- صحيفة 'السفير'
مايسة عواد:
&laqascii117o;تلفزيون &laqascii117o;المستقبل" حط بوسة خَطْف، تلفزيون &laqascii117o;الجديد" ثلاث بوسات، تلفزيون &laqascii117o;أل بي سي" بوستين قطف، وتلفزيون &laqascii117o;المنار" تلات بوسات"(!) تنجح الجملة التي وردت ضمن منتدى &laqascii117o;صوتك" تعليقاً على زيارة رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري إلى سوريا برسم بسمة عريضة على ثغر قارئها، وبرغم عفويتها الظاهرة إلا انها تشير إلى فوارق ظهرت بوضوح أثناء تغطية الزيارة التي شغلت الحوارات والنقاشات المتلفزة خلال الفترة المنصرمة، لكنها وعندما أصبحت، واقعاً أصابت شاشات بإرباك وأخرى بفرحة ممزوجة بشيء من الشماتة، بينما بقيت شاشات أخرى محتفظة برصانتها وبمسافة بعيدة عن &laqascii117o;التزريك" الضمني.
خلال اليومين الماضيين تشابهت تغطية &laqascii117o;المنار" و&laqascii117o;أو تي في" سياسياً، ولو أن الأولى حرصت أمس على ضبط &laqascii117o;دوز" فرح لامس حدود الشماتة أمس الأول. انطلقت مقدمة &laqascii117o;المنار" لتذكر بما سبق وقالته النائبة بهية الحريري &laqascii117o;لن نقولَ وداعاً سوريا ولكنْ نقولُ الى اللقاء" مسترجعة &laqascii117o;حمْلة الرابع عشر من اذار لمعاداةِ سوريا طيلةَ سنواتٍ اربعٍ بلغَت حدَّ وضعِ البلادِ والعبادِ أمامَ خيارينِ لا ثالثَ لهما البحرُ من امامِكم والعدوُ من ورائكم. اربعُ سنواتٍ مُلئت فيها صفحاتٌ وملفاتٌ احتارَ كاتبوها باستخدامِ مفرداتِ الاتهامِ والإدانةِ السياسيةِ لسوريا باغتيالِ الرئيس الشهيد رفيق الحريري ومَن سقطوا في جملةِ الاغتيالاتِ التي شهدها لبنان. وبعدَ اربعِ سنوات، ها هو سعد الحريري رئيساً لحكومةِ لبنانَ يدخلُ قصرَ تشرينَ معانقاً الرئيسَ بشار الأسد في زيارةٍ هَوَت معها كلُ ركائزِ حملةِ العداءِ والكراهية، ليبقى من قادَها في قبضةِ التاريخ، يَروي عنه، لمن يريدُ استخلاصَ العبر، أنَ الدمَ لا يصبحُ ماءً وأنَ التاريخَ كما الجغرافيا لا يمكنُ أن تَنقلبَ خراباً وتشويهاً للحقائقِ مهما طالَ الزمن".
ظهرت &laqascii117o;المنار" مثل &laqascii117o;الجديد"، أكثر حرصاً على الغوص في التفاصيل واستخدام الصور المتاحة، وعمدت مراسلتها الزميلة منار صباغ على وصف أدق الحركات التي يقوم بها رئيس الوزراء ورئيس الجمهورية، اللذان تحولا إلى صاحب دار وضيف في هذه الحالة. هذا المشهد لم يُعّّبر عنه بالطريقة ذاتها على &laqascii117o;أخبار المستقبل" أمس الأول، إذ حرصت نشرتها المسائية على &laqascii117o;تخفيف" وقع الزيارة، عبر صور رسمية فيها مسافة واضحة بين الرئيسين علماً بأن مقدمة نشرتها شددت على أن الخطوة لم تكن مفاجئة وأتت متناغمة مع البيان الوزاري، ولا يعكس تراجعاً عن مواقف سابقة (بعكس ما قالته &laqascii117o;المنار"): &laqascii117o;كما كان متوقعاً، وكما كان أعلنها هو بنفسه، وصل رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري بعد ظهر اليوم إلى سوريا وتوجّه من المطار مباشرة الى قصر تشرين حيث استقبله الرئيس السوري بشار الأسد عند مدخل القصر فتصافحا بحرارة وبدآ جلسة محادثات على الفور". وإذ تجاهلت نشرة أمس الأول الصور الحميمة للحريري والأسد والتفاصيل الدقيقة، إلا انه لم يغب عنها أن توصيفات عديدة أسبغت على الزيارة (لم تخض هي فيها، ولم تصفها بالتاريخية مثلاً) معتبرة انها &laqascii117o;جاءت تأكيداً على رغبة الرئيس الحريري في أن يرتقي بالعلاقة بين لبنان وسوريا الى مرتبة العلاقة المتكافئة بين دولتين تربطهما أواصر قوية وتاريخية، وهذا ما كان نصّ عليه البيان الوزاري".
علماً بأن لهجة القناة عادت وتغيرت أمس، ما يظهر ارتباكاًً في التعاطي مع الصور والمعطيات. فالترحيب الحذر على &laqascii117o;المستقبل" عاد وخرج عن تحفظه أمس، إذ برزت تصريحات الحريري التي أشادت باللقاء والتعليقات الايجابية، كما عادت الصور التي تشي بعلاقة حميمة بين الحريري والأسد لتظهر على أثيرها. يرفض عماد عاصي رئيس تحرير نشرة الأخبار في &laqascii117o;أخبار المستقبل" مقولة أن القناة عانت ارتباكاً في تعاطيها مع التغطية، ويعتبر انه &laqascii117o;تم التعاطي مع الزيارة كخبر بالمفهوم المهني" معيداً غياب الصور التي تظهر التقارب الشخصي بين الرجلين أمس الأول إلى تأخر الصور التي وزعت في الوصول وليس إلى قرار بعدم بثها"، معتبراً أن الأهم في اليوم الأول كان التركيز على لحظة اللقاء والوصول خصوصاً أن تأثير المباحثات ونتائجها لم تكن قد ظهرت بعد".
بدورها تعاطت قناة &laqascii117o;أل بي سي" مع الخبر بلهجة رصينة على لسان مراسلها الزميل بسام أبو زيد، ولو أن معظم ضيوفها أكدوا على أن الزيارة ليست شخصية بل رسمية، في وقت عادت مقدمة نشرة الأخبار لتصف المشهد متوقفة عند دلالات الخطوة، معتبرة أن الزيارة &laqascii117o;قد تجاوزت بقوة مضمونها زيارة جنبلاط الابن للأسد الأب بعد أربعين يوماً على اغتيال الزعيم كمال جنبلاط". ولم يغب عن النشرة تلك الحرارة التي ظهرت على قنوات وغابت على أخرى: &laqascii117o;ثلاث قبلات بين الرئيسين الأسد والحريري ومصافحة حارة، وثلاث ساعات من المحادثات في قصر تشرين، صورة سوريالية وحدث تاريخي يكاد برمزيته ومفعوله يمحو أربع سنوات ونصف السنة من حروب الكلام والاتهامات التي وصلت إلى حدّ اندلاع حرب بين سوريا ولبنان". معتبرة انه &laqascii117o;لم يعد جائزاً الحديث عن الدعوة الرسمية ولا عن السجادة الحمراء والاستقبال الرسمي ولا عن سحب التبليغات أو الاستنابات ولا عن الوفد الوزاري المرافق ولا عن جدول الأعمال والمطالب ما دامت المملكة العربية السعودية، وعلى يد نجل الملك الأمير عبد العزيز بن عبد الله تولت ترتيب العودة إلى طريق الشام على طريقة أيام زمان".
وبعيداً عن الجوجلة العامة والمركزة على &laqascii117o;أل بي سي"، دخلت &laqascii117o;أو تي في" في دائرة الاستفاضة في الشرح لتسجل مقدمتها مساحة قياسية. فـ&laqascii117o;أو تي في" اعتبرت أن &laqascii117o;الحريري في دمشق، هو العنوان وكلّ الخبر" لكنها عادت ودخلت في التفاصيل &laqascii117o;يمكن القول مثلاً إنّها اول زيارة للحريري الى دمشق بعد 5 أعوام و3 اشهر و24 يوماً، أي منذ زيارة رفيق الحريري الأخيرة والشهيرة إلى العاصمة السورية في 26 من آب 2004 قبل أسبوع من قرار 1559 والتمديد للرئيس إميل لحود. ويمكن القول أيضاً إنهّا أول زيارة لرئيس حكومة للبنان الى دمشق منذ 31 تموز 2005 يوم زارها السنيورة زيارته اليتيمة"، وركزت &laqascii117o;أو تي في" على ذهاب الحريري &laqascii117o;بلا وفد رسمي وبلا قرار من مجلس الوزراء وبلا دعوة من نظيرٍ له وبلا توقف عند ملفات قضائية جانبية مفتوحة"، وهو ما توقفت عنده &laqascii117o;أم تي في" أيضاً لكن في معرض الاستنكار والسؤال، علماً بأن &laqascii117o;أو تي في" أشارت &laqascii117o;انه في المقابل كان الاستقبال شبه رئاسي". وكما &laqascii117o;المنار" غمزت &laqascii117o;أو تي في" من قناة بعض سياسيي فريق 14 آذار عندما تحدثت بلهجة تحمل في طياتها تذكيراً وربما مناكفة عن &laqascii117o;صمت لافت ساد لدى كثيرين في بيروت، فبعضهم حاول الظهور انّه على علم وبعضهم الآخر انتفض واعترض قبل أن يعقلن كلامه. وبعضهم الغالب اكتفى بتصفّح أخبار وكالة &laqascii117o;سانا" والإعلام السوري بعد أعوام من معلقات الهجاء المتبادلة بين الفريقين. وقد يتندر البعض بشعارات الانتخابات النيابية الماضية &laqascii117o;وما بيرجعوا والسما زرقا"، وقد يتحسّر بعض ثالث على اعوام ضائعة سدى كان يمكن اختصارها وحتى تجنبّها".
وعند الحديث عن تغطية &laqascii117o;الجديد" تبرز متابعتها لهذا الحدث عبر الأخبار العاجلة أولاً بأول، ولو ان مقدمة أخبارها أمس الأول عملت على نسج جو &laqascii117o;رومانسي" بين الرئيسين مستوحى من الزيارة، معتمدة كالعادة على كم هائل من التشابيه والاستعارات والأمثال الشعبية: &laqascii117o;سعد الحريري بأمان في عرين الأسد. وهو إذا كان قد اختبر رعب التنقّل الخطر لأربع سنوات، فإن الساعات الأربع والعشرين المقبلة ستكون من أكثر الأوقات دفئاً وحصانة، وقد تكفل قصر تشرين بإذابة ثلوج الرابع عشر من آذار.."، ويبدو ان مقدمة &laqascii117o;الجديد" استساغت أيضاً مشهد الحفاوة بين الرئيسين، لكنها استغلته للتعليق على الحريري &laqascii117o;..استقبله الأسد بحفاوة بانت معالمها في القبل بين الرئيسين الشابين، ولو أن معالم الخجل بانت على الحريري"، معتبرة أن غياب الوفد الرسمي مرده تفضيل البعض &laqascii117o;ألا ينام على القبور وألا يرى منامات موحشة"، وتابعت المقدمة جوها &laqascii117o;الاحتفالي" بـ &laqascii117o;عشاء مع الأسد وصباحية مباركة مع العطري"، لتعود وتنتصر للعاصمة دمشق &laqascii117o;التي حملت إثم الاغتيال وارتكب الأكثريون بحقها المعاصي السياسية.. لكن لا محبة إلا من بعد عداوة.."
بدوره، كان &laqascii117o;تلفزيون لبنان" ملتزماً برسائل من دمشق تنقل الصورة بكثير من الحيادية، في وقت بدت لهجة قناة &laqascii117o;أم تي في" أمس نقدية وهي تذكّر بـ&laqascii117o;أسئلة الماضي" مع حرصها على طرح ما أسمته &laqascii117o;أسئلة المستقبل"، فالقناة سألت &laqascii117o;لماذا ذهب الحريري من دون دعوة ومن دون وفد ومن دون جدول أعمال، وقبل انعقاد الجلسة الأولى للمجلس الوزراي وقبل اتضاح صورة الاستنابات التي طالت أقرب الأقربين للحريري"..، وسألت القناة عن العلاقات اللبنانية السورية وعما إذا كانت أخوية وصحيحة خصوصاً ان &laqascii117o;تجارب الماضي غير مشجعة. كما توقفت القناة عند الاصطفافات السياسية الجديدة والخارطة التي تفرضها.
علماً بأنه صباح أمس، بدا أن الزيارة أرخت تبعاتها على الشاشات، فقد استضافت &laqascii117o;المنار" رئيس تحرير جريدة &laqascii117o;اللواء" الزميل صلاح سلام، وهو ما بدا ترجمة لنهاية مقاطعة الكثير من الوجوه القريبة من 14 آذار، في حين كان الخطاب أكثر &laqascii117o;حماوة" وأحياناً تهكماً مع الوزير وئام وهاب على &laqascii117o;أن بي أن"، بينما حل النائب السابق إميل إميل لحود ضيفاً على &laqascii117o;الجديد" في إطار تحليل أسباب وتبعات الزيارة، في وقت كان النائب عقاب صقر ضيف الفقرة السياسية الصباحية على &laqascii117o;أل بي سي" مؤكداً أن &laqascii117o;الحريري لم يخلع جلده في سوريا وذهب حاملاً ثوابت 14 آذار"، والنائب عاطف مجدلاني ضيفاً على &laqascii117o;المستقبل" في إطار خطاب أقل انفعالية. فهل يعمر هذا المشهد طويلاً؟