صحف ومجلات » افتتاحيات من الصحف اللبنانية الصادرة الإثنين 21/12/2009

صحيفة 'السفير'
خمس سنوات إلا قليلاً من القطيعة والعداء بين سعد الحريري ودمشق احتاجت فقط إلى خمس وعشرين دقيقة ـ هي مدة الرحلة الجوية من بيروت إلى دمشق - لكي تطوى صفحتها بمعظم مراراتها وجروحها، عندما توافر القرار السياسي والإرادة الجادة.
خمس سنوات إلا قليلاً، من الاضطراب والاعتلال في العلاقة بين لبنان وسوريا، تحولت ابتداء من بعد ظهر السبت الماضي إلى عُصارة تجربة لاستخلاص الدروس والعبر، بعدما أريد لها أن تكون مصنعاً يعمل بدوام كامل لإنتاج الأحقاد والضغائن، والتجارة بها.
خمس سنوات إلا قليلاً من الأحكام المسبقة والأوهام المتمادية انكفأت أمام وهج اللقاء بين الرئيس بشار الأسد ورئيس الحكومة سعد الحريري، اللذين تسنى لكل منهما أن يتعرف إلى الآخر وجهاً لوجه، بعيداً عن سموم القوى الأجنبية وأصحاب الغرض وأدوارهم المشــبوهة.
خمس سنوات إلا قليلاً من محاولة التمرد على &laqascii117o;فطرة" العلاقة المميزة استسلمت أخيراً لحقائق التاريخ والجغرافيا وحقوقهما، ليثبت مرة أخرى انه لا يصح إلا الصحيح، ولو بعد حين.
خمس سنوات من &laqascii117o;حرب الاستنزاف" بين دمشق وشريحة واسعة من اللبنانيين، وُضع لها حد أخيراً، لصالح تغليب منطق الحوار والمصالحة، فاختلطت الأوراق مجدداً وتبعثر الاصطفاف الطائفي والمذهبي الذي أريد لعدواه أن تمتد من لبنان إلى العمق العربي، على قاعدة تصنيف سوريا ضمن محور يضم إيران و&laqascii117o;حزب الله" في مواجهة محور مضاد تقوده السعودية ويشكل سعد الحريري بُعده اللبناني..
عندما هبطت طائرة الرئيس سعد الحريري في مطار دمشق، عصر يوم السبت الماضي في التاسع عشر من كانون الأول 2009، كان واضحاً منذ اللحظة الأولى أنها تحط على &laqascii117o;مدرج" فرصة جديدة وذهبية لإعادة وصل ما انقطع، استناداً إلى خلاصات المرحلة السابقة والتطلعات للمستقبل.
بالطبع، ما كان ذلك ليصبح حقيقة لولا المصالحة السورية ـ السعودية اولاً وما فتحته من آفاق على صعيد العلاقات العربية ـ العربية واللبنانية ـ السورية. كان السعوديون، وتحديداً الأمير عبد العزيز بن عبد الله والوزير عبد العزيز خوجة بإشراف من الملك عبد الله، على علم ودراية كاملين بكل شاردة وواردة متصلة بالزيارة تحضيراً وموعداً ومضموناً ومساراً يفترض ان يكون الجانبان السوري واللبناني قد اتفقا على آلياته الكاملة ضمن معادلة
&laqascii117o;من دولة الى دولة" التي شدد عليها كل من الأسد والحريري اكثر من مرة خلال محادثاتهما في الجولات المتعددة على مدى حوالى ثماني ساعات.
أدرك الأسد والحريري أن كلاهما يأتي من &laqascii117o;بعيد"، وأن اختصار المسافة وبناء الثقة يحتاجان منهما إلى جهد إضافي مبني على الصدق والصراحة. تجنب الرئيس السوري تحميل ضيفه أكثر مما يحتمل، وهو الذي يدرك جيداً حساسية البيئة التي يأتي منها، ولذلك تصرف الأسد منذ البداية على قاعدة تفهم خصوصية ضيفه وجاءت قبلات الاستقبال لتمتص توتره المبرر، إضافة إلى &laqascii117o;وظيفتها" الأخرى المتمثلة في كسر الحاجز النفسي الذي كان يفصل الشعب السوري عن زائر دمشق الاستثنائي.
خلال اللقاء الأول الذي جمعهما في خلوة مطولة لمدة ثلاث ساعات تقريباً، أجرى الأسد والحريري مراجعة شاملة لمسار الأحداث منذ اغتيال الرئيس رفيق الحريري حتى اليوم. لم يتهرب الرجلان من مواجهة الماضي ولكنهما لم يغرقا فيه. عرض كل منهما روايته وقراءته لأبرز المحطات في تلك الفترة. تحاورا من دون أقنعة أو قفازات. قال أحدهما للآخر ما يفكر فيه وما يشعر به.
تكلم رئيس الحكومة اللبنانية بوضوح عن مآخذه على السلوك السوري السابق في لبنان. وبدوره، أثار الأسد ما تعرضت له بلاده بعد جريمة الاغتيال من استهداف وحملات، من دون أن تفوته الإشارة إلى انه يتفهم الظرف الذي مرّ فيه الرئيس سعد الحريري شخصياً كونه ابن الرئيس الشهيد، وهذا ما لا ينطبق على الآخرين.
بعد غسيل القلوب والنيات في الجلسة الأولى، بدا أن الرجلين نجحا في اختبار &laqascii117o;الكيمياء"، الأمر الذي انعكس إيجاباً على المراحل الأخرى من &laqascii117o;الزيارة التأسيسية".
مساء السبت، وصل الأسد إلى جناح الضيافة في قصر الشعب - حيث أمضى الحريري ليلته - وأقله في سيارته إلى مطعم تراثي وسط دمشق يعكس بلوحاته وشخصيته الهوية الثقافية السورية، وكأن الأسد أراد أن يعرّف ضيفه على &laqascii117o;الوجه الآخر" لسوريا. خلال العشاء، توقف الرجلان عند طبيعة التغطية الإعلامية لزيارة الحريري، وعّبر الأسد بصراحة عن امتعاضه من طريقة مقاربة بعض الفضائيات العربية للزيارة، فيما كان إعلاميون سوريون قد استغربوا في وقت سابق من النهار البرودة التي اتسمت بها تغطية &laqascii117o;تلفزيون المستقبل" لحدث تاريخي، بطله مالك المحطة نفسها.
في أعقاب العشاء &laqascii117o;الدافئ"، قاد الأسد سيارته والى جانبه الحريري نحو قصر الشعب مجدداً، حيث استكملا مباحثاتهما على الإيقاع ذاته من الشفافية والمكاشفة. قارب الرئيس السوري الملفات العالقة في العلاقة الثنائية من منظار الرغبة في التعاون لمعالجتها وتنظيم قواعد التعاطي معها. أكد الأسد دعمه لسيادة لبنان واستقلاله، وشدد على أهمية الوفاق الوطني وتحصين الداخل اللبناني لتحسين شروط مواجهة الخطر الإسرائيلي، لافتاً الانتباه، في هذا السياق، إلى حيوية عامل المقاومة وضرورته. وتوقف عند الدور الذي يمكن أن يؤديه سعد الحريري كزعيم وطني لتثبيت موقع لبنان العربي وموقع طائفته المتصل بتراث العروبة وتاريخها.
أما الحريري فأكد من جهته وجوب إعادة بناء العلاقة اللبنانية - السورية من دولة إلى دولة، بما يتيح تفعيلها وتطويرها، لخدمة مصالح البلدين والشعبين، تأسيساً على الاستنتاجات المستخلصة من التجربة السابقة.
وجاء رد الأسد واضحاً في هذا المجال، وفحواه أن سوريا تغيرت كثيراً خلال السنوات الخمس الماضية، وخصوصاً في ما خص طريقة التعامل مع الملف اللبناني الذي بدأ يخضع لمعايير جديدة، أهمها أن دمشق لن تعود إلى الغرق مجدداً في مستنقع التفاصيل الداخلية وأنها ستكون حريصة على تطوير العلاقة الثنائية من دولة إلى دولة عبر تفعيل التواصل مع المسؤولين الرسميين والمؤسسات الدستورية في لبنان وحصر التواصل الرئاسي الجانبي ببعض الأصدقاء الفعليين.
بهذا المعنى، أوحى الأسد لضيفه أن لديه أهدافاً ثابتة في السياسات الاستراتيجية والأمن القومي لن تتبدل ولكن وسائل تحقيقها السابقة لن تكون هي ذاتها، معتبراً أن من واجب اللبنانيين أن يتفاهموا على كيفية إدارة شؤون بلدهم وبناء الدولة القوية، مبدياً كل الاستعداد لمساعدة رئيس حكومة الوحدة الوطنية في مهمته، حيث يستطيع.
وهناك في دمشق من يؤكد في هذا السياق أن الكثيرين من اللبنانيين الذين اعتادوا على &laqascii117o;الانفلاش" في العاصمة السورية سيكتشفون تدريجياً أن نمط التعاطي السوري الرسمي آيل إلى التبدل في اتجاه &laqascii117o;تقنين" العلاقة بين أصحاب القرار الحقيقي في دمشق والزوار اللبنانيين الذين سيكون لهم الحق في الاحتفاظ بصداقاتهم القديمة والتواصل معها ولكن سيكون صعباً عليهم &laqascii117o;اختراق" الحلقة الضيقة الممسكة فعلياً بمفاتيح المعلومات وبزمام الحل والربط، علماً بأن فنادق دمشق ازدحمت، أمس، بطلائع &laqascii117o;المستكشفين" الآتين من بيروت لاسـتطلاع نتائج زيارة الحريري.
إضافة إلى ما سبق، تطرق الحريري إلى مسألة ترسيم الحدود المشتركة حيث أبدى الرئيس السوري كل تجاوب حيالها، وتم التفاهم على إعادة تفعيل لجان ترسيم الحدود بدءاً من الشمال اللبناني، ناهيك عن أن الرجلين شددا على ضرورة تسهيل عبور المواطنين في الاتجاهين، كما جرى البحث في العلاقات العربية - العربية، واتفقا على إيجابية الدور الذي يؤديه العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز وأهميته على هذا الصعيد.
وتقصد الحريري، قبيل مغادرته دمشق مباشرة، أن تكون السفارة اللبنانية هناك، مكان أول مؤتمر صحافي لمسؤول لبناني يزور العاصمة السورية.
واستناداً الى مراسل &laqascii117o;السفير" في دمشق زياد حيدر، فإن رئيس الحكومة اللبنانية رفض تكهنات بتأثيرات سلبية عليه تأتي من تحالفاته السياسية في لبنان حول العلاقة مع سوريا، كما رفض ان يقال إن الزيارة تؤثر على تحالفاته في بيروت، معلناً أن البلدين متفقان على خطوات لتطوير العلاقات، وأنه وكل وزرائه الآن يتحدثون باسم لبنان مجتمعاً.
وقد أشاد الحريري بالأداء البروتوكولي &laqascii117o;الدافئ" للقيادة السورية تجاهه. شاكراً الأسد، وعندما قيل له &laqascii117o;هل كانت الزيارة صعبة (كما سبق ونقل عن لسانه)؟" قال &laqascii117o;هذا الكلام لا يفيد. ما يفيد هو البناء على الإيجابي، وأن لا نعمل على تسجيل نقاط على بعضنا البعض"، معتبراً أن الذي جرى من قبل الرئيس الأسد، والاستقبال الذي استقبلني به، ومجيئي إلى هنا، وفتح السفارات، والعلاقات التي ستبنى في المستقبل والخطوات التي ستقوم بها الدولتان، كلها ستترجم على الارض، وأضاف &laqascii117o;ليس هنالك من موضوع لم يتكلم به الرئيس بشار الأسد، فكان منفتحاً بكل الأمور التي تهم اللبنانيين. وختم شاكراً الأسد مجدداً على هذه الزيارة، وقال &laqascii117o;أشكر الشعب السوري أيضاً، وإن شاء الله تسير الأمور إلى الأمام".
وعلم أن الوزيرة بثينة شعبان ومدير مكتب الرئيس سعد الحريري نادر الحريري توليا صياغة الملخص الإعلامي الذي وزع على الصحافيين بعد الخلوة الأولى بين الأسد والحريري.
ولوحظ أن نادر الحريري خاض على هامش الزيارة، نقاشات غنية مع الدكتورة بثينة شعبان، كما انه شارك بفعالية في الحديث الذي دار خلال حفل العشاء في فندق &laqascii117o;آرت هاوس". وفي الخلاصة، ترك المستشار الشاب انطباعاً ايجابياً عنه لدى المسؤولين السوريين، وهم التقوا على أنه يستطيع أن يكون عاملاً إيجابياً في فريق رئيس الحكومة، آخذين في الاعتبار أن والدته هي السيدة بهية الحريري، صاحبة المقولة الشهيرة في الظرف الأصعب (14 آذار 2005): &laqascii117o;لن نقول وداعاً سوريا، بل إلى اللقاء".
وقالت المستشارة السياسية والإعلامية للرئيس السوري الوزيرة بثينة شعبان لـ&laqascii117o;السفير" إن محادثات الأسد - الحريري &laqascii117o;اتسمت بالصدق والصراحة والود والايجابية والتطلع نحو المستقبل"، مشيرة إلى أن نتائج زيارة رئيس الحكومة &laqascii117o;تؤسس لمرحلة جديدة من النمو والتطور في العلاقات الثنائية، بما يخدم المصالح المشتركة للشعبين الشقيقين".
ورداً على سؤال عن الانطباعات التي كونتها القيادة السورية حول الرئيس سعد الحريري، أجابت: &laqascii117o;إنه إيجابي ومتجاوب، والأولوية لديه هي للمنظور الوطني، وهذا يسعدنا".
وحول رأيها في بعض الأصوات المعترضة على الزيارة، قالت شعبان: &laqascii117o;على المعترضين والمتضررين أن يحلوا مشكلاتهم بأنفسهم.. إن مسوؤلية الرئيس بشار الأسد والرئيس سعد الحريري هي أمام شعبيهما فقط، ومن كانت لديه أجندة أو رؤية أو مصلحة مختلفة فهذه مشكلته".
وفي ما خص الترجمة العملية لحصيلة الزيارة، أكدت شعبان &laqascii117o;أنها ستكون قريبة وملموسة، على أكثر من مستوى"، وتوقعت حصول زيارات مستقبيلة متبادلة ومتسارعة لتفعيل العلاقات المؤسساتية بين البلدين &laqascii117o;لما فيه مصلحة البلدين والشعبين الشقيقين".
ووزعت وكالة &laqascii117o;سانا"، نص البيان الرسمي عن الاجتماع الأول، بين الأسد والحريري، وأشارت فيه الى أن الرجلين استعرضا التطورات الايجابية السائدة في لبنان وسوريا وتاريخ العلاقات السورية اللبنانية، وكيفية تجاوز الآثار السلبية التي شابت هذه العلاقات خلال مرحلة معينة، حيث تم الاتفاق على فتح آفاق جديدة تعزز التعاون بين البلدين في جميع المجالات، وتعكس الروابط الأخوية التي تجمع شعبي سوريا ولبنان وتاريخهما المشترك.
وأكد الحريري تطلع حكومته إلى إقامة علاقات حقيقية واستراتيجية مع سوريا، تعود بالمنفعة على الشعبين الشقيقين ومصالحهما، وأن العلاقات الطيبة والمتميزة بين سوريا ولبنان تعزز موقف البلدين وقوتهما وتسهم بحماية لبنان والعروبة ووحدة الصف العربي في مواجهة السياسات الإسرائيلية المستمرة بانتهاكها للحقوق العربية.
وأكد الأسد ان سوريا كانت ولا تزال حريصة على إقامة افضل العلاقات مع لبنان، انطلاقا من قناعتها ومواقفها المبدئية التي تعتبر ان العلاقات المتميزة والاستراتيجية بين البلدين تحمي المصالح المشتركة للشعبين الشقيقين والعرب جميعاً، وأن أمن واستقرار لبنان هو من أمن واستقرار سوريا والعكس صحيح، مشدداً سيادته على ان سوريا لن تدّخر اي جهد يسهم في توطيد علاقات البلدين ووحدة لبنان وتعزيز امنه واستقراره" (تفاصيل ص 3و4).
يذكر أن الرئيس اللبناني العماد ميشال سليمان، كان قد زار يوم الجمعة الفائت العاصمة السورية، والتقى الرئيس الأسد وقدم اليه التعزية بوفاة شقيقه، كما ناقشا أبرز التطورات التي أعقبت لقاءهما الأخير ولا سيما نتائج رحلة سليمان الى الولايات المتحدة.
وفي القاهرة، اشاد الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى بزيارة الحريرى لدمشق، ووصفها بأنها خطوة إيجابية وزيارة مهمة تفتح طريقا جديدا مختلفا, &laqascii117o;وما قوبل به الحريرى من ود وحفاوة نراه لصالح العلاقة بين البلدين والاستقرار".


صحيفة 'النهار'
مع أن القمة اللبنانية – السورية التي عقدها في آب 2008 رئيس الجمهورية ميشال سليمان والرئيس السوري بشار الاسد اعتبرت اشارة الانطلاق لعملية اعادة العلاقات الطبيعية بين البلدين، فان زيارة رئيس الوزراء سعد الحريري لدمشق السبت والاحد اكتسبت بعدا مختلفا يتصل بالشق المضمر منها وهو فصل ملف العلاقات الثنائية عن قضية المحكمة الخاصة بلبنان على أساس 'فتح صفحة جديدة' بين القيادة السورية والحريري وما يمثله سياسيا ورسميا.
وفي ضوء ذلك، رصدت الاوساط المراقبة ترتيبات الزيارة وشكلياتها أسوة بمضمون اللقاءات والمحادثات التي أجراها الرئيس السوري والحريري. وبدت هذه الترتيبات مثار 'جدل مكتوم' داخليا. فثمة أوساط كانت تؤثر تغليب الطابع الرسمي واتباع الاصول المعتمدة في زيارات رؤساء الحكومات مع وفد وزاري من منطلق اكمال عملية 'التطبيع'، واعلاء منطق التعامل من دولة الى دولة. وأبدت هذه الاوساط شكوكا في مغزى تغليب 'الطابع الخاص' في استقبال الحريري مما يوحي بامكان توظيف سوريا هذا الطابع في اعادة فرض أنماط قديمة على تعاملها مع لبنان، معتبرة ان ما قيل عن 'خطوات عملية' لترجمة النتائج الايجابية للزيارة ظل في اطار العموميات ولم تعلن أي خطوة تنفيذية بوضوح في مقابل الحجم الكبير للتطور الذي مثله ذهاب الحريري الى دمشق.
غير أن أوساطا أخرى رأت في التكريم السوري الخاص للحريري دلالة أهم وأكثر تعبيرا عن رغبة دمشق في احاطة هذه الزيارة بدلالات قوية.
وفي كلا الحالين ينتظر الجميع معرفة تفاصيل ما حكي عنه من اتفاقات على خطوات عملية لتزخيم عملية اعادة العلاقات الطبيعية، علما أن الجانب المتصل بالعلاقة المأزومة الطويلة السابقة بين دمشق والحريري أخذ معظم الوهج في تقويم الزيارة.
والواقع ان الرئيس السوري ورئيس الوزراء اللبناني أمضيا نحو ثماني ساعات من الاجتماعات المنفردة 'وجها لوجه' عبر ثلاثة لقاءات قبل ان يختم الحريري الزيارة بعد ظهر أمس بمؤتمر صحافي عقده في مبنى السفارة اللبنانية بدمشق حيث اكتسب حضوره اليها وعقده المؤتمر فيها رمزية ودلالة بارزتين.
وأجملت أوساط قريبة من الحريري لـ'النهار' نتائج الزيارة فأشارت اولا الى ان رئيس الوزراء عاد الى بيروت مرتاحا الى كل ما رافق زيارته، وخصوصا بعدما عاين حرص الرئيس السوري على تجاوز البروتوكول تكرارا خلال استقباله واقامته مدللا بذلك على حرصه على إنجاح الزيارة، حتى ان الرئيس الاسد كان يقود السيارة بنفسه خلال التنقلات. وقالت هذه الاوساط 'إن ثمة آمالا كبيرة نشأت خلال هذه الزيارة في طي صفحة الماضي أبرزها الجانب السوري ولاقاه فيها الحريري'، لافتة في هذا المجال الى ثلاث نقاط أساسية أعلنها الحريري في مؤتمره الصحافي تختصر هذا البعد. ذلك أنه شدد أولا على 'أننا نرى الامور من موقع نصف الكوب الملآن ونرى الايجابيات'. كما شدد على اقامة العلاقات 'على أساس الصراحة والصدق'. وأعلن ايضا 'أننا لا نريد ان ننظر الى الأمور بشكل سلبي ولا أن يسجل أحدنا نقطة على الآخر'. وقرن هذه النقاط بتأكيد جدية العلاقات قائلا ان 'هذه الجدية ستترجم بخطوات عملية على الارض في مجالات عدة'.
وأضافت الاوساط القريبة من الحريري أنه خلافا للمعطيات التي سادت قبل الزيارة عن عدم وجود جدول أعمال للمحادثات، كان هناك جدول أعمال غني بالمواضيع والملفات وحصل توافق عليه سيترجم بخطوات تنفيذية في الاسابيع المقبلة. ولمحت في هذا الصدد الى زيارة محتملة اخرى للحريري مع وفد وزاري واسع لدمشق يتخللها درس كل الاتفاقات الثنائية الاقتصادية والتجارية وسواها ومعاهدة الاخوة والتعاون والتنسيق بين البلدين واعادة النظر فيها. واوضحت ان المحادثات بين الجانب السوري والحريري ادت الى توافق على مجموعة نقاط من ابرزها ترسيم الحدود وتحديدها وايلاء ملف التعاون والتبادل الاقتصادي والتجاري اولوية، واعداد كل وزارة ملفاتها ووضع مطالبها استناداً الى الاتفاقات الثنائية التي سيعاد النظر فيها.
ومع ان الحريري والجانب السوري نفيا ان يكون موضوع المحكمة الخاصة بلبنان، قد طرح في المحادثات، رجحت اوساط سياسية واكبت الزيارة ان يكون الموضوع قد اثير على قاعدة الفصل بين ملفي العلاقات الثنائية ومسار المحكمة المستقلة، ولفت الحريري في مؤتمره الصحافي الى 'ما قاله الرئيس الاسد في السابق وهو ان المحكمة الدولية اصبحت لدى المجتمع الدولي'، 'ونحن ايضاً قلنا ان هذه المحكمة اصبحت لدى المجتمع الدولي وهي تقوم بعملها وكلنا نريد الحقيقة'.
وعزت الاوساط نفسها التكتم على نتائج الزيارة وعدم وضع سقوف عالية لها الى 'مراعاة جو التعبئة الشعبية في الشارعين اللبناني والسوري وتحضيرهما لنتائج الزيارة'. ولاحظت ان الحريري ولد انطباعاً انه يتولى هذا الملف شخصياً، فيما كان الرئيس السوري يتولى بدوره التحضير مباشرة للزيارة.
اما حرص الحريري على عقد المؤتمر الصحافي في السفارة اللبنانية بدمشق، فادرجته الاوساط في اطار اعطاء الانطباع عن علاقة من دولة الى دولة وعلى اساس المؤسسات.
بري
وفي تعليق اول له على هذه الزيارة، قال رئيس مجلس النواب نبيه بري لـ'النهار' مساء امس: 'ارى في هذه الزيارة توقيعاً بالاحرف الاولى لاتفاق سلام بين لبنان ولبنان وبين لبنان وسوريا وبين سوريا والسعودية'.
وعن انعكاسات الزيارة لاحقاً قال: 'علينا كلبنانيين وعرب ان نبصر ونتبصر وان الاعمال بالاكمال والمتابعة ولنا ولسوريا كل المصلحة فضلاً عن العالم العربي'.
جعجع
اما رئيس الهيئة التفنيذية لحزب 'القوات اللبنانية' سمير جعجع، فقال لـ'النهار' تعليقاً على الزيارة: 'لم يكن في امكان الرئيس سعد الحريري ان يظهر ايجابية اكثر مما فعل، بل كانت ايجابيته فوق العادة. وكل موضوع العلاقات اللبنانية – السورية صار الآن في الملعب السوري. واذا كانت كل الايجابية التي اظهرها الرئيس الحريري وتعاليه على الجروح والخلافات السابقة والحاضرة لن تقابل بايجابيات معينة فالأكيد ان العلاقات اللبنانية – السورية ستبقى مكانها ولن تحرز اي تقدم'.
واضاف: 'بعد هذه الايجابيات انتظر مثلاً في اليومين المقبلين ان يكون ملف المفقودين والمسجونين اللبنانيين في سوريا قد بت تماماً لانه لا يحتاج الا الى اقفاله من جانب سوريا. وانتظر مثلاً في الاسابيع المقبلة ان تقفل المعسكرات الفلسطينية خارج المخيمات بصدور امر عن القيادة السورية لاننا نعرف ان الأمرة على هذه المعسكرات هي للمخابرات السورية. كما انتظر ان تبدأ عملية ترسيم الحدود من الجهة الجنوبية تحديداً لما لهذه الناحية من اهمية قصوى في انهاء احتلال مزارع شبعا وتلال كفرشوبا. فلن يكون ممكناً بعد اليوم ان يطلب من سعد الحريري ان يبدي ايجابية اكبر والكرة الآن في الملعب السوري'.
وابدى جعجع ملاحظتين على هامش زيارة الحريري: 'ان اشارة بالغة الأهمية ومعبرة جداً صدرت عن الرئيس الحريري بعقده المؤتمر الصحافي في السفارة اللبنانية تحديداً ليقول ان العلاقة هي من دولة الى دولة. والاشارة الثانية كانت اكثر وضوحاً حول المحكمة الدولية التي تنتظرها اكثرية اللبنانيين وبما معناه ان على جميع الاطراف ان يحترموا ما سيصدر عنها والا فان كل الكلام والحفاوة والحميمية ستبقى من دون نتائج فعلية'.


صحيفة 'المستقبل'
اختتم رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري أمس زيارة إلى سوريا استمرت يومين، أجرى خلالها محادثات مع الرئيس السوري بشار الأسد على ثلاث جولات، واختتمها بمؤتمر صحافي عقده في مبنى السفارة اللبنانية في العاصمة السورية، حيث ركز على 'الجو الصريح والجدي لبناء المستقبل الذي ساد خلالها'، وأكد على 'علاقات الصدق والصراحة والتعاون بين الدولتين والشعبين'.
وشدد على أن 'كل المباحثات كانت مبنية على أساس المصالح التي تفيد البلدين والدولتين والشعبين، ومن هنا تحدثنا في كل المواضيع التي تهمّ الدولتين والشعبين، وليس هناك من موضوع لم نتطرق إليه، فقد تطرقنا إلى كل المواضيع بشكل إيجابي، وبالنسبة لي لم أرَ إلا كل إيجابية من قبل الرئيس الأسد في كل المواضيع التي تهم اللبنانيين والعلاقة بين البلدين'.
وقال 'نريد بناء مستقبل أفضل بين البلدين، وان نعمل على حل الأمور في ما بيننا بشكل غير استفزازي، وإنما بشكل هادئ وصريح، ورهاننا على المستقبل لبنائه بشكل أفضل يفيد الشعبين والدولتين'. ورفض القول 'إن هذه الزيارة أتت لمصلحة هذا الفريق أو ذاك، لأن هذا القول لا يخدم أحداً'. وأضاف 'يجب علينا أن نرى الجزء الملآن من الكوب وليس العكس، وأن نعمل على حل الأمور بين بعضنا البعض بشكل غير استفزازي، ولكن بشكل هادئ وصريح ليستفيد البلدان'.
وأشار إلى أنه 'هناك خطوات عملية على الأرض، كي يرى الناس أن هذه العلاقات مبنية ليس على علاقات شخصية، بل مبنية على أسس تفيد البلدين والشعبين'. وأعلن 'أنا رئيس حكومة كل لبنان حريص، على أن تكون الحكومة حكومة وحدة وطنية دائمة تجمع اللبنانيين'. وقال 'أتيت كرئيس حكومة كل لبنان ولم آت كرئيس فريق سياسي لبناني، ومن هذا المنطلق آتي من كل الأفرقاء لبناء علاقات بين البلدين، وهذا ما قلناه في البيان الوزاري، وهذا ما أقررناه في مجلس النواب الذي أعطانا الثقة على أساسه ولذلك، هناك أمور كثيرة ناقشناها تهم اللبنانيين وقد تكون طريقتي مختلفة في معالجة الأمور وأنا أرى أن معالجة بعض القضايا في الإعلام قد تعقدها'.
ولفت إلى أن 'اللقاء أو الزيارة كانت جزءاً من عدة لقاءات تحصل ضمن المصالحات العربية التي بدأها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز في الكويت ومن ثم في الرياض وفي قطر، هذه الزيارة هي من نتائج هذه المصالحات'. وقال 'ستكون هناك مصالحات في المستقبل لتوحيد الصف العربي نتصدى للصعوبات التي تواجهنا إقليمياً من قبل إسرائيل ولنواجه التحديات في الملف الفلسطيني والتعنت الإسرائيلي للخروج من الأراضي اللبنانية والحل السلمي بالنسبة إلى الفلسطينيين وأيضاً الخروج من الجولان'.
أضاف 'لا شك في أن المملكة العربية السعودية لعبت دوراً كبيراً، ونحن سنسير قدماً على الأسس وبنينا النظرة الجديدة على أساس هناك مصالحات عربية'.
وبصدد المحكمة الدولية قال 'لم نتطرق إلى المحكمة والاتهام السياسي لسوريا في الاغتيال، إلا أن كلام الأسد في السابق أكد أن المحكمة الدولية أصبحت في عهدة المجتمع الدولي، وهي تقوم بعملها ونحن جميعاً نريد الحقيقة'، وحول التطرق إلى موضوع الاستنابات السورية، 'فهذا موضوع سجل بين الأجهزة المختصة'.
وأشار إلى أن 'ما تغير هو البناء على الايجابيات، والكلام الذي يفيد هو القول إننا لا نريد تسجيل نقاط على بعضنا البعض، ويجب أن لا نقول إن هذه الزيارة أتت لمصلحة هذا الفريق أو ذاك، لأن هذا القول لا يخدم أحداً'.
وقال: 'ما حصل فعلياً من قبل الرئيس بشار الأسد واستقباله لي وزيارتي إلى سوريا، وفتح السفارات والعلاقات الثنائية، أمور ستثبت في المستقبل والخطوات التي ستقوم بها الدولتان هي خطوات ستترجم على الأرض'. وأشار إلى أن 'الأمور ستسير إلى الأمام، والضمانات هي نحن، وإن شاء الله والسماء زرقا تكون العلاقات جيدة(..)'.
إشارة إلى أنه ينتظر أن تكون زيارة الرئيس الحريري إلى سوريا ومحادثاته هناك موضع بحث في جلسة مجلس الوزراء اليوم.
وكانت وكالة 'سانا' الرسمية السورية ذكرت أن 'الرئيسين الأسد والحريري أكدا خلال محادثاتهما التي أجريت في مقر إقامة الرئيس الحريري ضرورة البناء على ما اتفق عليه خلال هذه الزيارة التي تشكل نقطة انطلاق لاستعادة التعاون بين حكومتي البلدين ومتابعة المواضيع التي نوقشت من قبل الجهات المختصة للارتقاء بالعلاقات السورية اللبنانية إلى ما يطمح إليه الشعبان الشقيقان'.
وقالت إنه 'تم الاتفاق على قيام مؤسسات ووزارات البلدين بالتنسيق والتواصل مباشرة لإزالة العقبات التي تعترض علاقات التعاون على جميع الصعد'.
مواقف
في المواقف الترحيبية بالزيارة، شدد الرئيس فؤاد السنيورة على أن زيارة الحريري إلى سوريا 'هي زيارة مهمة نتوخى منها الخير حتى يصار إلى وضع العلاقة بين الدولتين اللبنانية والسورية على أسس سليمة ونامية ومتحسنة'، وأعرب عن أمله في أن تكون 'نتائج الزيارة مرضية وأن تسود الثقة بين البلدين خصوصاً أن الكل يعلم أهمية العلاقات التي يجب أن تكون بين هذين البلدين الشقيقين'.
و قال 'لبنان وسوريا بلدان عربيان والعلاقة بينهما يجب أن تكون علاقة أخويّة وعلاقة مبنيّة على الاحترام المتبادل لاستقلال وسيادة البلدين، خصوصاً أن هناك تاريخاً يربط بين هذين البلدين وهناك واقع جغرافي ومصالح مشتركة'، ودعا المسؤولين في كلا البلدين إلى 'تعزيز هذه العلاقات والحرص على ربط المصالح الحقيقية بين البلدين وهذا ما يجب أن نعمل له، وبدون أي تأخير أو تلكؤ لأن في ذلك مصلحة حقيقية(..)'.
في سياق متصل قال رئيس 'اللقاء الديموقراطي' النائب وليد جنبلاط 'لن أعلق اليوم في هذه اللحظة على زيارة الرئيس الحريري إلى سوريا، ففي النهاية يستطيع أن يذهب إلى سوريا بكل الملفات الوفاقية والخلافية، وهو كان واضحاً وأنا واضح، كنا جداً واضحين، موضوع الاغتيالات الأمنية، من محاولة اغتيال مروان حمادة إلى الشهيد رفيق الحريري إلى غيرهم، هذه كلها ذهبت إلى عهدة المحكمة الدولية، وننتظر جميعاً نتيجة المحكمة، ولا نستطيع أن نسبّق على المحكمة، آنذاك كان حكمنا حكماً سياسياً، ولكن في النهاية ارتضينا جميعاً، كل القوى اللبنانية أن يكون الموضوع في عهدة الحكم الدولي(..)'.
من جهته، اعتبر عضو كتلة 'اللقاء الديموقراطي' النائب مروان حمادة أن 'الزيارة تشكّل حدثاً مهماً، فالحريري خرج من انتخابات نيابية انتصر فيها وأتى بحكومة وحدة وطنية ولو أن بعض جوانبها قد فُرض عليه'، واعتبر في حديث إلى إذاعة 'الشرق' أن 'الحريري آت من محيط مؤيد له عربي وإقليمي ودولي'، ولفت إلى أن 'الزيارة مهمة لتحقيق المساواة في العلاقة بين لبنان وسوريا'، وشدّد على أن 'الحريري استطاع تحقيق هذا الاختراق بهدوئه وصبره على مدى خمس سنوات منذ جريمة اغتيال والده الشهيد رفيق الحريري(..)'.
أما عضو كتلة 'المستقبل' النائب عاطف مجدلاني فرأى أن 'زيارة الرئيس الحريري إلى سوريا جاءت بعد انتصار ثورة الأرز وخروج الجيش السوري من لبنان، وإقرار المحكمة الدولية وبداية عملها، وبعد إقامة العلاقات الديبلوماسية بين لبنان وسوريا'. وقال إن 'الانتخابات النيابية أعطت قوى السيادة ثقتها، وعلى رأسها الرئيس الحريري'. ورأى في حديث إلى قناة 'أخبار المستقبل أن 'الزيارة مهمة جداً وخطوة أساسية على طريق إعادة العلاقات السورية ـ اللبنانية إلى طبيعتها، وان حل المشكلات القائمة يتطلب وقتاً'. ودعا إلى 'التعاون بصراحة وبصدق لتعود الأمور إلى طبيعتها بين البلدين وعلى أساس أنهما دولتان مستقلتان'.
وأكد أن 'موضوع اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري لم ينسَ'، وقال 'الحريري أخذ قراراً جريئاً وشجاعاً بفصل موضوع الاغتيال عن موضوع العلاقات اللبنانية ـ السورية، والفصل لا يزال مستمراً'. وأوضح أن 'موضوع اغتيال الرئيس الحريري بعهدة القضاء الدولي ولدينا الثقة الكاملة به'. وتمنى أن 'يكون هناك تغيير في طريقة تعامل النظام السوري مع لبنان'، وان 'تبنى العلاقات على الاحترام المتبادل لسيادة واستقلال كل بلد، إضافة إلى عدم التدخل السوري في شؤون اللبنانيين الداخلية وحل الإشكالات والملفات العالقة وعلى رأسها موضوع المفقودين في السجون السورية، وموضوع ترسيم الحدود بدءاً من مزارع شبعا، وإزالة السلاح الفلسطيني خارج المخيمات والمعروفة مرجعيته(..)'.


صحيفة 'الديار'
وضعت الزيارة التاريخية لرئيس الحكومة سعد الحريري الى دمشق ولقاؤه الرئيس السوري بشار الاسد حجر الاساس لبناء مستقبل العلاقات اللبنانية - السورية على اسس سليمة وصادقة وواضحة بعد الشوائب التي اعترتها واساءت الى العلاقة بين الدولتين.
كل الملفات بحثت بين الرئيسين الاسد والحريري وكان التوافق على كل ما جرى التطرق إليه من المجلس الاعلى اللبناني - السوري، الى الترسيم والتحديد للحدود، الى الاتفاقات المعقودة بين البلدين، وقد كان النقاش صريحا للغاية.
وأكد الرئيس الاسد للحريري استعداده لاعادة النظر في كل الاتفاقات وفي كل ما تريده الحكومة اللبنانية اذا كان اللبنانيون يعتبرونها مجحفة في حقهم.
حيث كان توافق بين الاسد والحريري على تجاوز سلبيات المرحلة الماضية وشوائبها والتأسيس لاقامة افضل العلاقات بين الدولتين لتصبح نموذجا للعلاقة بين اي دولتين عربيتين.
فاللقاءات بين المسؤولين اللبنانيين والسوريين ستكتمل عبر وزراء البلدين لبحث كل القضايا والاتفاقات المعقودة، حيث سيقوم رئيس الحكومة السورية محمد ناجي العطري بزيارة بيروت قريبا لبحث المواضيع التي تهم البلدين، كما ان اجتماعا سيعقد للمجلس الاعلى اللبناني ـ السوري قريبا وربما في بيروت لاستكمال المباحثات.
فالارتياح الكبير ظهر على الرئيسين الاسد والحريري بعد الاجتماعات بينهما وهي ستؤسس حتما الى صفحة جديدة، فيما ابدى الرئيس الحريري ارتياحه للترحيب السوري الاستثنائي له خلال الزيارة التي ساهمت في تذويب الجليد.
كما حظيت الزيارة بارتياح شعبي واسع في لبنان وسوريا لنتائجها وما سادها من أجواء ود بين الرئيسين ستنهي مرحلة القطيعة التي بدأت عام 2005 وستفتح مرحلة جديدة.
وكان الرئيسان الاسد والحريري استكملا مباحثاتهما صباح امس في مقر إقامة الرئيس الحريري واكدا على ضرورة البناء على ما اتفق عليه خلال هذه الزيارة التي تشكل نقطة انطلاق لاستعادة التعاون بين حكومتي البلدين ومتابعة المواضيع التي ناقشتها الجهات المختصة للارتقاء بالعلاقات السورية اللبنانية الى ما يطمح إليه الشعبان الشقيقان.
كما تم الاتفاق على قيام مؤسسات ووزارات البلدين بالتنسيق والتواصل مباشرة لازالة العقبات التي تعترض علاقات التعاون على جميع الصعد.
وبعد انتهاء المحادثات بين الاسد والحريري ودّع الرئيس السوري رئيس الحكومة اللبنانية بالحفاوة نفسها التي استقبل بها، حيث انتقل الحريري الى مقر السفارة اللبنانية وعقد مؤتمرا صحافيا في حضور السفير اللبناني في سوريا ميشال الخوري والقائم بالاعمال رامي مرتضى وحشد من مراسلي الصحف اللبنانية والسورية ووسائل الاعلام العالمية.
كلام الحريري في المؤتمر الصحافي
وصف الحريري مباحثاته مع الرئيس الاسد بالجيدة والممتازة وانها تمت بشكل واضح وصريح وتطرقت الى جميع المواضيع بشكل ايجابي وقال : لم ار الا كل ايجابية حول المواضيع التي تهم اللبنانيين والعلاقة بين البلدين.
واضاف الحريري: ان الرئيس الاسد كان حريصا جدا على ان تكون العلاقة ودية وصادقة وكانت المحادثات مبنية على اساس المصالح السورية - اللبنانية المشتركة ومن هذا المنطلق تحدثنا في كل المواضيع التي تفيد وتهم الدولتين والشعبين.
وقال الحريري: اننا نريد فتح آفاق جديدة بين البلدين وان نرى الايجابيات ونحل الامور التي بيننا بشكل هادئ وصريح وغير استفزازي وبما يفيد البلدين.
واوضح الحريري ان الرئيس الاسد كان حريصا جدا خلال لقاءاته على ان الذي يهمه من لبنان هو ان تكون العلاقات صادقة ومبنية على تفاهم مشترك...
ونحن في لبنان يهمنا ان يعود الجولان السوري المحتل الى سوريا كما يهم سوريا ان تعود كل الاراضي اللبنانية المحتلة من قبل اسرائيل الى لبنان..
وسيكون هناك تشاور في هذا الموضوع.
وردا على سؤال حول كيفية ترجمة الحكومة اللبنانية هذه الاجواء الايجابية للزيارة على البعدين السياسي والاقتصادي واجتماعات الحكومة، قال الحريري: &laqascii117o;هذا الشيء يجب ان يكون له عدة خطوات اتفقنا عليها مع سيادة الرئيس الاسد...
وبالنسبة لما نريد القيام به معاً حتى تكون هناك خطوات عملية على الارض ويرى الناس ان هذه العلاقات ليست علاقات شخصية فقط بل هي علاقات مبنية على اسس تفيد البلدين والشعبين".
وردا على سؤال حول ما سيحمله لحلفائه في لبنان بعد لقائه الرئيس الاسد، قال الحريري: &laqascii117o;انا جئت الى هنا كرئيس حكومة كل لبنان ولم آت كرئيس حكومة فريق سياسي لبناني، ومن هذا المنطلق فإن الحرص من كل الاصدقاء السياسيين والاصدقاء في الحكومة اللبنانية هو من اجل بناء علاقة ودية بين الدولتين والشعبين وهذا الكلام قلناه في البيان الوزاري واقررناه في مجلس النواب الذي منحنا الثقة على اساسه، لذلك هناك الكثير من الامور التي ناقشناها تهم اللبنانيين ومن الممكن ان تكون طريقتي مختلفة بمعالجة هذه الاشياء، مشيرا الى ان الاعلام خلال تناوله بعض الامور يمكن ان يساهم في تعقيدها بدلا من معالجتها...
ونحن اتفقنا على كثير من الامور التي تكلمت عنها الدكتور بثينة شعبان امس ومن بينها ترسيم الحدود".
وقال الحريري: &laqascii117o;ان اهم شيء هو انه لا احد موجود هنا ليسجل نقطة على الآخر ونحن نريد ان نبني علاقات صادقة وحقيقية واذا اراد كل واحد ان ينطلق من ان هذا الفريق سجل نقطة على الفريق الآخر، فإننا في هذه الحال نكون لم نحقق شيئا لبناء العلاقات، اي اذا كنا صادقين في هذه العلاقات فيجب علينا ان نبنيها على اسس صادقة وواضحة وان تراعى مصلحة البلدين والشعبين".
واضاف الحريري: &laqascii117o;لا شك في انه كان هناك تباعد في مرحلة سابقة والان نحن تكلمنا كلاما واضحا وصريحا وكان الرئيس بشار الاسد ايضا واضحا وصريحا حيث ان مصلحة سوريا ايضا تقتضي ان يكون هناك وضوح وصراحة بين الدولتين والشعبين".
واعتبر الحريري...
ان المملكة العربية السعودية اضطلعت بدور كبير ونحن نكمل على اسس موجودة وبنينا النظرة الجديدة على اساس وجود مصالحة قريبة.
وحول طرح موضوع قرية الغجر ونية اسرائيل الانسحاب منها، قال الحريري: &laqascii117o;ان هذه القضية هي شأن لبناني ونحن شرحنا ما الذي يمكن ان يحدث ولكن هذا الموضوع سيطرح في مجلس الوزراء اللبناني وسيتخذ فيه قرار".
وردا على سؤال حول المحكمة الدولية، قال الحريري: &laqascii117o;ان المحادثات مع الرئيس الاسد لم تتطرق الى هذا الموضوع، الا ان الرئيس الاسد اعتبر ان المحكمة الدولية اصبحت بعهدة المجتمع الدولي وكلنا نريد الحقيقة".
وحول الاستنابات او الدعاوى القضائية المقدمة من القضاء السوري، اوضح الحريري ان هذا الموضوع يتم حله من قبل الاجهزة المختصة في البلدين.
وختم الحريري بالقول: &laqascii117o;ان الرئيس الاسد كان منفتحا تجاه كل المواضيع والقضايا التي تهم الشعب اللبناني، موجها الشكر لسيادته وللشعب السوري ومتمنيا ان تكون العلاقات جيدة والضمانة لذلك هي نحن".
مجلس الوزراء
الى ذلك، يناقش مجلس الوزراء في اجتماعه الاول اليوم في القصر الجمهوري برئاسة العماد ميشال سليمان الاوضاع من مختلف جوانبها وسيضع الرئيسان سليمان والحريري الوزراء في اجواء زيارتيهما الى دمشق، كما سيبحث مجلس الوزراء نتائج العاصفة الاخيرة، ودعم مادة المازوت.


صحيفة 'الأخبار'
كما كان متوقّعاً &laqascii117o;فاجأ" رئيس الحكومة سعد الحريري كثيرين، وانتقل بطائرة خاصة إلى دمشق، لكن الصورة الأكثر إحداثاً للصدمة كانت وستبقى لزمن طويل، على وقع خطواته، في قصر تشرين، وهو يمشي في اتجاه الرئس بشار الأسد، ثم مصافحتهما وعناقهما ووقوفهما للحظات أمام عدسات المصوّرين، قبل أن ينسحبا إلى لقاء هو الأول من نوعه بينهما
استكمل الرئيس سعد الحريري أمس محادثاته مع الرئيس بشار الأسد في إطار زيارته الأولى للعاصمة السورية، فالتقى الرئيسان صباح أمس للتأكيد على ضرورة استعادة التعاون بين حكومتي البلدين. وجرى الاتفاق بين الحريري والأسد على متابعة الملفات، التي نوقشت من جانب الجهات المختصة للارتقاء بالعلاقات اللبنانية ـــــ السورية، إضافةً إلى الاتفاق على قيام مؤسسات ووزارات البلدين بالتنسيق والتواصل مباشرةً لإزالة العقبات التي تعترض علاقات التعاون على جميع الصعد.
وبعد اللقاء الصباحي، أكّد الرئيس الحريري أنه اتّفق مع الأسد &laqascii117o;على خطوات عملية لفتح آفاق جديدة في العلاقات الثنائية بين البلدين المجاورين"، واصفاً ثلاث جولات من المحادثات مع الرئيس السوري &laqascii117o;بالممتازة".
ومن مبنى السفارة اللبنانية في دمشق، شدّد الحريري على ضرورة التعاطي الإيجابي في ملف العلاقة مع سوريا، فقال: &laqascii117o;نريد أن ننظر إلى النصف الملآن من الكوب لا إلى النصف الفارغ، ونحل الأمور بيننا بطريقة غير استفزازية، لكن هادئة وصريحة، والمهم أن يفيد البلدين". ورأى الحريري أنّ المباحثات كانت &laqascii117o;جيدة وممتازة بوضوح وصراحة بيننا. رهاننا على المستقبل. نحن نريد أن نبني لمستقبل أفضل بين البلدين، ونريد أن نبني مستقبلاً يفيد الشعبين، ويفيد الدولتين، في الاقتصاد والتجارة أو في المجالات كلها".
وأكد الحريري أن لبنان يريد علاقات مميزة مع سوريا &laqascii117o;مبنيّة على الصراحة وعلى الصدق، وهذه اللقاءات التي حصلت كانت مبنية على الصراحة وعلى الصدق، وكنا نبحث ما هي مصلحة البلدين ومصلحة الدولتين، وكيف نستطيع أن نتقدم في هذه العلاقات بطريقة إيجابية".
وأشار الحريري إلى أنّ &laqascii117o;هناك خطوات جدية من جانبنا ومن جانب الرئيس الأسد لكي نترجم هذه الودية والجدية في العلاقة خطوات على الأرض لكي نساعد في مجالات عدة". أضاف إنّ البحث تركّز على أن &laqascii117o;يكون هناك تعاون اقتصادي وتجاري بشكل واسع، وعلى تحسين العلاقات بين المؤسسات والوزارات والتعاون في المجالات كلّها".
من جهة أخرى، علّقت المستشارة السياسية والإعلامية في رئاسة الجمهورية السورية، بثينة شعبان، على زيارة الحريري، مشيرةً إلى أن ذيول توتّر وانقطاع العلاقة بين سوريا وقسم من اللبنانيين قد تبدّدت، ورأت أن &laqascii117o;الضمانات هي إرادة الرئيس الأسد والحريري على بناء هذه العلاقة الإيجابية والبنّاءة، وإدراكهما أن هذه العلاقة تصبّ في مصلحة الشعبين والبلدين".
وكشفت شعبان عن أنّ الرئيس السوري ناقش مع الرئيس سعد الحريري جميع المواضيع المرتبطة بالعلاقات السورية اللبنانية. ورأت أن جوّ اللقاء، الذي دام ثلاث ساعات، &laqascii117o;كان صريحاً وإيجابياً وودياً، وتركّز الحوار في خلاله على العلاقات المستقبلية بين البلدين وتفعيل المؤسسات".
أضافت شعبان في تصريحات للصحافيين إنّ هذه الزيارة &laqascii117o;ستتبعها زيارات مستقبلية يقوم بها المعنيون والفنيون لوضع الأسس لتفعيل العلاقات المؤسساتية بين البلدين، بما فيه مصلحة الشعبين الشقيقين". وأوضحت شعبان أن المواضيع التي نوقشت بين الرئيسين، هي الوضع العربي في المنطقة &laqascii117o;والتحديات التي تواجه سوريا ولبنان جرّاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية، إضافةً إلى أهمية التنسيق بينهما وبين الدول العربية، والتضامن العربي من أجل إعلاء كلمة العرب، واستعادة الحقوق العربية المشروعة".
وقالت شعبان إنه جرى التركيز على التنسيق بين سوريا ولبنان في المجالين العربي والدولي والإقليمي وفي المحافل الدولية. أضافت: &laqascii117o;نوقشت كل المواضيع بشفافية، وهناك نية في الاستمرار ووضع الخطط التنفيذية للارتقاء بهذه العلاقة إلى مستوى طموح البلدين والشعبين"، مؤكدةً أنّ &laqascii117o;العمل العربي المشترك سيستفيد جداً من هذه العلاقة، وسوف تنعكس إيجاباً على علاقات عربية أخرى".
ورداً على سؤال عن دلالة استقبال الرئيس الأسد للحريري في قصر تشرين، وفيما إذا جرى كسر الجليد بين البلدين، قالت شعبان: &laqascii117o;دون أدنى شك جرى خلال هذا اللقاء كسر الجليد بين الطرفين، واستقبال الحريري في قصر تشرين، وإقامته في قصر الشعب هما كسر للبروتوكول، والرئيس الحريري دعي كرئيس وزراء للإقامة في هذا القصر، فهو حل ضيفاً على الرئيس الأسد، وفي هذا تعبير عن حرارة ومودّة خاصة".
وأوضحت شعبان أن موضوع ترسيم الحدود بين البلدين، قد &laqascii117o;نوقش كغيره من القضايا، وستقام خطوات في الوقت المناسب، وبالشكل المناسب، وأن الزيارات ستكون متبادلة ومتسارعة، وسوف تركّز على ربط علاقة مؤسساتية بين الوزارات والمؤسسات في سوريا ولبنان".
ولفتت شعبان إلى أنّ المجلس الأعلى اللبناني ـــــ السوري يسهم في عملية تعزيز العلاقات بين البلدين، معتبرةً أنّ إغناء هذه العلاقات بالهيئات يفيد الرابط أكثر.
رفض رئيس اللقاء الديموقراطي النائب وليد جنبلاط التعليق على زيارة الحريري إلى سوريا، يزيد عمّا أدلى به في حديثه في منزل النائب علاء الدين ترو، لكنّه أشار إلى صدور تعليق منه في حديثه الأسبوعي إلى جريدة الحزب التقدمي الاشتراكي.
ورأى جنبلاط، خلال اللقاء في منزل ترو، أن 7 أيار يُعدّ مفصلاً، فبعده جرى &laqascii117o;التأكيد على اتفاق الطائف، وعلى ثوابت الحوار من خلال اتفاق الدوحة، والدوحة لا تلغي الطائف، فالقوى السياسية في لبنان متفقة على الطائف، لكن الدوحة أكد على الحوار، وهكذا كان تأليف هيئة الحوار الوطني".
أضاف جنبلاط: &laqascii117o;لن أعلّق اليوم في هذه اللحظة على زيارة الرئيس الحريري إلى سوريا، ففي النهاية يستطيع أن يذهب إلى سوريا بكل الملفات الوفاقية والخلافية، وهو كان واضحاً، وأنا واضح، كنا جداً واضحين. موضوع الاغتيالات الأمنيّة، من محاولة اغتيال مروان حمادة إلى الشهيد رفيق الحريري إلى غيرهما، هذه كلها ذهبت إلى عهدة المحكمة الدولية، وننتظر جميعاً نتيجة المحكمة، ولا نستطيع أن نسبق على المحكمة. آنذاك، كان

2009-12-21 00:00:00

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد