مواقف متضاربة وتحركات متنافرة ولقاءات واجتماعات داخلية وخارجية، تدور كلها حول الأزمة الللبنانية التي لا تجد لها حلاً، وقد عرضتها افتتاحيات الصحف اللبنانية الصادرة صباح اليوم الأحد، مركزة على الموقف من المشاركة اللبنانية في القمة العربية المنتظرة أواخر هذا الشهر في دمشق بين داع لمقاطعتها ومؤيد لحضورها بالغم من الشكل الذي أخذته دعوة لبنان إليها.
ـ صحيفة النهار :
عاد الرئيس السنيورة من دكار حيث شارك في اعمال القمة الاسلامية. وافادت مصادر الوفد الذي رافقه ان حصيلة نشاط الرئيس السنيورة في العاصمة السنغالية بلغت 19 لقاء واجتماعاً مع رؤساء دول ومسؤولين دوليين ابرزها اجتماعان مع الرئيس الاندونيسي سوسيلو بامبانج يودويونو، والجزائري عبد العزيز بوتفليقة. واضافت ان الرئيس الاندونيسي الذي تساهم بلاده في قوة 'اليونيفيل' تعهد زيادة هذه المساهمة، مبدياً ترحيبه بوجهة نظر الرئيس السنيورة حيال الازمة اللبنانية.اما اللقاء مع الرئيس بوتفليقة، وهو الاول من نوعه، فقد استمر ساعة ونصف ساعة وتركز على شرح مخاطر الفراغ الرئاسي في لبنان. وقد ابدى الرئيس الجزائري تفهمه لهذا الوضع مبدياً استعداده للمؤازرة.
وتوجه العماد عون في كلمة متلفزة نقلت من مقره في الرابية أمس الى احتفال حاشد اقامه 'التيار الوطني الحر' في قصر المؤتمرات في ضبيه بذكرى 14 آذار 1989 متسائلا: 'أي سيادة استردت، وأي اصلاح تحقق لكي تضاء شموع الابتهاج وتقام مهرجانات النصر لما تم في الطائف من انجازات مزعومة وبطولات زائفة؟'.وقال: 'نحن نخوض اليوم المعركة الاشد شراسة في مسيرتنا نحو الاستقلال، بل لعلها المرة الاولى في تاريخنا التي نخوض مسيرة استقلال حقيقية من اجل استقلال حقيقي ونهائي'. وسأل مجدداً: 'هل تحقق الاستقلال الناجز وتحرر القرار والارادة اللبنانيان فيما من بيدهم السلطة ما زالوا يعيشون على فتات مائدة السيد الاقوى والحاكم بأمره ويرابطون عند عتبة سفارته لتلقي التوجيهات والتعليمات والاشارات الضوئية الخضراء والحمراء، تماما كما كانوا، هم انفسهم، يتزاحمون زاحفين ومنتظرين الاوامر على عتبة عنجر؟ وأي فارق ما بين سيد وسيد وكلاهما يمثل احتلالا للارادة والقرار اللبنانيين؟'. وتساءل ثالثاً عن الفارق بين 'جلاء الوكيل وبقاء الاصيل القديم الجديد؟'.وتطرق الى التفاهم ما بين 'التيار' و'حزب الله' من دون ان يسميه قائلا فيه انه 'تفاهم وطني صادق وعميق أنجزته ارادة واعية بين قوتين وطنيتين برؤية استراتيجية واحدة'.ثم مضى في التساؤل: 'هل بات عبيد الامس احرارا اليوم وهم لا يجرؤون قولا وعملا على مصافحة اليد التي تمتد نحوهم بالتلاقي والحوار والتفاهم لأن سيدهم الجديد القديم لم يعطهم اشارة السماح بذلك؟'.وحمل على 'كل تلك القوى والقيادات والمقامات' التي 'تخطت اجتياح 13 تشرين'، و'تراجع اللجنة العربية الثلاثية'، و'تفشيل المبادرة العربية'. وسأل: 'هل تريد القوى والقيادات والمقامات طائفا جديدا دوليا هذه المرة يفرض على اللبنانيين تحت طائلة التهديد بالفتنة الطائفية والحروب الاقليمية (...)؟ أليست هذه القوى اياها هي التي ترفض تعزيز موقع رئيس الجمهورية التوافقي؟'.وخلص مخاطباً 'شعب لبنان العظيم' قائلا: 'الفجر آت وسيطل وجه وطنكم من المحنة مشرقا، وسيزول الظلام ومعه ستسقط سلطة التفرد والاستئثار والارتهان للخارج'.
وقال 'حزب الله' في بيان 'ان الوثيقة السياسية التي أطلقتها قوى السلطة في ذكرى 14 آذار كنا نتمنى ان تكون ايجابية تبحث عن المشترك مع الآخر اللبناني وتعمل على ان تمد اليد اليه من موقع الشراكة الوطنية، لا ان تحمل عنوانا لنفي الآخر وتضخيم الذات واحتكار الفضائل وادعاء الطهرانية وتفصيل حاضر الوطن ومستقبله على قياسه وممارسة الاختزال والتسوية والاتهامات على الآخر فيما ترفضه لنفسها'.ولفت الى 'ان اللغة التي سادت في مفاصل الوثيقة الاساسية هي بمثابة بطاقة انتساب رسمية الى المشروع الاميركي في المنطقة وتكرس بشكل نهائي موقعها العلني في الانحياز الى الخيارات الاميركية واعطى مثالا الحديث عن 'نظرتين مختلفين الى العالم' و'الذاكرة المعطوبة' حيال 'الذين سقطوا في الاعتداءات الاسرائيلية' و'دعوات الانتقام من الضباط وعائلاتهم حتى ولو ثبتت البراءة' و'الدعوة الى الثأر من دمشق وتحويل جزء من الشعب اللبناني عملاء للمحور الايراني السوري'، و'الاتهام الموارب والصريح للمقاومة بأنها تعمل لمصلحة الخارج'، و'النظر الى اسرائيل كقوة اقليمية وسلب صفة العدو عنها ودفعها الى مصاف ايران'.وخلص الى القول ان 'مد اليد وتخطي الخلاف غير ذي معنى'.
ومن واشنطن رد رئيس الهيئة التنفيذية في حزب 'القوات اللبنانية' سمير جعجع على نائب الامين العام لـ'حزب الله' الشيخ نعيم قاسم، من دون ان يسميه، فقال: 'ان موضوع توطين الفلسطينيين غير مطروح ابدا، وستعلن الادارة الاميركية حياله موقفاً في الايام المقبلة وهو ان لا لتوطين الفلسطينيين في لبنان بقطع النظر عن الحل الذي سيكون لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين'..
.ومن واشنطن اورد مراسل 'النهار' هشام ملحم ان السناتور الجمهوري جون ماكين المرشح المتوقع لحزبه لمنصب الرئاسة اتهم في الذكرى السنوية الثالثة لحركة 14 آذار و'ثورة الارز' سوريا وايران 'باستعادة الهيمنة على لبنان وشل حكومته التي اضطرت في وقت سابق هذا الاسبوع الى تأجيل انتخاب رئيس جديد للمرة السادسة عشرة'. ورأى في بيان اصدره الجمعة 'ان الوعد بالحرية والاستقلال الذي مثلته ثورة الارز قد احبطته قوى الاضطهاد التي تقف بقوة في وجه قيام لبنان الحر'.واضاف ماكين الذي حصل عمليا على ترشيح حزبه بعد فوزه في الانتخابات الحزبية الاولية، ان الحركة الشعبية التي برزت في 14 آذار، عقب اغتيال الرئيس رفيق الحريري ادت 'الى هزيمة المحتلين السوريين للبنان، والعملاء الايرانيين في لبنان، والحكومة العميلة التي حرمتهم الاستقلال والحرية، لكن الامر المحزن هو انه بعد 3 سنوات فان معظم هذا الوعد لم يتحقق بسبب معارضة قوى الاضطهاد السورية والايرانية'.وقال: 'اولئك الذين يمارسون القتل المنظم للوطنيين اللبنانيين ويحرمون الشعب اللبناني حريته يجب ان يمثلوا امام العدالة'.وانهى ماكين بيانه بالقول: 'اثني على اللبنانيين من مختلف الاديان والمذاهب الذين يرفضون الارهاب والطغيان السوري والايراني ويؤمنون بالمبادىء العظيمة لثورة الارز'
ـ صحيفة المستقبل :
غداة المؤتمر الأول لقوى 14 آذار والذي أعطى الحراك السياسي فسحة جديدة، بعد وقت من الانتظار في غياب الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى عن الساحة اللبنانية، سجّلت أمس عدة مواقف أبرزها رسالة من الرئيس الأميركي جورج بوش وجّهها إلى 'تحالف 14 آذار' وأكد على 'الاستمرار في دعم قوى 14 آذار'، وهنأهم على 'عدم استسلامهم رغم الصعاب'. وقال بوش إن 'شجاعة المشاركين في ثورة الأرز أجبرت الجيش السوري على الخروج من لبنان'، ولفت إلى أن 'عوائق هائلة واجهتهم في الأشهر الـ36 الفائتة، ولقد اعترض العنف والتخريب السياسي عزمكم على العمل نحو لبنان سيد ديموقراطي، ومع ذلك، أظهرتم التزاماً حازماً بالمبادئ التي تتشاركون فيها مع ملايين اللبنانيين، الذين يتطلعون اليكم لحماية حريتهم، على رغم كل الصعاب، لم تستسلموا لذا أهنئكم'، وشدّد على أنه أمام 'العمل لقيام لبنان سيد يمنح أبناءه الحرية الذاتية والازدهار الاقتصادي، بعيداً عن تهديدات العنف والتدخل الخارجي، كونوا على ثقة أن الولايات المتحدة ستستمر في دعمها لكم(..)'.
من جهة أخرى وفي الردود الإيجابية على ما ورد في وثيقة 14 آذار، تناول رئيس البعثة الديبلوماسية الفلسطينية في لبنان عباس زكي ما ورد في فقرة العلاقات اللبنانية الفلسطينية حيث أكد أن 'موقف قوى 14 آذار في الوثيقة السياسية حول طي صفحة الماضي مع الفلسطينيين موقف مسؤول وعقلاني'، ورأى 'ان ما ورد في الوثيقة حول تأييد إعلان فلسطيني، فتح الباب على مصراعيه لحوار معمق فلسطيني لبناني'، وأكد 'أن الفلسطيني في لبنان ليس انتحارياً ولا يملك أي مشروع أمني أو سياسي في لبنان'، وقال 'لن نحرر فلسطين عن طريق جونيه ولا نريد أن نثقل لبنان بهموم، ولسنا جاهزين الآن لسباق تسلح ومزايدات على بعضنا البعض(..)'.
إلى ذلك، اعتبر الأمين العام لقوى 14 آذار النائب السابق فارس سعيد، أن 'الوثيقة التي أطلقتها قوى 14 آذار هي رسالة سياسية تفتح أفقاً واسعاً على المستقبل، وهي تشكل مساحة مشتركة ثقافية وسياسية لجميع قوى 14 آذار وقياداتها وأحزابها'، وقال: 'أظهرنا من خلال الوثيقة وفي شكل قاطع أن الخلاف في لبنان ليس بين فريقين سياسيين حول مفهوم إدارة الدولة إنما الخلاف حول مفهوم طبيعة الدولة اللبنانية'، .
وفي إطار الحملة على لبنان وبعض الدول العربية قالت صحيفة 'تشرين' السورية إن هناك 'رغبة أميركية في تكريس الخلافات وتعزيزها بتناقضات طائفية ومذهبية يشجعها نظام عربي رسمي تخلى عن شعبه واختار التبعية للمخطط الأميركي الصهيوني لتوهمه أنه قادر على حمايته والحفاظ على مصالحه ولو على حساب مصلحة الأمة'، واعتبرت الصحيفة أن 'الادارة الأميركية ما زالت تحض (الرئيس فؤاد) السنيورة وفريقه على مقاطعة القمة في دمشق في خطوة جديدة لتأكيد قدرتها على الإمساك بقرار فريق السلطة ومنعه من القيام بتحرك لا يتوافق مع المصالح الأميركية المباشرة، الأمر الذي يتناقض مع كل المزاعم حول تدخل سوري مفترض في الشؤون الداخلية اللبنانية، ومن هذه الخلفية يمكن فهم أبعاد الضجة المفتعلة حول أسلوب دعوة لبنان الى القمة لتبرير مقاطعتها .
في إطار الضغوط الدولية على سوريا، أكدت المستشارة الألمانية انجيلا ميركل تمسك بلادها بما سمّته 'عزل سوريا'، وأشارت إلى أن 'كل نتائج المباحثات مع سوريا كانت محبطة، حيث لم تتحمل دمشق مسؤوليتها العادلة في قضية اختيار الرئيس اللبناني حتى الآن'، وأشارت إلى أن 'سوريا لم تعترف حتى الآن بلبنان على الصعيد الديبلوماسي'، وشدّدت على 'أهمية النتائج التي سيتوصل إليها المنسق الأعلى للسياسات الخارجية والأمنية للاتحاد الأوروبي خافيير سولانا عقب انتهاء مباحثاته مع الحكومة السورية
ـ صحيفة الانوار :
وسط المراوحة التي تخيّم على الساحة السياسية، برز موقف لافت للنائب وليد جنبلاط قال فيه انه لا بد من تغيير حكومي في حال لم ينتخب العماد ميشال سليمان رئيساً للجمهورية. كما أعلن ان وزراء الحزب التقدمي الاشتراكي سيصوّتون داخل مجلس الوزراء ضد مشاركة لبنان في قمة دمشق. في المقابل شن العماد ميشال عون حملة عنيفة على فريق السلطة ووعد بـ(زوال الظلام وسقوط سلطة التفرد). كما هاجم (حزب الله) وثيقة 14 آذار واعتبرها بمثابة وثيقة الانتساب الى المشروع الأميركي.
وقد استمر امس السجال حول الدعوة السورية الى القمة والموقف منها قبولاً او مقاطعة. واذ ألمحت مصادر حكومية الى ان الرئيس فؤاد السنيورة لن يشارك شخصياً في القمة، وان القرار بالمشاركة وبمستواها او بالامتناع سيتحدد لاحقاً، برز موقف لافت لرئيس اللقاء الديمقراطي وليد جنبلاط اعلن فيه انه سيطلب الى وزيري الحزب التقدمي الاشتراكي في الحكومة، التصويت ضد مشاركة لبنان في القمة العربية. وقال جنبلاط في حديث الى (أخبار المستقبل) يبث اليوم لمناسبة مرور 39 عاماً على استشهاد والده، (من غير المنطقي ان تذهب الضحية لمصافحة بشار الأسد بغض النظر عمن سيذهب الى هناك. وقال: غريب ان نقبل بالمبدأ المشاركة، نحن الذين نقول ان النظام السوري وراء كل الاغتيالات والتخريب الأمني والثلث المعطل، ونذهب الى دمشق، وننصاع الى أوامر النظام السوري. ابداً. ورداً على سؤال عما اذا كان هناك موقف موحد داخل الحكومة، اجاب جنبلاط: اسأل غيري. هذا موقفي. وبرأيي غباء وخيانة لانطلاقتنا السيادية الاستقلالية ان نذهب. ورداً على سؤال عما اذا كان وزراء الحزب التقدمي سيصوتون ضد الذهاب الى دمشق، قال: نعم سيصوتون ضد الذهاب. انا الضحية. هل المطلوب ان تصعد الضحية الى الشام تعطي صك براءة للمتهم? لا. أخون كل أدبياتي منذ انطلاقة 14 آذار، وكل أدبياتي السياسية والأخلاقية، عندما أصعد وأصافح بشار الأسد، بغض النظر اذا صعد موظف من الخارجية اللبنانية او رئيس الوزراء. وعن المبادرة العربية، قال: في الوقت الحاضر خيارنا الوحيد هو المرشح التسوية العماد ميشال سليمان. وهذا لا يعني اننا اسقطنا حقنا في النصف زائد واحد. لكن خيارنا الوحيد العماد سليمان. الأمور الاخرى يجب ان تناقش مع الأكثرية، انا برأيي لا بد من تغيير حكومي. لا نستطيع الإكمال هكذا اذا لم ينتخب العماد سليمان مع حكومة وفق الأكثرية والأقلية دون ثلث معطّل في 25 آذار. لا بد من تغيير الحكومة. لكن في النهاية هناك الاعتدال العربي الذي يريد استقلال لبنان ورفع اليد السورية - الايرانية عن لبنان. وهناك فارس ايران عبر عملائها، النظام السوري، تريد وضع اليد على لبنان من اجل ألا يوجد لبنان، ويقولون لبنان ساحة جغرافية عسكرية نستخدمها حين نريد لتحسين شروط التفاوض مع اسرائيل واميركا.