صحف ومجلات » مراسـلات فـي سـاحة الحـدث: بين المهمة الإعلامية والمأساة الإنسانية

- 'السفير'
مها بيضون

أحدثت كارثة الطائرة الاثيوبية مأساة في حيوات أقارب ركابها، وفي الوقت عينه فرضت على الإعلامي مهمة من نوع خاص، ألقت على عاتقه نقل الحدث بأدق تفاصيله مع مراعاة المشاعر الإنسانية، ما جعل المهمة أكثر صعوبة.
كثُرت أمس التقارير الإخبارية الإنسانية على مختلف القنوات اللبنانية، فإذ بالمراسلين يدخلون أو &laqascii117o;يقتحمون" منازل العائلات المنكوبة محاولين رسم المشاعر التي هي واحدة، وإن اختلفت أساليب التعبير.
بالأمس حملت الزميلة دارين دعبوس في قناة &laqascii117o;الجديد" للمشاهدين تقريرا من الجنوب من داخل منزل عباس جابر. وتحدثت مع طفله جواد الذي يبلغ من العمر ثلاث سنوات. فكان رد جواد بريئا طفوليا، ومؤثرا لكن إلى حد يبعد عن الخبر الإعلامي.
تقول دارين انها لم تكن موعودة بأي أجوبة من عائلة جابر. فأفراد العائلة رفضوا الحديث إلى الكاميرا، مضيفة أن &laqascii117o;الطفل أحب الميكروفون وقام بالتقاطه وكان رده طفوليا، لم أكن لأسعى وراء سبق صحفي فالمشاعر الإنسانية لدى المرء تتحرك وحدها".
وبما ان التغطيات الإنسانية تحتّم ظهور الصحافي بشخصية مغايرة تبعد عن الجرأة وكشف الحقيقة، تعتبرها دعبوس الأكثر صعوبة &laqascii117o;فتغطية حرب أسهل بكثير من تغطية هكذا أحداث"، كما تقول.
يلف بيوت العائلات المحزونة صراخ الأمهات، وفي نظرات الآباء الدموع والحسرة. هذا هو الجو داخل كل منزل مفجوع، حيث تتنقل الكاميرات وحيث يكون المشهد وحده كافيا للتعبير. فكيف يمكن للمراسل أن يتصرف وعن ماذا يسأل؟ ترى دعبوس انه لا يمكن ان يجيد الصحافي التصرف، حتى انه يتلقى في بعض الأحيان ردا قاسيا من قبل الأهل. وتذكر واحدة من الأمهات رفضت عبارة &laqascii117o;الله يرحمهم" كعزاء لها بل &laqascii117o;الله يصبّرها".
وتتفق دعبوس مع زميلتها من قناة &laqascii117o;أل بي سي &laqascii117o; منى صليبا على نوعية الأسئلة التي يجب الالتزام بها &laqascii117o;فتكون دقيقة وتبتعد عن الوقاحة"، كما تشير، مع العلم بأن دعبوس سبق واضطرت الى ان تسأل والد احدى الضحايا &laqascii117o;شو حسيت؟" على الرغم من انها تكره هذا السؤال على حدّ قولها.
منى صليبا، أيضا كانت لها جولة على بيوت العائلات خلال اليوم الأول على المأساة، أي قبل التأكد من وفاة الأقارب. إلا أنها لم توفق بالحصول على أي رد ايجابي. وذلك &laqascii117o;لأنهم رفضوا الإجابة لتمسكهم بالخيط الرفيع والأمل"، بحسب ما أشارت، مضيفة &laqascii117o;كيف تسألين احدا عن ابنه وهو لم يتأكد بعد من وفاته ولا زال معلقا ولو بأمل ضئيل!".
وأجرت صليبا لقاءات مع بعض الأقارب من أمام المستشفى، إلا أنها تصف هذا النوع من المقابلات بـ &laqascii117o;الأصعب والأكثر حساسية"، ذاك لأن الصحافي يجب ان يكون دقيقا في أسئلته ويتخيل نفسه مكان أي شخص منهم". ولا تتضايق صليبا من بعض الردود مهما كانت قاسية &laqascii117o;فهم في موقف لا يحسدون عليه".
أما الزميلة مها ضاهر من قناة &laqascii117o;المستقبل" فترى انه على الصحافي في هذه المواقف أن &laqascii117o;يخجل من السؤال. فهل ممكن أن نسأل رجلا مسنا عن ابنه بـ &laqascii117o;شو شعورك؟". كانت لضاهر أيضا تغطيات من مستشفى رفيق الحريري وعايشت الكثير من حالات الغضب لدى أقارب الضحايا. وتعتبر أنه على المراسل أن يضع نفسه مكان الشخص الذي يحاوره، ويمكن ان يستعيض بالشخص القريب إلى آخر ابعد قرابة ويسأل العم وأولاد العم على سبيل المثال.
وفي الحديث عن اللباس الأسود الذي يرتديه معظم الإعلاميين بعد وقوع الكارثة، أكانوا في المراسلة أم في الأستوديو، فالثلاث يُجمعن على انه ليس قرارا تتخذه المحطة، إنما هو قرار ذاتي وشخصي ويعبر عن &laqascii117o;حياء" الإعلامي. كما ان &laqascii117o;الكارثة عامة وحلت بالبلد ككل وهي لا تمس شخصا واحدا".

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد