صحف ومجلات » المغرب يطوي صفحة الإعلام المستقلّ / حصار إعلاني رسمي يؤدي إلى إفلاس «لو جورنال»

morrocow_168- صحيفة 'الأخبار'
عبد الإله الصالحي

تفاقم الحداد على حرية التعبير بعد إغلاق Le Joascii117rnal Hebdomadaire الفرنكوفونية. المجلّة التي كانت رائدة في الصحافة المستقلة في المملكة، خلخلت الخطوط الحمر ودخلت في صراع مفتوح مع السلطة وخرّجت جيلاً جديداً من الصحافيين الأحرار

&laqascii117o;إنه قرار سياسي يهدف إلى إعدام المجلة. وعليه، أُعلن اعتزالي العمل الصحافي في المغرب واختيار المنفى الطوعي" هكذا علّق أبو بكر الجامعي رئيس تحرير أسبوعيةLe Joascii117rnal Hebdomadaire على إغلاق السلطات مقر المجلة تنفيذاً لحكم يطالبها بتسديد 450 ألف يورو للضمان الاجتماعي. وكان الجامعي قد أقر سابقاً بوجود مشاكل مالية، لكنّه أوضح أن إفلاس المجلة يعود إلى دوائر نافذة في الحكم فرضت حصاراً إعلانياً عليها. وأشار بالاسم إلى منير الماجيدي سكرتير الملك محمد السادس، الذي أمر كبار المعلنين بمقاطعة المجلة.
متاعب &laqascii117o;لو جورنال" بدأت منذ تأسيسها قبل 12 عاماً حين قرر أبو بكر الجامعي وفاضل العراقي وعلي عمّار وحسن المنصوري، في 17 تشرين الثاني (نوفمبر) عام 1997، إصدار مطبوعة مستقلة تهتم بالراهن المغربي بجرأة. تاريخ التأسيس كان في غاية الرمزية. إذ أتى بعد ثلاثة أيام من إعلان نتائج الانتخابات التشريعية التي تمخض عنها فوز حزب الاتحاد الاشتراكي المعارض. يومها، عيّن الملك الحسن الثاني عبد الرحمن اليوسفي رئيساً للوزراء في مبادرة تاريخية اشتهرت بمرحلة التناوب قرر خلالها الملك إسناد الحكم للمعارضة. لهذا، اعتبر الجامعي وأصدقاؤه أنهم &laqascii117o;أبناء التناوب" وأن مجلتهم عكست رغبة جيل كامل بمغرب جديد مبني على أسس ديموقراطية وعادلة. ولأنّ مطابع المغرب كانت تخشى خطها التحريري، قررت المجلة طباعة صفحاتها في فرنسا. ورغم شراسة انتقاداتها لنظامه، كان الحسن الثاني معجباً بالمجلة. حتى أنّه عرض مساعدتها لاقتناء مطبعة في المغرب لأنه لم يستسغ طباعتها خارج البلاد. لكن الجامعي ورفاقه رفضوا هذا العرض المغري الذي وصلهم عبر وزير الداخلية الأسبق إدريس البصري حرصاً على استقلالية الصحيفة.
وبعد بضعة أعداد ركزت على مواضيع اقتصادية ومالية، شرعت المجلّة في نبش خفايا الحكم ودواليب السياسة بطريقة غير مسبوقة. أولى الصدمات كانت تخصيصها غلافاً يدعو إلى رحيل إدريس البصري عن وزارة الداخلية رغم أنّه كان بمثابة الذراع اليمنى للحسن الثاني. وفي 1999، فاجأت الجميع بنشرها حواراً مع فاطمة أوفقير زوجة الجنرال الشهير الذي قاد انقلاب 1973 الفاشل ضد الحسن الثاني، وقضت 20 عاماً في معتقل سري مع عائلتها بقرار من الملك. وخلافاً لما كان متوقعاً، لم يغضب الملك ولم ينتقم من المجلة. بعد موت الحسن الثاني، صارت &laqascii117o;لو جورنال" بمثابة أيقونة للعهد الجديد وواجهة جذابة لحكم الملك الشاب محمد السادس الذي رفع شعار التغيير. لكن سرعان ما توترت العلاقة بين المجلة والسلطة، ذلك أن إدارة &laqascii117o;لو جورنال" لم تتورع عن توجيه الانتقادات للملك.
وفي غضون سنوات، حققت &laqascii117o;لو جورنال" للصحافة المغربية ما لم تحقّقه الصحافة الحزبية في ثلاثة عقود. هكذا توالت الأغلفة الصادمة. وكانت الذروة عام 2000 حين نشرت المجلة رسالة للمعارض محمد البصري يشير فيها إلى تورط قيادات الاتحاد الاشتراكي في انقلاب أوفقير ومنهم رئيس الوزراء آنذاك عبد الرحمن اليوسفي. وكانت تلك فرصة ليصفي المقربون من الملك حساباتهم مع المجلة حيث أُغلقت بقرار حكومي. غير أن الجامعي وأصدقاءه برهنوا على أنهم صحافيون من طينة نادرة، ذلك أنهم استغلوا علاقاتهم الدولية وقاموا بحملة عالمية للتنديد بإغلاق المجلة. وذهب الجامعي حد الإضراب عن الطعام إلى أن رُخّص له بإصدار المجلة تحت اسم جديد لتتحول &laqascii117o;لو جورنال" إلى &laqascii117o;لو جورنال إيبدومادير". لم تتراجع المجلة عن خطها الجريء بل ذهبت حد نشر حوار مع زعيم جبهة البوليساريو محمد عبد العزيز، عدو المملكة اللدود. ما دفع السلطات إلى سحب العدد من الأكشاك.
تزايدت المضايقات ضد المجلة. هكذا، انهارت موازنة الشركة الناشرة وتراجعت نسبة الإعلانات إلى 80 في المئة بسبب الطوق الإعلاني. ثم صدر حكم ضدها عام 2003 يقضي بتسديد غرامة خيالية لوزير الخارجية السابق محمد بن عيسى. وعام 2006 صدر حكم آخر بتسديد 270 ألف يورو لرئيس مركز دراسات استراتيجية بلجيكي مغمور الذي اعتبرت المجلة دراسته عن الصحراء منحازة للمغرب. ولإنقاذ المجلة من الإفلاس، قرر الجامعي مغادرة البلاد واستقر في الولايات المتحدة. غير أنّه عاد قبل أشهر ليواصل كتابة افتتاحياته النارية. وآخرها انتقد فيها التعاطي الفاشل للدبلوماسية المغربية في قضية الناشطة الصحراوية أميناتو حيدر. ما جعل الدوائر العليا في البلاد تتحرك للتعجيل في إسكات المجلة. ويرى المتتبعون أن تجربة &laqascii117o;لو جورنال" كانت مرتبطة بسياقها السياسي وأن قبرها هو بمثابة طي ميكيافيلي لصفحة الربيع المغربي ونهاية حتمية لآمال جيل كامل في مغرب حرّ وديموقراطي.

سوء الفهم الكبير
حين صدر كتاب &laqascii117o;محمد السادس: سوء الفهم الكبير" (دار كالمن ليفي ــــ باريس ــــ 2009) لعلي عمار أحد مؤسسي مجلة &laqascii117o;لو جورنال"، كان له وقع القنبلة في المغرب. ورغم أن الكتاب لم يوزع في المغرب، فقد حقق نسبة كبيرة من المبيعات فاقت 50 ألف نسخة ووصلت نسخه إلى رؤساء الصحف المغربية. الكتاب عبارة عن جرد كامل لعقد من حكم محمد السادس الذي تولى العرش غداة وفاة والده الحسن الثاني عام 1999 من خلال نشاط مجلة &laqascii117o;لو جورنال". فرضية الكتاب تتمثل في الخيبة الكبرى التي تمخض عنها العهد الجديد وانكسار أحلام التغيير والديموقراطية والعدالة التي عول عليها المغاربة بعد عشر سنوات من حكم الملك الشاب. وكشف علي عمار الكثير من الملابسات التي طبعت مغامرة المجلة متوقفاً عند الصراع بينها وبين كبار الشخصيات المحيطة بالملك، مثل فؤاد علي الهمة ومنير الماجيدي، الذين حاولوا خنق المجلة عبر سلاحي الإعلان والدعوات القضائية. ومن أهم فصول الكتاب ذلك المخصص لـ&laqascii117o;الأمير الأحمر" مولاي هشام، ابن لمياء الصلح والأمير عبد الله شقيق الحسن الثاني. فالأمير الذي توترت علاقته بابن عمه الملك محمد السادس كان من أشد المعجبين بتجربة الصحافة المستقلة التي كانت هي الأخرى تبادله الإعجاب بسبب مواقفه التقدمية وثقافته الواسعة. مولاي هشام، حسب عمار، اقترح على أبو بكر الجامعي دفع غرامة 270 ألف يورو فرضتها المحكمة على المجلة. لكن الجامعي رفض عرض الأمير مفضلاً مغادرة البلد وترك رئاسة تحرير المجلة لعلي عمار.
اللافت أن علي عمار شكر في ختام الكتاب الأمير مولاي هشام وزوجته مليكة فيما يشبه الهدية المسمومة، ما جعل الأمير يخرج عن صمته ويتهم عمار بالكذب والتلفيق. فالأمير الذي يريد طي صفحة الجفاء مع الملك محمد السادس، لا يرغب بمشاكل إضافية مع ابن عمه. كما أن أبو بكر الجامعي لم يصدر عنه أي تعليق يذكر حول الكتاب رغم كونه الشخصية الأساسية في تجربة &laqascii117o;لو جورنال". وبعد قرار الإقفال النهائي للمجلة، لمح الجامعي إلى مشروع كتاب سيفضح فيه العديد من الأسرار. ما أسال لعاب كثيرين كون الجامعي يعرف الكثير ولم يقل سوى القليل حتى الآن.

2010-02-08 00:00:00

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد