صحف ومجلات » «غوغل» بين أميركا والصين: هل بدأت تتظهّر معالم الحرب الإلكترونية؟

2761google_189- صحيفة 'السفير'
حسن زراقط

فجأة، وبعد هدوء و&laqascii117o;وئام" ملحوظين، تصاعدت الاتهامات بين &laqascii117o;غوغل" ومن ورائه واشنطن من جهة، والصين من جهة أخرى. فهدد محرك البحث العملاق بالانسحاب من الأخيرة نهائياً، بعد هجمات الكترونية معقدة تعرض لها من هذا البلد، ومعه حوالى 30 شركة أخرى.
تسببت هذه الهجمات باختراق أمني، يبدو أنه تناول معلومات حساسة لـ&laqascii117o;غوغل"، من ضمنها البنية الخلفية للبريد الإلكتروني &laqascii117o;جي ميل" التابع للمحرك.
هذا في الظاهر. أما بعد التدقيق، فقد تقود معطيات إلى أن ما يجري بين الجانبين، يتجاوز في العمق النطاق الإلكتروني، ليستحضر عناوين متشابكة مثل الحرب الإلكترونية ومسألة الأمن القومي للولايات المتحدة والصين، وتأثير الرقابة الصينية على الحضور الأميركي الإلكتروني وما يبغيه من &laqascii117o;بروباغندا" سياسية وربح مادي...
يكمن أحد العوامل التقنية وراء تأثر &laqascii117o;غوغل" بالهجمات في ثغرة داخل برنامج &laqascii117o;انترنت اكسبلورر" لتصفح الانترنت، الذي تملكه شركة &laqascii117o;مايكروسوفت"، حيث تم استغلالها لشن الهجمات الأخيرة على محرك البحث، وذلك بإقرار من مدير شؤون الأمان في"مايكروسوفت"، مايك ريفي. سرعان ما بدأ التصعيد، بعد تصريح وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون، الخميس الماضي، بأن تزايد القيود على الإنترنت (في الصين) &laqascii117o;تعادل جدار برلين"، مؤيدة وجود شبكة إنترنت واحدة &laqascii117o;يكون فيها للإنسانية كلها حقوق متساوية للحصول على المعلومات والأفكار".
في اليوم التالي، احتجت الصين على &laqascii117o;التصريحات والأفعال التي تخالف الوقائع والمسيئة للعلاقات الصينية ـ الأميركية"، بحسب تصريح المتحدث باسم الخارجية الصينية وال مازهاوكسو، فـ&laqascii117o;الصين من أبرز الضحايا في العالم لهجمات قراصنة المعلوماتية". وذهب رئيس &laqascii117o;رابطة بكين للإعلام الالكتروني" ميندا هونج إلى أبعد، بقوله &laqascii117o;لسنا بحاجة الى دروس في مجال الانترنت من الولايات المتحدة". كما اتهمت صحيفة &laqascii117o;الشعب" الناطقة بلسان الحزب الشيوعي الصيني، الولايات المتحدة بحشد &laqascii117o;لواء من مخترقي الانترنت" وباستغلال مواقع التواصل الاجتماعي مثل &laqascii117o;تويتر" و&laqascii117o;يوتيوب" لتأجيج التوتر الأخير في إيران.
كلتا الدولتين تشتركان في فرض رقابة الكترونية وإعلامية بألوان مختلفة: الصين بنت جداراً الكترونياً ضخماً من أجل مراقبة الأصوات المعارِضة ولحماية نفسها من التسلل إلى أنظمتها الأمنية والعسكرية، فأغلقت الحكومة الصينية العام الماضي عشرات الآلاف من المواقع الالكترونية تحت شعار مكافحة الإباحية. واعتقلت أكثر من خمسة آلاف شخص ومنعت الوصول إلى العديد من شبكات التواصل الاجتماعي والمنتديات الحوارية. كما تحجب الصين مواقع &laqascii117o;تويتر" و&laqascii117o;يوتيوب" و&laqascii117o;فايسبوك". أما الولايات المتحدة، فالأولوية لديها هي &laqascii117o;محاربة التهديدات الإلكترونية"، كما أنها منعت بثّ بعض القنوات الفضائية كـ&laqascii117o;الجزيرة" و&laqascii117o;المنار"، لاعتبارهما تحضّان على &laqascii117o;العنف" و&laqascii117o;الإرهاب". وبرغم السياسة الصينية المتبعة، فإن عدد مستخدمي الشبكة العنكبوتية في البلاد، حيث هناك 68 .3 مليون موقع إلكتروني و180 مليون مدونة، بلغ نهاية العام الماضي 384 مليون شخص.
في الأساس، ثمة نقاط ساخنة في العلاقات بين الطرفين تتعلق باختلال التوازن التجاري وقيمة العملات ومبيعات الأسلحة الأميركية لتايوان. ويتحدث خبراء كثر عن أسباب أخرى للتوتر القائم، بينها عامل المال: فالولايات المتحدة هي أول اقتصاد في العالم، بينما الصين ثالث الاقتصادات العالمية. وفي مجال الإنترنت، يهيمن محرك البحث الصيني القوي &laqascii117o;بايدو إنك" على 60 في المئة من سوق البحث الإلكتروني في الصين، مقابل 30 في المئة لـ&laqascii117o;غوغل" فقط. كما حقق &laqascii117o;بايدو إنك" ارباحاً في العام 2009 بلغت حوالى بليون دولار. إذاً، لربما يرى &laqascii117o;غوغل" أنه ليس &laqascii117o;متعمقاً" بما يكفي في السوق الصينية، وأنه يسعى بأي وسيلة لتخفيف الرقابة عنه وجلب أرباح أكبر.
وفي موزاة ذلك، تتهم الولايات المتحدة الصين بالتضييق على المعارضين لسياستها والناشطين في مجال حقوق الإنسان. وبعد الهجمات الأخيرة، أعلن نادي المراسلين الأجانب في الصين أن حسابات بريد &laqascii117o;جي مايل" التابع لـ&laqascii117o;غوغل" والتي تخصّ مراسلين أجانب تعرضت للقرصنة. كما اشتكى ناشطون صينيون في مجال حقوق الإنسان من قرصنة بريدهم على &laqascii117o;جي مايل". بيد أن الأمور ليست بهذه البساطة، بدليل ما ورد في المُدوّنة الإلكترونية الرسمية التي خصصها &laqascii117o;غوغل" لشرح مقاربته الإلكترونية الجديدة مع الصين. فهو يستند إلى تقرير لجنة الكونغرس عن العلاقة الأميركية ـ الصينية، ويحيل القراء على الفصل الذي يتحدث عن &laqascii117o;الجاسوسية المعلوماتية للصين وآثارها على أمن الولايات المتحدة واقتصادها". كما ذكرت تقارير عسكرية وأمنية أن عامي 2007 و2008 شهدا هجمات صينية عبر الإنترنت استهدفت نُظُم التعاقد بين البنتاغون والشركات الكبرى. فيما ارتفع عدد الهجمات عام 2009 إلى قرابة 87,4 ألف هجمة، بزيادة نسبتها 60 في المئة عن العامين المذكورين.
فهل أثار انكشاف أمني ما في الجهة الأميركية عبر &laqascii117o;غوغل" الاتهامات ضد الصين؟ الأمر غير واضح حتى الآن وقد يبقى طي الكتمان. لكنّ هناك أمراً يحذر منه خبراء في الإنترنت والتواصل الإلكتروني، بوصفهم ما يحدث بأنه نقطة في &laqascii117o;حرب إعلامية الكترونية" مستمرة بين الدولتين، المخفي منها &laqascii117o;أعظم"!

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد