزراء، وتفادى تعيين وزراء شيعة بدلاء تجنباً لانفجار مشكلة مذهبية سنّية ـــــ شيعية. كان لحود قد انضم إلى موقف الوزراء المستقيلين، كرئيس المجلس نبيه برّي، عندما عدّ الحكومة غير شرعية، فأضحى هؤلاء في مواجهة رئيس الحكومة الذي رفض استقالة حكومته باستقالة خمسة وزراء. تجاوز رفض رئيس الجمهورية المشاركة في جلسات مجلس الوزراء. فإذا المشكلة بين الطائفتين. تبنّى السنيورة وجهة نظر الوزير خالد قباني، وتمسّك بدستورية حكومته التي لا تستقيل إلا باستقالة أكثر من ثلث أعضائها. غطى شرعية حكومته وهو يأخذ في الحسبان الاستقرار الداخلي وتجنّب المواجهة مع الشيعة، كي يقول أيضاً إنه يعارض بالممارسة إعطاء طائفة صلاحية فوق الدستور. كذلك فعل حلفاؤه والدول المتعاطفة معهم. كَمَنَ الحلّ الدستوري في تعيين وزراء بدلاء، لكنه اختار حلاً سياسياً مزدوجاً: رفض الاستقالة كي يبقى التمثيل الشيعي قائماً في الحكومة، مدركاً خطورة تعيين وزراء آخرين كان سيرفضه رئيس الجمهورية أيضاً، وفي الوقت نفسه رفض وضع مصير الحكومة وحق إقالتها في يد طائفة.
ثانيها، تسلّمه على رأس حكومته صلاحيات رئيس الجمهورية وكالة منتصف ليل 23 تشرين الثاني 2007، بعد تعذّر انتخاب خلف للحود. صباح اليوم التالي، زار بكركي لطمأنة البطريرك إلى أنه يستخدم هذه الصلاحيات بـ&laqascii117o;روحية تصريف الأعمال" كي لا يوحي أن رئيس الحكومة السنّي أمسك بصلاحيات رئيس الجمهورية الماروني، وأنه لن يفرّط بها ولا بالدستور. طمأنه وحلفاءه المسيحيين أيضاً إلى أن حكومته، الشرعية والدستورية، لن تتخذ قرارات مبدئية وأساسية تنتقص من موقع الطائفة المارونية. فإذا بالمهمة الانتقالية تستمر ستة أشهر ويوماً واحداً، وانطوت بانتخاب قائد الجيش العماد ميشال سليمان رئيساً في 25 أيار 2008. لم تستقل الحكومة، بل أسقطها الشارع الشيعي في 7 أيار بعد يومين على قرارين اتخذتهما حكومته، وعارضهما هو. كان القراران مخالفة صريحة لتعهّده في بكركي، إذ وضع حكم الغالبية في مواجهة طائفة مسلحة. في جلسة 5 أيار التي امتدت حتى الثالثة والنصف فجراً، قال لوزراء تحمّسوا لقطع شبكة اتصالات حزب الله: &laqascii117o;أنا متوجّس، والقراران سيأخذان البلد إلى أوضاع غير محسوبة". كرّر توجّسه ثلاث مرات. ألحّ على التريّث لتفادي تأثّر القرارين بالتحرّك العمالي المقرّر واحتمال الفوضى، فلم يصغوا، وأقرّوا بغالبية مرجّحة بدعم من النائبين وليد جنبلاط وسعد الحريري قراري شبكة الاتصالات وإقالة قائد جهاز أمن المطار العميد وفيق شقير بلا تصويت. وحده خالد قباني من وزرائه تضامن معه. الآخرون جهاد أزعور وسامي حداد وطارق متري أيّدوا القرارين. بعد يومين اجتاح حزب الله شوارع بيروت، إذ اكتشف سبباً إضافياً للقلق من حكومة السنيورة، هو استهدافها سلاحه. سرعان ما أضحى النزاع مذهبياً أطفأه اتفاق الدوحة.
ثالثها، قراره اقتحام مخيم فلسطيني مثّل سابقة مربكة، غير مألوفة لأكثر من نصف قرن لمسؤول سنّي في الحكم. كان، بحسب معاونيه، أحد قراراته الأصعب بعدما رسم حزب الله خطوطاً حمراء حول مخيم نهر البارد، المسكون بغالبية فلسطينية سنّية كان قد زُرِع فيها إرهاب متشدّد. من غير إعلان رسمي، طلب من الجيش اقتحام المخيم في التوقيت الذي يقرّره، وضَمَنَ له الغطاء السياسي والتمويل، وعمل على استيعاب قلق المخيمات الفلسطينية الأخرى وطمأنتها وتجنيبها أي استفزاز مذهبي. الرجل، المحاط بحكومة وزراؤها وزعماؤهم قادة ميليشيات أفرطوا في العنف، اتخذ لأول مرة قراراً جعل المواجهة في المخيم عسكرية ضد الإرهاب

- 'الأخبار'

فداء عيتاني:

برّي وأخصام الأمس: تقارب تحكمه المصالح المشتركة
... لا شيء في المقابل يمكن أن ينغّص على بري ويؤذيه مثل القول تصريحاً أو تلميحاً أو مواربة بأنه يعمل وفق أجندة أميركية، أو لتطبيق أجندة مشابهة. ويروي المحيطون برئيس المجلس والمراقبون له والذين يتعاملون مع عقله السياسي أن بري ينطلق في عمله من جملة معطيات محلية، ومن فهم مباشر لطبيعة لبنان وتركيبته. ففي كل ما أثير عن علاقته برئيس الحزب التقدمي الاشتراكي، يشرح من يتابع خطوات بري أنه اعتمد على تحوّل قام به النائب وليد جنبلاط في مساره السياسي، فلا العلاقة الشخصية ولا الودّ يمكنهما أن يؤدّيا إلى تحالف أو تقارب من دون أن يكون هناك مصالح سياسية مشتركة، وكان التحوّل هو بداية الطريق بعدما بدا لمرحلة أن النائب جنبلاط لم يحرق خلفه المراكب فقط، بل شكّل رأس حربة الهجوم على المقاومة وسلاحها، وعلى سوريا ونظامها. وما بعد السابع من أيار لم يكن كما قبله، ويكفي أن جنبلاط قام بقراءة سياسية، وأعاد جدولة مفكرته وأولوياته، حتى يكتشف بري أن ثمة مساحة يمكن البناء عليها وتوسيعها، وهو ما بدأ به مباشرة رئيس المجلس إلى جانب الرجل الأكثر فهماً له ولخطواته، أي جنبلاط... وهنا يسأل من يعرف مداخل السياسة المحلية ومخارجها &laqascii117o;ما هي المصلحة في استمرار النزاع وتوسّعه؟". ويضيف أن بري يمثل حيثية شيعية لا مجال لنقاشها، وهو ليس مفروضاً على القواعد، بل هو مطلب القواعد التي انتخبته، والدليل الأقرب هو التصفيق الذي شهده لقاء تكريم كوادر الماكينة الانتخابية لحزب الله حيث صفّق هؤلاء طويلاً عندما ذكر الأمين العام لحزب الله اسم نبيه بري.وفي مقابل هذا الطلب على رئيس مجلس النواب، فإن لا شخصية لديها حيثية شيعية مرشّحة لأداء دور مقابل بري، حسبما يقول المتابعون عن كثب لحركة رئيس البرلمان، إذ إن التحالف ما بين حركة أمل وحزب الله، وانعدام وجود قوى أو مشاريع مقابلة داخل الأرضية الشيعية من ناحية أخرى، أديا إلى أن يستمر بري بصفته المرشح الجدي الوحيد لرئاسة المجلس.أما الحديث عن وسطية ما، فإن بري سبق أن قال إن المعارضة وسطية، ولكنه ليس في وارد الدخول في صفقات هامشية، فلا هو بحاجة إلى تعزيز دور يمتلكه، وهو يعرف حدوده في النظام اللبناني، ويعرف جيداً تركيبة البلاد، التي لا تسمح لأحد إلا بالاعتراف بأن الحد الأدنى الذي يسمح بإدارة البلد هو اتفاق الطائف ولا شيء غيره. كما يدرك أن محاولات الجذب والإرخاء في السياسة، وتوسيع دائرة حصص طائفة على حساب أخرى، إنما هي محاولات خطيرة، وبعد كل ما مرّت به البلاد خلال الأعوام الأربعة الأخيرة، فلا بد أن من في رأسه عقل قد استنتج أن الخيارات ضيقة، ولا تبعد عن دائرة التقاسم الذي تكرس في الطائف. ومن يحدثك بهذه القناعات التي لا بد أنها تكرست لدى الجميع، يشير إلى حزب الله بصفته أكثر الأحزاب ثورية وتطلعاً نحو تعديلات جوهرية في البلاد وخارجها، ومع ذلك اعتمد في خطابه السياسي في الأعوام الأخيرة اتفاق الطائف بصفته مرجعية الحكم والنظام والحياة السياسية اللبنانية....
ورأت مصادر في 14 آذار أن الجهود الرامية لاستحداث كتل جديدة من رحم الأقلية لن تسمح بتوسيع الدعوة للحوار في شكل يتعارض وحقيقة التمثيل النيابي أولاً ولا يأخذ بالأوزان الحقيقية لعدد من رؤساء هذه الكتل في داخل طوائفهم.وأكدت المصادر نفسها أن &laqascii117o;تفريخ" المزيد من الكتل النيابية الجديدة لن يمكن أصحابها من الحصول على بطاقة جلوس الى طاولة الحوار، معتبرة أن اصرار البعض على الالتفاف على الحوار سيؤدي الى قيام حكومة حوارية موازية لحكومة الوحدة الوطنية أو ابتداع مجلس نيابي مصغر ينوب عن المجلس المنتخب حديثاً في اتخاذ القرارات أو في التشريع.
ولفتت الى أن التسابق من قبل البعض لحجز مقاعدهم الى الطاولة بات يطرح السؤال حول الجدوى من احياء الحوار طالما أن البند الأساسي المدرج على جدول أعماله يتعلق بالاستراتيجية الدفاعية للبنان وبسلاح المقاومة لن يطرح في الوقت الحاضر وأن الجميع على قناعة بسحبه من التداول.
ورأت أن لا حاجة لتوسيع الطاولة ما دامت الاستراتيجية الدفاعية للبنان مؤجلة، وقالت إن هذا يستدعي صرف النظر عن اعادة تشكيل طاولة الحوار لمصلحة احتمال انضمام الأقطاب الى الحكومة العتيدة.

2009-06-24 00:00:00

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد