- صحيفة 'الأخبار'
ديما شريف
برزت قبل أسابيع أزمة بين محرّك البحث العالمي غوغل والصين على خلفية خرق حسابات لزبائن يعملون في مجال حقوق الإنسان ومعارضين لبكين. هدّد غوغل بالانسحاب من الصين، لكنّه ترك الباب مفتوحاً أمام المفاوضات حتى لا يضطر إلى تنفيذ وعيده، ويترك أكبر سوق نامية للمعلومات في العالم مع 340 مليون مستخدم، يمثّلون سوقاً إعلانيّة ترفد موقعه الإنكليزي.
لا يريد غوغل أن يترك الصين. هو غاضب وقد هدّد بالانسحاب وناشد أميركا التدخل في قضيته مع العملاق الآسيوي، لكنّه لا يريد أن يترك أكبر سوق ناشئة للمعلومات في العالم. سوق فيها نحو 340 مليون مستخدم، وقابلة للنمو من يوم لآخر، أي أكثر من عدد سكان الولايات المتحدة نفسها.
لكن في بداية كانون الثاني طفح الكيل مع أكبر محرك للبحث في العالم. حاول بعض &laqascii117o;الهاكرز" اختراق حسابات البريد الإلكتروني &laqascii117o;جي مايل" لعدد كبير من زبائنه. لاحق غوغل خيط الاختراقات ليصل إلى الصين. ولم ير أنّ الأمور صدفة، وخصوصاً أنّ الزبائن كلهم من معارضي النظام الصيني والعاملين في مجال حقوق الإنسان، الذين يسكنون في أوروبا وأميركا، وبعضهم داخل الصين نفسها.
وسرعان ما أعلنت الشركة أنها قد تنسحب من الصين جراء الهجوم. وقال نائب رئيس التنمية في غوغل، المسؤول عن الشؤون القانونية، دافيد دراموند، في منتصف كانون الثاني، &laqascii117o;اعتماداً على تحقيقنا حتى اليوم نعتقد أنّ هجومهم لم يحقق ذلك الهدف"، لافتاً إلى أنّه نتيجة للهجمات فإنّ غوغل قررت أنها قد تقفل موقعها في الصين ومكاتبها هناك.
وأضاف دراموند إنّ &laqascii117o;هذه الهجمات والمراقبة التي كشفوا عنها مع محاولات خلال العام الماضي لزيادة تقييد حرية التعبير على الإنترنت جعلتنا نستنتج أنّّ علينا مراجعة جدوى عملنا في الصين".
سرعان ما دخلت الولايات المتحدة على الخط، لكونها بلد غوغل الأم، وتباحث مسؤولون أميركيون من وزارة الخارجية مع نظراء لهم صينيين في الموضوع، من دون أن تدخل واشنطن رسميّاً في الصراع، الذي تصرّ بكين على أنّه لن يؤثر في العلاقات مع واشنطن.
ما حصل هو أنّ الصحافي شي تاو تلقى على بريده الإلكتروني رسالة عن الطريقة التي يجب اعتمادها لتغطية الذكرى الخامسة عشرة لأحداث ساحة تيانانمين الشهيرة، وكيف ستتعاطى الحكومة مع الوضع للحفاظ على الأمن. قام شي بإرسال الرسالة عبر حسابه لدى &laqascii117o;ياهو" إلى موقع أميركي يدعى &laqascii117o;منتدى الديموقراطية"، الذي نشره من دون اسمه. عندها طلبت السلطات الصينية من &laqascii117o;ياهو" أن تخبرها من هو صاحب الحساب الذي أرسل الرسالة، بعدما أجرت تحريات وتوصلت إلى أنّ صاحب الرسالة أرسلها من حساب لدى &laqascii117o;ياهو" في الصين. وقدمت الشركة المعلومات إلى الحكومة ما أدى إلى محاكمة شي بتهمة إفشاء أسرار دولة، وحكم عليه بالسجن عشر سنوات.
بعد هذه الحادثة، باعت &laqascii117o;ياهو" معظم شركتها في الصين إلى محرك البحث المحلي &laqascii117o;علي بابا"، وأبقت على 40 في المئة من الأسهم فقط لإزالة المسؤولية عن نفسها إذا تكرر الأمر، كما قيل آنذاك.
اليوم ساندت &laqascii117o;ياهو" قرار غوغل، ما أدى إلى بعض التوتر مع شريكها الصيني، الذي لامها على هذا القرار، وعدّه متهوراً.
في المقابل، نشرت غوغل على موقعها بياناً حددت فيه مقاربتها الجديدة تجاه الصين. ويقول البيان إنّه في العقدين الماضيين، استطاعت سياسات الإصلاح الاقتصادي وحس الأعمال عند المواطنين الصينيين نشل مئات الملايين من الناس من الفقر. ويضيف البيان إنّ &laqascii117o;هذه الدولة العظيمة هي في قلب التطور التنموي في العالم". ويقول إنّه نظراً للأحداث الأخيرة يجب على الشركة أن تعيد النظر في إمكان عملها في الصين، وأنّها قررت عدم حجب أيّ معلومات بعد اليوم، كما كانت تفعل مسبقاً.
فكما أنّ غوغل لا تريد أن تترك السوق الكبيرة التي تمثلها الصين، فإنّ هذه الأخيرة لا تريد أن تفقد أكبر محرك للبحث في العالم حتى لو أنّه لا يسيطر على السوق الصينية. فهي بحاجة إلى شركات مهمّة وسباقة مثل غوغل في سياق السعي الحالي إلى جعل الصين بلداً متقدماً جداً تكنولوجياً. وحذّرت بعض الصحف الصينية القريبة من الحزب الشيوعي من أنّ فرار غوغل من الصين سيبطئ النمو التكنولوجي في البلاد، ويضر بالاقتصاد. ويعتقد البعض أنّ تسوية معينة سيجري التوصل إليها تحفظ ماء الوجه للطرفين ليحافظا على مصالحهما. والدليل هو ما قاله المدير التنفيذي لغوغل، إريك شميدت: &laqascii117o;نريد البقاء في الصين، ونحن نحب فرص العمل فيها".
ويستبعد البعض أن تغلق الشركة مكاتبها في الصين وتبقي على موقعها google.cn. إذ يوفّر لها هذا المكتب، الذي يعمل فيه 700 شخص تقريباً، مداخيل خيالية من الإعلانات التي يبيعها لتظهر على الموقع الأميركي للشركة. كما يوفّر صلة وصل بين المعلنين ومواقع صينية أخرى للإعلان عليها. إغلاق المكتب يعني بالضرورة انتقال المعلنين إلى منافس غوغل الأكبر في الصين &laqascii117o;بايدو"، الذي لا يزال حتى اليوم يسبقها في حصة السوق بـ60 في المئة، فيما تسعى غوغل إلى تخطي عتبة 35 في المئة.
الخلاف بين الصين وغوغل قد يزيد من حدّة الخلافات داخل الحزب الشيوعي الحاكم في الصين بشأن كيفية الموازنة بين الأمن والنمو الاقتصادي. ومصير غوغل يعتمد اعتماداً كبيراً على نتيجة هذا الصراع الداخلي الدائر منذ سنوات بين الحرس الشيوعي القديم والجيل الجديد من السياسيين الصينيين، الذين يريدون السيطرة على العالم عبر وسائل جديدة.
--------------------------------------------------------------------------------
لا قيود أمام الهاتف المحمول
سعت الصين إلى تبديد مخاوف بشأن فرض قيود على تكنولوجيا غوغل للهواتف المحمولة. وفي تصريحات مطمئنة للمستثمرين، قال مسؤول صيني إنّ بكين لن تسعى إلى الوقوف في وجه برنامج هاتف اندرويد المحمول لشركة غوغل في السوق الصينية. وكان المتحدث باسم وزارة الصناعة وتكنولوجيا المعلومات الصينية يردّ بذلك على سؤال بشأن ما إذا كان استخدام جهاز اندرويد في الصين سيتأثر بشكاوى غوغل.
وقال المتحدث، في مؤتمر صحافي، &laqascii117o;أعتقد أنّه يجب ألا تكون هناك قيود على استخدام أيّ نظام ما دام يمتثل للقوانين في الصين، ولقد أجرى مفاوضات وتعاوناً قويين مع مشغّلي الاتصالات، وهو يطيع القواعد والشروط التي لها صلة بذلك".