ـ صحيفة النهار:
مع ان مشهدي الانقسام اللبناني غلبا امس على الصورة المنقولة الى العالم بين ساحة الشهداء في وسط بيروت ومجمع سيد الشهداء في الضاحية الجنوبية، لم يكن ممكناً اغفال اهمية الرسائل والابعاد السياسية لكل من الحدثين ومضاعفاتهما المحتملة على الازمة السياسية والوضع في لبنان برمته. ذلك ان حشد 14 شباط 2008 تجاوز هذه السنة اطار المناسبة المباشرة المتمثلة في الذكرى الثالثة لاغتيال الرئيس رفيق الحريري الى اعادة ضخ 'ثورة الارز' بجرعة قوية بدت كاستفتاء متجدد من مستلزمات توازن القوى لتصويب مسار التسوية السياسية.اما التشييع الحاشد للرجل العسكري والامني القوي في 'حزب الله' عماد مغنية، فاتسم ببعد آخر لا يقل اهمية مع الوعيد الاقوى على الاطلاق الذي وجهه الامين العام لـ'حزب الله' السيد حسن نصرالله الى اسرائيل بالرد على اغتيال مغنية بحرب مفتوحة على الدولة العبرية خارج الحدود و'المكان الطبيعي' للصراع. اذاً، نجحت قوى 14 آذار في تجربة التحشيد مجدداً مع اندفاع مئات الالوف من المواطنين من مختلف المناطق الى تتويج عملية التعبئة الواسعة التي جردتها قوى الغالبية في عرض قوة كبير تحدت فيه الحشود ظروف طقس ماطر ومحاذير كثيرة.واذ شكلت الازمة الرئاسية المحور الرئيسي لهذه المواقف الذي وحد الخطباء اصواتهم في شأنها، فإن التمايزات في ما بينهم كانت في النبرة فحسب. وبذلك حافظ رئيس 'اللقاء الديموقراطي' النائب وليد جنبلاط على نبرة عالية في التعامل مع القضايا الساخنة، فأعلن انه 'في اللحظة التي قد يظن البعض منا ان التسوية مقبولة وممكنة على شروط جماعة الظلام والرياء والاجرام، وفي اللحظة التي قد ينتخب فيها رئيس مع ثلث معطّل مدمر، ثلث الاجرام السياسي والاغتيال (...) تكون لحظة الخيانة والتخلي والاستسلام والسقوط (...) وتكون لحظة تسليم لبنان الى ريف دمشق'. وعدّ الرئيس امين الجميل 'الحشد المهيب اليوم رسالة للاقربين والابعدين، وللجميع بأننا لن نخاف ولن نتراجع مهما هددوا ومهما تفاقمت القوى المدعومة من الخارج'، مؤكداً 'اننا لن نقبل ان يمر مشروع النظام الشمولي البديل (...) وسننتخب قريباً رئيس جمهورية جديداً للبنان ونريد ان ننتخب الرئيس التوافقي العماد ميشال سليمان'.واستهل رئيس الهيئة التنفيذية لـ'القوات اللبنانية' سمير جعجع كلمته بعبارة 'قلتم بالشر المستطير وبالويل والثبور وعظائم الامور فها نحن جئناكم'.وقال: 'لا لخيمكم ولا لفوضاكم ولا لغوغائيتكم (...) لن نقبل ببقاء بعبدا رهينة بين ايديكم'.اما رئيس 'كتلة المستقبل' النائب سعد الحريري، فوصف النظام السوري بانه 'المنتج الاسرائيلي بعينه'. واضاف: 'اننا هنا اليوم لنقول انهم لن ينالوا من لبناننا'، مشددا على 'التصميم على انتخاب العماد سليمان رئيسا للجمهورية لفتح مرحلة جديدة من التوافق والحوار والتعاون'. وتوجه الى 'كل شركائنا في الوطن'. قائلا: 'ان اليد ممدودة وستبقى ممدودة'.
في المقابل، كرس السيد نصرالله أكثر خطابه الذي بث عبر شاشة كبيرة في قاعة مجمع سيد الشهداء بالرويس خلال تشييع مغنية بعد ظهر امس، لهذا الحدث ولموقف الحزب منه، مع انه تناول في الفقرة الاخيرة الموضوع الداخلي.ووسط حضور حاشد تقدمه وزير الخارجية الايراني منوشهر متكي الذي حضر خصيصا للمشاركة في التشييع قبل انتقاله الى دمشق، هدد نصرالله اسرائيل بنقل 'الحرب المفتوحة' معها الى خارج الاراضي اللبنانية..ثم تطرق الى ذكرى اغتيال الرئيس الحريري، فرأى ان 'البعض حولها حفلة شتائم وسباب واتهامات لا طائل منها'. وقال: 'اكتفي بكلمة واحدة لبنان لن يكون اسرائيليا في يوم من الايام ولا اميركيا، ولبنان لن يقسم ولن يفدرل'.ورداً على مطالبة جنبلاط قبل يومين بـ'الطلاق الهادىء' مع 'حزب الله'، قال نصرالله: 'من يطلب الطلاق فليرحل من هذا البيت وليذهب الى اسياده في واشنطن وفي تل ابيب'.
ـ صحيفة الاخبار:
تحوّل تشييع حزب الله أمس لقائد المقاومة العسكريّ الشهيد عماد مغنيّة، الى مناسبة لإطلاق الأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله المواقف الأكثر دقة وخطورة، إذ أعلن دخول المقاومة في الحرب المفتوحة مع إسرائيل خارج الإطار الجغرافي التقليدي للمعركة، معلناً تأريخاً جديداً للأحداث على قاعدة أن المعركة المفتوحة الآن هي لإنهاء إسرائيل. وأمام عشرات الألوف الذين تجمّعوا في قاعة سيّد الشهداء والشوارع المحيطة، ألقى نصر اللّه خطاباً مكتوباً ضمّنه سلسلة من المواقف اللافتة أبرزها اعتباره أن &laqascii117o;حرب تموز ما زالت مستمرة" وأن اغتيال مغنية تم في سياقها. وقال إن إسرائيل &laqascii117o;لا تعرف انعكاس استشهاد القادة على حزب الله"، معلناً في موقف لافت &laqascii117o;ليسمع العالم كله، وعلى مسؤوليتي، يجب أن نؤرّخ لمرحلة بدء سقوط دولة إسرائيل"، مضيفاً &laqascii117o;إنّ دم عماد مغنية سيخرجهم من الوجود". وإذ حرص على طمأنة &laqascii117o;المحبّين والقلقين" الى عدم وجود &laqascii117o;وهن أو ضعف أو خلل في جسد المقاومة"، قال نصر الله &laqascii117o;إن المقاومة في أتمّ الجهوزية لمواجهة أي عدوان محتمل. ولقد ترك عماد مغنية خلفه عشرات الآلاف من المقاتلين المدرّبين المجهّزين الحاضرين للشهادة". وفي تهديد واضح يشير الى تخلّي الحزب عن المعادلات التي كانت تتحكّم بصراعه مع إسرائيل، توجّه نصر اللّه الى الاسرائيليين قائلاً: &laqascii117o;لقد قتلتم الحاج عماد خارج الأرض الطبيعية للمعركة، لقد اجتزتم الحدود، وأمام هذا القتل في الزمان والمكان والأسلوب، أيّها الصهاينة إن كنتم تريدون هذا النوع من الحرب المفتوحة، فليسمع العالم كله، فلتكن هذه الحرب المفتوحة".
وإذا كانت ردود الفعل اللبنانية على خطاب نصر الله غائبة امس، فإن إسرائيل انشغلت بكل مؤسساتها برزمة من الاجراءات الوقائية الهادفة إلى منع تعرّض مؤسساتها ومواطنيها خارج إسرائيل لعمليات أمنية قد ينفّذها حزب الله. ما اضطر وزيرة الخارجية تسيبي ليفني لأن تصدر بياناً تقول فيه إن &laqascii117o;حزب الله منظمة إرهابية، وإسرائيل مهددة منذ إنشائها. ونحن نعرف كيف نتعامل مع هذا النوع من التهديدات وسنعرف كيف نواجهها ولا ينبغي أن نصاب بالذعر".
أما الرئيس الاسرائيلي شمعون بيريز فقال إن &laqascii117o;نصر الله لم يحقق شيئاً في حرب لبنان الثانية وجلب ضرراً كبيراً على لبنان وتلقى ضربات شديدة للغاية". واعتبر أن &laqascii117o;نصر الله هو مشكلة وخطر على الشعب اللبناني".وعلق المتحدث باسم وزارة الخارجية الاميركية شون ماكورماك على كلام السيد نصر الله بالقول &laqascii117o;عموماً، إن تصريحات من هذا النوع تكون مبعث قلق كبير ولا بد من أن تنذر الجميع بالخطر"، معتبراً أن لحزب الله &laqascii117o;تاريخاً طويلاً من العنف والارهاب في كل أنحاء العالم". وأضاف &laqascii117o;في كل مرة توجه فيها منظمة إرهابية تهديداً الى ديموقراطية، الى دولة عضو في الأمم المتحدة، لا بد أن تكون مبعث قلق لجميع الأمم المتمدنة في العالم".
وعلمت &laqascii117o;الأخبار" من مصادر مطلعة أن التحقيقات الميدانية في الجريمة حققت تقدماً لناحية توضيح صورة التنفيذ مع جمع عناصر وأدلة تساعد على توضيح الصور الكاملة. كما علم أن محققين من حزب الله يشاركون في التحقيقات الميدانية التي تجريها السلطات السورية، ولم يتأكد ما إذا كانت السلطات السورية سوف تعلن قريباً نتائج التحقيقات. ورداً على سؤال عن إمكان الربط بين توقيت اغتيال مغنية وذكرى استشهاد الحريري وإذا ما كان الهدف خلط الأوراق على الساحة اللبنانية، قال المعلم: &laqascii117o;المناضل عماد مغنية نتيجة ما قام به من عمليات بطولية هو مطلوب من عدد كبير من أجهزة المخابرات وهو عمود فقري في المقاومة الوطنية والإسلامية"، لذلك لم ير المعلم ربطاً بين &laqascii117o;الجريمة الإرهابية التي استهدفت مغنية وذكرى الجريمة الإرهابية التي استهدفت الرئيس رفيق الحريري إلا من حيث التوقيت".
ـ صحيفة الحياة:
شيع &laqascii117o;حزب الله" أمس في مجمع سيد الشهداء في الضاحية الجنوبية لبيروت، أحد أبرز قادته العسكريين والأمنيين عماد مغنية المعروف بـ &laqascii117o;الحاج رضوان" الذي كان اغتيل في دمشق بتفجير سيارته ليل الثلثاء - الأربعاء. وعند الثالثة والنصف عصراً، خرج نعش مغنية ملفوفاً بعلم الحزب الأصفر ومحمولاً على أكف شبان من &laqascii117o;حزب الله" من المجمع، في اتجاه مثواه الأخير في مدافن روضة الشهيدين. غص صوت مقرئ مجلس العزاء، وهو يردد بحزن: &laqascii117o;حاج رُضوان، شهادة مباركة. حاج رُضوان، في أمان الله يا حبيب". وبينما الأيدي تلوح للنعش مودعة، ارتفع نحيب النسوة المتشحات بالأسود، وغابت وجوه رجال كثر تحت أكف أيديهم. واهتزت الأجساد على وقع بكاء الرجال. في تشييع عماد مغنية بكى الرجال وانتحبت النسوة. وعلى وقع هتافات &laqascii117o;الموت لأمريكا. الموت لإسرائيل"، وهتافات &laqascii117o;لبيك يا نصر الله" و &laqascii117o;لا اله إلا الله، والشهيد حبيب الله"، سار الآلاف من أنصار &laqascii117o;حزب الله" في وداع قائد ما عرفوا صورته إلا بعد مماته.في هدوء يشبه البكاء همساً، رحل مغنية إلى روضة الشهيدين شهيداً جديداً، محاطاً بمن أحبوه.لكن، قبل رحلته الأخيرة، ولساعات عدة، كان نعش مغنية مسجى على المنصة داخل قاعة المجمع. في اتجاه النعش، تسمرت أنظار المعزين، وأمامهم مباشرة صورة غير منشورة لمغنية بلباس المعركة، وتظهر رأسه من ناحية الجانب. المنصة كما القاعة وخارجها تحت حراسة عناصر أمن &laqascii117o;حزب الله" المتشحين بالأسود حتى القبعات، والذين تولوا أيضاً تأمين حضور الرجال والنساء في ركنين مفصولين.
أسفل المنصة، وفي مواجهة الحشد، جلس فايز مغنية والد الشهيد إلى جانب المقربين وأعضاء من المكتب السياسي لـ &laqascii117o;حزب الله" ونائب الأمين العام لـ &laqascii117o;الحزب" الشيخ نعيم قاسم ورئيس كتلة &laqascii117o;الوفاء للمقاومة" النيابية محمد رعد وممثل رئيس المجلس النيابي نبيه بري النائب علي حسن خليل وشخصيات كثيرة يتقبلون التبريكات. إلى هؤلاء انضم أيضاً، وزير الخارجية الإيراني منوشهر متقي على رأس وفد من الجمهورية الإسلامية. في وسط الصف الذي يضم هؤلاء وأمام النعش مباشرة جلس مسؤول العلاقات الخارجية في الحزب نواف الموسوي، وأمامه مباشرة يقف أربعة من رجال الأمن في الحزب يحجبون الرؤية عن الكرسيين الملاصقين لكرسيه، حيث ولدا مغنية مصطفى وجهاد.في هذه القاعة كان الصمت مطبقاً. لا يقطعه إلا صوت نحيب أو همس بكاء. صمت يخرقه طلب لأحدهم: &laqascii117o;صلوا على النبي". هنا يقف الجميع دفعة واحدة، ويرتفع الصوت: &laqascii117o;اللهم صلى على محمد وآل محمد". القبضات أيضاً، سترتفع في وقت لاحق. خلال خطاب الأمين العام لـ &laqascii117o;حزب الله" السيد حسن نصر الله المنقول على شاشة كبيرة ارتفعت أكثر من مرة. وترافقت مع عبارات: &laqascii117o;لبيك يا نصر الله".يقول السيد عبارة معناها إن &laqascii117o;موت مغنية يجعل العد لبدء زوال إسرائيل يبدأ". العبارة الأخيرة تقع على الحاضرين وقوع كلمة سر، فيقف الجميع دفعة واحدة، وترتفع القبضات عالياً، والهتافات: &laqascii117o;لبيك يا نصر الله".كلمة السيد لا تستغرق وقتاً طويلاً، غير أن فيها وعداً بأنه سيتحدث لاحقاً عن من هو عماد مغنية. ينزل الشبان النعش من المنصة، ويتولى الشيخ نعيم قاسم الصلاة عن روح الشهيد، وقد وضع أمام الصف الأول للمعزين. أمس، حمل نعش الحاج رضوان شبان تربوا على عقيدته. ردد هؤلاء عباراتهم الجاهزة مع تشييع كل شهيد: &laqascii117o;لا اله الا الله والشهيد حبيب الله"، &laqascii117o;يا الله يا الله احفظ لنا نصر الله"، وأمامهم رفرفت رايات &laqascii117o;حزب الله" السود. ورددت الحناجر عبارات: &laqascii117o;الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل". كما رفعت لافتة باسم &laqascii117o;السرايا اللبنانية لمقاومة الاحتلال الإسرائيلي"، وعليها صورة مغنية: &laqascii117o;لم يقفل الحساب، فلا تقلق.
ـ صحيفة اللواء:
مد رئيس كتلة 'المستقبل' النيابية النائب سعد الحريري اليد الى الشركاء في الوطن، وقال 'ستبقى اليد ممدودة مهما بلغت الصعوبات والمؤامرات لشركائنا في الوطن ليبقى الوطن'·وتلقف الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله الدعوة، بالتأكيد بأن اليد الأخرى ممدودة على أمل أن يتجدد المشهد بتشابك يد الاستقلال والإعمار مع يد المقاومة والتحرير، إلا أن نصر الله أردف قائلاً 'عندما نرى ان اليد الممدودة صادقة لن تجد منا إلا يداً ممدودة' وذلك في معرض تأكيده ان لا حرب أهلية في لبنان ولا تقسيم ولا فيدرالية'·