صحف ومجلات » ليليان لاندور لـ«السفير»: فليُبقِ منافسونا أعينهم على «بي بي سي»!

1197images_pic_d004969_20100210164034_142- 'السفير'
مايسة عواد

عندما دخلت ليليان لاندور الأسبوع المنصرم إلى إحدى قاعات فندق &laqascii117o;فينيسيا" حيث ملتقى &laqascii117o;عرب سات" الخامس، كان جلياً لمن يراقب أنها تجمع أكثر من استثناء: هي واحدة من نساء قليلات يتبوأن مراكز القرار في الإعلام الناطق باللغة العربية، وهي أيضاً صحافية ماهرة تدرجت في أكثر من منصب حساس في &laqascii117o;بي بي سي" قبل أن تستلم قطاع الشرق الأوسط في الخدمة العالمية للمحطة وإدارة القســـم العربي فيه، إضافة إلى مخزون يظـــهر مقاربة &laqascii117o;نضرة" لحاجات الجمـــهور وأنماط متابعته المستجدة.
عندما كتبت ليليان لاندور العام 2008 تصف أسبوعها، وكانت حينها رئيسة تحرير الخدمة العالمية لـ&laqascii117o;بي بي سي"، بدت أيامها في سباق محموم: تتابع ما يجري في الصين، تتوقف عند تصريح مفصلي لرئيس الوزراء البريطاني غوردن براون، تتابع ما يأتي من قسم المراسلين، وتعلق آمالها على حفل &laqascii117o;سوني راديو أكاديمي أواردز" بعدما ترشح قسمها، في سابقة أولى، لنيل ثماني جوائز. يومها حصد القسم أكثر من جائزة، واستعانت لاندور بمقولة زميل لها &laqascii117o;كنا نعلم أننا قمنا بعمل مميز، لكن من اللطيف أحياناً أن يوافقنا الزملاء الرأي أيضاً". هذا المزيج بين الثقة بالأداء المهني والتواضع على المستوى الشخصي حضر أيضاً في الحديث مع &laqascii117o;السفير". كانت ليليان لاندور فرحة وهي تنقل عن رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري قوله &laqascii117o;إذا أردتم الخبر الحقيقي تابعوا &laqascii117o;بي بي سي"، وتؤكد في الوقت نفسه إن &laqascii117o;هـناك الكثير لفعله" على الساحة.
يقال الكثير عن لاندور، التي استلمت مسؤولية القسم العربي في &laqascii117o;بي بي سي" في وقت بدا فيه أن القناة التلفزيونية تعاني الكثير من الصعوبات في الوصول إلى جمهور يملك خيارات كثيرة. الأكيد انها صاحبة كفاءات عالية وصلاحيات كبيرة أيضاًُ. فهل هي الشخصية الأقوى في &laqascii117o;بي بي سي وورلد سرفيس" حالياً؟ &laqascii117o;أبداً"، ترد بسرعة &laqascii117o;لا يوجد أمر كهذا في &laqascii117o;بي بي سي وورلد سرفيس". مررت بمراحل عديدة قبل أن أصل إلى حيث أنا اليوم".
نقطة البداية في سيرة لاندور هي لبنان حيث ولدت، ثم فرنسا وسويسرا حيث تعلمت. أما مسيرتها في &laqascii117o;بي بي سي" فقد بدأت العام 1989 عندما عملت في الخدمة الفرنسية فيها، قبل أن تتدرج في مجال الأخبار وتصبح العام 2002 رئيسة تحرير الخدمة العالمية، كما سبق لها ان تولت مؤقتاً رئاسة القسم العربي لستة أشهر فقط العام 2004. تعود لاندور إلى القسم العربي اليوم وهي تعلم انها &laqascii117o;مسؤولة كبيرة ومثيرة للاهتمام، هناك الكثير لنقوم به". تشــــدد في هذا الاطار على أنها مهتمة بسماع الآراء على الأرض. &laqascii117o;آراء الناس ليــــست دائماً إيجابية وهذا أمر جيد لأنه يدفعك إلى التفكير بعمق في ما يقدم".
لكن هل تتضمن رؤية لاندور للقسم العربي التعامل مع المنافسة المحلية والفضائيات ؟ &laqascii117o;لحسن الحظ &laqascii117o;بي بي سي" قوية جداً من ناحية فهمها للأخبار. نقدم الأخبار كما لا يقدمها أو يستطيع أحد القيام بها. نــــتربى على مسألتي الحيادية والموضوعية. من يتربَّ في &laqascii117o;بي بي سي" يعلــــم تماماً ما يجب ان تكــــون عليه الأخبار وما لا تستـــطيع ان تكونه".
قرصنة
مقابل الاعتراف من أهل المهنة والنــــخب بأداء &laqascii117o;بي بي سي" ومهنــيتها، عانت القــناة التلفزيونية العربية تحـــديداً من أزمة في الوصول إلى الناس مؤخــراً. فلماذا وصلت &laqascii117o;بي بي سي" إلى هنا، وما هي خطة لاندور في هذا المجال؟
&laqascii117o;السؤال هو كيف نستطيع أن نلمع وسط باقة منوعة تصل للمشاهد تتضمن &laqascii117o;بي بي سي" و&laqascii117o;العربية" و&laqascii117o;الجزيرة" وغيرها. خدمة التلفزيون لا تزال حديثة العهد لأنها انطلقت منذ 18 شهراً فقط. التوزيع مهم وكذلك إمكانية متابعتنا. التلفزيون اتكل على الراديو من ناحية الصيت لكن الأمر مختلف تماماً. نحن نريد ان نعرف ما هو مختلانا وموضعنا. أي ما الذي نفعله وغيرنا لا يستطيعه. نحن نطرح أسئلة بلا قيود، ما يسمح لنا أن نتطرق إلى أمور لا يتطرق غيرنا إليها". تلمّح لاندور أكثر إلى سلسلة مواضيع تحتفظ بتفاصيلها إلى حين جهوزيتها &laqascii117o;الكل مثلاً يستطيع ان يتكلم عن الجنسانية والدين في الشرق الأوسط، ولكننا سنقارب المواضيع بطريقة لم يفعلها أحد قبلنا، لأنه لا توجد هذه الجرأة". كما لو ان لاندور تتنبأ أن محدثها سيسارعها بالقول ان &laqascii117o;الجزيرة" مثلاً معروفة بجرأتها، تجيب من دون أن تنتظر السؤال: &laqascii117o;أوافق ان &laqascii117o;الجزيرة" معروفة بالجرأة لكن جرأتنا مختلفة. في &laqascii117o;بـــي بي سي" لا نأخذ مواقف داعمة لأحـــد. نــسأل الاسئلة التي علينا أن نطرحها".
حتى اللحـــظة لا تصل قناة &laqascii117o;بي بي سي" العربية المتلفزة إلى كل البيوت في لبنان. فلماذا هذا الغياب؟ &laqascii117o;تتلخص المشكلة في القرصنة. لا تستطيع &laqascii117o;بي بي سي" أن تذهب وتتحدث مع قراصـــنة القنوات. ليست المشكلة في عـــدم حضور &laqascii117o;بي بي سي" بل بالقــرصنة التي يمارسها البعض".
تعتبر لاندور ان تغطية &laqascii117o;بي بي سي" في الذكرى السنوية الأولى لتولي أوباما منصبه هي نموذج آخر لكيفية تطبيق خطتها &laqascii117o;أن نربط واشنــــطن بلندن بالقدس أمر مهم. بغض النظر عن الآراء المعارضة أو الموالية للفــــكرة ـ لكن الخطوة جريئة وعندنا المزيــــد من الأفكار في هذا الاتجاه".
برغم هذا التفاؤل، تدرك لاندور ان هناك صعوبة في إيجاد التوازن الذي يطلبه المشاهد بين أخباره المحلية والأخبار الاقليمية والعالمية &laqascii117o;باعتقادي ان &laqascii117o;بي بي سي"، وهذا أمر صعب، عليها ان تغطي كل شيء. لا نكون &laqascii117o;بي بي سي" إذا لم نخبر متابعنا ماذا يحدث في كابول وإيران وباكستان وشمال كوريا وغيرها وفي بلده ايضاً. أؤمن بقوة ان الناس لديها حشرية المعرفة. ما لا أفعله هو عرض من زار من وأي ساعة. انا انظر إلى 22 بلداً في الشرق الأوسط وعيني عليها وعلى الأخبار العالمية في آن". تضيف بحماسة: &laqascii117o;كيف أقـــوم بهذا؟ عبر مراسلين بارعين". تشبه لاندور الأمر بشقلبة أكثر من طابة في الوقت نفسه &laqascii117o;عليك ألا تفلتي أي طابة. عدا عن الأخبار الجيوسياسية، هناك حاجة لمعرفة المزيد من الأخبار. &laqascii117o;بي بي سي" ضخمة وهناك مراسلون مختصون بالتكنولوجيا والعلوم وغيرها ويمكن ان استفيد من المواد التي يقدمونها كي تعجب العالم العربي".
لسنا الحكومة البريطانية
منذ انطلاقة &laqascii117o;بي بي سي" الفارسية (من دون مراسل لها في طهران) والقناة تواجه مشاكل مع إيران. بررت وكالة &laqascii117o;إيرنا" الرسمية منع مراسلي &laqascii117o;بي بي سي" الفارسية من الحضور بالقول &laqascii117o;إن المخابرات البريطانية ستستخدم &laqascii117o;بي بي سي" لتجنيد إيرانيين من أجل التجسس والحرب النفسية". نفت &laqascii117o;بي بي سي" الأمر بشدة ثم سمعنا أخباراً عن إمكانية عودة طاقم مكتبها إلى العمل في طهران، ثم فشلت المحاولة. فكيف هي علاقة &laqascii117o;بي بي سي" بإيران اليوم؟ &laqascii117o;تحاول &laqascii117o;بي بي سي" أن تعود لأن لا مشكلة لديها مع إيران، وهي ليست الحكومة البريطانية. نحن صحافيون ونهتم بعملنا فقط. لم يحبوا ما كنا نقوله والقسم الفارسي لم يعجبــــهم. هناك ميثاق أو شرعة خاصة في &laqascii117o;بـــي بي سي" يلتزم بها كل قــــسم في المحطة سواء أكان فارسيا أو عربـــيا أو انكليزيا. هذه النقطة المحورية التي يبدو انها لا تعجب كثيرين".
لكن ألا يضــع هذا الغياب&laqascii117o;بي بي سي الفارسية" في خـــطر بسبب بعدها عن الداخل الإيراني المحور الأساسي لعملها؟ &laqascii117o;بالطبع نتمنى أن يكون لدينـــا مراسل على الأرض وأن نُري الحكومة الايرانية كيف تغــطي &laqascii117o;بي بي سي" الأحــداث بحيادية كما نفعل دائماً. كل صحافي يريد ان يكون قريباً من قصته. لســـنا منظمة سياسية بأي شكل من الأشكال وهذا ما لا يستوعبه البعـــض أحياناً في المنطقة. أخذنا مواقف ضــد الحكومة في انكلترا عنــــدما كان عملنا الصحافي يقتضي ذلـــك. اسئلتنا بلا قيود ونسأل أســئلة نقدية. نظل نسأل وهــذه وظيفتنا".
في المحصلة، وبعدما بدأت الخطط للقسم العربي وغيرها تأخذ حيز التنفيذ، هل على الصحافيين والشاشات المنافسة أن ترجع لـ&laqascii117o;تخاف" من &laqascii117o;بي بي سي" من جديد؟ تضحك لاندور &laqascii117o;نعم . بكل تأكيد". ثم تستدرك: &laqascii117o;ربما &laqascii117o;يخافون" كلمة كبيرة جداً. بس لازم يخلوا عينن علينا".
&laqascii117o;الجمهور يستهلكنا بطريقة مختلفة"
مع تولي لاندور زمام الأمور في القسم العربي، برز توجه نحو انفتاح و&laqascii117o;خلط" بين الراديو والتلفزيون والانترنت، فهل تعول لاندور على البث المتعدد الوسائط (ترايميديا) لتعويض حضور لا يزال غير مكتمل للتلفزيون؟: &laqascii117o;بالتأكيد، ما يجعل &laqascii117o;بي بي سي" مختلفة عن غيرها أنها متعددة الوسائط: تلفزيون وراديو وأونلاين. برنامج &laqascii117o;نقطة حوار" يقدم نموذجاً فقط، وهناك المزيد لفعله. أؤمن بوسائل الاعلام الاجتماعية، وعلينا أن نتغير لأن الجمهور يستهلكنا بطريقة مختلفة، الناس تريد ان تختار، وأن تشارك وتتفاعل".
تدرك لاندور أن هناك صعوبة في التخلي عن نمط عمل اعتمده الصحافيون طوال سنوات، &laqascii117o;لكن الخاصية التفاعليه ضرورية . من المهم ان نعرف كيف نستخدم &laqascii117o;يوتيوب" و&laqascii117o;فايسبوك" و&laqascii117o;تويتر" كي تكون أخبارنا أكثر إثارة للاهتمام". هنا تضرب المثل بما طبقته &laqascii117o;بي بي سي" أثناء تغطية كأس الأمم الأفريقية الأخيرة: كثّفنا الأخبار حول الموضوع على الموقع ورصدنا تفاعل الناس مع الحدث. شهدت التجربة إقبالاً كثيفاً. وفي جعبتنا في هذا الاطار، برنامـــج للزميل حــسام السكري عن &laqascii117o;الملتيميديا" يطلق في آذار، وتركيز كبير على امكانـــيات تقدمها شبكة الانترنت.
إعلاميات .. واتهامات
لا تعتبر لاندور أن الحديث عن مسألة الجندر في عالم الإعلام أمر بائت، ولا أننا تخطينا هذه العقدة عند التعاطي مع النساء الإعلاميات في موقع القرار: &laqascii117o;أبداً لم نتخطها لا هنا ولا في انكلترا ولا في أي مكان". مع هذا تشير إلى أن &laqascii117o;رئيسة الأخبار في &laqascii117o;بي بي سي" هي امراة، كذلك الأمر بالنسبة إلى قسم المحليات والمراسلين. تستطيعين القول إن هناك مساواة لكن الأمر ليس سهلاً. النساء في منطقة الشرق الأوسط موجودات لكن نحتاج إلى &laqascii117o;دفشة" تأتي منهن شخصياً. كوني امرأة لم يكن عائقاً شخصيا، لا أدري لماذا، ربما لأنه في انكلترا كانت الأمور مختلفة". يتصاعد الحديث عن نوع آخر من التمييز في &laqascii117o;بي بي سي"، غالباً مع كل تغيير إداري. فقد ورد في بعض المقالات الصحافية بعد مغادرة الزميل صلاح نجم إلى &laqascii117o;الجزيرة الانكليزية" ان هناك استهدافاً للصحافيين المصريين في القسم العربي، والأمر نفسه انطبق في مرحلة معينة على الصحافيين اللبنانيين. تجيب لاندور: &laqascii117o; كيف يترجم الاعلام &laqascii117o;بي بي سي" هي مشكلة الإعلام لا &laqascii117o;بي بي سي". الأمور في المحطة مختلفة، بمعنى انه إذا كنت تملك المهارات واللغات تستطيع أن تمارس المهنة شرط ان تملك المؤهلات المهنية الصحافية. لا فرق بين امرأة ورجل أو جنسية وأخرى.. خرج صلاح لأنه كان رئيس تحرير بارعا، ولأن &laqascii117o;الجزيرة" رأت الأمر. وهذا ما نسميه تداور المواهب بين المؤسسات".

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد