ـ صحيفة 'السفير'
أما وأن 'التكليف الثاني' قد بات معقوداً للرئيس المعتذر سعد الحريري، فإن سؤال ما بعد ذلك، هو سؤال مفتوح على احتمالات كثيرة، أفضلها العودة إلى الحكومة التوافقية الحاضنة بصيغتها وتوليفتها و'ضماناتها'، مع ما يمكن أن تستولده من تثبيت للاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي، أما أفدح الاحتمالات، وحظوظه معدومة نسبياً، فيتمثل في الذهاب نحو حكومة اللون الواحد، التي وصفها مرجع قيادي بارز في المعارضة بأنها أشبه ما تكون بانتخاب رئيس الجمهورية بالنصف زائداً واحداً، وقال لـ'السفير' إن خياراً كهذا 'يضع لبنان على حافة المجهول سياسياً'. وبين هذا الاحتمال وذاك، كثّف الجيش اللبناني إجراءاته الأمنية في العاصمة وبعض المناطق خاصة الشمال والبقاع، وسط تحذيرات جديدة أطلقها رئيس 'اللقاء الديموقراطي' النائب وليد جنبلاط بأن الجيش بدأ يصاب بحالة تعب نتيجة المسؤوليات والأعباء الضخمة والكبيرة التي تلقى على عاتقه، وتمنى، كما نقل عنه زواره، أن يدرك الجميع خطورة الموقف وما يخطط لنا عبر بوابة الجنوب ومحاولة تعميم الفتنة والفوضى، وبالتالي أن يرتقي الجميع إلى حجم المسؤوليات من خلال تقديم تنازلات متبادلة للوصول إلى حكومة وحدة وطنية هي التحصين السياسي للأمن والاقتصاد بدلاً من رمي كل الأثقال على المؤسسة العسكرية وحدها، وجدّد جنبلاط مناشــدته الجميع باعتماد الخطاب السياسي الهادئ.
وعشية التأليف، حسم فريق الأكثرية بأن سمّى الحريري لرئاسة الحكومة، مؤكداً بلسان كتلة 'لبنان أولاً' على وجوب التمسك بالنصوص الدستورية فيما يتعلق بتشكيل الحكومة'، معبراً 'عن تقديره للخطوات التي أقدم عليها الحريري خلال تكليفه تشكيل الحكومة، والجهود المضنية التي بذلها في سبيل قيام حكومة ائتلاف وطني اصطدمت مع الأسف الشديد، بقائمة من الشروط التي انتهت إلى تعطيل العملية الديموقراطية ووضعت خيار الأكثرية بالانفتاح وحسن النية ومد الأيدي أمام الحائط المسدود'. وتمنى 'التكتل' أن 'تكون المرحلة المقبلة مختلفة عن سابقاتها من حيث قدرة المكونات السياسية اللبنانية على التفاهم لتشكيل حكومة'. وقررت باقي مكونات فريق الأكثرية تسمية الحريري بما في ذلك 'اللقاء الديموقراطي' بزعامة النائب وليد جنبلاط، مع استثناء وحيد يتمثل في إصرار الأخير على التمسك بحكومة الوحدة الوطنية والصيغة، وهو أمر يفترض أن يعبر عنه بعد الاستشارات النيابية الملزمة في القصر الجمهوري.
وعلى صعيد فريق المعارضة، فان المشاورات تكثّفت بين مكوناتها الأساسية، خاصة الرئيس نبيه بري و'حزب الله' والعماد ميشال عون، حيث تعذرت صياغة موقف موحد، خاصة بعد موقف النائب الحريري الملتبس، أمس الأول، والذي حاول التراجع عنه عبر إعادة صياغته 'بطريقة مختلفة ولائقة'، مساء أمس.
وهذا التراجع الجزئي من الحريري استوجب على ما يبدو صياغة ملتبسة أيضا من جانب الرئيس بري حيث سيبادر، اليوم إلى تسمية حكومة الوحدة الوطنية والصيغة السياسية (15+10+5) و'الضمانات'، تاركاً فسحة للمشاورات مع الرئيس المكلف قبيل بدء شريط الاستشارات، من أجل تثبيت ما كان قد تم التفاهم عليه، بعد 'التكليف الأول'، حتى يصار إلى تسمية الحريري مجددا.. وإلا فسينضم إلى حليفه 'حزب الله' وحليف حليفه العماد ميشال عون في عدم التسمية، فيما قرر 'الطاشناق'، أن يسمّي الحريري. وكان لافتا للانتباه أن الرئيس بري فاجأ حلفاءه عندما صعّد نبرة خطابه، أمس، من خلال كتلته النيابية بعدما كان قد وجد في خطاب سعد الحريري، أمس الأول، منحىً تصعيدياً 'يمكن أن يقود البلد إلى ما لا تحمد عقباه، وهذا لا يفيد لا الحريري ولا المعارضة ولا أي لبناني عاقل'. وقالت مصادر في 'تكتل التحرير والتنمية' إن قرار التروي في التسمية في انتظار إعادة تأكيد الحريري على 'الصيغة' و'الضمانات'، كان القصد منه تجديد التأكيد على ثابت أساسي للمعارضة بأننا 'ندخل معا ونخرج معا'.
وعقد 'تكتل التغيير والإصلاح' جلسة برئاسة العماد ميشال عون، تقرر خلالها عدم التسمية حيث سيعلن 'التكتل' بلسان عون من القصر الجمهوري أن الذهاب إلى حكومة اللون الواحد هو بمثابة دعوة مجانية لإسرائيل للقيام بعدوان جديد ضد لبنان. أما 'كتلة الوفاء للمقاومة'، فقد عقدت جلسة مداولات في مجلس النواب، برئاسة النائب محمد رعد وخلصت إلى القرار ذاته الذي اتخذته في الاستشارات السابقة بعدم تسمية أي شخص لتشكيل الحكومة، وقالت مصادرها لـ'السفير': 'لولا كرامة رئيس الجمهورية الذي تجري الاستشارات عنده لكانت الكتلة قاطعت الاستشارات، بسبب الكلام التهديدي الأخير للحريري حول 'المعاملة بالمثل'.
وذكرت مصادر رئاسة الجمهورية ل 'السفير' إن رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان ما يزال على موقفه برغم كل التطورات الحاصلة، بأنه 'لن يوقع مرسوم حكومة لا تتوافر فيها مواصفات الحكومة الميثاقية وحكومة الوحدة الوطنية، ولأنه رئيس وفاقي لا يوقع مرسوم حكومة من لون واحد
ـ صحيفة 'النهار'
لم يكن موقف 'كتلة التنمية والتحرير' من تكليف رئيس الوزراء عشية الاستشارات النيابية الجديدة في قصر بعبدا اليوم وغدا، سوى مؤشر اضافي لكون تعقيدات الازمة الحكومية باتت تنذر باستعادة الحقب الساخنة من المبارزات بين الغالبية والمعارضة.
فالكتلة التي امتنعت عن تسمية رئيس 'تكتل لبنان أولا' النائب سعد الحريري، ردا على قوله إنه سيتعامل مع من لا يسميه بالمثل، بدّلت مشهد الاستشارات، باعتبار أنها ستودع رئيس الجمهورية ميشال سليمان اليوم موقفا لا يسمي الحريري أو أي شخص آخر بل يشترط على أي رئيس وزراء مكلف التزام تأليف حكومة وحدة وصيغة 15 – 10 - 5. وهذا يعني ان 'بوانتاج' الاستشارات ذاهب الى حصر الاصوات التي ستسمي الحريري بـ71 نائبا من الغالبية، اضافة الى نائبين من حزب الطاشناق بما يشكل مجموع 73 صوتا سيعاد تكليف الحريري على أساسها. وتبعا لذلك، فان صورة المشهد السياسي الذي سترسمه الاستشارات ستأتي تكريسا لتفاقم الاحتدام الكبير الذي نشأ بعد اعتذار الحريري والذي عكسته الى حد كبير المناقشات التي حصلت في اجتماع 'تكتل لبنان أولا' برئاسة الحريري أمس، وكذلك في اجتماع كتلة بري، ومن ثم في اجتماع 'تكتل التغيير والاصلاح' برئاسة العماد ميشال عون. ذلك أن هذه الاجتماعات الثلاثة أفضت الى أجواء شديدة الغموض والتعقيد حيال المسار الذي ستسلكه الازمة بدليل ان طلائع الازمة القديمة – الجديدة ستصيب هذه المرة المرحلة الاولى من عملية تأليف الحكومة وهي مرحلة التكليف.
ففي اجتماع 'تكتل لبنان أولا' في قريطم الذي جدد قراره تسمية الحريري لتأليف الحوكمة، برزت نبرة متصلبة لدى نواب الغالبية وخصوصا حيال التمسك بالنصوص الدستورية ورفض أي اخلال بها تحت أي ظرف او اعتبار.
وقالت مصادر المجتمعين ل 'النهار' ان الحريري قدم في بداية الاجتماع شرحا مسهبا لتجربته في الاستشارات السابقة والاتصالات طوال 73 يوما. ولمح مرات عدة الى وجود معطلات خارجية. وروى كيف انطلقت المشاورات في البدء من حسن نية وتشديد على طي الصفحة واقامة حكومة وحدة وطنية، لافتا الى أن كثرا من قوى 14 آذار كانوا يفضلون حكومة تكنوقراط او حكومة أقطاب او حتى حكومة اكثرية، ومع ذلك فانه مضى ومعه الحلفاء نحو تأليف حكومة وحدة وطنية، فلم تواجه كل التنازلات التي قدمت الا بمزيد من التعطيل والعراقيل والشروط التعجيزية. وأضفى الحريري على المسألة طابع معركة لحماية الدستور في مواجهة الاعراف التي يحاولون فرضها، مشددا على انه لن يخرق الدستور وسيمضي في الدفاع عن مشروع بناء الدولة وحماية الدستور.
وأضافت المصادر ان مداخلات عدة شددت على رفض الانسياق اكثر في طروحات يراد لها ان تخرق الدستور وتثبت ممنوعات ومعطلات، كما شددوا على ضرورة ان تأخذ الاكثرية حقها بما يتناسب ونتائج الانتخابات. وتبين من المداخلات والاستيضاحات ان خطوط الاتصالات مقطوعة مع بعض القوى التي كانت تشكل قناة تواصل بين المعارضة والحريري.
في المقابل، اتسم اجتماع 'كتلة التنمية والتحرير' في عين التينة برئاسة بري برد مباشر وحاد على كلام الحريري أول من أمس معتبرا انه 'ينبئ بوضوح بأنه ضد حكومة الوحدة الوطنية وضد الصيغة التي جهدنا جميعا للوصول اليها أي 15 – 10 – 5'. وأعلنت الكتلة أنها 'لا تخضع لأي تهديد'، ولذا قررت 'التروي في تسمية أحد لتشكيل الحكومة حتى يصدر موقف واضح وعلني لا لبس فيه بالتزام حكومة وحدة وطنية على قاعدة 15 – 10 – 5 في توزيع الحقائب وفي التزاماتها السياسية'. وتوقف المراقبون عند هذه العبارة. فيما علمت 'النهار' ان بري سيكرر هذا الموقف اليوم أمام رئيس الجمهورية وأن أول ما يقصد بعبارة 'الالتزامات السياسية' حماية المقاومة والمحافظة عليها الى جانب الجيش لجبه أي اعتداء اسرائيلي وحماية الاراضي اللبنانية.
اما بالنسبة الى 'تكتل التغيير والاصلاح' الذي عقد اجتماعاً مساء امس في الرابية، فاعلن العماد ميشال عون انه يتحفظ عن تسمية الحريري، معتبراً أن الاخير 'يتراجع في اتجاه حكومة اكثرية مما يشكل حلاً تصادمياً في لبنان'، واتهمه بـ'التعالي وعدم الاهتمام بالازمة الراهنة والاستخفاف بها'. وقال: 'يمكننا ان نتحفظ عن الحريري فيما لا يمكنه ان يتحفظ عنا. فالنواب ليسوا ملزمين ان يؤيدوا ترشيحه سلفاً حتى يتعاون معهم، وعليه ان يبرهن انه قادر على التعامل مع الجميع' واضاف: 'عليه ان يقدم ما عنده لنعطيه سلطة تأليف الحكومة وهو حر في تأليف الحكومة التي يريد شرط ان يسير بالبلد الى بر الامان'.
واعتبر ان الحريري 'يظن ان الناس موظفون في شركته اما في سوليدير واما في مؤسساته الخاصة، لكننا نواب امة ولنا رأينا ووجودنا وحقوقنا واذا لم يعترف بها فهذه مشكلته'. وقال عون ان 'لا حصة كبيرة ولا صغيرة لسوريا التي لم تتدخل في الانتخابات النيابية ولم تدفع مليار دولار في شكل غير شرعي، وسوريا لا تتعاطى معنا في لعبة تأليف الحكومة (...) نحن كشفنا اللعبة ونتفرج عليه لنرى ما سيطرحه غداً'. وادرج التكليف الثاني 'تحت عنوان الفوضى والفوضى'.
على صعيد آخر، افاد مراسل 'النهار' في نيويورك علي بردى امس ان المندوب اللبناني الدائم لدى الامم المتحدة السفير نواف سلام تقدم بشكوى الى مجلس الامن، طالباً 'التنديد القوي' باسرائيل لقصفها بلدة القليلة ودخولها على شبكة الهاتف اللبنانية في 11 ايلول الجاري رداً على اطلاق صاروخين في اتجاه اسرائيل.
وسلم السفير سلام نسخة من الشكوى الى الامين العام للامم المتحدة بان كي – مون ونسخة مطابقة الى المندوبة الاميركية الدائمة لدى المنظمة الدولية الوزيرة سوزان رايس التي تتولى بلادها رئاسة مجلس الامن للشهر الجاري، طالباً توزيعها وثيقة في الدورة الثالثة والستين للجمعية العمومية وفي مجلس الامن.
وجاء في الشكوى انه 'عند الساعة 3:55 مساء 11 ايلول 2009، امطر الجيش الاسرائيلي ضواحي بلدة القليلة في جنوب لبنان بنحو 12 قذيفة من عيار 155 ميلليمتراً. وادعت اسرائيل ان قصفها (...) جاء رداً على اطلاق صاروخي غراد، من عيار 122 ميلليمتراً من المنطقة ذاتها وفي اليوم ذاته'. واضاف انه 'لاحقاً في ذلك المساء، دخلت اسرائيل مباشرة على شبكة الهاتف في جنوب لبنان'، مما ادى الى 'تعطل الاشارة الهاتفية في جنوب لبنان وانقطاع الاتصالات في المناطق المعنية'. ولفت الى انه 'فوراً بعد اطلاق الصاروخين بدأت القوات المسلحة اللبنانية واليونيفيل (القوة الموقتة للامم المتحدة في لبنان) التحقيق في الحادث لمعرفة فاعليه'. وقال انه 'بينما نددت الحكومة اللبنانية باطلاق الصاروخين واجرت تحقيقاً في الحادث لمحاسبة الفاعلين'، فانها تعتبر ان 'الفعل الاسرائيلي العنيف وغير المتناسب انتهاك فاضح ومتعمد لسيادة لبنان وقرار مجلس الامن قم 1701 (2006)، وينطوي على خرق صارخ لممارسة محددة سلفاً تقضي ان يجري التعامل مع اي حادث عبر الخط الازرق من خلال اليونيفيل ومن دون اللجوء الى اجراءات أحادية'. واكد ان 'عملاً كهذا لا يمكن ان يلتقي موجبات الدفاع عن النفس كما عبر عنها ميثاق الامم المتحدة ويجب تالياً ان يكون موضع تنديد قوي به'.
ولفت الى 'التصرف الاسرائيلي غير المسؤول والذي يستحق التوبيخ، الذي يضاف الى انتهاكات اسرائيلية اخرى مستمرة لقرار مجلس الامن رقم 1701، ومنها الطلعات الجوية والخروقات اليومية للاراضي اللبنانية، بالاضافة الى الاحتلال المتواصل للجزء الشمالي من الغجر ومزارع شبعا وتلال كفرشوبا'، مكرراً 'التزام لبنان الحازم موجبات القرار 1701 والتعاون المستمر بين القوات المسلحة اللبنانية واليونيفيل
ـ صحيفة 'الأخبار'
تلبّدت الأجواء بأكثر مما كانت عليه قبل أيام، وصار الجميع يتحدثون عن تعثّر قد يمنع تأليف الحكومة لفترة جديدة من الوقت. لكنّ اللافت كان في الانفجار المفاجئ للعلاقة بين الرئيس نبيه بري والنائب سعد الحريري، وبروز مواقف جديدة من شأنها تعقيد الأمور أكثر.
ولئن تصرفت المعارضة أمس بمزيد من الحذر، فإن أجواء تيار 'المستقبل' سادتها موجة من التوتر والكلام المرتفع، ما دفع بالرئيس بري إلى اعتبارها 'تصعيداً لأجل التفاوض، لكنّه تصعيد من دون نتيجة، بل المشكلة في أن يتحول إلى سقف ويصبح الجميع أسرى له'. وتقول أوساط الحريري إن 'المشكلة كانت ولا تزال في قرار خارجي يمنع المعارضة من السير نحو تأليف حكومة جديدة، وأن الأمر يتعلق بالجمود الذي يسود العلاقة بين سوريا والسعودية'. أضافت: 'لقد طلب السوريون مجموعة أمور من السعودية، بينها أن يقوم سعد الحريري بزيارة إلى دمشق، وقد حصلت دمشق على وعد من السعودية، ومن الملك عبد الله، بأن يحصل هذا الشيء، لكن بعد تأليف الحكومة. لقد تنازل الحريري في هذا الموضوع، وتجاوز الكثير من الأمور الشخصية والحسابات الخاصة به وبفريقه، ثم قبل بتنازلات على صعيد تأليف الحكومة. وإذا لم يحصل تغيير جدّي على مستوى العلاقات السورية - السعودية، يستعبد أن تكون هناك حلحلة جدّية'.
وقالت الأوساط نفسها إن الحريري 'سيأخذ كبقية المسؤولين بعض الوقت، إما لقضاء عطلة عيد الفطر، ثم لإجراء جولة جديدة من المشاورات الداخلية والخارجية. وسيترك الحريري الوقت ريثما تتوضح الصورة لدى الجميع، ولن يقدم تشكيلته كما هي، لكنّ التعديلات لن تكون كبيرة جداً من جانبه. وإن التنازل الوحيد الممكن هو أن يقبل الحريري بتوزير جبران باسيل، لكن من الصعب أن يقبل بإعادته إلى وزارة الاتصالات، والأرجح أن الحريري لن يعطي الاتصالات للمعارضة'.
وقد نجح النائب الحريري في دفع الرئيس نبيه بري إلى الإفطار بعد صيام طويل، وتحدث رئيس المجلس أمس أمام زواره، فقال إنه لا يعرف 'سبب ما يقوم به الحريري، وكنا قد تركنا له الإشارات مضاءة، وخصوصاً الأخضر والبرتقالي، لكنه قرر إطفاء الإشارة من طرف واحد، واللي طلّع الحمار على الميدنة بنزلو'. وقال بري لزواره إنه 'تحمّل الكثير في الفترة الماضية، وسبّب لي الفريق الآخر إحراجاً شديداً مع حلفائي. وإذا كان الحريري يريد تسمية مشروطة أو تكليفاً مشروطاً، فهذا أمر جديد'. ولاحظ زوار رئيس المجلس أنه كان يكتم الكثير من الملاحظات السلبية، وقبل على مضض الكثير من الضغوط التي مورست على المعارضة، وأدّى دوراً مع وليد جنبلاط ورئيس الجمهورية لاحتواء الموقف، لكنّ الحريري تجاهل كل هذا، حتى إنه توقف عن التشاور مع الرئيس بري خلال أيام طويلة. وحذر بري أمام زواره من أن نسف صيغة ال 15-10-5 والعودة إلى لغة ما قبل الانتخابات، قد يعقّدان الأمور أكثر من السابق، وسيحتاج البلد إلى وقت حتى يعاد الإقرار بصيغة جديدة وغير ذلك، وكل ذلك يقول إن هناك من لا يريد حكومة مع تفاهمات سياسية لإدارة البلاد باستقرار.
في هذا الوقت، نصح اللواء جميل السيد، المعارضة، برفض المشاركة في الحكومة، وترك الحريري يؤلفها منفرداً، كي لا 'تعطي الاطمئنان إلى فريق ليس همّه سوى قطع رأس المقاومة والعداء لسوريا وحماية شهود الزور وقَتَلة الرئيس رفيق الحريري إرضاءً لسياسة خارجية واستكمالاً لمؤامرة القرار 1559'. وقال إن فريق 14 آذار 'باستثناء النائب وليد جنبلاط مرحلياً، لا يزال يتمسك بأوهام ومخلفات مشروع الشرق الأوسط الجديد'.
وفي هذه الظروف، ورغم أن موعده في الاستشارات الملزمة، مقرر عند الحادية عشرة والربع من قبل ظهر اليوم، فقد غادر رئيس حكومة تصريف الأعمال فؤاد السنيورة يرافقه الوزير خالد قباني وعقيلتاهما، الى السعودية 'لأداء مناسك العمرة'. وذلك بعد زار رئيس الجمهورية ميشال سليمان أمس، وذكر أنه لن يغيب إلا ليوم واحد، وسيأخذ دوره في الاستشارات غداً الأربعاء. وكرّر أنه سيرشح الحريري وكذلك ستفعل 'الأكثرية وآخرون'. ودعا إلى استخلاص العبر من تجربة التكليف الأولى والعودة إلى الدستور فـ'العناد والتعنّت غير مفيدين على الإطلاق، ويجب أن ننطلق مما انبثقت منه الانتخابات النيابية'، و'العمل على تأليف حكومة تضم الجميع وتكون حكومة ائتلاف'.
لفت أمس وصول السفيرة الأميركية ميشيل سيسون إلى الضاحية الجنوبية، حيث زارت نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان
- صحيفة 'المستقبل'
على مسافة ساعات من الاستشارات النيابية الملزمة التي سيبدأها رئيس الجمهورية ميشال سليمان اليوم في قصر بعبدا لتكليف رئيس الحكومة في ظل حسم الأكثرية اعادة تسمية زعيم الأغلبية النيابية بناء على ما أفرزته الانتخابات النيابية وبحكم زعامته نيابياً وسنياً، أكد الرئيس سعد الحريري أن 'من يريد أن يسميني لرئاسة الحكومة فليفعل، وهذا حق دستوري وليس من باب التحدي أو طرح أمور تدعو إلى التحدي'، وذكر بأن 'هناك دستوراً واتفاق الطائف وعلينا أن نحترمهما'، مضيفا 'إذا أراد أحدهم أن يسمني فليفعل وإن لم يرد فهو حر في تصرفه هذا، وأنا حر في كيفية تصرفي، وهذا ما ينص عليه الطائف والدستور، ولكن هذا لا يعني ما إذا كنت أريد أن أشكل حكومة وحدة وطنية أو عدم تشكيل مثل هذه الحكومة'.
وقال: 'حين مددت يدي مرات ومرات ولم أجد من يتلقفها فالحق لا يكون عليّ حين أستخدم أسلوباً مختلفاً في المفاوضات، من حقي الدستوري أن استخدم الأسلوب الذي أريده في المفاوضات. ومن هذا المنطلق علينا أن لا نأخذ الأمور بتحد، أنا لن أمسك على أحد أي أمر في التسمية، ولكن لا يحق لأحد أن يقول لي ما يجب أن أقوم به، بحسب الدستور اللبناني فإن رئيس الحكومة المكلف يفاوض بحسب الصلاحيات المعطاة له'.
الحريري وإذ أعاد التذكير بأن 'هناك دستوراً لا بد من احترامه وكل ما أقوله هو دفاعاً عن دستور الطائف'، سأل: 'إذا كنا نريد أن نخرج عن الأعراف وعن الدستور فما الذي سيبقى لنا في هذا البلد؟'. وقال 'البعض يقول إن الصيغة الحكومية يجب أن تكون 15ـ10ـ5 أو حكومة وحدة وطنية أو ائتلاف وطني أو غير ذلك، ولكن هل من أحد تحدث عن حكومة وحدة وطنية أكثر مما تحدثت عنها أنا شخصياً؟ هل من أحد كان حريصاً على قيام حكومة وحدة وطنية أكثر مما كنت أنا حريصاً، على أساس أن هناك تهديدات إسرائيلية وتحديات مالية واقتصادية في العالم كله، وواجبنا كسياسيين أن نواجه هذه التحديات بحكومة وحدة وطنية؟'. وتابع 'لكن ها هم اليوم يعطوننا دروساً في كيفية تشكيل حكومة وحدة وطنية'. وأضاف 'أكرر أنه مَن يريد ان يسميني فليفعل ذلك بموجب الدستور ومن لا يريد أن يسميني فهذا من حقه الدستوري، وأنا حقي الدستوري، إذا كلفت، أن أتفاوض، بالتعاون مع فخامة رئيس الجمهورية، لتشكيل الحكومة'، لافتاً الى 'اننا نرى مدى تعاون سائر الأطراف في تشكيل الحكومة'. وأشار الرئيس الحريري الى أن 'إسرائيل كانت تهدد في حال إشراك 'حزب الله' في الحكومة، ورغم ذلك أشركنا الحزب بالحكومة من دون أن يجبرنا أحد على ذلك، لأن هذه قناعتنا وإرادتنا'، وسأل 'هل كنت أسعى لأن أفتعل أزمة دون أي مبرر؟ أم الحقيقة أن غيري استيقظ فجأة وأراد أن يفتعل أزمة؟'، وأكد 'نحن مع الحوار ومع الانفتاح والنقاش الهادئ والمنطقي. أنا لم أعتذر عن عدم تشكيل حكومة الوحدة الوطنية لأني كنت أرغب بذلك ولكن لأني رأيت أنه ليس هناك منطق في الحوار أو في الأخذ والرد، وحين نتحاور مع أحدهم نرى إن كانت لديه النية في الوصول إلى حكومة أم لا. ولكن كان واضحاً أنه كان هناك من يطلب أن نصبر عليه بضعة أيام إضافية، ولكن الحقيقة أنني صبرت 73 يوماً، فلماذا علي إذاً أن أصبر أكثر من ذلك؟'.
وكشف ان 'الاعتذار كان لخلط الأوراق لكي نرى كيف يمكننا أن نقوم بهذا البلد'، آملاً 'أن يتم تكليف رئيس للحكومة بكل هدوء وتحصل الاستشارات ويجري حوار بين الأفرقاء السياسيين بكل شفافية ومسؤولية(..)'.
ـ صحيفة 'اللواء'
قالت مصادر في كتلة التنمية والتحرير لـ <اللواء> أن الرئيس برّي اعرب عن استياء كبير للكلام الذي سمعه من الحريري في افطار أمس الأوّل، ورأى فيه وكأنه خرج عن قاعدة التوافق على تأليف حكومة وحدة وطنية، وانه يريد أن يشكل حكومة بمن حضر، مشدداً على أن هذا النوع من الحكومات في هذا البلد لا يمكن ان يعيش ويستمر، مشدداً على استمرار التمسك بحكومة الوحدة الوطنية على قاعدة 15 - 10 - 5. وأكدت المصادر أن تسمية الكتلة للحريري لتأليف الحكومة يتوقف على صدور توضيح رسمي وعلني حول ما قصده في كلامه أمس الأوّل والذي يعد بأنه كلام خطير جداً في هذه المرحلة. ولفتت المصادر إلى أن الرئيس برّي سيقوم بسلسلة اتصالات ومشاورات خلال يومي الاستشارات وفي ضوء هذه الاتصالات ستحدد الكتلة موقفها الرسمي بعد غد الأربعاء خلال اجتماع رئيس المجلس برئيس الجمهورية.
وكشف مصدر في تكتل <لبنان اولاً> عن ان الحريري ابدى امتعاضه من الشروط المستجدة للرئيس بري، لافتاً الى انه عبر بوضوح عن رفضه املاء الشروط عليه من قبل أي جهة سياسية. وعلمت <اللواء> ان الحريري ابلغ نواب تكتل <لبنان اولاً> في خلال اجتماع الامس بأنه لن يقبل بأي شكل من الاشكال ترك البلاد رهينة المغامرات غير المحسوبة لفريق الاقلية والهادفة وفق الحريري الى إدخال البلاد في نفق التعطيل اللامحدود. ووفق معلومات مصادر التكتل فإن الحريري سيظل منفتحاً على الاقلية وسيتوخى المصلحة الوطنية كي لا يعطي الذريعة الى بعض الافرقاء السياسيين لينفذوا طموحهم القديم المتجدد بقلب نظام الطائف والميثاق الوطني. وكشفت المصادر عينها عن ان الحريري يرفض تأليف حكومة اقطاب لانها تساهم في تعريض التوازنات بين الاكثرية والاقلية الى خطر كبير، لكنه في المقابل متشجع جداً لحكومة تكنوقراط كونه يراها الحل المنطقي في حال فشلت المفاوضات مجدداً بينه وبين الاقلية. وقالت ان الحريري يرهن الموافقة على صيغة 15-10-5 بمدى تجاوب المعارضة مع طروحاته، وبحسب المعلومات فإن استمرار الاقلية في تعنتها وتصلبها يعني سقوط الصيغة السياسية وبدء البحث بصيغة جديدة تأخذ بعين الاعتبار الأكثرية النيابية. وأوضحت المصادر أن الحريري أكد لنواب <لبنان أولاً> أن الحل موجود في الدستور ولا داعي لحلول خارجة عن الدستور كما حصل في مؤتمر <دوحة1>، مشيراً الى أنه يرى حاجة الى اتفاق ظرفي ومرحلي، لافتاً الى أن تكريس هذا الواقع سيؤدي الى <دوحة2> و<دوحة3> وربما <دوحة 4 و5> ليتمكن اللبنانيون من تشكيل أية حكومة على المدى المنظور وفي المستقبل البعيد. وشدد الحريري أمام النواب على أنه من غير المنطقي أن تلجأ أي دولة الى مؤتمر خارجي كي تتمكن من تأليف حكومة.
لا مبادرة فرنسية - قطرية يذكر أن السفير الفرنسي في لبنان أندريه باران نفى بعد زيارته البطريرك الماروني نصر الله صفير <وجود أية مبادرة فرنسية - قطرية بشأن تشكيل الحكومة اللبنانية>، وقال إن رئيس الجمهورية سيعيد الاستشارات لاختيار رئيس مكلّف لتشكيل الحكومة.
(...)واللافت أن هذه التخوفات بدأت تتحقق حيث طوق الجيش اللبناني، مساء أمس، إشكالاً أمنياً في محلة قصقص. وفي التفاصيل أنه أثناء مباراة لكرة القدم بين فريقين محليين من بيروت والضاحية، تطور إشكالاً افتعله بعض الشبان بحجة أن بين اللاعبين أشخاصاً كان سبق لهم المشاركة في أحداث عائشة بكار الماضية، إلى تبادل للضرب بالعصي والآلات الحادة مما أدى إلى سقوط 3 جرحى وسرقة سيارة تخص أحد المشاركين في المباراة.
على الفور انتشرت قوة من الجيش اللبناني في المنطقة وعملت على تهدئة الأمور وإعادة الوضع إلى طبيعته، وتجري التحقيقات لكشف المتورطين وتوقيفهم.
2009-09-15 00:00:00