- صحيفة 'السفير'
حسن زراقط
منذ أشهر بدأ روبرت مردوخ سلسلة رسائل مدوية إعلامياً، بدت كأنها حرب غير مكتملة المعالم على محرك البحث &laqascii117o;غوغل" بشكل أساسي. اتهم مردوخ &laqascii117o;غوغل"، في إحدى رسائله التي أوردتها صحيفة &laqascii117o;وول ستريت جورنال" التابعة لمؤسسة &laqascii117o;نيوز كورب" (يملكها مردوخ نفسه)، بأنه موقع &laqascii117o;سرّاق" و&laqascii117o;طفيلي"، لأنه ينقل مقالات ومعلومات عن صحفه ويضعها بين أيدي متصفحي &laqascii117o;غوغل" مجاناً. وانطلاقاً مما يعمّمه مردوخ عن خسارة مالية ألحقها &laqascii117o;غوغل" بمؤسسته، نفّذ &laqascii117o;الإمبراطور" بعضاً من &laqascii117o;وعيده" بمنع متصفحي &laqascii117o;غوغل" من الولوج إلى صحفه وإعلان اتفاق مع شركة &laqascii117o;مايكروسوفت" التي يملكها بيل غايتس. في المقابل، رد &laqascii117o;غوغل" بخطوات بدت في إطار التهدئة، لكن التداخلات ومنافسة شركة &laqascii117o;مايكروسوفت" جعلت الوضع أكثر ضبابية.
الوقائع والأهداف
في رسالته، عرّف مردوخ الصحافة الجيدة بأنها &laqascii117o;مكلفة جداً ولا يمكن ان تكون مجانية". ثم تعمّق موضحاً أن &laqascii117o;النموذج التجاري القديم الذي بني أساساً على الإعلانات قد مات. في المستقبل، ستعتمد الصحافة على جودة إنتاجها لتوفير مادة يستعد القراء للدفع من أجل الحصول عليها". هنا جانبٌ مما يشتكي منه مردوخ، فيما الجانب الأهم، بتقديره، هو أن الصحافيين &laqascii117o;يمضون أسابيع وأشهراً في إنتاج قصصهم"، بينما &laqascii117o;تُعاد كتابة (ونشر) قصصهم مجاناً بحجة &laqascii117o;الاستخدام العادل" للمواد الإعلامية"، ملمحاً إلى دور"غوغل" في ذلك.
في الوقائع، تحدثت &laqascii117o;نيوز كورب" عن خسارة تعرضت لها في السنة المالية التي انتهت في حزيران 2009، وبلغت حوالى 3.4 مليار دولار. ومردوخ، بهجومه على &laqascii117o;غوغل"، كان كأنه يحمّل محرك البحث هذا الوزر كله من الخسائر، إذ تشتكي الصحف التابعة لمردوخ من خسارة عائداتها من المواد والإعلانات على الإنترنت بسبب الخدمة الإخبارية لـ&laqascii117o;غوغل". هنا، قد يكون مردوخ مقنعاً في شكواه، باعتبار أنه يمكن لمتصفحي أخبار &laqascii117o;غوغل" عدم الاشتراك في صحف &laqascii117o;نيوز كورب" وقراءة عدد من المقالات من دون دفع مقابل مالي، ما يمكن أن يراكم خسارة على مؤسسة مردوخ. لكن، ثمة وقائع أخرى تناقض هذا الأمر. فقد جذبت خدمة الأخبار من &laqascii117o;غوغل" في شهر تشرين الثاني 2009 حوالى 100 مليون زائر من أرجاء العالم، وفق بعض مواقع الإحصاء الشهيرة على الإنترنت مثل &laqascii117o;كوم سكور"، بينما سجلت خدمة الأخبار من &laqascii117o;ياهو" نحو 138 مليون زائر في الشهر نفسه. إثر ذلك، علّقت صحيفة &laqascii117o;واشنطن بوست": &laqascii117o;من المضحك كيف لا نسمع مردوخ يشتكي من أخبار &laqascii117o;ياهو"، خاصة أن صحيفة &laqascii117o;وول ستريت جورنال" تغطّي ربع حاجاتها على الشبكة العنكبوتية بواسطة أخبار &laqascii117o;غوغل".
يستطيع مردوخ التسلّح بجزء مما كشفته دراسة أنجزتها منظمة &laqascii117o;فير سينديكيشون كونسورتيوم" في الولايات المتحدة، وتضمّ 1500 وسيلة إعلام ملحقة بمنظمة &laqascii117o;اتريبيوتر" التي تراقب استخدام تلك الوسائل للمواد الإعلامية، ليدعم موقفه ضد &laqascii117o;غوغل"؛ إذ أظهرت الدراسة أن أكثر من 75 ألف موقع الكتروني أعاد نشر مقالات صحافية من دون &laqascii117o;إذن مسبق"، وذلك بين 15 تشرين الاول و 15 تشرين الثاني من العام الماضي، وأنّ محركي &laqascii117o;غوغل" و&laqascii117o;ياهو" استفادا خصوصاً من هذه المبادرة &laqascii117o;غير القانونية" بحسب ما يعتبرها مردوخ، ثم أعادت تلك المواقع إلى نشر المواد بشكل جزئي او كامل، بمعدل 112000 عملية.
وبمعزل عن هذه المعطيات، يصح طرح السؤال التالي عن أهداف حملة مردوخ على &laqascii117o;غوغل": هل يريد مقارعته فقط لتخفيض أرباحه أم لديه أهدافٌ أخرى؟ لا يمكن وضع إجابة حاسمة لهذا السؤال، أقلّه في الوقت الحالي. فمردوخ، غذّى المواجهة بخطوة أخرى توحي أنه يُحضَّر لمشروع ما، بعدما توصّل إلى اتفاق مبدئي مع شركة &laqascii117o;مايكروسوفت" يقضي بإزالة المواقع الإخبارية لـ&laqascii117o;نيوز كورب" من النتائج التي يحصل عليها متصفح أخبار &laqascii117o;غوغل"، ووضعها بدلاً منه على محرك &laqascii117o;بينغ" التابع لـ&laqascii117o;مايكروسوفت"، على أن يتم تقاسم الإيرادات الإعلانية مع &laqascii117o;نيوز كورب" إذا التزمت نشر منتجها الإعلامي حصرياً على &laqascii117o;بينغ".
&laqascii117o;ردّ" غوغل
تدخل &laqascii117o;مايكروسوفت" المواجهة في وقت أطلق &laqascii117o;غوغل" نظام تشغيله الخاص &laqascii117o;اندرويد"، الذي اعتبرته &laqascii117o;مايكروسوفت" بمثابة تحدٍ صارخ لأنظمة التشغيل التي تنتجها، ومحاولة لاقتطاع حصة كبيرة من سوقها.
كما استحدث &laqascii117o;غوغل" برنامج &laqascii117o;النقرة الأولى مجاناً"، مخاطباً بذلك الصحف والمؤسسات الإعلامية مؤكداً أنه بإمكان تحديد عدد الصفحات الإخبارية والمواد التي يتصفّحها مستخدمو خدمته الإخبارية، بشكل يُحيل المستخدمين الذين يطّلعون على أكثر من خمسة مقالات خلال أربعٍ وعشرين ساعة إلى صفحات تطالبهم بتسديد الرسوم أو التسجيل.
وكنوع من رد الكرة إلى الصحف، صرّح مؤسسا &laqascii117o;غوغل"، سيرغي برين ولاري بيج، أنه في حال عدم رغبة المؤسسات الإعلامية في ظهور موادها على قائمة محركهم، فلن يحتاجوا سوى إلى تنفيذ خطوتين عبر استعمال &laqascii117o;روبرتس دوت تكست"، الذي تستخدمه كل المواقع لحجب محتوياتها على محركات البحث المختلفة. لكن ذلك لم يغيّر في موقف &laqascii117o;نيوز كورب" المعلن من &laqascii117o;غوغل"، فيما استمر الأخير بخدماته الإخبارية المعتادة.
انقسامات وأصداء
لم يتوقف الحراك عند &laqascii117o;غوغل" أو مردوخ، بل برز مؤيدون ومعارضون للجانبين. فها هي آريانا هوفينغتون، مالكة موقع &laqascii117o;هوفينغتون بوست" الإخباري الشهير في الولايات المتحدة، تتهم مردوخ بالتسبب بـ&laqascii117o;كبت رقمي"، وتطالبه بالكفّ عن &laqascii117o;التذمر". وعلى المقلب الآخر، تمثّل المؤيدون لمردوخ بمؤسسة &laqascii117o;جونستون برس" التي تملك أكثر من 300 صحيفة محلية في بريطانيا، حيث حجبت موادها المدفوعة عن &laqascii117o;غوغل".. ربما بانتظار ان تحذو صحف أخرى الحذو نفسه.
في المحصلة، لا يمكن التكهن إلى متى ستصمد &laqascii117o;الهدنة" غير المعلنة بين &laqascii117o;نيوز كورب" و&laqascii117o;غوغل"، خصوصاً ان هناك من يشكك في نجاعة سياسة الإعلام الإلكتروني المدفوع. فهل يخطئ مردوخ في ما يفعل لأنه &laqascii117o;لا يعرف ماهية الإنترنت" كما يقول بعض منتقديه، أو أنه يحضَّر لصفقة أخرى كبيرة ومفاجئة (لا تستثني &laqascii117o;غوغل") لأن مصلحته &laqascii117o;الرقمية" تقتضي هذا الأمر؟